الهندوسية تطورت منذ ما قبل ثلاثة آلاف وخمسمائة عام. أي أنها من أقدم الديانات. منها ظهر اسم براهما بالسنسكريتية وهو إله الخلق، وموجد الكون، وروحه العليا، وهو المعبود الأعلى في الثالوث الهندوسي (براهما "الخالق"، فشنو "الحافظ"، شيفا "المغني"). هذا ما أوردته ويكبيديا. وعلى ذات المنوال سنجد اسم إبراهايم أو ابرام أو ابراهام، والذي يكاد يحمل ذات اسم الإله الهندوسي، فابراهام تعني -كما ويكبيديا- الأب الرحيم، الأب المتعالي الحنون، وهو مشتق من اسم ابرام الذي يعني العالي أو الرفيع باللغة الكلدانية.
سنجد أن هذا التشابه الكبير بين أبراهام التوراتي والبراهما الهندوسي يشي بأن اليهودية إنما هي تطور للهندوسية، ويقال بأن اليهودية هي نتاج عمل من بعض الإخمينيين في القرن الخامس قبل الميلاد. تورد التوراة تغيير الله لإسم أبرام إلى إبراهيم، بدون أن يكون هذا التغيير ذو أهمية جوهرية، سوى تصنع ظاهري؛ فقد جاء في سفر التكوين (5:17): (1- وَلَمَّا كَانَ أَبْرَامُ ابْنَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً ظَهَرَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ وَقَالَ لَهُ: «أَنَا اللهُ الْقَدِيرُ. سِرْ أَمَامِي وَكُنْ كَامِلًا، 2- فَأَجْعَلَ عَهْدِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَأُكَثِّرَكَ كَثِيرًا جِدًّا». 3- فَسَقَطَ أَبْرَامُ عَلَى وَجْهِهِ. وَتَكَلَّمَ اللهُ مَعَهُ قَائِلًا: 4- «أَمَّا أَنَا فَهُوَذَا عَهْدِي مَعَكَ، وَتَكُونُ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ، 5- فَلاَ يُدْعَى اسْمُكَ بَعْدُ أَبْرَامَ بَلْ يَكُونُ اسْمُكَ إِبْرَاهِيمَ، لأَنِّي أَجْعَلُكَ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ. 6- وَأُثْمِرُكَ كَثِيرًا جِدًّا، وَأَجْعَلُكَ أُمَمًا، وَمُلُوكٌ مِنْكَ يَخْرُجُونَ).
فالإله براهما تطور إلى إبراهيم النبي، بدلاً عن أن يحدث العكس، وذلك لكي ننتقل إلى عصر الألوهية اللا مركزية أو الانتقال من الميتافيزيقية إلى الحسية، ولكن هذا التطور عانده وعارضته توجهات المسيحية؛ ويبدو أن المسيحية أعادت لأبراهام سلطة الألوهية من خلال الثالوث المسيحي او الأقانيم (الآب، الابن، الروح القدس)، وسنجد هذا التشابه مع أقانيم الإله الهندوسي السابق ذكرها (براهما، فشنو، شيفا). وهو بالتالي صراع بين السلفية والتحديثية، هذا إذا أخذنا في الاعتبار، أن شخصيات التوراة لم تجد لها أي دليل اركيولوجي حتى الآن، مما شكك الكثير من العلماء في صحتها وحقيقة وجودها مثل طومسون ووليام جي ديفير بحسب ويكيبيديا. يبدو أن عملية التناقل بين ما قبل الميلاد كانت محكومة باتجاهين، اتجاه تقدمي واتجاه رجعي. لكن في كل الأحوال هذا سينقلنا إلى افتراضات وحقائق اخرى؛ من أهمها، هو أن هناك احتكاراً لسماوية الأديان؛ ففي الواقع كل أو أغلب الأديان هي اديان سماوية، أي أن الإله الأصلي في السماء أما الأوثان والأصنام فهي مجرد رموز للتقرب إلى ذلك الإله زلفى. ذكرت من قبل أن الإله الصيني مات، وتبعثرت أجزاؤه فأصبح بعضها الأرض والأخري الشمس، والقمر والمياه والنباتات ...الخ. هكذا يكون الإله الصيني في كل مكان تقريباً رغم أنه كان في السماء، لكن اجزاءه تمثل هنا (الروح، أو كن فيكون). التي انتجت كل الكون، وكل هذا الوجود. لو نظرنا إلى الأمر من هذه الزاوية فلا توجد أديان غير سماوية، ذلك أننا لو تتبعنا كل الأديان سنحد أن آلهتها في السماء. بل سنجد (في الواقع) أن الإله فيها واحد أحد، وتمثل الآلهة الأخرى مخلوقات ذات طبيعة خارقة منحها لها الواحد الأحد بما يشابه الملائكة، وتمثل الأقانيم مكونات الواحدية تلك أي (الهيمنة والأداة والرحمة). هكذا يمكن أن تتطابق النظرية العامة للأديان، لتكون الأديان بمختلف مسمياتها مجرد تطويرات وتحديثات للبرنامج الأصلي بحسب اختلاف التصورات.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/06/2022
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة