عندما تمّ في العام ١٩١٧ ضمّ دارفور إلى السودان لم يستوعب السلاطين وزبانيتهم فكرة أنهم صاروا تحت تبعية [دولة] فقد ظل سلاطين القبائل يشتكون بإستمرار من تقليص سلطاتهم خاصة عندما قامت الدولة في عهد النميري وكذلك البشير باقتطاع اجزاء من أراضي السلاطين ومنحها لبعض القبائل الآخري فأغضب ذلك السلاطين وصاروا يؤلبون الناس علي الحكومة وذلك في صورة شكاوي دائمة من الإهمال وسوء الخدمات ومن التهميش ثم صاروا يطالبون بنصيب المناطق من السلطة والثروة وليتهم اكتفوا بذلك لكنهم أصروا علي أن يستردوا بالقوة كل شبر اقتطعته منهم الحكومة وهذا أدي إلي اقتتال عنيف أدي الي إزهاق أرواح الآلاف وقد ولّد ذلك ضغائن وأحقاد ظلت عاملا رئيسيا في ازكاء نار الصراع وتجددها كل حين.
نعم .. يؤخذ علي الحكومات أنها لم تنشر الوعي بين السكان وتفهمهم ماذا يعني أنهم صاروا تحت إمرة دولة مسؤولة منها حكومة واحدة كما يؤخذ علي الحكومات ايضا أنها لم تتعامل بالحكمة المطلوبة لكن .. كيف لأهل القبائل أن تأخذهم حمية الجاهلية وينسوا تعاليم الإسلام بهذه السهولة انظر - يا للعار- ماذا قال مثقفو دارفور في المذكرة التي رفعوها لرئيس الجمهورية في العام ١٩٩٩ في إثر تفجر الصراع بمدينة الجنينة:
《... فنظرة القبائل للأرض من حيث نطاق حقها التاريخي والمكتسب خاصة وان الدولة قد أظهرت القبيلة والعشيرة جسما سياسيا متماسكا فيها مصلحة مشتركة لأفرادها أقوى من روابط العقيدة وغيرها من العلاقات الإنسانية الأخرى حتى بدأ المواطن البسيط يعطي أعمال العنف والنهب المسلح والاعتداء القبلي صبغة من المشروعية طالما تم ذلك في إطار الغطاء والعطاء القبلي》 !!!
☜ يعني أن أوامر ونواهي القبيلة صارت تسود علي أوامر ونواهي الدين !!!
والغريب .. أن ذلك تكرر مرة أخري بما يؤكد هذه الحقيقة المُرّة فقد جاء ايضا في المذكرة:
《 ... فباتت تنظر للسلطة ممثلة في شاغليها على أساس انهم يمثلون أصولهم العرقية في مواقع اتخاذ القرار السياسي حيث وضح ان روابطها أقوى بكثير من روابط العقيدة فهي على الأقل الشيء الوحيد الذي يستطيع فيه الجميع تناسي كل شيء والاحتراب من أجل اللاشيء بما يمكن أن يفضي لحروب قبلية طاحنة تطال الجميع وتقضي عليهم》
☜ إذن في دارفور المسلمة رابطة العرق أقوي من رابطة الدين !!! وكأن القرآن لم يقل: {إنما المؤمنون أخوة} وكأن النبي محمد لم يقل: (إذا التَقى المُسْلِمانِ بسَيْفَيْهِما فالقاتِلُ والمَقْتُولُ في النّار ِ قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، هذا القاتِلُ، فَما بالُ المَقْتُولِ؟ قالَ: إنَّه كانَ حَرِيصًا على قَتْلِ صاحِبِهِ) [البخاري ومسلم]
☜ ودارفور كما قلنا بلد علم وعلماء ولكن العلماء المعاصرين وربما تملقاً للامراء والسلاطين خلطوا بين الدفاع عن الدين والدفاع عن الأرض القتال لأجل الدين جهاد في سبيل الله وهذا مثل الذي كان أثناء حياة الرسول ولكن لا يوجد أصلا في الإسلام جهاد من أجل الأرض نصوص القرآن والسنة واضحة:
☜ لقد حاول بعض العلماء أن يلووا ويؤولوا النصوص بما يخدم رغبات الأمراء والسلاطين فيوردون عبارة لم يقلها النبي لكنهم .. (اضافوها) نعم (اضافوها) إلي ما قال (اضافةً) -والإعاذة بالله- بروفيسور كبير عمل بجامعات مرموقة كاستاذ للدين والعقيدة يقول في ورقة له بعنوان: "الوطنية من مرجعية الشريعة الإسلامية":
《ومن قضى في ساحات المقاومة والمجابهة يكون شــهيدا تماما كما الحــال في الدفاع عــن الدين وحرمة المقدســات، وبهذا جاء الحديث النبويالآتي: عن سـعيد بـن زيد، قال: ســمعت رســـول االله يقول: «مــن قتل دون ماله فهو شــهيد، ومن قتل دوندينه فهو شــهيد، ومن قتل دون دمه فهو شــهيد، ومــن قتــل دون أهله فهــو شــهيد) (ومنهم أضــاف إلــى المتــن: «ومن قتــل دون أرضــه فهوشــهيد» وقال أبو عيســى الترمــذي: هذا حديثحسن صحيح》
☜ هكذا يتقولون علي النبي: (ومنهم من أضاف إلي المتن) ؟؟؟ !!! هكذا بكل سهولة وجرأة حُشِرت بين كلام النبي الكريم من أجل أن يساووا بين الموت في سبيل الله والدين والموت في سبيل الأرض والطين. إنّ أعظم وافظع أنواع الغش هو الغش في الدين _سنخصص باذن الله مقالات ومقالات عن (التدين المغشوش)_
الأستاذ البروف ألف ورقته في إطار ما يسمي: (قضايا التجديد) !! فهل الوطنية قضية جديدة مثل قضايا الحسابات البنكية و قضية البوفيه المفتوح وخلافه ؟؟!!
دعونا نقرأ ردا علي البروف ما نشر في موقع طريق الاسلام:
《دائماً ما يُشغِّبُ الوطنيّون بأنَّ حبَّ الوطن من الإيمان! ويتغنَّون بأنَّ الموتَ في سبيل الوطن شهادة! وغيرهما من الشبه التي يُلقونها في أسماع رعيّتهم. وللردّ على ذلك نقول: أما مقولة (حبُّ الوطن من الإيمان) فلا هي بحديث ولا أثر، فهي مقولة ساقطة تعارض الشرع، لأنَّ جعل حبِّ الوطن أحد معايير أو درجات الإيمان فيه افتئات على شرع الله تعالى. وأما مقولة (الموت دفاعاً عن الوطن شهادة) فهذه فِرية واضحة، فالشهيد هو مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا كما صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم، أما مقولة: "من قُتل دون أرضه فهو شهيد" فهي زيادة على حديث: (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد) الذي أخرجه أحمد وأبو داود والنّسائي والتّرمذي بسندٍ صحيحٍ، ولم نعثر على هذه الزيادة في كتب الحديث!》 رابط المادة: [iswy.co/e2grb0] تحت عنوان: (لله لا للوطن "٤")
مثقفو دارفور كأنما يريدون أن يقولوا لنا إن قيادات المليشيات القبلية يعطون الأوامر لقواتهم أن انهبوا واقتلوا واغتصبوا ولو كان ثمن ذلك دخولكم النار في الآخرة !! وهم يردّون عليهم: (سمعا وطاعة) !!
إذن فالشعب الدارفوري مسيطرة عليه نخب وقيادات (اشد كفرا ونفاقا) من نخب وقيادات جنوب السودان وإن كان الراحل الطيب مصطفي قد بني دعواه لفصل الجنوب أن الجنوبيين يختلفون عنا في الدين والاخلاق والثقافة فإن النخب والقيادات الدارفورية وإن ادّعت الإسلام إلا أنها لم تؤمن بحقيقة دين السلام لأنها قد طبع علي قلوبها حميّة الجاهلية الأولي:
□■□■□■ تذكرة متكررة:بالدعاء علي الظالمين فهو دعاء لا شك مستجاب الذين أخرجوا الناس من ديارهم بغير حق وسفكوا دماءهم وانتهكو أعراضهم وأخذوا حقوقهم وساموهم سوء العذاب
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة