الواضح للعيان وعبر ما سطَّرته مُنعرجات وأحداث ثورة ديسمبر المجيدة من (عجائب وغرائب) أدهشت وألهمت العالم ، هذا الإستمرار المُضطرد الذي لا يخور ولا يفتُر لحراك الشارع الثوري لثلاثة سنوات دون توقف ، وأن يثُبت ذلك بياناً بالعمل أن هذا الشعب لن تُجدي معهُ كافة المُعيقات والدسائس والفتن التي ظل يُحيكها الفلول والمُتضررين من مثول نظام ديموقراطي في السودان ، مُتمنين أن تُوأد الثورة في مهدها ويتوقَّف الشارع ولو يوماً واحداً عن التعبير والمناداة بمطالبه وأحلامه ، أو كسر عزيمته وإصراره على تأسيس وطن تؤمه الحرية وتعضِّد أركانهُ العدالة وتُجمِّل حواضرهُ وبواديه رايات السلام ، على ما يبدو أن هذا الشعب لن يتنازل أبداً عن (بناء) دعائم السودان الجديد ، مهما حيكت المؤامرات ودًجِّجت المسيرة المباركة بالمتاريس والصعوبات والتحدياَّت والمواجع. فلول الإنقاذ البائدة لم تستطع بعد فض الإعتصام المجيد ، وتلويحها للثوار بالموت كأقصى ما يمكن أن يُهدَّد به ثائر ، أن تزرع الخوف والرهبة في قلوب الذين يؤمون الشارع الثوري ، بل زادهم ذلك مزيداً من الثبات على المبدأ ، وإصراراً على مواصلة المسير والخوض في برك الدماء من أجل أن لا تذهب الرياح سُدىً بما ضحى به الشهداء والجرحى والمفقودين من نفائس في مقدمتها أرواحهم الطاهرة ودمائمهم المُعبَّقة بعشق الوطن. من ناحيةٍ أخرى يعجبني جداً أن تُغلق قوى الحرية والتغيير وبحكمةٍ وحنكة سياسية تستحق الإشادة ، الباب على الفلول والمنتفعين من غياب الديموقراطية في السودان ، عبرعدم إستجابتها لمؤامراتهم وشِراكهم المتوالية التي تستهدف إحداث وقيعة وخلاف (صارخ وحاد المعالم) بينها ولجان المقاومة ، فتناول قوى الحرية والتغيير وتعاملها مع ملف مُعارضة لجان المقاومة للإتفاق الإطاري وإصرارها الغريب والمريب معاً على عدم التوقيع عليه رغم أنه يغطي ما يقارب الـ 99 % من مطالب اللجان وشعارات الثورة وأهدافها والكمال لله وحدهُ ، يُعتبر بالنسبة لي ولكثيرٍ من المُتابعين لحال القوى السياسية السودانية على مدى تاريخها القريب والمتوسط (طفرة) إيجابية هامة وتطوُّر ملحوظ تبدو فيه منظورات حادة الملامح لمستوى (عُمق) الرؤية السياسة والدراسة المتأنية لمآلات المواقف وما سيترتب عليها من نتائج تتم معالجتها عبر ميزان (مكاسب وخسائر) مسيرة التحوُّل الديموقراطي ، لأول مرة أشعر أن الأحزاب السياسية والكيانات المهنية والمطلبية مُمثَّلة في قوى الحرية والتغيير ، قادرة على العمل المشترك بتجانس وحنكة و(حكمة) ، هذا فضلاً عن قدرتها على تطوير مهارة (بُعد النظر الجماعي) في إتخاذ المواقف وعدم الإستجابة للإستفزازات والتحّرُشات التي تصدر من الفلول والمنتفعين من إستمرار الوضع الإنقلابي الحالي ، وأحياناً من بعض فصائل وقيادات وبيانات وهُتافات لجان المقاومة نفسها ، يعجبني جداً هذا الصبر الجميل وذاك الحُلم النبيل الذي (تستأنس) به قوى الحرية والتغيير الشارع الثوري ، كما يعجبني أيضاً إيمان قادتها بأنهم لم ولن يشقوا صف الثورة ولن (يتنصَّلوا) من إنتمائهم للشارع الثوري ولجان مقاومته الحيَّة حتى وإن إختلفوا حول (سُبل) إنهاء الإنقلاب.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق December, 24 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة