(المذكرة الشارحة و الاداة التنفيذية لخطاب برهان) يا دامي العينين و الكفين إن الليل زائل لا غرفة التوقيف باقية و لا زرد السلاسل نيرون مات و لم تمت روما بعينيها تقاتل و حبوب سنبلة تجف ستملأ الوادي سنابل يبدو أن قدرة الحركة الإسلامية على الإخراج في مسرح العبث السياسي قد تضاءلت كثيرا . و الشاهد هو الاعلان السياسي الصادر يوم امس بتوقيع الشيخ الطيب الجد و د بدر ، المفروض أنه صاحب مبادرة ، إنعقد على إثرها مؤتمر مائدة مستديرة ، هو من كان يفترض أن يصدر عنه إعلان سياسي لا من المبادر ، بإعتبار ان الإعلان السياسي هو برنامج تحالفي ناتج عن المؤتمر التآمري الراغب في إعادة الإنقاذ بشكل كامل. فالمبادر الذي يسعى للتوفيق بين القوى السياسية ، تحول بقدرة بقايا الحركة الإسلامية العاطلين عن المواهب ، إلى صاحب مشروع سياسي يصدر إعلانا سياسيا و برنامجا متكاملا ، لا خطوطا عريضة تتفاوض حولها القوى السياسية لتصل إلى وفاق يتحول إلى إعلان سياسي. فبإصدار الإعلان الآن ، يصبح صاحب المبادرة صاحب مشروع سياسي ، و جزءا من خارطة الصراع السياسي ، و منتميا إلى معسكر له برنامج سياسي مطابق لبرنامجه ، و يعفي بذلك خصومه من عبء إثبات إنتمائه لذلك المعسكر. فالإعلان السياسي الذي اصدره المبادر الشيخ ، هو مجرد مذكرة شارحة و تفسيرية و اداة تنفيذية لخطاب زعيم العصابة، الذي أعلن فيه خروج القوات المسلحة من دائرة التفاوض . و هو أكثر إيغالا منه في إعادة الإنقاذ كدولة و مشروع، لأنه أكثر تفصيلا. و حتى لا نطلق القول على عواهنه ، نؤكد أن الإعلان يكمل الخطاب الملعون و يتقاطع معه فيما يلي: 1- الإعلان كالخطاب صمت صمت القبور عن الحديث حول اللجنة الأمنية للإنقاذ ، و دورها في قطع الطريق امام الثورة عبر إنقلاب القصر ، و قيامها بإنقلاب عسكري صريح في أكتوبر الماضي ، و سيطرتها على الإقتصاد السوداني ، و دورها فى فض الاعتصام ، و قتلها للمتظاهرين منذ إنقلابها الأخير. و هذا يعني أنه سكت عن أسباب الأزمة السياسية و سبب الانسداد السياسي ، و من الطبيعي ان من يتجاهل أسباب الأزمة ، سيفشل حتما في تقديم الحلول لها. 2- الإعلان كالخطاب تماماً اشتمل على تأسيس مجلس أعلى للقوات المسلحة ، و زاد عليه بوصف هذا المجلس بانه السلطة العليا المناط بها الدفاع عن السودان و شعبه، و بسط الأمن و الإستقرار في ربوعه، و حماية الأمن القومي و النظام الدستوري ، وولاه أعمال السيادة. أي أنه اعطى المجلس الموصوف كامل السلطة، لأن بسط الأمن و الإستقرار و الحماية للأمن و النظام الدستوري هو فرض الإرادة الذي هو جوهر السلطة ، و الإحتفاظ بالسلطة السيادية يعني إعطاء المشروعية للسلطة التنفيذية و المشاركة في العملية التشريعية بإعتماد القوانين على أقل تقدير. فماذا تبقى للسلطة التنفيذية بعد ذلك غير التبعية لهذا المجلس ؟ الطبيعي طبعا ان تكون مسائل بسط الأمن و الإستقرار مسئولية الحكومة ، التي يجب ان يكون رئيسها رئيسا لمجلس الأمن و الدفاع ، المكون من وزراء الوزارات السيادية ، و الممثل فيه الاجهزة الامنية و العسكرية بهدف تقديم الراي الإستشاري ، على أن تصدر القرارات من الحكومة المسئولة امام البرلمان. اما حماية الدستور ، فهي وظيفة المحكمة الدستورية المناط بها تطبيق و تفسير الدستور ، و دور المؤسسة العسكرية يقتصر على منع تقويض الدستور عبر الإحتلال الاجنبي ، او الإنقلاب العسكري ، او الخروج عليه من قبل حركات مسلحة ، و كل ذلك تحت إمرة الحكومة فقط لا غير. 3- الإعلان كالخطاب يؤسس لاستمرار دولة التمكين ، بل يزايد عليه بالمطالبة بالعودة الكاملة لدولة الإنقاذ في نسختها الأخيرة ، عبر مطالبته بالعودة لدستور العام 2005 الرئاسي. و لا ينتقص من ذلك القول بأن العودة تكون مع المواءمة ، لأن المواءمة في ظل إعلان لم يدين الإنقلاب و ما ترتب عليه، تعني استدخال ما ترتب على الإنقلاب من واقع دستوري في ذلك الدستور. و إذا اخذنا في الإعتبار ان الدستور المعني قد عدلته الحركة الإسلامية بعد إنفصال الجنوب ليكرس دولتها الدينية الخالصة ( الشريعة غير المدغمسة حسب وصف المخلوع)، مع حقيقة ما ترتب على الإنقلاب ، نصبح أمام دولة تمكين كاملة الدسم. فالإعلان ينادي صراحة بعودة الدولة الرئاسية ، و يلغي بجرة قلم ثورة ديسمبر المجيدة و مترتباتها الدستورية على عيوبها ، و يعتبرها كأن لم تكن. 4- الإعلان كما الخطاب خلا من إخراج القوات المسلحة من السياسة و عودة العسكر للثكنات ، و من حل الجنجويد و حل جهاز أمن الإنقاذ و إعادة شركات الجيش و الأمن و الجنجويد لولاية وزارة المالية ، ومن مبدأ المحاسبة و عدم الإفلات من العقاب ، و هو يسعى الى شراكة بعد كل ذلك و يحارب الاقصاء. أي أنه يرسخ دولة التمكين ، و يؤكد على أن الآخرين يجب أن يقبلوا بإشراكهم من مواقع متخلفة فيها ، كتابعين لسلطة راسخة ليسوا شركاء فيها بل مستصحبين بها كهامش قابل بالفتات. 5- الإعلان حول الفترة الانتقالية لفترة مسيطر عليها من قبل الذراع العسكري الأمني للإنقاذ (اللجنة الأمنية التي ستغير إسمها للمجلس الاعلى للقوات المسلحة)، دور حكومتها في الثلاث فترات الواردة به ، هو تحقيق وفاق يمهد للإنتخابات ، و من ثم التحضير للإنتخابات ، و بعدها إجراء إنتخابات تحت هيمنة المتمكن. و هذا هو مضمون الخطاب الذي اصر على حكومة وفاق تفضي إلى إنتخابات!! يلاحظ أن الحكومة المقترحة هي حكومة كفاءات يفضل ان تكون مستقلة حسب الإعلان ، و هذه شروط الخطاب نفسها مع زيادة في الكيل والتطفيف. 6- الإعلان واصل التسويف في مسألة المجلس التشريعي و لم يوضح طبيعة تشكيله و القوى التي ستشكله و نسبة المشاركة ، مع إيراد تحفظ يجعل امر عدم تشكيله راجحا ، لأنه أكد على وضع الظروف التي تحول دون تشكيله في الإعتبار ، كما نص على مراعاة نصوص اتفاقية جوبا للسلام. و بذلك فتح الفرصة أمام التنصل من تكوين جهاز تشريعي ، و ضمن للحركات المسلحة المشاركة في الإنقلاب مقاعدها في حال التشكيل ، في تاكيد و شرعنة واضحة للإنقلاب و دعم لأطرافه. 7- الإعلان ألقى على عاتق رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته رأسا الدولة وقائدا أعلى للقوات المسلحة ، مسئولية الدفاع عن القضايا المصيرية المرتبطة بالسياسة الخارجية للسودان و امنه القومي ، و حماية الهوية الوطنية و النسيج الإجتماعي، و ذلك من خلال المجلس الأعلى بالتنسيق التام مع رئيس الوزراء الذي يتولى إدارة جميع شئون الدولة كما زعم الإعلان. و هذا أمر مثير للضحك حد البكاء ، إذ كيف يكون رئيس الوزراء متوليا لإدارة جميع شئون الدولة و كل الأمور المذكورة أعلاه تقع ضمن مسئولية رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يقوم فيها بالتنسيق معه فقط عبر المجلس؟ الا يجعل ذلك رئيس الوزراء مجرد مكلف بالتنفيذ عبر آلية التنسيق المنوه عنها؟ إذا اخذنا في الإعتبار ان الدستور المراد تطبيقه هو دستور العام 2005م الرئاسي، فإن الإجابة بالحتم تكون نعم، لأن الحكومة بموجبه هي مجرد سكرتارية تنفيذية للرئيس. و هذا يعني أننا سنخلق سلطة شبيهة بسلطة المخلوع البشير، و ننصب ديكتاتور جديد في مكانه. ما ورد أعلاه هو قيض من فيض القيح الذي ورد بهذا الإعلان الفضيحة، الذي أفسد مسرحية المبادرة و حول المبادر لصاحب مشروع سياسي معادي للثورة و لحركة الجماهير. بقى ان نعتذر لشعبنا لأننا اضعنا وقته الثمين في التعرض لهذا الإعلان المفضوح، الناتج عن مبادرة الذراع العسكري الأمني للإنقاذ المسماة مبادرة الشيخ الجد، لأننا نعلم انه بحصافته يدرك ماهو مصدره و ما هو المقصود منه، و هو قادر علي الحاقه بمبادرات و اتفاقات اللجنة الأمنية السابقة في مزبلة التاريخ. و قوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله!!! 15/8/2022
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق August, 15 2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة