|
حمدوك والتضليل الممنهج (4) حينما تكون العمالة بجدارة
|
12:04 PM January, 07 2022 سودانيز اون لاين عباس عبد الكريم-دبي مكتبتى رابط مختصر
هذا هو المقال الرابع من اربعة مقالات تسعى الى الكشف عن وتوثيق التامر الذى اتبعه حمدوك وجهات اتخاذ القرار فى قوى الحرية والتغيير (قحت) بالشراكة مع العسكر لاختطاف الثورة بغرض اجهاض مطالبها الاقتصادية (السياسية ايضا ، بالطبع ، وان كان تركيز هذه المقالات على الجوانب الاقتصادية) ، والسير فى طريق الارتهان الخارجى وسيطرة راس المال الطفيليى (المبنى على الفساد واستخدام السلطة) والكمبرادورى (العميل لراس المال الاجنبى). مقدمة تم إعداد هذا المقال قبل اعلان استقالة حمدوك ، التى لم تكن لتؤثر على المحتوى. علما بانه فى القسم الاخير هنالك اشارة الى الخطاب الذى القاه. - يعنى مفهوم العماله هو تبنى مصالح "الآخر" ، وغالبا "الآخر الاجنبى" وعلى حساب مصلحة "المحلى" (او الداخلى). مفهوم العمالة لا ينطبق فقط على الاشخاص ، إنما ايضا يشمل مؤسسات/تنظيمات ، ايدولوجيات ، افكار ودعاوى سياسية واقتصادية واجتماعية. قد يكون للعماله مردود مادى (باى نوع) وقد تكون طواعية (مثلا اذا كانت مبنية عى موقف ايديولوجى او دينى او سياسى). - يبدأ هذه المقال بالتاكيد على العمالة - او ارتهان الاقتصاد للخارج - التى اخطتتها حكومة حمدوك ، والتى تم تناول عدد من جوانبها فى المقال (1) و (2). إن الواقع الاقتصادى الموروث من النظام اللصوصى السابق ، والذى يحمله حمدوك كل اخفاقاته واخفاقات حكومته ، كان يتطلب على نحو جلى التوجه الى الداخل ، وشحذ الموارد المحلية (بما في ذلك وضع الموارد التى تستحوذ عليها حاليا الجهات العسكرية فى يد الحكومة المدنية). هذا التوجه لم يكن يغيب الا من افراد وجهات العمالة الاقتصادية. ويذهب المقال الى التعرف على ماهية والتركيب الداخلى للامبريالية الراسمالية المسيطرة على الاقتصاد العالمى ، والذى تخدم مصالحها العمالة السودانية. والقسم الاخير يتناول بالوصف والتحليل مكونات العمالة الشخصية لحمدوك واسلوب الكذب والتضليل الممنهج الذى اتبعه ، اذدرائه الحقيقى للشارع والعمل الجماهيرى ، وخيانته للثورة. 1- ما كان يجب اتباعه وما تم اتخاذه فى مجال التوجه الاقتصادى: - من المهم التأكيد على أن النمو الاقتصادي خلال عدد من السنوات فى الفترة 2000-2017 ، خاصة أثناء تصدير النفط وقبل انفصال جنوب السودان (2020, World Bank) لم يترجم إلى تحسين معاش ورفاه الناس. إن الثروات التي تراكمت لم تذهب وبشكل غير مشروع لصالح حلفاء النظام فحسب ، بل تم نقلها عبر وسائل مختلفة إلى خارج البلاد ، مما أدى إلى تقلص الاستثمار المحلي ، خاصة في القطاع المتعلق بالمعيشة ، وتقلص الدخل المتاح (الدخل الشخصي بعد خصم الضرائب الشخصية) لمعظم السكان. ويؤدي انخفاض الدخل المتاح إلى تقليص الطلب المحلي مما يؤدي بدوره إلى انخفاض إنتاج السلع وتوفير الخدمات للسوق المحلي وزيادة البطالة . - لا يمكن تغيير وتيرة الدخل المنكمش وانخفاض الطلب المحلي فى ظروف السودان إلا من خلال نظام اقتصادي يكون رافعته الطلب المحلى المتزايد ومحركه الرئيسي الدولة التنموية. - عملت حكومة حمدوك على عكس هذا التوجه تماماً. فهى تدعو لتبنى الاقتصاد الليبرالى الجديد الذى يدعو للانفتاح الخارجي وتفكيك القطاع العام في ظروف تردي كبير للاقتصاد المحلي، ليس فقط كما ورثته، إنما في وضع أسوأ بكثير بسبب الإجراءات الاقتصادية الخرقاء التي اتبعتها حيث ادت معدلات التضخم غير المسبوق الى تآكل جزء كبير القوة الشرائية (حتى وصلت الى 25% من قيمتها قبل عام) وانكماش الطلب على نحو مروع. وفي ظروف ضعف هائل للرأسمالية الوطنية ، يعني الانفتاح على السوق العالمي تسليم الاقتصاد برمته إلى رأس المال الأجنبي، وأي نوع من الرأسمال الأجنبي؟ ذلك النوع المغامر الساعي للربح السريع في مجالات استثمار محدوده ، وكذلك رأس المال الإقليمي المدعوم بضمانات من حكوماته والساعي للاستثمار فقط في مجالات تخدم اقتصاداتهم المحلية (تصدير مواد خام ومنتجات زراعية للاستهلاك في أسواقهم المحلية). فى مقال سابق تناول فيه الكاتب موضوع الاستثمار اوضح فيه انه لايمكن جذب استثمار اجنبى فى ظروف السودان الحالية الا من هذين النوعين ، ان وجدا ، علما بان تاثيرهما على التنمية سيكون محدودا جدا ان لم يكن معدوما. إضافة ، تدعو الحكومة الى الاستثمار الاجنبى المباشر بدون وجود استراتيجية وطنية للتنمية. الشئ الذى يشير الى ان الدعوه للاستثمار وترويج الفكره إما هى نوع من التضليل السياسى ، او دعوه فارغة ليس المقصود منها دعم التنمية المحلية ، انما تحقيق مكاسب محددوده لبعض فئات الراسمالية الكمبرادورية. 2- ماذا يعنى تبنى النهج الليبرالى الجديد فى السودان (مره اخرى): السير فى خدمة مصالح الراسمالية الامبريالية على حساب الوطن: 1.2 الليبرالية الجديدة فى السودان : ردود الافعال أثارت الاجراءات المعلنة حول ازالة الدعم السلعى وتحرير سعر الصرف العمله ، كإجراءات تعلن السير على نهج الاقتصاد الليبرالى والوصفه الاقتصادية السياسية لاجماع واشنطون (البنك الدولى وصندوق النقد الدولى) ، ردود افعال عاصفه وعلى نطاق واسع وسط الخبراء الاقتصاديين وغير الاقتصاديين والمنظمات المهنية والاجتماعية والسياسية. فقد اعتبرها الكثيرون ايدولوجية تهدف الى اخضاع الدول النامية لسيطرة الدول الراسمالية المتقدمة (بقيادة الراسمالية الامبريالية). واشار آخرون الى انها تجريب المجرب ، حيث ان وصفة اجماع واشنطون قد تم تجريبها فى نهاية السبعينات (فى عهد حكومة نميرى) ومره اخرى فى التسعينات (فى عهد النام البائد) ، وقد ادت الحالتين الى نتائج كارثية. وكذلك اشار البعض الى الفشل العالمى للوصفة حسب تجارب فى افريقيا وجنوب امريكا. وتجدر الاشارة الى انه قد تم تقديم تحليل نظرى رصين لتجارب السودان السابقة فى السبعينات والثمانينيات من قبل عدد كبير من الخبراء وعلى راسهم د. على عبد القادر ، ونذكر ايضا مساهمة د. محمد نور الدين ، ضمن آخرين. وتناول د. صدقى كبلو تجربة النظام البائد فى بداية التسعينات بالتحليل والنقد. 2.2 الليبرالية الجديدة هى ايدولوجية الراسمالية الامبريالية - يخدم النهج الليبرالي الجديد المصالح الاقتصادية لرأس المال العالمي الكبير، والذي على قمّته يجلس رأس المال الإمبريالي (الكبير جداً -Super Large )، والذي يسيطر على السياسة والاقتصاد في الدول المتقدمة اقتصادياً. فبينما كانت الرأسمالية الإمبريالية قديما تعمل على تامين الاستغلال الاقتصادي لشعوب أخرى عن طريق القوة العسكرية وعلى السياسة (استعمار مفتوح أو بالوكالة)، تعمل الإمبريالية الاقتصادية الحديثة (والتي تعني بالإضافة الي الرأسمالية الإمبريالية، منظمات عالمية وإقليمية وقطرية ودور أبحاث واستشارات وإعلام نافذه مؤثره، تأطر وتعمل لمصلحة الرأسمالية الإمبريالية) على السيطرة الاقتصادية على الدول النامية (ودول أخرى مما يسمى بالدول الناهضة والدول في المرحلة الانتقالية - Transitional- المنتقلة من النظام الاشتراكي للنظام الرأسمالي) عن طريق دعوتها، ووضع شروط لدعمها، لتبنى مبادئ الاقتصاد الحر والانفتاح الكامل غير المشروط على السوق العالمي (حيث تتعرض فيه هذه الدول لعلاقات تبادلية غير متكافئة، لصالح رأس المال العالمي الكبير). - ليس فقط الرأسمالية الإمبريالية (الكبيرة جداً) من يعمل على استغلال تلك الدول النامية التي لا تعمل على حماية اقتصادها الوطني، إنما أيضاً الحلقة التالية في الرأسمالية العالمية والمكوّنة من الرأسمالية الكبيرة العابرة للحدود (Transnational) في الدول المتقدمة اقتصادياً والناهضة (مصطلح الدول الناهضة يطلق على الدول ذات الدخل المتوسط أو الأعلى، المحقّقة لمعدلات نمو اقتصادي متسارع، والمنفتحة على الاقتصاد العالمي، وليس بالضرورة بدون حماية لاقتصادها المحلي). - السيطرة على والاستغلال الاقتصادي للدول النامية يتم عن طريق التحالف مع السلطة الحاكمة. عدم وجود رأس مال وطني كبير (كبير بالمقياس العالمي) في معظم الدول النامية أسهم في نشوء فئة كمبرادورية مدعومة من الرأسمال العالمي وتخدم مصالحه . يتفاوت حجم الرأسمالية الكمبرادورية بين دولة وأخرى، وبالرغم من تناقض مصالحها مع الرأسمالية الوطنية، إلا أنها يمكن أن تشارك السلطة مع الرأسمالية الوطنية (وينتقل الصراع بينهما إلى داخل السلطة). - بالطبع تتناقض مصالح ونشاط الرأسمالية الوطنية مع الرأسمالية الكمبرادورية (والطفيلية)، حيث إنها ليست في تبعيه للرأسمال الأجنبي، وحتى لو اختارت الانفتاح على السوق العالمي يكون ذلك من موقف سيادة وطنية. ويمكن، ويعول على الرأسمالية الوطنية في إحراز تحوُّل في الاقتصاد من الهيمنة الأجنبية التي تخدم مصالح الرأسمالية الإمبريالية العالمية أو/ومصالح رأسمالية بعض الدول الناهضة (والتى تشكِّل حلقة وسطى في هيكل الرأسمالية العالمية)، إلى اقتصاد يلبي حاجات السكان المحليين والتنمية الوطنية. 3- الخيانة والعماله والتضليل الممنهج 1.3 الخيانة والتضليل - ان عدم العمل على تصفية القواعد الاقتصادية للنظام اللصوصى المهيمن على مدى ثلاثين عاما (ومازال) ، بما فى ذلك ما هو تحت سيطرة الجهات العسكرية ، وعدم التحرك بفعالية لهدم الركائز السياسية لهذا النظام ، يعد بمثابة خيانة عظمى للثورة. وفى ذلك يشارك حمدوك حاضنته السياسية وحلفائه من العسكر. تحمل حمدوك للوزر الاكبر فى ذلك ناجم عن اختياره الحر بعدم التقاط اللحظة الثورية. - الدعم الذى وجده حمدوك من جماهير الثورة لم يجده اى قائد تنفيذى او سياسى منذ الاستقلال. لم يكن مرد هذا الدعم لاى دور لعبه فى الثورة ، او لصفات ثورية يتمتع بها ، حيث لم يكن يعرفه احد ، انما لثقة الجماهير ، والتى لم تكن فى محلها كما اتضح لاحقا ، فى ان اختياره جاء من القيادات المدنية التى تم التوافق عليها فى ذلك الحين. كان يمكن لحمدوك ان يحول هذا الدعم لشرعية ثورية تقضى على ركائز النظام القديم ، بما فى ذلك لجنته الامنية القابعة فى مجلس السيادة. ولكن لم يكن ذلك اطلاقا ضمن اجندته ، بل العكس تماما ، حيث عمل ومنذ البداية على ابعاد الشباب الثورى وتنظيمهم الرئيسى ، لجان المقاومة ، عن المشاركة على اى نحو فى تطوير السياسات والرؤى لحكم البلاد. وكان وبجداره هائلة فى التآمر والتضليل يلعب على وتر "قيادة الشباب للثورة" فى خطاباته (على قلتها). وحتى فى خطاب الاستقالة كرر "ان الشعب هو السلطة" ، وان قيادة الثورة قوامها الشباب ولجان المقاومة ! هكذا !! وبدون استحياء. - صدق تماما ما ذكره احد الاصدقاء فى تبادل نصى بيننا "حقيقة ما بدى فرصة تفسر مواقفه باى حاجة غير انه نخبوى ، سلطوى ، يذدرى الحراك المدنى الجماهيرى والشارع". 2.3 العمالة والتضليل - كان حمدوك يعلم هو وجهات دعمه الداخلية والخارجية بان السير فى تصفية القواعد الاقتصادية للنظام اللصوصى ستفرز قياده ثورية تطيح به وبمشروعه الذى جاء من اجله: الارتهان الخارجى للاقتصاد السودانى لخدمة مصالح الراسمالية الامبريالية (وحلقتها الوسطى الاقيليمة) والتى اتت به (عن طريق وكلائها الاقليميين والمحليين) والتى كانت تدعمه هو شخصيا (لاحظ الدعم الهائل لشخصه ، خصوصا من الاتحاد الاوربى ودوله الرئيسية إبان مسرحية الاقامة الجبرية ، والتى كان ، كما تم فضحه من حميدتى ، احد مخرجيها وبطلها الرئيسي). - فى ظروف السودان الحالية ، فى وضع يسيطر راس المال الطفيلى ولصوصية الدولة على الاقتصاد ، تدهور الطلب والانتاج المحلى وتدهور المعيشة وزيادة وتائر الفقر ، تكون الدعوة لتقليص دور الدولة والقطاع العام والانفتاح على السوق العالمى ، وبدون اى استعداد للمنافسة ، حيث ان القطاع الخاص الوطنى قد تم تدميره بواسطة النظام اللصوصى الطفيلى ، هى خيانة وطنية وعمالة خارجية بالمفتوح. - لو كان حمدوك مقتنعا فكريا ومهنيا بجدوى النهج الليبرالى الجديد كاساس لسياسة اقتصادية ناجعة فى السودان لقام علنيا بوضعه على الطاولة (كما فعل ابراهيم البدوى). ولكن الاحساس بان تبنى وصفة اجماع واشنطون هى لخدمة مصالح خارجية هو يرعاها دفعه لاخفاء توجهه حتى يتمكن من رص صف الثورة المضادة والعمل على اضعاف الحركة الجماهيرية الوطنية ، والعمل بالشراكة مع العسكر على نحو متعمد على تردى الوضع المعيشى (الشح المصطنع فى عرض السلع والخدمات الرئيسية ، من وقود وخبز وكهرباء) حتى يتقبل الناس رفع الدعم على وعد توفير وسائل المعيشة (ورفع الدعم ولم يتم توفير السلع والخدمات). ان انقلاب 25 اكتوبر ووثيقة 21 نوفمبر قد اوضحا بجلاء ان حمدوك كان يخطط ويعمل بتناغم فى كل فترته مع العسكر ، والذين كان يصف العمل معهم بالشراكة الاستراتيجية ، شراكة دعى العالم مرارا للتامل فيها (والتعلم منها) - هكذا ! - بماذا يوصف من ائتمنته الثورة لتحقيق مطالبها ، والذى اتخذ التضليل والتآمر نهجا فى الحكم لتمرير اجندة وبرامج تم ابعاد الثوار من وضعها وتعمل ضد مصالحهم ؟ عباس عبد الكريم احمد دبى - الامارات العربية المتحدة [email protected] المراجع -Abdelrahiem A. Khalifa (2020(Sudan’s Transition: Challenges and Opportunities washingtoninstitute.org/fikraforum/view/Sudan-Transitional-Government-Economy-Peace-Building, accessed 14/7/2020 -GFI-Global Financial Integrity, 2020, Sudan and trade integrity, Washington, Dc, May 2020. -MoHRDandL and ILO (2013) Sudan Labour Force Survey (SLFS 2011), Report; final draft,Ministry of Human Resource Development and Labour, ILO, Khartoum -IMF, 2020. Sudan Staff Report For The 2019 Article Iv Consultation, accessed May 2020. imf.org/en/Publications/CR/Issues/2020/03/10/Sudan-2019-Article-IV-Consultation-Press-Release-Staff-Report-and-Statement-by-the-Executive-49254
IMF, 2020/b Sudan Selected Issues, IMF Country Report No. 20/73, march 2020 Washington, D.C. imf.org/en/Publications/CR/Issues/2020/03/10/Sudan-Selected-Issues-4925 IMF, 2021/1, Sudan- Enhanced Heavily-Indebted Poor Countries Initative. imf.org/en/Publications/CR/Issues/2021/03/2 -IMF, 2021/2, Sudan Under the Staff-Monitored Review. /.imf.org/en/Publications/CR/Issues/2021/04/21 -World Bank (2020), World Bank National Accounts Data and OECD National accounts Data files, accessed 1/7/2020 data.worldbank.org/indicator/NY.GDP.MKTP.KD.ZG؟locations=SD
All the best, Husam Abbas
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/06/2022
عناوين المواضيع المنبر العام بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 01/06/2022
عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/06/2022
|
|
|
|
|
|