المُنحطّون في حاجة إلى الكذب.. إنه إحدى شروط بقائهم.. يبدو لي ان الجنرال برهان القاتل، يسعى إلى التلاعب بالواقع كما يشاء بتحرّيف الحقيقة وفق ما تقتضيه مصالحه الانانية، يجزّئها، ويتلاعب بأبعادها، وينْظر إليها من نافذة المنفعة الشخصية فقط. منذ انقلابه المشؤوم، تزيّفت الحقيقة وتحوّلت إلى أسطورة يوظّفها الجنرال القاتل لتثبيت سلطته، يغلّفها بغلاف وطني، ويعرضها بضاعةً في سوق الكذب والخداع، ويستعين بفنون المراوغة والتضليل، ليستميل بها مشاعر الشعب السوداني وعقله، من أجل إضفاء المشروعيّة على انقلابه ومخططاته التسلطيّة. منذ انقلابه المشؤوم، يطّل هذا الكذاب في القنوات والفضائية المؤيدة لانقلابه، لنشر كل أنواع الأكاذيب حتى تحوّل الكذب والخداع والغشّ والمكر والغدر إلى منهج سلوكي وثقافة يومية يمارسها، حفاظاً وتثبيتاً لوجوده في السلطة. عزيزي القارئ.. ظهر هذا الكذاب الأشر في فضائية (العربية) المملوكة لآل سعود، يوم الجمعة 3/12/2021، لتوزيع أكاذيبه المجانية على النحو التالي: 1/كذب أول.. قال البرهان في مقابلة مع "العربية"، أنه لم يتم إنجاز الكثير من مهام الفترة الانتقالية من قبل قوى سياسية!! هذا القول فيه كذب عظيم، إذ ان سبب اخفاق القوى السياسية (قحت) وفشلها في السنتين الماضيتين، يرجع أولا وأخيرا للشق العسكري الجنجويدي الذي وضع كل العراقيل والمتاريس أمام الشق المدني حتى لا تنجح في تحقيق اهداف الثورة وشعاراتها المرفوعة -حرية سلام عدالة، وذلك من خلال خنق الاقتصاد وعدم السيطرة على الأمن. 2/ كذب ثاني.. قوله أن "البعض يريد أن يجعل من المكون العسكري شماعة لفشل الكثيرين"، مؤكداً أن "الوضع الانقلابي لا ينطبق على إجراءاتنا.. ولكنها عملية تصحيح". ما تم في يوم 25/10/2021، لا يمكن وصفه إلا بالانقلاب العسكري لو بحثنا في كل القواميس الانقلابية.. اما قول البرهان بأن ما قام هو تصحيح لمسار الثورة، فليس هناك انقلابيا واحدا في العالم يقوم بالانقلاب ثم يعترف بأن ما قام به انقلاب. 3/كذب ثالث.. قال البرهان إن الجيش أوضح منذ البداية أنه سيمضي في الإصلاح، مضيفاً: "نريد شراكة مع القوى السياسية للإعداد للمرحلة الانتقالية". فاقد الشيء لا يعطيه.. فإذا كان جيش البرهان لا يستطيع اصلاح نفسه، ليصبح مؤسسة وطنية مسؤولة عن الدفاع عن سلامة أرض الوطن وسيادته الإقليمية، وخدمة مصالح الشعب وحماية أهدافه وأمنه الوطني.. فكيف له إذن ان يصلح ويتدخل في السياسة المحرم عليه دستورا وقانونا؟ 4/كذب رابع.. قال البرهان أن اختيار رئيس القضاء والنائب العام هو من ضمن اختصاص مجلس السيادة، مضيفاً: "حمدوك له الحرية المطلقة في اختيار مساعديه". ما قاله عن حق مجلس السيادة في اختيار رئيس القضاء، فيه تضليل وكذب، ذلك ان اختيار رئيس القضاء ليس من اختصاص مجلس السيادة، بل من اختصاص السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء) وفقا للوثيقة الدستورية التي اعادها البرهان نفسه للعمل بها. 5/كذب خامس.. في شأن التظاهرات ووقوع قتلى خلالها، قال البرهان: "التظاهر السلمي حق مكفول للجميع.. وقوع ضحايا في التظاهرات أمر غير مقبول وسنحاسب المتورطين". وتابع: "نعمل مع القضاء لمعرفة من يقف وراء قتل المتظاهرين.. والأيام ستكشف من يقف خلف جرائم قتل المتظاهرين". الذين قتلوا المواطنين السلميين الأبرياء في التظاهرات المنددة بالانقلاب، معروفين للجنرال البرهان ولكل الانقلابيين، وهم، ميليشيات الجنجويد -الشرطة -قوات حركات "اعتصام القصر". لكن البرهان يتستر عليهم كما تستر من قبل على قتلة "اعتصام القيادة العامة". انه يكذب والأيام القادمة لم تكشف شيئا ابدا، وسيظل القتلة طلقاء محميين من البرهان ومجلسه الانقلابي. 6/كذب سادس.. كما كشف أن "التغييرات الأخيرة في الجيش والأمن مرتبطة بما حدث في التظاهرات"، مضيفاً: "لن نتهم أي طرف حتى الآن بقتل المتظاهرين.. وسننتظر التحقيقات". والبرهان هنا انما يكذب كذبا كبيرا، لأن الكل يعرف ان التغييرات الأخيرة في الجيش والأمن، لها علاقة بإخفاء معالم الجريمة (مجزرة 17 نوفمبر ومجازر لاحقة)، كما لها علاقة بالتمكين الذي يمهد له الجنرال الانقلابي لتثبيت سلطته.. فلمّا الإصرار على الكذب!! 7/كذب سابع.. قال البرهان إن "الدولة العميقة موجودة في كل مكان وتعمل على إعاقة التقدم". وأضاف أن "نظام (الرئيس السوداني المخلوع عمر) البشير جزء من الدولة العميقة.. والبرهان الذي يتهم المخلوع عمر البشير بالدولة العميقة.. ولكن ويا للمفارقة، انه -أي "البرهان" يستعين بنفس الناس الذين يتهمهم بالدولة العميقة، لتثبيت سلطته الانقلابية (الأعضاء الجدد في مجلس السيادة، كيزان -رئيس القضاء، كوز -النائب العام الجديد، كوز -وولخ).. 8/كذب ثامن.. أكد البرهان أن "الشعب السوداني بالكامل يدعم قراراتنا، وبعض النخب ترفضها". وكشف أنه لن يترشح للرئاسة السوداني قائلاً: "لدي مهمة محددة ملتزم بها أمام الشعب والجيش وهي استكمال الفترة الانتقالية. لن أترشح للرئاسة حتى لو طُلب مني ذلك. مهمتي تنتهي بانتهاء الفترة الانتقالية". المعروف منذ الانقلاب المشؤوم، هو ان 99.9% من الشعب السوداني يرفض الإجراءات الانقلابية، بدليل التظاهرات الملاينية التي تخرج كل أسبوع لإجبار العسكر والجنجويد على التراجع عن هذه الإجراءات وإعادة السلطة للمدنيين.. ولا ندري في أي كوكب يعيش هذا البرهان!! 9/كذب تاسع.. أكد البرهان أنه لا يتهم أحداً بتنفيذ أجندة خارجية "لكن نرى ذلك بالعين المجردة من بعض القوى.. أجندة بعض القوى السياسية مع الخارج تهدف لعرقلة عملية الانتقال في السودان". إذا كان هناك من ينفذ اجندة خارجية، فهو الجنرال عبدالفتاح برهان، إذ ان الانقلاب الذي قام به يوم 25 أكتوبر لم يكن ممكنا لولا التدخل (المصري الإماراتي السعودي الاسرائيلي الروسي). لكن هل يستطيع الجنرال الانقلابي ان يذكر لنا جهة اجنبية واحدة تقف وراء القوى السياسية السودانية؟ 10/كذب عاشر.. قال عبد الفتاح البرهان، في مقابلة مع رويترز يوم السبت 4/12/2021، إن الجيش سيترك الساحة السياسية بعد الانتخابات المقررة في عام 2023 ، مضيفا أن المؤتمر الوطني لن يكون جزءا من المرحلة الانتقالية بأى صورة من الصور. ان منع الجيش السوداني من التدخل في الشأن السياسي، لا يتم بقرار من عبدالفتاح البرهان أو غيره من الانقلابيين، انما من خلال وضع نص دستوري صريح يشير الى ذلك.. اما قول الجنرال بان المؤتمر الوطني لن يكون جزءا من المرحلة الانتقالية، فهذا القول فيه تضليل وكذب، إذ الفضل يرجع له أولا وأخيرا في إعادة هذا الحزب الى المسرح السياسي بعد الانقلاب الذي قام به. البرهان، رجل كذاب ومتناقض مع نفسه في كل لقاءاته واجتماعاته وتفكيك البنية اللغوية لكذبه ليست بالشفرة المستعصية على الحل، إنما هي مكشوفة وظاهرة لا يحتاج لكبير عناء. فهذا البرهان الذي قال انه لم يترشح لرئاسة الجمهورية في 2023 كذاب، ولأنه كذاب سيعود ويقول ان الظروف التي يمر بها السودان تتطلب منه الترشح. انه يستحسن الكذب وأضحى الأمر عنده عادي واعتيادي جدا. الشعب السوداني لا ينتظر من شخص استهوته المناصب والكرسي، وأصابه العمى الذهني ورؤيته للأشياء لا تتجاوز بذلته التي يرتديها، تواطأ على الشعب بأبخس الأثمان، ودب بسمومه في جسده دون مواربة آو استحياء، فليستمر في كذبه وغيه وخداعه ومكره وافتراءه وتزييفه للحقائق، فالشعب سيحاسبه آجلا أو عاجلا.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 12/06/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة