نبهني إلى هذه النقطة الشيخ الأحمر قبل ثلاثين عاماً إبان دراستي للسحر وعالم الأرواح. وتذكرتها الآن لسبب مجهول. وربما كانت تلك الخاطرة رسالة ما. ولكن في كل الأحوال، أعتقد أن المسألة تتعلق بالتوازن الكوني، أي أن الكون مؤسس على الأخذ والعطاء وليس واحداً منهما فقط. لذلك ففي عالم الأرواح لا يجوز الأخذ بلا عطاء، أو العطاء بلا أخذ، وإلا أفضى ذلك إلى خلل في النظام. لذلك يجب أن يحصل الفكي او الشيخ على عطية، ولكنه مهما أخذ لا يغتني، إذ أنه ليس للفكي أن يأخذ من المقابل إلا نذراً يسيراً، ويقسم النذر إلى ثلاثة أثلاث، ثلث لله، وثلث للأرواح، وثلث ينفق على الأداء. فإن أمسك منها الفكي شيئاً انقلب عليه ذلك نحساً مستمراً لا ينفك إلا بصدقة معلومة. وأما إن فعل العكس، فقام بعمل بلا مقابل فما فعله ينقلب نحساً عليه وعلى الفاعل من أجله. ولا ينفك إلا بالعطية. ومن ثلث الأرواح يؤخذ العمل، ومن التكاليف يؤخذ البخور والجلود والطلس (المحاية) وغير ذلك. واما ما لله فصدقة معلومة هي الثلث من كل عمل. ولا يأبه عالم الأرواح بالإحسان، لأن الإحسان يفضي إلى خلل في ميزان الكون، كما هو حال الدولة عندما تتدخل في قانون العرض والطلب في الأسواق، بالدعم أو الجبايات وخلافه. فعالم الطبيعة المادي وعالم الطبيعة الروحاني، كلاهما مؤسسان على توازن طبيعي ولذلك فإنهما موصوفان بالطبيعية، أما إن تدخل فيهما فعل الإنسان كان ذلك صناعة. والصناعة تفقد الطبيعة توازنها، كما يؤثر التلوث على المناخ وقطع الاشجار على البيئة وغير ذلك. ففي عالم الأرواح لا مساس بذلك التوازن، ولا يقبل بذلك المساس حتى يُصحح. ولذلك فالصدقات تأثيرها من عالم الأرواح لا عالم الأرضين. فإن كان المرء لا يملك ما يقدمه ولو شق تمرة، فليس أمامه إلا الدعاء والصلاة والتسبيح وغير ذلك مما لا إنفاق فيه. وربما كان ما سبق سبباً في فرض الصدقات على المناجين للرسول لقضاء الحاجات قبل نسخ الآية: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ ۚ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ ۚ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (13)] المجادلة ويستدعي هذا أن نقول بأن قضاء الحاجات بقراءة القرآن تستدعي الصدقة أيضاً. فمن احتاج لفك الكرب فعليه بسورة الرحمن مع الصدقة، ومن احتاج لزيادة العلم فعليه بسورة الكهف مع الصدقة ومن أراد العتاق فعليه بسورة بني إسرائيل مع الصدقة وهكذا.. وهذا للفائدة فانتبه.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق December, 24 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة