طلب مني الأستاذ عبدالرحمن الأمين أكثر ما مرة إضافة لعدد من الأصدقاء داخل الحرية والتغيير وخارجها ممن يقفون مع الإتفاق الإطاري وعملية التسوية مع الإنقلابيين أو يدعمونها رائي ورؤيتنا حول رفضنا للمُسببات التي ساقها من عقدوا الإتفاق أو من دافعوا عن هذا الإتجاه ، وذلك لمعرفتهم لرأينا المُعلن والواضح في رفضنا لمبدأ التسوية مع الإنقلابيين ومع عدد من بنود الإتفاق نفسه ، وكذلك ظلّ يُطاردنا سؤال ماهو البديل لهذا الإتفاق بشكل أكثر دقة ومُباشرة ليفضي لحلول لأوضاع البلد وإنهاء الوضع الإنقلابي الحالي والإتيان بالمسار الديمُقراطي مُجدداً.. سنحاول الإجابة علي هذه التساؤلات وتقديم رؤيتنا حولها.. في البدء من الضروري الإجابة علي التساؤل الهام وهو لماذا قامت الثورة في السُودان من الأصل؟؟ فمن المعلوم أن الثورة قامت ضد نظام ظلّ يحكم السُودان لعقود وسنوات طويلة إمتدت لثلاثون عاماً أبدّل فيها الإسلاميون السُودان تماماً وحولوه لشبه دولة مع إنهيار كامل في كُل شئ وحرب داخلية في مُعظم أجزائه ، وقدموا مشروع سياسي قسّم السُودانيين علي أساس ديني وعرقي ساهم في فصل جنوب السُودان وفتح الباب لمزيد من تمزيق الوطن علي ذات الأُسس ، ساهم الإسلاميون "منسوبي فكر ومدارس الإسلام السياسي" ونظامهم في تحويل السُودانيين لشعب فقير بالكامل مُقابل فئية قليلة جداً من منسوبيهم وداعميهم إستحوذت علي ثروات البلاد ونهبت مُقدراته ، كما حولوا السُودان في عهدهم إلي دولة إرهابية وأصبح المواطن الذي يحمل جواز السفر السُوداني عُرضة للشُبهات والمُسآلات في مطارات الدنيا ومحظور من الدخول لعديد دول العالم ، هذا بغير العقوبات التي جرتها سياساتهم وإنعكست سلباً علي تنمية وتقدم البلد ، كما قاموا بصناعة الكتائب و المليشيات وعلي رأسها مليشيا الجنجويد علي أساس "عُنصري وقبلي" والتي عُرفت رسمياً بإسم قوات الدعم السريع ، وإستخدموها في إطالة أمد نظامهم وفي إرهاب الدولة وفي قتل وإبادة السُودانين وحماية النظام ورأسه ، ثم لاحقاً جعلوها تابعة للجيش نفسه رغم كُل سؤاتها وأصبحت أداة للمشاركة مع الجيش نفسه كمُرتزقة لمصلحة دول أخري.. رفعت الثورة شعارات مُحددة وقدمت مطالب واضحة للتغيير في السُودان وعلي رأس هذه المطالب تصفية دولة"الكيزان" لصالح دولة "كُل السُودانيين" و إنهاء أي تمييز مرده مشروع "الدولة الدينية والعرقية" في السُودان لصالح "دولة المواطنة بلا تمييز" والدولة الفدرالية الديمُقراطية غير القائمة علي أي أُسس دينية أو عرقية وأيدولوجية ، وإشاعة الحريات التي كانت غير موجودة بسبب سياسة نظام الإسلاميين الذي إستخدم العسكر والمؤسسة العسكرية للحكم الإستبدادي من خلالها وبكامل القبضة الأمنية ، وتم تأسيس وبناء دولة خاصة بالكيزان وحلفاؤهم تقوم علي البطش والقهر والإقصاء والظُلم ونشر الفساد ، وكان من الطبيعي إندلاع الحرب بسبب كُل هذا وتمدد الخراب والدمار والإبادات بسببها ، من أجل كُل هذا وضده قامت الثورة بشعارات الحرية والسلام والعدالة ، وفتحت الطريق لتأسيس دولة جديدة غير مؤسسة علي الدين أو الأيدولوجيا أو العرق ، ولتغيير كُل هذا الخراب وإعادة البناء يستلزم هذا الإستجابة لمطالب الثورة المشروعة التي ضحي لأجل قيامها بالنضال التراكمي الآف الضحايا والشُهداء منذ ٣٠ يونيو ٨٩ وحتي مابعد إنقلاب ٢٥ أُكتوبر وحتي لحظة كتابة هذا المقال وتقديم هذه الرؤية... إذاً لم تأتي الثورة لعقد "صفقة" مع النظام القديم أو إعادة لذات سياساته وجوهر ماظلّ يُقدمه وإن إختلفت بعض "التفاصيل" أو المواقع والأشخاص! ، ولم تأتي الثورة كذلك لتلبية مصالح بعض دول الإقليم وتقديم "مصالحها" وأجندتها علي "مصالح" وأجندة شعبنا في الإستقرار والسلام والديمُقراطية الحقيقية والتنمية والتقدم ، لم تأتي الثورة لتجعلنا مُجرد"تابع" لدول أُخري ، ولم تأتي لتُبقي علي ذات السياسات"الكيزانية" وذات "المنظومة" ، فإذا كان شعبنا يُريد تغييراً "سطحياً" و مُجرد "قشرة هشة" لأبقي علي نظام البشير وقبل بالتفاوض معه حتي وإن ذهب البشير وبعض "معاونيه" وبعض "رموز" الإسلاميين... كيف يُمكن القبول بتواجد مليشيات صُنعت لقتل السُودانيين والمُحافظة علي نظام الكيزان ثم وبعد أن تقوت وتم إستخدامها وقيادتها لصالح تنفيذ أجندة دول أُخري داخل السُودان ولحماية مصالحها في نهب ثرواتنا ، وهنا الحديث مُباشرة عن مليشيا الدعم السريع وعن آل دقلو ... فرأينا في الإتفاق الإطاري كيف أنه وبدلاً من التحدث صراحةً ونصاً علي حل المليشيات وعلي رأسها مليشيا الدعم السريع تحدث عن دمجها في الجيش ، وكرر هذا في أكثر مامرة ، مرة بالأعتراف بها كقوات تابعة للجيش ، وثانياً بالصمت عن كُل مآخذها وماضياها الغاتم والإجرامي ، وثالث بشرعنتها ودمجها في الجيش القومي النظامي "الجديد" ، لتكون بذلك أكبر مُهدد لمُستقبل الديمُقراطية في السُودان بل وللسُودان نفسه خاصة في ظل "المطامع" الواضحة و"طموح" قيادتها في آل دقلو للسيطرة علي مقاليد الحُكم في السُودان ، تحدث الإتفاق عن عدم دخول القوات المُسلحة ،ثم الشرطة ، ثم جهاز المُخابرات في أي إستثمارات وأن تتبع شركاتهم الإقتصادية لوزارة المالية وهي الثلاث معاً القوات النظامية التي نصها الإتفاق ، بينما صمت تماماً عن أي ذكر لإستثمارات وشركات الدعم السريع وهو رابعهم في ذات تصنيفات الإتفاق الإطارئ للقوات! ، وهذا بالطبع ليس "صُدفة" أو حتي "سقط سهواً".. سنواصل بإذنه تعالي في الجزء الثاني عن أطراف الإتفاق الإطارئ نفسه والتنظيمات والقوي السياسية الموقعة علي الإعلان السياسي ويحق لها المشاركة في التشاور علي الحكومة القادمة وعلي رأسها رئيس الوزراء والمشاركة كذلك في مستويات الحُكم وأجهزته السيادي والتنفيذي والتشريعي والولائي بنص الإتفاق ، وعن تواجد ذات القتلة والإنقلابيين ثم سنكتب عن أهمّ قضايا وبنود الإتفاق المُرتبطة بمطالب الثورة وأهدافها وعلي رأسها العدالة الإنتقالية والإصلاح الأمني والعسكري والعدلي و تصفية نظام تمكين ال ٣٠ من يونيو ٨٩ وملف سلام جوبا وسنختم "رؤيتنا" برسائل إلي الوسطاء في المجتمع الدولي مُتمثل في الآلية الثلاثية والرُباعية و بالإجابة علي سؤال البديل بشكل أكثر تحديداً في الجزء الثالث والأخير من رؤيتنا في رفض مبدأ التسوية والإتفاق الإطارئ.. والثورة مُستمرة... نضال عبدالوهاب 29 ديسمبر 2022
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق December, 24 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة