فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسبة رحيل الملكة البريطانية إليزابيث

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 06:08 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-09-2022, 08:50 PM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسبة رحيل الملكة البريطانية إليزابيث

    07:50 PM September, 09 2022

    سودانيز اون لاين
    محمد جمال الدين-The Netherlands
    مكتبتى
    رابط مختصر



    في فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري "حلقة 1”*

    هذه الحلقة الأولى من سلسلة الدراويش بمناسبة رحيل الملكة البريطانية إليزابيث

    رصدت بمحض الدهشة عشرات البوستات التي تذكرنا بالإستعمار الإنجليزي وأن التحسر أو إظهار الحزن على موت الرمز الإستعماري لا يجوز والبعض يعتبره عدم وطنية.. وطبعاً هناك الأصوات القليلة الأخرى المضادة وهكذا.

    وعلى أثر المناسبة في ناس جاءت بصورة قيل أنها ليونس الدكيم يُهزَّءون أنفسهم ويونس الدكيم بإعتباره شين ودرويش تابع لدولة الدراويش وهكذا.. وما دروا أنهم وأننا أجمعين دراويش كلنا أباً عن جد في نظر أهل الملكة الراحلة.

    والدارويش هنا لا تعني بالضرورة أهل التصوف في أصله ومصطلحه بل القوم غير المنطقيين في تفكيرهم وسلوكهم وفي مظهرهم ومخبرهم أو كما ظن الإنجليز ذلك الزمان. إي فاللقب مجازي وعام.

    وإذ رحل المستعمر الإنجليزي البغيض وترك أرض الدراويش.. ترك لنا أيضاً حاجات كتيرة كويسة في السودان زي مشروع الجزيرة وكلية غردون والسكة حديد والترماي وبخت الرضا والنظام البرلماني (ويستمنستر) والخدمة المدنية وأخلاقها والخدمة العسكرية وأخلاقها وترك لنا منهج دراسي وأكاديمي شديد الإحكام ومشاريع ثقافية وفنية كثيرة مثل حقيبة الفن.

    فماذا فعلنا نحن بكل تلك التركة؟. طورناها؟ لا، حافظنا عليها، لا. بل دمرناها كلها عن بكرة أبيها في مراحل تاريخية مختلفة وما نزال نسل في روح البقية الباقية.

    والسبب بسيط أن تلك المشاريع لم تكن نابعة من خيالنا الذاتي من حيث المبدأ ولا تفكيرنا ولم تكن خطتنا الذاتية وبالتالي لا نشعر بها حقاً ودمرناها بلا بديل لأننا لا نملك العقلية العلمية التي تستطيع صناعة البديل وإلى حين إشعار آخر.

    والسبب التاني وهو الأهم أننا قوم دراويش. بمعنى ما عندنا خطة إستراتيجية عمادها العلم. ودروشتنا كل يوم زايدة على جميع المستويات المجتمعية والسياسية والدولة يقودها دوماً دراويش من الطراز الفريد المجذوب.

    من ملاحظات صديقنا المثقف المجتهد عثمان حامد سليمان أنه مرة قال لي: أن الخرطوم هي المدينة الوحيدة في العالم الما عندها ساعات عامة معلقة في المسلات أو في الحيطان ليس فقط تذكر الناس بالزمن بل هي ذاتها رمز لإحترام الزمن.
    وذلك دلالة على عدم إحترامنا المفرط للزمن. وتلك أظنها من اهم علامات الدروشة.

    وأن كل زول في الخرطوم أو أي مكان في السودان شايل ليه موبايل فيه ساعة تحدد ليه الزمن بدقة لكن لا يستخدمها. الناس تقول ليك نتقابل بعد صلاة العشاء، مع شاهي المغربية، العصر، الضهر. لكن ما ممكن يقول ليك نتقابل الساعة اربعة ونص مثلاً (ذلك ليس من المخيال مطلقاً).

    معظم أخوانا وأخواتنا الكبار كما أبائنا وجدودنا ما عارفين تاريخ ميلادهم. عندما يضطروا يطلعوا جوازات سفر بكون التاريخ خبط عشواء وبكون في الغالب 1 يناير سنة كدا. في حين أن الناس في العالم الآخر كانوا يعرفون متى ولدو بالزبط من قبل الميلاد وفي كل الحضارات.

    دولتنا الدرويشة ما عندها سجل سنوي لأعداد الموتى من مواطنيها. ولسان حالها يقول: "دروايش وماتوا، الحي الله والكاتل الله”. هذا لا يحدث عند أمم الأرض الأخرى المتحضرة أو الما متحضرة ذاتها.

    عندما ماتت الملكة البريطانية قبل عدة أيام طفق القوم الدراويش متعلميهم وأنصافهم يتحدثون عن الإستعمار البريطاني للسودان من وحي دروشتهم في حين أن الوثائق المكدسة (شديدة التفاصيل) في جامعة درم عن فترة الإحتلال الإنجليزي للسودان منذ العام 1981 لم يسأل عنها أحد منا. أنا شخصياً شهيد على ذلك.. ففي أيام بحث الحقيبة تواصلت مع إدارة الجامعة العريقة فظلوا أيام يحولوني من قسم إلى آخر لأن السؤال غير معهود وإذن الأغراض محتاجة تفتيش. وعندما جاء "هندي" دلوه على غرضه في ثواني.

    فشكوت لصديقي المجتهد معتصم الحارث الضوي فأكد لي المعلومة عن تجربة ذاتية منه بدوره. يا لنا من دراويش. وبنحلل كمان ولا وكمان مع نفخة “كاذبة”!.

    قبل عدة أيام قرأت بوست في الفيسبوك عن أغنية كورالية هي عازة في هواك وكان الكورال البديع والعازفين يلبسون طربوش الخليل الأحمر وبدلة من طراز بدلته وربما جزمته تخليداً لذكراه مع أشعاره المغناة.

    فهجم قطيع من الدراويش المثقفاتية يلعنون الطربوش بإعتباره رمزاً للإستعمار (كيف؟!).. إن كان الطربوش رمزاً للإستعمار التركي فالبدلة رمزاً للإستعمار الإنجليزي الإستعمار الجد جد. ولكن هو العكس لأن الخليل كان يفهم أن هذا الطربوش من مظاهر الطليعي المقاوم للإستعمار الإنجليزي في إطار وحدة وادي النيل.
    وقال أحدهم أن الخليل كان مجبور على لبسه.. طبعاً لا.. الخليل لم يجبره أحد عندما ذهب إلى الإستديو ليتصور في القاهرة والخرطوم. بل كان جزءاً من قناعاته الراسخة فقد عرف عنه التطرف في إنتمائه إلى رؤية وحدة وادي النيل. ودا مجرد مثال صغير لونساتنا كمتعلمين أي دردشات الدراويش.

    وما دامت جاءت أخبار التجارب الشخصية دعوني أخبركم (عملت مرة بحث في سايكلوجية الزول السوداني هكذا أسميته) وتبين لي فعلاً أننا قوم دراويش بالإجماع والمطلق .. ولا يوجد أي إستثناء وعلى جميع المستويات: الأفراد كبار وصغار "رجال ونساء" والشيوخ والنظار والعمد والشراتي وزعامات وأعضاء الأحزاب السياسية الوطنية وغير الوطنية واليمين واليسار المتطرف والوسط والأعضاء بنات وأولاد.. والدرويش الأعظم هو الكائن المدعو: مثقف. عقول سحرية خرفانة ومشبعة بالخرافة وتبغض العلم والعلمي.

    والدليل البسيط الآن أن السودان يتحلل إلى عناصره الأولية إلى دويلات ما قبل التركية الأولى.

    والدراويش ساكين كورة السياسة بقوانين دولة بوهيميا من حيث الفكرة والسلوك. وكل درويش فاهم أن طريقته هي الأسلم وأتم ومنها وبها وحدها يأتي الخلاص. 40 مليون سياسي ونصف دستة من الثورات منذ ثورة الدراويش الأولى وإلى ثورة الدراويش الأخيرة وكل شيء يمشي إلى الوراء. ولا أمن ولا كهرباء ولا رغيف ولا ديمقراطية. ما السبب ومن المتسبب؟: كلنا!.. من جراء دروشتنا.

    علمنا التاريخ أن الثورات العظيمة الناجحة لا بد أن تكون مخططة بحكمة ما فوق سياسية. فالثورات ليست مجرد زعيق سياسي ينتهي بعراكات ذاتية. وإنما تتضمن القدرة على التضحية بقدر من الذاتي والحزبي والمصلحة المجردة في سبيل الهدف النبيل. هذا لا يحدث عندنا وكلنا يلوم الآخر على فشلنا العام والأزلي.لذا كل شئ يتحلل إلى عناصره الاول حيث لا حضارة.


    أكتفي بهذا القدر وهذه مجرد مقدمة وسأعود من جديد في هذه السلسلة التي أسميها: الدراويش أو العقل السحري.

    *فضيحة = كشف

    الإمضاء: ود الدراويش







                  

09-09-2022, 10:14 PM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)

    سلسلة نقد ذاتي .. ستتواصل .. وهذه مجرد فاتحة
                  

09-10-2022, 04:54 AM

Biraima M Adam
<aBiraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 27617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)

    ول أبا محمد جمال،
    سلامات ..
    نحن الشعب السوداني فينا صفات متفردة قل أن تجدها في الشعوب الأخري .. وربما يكاد يكون الشعبين اللذان لا يشمتان في موت أعدائهم هم الشعب السوداني والشعب المصري .. ومرد ذلك نحن ضمن مكونات شعبنا مكونا النوبي الذي أورثنا تقديس الموت .. ونحن البقارة ذهبنا أبعد مما يصدق الأنسان في التعامل مع الخصم .. فنحن البقارة لا نترك عدونا الفارس القتيل تأكله السباع أو الصقور .. ندفه دفن يليق بمكانته وسط قومه .. واحدة من الأحداث التأريخية التى أعدها البقارة بأنها حادثة غريبة .. هى مقتل الفارس الحازمي الملقب بالحسب النصيبة علي يد قبيلة أخري من قبائلنا البقارة هى قبيلة أولاد حميد .. رغم أولاد حميد ألتزموا بالموروث وواروا الفارس الحسب النصيبة الثري .. إلا أنهم رفضوا أن يدلوا علي قبره .. لأن مكان قبره يدل علي من قتله .. وحتى اليوم يتغنى الحوازمة في أعراسهم بموروث غنائي يمجد سيرة الفارس الحسب النصيبة ..

    هذا الموروث التأريخي يجعلنا ممكن نقيم تأبين للملكة .. فهذا لا يجعل مننا مداهنين للمستعمر بقدر ما يكشف شيئ عن مكنون ذواتنا كشعب سوداني .. هذه الظاهرة في معاملة الخصم بندية تجدها عند مايكل تايسون، المصارع الأمريكي .. حينما يهزم خصمه .. إن لم يقوي الخصم علي الوقوف يسارع مايكل تايسون ويرفعه.


    بريمة
                  

09-10-2022, 12:36 PM

محمد بدرالدين
<aمحمد بدرالدين
تاريخ التسجيل: 01-15-2018
مجموع المشاركات: 2185

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: Biraima M Adam)


    السلام عليكم و التقدير
    متابع بجمال
    و منتظر باهتمام
    بارك الله فيكم
                  

09-10-2022, 01:00 PM

امتثال عبدالله

تاريخ التسجيل: 05-15-2017
مجموع المشاركات: 7424

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد بدرالدين)

    محمد جمال الدين
    بوست جدير بالاهتمام والمتابعة ...بوست من بيت الكلاوي زي ما بيقول المثل ...
    ..متابعة باهتمام ..
    والله يديك الصحة والعافية
                  

09-10-2022, 07:04 PM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: امتثال عبدالله)


    أهلاً ود أبا.. جميل
    Quote: فنحن البقارة لا نترك عدونا الفارس القتيل تأكله السباع أو الصقور .. ندفه دفن يليق بمكانته وسط قومه .. واحدة من الأحداث التأريخية التى أعدها البقارة بأنها حادثة غريبة .. هى مقتل الفارس الحازمي الملقب بالحسب النصيبة علي يد قبيلة أخري من قبائلنا البقارة هى قبيلة أولاد حميد .. رغم أولاد حميد ألتزموا بالموروث وواروا الفارس الحسب النصيبة الثري .. إلا أنهم رفضوا أن يدلوا علي قبره .. لأن مكان قبره يدل علي من قتله .. وحتى اليوم يتغنى الحوازمة في أعراسهم بموروث غنائي يمجد سيرة الفارس الحسب النصيبة ..


    أيوة طبعاً في إختلافات بينة بين أقليم وآخر وثقافة وأخرى وجماعة وأخرى وهكذا.. وكلامك الجميل دا عن أهلنا البقارة يثبت ذلك
    كما يثبت التحلل إلى العناصر الأولية.
                  

09-11-2022, 09:08 PM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)

    الدراويش أو نقد العقل السحري
    حلقة “2” الجزء الأول

    عن حقيبة الفن والدراويش هذه المرة

    ملاحظات إستباقية هامة ارجو وضعها في الإعتبار:

    1- قسمت هذه الحلقة إلى جزئين لأنها طويلة ولا يمكن إرسالها عبر الواتساب إلا عبر تقسيمها إلى جزئين (مرفقان بالتتابع)..

    2- توجد في الختام مقارنات واضحة "حاسمة" لا لبس فيها بين سيد عبد العزيز وأبو صلاح وقصائد من نمط الزجل الأندلسي. أتوقعها مدهشة للبعض منا أو كما علمتني التجارب السابقة.

    حقيبة الفن (الحقيبة إختصاراً) نوع شعري غنائي نشأ في العشرينيات من القرن الماضي (حوالي 1920 خلال العهد الإنجليزي) وشغل الساحة الفنية والناس كل الوقت.

    وبعد مرور 100 عام على إنطلاقة النمط الشعري/الغنائي للحقيبة لم تقم ولا دراسة واحدة علمية تحدثنا عن نوعه الشعري وتفاعيله وأوزانه وبحوره.

    كلما عندنا أحسبه قصص خرافية وحكايات من قبيل معجزات وكرامات الأولياء الصالحين مثلها والطبقات لود ضيف الله (دراويش يروون لدراويش). وكلها أو جلها لم تحدث من حيث المبدأ (مرفق دليل قاطع وشرحه) فعلى سبيل المثال حكاية الحسناء المسيحية التي كانت تقف في الشرفة في إحدى طوابق العمارة الأمدرمانية وتحمل في يدها الرقيقة الناعمة زهرة.. فرآها الشاعر سيد عبد العزيز فكتب (في بنانك إزدهت الزهور) هذه القصيدة لا قصة لها بل تقليد ومجاراة لإبن قزمان كما أن قصيدة أبو صلاح (شوف العين قالت دا لا لا) لا قصة لها بل هي تقليد أو مجاراة لقصيدة قديمة للزجال (التريكي) .. (مرفق في الختام المقارنة المفصلة للقصيدتين). وذلك مجرد مثال لا حصري.

    كل شيء تقريباً وصلنا عن الحقيبة إما خاطي أو مزيف عمداً أو سهوا بداية بالإسم (الحقيبة) مروراً بنوعها الشعري (يقولون مجاراة لأهل السافل وتأثراً بالقرآن والمدائح النبوية) كما قصة الطنابرة (مزيفة) وحكاية نشأتها مزيفة عمداً بواسطة صانعيها (لأسبابهم) وفي هذه النقطة الأخيرة أس المشكلة كون إخفاء نوعها الشعري تتطلب القول الزائف بوجود جذورها في شعر السافل (كبوشية وبربر مثال) وهذا القول تدحضه الأدلة المادية البائنة. فنظم الحقيبة مختلف جذرياً عن نظم السافل وكلماتها المفتاحية وتصاريفها مختلفة جذرياً عن كلمات وتصاريف أهل السافل.

    كما لا توجد حتماً في القرآن ولا المدائح.. والقرآن والمدائح والخلاوي موجودين قبل وبعد الحقيبة ولم ينتجوا حقيبة لا قبلها ولا بعدها.. أليس كذلك!.

    ولأن هذه النقطة قد يظنها البعض قابلة للجدل فلن تكون (وعد) لأننا أجرينا بحثاً علمياً وثبت أن مرجعية الحقيبة في الزجل الأندلسي. وستتأكد من ذلك بالرجوع مرة ثانية إلى النماذج المرفقة ختام هذا السرد لسيد عبد العزيز وأبو صلاح (مثال لا حصري) ولدينا وفق نتيجة البحث 470 إنموذجاً من نوعها.

    أي قصيدة جارية على نمط النظم الزجلي لا مناسبة لها.. عندما تكون هناك مناسبة حقيقية لا يلتزم الشاعر بالنظم الزجلي (نظمه معقد يصلح للوصف لا المعاني المجردة) إنما في تلك الحالة يرجع الشاعر للعامية السودانية الصرفة زي (ست البيت لود الرضي وكذلك الأسكلا) ليست زجل (تلك أناشيد سودانية عادية) لانها خالية من مفردة الزجل وغير ملتزمة طريقة نظمه.

    نسمع كثيراً أن بالحقيبة لزوم ما لا يلزم. في بداية البحث كنت بدوري أردد هذه الجملة الببغائية وما زلت بلا وعيي أفعل.

    الحقيقة أن تعدد القوافي والسجع والجناسات والكلمات التاريخية من شاكلة (الهوى سباني، ويا جنى الورشان، وقصر الرشيد، وغصن النقا ويا خشيف) كل ذلك من أصول النظم أي بدونه لا يكون الزجل زجلاً بمعنى أن تلك ليست أدوات فائضة بل لازمة والجزء الزجلي من الحقيبة (هي تلاتة أنواع، في الرابط المرفق) ألتزم بكل قواعد الزجل بحرفية عالية.

    أما بالنسبة للإسم (الحقيبة) فتلك قضية بدورها مدهشة.. عشرات الكتب وآلاف المقالات وعشرات الآلاف من الحكايات منذ العام 1952 بداية إنطلاقة برنامج الحقيبة عبر الإذاعة وحتى تاريخ اليوم تحدثنا بهذه القصة الخرافية: كان الرجل الذي إخترع البرنامج (حقيبة الفن) وهو الشاعر صلاح محمد صالح يحمل الإسطوانات وهو ذاهب للإذاعة في شنطة (حقيبة) ومن هنا جاء الإسم. تتكرر هذه القصة كل يوم مع أن صاحب القصة نفسه وفي برنامج متلفز قال لا. لم تكن هناك حقيبة توضع بها اسطوانات وإنما الإسم رمزي مثل جراب الحاوي هكذا قالها بالزبط.

    مقدم البرنامج الحصيف قاطعه (لكن الناس يقولون أن هناك حقيبة أنت تضع بها الأسطوانات) فرد عليه ضاحكاً (خليهم يقولو ما اليقولوه الناس احرار بس دا ما حصل).. أرفق رابط لكلام صلاح محمد صالح.

    وبغض النظر عن تلك القصة التي طلعت جزافية وخرافية .. السؤال هنا كيف يُسمى نوع شعري بإسم الإناء الذي يوضع فيه؟. كل نوع شعري عنده جنسه في كل أنحاء العالم.

    رابط: إلى متى نحن مع الإفتتان بشعر وغناء الحقيبة، محاولة لنقد موضوعي: الأستاذ/ معاوية حسن يس وتعليق مني وإضاءات جديدة على نتائج بحث: حقيبة الفن.

    https://sudaneseonline.com/board/510/msg/1659376502.html

    أيام البحث 2017 أجريت إتصالات عديدة بأُناس ومؤسسات سودانية ظننت أنها ستساعدني في مهمة البحث: جامعات ومعاهد أدبية وفنية وموسيقية وشخصيات عديدة في المجالين الأدبي/ الفني والإعلامي.

    وطلبت أول ما طلبت فايلات تقطيع أشعار الحقيبة (التفاعيل والاوزان) وهذه كانت من اصعب الأمور في البحث لأن بدونها لن أستطيع إجراء المقارنات النظمية بين ما سبق الحقيبة وشعر السافل وما تلي الحقيبة والمدائح وإلخ. فدُهش الناس (مثقفين كبار ملأ السمع والبصر) صُدموا من سؤالي لظنهم أن الأشعار العامية ما عندها أوزان.. يا للدراويش!. أخذت سنة ونص أقطع بنفسي (كانت مهمة غاية الصعوبة) بل كمان بعضهم عاكسني وحاول تضليلي لأسباب سوء فهمه للبحث وغرابة الموضوع عنده.

    والسؤال هنا: كيف كانت تعمل لجان المصنفات الفنية والأدبية في الإذاعة والتلفزيون وكيف يجيزون الأشعار الغنائية وهم لا يعرفون تفاعيلها وأوزانها وبالتالي بنائها النظمي؟!.

    السليقة وحدها لا تكفي بل أحياناً مضللة إذ لا بد من إمتلاك أدوات علمية وموضوعية.

    مرفق رابط يبين الأخطاء في اللفط والتفاعيل والأوزان للجيل الثاني والثالث وما بعدهم من مغني الحقيبة. فمثلاً لا أحد قط نطق (برضي ليك المولى الموالي) كاملة صحيحة ما عدا سرور "صاحبها" وكذلك عازة في هوالك لا أحد قط ولا كورال من الكورالات.. توجد في هذا الرابط عشرات المقارنات التفصيلية.. وتوجد الأسباب مفصلة:

    أخطاء اللفظ والتفاعيل/الوزن عند مغني الحقيبة من الجيل الثاني والثالث وما بعدهم!
    https://sudaneseonline.com/board/510/msg/1657822559.html
    وهي محاولة لتبيان أهمية معرفة 1- تفاعيل وأوزان الشعر العامي والحقيبة منه 2- أهمية معرفة قواعد العاميات السودانية (يُوجد رابطه داخل الرابط السابق).


    بحثت عن دراسات علمية متخصصة في النمط الشعري للحقيبة (البحث كان في النمط الشعري وحده والظروف السياسية والإجتماعية التي نشأ فيها ولا علاقة له بغناء الحقيبة من لحن وموسيقى).

    لم أجد أبداً أي دراسة علمية منهجية.. فقط كتب توثيقية ومقالات ومنابر كثيرة ولقاءات مسموعة ومرئية لا حد لها تمدح بلا هدى أو تذم بغير هدى.

    في حين أن هناك آلاف الدراسات العلمية المنهجية عند الشعوب التي حولنا في فنونهم الشعرية والغنائية. فعلى سبيل المثال هناك أقسام كاملة في الجزائر والمغرب العربي مخصصة للزجل (نوع الحقيبة) والفنون الشعبية/العامية قاطبة.. نحن لا..

    يوجد تقريباً صفر كبير في جانب البحوث والدراسات المتخصصة (كما هو الحال في كل ضروب حياتنا ومؤسساتنا ودولتنا).. لا شئ.. ما خلا الأعمال الجليلة لميرغني ديشاب ومحمد أبو عاقلة في الشعر الشعبي مع تركيز على منطقة البطانة (ليس بعد الحقيبة/الزجل) لم أجد!.

    أيام البحث 2017 تعرضت لهجمات مُتُدَروِشة لا حد لها. ومنها أشياء مضحكة وأخرى مبكية. ومن الأشياء المضحكة المبكية: عندما جاء في خلاصات البحث 2017 أن الحقيبة إبداع سوداني أصيل من نمطية الزجل الأندلسي (نوع شعري معروف عند كل الشعوب المتحدثة العربية وحتى تاريخ اليوم) وشجَّعت السلطات الإنجليزية شعراء ومغني النمط وفق خطة مرتبة سلفاً نسبة للأسباب المذكورة في خلاصات البحث. كانت الغالبية العظمى من القراء يضحكون لإعتقادهم الجازم أن الإنجليز الرطانة (أبّانْ عيونَنْ خُدُر) ما بعرفو زجل ولا حقيبة. وهؤلاء الدراويش ما دروا أن قبل قرون عديدة كان الإنجليز يترجمون الأزجال.. بل الإنجليز أول من حقق ديوان الزجال الأندلسي الكبير إبن قزمان بجانب الألمان.. وهناك جدل وصل حد الشتائم والعراك بالأيدي بين المستشرقين الإنجليز في تحديد تفاعيل وأوزان الزجل وبالذات أزجال إبن قزمان: هل تجري على نمط الخليل أم هي شي آخر؟. تصدق يا درويش!.

    وإبن قزمان هذا هو أبو الأزجال كلها ومنها الحقيبة (مرفق رابط لديوان إبن قزمان وفي مقدمته جدل الإنجليز في القرون السوالف وإختلافهم حول مرجعية الأزجال النظمية.. ملاحظة: إقرا المقدمة والتصدير بروية (في غاية المتعة في حسباني) وأظنك ربما تتحقق من القضية) وستجد في التصدير أن إبن قزمان هذا كان عربيداً سكيراً خليعاً يكتب بالعامية العربية الأندلسية وباللغة الرومانثية المحلية.. وتلك الكلمات الغريبة الفريدة المدهشة في شعر الحقيبة أصلها في العامية الأندلسية.. جاءت داخل صندوق النمط (الباكيتْشْ).. وعند إبن قزمان قصيدة يشكر فيها إبليس لأنه صنع النبيذ (العرقي) ومرة حُكِم عليه بالإعدام لكنه نجا. (ديوان إبن قزمان مرفق في الختام). ملاحظة هامة جداً: الجزء الثاني مرفق مباشرة مع هذا الجزء الاول من حلقة الحقيبة والدراويش: (المقارنة بين سيد عبد العزيز وإبن قزمان وأبو صلاح والتريكي) إنها في غاية الأهمية للفهم الكلي للمسألة التي من خلالها قد يتبين لنا جلياً جهلنا بذاتنا وتراثنا وتلك هي الأهمية أو تلك هي القضية!.
                  

09-11-2022, 09:27 PM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)

    الجزء الثاني من الحلقة الثانية من سلسلة الدراويش (حقيبة الفن):

    وهذه هي المقارنة المعنية بين سيد عبد العزيز وإبن قزمان وأبو صلاح والتريكي) أدناه بالتتابع.

    عندما تقرأ المقارنة للنهاية وبروية ستفهم كم كنا جدْ جدْ دراويش ولمدة 100 سنة حتى الآن .. نكتب ونحلل ونشكر ونشتم ونفرح ونحزن أمام شيء نجهله بالكامل .. ونغني ونرقص و نهز وننطط زي القرود فوق شي ما عارفنو شنو (معليش للصراحة إذ لا بد من الصراحة = العلم الحق بالشيء) وهذه هي المقارنة المعنية وهي مجرد مثال لا حصري:
    هذه المرة مقارنة بين سيد عبد العزيز في (يا مداعب الغصن الرطيب) من نمط الحقيبة وإبن قزمان في (يا مداعب الغصن الرطيب) من نمط الزجل الأندلسي.

    ربما تكون مقارنة مدهشة للبعض منا (وعد).. القصيدتين كاملتين مرفقات آخر الكلام.

    ماذا يجري هنا، أن هناك قصيدتين (أغنيتين) كتبتا في زمنين مختلفين (الاولى 1150م تقريباُ وظل يرددها الناس في المغارب والمشارق حتى تاريخ اليوم ونظموا على منوالها كل الوقت والثانية قبل 90 سنة تقريباً (1930م) وفي مكانيين مختلفين في الجغرافيا والبيئة) لكن نجد أن التفعيلة والوزن والكلمات المفتاحية وبناء القصيدة والصور الحسية الوصفية شبه متطابقة كما الأخيلة الشعرية المعنوية، ذلك أن:
    هناك حديقة/روض/روضة خضراء يانعة وأن هناك طيور تغني في الحالين وأن الحديقة مزهرة وأن لا شيء يعكر الجو، من ملامح وصف الطبيعة في الحالين إذ لا يوجد رقيب ولا واشي في الحالين عكس الصورة في حتات تانية في الحالتين الأندلسية والحقبنجية السودانية وبالتالي هذه المرة: هيا نتدرج الإثنيـــــــــــن مابين الأشجــــــــــــــار
    نتمشى يــا إنســـــــــــان ســـــــــــاعة "في الروض الأندلسي".

    أنا وأنت في الروض يا حبيب.. راق النسيم وحلى للمرور "يعني هيا نتدرج ونتمشى ساعة في الروض الأمدرماني". وكلمة ساعة واردة في الحالين مع إختلاف وظيفتها في الاولى الأندلسية ساعة زمن بمعنى بعض الوقت "اللذيذ" وفي الثانية السودانية الساعة تعني توقيت مناسب للتمشي والتجوال اللذيذ والمتعة مع الحبيب في الروض الخصيب.

    وكما نرى أن الصور الشعرية والأخيلة شبه متطابقة مع إختلافات فقط في إستخدام اللغة. فإننا نجد أيضاً الجرس الموسيقي شبه متطابق مع قافية في بعض الأحيان متطابقة. زيادة على ذلك هناك عدد من الجمل الكاملة او/و الكلمات المفتاحية مكررة/متطابقة في العملين:

    قصدي نقيــــــــــم سهرا أنا والحبيــــــــــــــــب (إبن قزمان)
    أنا وأنت في الروض يا حبيب (سيد عبد العزيز)
    ---
    أنضر نعمـــــــــــة القدرا في الروض العجيــــب (ابن قزمان)
    والروضة في موقع خصيب (سيد عبد العزيز)
    ----
    لابـــــــــــس حلة خضرا والغصن الــرطيــــــب (إبن قزمان)
    يا مداعب الغصن الرطيب (سيد عبد العزيز).

    وأهم شيء والذي ربما حيَّر الملاحظ المتأمل أن المناسبتين حدثتا في يوم مناسبة مسيحية وهي يوم عيد الصليب (الفصح أو الفصاح وأصلاً هي الفساح بالعبري) وأن في الحالين (الحبيبة مسيحية الديانة) وان الطيور كانت تغني منشرحة في هذا اليوم الاندلسي الصليبي العجيب الذي تكرر في ام درمان:

    ما غنت على الأغصــــان طيور الفصــــــــــــاح (الفصح هو عيد الصليب) ابن قزمان

    في الروض غنى العندليب
    ورددوا غناه الطيور
    ترتيل أناشيد الحبور
    وفتيانها يوم عيد الصليب (سيد عبد العزيز)

    بـــلـــبـــــــــل مــــــع الــــمـــنــــيــــــــار
    فـــــوق مـــنـــــــابـــــر الأشـــــجــــــــار صبحو يــخـــــطـــبــــــوا (ابن قزمان)

    والـبلبل الـغريد يـدور عـلي منبر الاغصان خطيب
    (سيد عبد العزيز)

    شبه الثريــــــــــــــــــا حين جــــــــــــاد بوصالي (ابن قزمان)

    دنت الثريا بقت قريب (سيد عبد العزيز)

    كما أن الصورة الكلية في الحالين واضح من السياق انها متخيلة وليست حقيقية وهذه ملاحظة هامة جدا وكأنها الحنين إلى فردوس غائب/مفقود!.

    تعليق: ذلك هو فن الزجل، كل قصيدة عندها مرجعية وأصل لأنه نوع شعري يتناسل من بعضه البعض (فن المجاراة) فكل قصيدة (غنية) عندها أم وأب وعندها جد وجدة وعشيرة وقبيلة وعندها مرجعيتها الجينية الكلية في الزجل الأندلسي.. وكل وليد يأتي
    أكثر جمالاً وكمالاً من أهله وهذا ما حدث هذه اللحظة فجاءت يا مداعب الغصن الرطيب لسيدها سيد عبد العزيز زاهية وباهية وطاعمة أكثر بكثير من جدتها الأولي (الغصن الرطيب لسيدها إبن قزمان).

    في الختام ملاحظة: أمامك رابط من منبر سودانيزأونلاين لسرد جاري حول نتيجة بحث الحقيبة ثم ستجد بعده (إن شئت) قصيدة سيد عبد العزيز وتلك التي لأبن قزمان لمزيد من التأمل الذاتي.


    وهذه مقارنة (شوف العين قالت دا لا لا) لأبو صلاح من شعراء حقيبة الفن 1890-1963 و(تاب قلبي من قولــــــة لا لا) لاحمد بن تريكي (1650–1750م) زجل حوزي تلمساني)

    ملاحظات: النظم هو ذاته والقافية كما التفيعلة والوزن العروضي. والأهم من ذلك الكلمات المفتاحية والتصاريف (هي ذاتها) غير المعهودة في اللغة العربية الكلاسيكية والمجهولة في العامية الوسطسودانية. سأضع أولاً بعض المقارنات التي عملتها وتجد القصيدتين آخر السرد (ربما هناك أشياء مدهشة) ومع ملاحظة أن قصيدة التريكي عمرها أكثر من 300 سنة وكتبت بلغة دارجة الأندلس لكنها بعد تحمل مذاق أشعار الحقيبة!.

    تاب قلبي من قولة لا لا (التريكي)
    شوف العين قالت دا لا لا (أبو صلاح)

    هذه القافية بتكرار لا النفاية لا توجد بغير الزجل أو الأشعار الشعبية اللاحقة التي أخذت منه طريقة نظمه وبعض كلماته المفتاحية.

    ما يجنيه حديق حاجبين يبريهو بنصالا
    والشفر القتال سيف صايل للناس قبالا (التريكي)
    وسهمك صاب احشاي قَلالا (أبو صلاح)

    وجهُ تقول هلال تحت سالف خجلا و دلالا (التريكي)
    صدت من تيها ودلالا (أبو أصلاح)

    كتبتلك عقد بالخط عـــــدالا (التريكي)
    النسام شال الرسالا (أبو صلاح)

    جـــــــــــــرحت الخديـــــــن بالمدامع ديما سيـــــــــــالا (التريكي)
    وقول لي ام خد هجراني مالا
    وهاج الشوق والدمعة سالا (أبو صلاح)

    خدك ورد عبيـــــــــــــــــــق في ريــــــاض مدلل يَتَلالا

    الخصلات غسيق والجبين فيه قمرة تَتَلالا (التريكي)

    ﺑﺮﺍﻕ ﺳﻨﻚ ﺷﻖ لأْﻻ (أبو صلاح)

    ذات القافية يتلالا ولالا من لؤلؤ.

    عشقك منيـــــــــــــــــع أعلى من عشيقك و تعـــــــــالا (التريكي)

    اسباب الغي و العلالا

    ضمرتها والخصر العلالا (ابو صلاح)

    الشفاه العســـالا (التريكي)
    ﺍﻟﺮﻃﺐ ﺍﻟﻌﺴﺎﻻ (أبو صلاح)

    هذا التصريف "العسالا" بمعنى عاسلة متكرر في الزجل والنوع "الحوزي" على وجه الخصوص.

    ذا الحسن البديــــــــــــــــــع ما مثيلك هيفاء ميـــــــــالا (التريكي)

    علمتي الغصن الرتالا

    شوفتك كم عاشق اتالا

    يانسام اوصف جمالا

    والقامة السيرك امالا (أبو صلاح)


    رابط لتحميل ديوان إبن قزمان “مجاناً”:
    https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%AF%D9%8A%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D8%A8%D9%86-%D9%82%D8%B2%D9%85%D8%A7%D9%86-pdfhttps://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%AF%D9%8A%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D8%A8%D9%86-%D9%82%D8%B2%D9%85%D8%A7%D9%86-pdf

    إنتهى.. إن شئت ارجع إلى الأعلى.

    تتواصل سلسلة الدراويش أو نقد العقل السحري

                  

09-12-2022, 08:42 AM

Shueib Medani
<aShueib Medani
تاريخ التسجيل: 02-06-2013
مجموع المشاركات: 168

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)


    بحث واقعي ممتاز وضع الحقيقة أمام العين المجرد.
    واصل نتابعك باهتمام .. ليت الدراويش يتعلمون.
                  

09-12-2022, 07:07 PM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: Shueib Medani)


    أهلاً إمتثال
    Quote: محمد جمال الدين
    بوست جدير بالاهتمام والمتابعة ...بوست من بيت الكلاوي زي ما بيقول المثل ...
    ..متابعة باهتمام ..
    والله يديك الصحة والعافية


    شكراً لحضورك الجميل.

                  

09-12-2022, 07:09 PM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)


    سلامات محمد بدر الدين
    Quote: متابع بجمال
    و منتظر باهتمام
    بارك الله فيكم


    ونسعد بمتابعتك طبعاً وإن شاء الله هناك ما يفيد
                  

09-12-2022, 07:16 PM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)
                  

09-13-2022, 08:11 PM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)

    الدراويش أو نقد العقل السحري.. حلقة 3 (الدراويش والثورة)!

    بلاد الأربعين مليون سياسي وتلاتة ثورات في نصف قرن والسياسة فاشلة والثورات متعثرة.

    بلاد ال 26 نهر (مش نهرين بل 26 حرفياً) والناس عطشانة:
    النيل الابيض، النيل الأزرق، نهر النيل، القاش نهر الرهد، نهر الدندر، نهر السوباط، بحر الغزال، بحر العرب (دي مجرد أمثلة لا حصرية).

    بلاد السبعتاشر نوع من الذرة الرفيعة والناس جعانة:
    أنواع الذرة الرفيعة فى القطاع المروى وحده:
    ود احمد ، طابت ، انقاذ ، المايو الابيض المايو الاصفر، هجين ذرة -1 ، هجين رابح ، هجين شيكان ، هجين PAN 606 لانتاجية البذور و هجين 888 كعلف. إضافة للقمح والبطاطس والدخن وعيش الريف.

    بلاد الثروة الحيوانية: يعتبر السودان من أغنى الدول العربية والافريقية بثروته الحيوانيه والتى تقدر فيه أعداد حيوانات الغذاء (أبقار-أغنام-ماعز-إبل) بحوالى 132 مليون رأس ، إضافة ل 4 مليون رأس من الفصيلة الخيلية، 45 مليون من الدواجن. يعني قصاد كل زول في تلاتة بهايم (لم نحسب الدجاج) وكيلو اللحمة في السودان أغلى من الدول التي يصدر لها السودان ذاته الماشية والخراف وأغلى من بعض الدول الأوربية. هل تصدق!.

    السودان من الدولة المنتجة للذهب وخزينة الدولة فارغة.

    أكثر من 65% من تعداد السكان شباب (سواعد فتية) ولكن معظمهم عاطلين عن العمل لأن مافيش عمل.

    كل الناس شغالة سياسة عشان تصلح سياسة البلد وما فيش فايدة. ميات الأحزاب شمال يمين وسط وميات الحركات المسلحة ومافيش فايدة. عشرات إتفاقيات السلام وما فيش فايدة. إنقلابات عسكرية ودت البلد إلى الوراء (مع أن الأنظمة الديكتاتورية الشمولية والعسكرية ناجحة في الصين ومصر "مثلاً" بحساب الأمن والإستقرار والتقدم الإقتصادي) بس نحن لا.. عساكر فاشلين (تقوم حركات مسلحة ومظاهرات ومجالس دولية ويرحلوا بعد عذابات وخرابات)، حكومات مدنية فاشلة (الأحزاب تتعارك حتى تقطع نفس الديمقراطية) ويجوا العساكر ناطين تاني بذات الإسلوب المكرر.. فالبيان الأول نسخة واحدة فقط كل مرة يتلوه على مسامعنا عسكري جديد (عبود، نميري، البشير، البرهان) والقمع هو ذاته وإهدار طاقات البلد البشرية والمادية هو ذاته.. وبعد حين تجي الثورة تاني وتجي الديمقرطية راجعة وتفشل وهكذا تدور الدائرة.

    الطلاب، العمال، الموظفين، التجار، السماكة، والأطباء وستات الشاي وسواقي الركشات والأطفال وناس الهوي والغرب كلهم شغالين سياسة وسايبين أعمالهم ومهنهم ودراستهم ومتفرغين للسياسة والأزمة السياسية منذ 1958 وحتى تاريخ اليوم. والجيش شغال سياسة والمليشات وهكذا. والحال من أسوأ إلى أسوأ.

    بل أصبحت الأزمة هي محور حياتنا (داخل وخارج البلد وهسا كلامي دا حديث عن الأزمة) فكل كلامنا اليومي وغيره 99% منه ربما يدور حول الأزمة: أخبار، تحليل، تذمر، نكات، شعر، رواية إلخ. ندوات، قعدات، تلفونات، ملايين قروبات الواتساب والفيسبوك والتويتر وجرايد يومية ومقالات يومية ومحللين سياسيين وإقتصاديين وفكية ووساطات دولية وهلمجرا.. ومافيش فايدة.

    وقروبات الواتساب (إهدار كبير للطاقات) ناس عايشين في كم مليون جزيرة معزولة عن بعضها البعض لكن بدوروا في نفس الأخبار/الأحداث وبناقشوا بنفس الطريقة والعقلية وعك وضحك وشكل ونبذ وعيك عاك كل الأيام.. وفي النهاية ما فيش فايدة بس إحباط وضياع زمن.

    لا توجد أي خطة لتقسيم الأدوار.. كل الناس من جميع الأعمار والأجناس والتخصصات والإنتماءات بتناقش جميع المواضيع بنفس الكيفية والطريقة وما في أي زول معترف للتاني ولا تخصص ولا خطة في الأفق.

    40 مليون زول جاريين خلف الدولة أو الثورة صف واحد وكل زول داير يسبق التاني عشان يعض من الفريسة قبليه.

    الإسود (حيوانات) عندما تسعي لصيد (ثور بري) مثلاً فإنها توزع الأداور فيما بينها بشكل فطري وتلقائي.. إتنين من الخلف وإتنين في جوانب الهدف وواحد يحاول الوصول إلى مقدمة الهدف (حصار متقن).. هكذا تُصادُ الثيران البرية ذات القرون العاتية وهكذا تُصادُ الثورات الناجحة ذات الخيال العاتي. لكن ليس بعد!.

    ما المشكلة إذاً؟!. لماذا نحن بس في السودان حالنا كدا!.

    السبب بسيط جداً (تعرفه بنظرة صغيرة للشعوب الناجحة) يتلخص في جملة واحدة من نقطتين متصلتين غير منفصلتين:
    1- الخطة الإستراتجية 2- الإنضباط (في العمل، الدراسة، البيت، الشارع، الإنصباط في تنفيذ الخطة) هكذا تصنع الحضارات عبر التاريخ.

    الخطة الإستراتجية (الوطنية/الإنسانية) = صيغة للعيش السلمي المشترك.. صيغة لا بد أن تتحول إلى وعي شعبي (غاية الثورات).. والإنضباط يعني تنفيذ الخطة وفق الجدول الزمني.

    الخطة الإستراتيجية × الزمن = صيغة للعيش السلمي المشترك = تحقق المصلحة المشتركة للجميع + الإحساس بالمصير المشترك + الوعي بالتحديات المشتركة = الإحترام المشترك = سلام/أمن/رغيف/كهرباء/ثقافة = إستقرار = وفرة = إزدهار = حضارة.

    ونحن قوم دراويش لا خطة لنا، ليس بعد.

    سؤال وإجابته في الختام:
    هل نحن دراويش بالسليقة؟.. لا أحد في العالم درويش بالفطرة لكن هناك ظروف موضوعية وتاريخية جعلتنا لا علميين ولا موضوعيين (سحريين) في معظم مناحي حياتنا السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية.

    وإن كان الإنجليز هم من أسمونا مجازاً بالدراويش فالعهد الإنجليزي وما لازمه من إستقرار وإنضباط ومشاريع تنموية وبنية تحتية ومشاريع ثقافية وفنية ساهم فيها الإنسان السوداني إدارةً وتنفيذاً وفي حنكة عالية (تلك قرينة مانعة للقول بدروشة فطرية). كما ساهم ذات الإنسان الذي تدرب على الإنتاج والإنضباط وفق (الخطة الإستراتيجية في ذلك العهد) في نهضة دول عديدة بالجوار وكان مثالاً يحتذى.

    مرة تم تحذير المهندس خليل فرح أفندي عام 1925 لأنه تأخر 15 دقيقة عن العمل (المصدر على المك في تقدمته لديوان الخليل). وأنا شخصياً لدي قريبي يعمل في الحكومة الحالية أسر لي بمعلومة (كونه فالح) أنو بياخد راتب لمدة سنة ونص دون أن يذهب للمكتب ولا مرة واحدة.. ومثله الكثيرين طبعا.

    لكن لا تحزن كثيراً أخي الدرويش.. أمامك مشروع السودان200. هناك أمل!.

    تتواصل سلسلة الدراويش أو نقد العقل السحري

    (عدل بواسطة محمد جمال الدين on 09-13-2022, 08:35 PM)

                  

09-14-2022, 05:21 PM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)

    أفكر في أن تكون الحلقة المقبلة من سلسلة الدراويش عن مراحل وتمايزات الدروشة بين اللحظات التاريخية والسياسية المختلفة
                  

11-11-2022, 01:25 AM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)

    بحاول أواصل سلسلة الدراويش.. برغم زحمة الدنيا.. تحيات رفاق وقراء وعابرين.. طابت أيامكم
                  

11-11-2022, 02:36 AM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)

    هل تعلم أخي المواطن:

    ما في أي دوبيت في السودان.. نهائي.. لا يوجد.. الاشعار المسماة دوبيت ليست بدوبيت بل مواليا وقوما وأشياء أخرى تاريخية.. مافيش نمط شعري ممكن تسميه دوبيت في السودان منذ سنار وحتى تاريخ الساعة.. نهائي مافيش.. هل تصدق!

    ---
    أمة لا تعرف شعرها لا تعرف نفسها! (عنوان بوست بهذا البورد من سنة 2017)
                  

11-11-2022, 02:42 AM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)
                  

11-11-2022, 02:49 AM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)

    إشكالية الشعر الشعبي "العامي" في السودان "الدوبيت” مثال!

    أيام بحث الحقيبة (2017) أضطررت لمعاينة كل الأنواع الشعرية الممكنة فيما قبل وبعد الحقيبة بحكم طبيعة البحث ومنهجيته المقارنة.

    ومن ضمن الأشياء التي مثلت بالنسبة لي مفاجأة أن النوع الشعري المُسمى "دوبيت" في السودان لا تنطبق عليه شروط الدوبيت بمعناه الإصطلاحي المتعارف عليه عبر تاريخه.

    ومن رأيي أن علينا أخذ مُسمى "دوبيت" بحذر شديد.

    وأتفق مبدئياً مع بعض آراء الباحث المجتهد أبو عاقلة في هذه الجزئية في أن ما يسمى دوبيت في السودان ليس بدوبيت في شموله وإنما قد يكون ترانيم لها خلفيتها في أنماط وأوزان سودانية ربما أقدم من الدوبيت بكثير وذكر على سبيل المثال "الشاشاي والهوهاي”. أو هو فهمي لتصوره بإيجاز.

    وحسب جل الدارسين قديمهم وحديثهم: الدوبيت فن فصيح من من الفنون السبعة المستحدثة وهي:
    السلسلة، الدوبيت، القوما، الموشح، الزجل، كان وكان، المواليا.

    ثلاثة منها فصيحة وهي: السلسلة والموشح والدوبيت.. وأربعة منها عامية وهي: الكان كان والقوما والمواليا والزجل.. وقد وصف الأخيرة (العامية) الصفي الحلي 1330م (قبل خراب سوبا) كالتالي:

    "فهي الفنون التي إعرابها لحن (اللحن ضد الفصيح)، وفصاحتها لَكْنٌ، وقوة لفظها وهن. حلال الإعراب بها حرام، وصحة اللفظ بها سقام. يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة (أن تكون صريحة في الوصف والعبارة).. وتضعف صنعتها إذا أودعت من النحو صناعة، فهي السهل الممتنع والأدنى المرتفع، لا سيما في الزجل الذي تختلف أوزانه ويضطرب ميزانه، ويتغاير لزومه ويشتبه منظومه. وهذه الفنون تختلف بحسب اختلاف بلاد مخترعيها وتفاوت اصطلاح مبتدعيها ؛ فمنها ما يكون له وزن واحد وقافية واحدة وهو الكان كان ومنها ما يكون له وزن واحد وأربع قواف وهو المواليا، ومنها ما يكون له وزنان وثلاث قواف وهي القواما ومنها ما يكون له عدة قواف وعدة أوزان وهو الزجل").
    ذلك مقطع من كتاب العاطل الحالي والمرخص الغالي 1330م.

    والقضية هنا لغوية وفنية.. فالدوبيت أصلاً فصيح وعنده وزنه المحدد الذي يتعرف به.
    والأشعار المسماة دوبيت في السودان ليست فصيحة ولا تجري على الوزن المحدد للدوبيت.

    ومن المحتمل أنها لا تندرج تحت النوع الشعري "دوبيت" مطلقاً.. وإنطلاقاً من ملاحظاتي الأولية أرى أن ما نسميه دوبيت في السودان كما قلت ليس بدوبيت بل يندرج في نمطي المواليا والقوما وأما بالنسبة للمسدار فعندي فكرة أولية أن مرجعيته في نمط "الكان وكان”.

    فما يسمى عندنا بالدوبيت شعر شعبي رئيسي وواسع الإنتشار في السودان منذ أواسط عهد سنار وحتى الآن.. وهو في حسباني أول نوع شعري عربي يصلنا من أزمان تاريخ السودان الوسيط. فأظنه يحتاج لوقفة أفضل من الدارسين و المتخصصين.. ومعلوم كما أسلفنا أن الدوبيت من الفنون السبعة المستحدثة وهو فن فصيح غير ملحون مثل المواليا والقوما والكان كان والحماق والزجل.

    ووزنه :
    فَعْلنْ مُتَفاعلن فعولن فَعْلنْ ... فعْلنْ مُتَفاعلن فعولن فَعْلنْ

    ومن أمثلة الدوبيت (غناء الست أم كلثوم):

    لقلبُ قد أضْناه عِشْق الجَمال .. والصَدرُ قد ضاقَ بما لا يُقال
    يا ربِ هل يُرْضيكَ هذا الظَمأ .. و الماءُ يَنْسابُ أمامي الزُلال.

    ومن شاكلته أيضاً:
    أعطيتُ عِنانَ قَلْبيَ المَجروحِ حَوْراءَ لحاظُها بقَتْلي
    تُوحي لم أسْخُ رِضاً بقَلْبيَ المَقْروحِ لكنّيَ فادَيتُ بقلْبيَ رُوحي

    ذلك هو الدوبيت ووزنه وشروطه التي عُرف بها.. وإزاء ذلك فربما بقليل من التأمل سنصل إلى نتيجة مفادها أن الأشعار العامية الكثيفة المسماة دوبيت في السودان والتى وصلتنا أول ما وصلتنا بداية بحوالي 1650 “العهد السناري" وتواصلت في نمطياتها بطرق مختلفة حتى هذه الأيام.. تلك الأشعار ربما ليست دوبيت مطلقاً كما درجنا على تسميتها بل أنماط شعرية أخرى جاءت نمطياتها وقواعدها مندسة في العاميات الأربعة الرئيسة التي سادت في السودان:
    1- الوسطسودانية 2- البطانة 3- الشايقية و4- دارفور (حسب تصنيف خاصتي غير ثابت أكاديمياً بعد “أعمل شخصياً هذه الأيام ويساعدني الاخيار على محاولة إستنباط قواعد العامية الوسطسودانية لأول مرة بشكل شامل”).

    ومن أمثلة أشعار حسان الحرك (سنار):

    ما تستاهل الكَمَره وسكُون اليوى
    شما جارة ال وَهْوَه مع الدامبوى
    جابوا لى كَتَبَّا الأخرش أب هَبّوى
    خشمو مع الحَوِل بيلهوج الداقوى

    والمحلق (ربما العهد التركي):
    كِضب يا ود جَفِيل ما ام صفايحْ
    عَنَاق حَدَر العُلو ال ترعى وترايحْ
    مهيرة الجيقنِى ام جَرَساً يصايحْ
    جنيبتاً لى اب علي ال تامَّ القَرايحْ

    والحردلو (المهدية):
    الشم خوخت بردن ليالي الحرا والبراق برق من منه جاب القرا
    شوف عيني الصغير بي جناحه كفت الفرا
    تلقاها أم خدود الليلة مرقت برا

    وأرى أن هذه النماذج أقرب إلى المواليا والقوما منها إلى الدوبيت.. كما أن ما يسمى من الشعر بالمسدار فهو من نمطية “الكان وكان وهو نوع شعري مخصص في الاساس للقصص والحجاوي والمواعظ والالغاز.

    وأشعار الحقيبة (العهد الإنجليزي) من نمطية الزجل (الحوزي/المملوكي) وفق نتيجة البحث “2017”.

    وتلك مجرد محاولة جديدة مني لمزيد من العصف الذهني حيال آداب وفنون السودان العامية وفي سبيل مراجعة الذات والتراث.

    ختامه ملاحظة هامة: أرى أن أهمية مثل هذه الحوارات/القراءات ليست بالضرورة هدف في حد ذاتها بقدر ما هي نافذة مهمة قد نرى من خلالها ذاتنا الجماعية بطريقة أكثر وضوحاً.. أو هي الخطة المأمولة..
    وربما نقف عبرها على أسباب فشلنا في صناعة سودان متحضر وموحد وفشل ثوراتنا حتى الآن من جراء شقاقاتنا القائمة على جهلنا بذاتنا الجماعية والبيئة الطبيعية المحيطة بنا.. وعندنا إزاء ذلك مشروع السودان200 = توثيق الماضي/فهم الحاضر/تخطيط المستقبل “في ذات الأوان” .. وإذاً عبر ذلك السبيل قد نمضي إلى الأمام بطريقة أكثر صحة!.

    وهنا بعض المراجع (مع ملاحظات عليها) لمن طلب النقد والمراجعة فيما يتعلق بإشكالية مرجعيات الدوبيت والأنواع الشعرية الأخرى في السودان:

    1-حسان أبو عاقلة.. كتب ومقالات (من الذاكرة ولمحمد أبوعاقة ايضاً مساهمات)
    2- ميرغني ديشاب.. كتب ومقالات (لم أقرأ بعد آخر إصدارات ميرغني بسبب البعد الجغرافي).
    3- العاطل الحالي.. صفي الدين الحلي
    4- بلوغ الأمل في فن الزجل.. إبن حجة الحموي
    5- نتيجة بحث حقيبة الفن (2017)

    والمرجع الأهم هنا أبين صفحاته أدناه التي ربما يجد بها الطالب شرح وتفصيل للفنون السبعة ومنها الدوبيت وهو كتاب:
    6- المستطرف في كل فن مستطرف
    .. الباب الثاني والسبعون في ذكر دقائق الشعر والمواليا والدوبيت وكان وكان والموشحات والزجل والحماق والقوما.
    الصفحات من 319 إلى 415 .

    ---
    هناك شرح تفصيلي لمرجعية تلك الأشعار التي تم تسميتها دوبيت.. تم ذلك في 2017 .. سآتي به هنا لاحقاً للأهمية

    (عدل بواسطة محمد جمال الدين on 11-11-2022, 02:56 AM)

                  

11-11-2022, 03:01 AM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)

    هنا ادعاء: نحن نجهل تفعيلة واوزان وبنيات شعرنا وغنانا!


    وان صح هذا الادعاء .. فهل لجان المصنفات الادبية والفنية بتاعة الحكومات والاذاعات والتلفزيونات كل الزمن دا جاهلة وشغالة هبتلي ساي؟.. الإجابة بنعم كبيرة!.. فقط شغالين ب"الزوق".. احكام ذاتية محضة بلا علم ولا دراية.. الاشعار والاغاني في السودان أنواع كثيرة ولها تفاعيل واوزان وبنيات داخلية تقنيا مختلفة مختلفة عن بعضها البعض وعن بقية الشعوب المتحدثة العربية من حولنا.. لا تنطبق عليها بحور الخليل ولا اوزان القوما في مصر مثلا.. لا بد ان عندها نمطياتها المختلفة.. انها ارث ذاتي يشبه مخيال الجماعات المنمازة في حيزها الجغرافي والمناخي والحضاري.. كما ان الأشعار والاغاني السودانية باللغات المحلية أيضا مجهولة وتلفها المزيد من العتمة!.

    اقول: نحن نجهل تفعيلة واوزان وبنيات شعرنا وغنانا بالكامل.. وإن صح هذا.. فهذه فضيحة حضارية كبيرة.. ولو عندها ما يبررها!.

    ----

    في البدء نعمل مسح تاريخي حيال هذا الزعم الفادح ثم نعود للعملي
    وربما نقترح الحلول!.

    اللغة العربية حديثة في السودان (أمة لا تعرف شعرها لا تعرف نفسها)!.

    أزمة التوثيق في السودان سببها الأول حداثة اللغة العربية التي لا تحمل إرث شعوب السودان بعد!.

    اللغة العربية حديثة ولم تسد بشكل رسمي في السودان إلا في العهد التركي إذ معظم سكان سنار 1503-1821 يتحدثون لغاتهم الأم (غير عربية). وبعض وجهات النظر التاريخية تقول أن سكان وحكام سنار حتى حدود العام 1700 ظلوا وثنيين والبعض حتى وقت قريب في جبال الإنقسنا يتعبد وفق الطقوس القديمة وربما القليل من الناس حتى تاريخ اليوم.

    اللغة العربية كانت محصورة في أشرطة ضيقة في الوسط/االوسط النيلي ومنه أقليم البطانة وحدود شندي ومن المحتمل أن الشايقية حتى العام 1700 يتحدثون شكل من اشكال الألسن السودانية القديمة "نوبية". كما شمال كردفان وبعض مناطق دارفور ما عدا ذلك فاللغة العربية إنتشارها محدود في الشرق والجنوب وشمال السودان من حيث الأصالة (أي أنها ليست اللغة الأم للأفراد).
    وحتى الآن نلاحظ بجلاء أن اللغة العربية ليست اللغة الأم لمعظم شعوب السودان القديم (دائماً عندهم لغة أم ومازالو يذكرون المؤنث ويأنثون المذكر في اليومي إن تحدثو العربية) وهذا قد نجده عند البجا ونوبا الشمال ونوبا الجبال والفور والزغاوة والمساليت والبرتي والفولاني والهوسا والفونج والأنقسنا والبرقد والميدوب والدينكا والشلك والنوير وكل عرقيات وقبائل جنوب السودان.

    وعندما أصبحت اللغة العربية اللغة الرسمية للدولة بحكم الضرورة (لحظة ما في منتصف العهد السناري وحتى تاريخ اليوم "تقدير") لم يكن لها مخيال في جذور المجتمعات السودانية إذ أن التراث الشفاهي (إرث الأمة الشامل) معظمه في لغات أخرى غير العربية وتلك علة كبيرة وجب الإنتباه لها وهي سارية المفعول حتى هذه اللحظة!.

    ولم تصبح اللغة العربية على ما هية عليه الآن من عامية الوسط النيلي إلا في نهاية العهد التركي. ولا توجد كتابات أو مؤلفات أو أشعار أو حكم أو مواعظ مكتوبة باللغة العربية قبل العام 1800 ما عدا نتف صغيرة لكن المعاملات الرسمية وسجل الأراضي ومكاتبات الدولة ليست مكتوبة بالعربية لأنها ليست لغة الغالبية ولا توجد لغة أخرى مكتوبة غيرها بل كان لكل جماعة من السكان لغتها المختلفة قليلاً أو كثيراً عن الأخرى وغير مكتوبة أي لا تصلح للتوثيق (وهذا ما يشهد به الواقع تاريخ هذه اللحظة). وذلك إضافة إلى عوامل أخرى أدى إلى سيادة اللغة العربية بشكل تدريجي في العهد التركي بداية ب 1821في معظم أرجاء البلاد (هنا لا نتحدث عن الوسط/الوسط النيلي) فالعامية العربية سادت به بشكل منظم ومفاجيء بحكم وصول جماعات ولو صغيرة وقليلة العدد لكن كانت منظمة وذات توجه ووعي حضاري طازج "المماليك والأندلسيون" وذلك بين الأعوام 1500 و1550م في تقدير من إجتهادي الخاص نتيجة مباشرة للإنهيار النهائي للأندلس عام 1498م وانهيار دولة المماليك وتعرضهم للمذابح عام 1520. وهنا تجدر الإشارة إلى أن المماليك في الأصل شركس وألبان لكنهم يتحدثون العامية العربية النسخة المملوكية بالأصالة (تجدها في أشعار إبراهيم الغباري وصفي الدين الحلي وإبن مقاتل) وكذا القادمين من الأندلس بهم العرب ولكن ربما جلهم بربر وأمازيغ وقبائل غرب أفريقية لكنهم أيضاً يتحدثون عامية عربية بالأصالة (تجد مثال تلك العامية في الشعر الحوزي والمألوف وكل أنواع الزجل الأصيلة في بلاد المغرب العربي).

    إذن منطقي أن يكون ليس لنا أدب ولا شعر ولا فن ولا قصص ولا أساطير قديمة مكتوبة أو مروية باللغة العربية عن أصالة كون اللغة العربية جاءت حديثاً لذا كانت إناء خاوي من حيث الإرث المحلي لشعوب السودان. جل إرث شعوب السودان ظل بلغاته الأصيلة وبعضه مات بموت لسانه.. وإن جاز لي التوصية بشيء هنا أرى علينا الإنتباه لهذه النقطة بشدة فما زالت الفرصة أمامنا لتفتيش هذه اللغات التي ما زال يتحدثها أصحابها كما في الماضي وإستخلاص ما بها من إرث وتراث.

    لك أن تتصور معي إن كان من أول وأهم كتب التراث السوداني بالعربية وعلى وجه الإطلاق هو كتاب "طبقات ود ضيف الله" وهو محاكاة للطبقات الكبرى للشيخ الشعراني كما قال صاحبه نفسه والذي إنتهى من كتابته في حدود العام 1800م إي قبل مئتي سنة فقط من الآن.
    إن صح هذا فإن دلالته واضحة في حسباني وهي أبعد وأعمق من مظهرها إذ يعني ذلك ضمن ما يعني أن الإرث السوداني معظمه في لغات أخرى (ماهي!) وغير مكتوب "شفاهي" ثم واصل الناس الشفاهي حتى بعد أن سادت اللغة العربية في الوسط النيلي بشكل حاسم ونهائي فجل المراحل التاريخية غير موثقة كتابياً.

    وأبعد من ذلك أيضاً ليس لنا أداب وفنون وأشعار عربية كون العربية لم تكن موجودة أصلاً كما أسلفنا.. ولنا أن نتصور عندما أنهارت الحضارة العربية الإسلامية تحت ضربات المغول في العام 1250م ربما لا يوجد شخص واحد يتحدث العربية عن أصالة في السودان وظل الحال طوال عهد الممالك المسيحية التي إنهارت على مشارف إنتهاء عهد المماليك في مصر 1520م. إي منذ نشوء الحضارة العربية في حوالي 700 ميلادية وحتى إنهيار نسختها المزدهرة ظل السودان نداً لها ولكل منهما لغته ودينه وحضارته وجغرافيته المستقلة.. وبينهم صراعات وحروب وتضارب مصالح في جل مراحل التاريخ.
    ومن الخصومة والعداوة وبروبقاندا الحرب وأدبها ذم اللون الأسمر أو/و الأسود عند بعض العرب والمستعربين ليس فقط عنصرية وليدة الفطرة وإنما هو إرث بروبقاندا الحرب بين "السودانات" التاريخية والدويلات والجماعات العربية والمستعربة في التاريخ القديم وداخل السودان نفسه في عهديه الوسيط والحديث بداية ب 1500 وحتى تاريخ اليوم.

    اللغة العربة متى وكيف سادت:
    جاءت بعض الجماعات والعشائر إلى السودان مدفوعة بالظروف البيئية غير المواتية في شمال وغرب أفريقيا واليمن والحجاز وأخذت مكانها في البداية في "دارفور وكردفان". وذلك سبق وتزامن مع هروب مجموعات كبيرة من المماليك إلى السودان ووصول بعض الجماعات المتحدثة العربية من المغرب العربي (أصلهم في الأندلس في بعض القراءات) وصادف أن تمركزت هذه الجماعات المنظمة وذات الحضارة الحية في الوسط/الوسط النيلي كما مرة ثانية في شمال كردفان ودارفور. عندها بدأت العاميات العربية السودانية دفعة واحدة في النشوء وأكتملت دورة نموها في نهاية العهد التركي أي القرن التاسع عشر فأستطاعت لأول مرة أن تكون لغة الأدب والفن والعلم كما لغة السياسة والبيزنس. إذ تبنت أعداد كبيرة من القبائل السودانية اللغة العربية والعرق العربي مما شكل الديمغرافية من جديد وحدد اللسانيات التي نراها الآن.. ولكن ظلت كل أطراف السودان والغالبية من السكان تحتفظ بلغة أم بجانب العربية كلغة تواصل.

    وهنا لنا أن نقر بجلاء أن السودان كان بعيداً عن الحراك الحضاري العربي أيام إزدهاره بل كان السودان عدواً مؤكداً لذاك النسق الحضاري.. والتاريخ يحدثنا عن حروبات وصد لغزوات كما يحدثنا عن تداخلات وعلائق سياسية وإقتصادية مادية وعملية ملموسة لكن ليس أدبية أو فنية (شعر وغناء مثلا) هذا لم يحدث إلا مؤخراً ليس قبل نشوء الدولة السنارية وليس مباشرة بل بعد قرنين من زمان نشأتها في تقدير خاصتي يعتمد على المراجع والحسابات التي حسبتها!. والأمر طبعاً يحتاج المزيد من التمعن والدراسة. ولهذا فإن مخيال الإنسان السوداني وسلوكه العملي في الحياة الواقعية مختلف ومنماز عن المجتمعات الأخرى المتحدثة العربية بالأصالة (نتحدث عن المتوسط).

    نحن حتى الآن لا نعرف أنماط شعرنا وتقنياته وأوزانه وبنياته الداخلية .. هذه النقطة مجهولة بجدارة!.. لكن هناك أسباب.. فعندما أخترع الخليل بحور الشعر 770م كان زمانه وقبله تسود في السودان حضارة نوبية/مسيحية في قمة القوة والمنعة وذات لغة ومخيال إجتماعي وحضاري مختلف .. ولم يستطع أحد هزيمتها عسكرياً وعاشت رسمياً حتى العام 1503م وربما بعد ذلك. أي ان الحضارة العربية نشأت وصعدت وماتت في نسختها المزدهرة عام 1250م وظل السودان قبلها وبعدها مسيحياً "رسميا" وحتى العام 1500 وعنده لغاته الخاصة ونسقه الحضاري المختلف جذرياً.

    وعلى سبيل المثال العملي عندما ألف صفي الدين الحلي كتابه "العاطل الحالي" في فن الزجل حصرياً عام 1330م.. لم يكن بالسودان أي نوع من الشعر باللغة العربية لأنها ببساطة لم تكن بعد.. أحاول هنا أن أشرح حيرتنا في ضئالة التوثيق بالعربية في السودان أو على وجه الإطلاق أمر عنده مبرراته الموضوعية.. هناك أسباب جوهرية وعملية. وإن صح هذا تكون أمامنا مهمة شاقة جداً "الكتابة والتوثيق" لكن لا بد منها في حسباني بل هي عملية جوهرية وحتمية لتخلق أمة تشعر بذاتها وعندها كينونتها الخاصة المتفردة.. أن نستعيد كل الممكن من تراث شعوب السودان من جديد ونكتبه ونحققه ونجعله متاحاً للناس.. هذا لم يحدث بعد!.

    ملاحظة أخيرة: هذه التصورات توصلت لها عبر الحاجة العملية إذ عندما بدأت البحث في موضوع حقيبة الفن السودانية وعبر الصدفة وحدها فتشت بالضرورة عن كتابات أو دراسات في البناء التقني لشعر الحقيبة والأشعار السودانية الأخرى بغرض مقارنة فن الحقيبة بما قبله وبعده من الأشعار لكني فوجئت أن لا شيء من ذلك.. لم يحدث!.. ليس لنا أي إرث خاص يؤطر شعرنا من حيث الأوزان والتفعيلة والبناء التقني للقصيدة كيف تبدأ وكيف يكون متنها وكيف ومتى تنتهي.. ببساطة لا يوجد شيء من هذا على بساطته الفنية ولكن وظيفته جوهرية لفرز الأنواع الشعرية وقراءتها تقنياً من الداخل وغيره تستحيل هذه العملية الأولية الحتمية لمعرفة النمط الشعري والغنائي من الداخل كما بدونها تستحيل عملية تقييم الجيد من القبيح والغث من السمين إلا عبر تحكيم الذائقة الخاصة وحدها وهذا شيء غير علمي وهو ما يحدث كل الوقت لأننا لا نملك بعد المعايير العلمية.. إذ تسود حالة عتمة هذه اللحظة كما كل الوقت الماضي.. وقيل قديماً أمة لا تدرك شعرها لا تدرك نفسها وهي أيضاً قناعتي!.
                  

11-13-2022, 00:26 AM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)

    أزمة التوثيق في السودان الوسيط والحديث هي أس التخلف الحضاري والعقلية السحرية التي نعيش الآن!
    ---
    ح اجيب سلسلة مقالات شارحة لذلك وفق هذا التصور
                  

11-14-2022, 02:19 AM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)

    طبقات ود ضيف الله وعلة التوثيق وأزمة الحضارة وتناقض الذات في تاريخ السودان الوسيط والحديث!

    هذه الأيام أشتغل على تأملات في إرث الشيخ فرح ود تكتوك كواحد من اهم الشخصيات السودانية التاريخية في العهد الوسيط وإن شئت قل الشخصيات الإسطورية!.

    وعندما يأتي الحديث عن فرح ود تكوك ربما قفز إلى الأذهان مباشرة إسم كاتب الطبقات السودانية "ود ضيف الله" كونه من الأشخاص القلائل الذين وثقوا لحياة الشيخ فرح ودتكتوك. ولهذا السبب سنترك الشيخ فرح ود تكتوك ونبوءاته ومعجزاته وحكمه للحظة وسنهتم بطبقات ود ضيف الله. في الحقيقة أنا هنا هذه المرة لا لشيء غير أن أمدح الطبقات وأعلن إعجابي بها وحبي لها، وعندي أسبابي الموضوعية "المبررة" والأخرى النفسية والمبررة بدورها!.

    لكن قبل صياغة المبررات خطر لي للتو سؤال لماذا كتاب الطبقات فريد من نوعه ولا توجد كتابات بلغة محلية غيره تحدثنا عن العهد السناري. في الحقيقة لا يوجد أي مادة وثائقية مكتوبة تشابهه ما خلا نتف نادرة من هنا وهناك لدولة استمرت أكثر من ثلاثة قرون؟!.

    ما السبب إذن؟!، مع العلم أن حضارات سابقة بزمن طويل على العهد السناري أستطاعت أن توثق لنفسها بجدارة، فما هو سر سنار الذي جعلها تفضل الكتمان على الجهر؟!.

    دعونا نتأمل الخلفية التاريخية (صبراً):

    سنار جاءت تالية للعهد النوبي المسيحي في السودان.

    السودان "النوبي" وقل السودان الحضاري المنظم كان خصماً للحضارة العربية الإسلامية طوال مراحلها المزدهرة (هكذا يقول التاريخ ويحدثنا عن الحروب والتمردات والثورات والرفض والإتفاقيات المبرمة بين الأطراف وبروبقاندا الحرب من غضب وأدب وشعر عربي معادي للنوبة!). جاءت سنار على خلفية ذلك الصراع العربي/الإسلامي/النوبي/ المسيحي الخفي والمعلن والذي استمر لمدة 1000 عاما كاملة.
    سنار تبنت النسق الحضاري المشرقي بكلما امكنها من سعة وخيال (حتى قال ملوك سنار باصلهم الأموي وقال الاخرون باصلهم العباسي.. أي تم تبني الحسنيين بالتتابع! ).
    لكن بعد إنطفاء جذوة ذلك النسق الثورية وتحوله الى محميات جزئية بلا انسجام ولا رؤية كلية ثاقبة و حراك ثقافي حي .. اذ كانت سنار في حاجة ماسة لصناعة نسق حضاري جديد كي يبقى بديلاً للنسق العدو في تلك اللحظة التاريخية وهم المزارعين النوبة المسيحين فتبنت سنار العروبة والإسلام كحتمية تاريخية ضد الحضارة القائمة و السائدة انها.. وليس في الإمكان احسن مما كان.

    وإذ تبنت سنار بوعي منها النسق المشرقي الميت فإنها لم تستطع تجاوز نقاط الضعف الموضوعية به فكانت سنار باهتة النسق الحضاري مما جعلها حضارة شبه ميتة عند وضعها في ميزان الإنجاز المادي والمعنوي مقارنة بكثير من الحضارات السابقة والموازية واللاحقة لها.

    يبدو جليا أن سنار لم يكن عندها فرصة لتجاوز النسق الذي تبنته بعد موته أو قل إنطفاء جذوته الثورية ، فاصبحت جزءً عضوياً منه، أصبحت هي ذاته هو!، ومن الصعب تجاوز الذات لذاتها إن لم يكن من المستحيل.

    لذا كانت سنار تشبه الشرق في لحظته التاريخية التائهة في يد المماليك والعثمانيين من الاغراب والعجم الذين لا عهد لهم ولا ولاء لجذوة الحضارة العربية الإسلامية في مجدها الأموي والعباسي الذي لم يستطع النهوض من ضربة المغول والتتار 1258م.

    بإختصار فإن سنار كانت منسجمة مع اللحظة التاريخية المظلمة بالمقارنة. وهي ذاتها اللحظة التاريخية التي أعقبت الحروب الصليبية المنهكة للشرق وللغرب معاً وكان نتيجتها صعود نجم المماليك "العجم" وهم الأتراك والشراكسة وسيطرتهم على الشام ومصر ثم أخيراً إستطاعو إنهاك السودان المسيحي حتى تسنى أخيراً للرعاة الوثنيين "الفونج" في حلف مع الرعاة المسلمين “القبائل العربية والمستعربة في وسط وشمال السودان” من إسكات الصوت الحضاري النوبي بشكل حاسم والسيطرة الكلية على دفة القيادة بعد مجازر عرقية وثقافية وعقدية طالت الملايين من أهل الحضارات السابقة في السودان في حروب ضروس لم يهدأ إوارها حتى تاريخ اليوم!.

    ثم أخيرأ جداً أستطاع الأتراك والشراكسة ذاتهم هد بنيان سنار الهش وحولوها إلى ساحة للمعارك المدمرة من أجل الحصول على الذهب والرجال الاقوياء جسديا دون أن يقدموا أي وعي جديد أو فهم أو قبس من حضارة كونهم لا يملكون شيئاً من ذلك!.. أعني مقارنة بما سبق من أنساق الحضارة العربية الإسلامية لحظات إشراقاتها الحية كما الحضارات الاخرى.

    هل كانت سنار خطاً؟، لا اقول ذلك، لا يوجد شي في التاريخ إسمه خطأ وصواب، ما حدث لقد حدث وليس في الإمكان أفضل مما كان، فقط أحاول رؤية اللحظة التاريخية بحياد علمي أو هو زعمي عبر إعمال المقارنة بأنساق حضارية سابقة وموازية ولاحقة.

    سنار كما أسلفنا كانت تحول حضاري جذري، نتج عن خطط وتكتيكات ناجحة في مواجهة الممالك المسيحية في السودان والتي كانت آخر زمانها في لحظة إختلال وفقدان توازن وفساد وطغيان مما حتم نهاية العهد المسيحي في السودان بمساعدة فاعلة من المماليك ثم العثمانيين في مصر، ولا ننسي تلك اللحظة التي يضمخها دم المعارك المقدسة بين المسلمين والمسيحيين (والتي يسميها المؤرخون المشرقيون: الحروب الصليبية)، إذ أن القيادة السياسية في الممالك النوبية "المسيحية" كانت على خلافات جذرية مع المماليك في أواخر عهدهم ثم العثمانيين فأنتهت الممالك النوبية وأنتهى المماليك في ذات اللحظة التاريخية (1500-1520) ليبدءا عهدان جديدان في السودان ومصر والشام ثم الحجاز، ولو أن التغيير في مصر وعند الاخرين سياسي/عرقي فحسب فإن التغيير في السودان كان أعظم، جذري: سياسي وعرقي وثقافي وحضاري!. إذ تحولت مصر من عهد مملوكي (أتراك وشراكسة في الأصل ومسلمين) إلى عهد عثماني/تركي/إسلامي (الإسلام المطلق) بينما تحول السودان من عهد نوبي/مسيحي/زراعي إلى عهد فونجي/عربي/إسلامي/رعوي.

    هذه المقدمة التي ربما تراءت طويلة نسبياً أراها ضرورية من وجهة نظري لأدلف من بعدها إلى الحديث عن أزمة التوثيق في السودان ثم نحتفي بطبقات ود ضيف الله .. وسنقول حالاًً لماذا تلك الطبقات متميزة ومنمازة وممتازة!.

    لذا دعنا الآن من مصر والعثمانيين والآخرين.. ولنذهب إلى الأمام للنظر في سنار وحدها، ونحن نتحدث عن جزئية التوثيق والطبقات وأزمة الذات!.

    للتوثيق أدوات ومن أهم أدوات التوثيق هي: اللغة المكتوبة طبعا!. مشكلة التوثيق في السودان هي أن الإدارة السياسة (السلاطين والملوك وأجهزتهم الإدارية) كانوا دائما في السودان الوسيط ومعظم السودان الحديث عندهم لغة مختلفة عن لغة الشعب "مجمل الشعوب السودانية" فالإدارات السياسة في الغالب كانت منفصلة عن عموم الناس، أي أن الرأس مفصول عن الجسد، لذا فالحياة الصحية مستحيلة والحضارة الحقة غير ممكنة!.

    التوثيق لا يحدث من أجل التوثيق ولا التاريخ يكتب من أجل التاريخ!. هكذا يحدثنا التاريخ!.
    لا بد أن يكون هناك دوافع ودواع موضوعية وآنية ودنيوية ولحظية (إدارية/سياسية) عندها مصلحة في كتابة وحفظ الأشياء والمعاني الخاصة بالأجهزة الرسمية أو/و عندها مصلحة في كتابة الحقيقة أو العكس: تزييف الحقيقة، كله توثيق!.

    وكل ذلك عنده سوق والسوق يكون بعموم الجماهير وإن كانت الجماهير لا تتحدث ولا تقرأ لغة الحاكم فلا سوق للكتابة كي يبيعها الحاكم للناس .. عندها سيتحدث الحاكم مع الناس بالأدوات البسيطة المجربة ناجعة الفاعلية اللحظية: الشفاهة والطبول والسيوف وأدوات القمع.. وذلك ما حدث في سنار وفي جميع اللحظات التاريخية الشبيهة.

    فلغة الإدارات الحاكمة في سنار كانت معظم الوقت ليست لغة عموم الناس الشي ذاته حدث في العهد التركي والمهدية لم تجد الوقت لتوثق لذاتها لكنها الأفضل وأخيراً جاء الإنجليز فكانت مرة ثانية لغة الجهاز الإداري ليست لغة الناس. أزمة مستمرة!.

    وأول جهاز إداري في تاريخ السودان تكون لغته مطابقة للغة الناس (أعني لغة مشتركة للغالبية) كان ابان تجربة الدولة المهدية (قصيرة نسبيا) ثم بعد رحيل الانجليز 1956 تبنى السودان اللغة العربية رسميا وظلت اللغة الدارجة العربية هي لغة التواصل بين السودانيين مع احتفاظ غالبية منهم بلغة محلية ما، كلغة ام.

    لدي ملاحظة أو قل تنبيه لدى هذه الجزئية ونذهب من بعدها إلى الامام في مواصلة الحديث عن التوثيق والطبقات: في مستقبل الأيام أنوي فتح حوار حول أيديولوجيات حديثة مرتهنة بالأزمة الكلية مثال آيديولوجية "المركز والهامش"، كوني اشعر أن السودان في عهديه الوسيط والحديث لم يكن أبداً مركزا لذاته بالمعنى النهائي للكلمة ولذا عندما لا يكون مركزا ينتفي بالضرورة الضد "الهامش" في المصطلح!.. وسنفعل المزيد مما يلي تلك القضية من قبيل البحث في التركيبة العرقية والعقدية في السودان الحالي ومرجعياتها التاريخية وأثرها في وتأثرها بالعوامل السياسية الداخلية والأقليمية وربما أبعد.

    قلنا أن لغة الأجهزة الأدارية كانت في معظم اللحظات منفصمة عن لغة الناس.. وعليه فإن التوثيق الحضاري "المنظم" كان مستحيلاً في تاريخ السودان الوسيط.. ما خلا بعض الإشراقات الفردية التي تشع في مثل تلك اللحظات التاريخية المعتمة بالمقارنة.

    ود ضيف الله كان من تلك الإشراقات بجدارة تامة.. لروحه السلام.. وتلك الإشراقة التي فعلها ود ضيف الله هي طبعاً: الطبقات.

    كيف حدث ذلك ولماذا؟. الطبقات كانت موجهة للشعب مباشرة (سوق مستقل) فجعل ود ضيف الله لأول مرة في تاريخ سودان الوسيط سلطة مستقلة للكتابة عن السلطة الرسمية!.

    وتلك النقطة في وجهة نظري هي سر الجدل الدائر حول الطبقات كل الوقت، كونها ليست صنيعة دواوين رسمية ولا وليدة معارضة لسلطة قائمة "كدا بس" وإنما هي صولجان في حد ذاتها!.

    فالطبقات مكتوبة بلغة الناس ومتحدثة عن هموم الناس وناقلة لتصوراتهم وافكارهم وأحلامهم وخيالاتهم وأوهامهم وعجزهم وآلامهم وأحزانهم وأساطيرهم القادمة من البعيد. إنه أمر غير معتاد، مع الوضع في الحسبان المحيط المعتم والمنفصم، الذي تحدثنا عنه أعلاه، أن يجي إنسان ويتحدث بلغة الناس من اجل الناس لا لغة الأجهزة الإدارية "السلاطين/الملوك/الأمراء" ذلك نادر في التاريخ!.

    ولكل تلك الأسباب جاءت الطبقات في غاية البساطة والإبداع والصدق مع الذات إلى درجة اشبه بالسذاجة وما هي كذلك!.. إنها فقط تشبه لحظتها التاريخية في أقصى الحدود الممكنة.

    تنبيه هام عندي: هذا الكلام عن الطبقات اعني هذه الجزئية الأخيرة مركبة من مداخلات خاصتي لمنشور لي سابق على الفيسبوك بعنوان "في مديح طبقات ود ضيف الله". وضرورة هذا التنبيه هو رجاء أن تسامحوني على اي تكرار للرؤى محتمل!. لقد رأيت أن اترك الكلام على سجيته وفي خلدي حصافة القاري المهتم!.

    طبقات ود ضيف الله هي "نحن" القسط الأكبر منا، من حيث التركيبة السايكلوجية والمخيال الجمعي لكن هناك مشكلة مركبة الاقصاء إذ أن الإيديولوجيات السائدة في السودان اليمينية (السلفية والاخوانية) واليسارية (الماركسية والبعثية والناصرية والخ كما اللبرالية) وافدة حديثا أي محشورة تعسفيا في السياق الزمكاني بفعل الاستعمار الصريح والمستتر او بحجة مقاومة الاستعمار مما يعتمل نفي الذات لذاتها عبر التماهي مع الصورة المصطنعة أو قل المصنعة وتلك في حسباني ازمة الطبقات وهي جزءا من الازمة الحضارية الكلية.

    وقد سمعت أن البروفسير الكبير العلامة عبد الله الطيب قد حذر من الطبقات وكان رأيه فيها في معظمه سالباً، وانا أفهم أن البروف يحذر من الخرافة في واقع الحياة اليومية بتحذيره من قراءة الطبقات وهي في الحقيقة ليست رؤيته وحده كيميني وسطي ايديولوجي شبه محافظ بل تلك رؤية متطابقة مع بعض رموز اليسار المتطرف في حربهم معا ضد الطائفية السياسية والاجتماعية.. كون الظن أن الطبقات تغذي الوعي الطائفي والغيبي عند الناس وتنحاز للسائد.. وان كان في ذلك بعض الصحة أو الوجاهة فتلك ليست مشكلة الطبقات بل مشكلة الصراع الاجتماعي الراهن في اختلال معادلاته وأزمة التبعية والاستعمار.. ومجد الطبقات هو مقدرتها على التأثير بالرغم من أنها تبدو كتاب عادي وعادي جدا حتى ظنه قاصري الافق "كتاب ساذج" لكنها ليس كذلك! .

    الطبقات ليست معجزات فحسب فيها تاريخ وأخبار وسياسة والخ ولكن المعجزات منها هي روح الكتاب والكتابة وفي رأيي أن تحذير البروف يشبه أي تحذير محتمل من قراءة التراث الديني لعدد من شعوب الارض منها التراث اليهودي والمسيحي وبلا شك الاسلامي وكمان البوذي والكنفوشي وعدد لا حصر له من الأديان الرسمية وغير الرسمية لانها عند الكثيرين ملتصقة بالاسطورة والخرافة.. وعندي أن ثلاث أرباع الكلام الذي سمعته للبروف في سياق الدين واللغه والتاريخ ربما صنفه البعض في خانة الخرافات والأساطير ولكنا بعد نسمعه وربما نجد فيه الكثير من الرؤى والحكم!.

    الأساطير التي حفلت بها طبقات ود ضيف الله ليست من خياله أو صناعته هو ولا هي بالضرورة أفعال أولياء الله الصالحين ولا إقرارهم "نعماً بهم ولشيخي حسن ود حسونة القومة".. بل هي في الحقيقة خيال المجتمع "رواية عظيمة ألفها ملايين البشر على مدى ثلاثة قرون حسوماً" رواية هي الحلم الجبار كي تستجيب الأقدار فتركع مطيعة أمام سلطان الإرادة... إنها رؤى إجتماعية وثقافية وإقتصادية تنادي الأفاق البعيدة بالحضور إلى الهنا... بل وتدمر حواجز الغيب كي تتعرى الحقائق في عين الوجود. إنه سحر الإرادة الطامحة كالبراكين تشق عنان السماء.

    أفضل كتاب عندي وجب أن يضمن في أي قائمة محتملة لأفضل عشرة كتب على مر تاريخ البشرية وكل العصور، هو: طبقات ود ضيف الله السوداني.. وعلى كل حال مثل تلك اللوائح وجب أن تؤخذ بالحذر اللازم من أي جهة جاءت.. الحضارة المحددة (القوة المادية والمعنوية) لا الأفراد هي التي تصنع رموزها، فالطيب صالح عندي لو لم يكتب روايته من منفاه الإختياري في إنجلترا (الغرب) لما حاز على هذا الصيت (حاز الطيب صالح عدة مرات على مكانة ما من لوائح أفضل كتاب كل العصور في كل تاريخ البشرية ليس العرب فحسب، انظر ايضاً لائحة نادي الكتاب النرويجي).. تلك الحضارة الإنجليزية/الغربية هي التي صنعت الصيت في تلاقحها مع جودة عمل الطيب ولولا ذلك فالجودة وحدها لا تفعل فعلها!..

    عندي أن من أعظم الكتب السودانية التي وجب أن تضمن في أي لائحة محتملة لأفضل الكتب والوثائق في تاريخ البشرية هو كتاب طبقات ود ضيف الله، فهو رواية وعلم إجتماع وتاريخ وتصوف وعلم نفس وخيال علمي ولا علمي كما معجزات باهرة من حيث رغبة الإنسان في إختراق الحجب والحدود بكل معانيها!.

    الآيديولوجيون المنحازون على كل حال وقاصرو الأفق هم من ظنو الطبقات أحاجي عن متصوفة وذكر لفضائل وعجائب الأعلام من الناس في ذلك الزمان فحسب!.

    تلك الأحاجي (ولو) هي إشعاعات الطاقة الإنسانية الخفية في سعيها الدؤوب للإنفلات من قبضة الجاذبية الأرضية "الهنا" إلى الأفاق البعيدة "الهناك" المجرات البعيدة!. الطبقات هو ملخص ثورات الماضي السحيق!. الثورات ليست المهدية وود حبوبة وإكتوبر وأبريل وسبتمبر وبس. هناك آلاف الثورات في الماضي السحيق (الأحلام الضخمة العظيمة) ملايين التضحيات والضحكات المبتهجة والصرخات المذعورة معلقة في السماء. الثورات دائما حالمة ورومانسية وغير منطقية. وذلك سر الطبقات في حسباني!. ذلك القفز فوق المنطق الآني والطيران بلا أجنحة حلم رجال ونساء قادرين على الأحلام.. إنه ملخص إرث شعوب السودان الرهيب وأبعد!.

    تلك الأساطير العظيمة ربما كان عمرها آلاف السنين (عشرة وعشرين ألف وأكثر). لا أحد يدري على وجه الدقة، فقط في كل مرة تأخذ الأسطورة لباس جديد (إله، نبي، صاحب خوارق، صوفي، شيخ، فارس، إمرأة، رجل، طفل، شجرة، بحر، دودة غز ... أي شي ممكن ولا مستحيل تحت الشمس!.

    كل المخترعات الحديثة الباهرة وغزو النجوم وخطة الإنسان في الخلود الجسدي وإحياء الموتى كانت أحلام مجنحة في الماضي القريب فما بالك بالبعيد!.

    ذلك الغيب الأسطوري قادم من البعيد .. من أزمنة الإله امون ومن قبله.. والاله ابادماك.. والغيب المسيحي والكجور .. واخيرا جدا الغيب الإسلامي في صيغته المتصوفة التي استطاعت استيعاب كل صنوف الغيب السابق عليها مما جعل الإنسان السوداني فريدا في سايكولوجبته مقارنة بمجتمعات كثيرة في الجوار.

    كما أن الإنفصام التاريخي مازال ماثلاً حتى تاريخ هذه اللحظة، فقط لا نستطيع أن نحسه إلا تعمدا وعبر إستخدام أدوات قياس دقيقة ليست متوفرة في كل الأوقات!.

    الطبقات حوت قيم ورؤى ومشاعر وتصورات آلاف الأمم "السودانية" السابقة علينا كل تلك القصص تم روايتها في كتيب واحد فريد إسمه: طبقات ود ضيف الله.

    المخيال الجمعي هو الذي أنتج الطبقات. قصص الطبقات لم يؤلفها ود ضيف الله وهو لم يقل ذلك (كانت تروى من قبله ومن بعده) كما أن معظم تلك القصص لم يكن أبطالها في الحقيقة من أخذوا أدوار البطولة في الكتاب، لأن الإسطوري من تلك القصص فهو إسطوري لم يحدث، فسمع ود ضيف الله القصص من الناس، الناس الذين رووها عن أناس آخرين من التاريخ الذي ضاع ناسه في ذاكرة أبعد من ذاكرة التاريخ الذي نعرف!..

    إنها نزعات الأحلام العظيمة الساعية إلى إختراق حجب المستحيل من أجل البقاء والنهضة والخلود حيث يصبح كل شي ممكن التحقق بلا حدود أو قيود.

    محمد جمال الدين .. فبراير 2013
                  

11-14-2022, 02:32 AM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)

    خلفية أزمة الحضارة في السودان أو تمرحلاتها عبر التاريخ.. وفق هذا التصور.. المداخلة المقبلة
                  

11-14-2022, 02:33 AM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)

    أربعة تحولات حضارية كبرى وأربعة تحولات سياسية كبرى في تاريخ السودان القديم والوسيط والحديث!

    من نحن؟.. كيف نفهم ذاتنا ونستطيع أن نؤسس دولة حديثة تسعنا جميعا؟!.

    وهذه هي مساهمتي هذه المرة في الإجابة على السؤال الصعب.

    مقدمة:
    الواقع الجغرافي والسكاني وبالتالي السياسي والإجتماعي في سودان اليوم عنده جذور ضاربة في القدم.. وأزعم إن لم نقف عندها ونعي بها جيداً لن نستطيع فهم الواقع المعيش وبالتالي لن نستطيع أن نصنع ونحافظ على صيغة للعيش السلمي المشترك لشعوب السودان وكنتيجة حتمية وفق هذا الزعم لن نستطيع التخطيط معاً لمستقبل مشترك في وطن واحد.

    التحولات الحضارية الكبرى:

    هناك أربعة تحولات حضارية كبرى في تاريخ السودان القديم والوسيط وأربع تحولات سياسية كبرى في تاريخ السودان الحديث.. شكلت جغرافيتنا وديمغرافيتنا ولغاتنا و ألسننا ومخيالنا وألواننا وشكلت التقاسيم الإجتماعية والعقدية والآيدولوجية وجعلتنا نكون هكذا نحن بكل ما بنا من خير وشر لنا والبشرية.
    كل تلك التحولات أخذت بعناق بعضها البعض في سلسلة متواصلة من الإنسجام والنفي والإصطحاب والإلغاء.

    التحولات الحضارية الكبرى الأربعة:

    1- مرحلة الإله آمون (السودان الأقدم) حوالي 7000 سنة قبل الميلاد إلى حوالي 350 قبل الميلاد. ويعني ذلك شعوب عديدة وجغرافيات عديدة وطبقات حاكمة وأخرى محكومة وبالضرورة إذن صراعات إجتماعية من لحظة إلى أخرى وضمنه تحول العاصمة الحضارية من كرمة جهة الشمال إلى نبتة جهة الجنوب لكن دون أن يحدث إنقلاب حضاري شامل .. فالتحول الحضاري الثاني سيحدث عند لحظة مروي.

    2- التحول الحضاري الثاني (مرحل الإله أبادماك) حضارة مروي 350 قبل الميلاد إلى حوالي 350 ميلادية بداية بالمؤسس "أركماني"، وتحولت العاصمة الحضارية مرة ثانية من نبتة إلى جنوب أبعد (مروي) وهي البجراوية حالياً بالقرب من شندي. هذا التحول الكبير لغى آلهة الماضي وبالضرورة لغى أو أفنى الطبقات السابقة الحاكمة وحول اللغة الرسمية من الكوشية القديمة إلى المروية وربما حدث خراب للعواصم الحضارية السابقة أكبر مما حدث في إسطورة سوبا. ولكن دائما كل تحول يحمل كثير من الصبغات الوراثية لما سبق.

    3- التحول الثالث: من أباداماك إلى يسوع المسيح حوالي 400 م إلى حوالي 1500 م هذا التحول الكبير لغى بدوره آلهة الماضي وحول وجهة العبادة من البركل إلى أورشليم القدس وبالضرورة لغى أو أفنى الطبقات السابقة الحاكمة وربما حدث خراب للعواصم الحضارية السابقة وحول اللغة الرسمية من المروية إلى اليونانية (لغة الكتاب المقدس) وتحولت العاصمة مرة ثالثة من مروي في الشمال إلى جنوب آخر (سوبا).. هكذا كانت تفعل كل دول الهويات في التاريخ (صيغة العرق الواحد والدين الواحد والتاريخ الواحد والأسرة الواحدة الحاكمة) تلك هي الصيغة الوحيدة في تاريخ البشرية فيما قبل دولة المواطنة الغربية الحديثة. ففي التاريخ من المستحيل أن يعيش عرقان في نفس المكان والزمان ويتمتعان بذات الحقوق والواجبات ولا دينان ناهيك عن تعدد ديني ولا تاريخان ولا أسرتان حاكمتان.. ذلك من أسباب خراب سوبا والخرابات الأخرى في تاريخ البشرية قاطبة.

    4- التحول الحضاري الرابع والأخير هو "سنار" حوالي 1503-1821م. هذا التحول الكبير لغى بدوره آلهة الماضي وحول وجهة العبادة من أورشليم القدس إلى مكة.. وتحولت اللغة الرسمية من اليونانية والقبطية إلى العربية وتحولت العاصمة مرة رابعة من سوبا في الشمال إلى جنوب آخر أبعد (سنار).. وبالضرورة هذا التحول الحضاري الكبير لغى أو أفنى الطبقات السابقة الحاكمة .. ولدينا تصور أنها جماعات من الشعب الأخير الذي كانت تتشكل منه الطبقات العليا الحاكمة السياسية والدينية والمقدسة وكانت جماعة أو شعب "العنج" في أغلب التصورات.
    شرح: في التاريخ من المستحيل أن يعيش عرقان في نفس المكان والزمان ويتمتعان بذات الحقوق والواجبات ولا دينان ناهيك عن تعدد ديني ولا تاريخان ولا أسرتان حاكمتان.. ذلك من أسباب خراب سوبا والخرابات الأخرى في تاريخ البشرية قاطبة (مكرر للضرورة).
    ولكن دائما كل تحول يحمل كثير من الصبغات الوراثية لما سبق.

    التحول الحضاري السناري هو الأخير وما نزال نعيشه حتى هذه اللحظة وفق هذا التصور.. إذ معظم عناصر ذلك التحول ما تزال قائمة في أرض الواقع من حيث الجوهر، والسبب أن هذا التحول الحضاري السناري لم تكتمل دائرته بعد ولم تنقضي أغراضه التاريخية في حسابي، وإلا لحدث غير ذلك وبحساب الوقت فما زال عمره أصغر من كل التحولات السابقة، فحضارة آمون أستمرت آلاف السنين وآبادماك حوالي 600 سنة ويسوع حوالي 1000 سنة وسنار حتى الآن 500 سنة.. 1500م - الآن.. (الأرقام للتأمل) وسنتحرى في السطور القادمة بعض الشئ من هذه النقطة.

    ولكن حدثت تحولات سياسية كبرى داخل النسق السناري نفسه دون أن تلغيه كاملاً بل عاشت فيه وبه. وسنجد أن لكل تغيير سياسي كبير إضافته المميزة سلباً أو إيجابا.

    التحولات السياسية الكبرى الأربعة:

    1- التركية الأولى 1821-1885م.. أحتفظت بنفس النسق السناري فقط حدثت تغييرات شكلية لم تمس جوهره من حيث التراكيب الإجتماعية و الوجهة العقدية الرسمية والنظم السياسية العليا والقاعدية واللغة السائدة. الإضافة المميزة التي حدثت مع التركية الأولى هي عملية توحيد ممالك ومشايخ وسلطنات الرقعة الجغرافية. (هذا بإختصار طبعا).

    2- الدولة المهدية 1885-1900م بدورها أحتفظت بنفس النسق السناري فقط حدثت تغييرات شكلية لم تمس جوهر النسق من حيث التراكيب الإجتماعية و الوجهة العقدية والنظم السياسية العليا والقاعدية واللغة السائدة. والشىء المميز الذي جاءت به المهدية أنها أدخلت مفهوم الدولة الأممية.. (هذا بإختصار طبعا).

    3- التركية الثانية (العهد الإنجليزي) 1900-1956م.. أحتفظت بنفس النسق السناري فقط حدثت تغييرات شكلية لم تمس جوهر النسق من حيث التراكيب الإجتماعية و الوجهة العقدية والنظم السياسية العليا والقاعدية واللغة السائدة. والشىء المميز الذي جاءت به مرحلة الإنجليز أنها أدخلت مفهوم "المدنية" لاول مرة بشكل حاسم في تاريخ السودان الحديث. والمدنية هي البنت الشرعية للمشاريع الحديثة التي أسسها الإنجليز مثل كلية غردون ومشروع الجزيرة والسكة حديد.

    4- مرحلة الإستقلال 1956- الآن.. أحتفظت بنفس النسق السناري فقط حدثت تغييرات شكلية لم تمس جوهر النسق من حيث التراكيب الإجتماعية و الوجهة العقدية والنظم السياسية العليا والقاعدية واللغة السائدة. فقط الشىء المميز الذي جاءت به مرحلة الإستقلال التي نعيشها الآن أنها أدخلت مفهوم الديمقراطية وتمسكت بنظام ويست منستر البرلماني. وتميزت المرحلة بالإنقلابات العسكرية والإضطرابات السياسية والحروب الاهلية وإنتهاك حقوق الإنسان وذلك بسبب غياب صيغة للعيش السلمي المشترك جامعة لشعوب السودان. وحدث عند هذه المرحلة إنقسام البلاد عام 2011 إلى دولتين بدلاً من واحدة تأسست عام 1821م. (هذا بإختصار طبعا).

    نحن الآن نعيش هذه اللحظة من تاريخنا.. حسب هذا التصور.
    ويبدو ان هذه اللحظة السنارية في خواتيمها.. انها تتزلزل.. لا تملك ذات اليقين الاول.. لذا جاء سؤال الهوية من جديد!.

    ولنا ان رضينا بهذا التصور أن نفكر معاً في صيغة للعيش السلمي المشترك تقوم على الوعي العلمي بالذات الجماعية وبالبيئة الطبيعية المحيطة بنا.

    وأن النسق السناري الهويوي نهايته في تخلق دولة المواطنة.. متى جاءت!.



    محمد جمال الدين.. أكتوبر 2014

    ملاحظة هامة عندي على أثر هذه المقالة:
    شخصيا ضد الهوية اي كانت وضد دولة الهوية ومع دولة الحقوق والمواطنة فحسب.. دولة الإنسان والإنسانية.. الحديث هنا عن شي عملي.. فهم واقعنا الانثروبولوجي والسياسي والاجتماعي وكيفية التعامل مع تنوعنا والبيئة الطبيعية المحيطة بنا عن وعي علمي.. تلك هي القضية العملية في حسباني فالتاريخ هنا مجرد موظف في خدمة الواقع اي الوعي العملي بالراهن.. تلك هي القضية!.

    (عدل بواسطة محمد جمال الدين on 11-14-2022, 02:53 AM)

                  

06-27-2023, 04:41 PM

محمد جمال الدين
<aمحمد جمال الدين
تاريخ التسجيل: 10-28-2007
مجموع المشاركات: 5401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فضيحة الدراويش أو نقد العقل السحري بمناسب (Re: محمد جمال الدين)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de