كما تابع الجميع إستلم السفير الأمريكي الجديد "جون جودفري" مهام عمله رسمياً وسلم أوراق إعتماده لذات الرجل "البُرهان" الذي كان قد أقر "الكونغرس الأمريكي" مشروع قرار يُدين ماحدث في السُودان في ٢٥ أُكتوبر ٢٠٢١ من قِبله ويعتبره ضد الإنتقال الديمُقراطي في السُودان بإعتباره إنقلاباً وإستيلاء عسكري علي السُلطة ويهدد ذات المشروع والقانون بفرض عقوبات أُحادية وضد أشخاص من قاموا بهذا الإنقلاب وعلي رأسهم البرهان وحميدتي بالطبع.. ومن المعروف أن الولايات المتحدة والإدارة الأمريكية ظلّ موقفها الرسمي والثابت هو دعم الإنتقال المدني الديمُقراطي في السُودان ، وتحقيق عدة أهداف أهمها منع التمدد الروسي الصيني في السُودان وحماية مصالحها الأمنية والإقتصادية ونفوذها العالمي في منطقة إستراتيجية وبلد هام كالسُودان لايُمكن التفريط فيه وتركه للروس والصينيون وحلف إيران وتركيا ، خاصة في ظل تقارب الإنقلابيين العسكريين مع الروس تحديداً لدعم الإنقلاب والسُلطة العسكرية في السُودان وإستغلال مورد الذهب وبناء قاعدة عسكرية روسية علي البحر الأحمر ، لذلك فإن مصالح أمريكا لاتتلاقي و الإنقلابيين في هذا المسار ، لكن وفي ذات الوقت فإن شركاء الولايات المتحدة و حلفاؤها الإستراتيجيين في المنطقة والإقليم هم من دعموا وخططوا لقيام هذا الإنقلاب وعلي رأسهم إسرائيل والإمارات ومصر إضافة للسعودية والأخيرة هي أول من تراجعت بعد ذلك عن الدعم المُباشر للإنقلاب ، ولكنها مع الإمارات ومصر ظلوا يمثلوا مُثلث قوي "الثورة المُضادة" الدائم ضد قيام ديمُقراطية حقيقية في السُودان ، فهذا في رائهم لا يتلاقي ومصالحهم في السُودان ، سواء من نواحي إقتصادية وسياسية أو الخوف من إنتقال النموذج الديمُقراطي حال نجاحه في السُودان لدولهم ، خاصة في الحريات و إحترام حقوق الإنسان والعدالة ، مع تعطُش شعوبهم للإنعتاق والحرية من التسُلط والديكتاتوريات والتوق للديمُقراطية وإحترام حقوق الإنسان .. لذلك أصبح موقف الولايات المتحدة والإدارة الأمريكية مابين مصالحها مع تلك الدول خاصة الإقتصادية ومابين موقف الولايات المتحدة الثابت الداعم للديمُقراطية وقيّمها وحقوق الإنسان ، وهو الأمر الذي جعلها تقف ضد الحُكم العسكري الخالص في السُودان وتُساند الإنتقال المدني الديمُقراطي والثورة في السُودان وحق التظاهر السلمي وعدم إستعمال العنف ضد المُتظاهرين السلميين، ولأنها تنظر لمصالحها أيضاً دون شك فلذلك دعمت اولاً الشراكة المدنية العسكرية علي إعتبار إنه الحل الذي يضمن إستقرار السُودان وعدم إنزلاقه للحرب والفوضي ويقود للإنتقال الديمُقراطي ، ولكن لطمع العسكريين وقوي الثورة المُضادة وعند إقتراب إستلام المدنيين للسُلطة تم تنفيذ إنقلاب ٢٥ أُكتوبر وماتبعه من إجراءات ، خاصة بعد الدعم الإسرائيلي الروسي المُباشر لقادة الإنقلاب سراً وعلناً للمُحافظة علي مصالحهم هُم أيضاً في السُودان المُرتبطة بالعسكريين في تقديرهم .. مثّل ضغط الولايات المُتحدة وحلفاءها الغربيين خاصة إنجلترا وفرنسا والمانيا والنرويج علي تراجع كبير للإنقلابيين وإجراءتهم الأولي بعد الإنقلاب لكنه لم يُسقط الإنقلاب ولم يُحدث تحول مدني للسُلطة إلي الآن .. تدخلت قوي الثورة المُضادة في محاولة إقناع الولايات المتحدة والإدارة الأمريكية بتبني خط يخدم مصالح تلك القوي بجعل الإنتقال الديمُقراطي في السُودان تدخل فيه قوي وحُلفاء مدنيين من خلال حوار أو تسوية تأتي بجزء من النظام السابق والإنتهازيين وحُلفاء و داعمي العسكر ، أي إحداث تحول مدني "هش" وإنتقال يقود لديمُقراطية شكلية وضعيفة تضمن سيطرة العسكريين وحلفاء الثورة المُضادة ومُطيعيها لصالح قوي دول الثورة المُضادة وأطماعها في السُودان .. تقاطع المصالح للولايات المتحدة هو من يقف خلف سياستها الحالية الآن ودعمها للحوار والتسوية .. من جميع ماذكرنا يأتي السؤال الهام وهو أين مصالح الشعب السُوداني الذين فجروا أعظم ثورة في القرن العشرين وقدموا ولايزالوا يقدموا من أجلها ومطالبها أعظم التضحيات وبسالة نالت إعجاب كُل المؤمنين بالحرية والديمُقراطية وحقوق الإنسان في العالم الحُر والعاملين لها ولترسيخ قيمها ونشرها ؟؟ ببساطة فإن مصلحة السُودانيين والشعب السُوداني هي مُساعدته لتحقيق أهداف ثورته التي ضحي من أجلها كاملةً ، وإنجاز إنتقال يقود لديمُقراطية حقيقية ، و رفض أي عملية لمُساومة الشعب مابين حريته وأمنه ، أو مابين سد جوعه ورفع معاناته و بين ديمُقراطية حقيقية للسلطة و مؤسسات الشعب والدولة ، أومابين سلام حقيقي وعادل ومابين سلام مشوه ولا يُنهي الحرب ، أو حتي مابين وحدته وإستقراره ومابين الفوضي المصنوعة عبر الدسائس والتآمر والتخريب الإستخباراتي للأجهزة الأمنية والعسكرية الداخلية والخارجية .. وعلي الولايات المتحدة تحديداً وإدارتها إن أرادت حلولاً تدعم الديمقراطية وقيّمها وحقوق الإنسان والإستقرار معاً وتقود لشراكة فاعلة وصداقة مُثمرة مع السُودان والسُودانيين تكثيف مزيد من الضغط علي الدول التي تقوم بدور الثورة المُضادة لتحقيق مصالحها علي حساب الشعب السُوداني وحثها لرفع يدها من التدخل الدائم في شئونه .. أي شئ بخلاف هذا لن يقود لإستقرار السُودان وستطول معاناة شعبه وقد تقود لعدم إستقرار كافة المنطقة ويخسر الجميع ، أي محاولة لفرض حل علي السُودانيين لايتماشي وأهداف ثورتهم ويُعيد إنتاج ذات الشخوص وذات السُودان القديم وذات قواه المُتخلفة والإنتهازيين والفاسدين لن يخلق إستقرار وسيمضي بالسُودان أن تكون دولة لاسيادة لها ولا مُستقبل وسيجُر الإقليم بالكامل لمُربعات العُنف وعدم الإستقرار المُهدد للسلام العالمي ، علي السُودانيين وكل القوي السياسية والثورية الحقيقية أن تقف أمام أي حلول يُمكن أن تُعيد ذات الأزمات ولا تخلق أي تغيير .. كُل من يدعم تسوية تأتي بذات القوي والسياسات التي قامت ضدها الثورة لامكان له بين صفوف الثوريين الذين ضحوا ولايزالوا يضحوا من اجل الثورة والبلد ، لابدّ من تحالف حقيقي لكل القوي الثورية الحقيقية وأن تُعلّي صوتها وفعلها داخل وخارج السُودان و أيضاً لكل الشعب السُوداني المؤمن بالثورة وأهدافها حتي لا تنتصر قوي الثورة المُضادة وتُجهض الثورة .. نضال عبدالوهاب 2 سبتمبر 2022
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق September, 02 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة