حرب الكيزان: جريمة مكتملة الأركان وابتزاز سياسي على جثة الوطن!
في بلدٍ تُدار فيه المصائر بالدم، لا تحتاج كثيراً من الذكاء لتفهم أن الحرب الحالية ليست سوى مسرحية شيطانية أخرجها الكيزان بدم بارد. حربٌ صُنعت بوعي، وأُديرت بخبث، وتمددت بقصد، وكل غايتها التخلّص من المليشيا التي أنشأوها بالأمس، بعد أن انتهت صلاحيتها، وبعد أن صارت شاهداً يفضح جرائمهم.
نعم… الكيزان أنفسهم الذين صنعوا هذه المليشيا ومولوها ودربوها وسلّحوها وأطلقوها لافتراس الشعب، هم اليوم من يشيطنونها، فقط ليعيدوا ترتيب المشهد ويقدّموا أنفسهم مرة أخرى كـ"حماة الدولة" و"حائط السد" وأرباب الوطنية!! أي مفارقة هذه؟ لا مفارقة على الإطلاق… إنه منهج واحد: خلق المشكلة، إدارة الفوضى، ثم بيع الحل للشعب المنهك!!!
هؤلاء القتلة يعرفون تماماً أن الشعب الذي طحنوه سياسياً واقتصادياً وإنسانياً، سيصل في النهاية إلى نقطة الانكسار… النقطة التي سيصرخ فيها الناس: “أوقفوا الموت… وخذوا السلطة!” وهذه بالضبط هي اللحظة التي ينتظرونها. بالنسبة لهم، الحرب وسيلة تفاوض. خراب البلاد أداة ضغط. دماء الأبرياء سعر سياسي.
لكن الكارثة الأكبر ليست فقط في مشروع الكيزان بل الكارثة في أن القوى المدنية التي كان ينتظر الناس منها أن تقف سداً أخلاقياً وسياسياً أمام هذا الجنون، تبخرت، تمزقت، وهزمت نفسها حتى قبل أن يهزمها العدو!! بدلاً من أن تتوحد لإنقاذ الشعب أو حتى لمواساته وجدناها تبحث عمّن ينقذها، عمّن يجمعها، عمّن يدلّها على الطريق الوطني الذي ضلّت عنه في لحظة كانت تحتاج فقط إلى ضمير!!
حربٌ كهذه كان يفترض أن تلمّ شمل القوى المدنية إنسانياً قبل سياسياً. لكنها أثبتت أن بعضها أضعف من أن يتفق، وأضعف من أن يحزن، وأضعف حتى من أن يشعر بحجم المأساة. هكذا تُرك الشعب وحيداً، متروكاً بين مطرقة مليشيا منفلتة وسندان نظام يريد أن يعود ليلتهم كل شيء.
واليوم بسبب جوعه وخوفه ويأسه، قد يضطر المواطن البسيط إلى أن يتنازل عن السلطة لأجل البقاء!! وما أخطر لحظة البقاء حين يتحول الإنسان فيها إلى رهينة.
إنها ليست حرباً. إنها صفقة سياسية تُدار على أنقاض وطن. والكيزان يعرفون أن الشعب الذي أرهقوه سيقبل بأي شيء… فقط ليتوقف القتل.
لكن السؤال الحقيقي هو: هل يقبل الشعب أن تعود العصابة ذاتها التي فجرت الدولة، قتلت أبناءه، وسلبته كرامته؟ أم أن هذه الحرب ستكون آخر جرعة سمّ يُجبر على ابتلاعها قبل أن يصرخ صرخة خلاص حقيقية… لا مساومة فيها ولا عودة بعدها؟
وليس بعيداً عن هذا الخراب، سيجلس الكيزان—هؤلاء الأوغاد—في نهاية المطاف ليتصالحوا بكل برود في بورتسودان ونيالا، ويتبادلون الابتسامات فوق جثث الوطن، فقط ليعوّضوا كلفة الحرب التي أنفقوها مما نهبوه أصلاً من ثروات الشعب. وسيشجعهم على هذه المصالحة الشيطانية أن الوطن قد خلا من القوى الوطنية الحية؛ تلك التي شُردت في المنافي وما زالت متشظية عاجزة عن جمع نفسها. وسيشجعهم أكثر أن الشعب نفسه صار مشرداً، فقيراً، جائعاً، مكسور الظهر… شعب قد يقبل بأي وضع، وأي سلطة، وأي طاغية حتى لو جاءه بالأمن والخبز شيطانٌ بقرون فهو لم يعد يرى في الأفق سوى البقاء… بأي ثمن.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة