آية الله على عثمان عراب المشروع الحضاري الإسلاموي في السودان (1) من داخل زنزانة عتيقة داخل مبنى سجن كوبر التليد بالقرب من ضفة النيل الأزرق والمسمى على إسم المفتش البريطاني مستر كوبر ، يدير العراب على عثمان أعقد عملية خداع عرفها التاريخ السياسي الحديث. داخل تلك الزنزانة تملأ أسراب الباعوض ليل قاطنيها بطنين سرمدى لاينتهي , ولسعاتها تهدي حمى الملاريا لكل من تخذله مناعاته ودفاعاته البيولوجية على مقاومة إفرازاتها وهى ترتشف من دماء ضحاياها ماشاء الله لها. وينتشرداخل السجن الكوفيد القاتل وحمى التايفويد وداء السل والأمراض الجلدية والأكزيما. بدهاء يضاهي دهاء عمرو بن العاص ويفوق دهاء روميل ثعلب الصحراء يلتحف آية الله الفقيه العراب على عثمان ملحفة وضيعة فوق سرير حديدي ويداعب بنظراته الفئران والجنادب والعناكب والحليس من الضباب وهي تتحرك على الجدران وتزحف على الأرضية في تلك البيئة الرطبة القاسية يحدق بها ببصره ويحدثها تناجيا أو سرا كيف تلاعب هو بالمخابرات الإقليمية والعالمية التى تنشط نشاطا محموما فى السودان وعلى رأسها جهاز الموساد والمخابرات المصرية منذ عهد عمر سليمان المختفي قسريا في أمريكا إلى زمن عباس كامل وبالمخابرات الأثيوبية والأريترية وكذلك بالمخابرات السعودية والأماراتية والسي أي أيه والأم آي 6 ومخبرو الإتحاد الأوروبي وبرؤساء دول الإقليم الذين ظلوا حضورا فى المشهد السوداني منذ عقود حيث يدير من مكمنه المزري داخل زنزانته تلك كل مايجري من أحداث في السودان حتى الآن. ويشكل هو لاغيره الأحداث ويصدر التعليمات التي لاتقبل التأجيل. تلك الأحداث التي تطورت إلى صراع عالمي بين أمريكا وروسيا بسبب القاعدة العسكرية على البحر الأحمر . ويفتي فتاوى قتل كل من يخرج على الحاكم بناء على مرجعيته الفقهية المفتون بها هو وشيخه الترابي ألا وهى فتاوى الشيخ الماوردي في أحكامه السلطانية لإدارة الدولة الإسلامية. ويصدر أوامر إنقلاب 3 يونيو 2019 وتنفيذ خطط فض الإعتصام وقتل الأبرياء فى فجر أبرك أيام الأواخر من رمضان المعظم بحرمة المعصية فيه ناهيك عن سفك دماء الصائمين والصائمات وإغتصابهن وإنتهاك حرمات بيوت الله. وكمثال على مايقوم به من كوميديا عبثية ساخرة إخراجه لأحمد علي الفاششوية أخطر رجاله في التنظيم السري وهو أحد مؤسسي الأمن الشعبي ومنفذي إنقلاب 30 يونيو 1989 وجند كثيرا من أبناء منطقته بالنيل الأبيض. وبرع في الإدارة المالية للدولة الباطنية الإسلامية وتمويل العمليات القذرة وتهريب السلاح طيلة عهد الإنقاذ. ومكتبه في القصر الجمهوري فوق مكتب رئيس الجمهورية المخلوع البشير. حيث أصدرت المحكمة حكمها بإخراجه من السجن لعدم الأهلية العقلية بعدإنقلاب البرهان الأخير يوم 25 أكتوبر الماضي. ويقينا فإن أحمد علي كان حر الحركة قبل ذلك التاريخ. يخوض العراب معركته الأخيرة فى مشروعه الحضاري وهى معركة حياة أو موت ولاخيار ثالث بينهما كما لا توجد منطقة وسطى ، وهو يتستر بزنزانة وسجن و عبدالباسط سبدرات وبعض ماسونية في ملهاة أسطورية وكوميديا سوداء تفتق عنها خياله التآمري الفريد. وحين يرنو ببصره بعيدا يحدث ساكني زنزانته من تلك الزواحف كيف خطط لإسقاط المخلوع البشير عبر خطة المد الثوري المتحكم به عندما رفض بوصفه رئيسا للحركة الإسلامية في تصريح بثته الفضائيات التطبيع مع إسرائيل فى نوفمبر 2018 بعد مفاوضات وإتصالات شاقة. إتفاق التطبيع مع السودان أرض الأجداد لليهود كان سيعطى قبلة الحياة لنظام نتينياهو وحزب الليكود العجوز المتهالك ويضخ الدماء في شرايين نظام المخلوع البشير والذى تمرد وشق عصا الطاعة على قيادته وأوامره ويرفع عنه المقاطعة والحصار الإقتصادي العالمي والعزلة خارج النظام المالي الدولي. رفض مرشد النظام التطبيع في تلك الأيام كموقف تكتيكي متحججا بمرجعية فقهية كيما تمور الأرض تحت أقدام البشير. فأعطت إسرائيل عملاء الملياردير اليهودي سوروس والنيوليبراليزم الضوء الأخضر لإسقاط نظام البشير بإثارة القلاقل فى السودان عبر وسائلهم المجربة وعملائهم من الشباب والشابات الذين تم تدريبهم فى ورش بناء قدرات وقنوات تمويل على تفجير الثورات الملونة. قام الموساد والمخابرات المصرية متضامنين بتمويل وتنفيذ خطة إسقاط نظام عمر البشير عبر أزرعهم فى المخابرات والجيش ورجال الأعمال مجموعة مو إبراهيم تحت إدارة وتنسيق صلاح قوش وعوض إبنعوف.
(2) عن طريق صلاح قوش تحكم العراب على عثمان فى قيادة وتوجيه هذه الثورة حتى ينجز القضاء على الديكتاتور الذي صنعه بنفسه المخلوع البشير والذى إستطاع بتمويل من الإتحاد الأوروبي بناء مليشيات الدعم السريع لحماية أمنه الشخصى وتولى طه عثمان الحسين أمر تلك القوات وتسليحها وتطوير قدراتها القتالية عبر برنامج (Sudan Process). ولم ينسى رد الجميل للإتحاد الأوروبي فى ملف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا فتم تأمين وقفل الحدود مع ليبيا لذلك الغرض. ثم تحولت تلك القوات إلى قوات للبيع فى الحرب العبثية ضد الشعب اليمنى من قبل السعودية والإمارات. صلاح قوش وهو ربيب علي عثمان وممثله السري وبصاصه المزدوج فى هذه اللعبة وعوض إبنعوف هو أحد قادته العسكريين المخلصين . إستخدمهما الإثنين في تمرير أجندته على المخابرات المصرية. ومن المعلوم أن صلاح أحد إفرازات الحركة الطلابية الذين إلتحقوا بجهاز المعلومات بقيادة نافع حيث تم تدريبه على أعمال البصاصة والجاسوسية ولاحقا على تصفية الخصوم والقتل والسحل والتطهير العرقي ثم أدخل إلى عالم البزنس عبر البحار والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والتي يعتبر السودان دولة ممر رئيسي لها عبر الصحراء الغربية إلى أفريقيا ، والبحر الأحمر إلى السعودية والخليج. كان ومازال قوش أحد أبرز معاوني العراب وكلب صيده الذى يصيد به فرائسه ويده الباطشة التى يفتك بها خصومه. (3) منذ توقيع إتفاقية الخيانة في نيفاشا فى 2005 والتي إنتهت بفصل جنوب السودان فى 2011 وذهاب وفقدان 70% من إنتاج النفط وعائداته لصالح دولة جنوب السودان تلك المليارات التى كان يتحكم فيها العراب علي عثمان عن طريق عوض الجاز ودخول العالم فى الأزمة المالية الطاحنة في 2009 تفجر الصراع مابين مجموعة العسكريين بقيادة المخلوع عمر البشير وعبدالرحيم محمد حسين وبكري حسن صالح ومجموعة العراب على عثمان وعوض الجاز ونافع وعلي كرتي إنتهت بإبعادهم من دست الحكم في 2013 بعد الأحداث الدامية والمظاهرات التي شهدتها الخرطوم وبعض المدن و قتل فيها قرابة المائتين من الشباب. وشق المخلوع عمر البشير عصا الطاعة على شيخه علي. (4) بعد تلك المفاصلة الصامتة شرع العراب بدهائه المتفرد في خطة طويلة للتمويه وأظهر للناس جميعا زهده فى العمل السياسي الروتيني وإدارة دولاب الدولة. إمعانا فى ذلك التخفي إرتحل من منزله فى حي الرياض الراقي وإنتقل للعيش فى مزرعته الغناء بضاحية سوبا شرق على ضفاف النيل الأزرق بعيدا عن ضجيج وسط الخرطوم. وراح ينشئ فى مشروع "بنك الطعام" كأحد المحسنين الأخيار ونجح فى دعمه عن طريق إحدى السفارات بالخرطوم بعربات مجهزة بمبردات لحفظ ونقل الطعام. وتارة كان يتسلى بنشاطات لم شمل الفنانين والأدباء والتشكيلين بمختلف ألوانهم فى تنظيم جامع. ومرة أخري يؤسس مع مهاتير لحوار عالمي ويستضيفه بالخرطوم. حتى نسي القوم شيخ علي وأسقطوه من حساباتهم. وظهر فى صباح أحد الأعياد من داخل مزرعته على فضائية خرطومية شهيرة زيادة فى إشاعة التمويه. وهكذا تحت أشجار النخيل وحول أحواض الورود والزهور والفراشات الملونة وزغزغات العاصفير وسجع القماري وفى الليالي المضيئة والقمر بدرا مكتملا تفرغ العراب لإدارة ملف إسقاط البشير وإسترجاع أمارته المطلقة لتنظيم الحركة الإسلامية , ومملكته التي تفرغ لبنائها منذ رئاسته لإتحاد طلاب جامعة الخرطوم فى العشرية السابعة من القرن الماضي وشكلت حادثة إلقاء القبض على قادة الحركة الإسلامية بقيادة شيخه الترابي من قبل جعفر نميرى وزجهم فى السجون فى أوائل العام 1985 نقطة فارقة فى مسيرته القيادية , فتسلم العراب الراية مع د.إبراهيم أحمد عمر ودخل تحت الأرض وقاموا بقيادة العمل السري ضد نظام نميري وتفجير وقيادة المظاهرات التى إنتهت بإندلاع إنتفاضة رجب-أبريل 1985. أتت الإنتفاضة بإسلاميي الجيش إلى قيادة البلاد يتقدمهم المشير عبدالرحمن سوار الذهب ذى الولاء لطائفة الختمية والعلاقة مع المملكة العربية السعودية. منذ ذلك الزمان سيطر العراب على مصادر تمويل جماعة الإخوان المسلمين الترابيين والتى تحولت بعد نجاح قوى الإنتفاضة فى إسقاط النميري إلى مسمى الجبهة الإسلامية القومية لإبعاد شبهة السدانة عن قادتها الذين عملوا متضامنين مع نظام جعفر نميري منذ المصالحة الوطنية فى العام 1977 قبل أن ينقلب عليهم ويرمي بهم فى غيابة السجون والمعتقلات فى 1985. ثم خاضوا الإنتخابات وفازوا في دوائر الخريجين وأصبح العراب زعيما للمعارضة داخل الجمعية التأسيسية. (5) تفرغ العراب على عثمان تحت قيادة وإرشاد المرحوم أحمد سليمان المحامي القيادي الشيوعي السابق- عقب إنضمامه للجبهة الإسلامية- وهو الخبير بالعمل السري والتكتيكي منذ العشرية الخامسة من القرن الماضي فى بناء وتطوير الخلايا السرية الإسلامية داخل الجيش السوداني والتى خبر أحمد سليمان فنونها فى مصر في أواخر الأربعينات إبان الكفاح ضد النظام الملكى والباشوية في مصر وأثمرت ثورة الضباط الأحرار في إنهائه إلى الأبد. وضع سليمان هياكل الخلايا السرية والتى لايعرف أعضاؤه بعضهم بعضا وترتيبها الهرمي الذى يربطها بفريق مشرفيي الخلايا من القيادات المدنية الوسيطة السرية(مثل حسن عثمان رزق والفاششوية وعبدالوهاب عثمان- كان يطلق عليهم لقب السواقين) وتنتهى كل الخيوط عند العراب علي عثمان والذى تم تفويضه من قبل الترابي وقيادات الجبهة الإسلامية فى مجلسها الأربعيني للتحضير للإنقلاب على النظام الديمقراطي بعد مذكرة الجيش الشهيرة. ومن منزلى أحمد سليمان بضاحية المنشية والرشيد الطاهر بكر بكوبر تم تنزيل المخطط لأرض الواقع. ولمدة تقارب العامين تمكن العراب علي عثمان وقائد العمل الخاص عوض الجاز من بناء وتدريب مليشيا سرية من شباب الإسلاميين مدربة تدريب قوات خاصة محترفة يقودها د. نافع علي نافع وتولى تنسيق التنظيم العسكري السري داخل العاصمة عبدالرحيم محمد حسين ، وكان على رأس التنظيم بالتراتيبية العسكرية محمد الهادي مأمون المرضي وبعد إحالته كان الخيار العقيد طيار مختار محمدين حاج الأمين قريب البطل عبيد حاج الأمين والذى إستشهد أثناء إحدى طلعاته الحربية لضرب الجيش الشعبي لتحرير السودان وفك الحصار عن حامية الناصر ، ثم كان الأعلى رتبة هو العميد عثمان أحمد حسن والذي رؤي إستبعاده لقوة شخصيته وإستقلاليته. قبل أيام قليلة من الإنقلاب جئ بالعميد مظلى عمر البشير من أحراش الجنوب غرب النوير منطقة عدارأيل ليتولى قيادة الإنقلاب بأقدميته العسكرية. عمر البشير كان زميلا لعلي عثمان فى مدرسة الخرطوم القديمة الثانوية. نجا عمر البشير من سيف الفصل من الجيش والمحاسبة بعد رفع تقرير من الإستخبارات لوزير رئاسة مجلس الوزراء صلاح عبدالسلام الخليفة بإشتراكه وزميله عمر عبدالماجد فى عضوية خلية إسلامية سرية داخل الجيش. قام عبدالماجد بالقسم على المصحف لقائد سلاح المظلات ببراءته من المشاركة فى أى نشاط سري وكان صادقا بينما كان البشير عضوا ناشطا. وبرفض قائد المظلات تدخل الملكية فى عمله وإتهامهم لضباطه تم نقل المخلوع البشير إلى مناطق العمليات في جنوب السودان وتم تفريغ عبدالماجد للدراسة فوق الجامعية. بزغ نجم البشير بعد إنتصاراته الميدانية في ميوم وسمعت صيحات التكبير والتهليل وسط الجنود بصورة أزعجت القادة فى الخرطوم. من موقعه بالجمعية التأسيسية قام على عثمان بتقديم الدعم الميداني للجيش فى النيل الأزرق والكرمك وقيسان وعبر ذلك النشاط تسنى له تجنيد المزيد من قادة الجيش والإجتماع بهم سرا. (6) عند ساعة الصفر في ليلة 30 يونيو تمكن التنظيم الإسلامي فى الجيش من الإستيلاء على السلطة بمعاونة مليشيا مسلحة قوامها ألف فرد من الإسلاميين قامت بتأمين العاصمة والكباري يعاونهم تيم إتصالات لاسلكية. مارس العراب علي عثمان وعوض الجاز ونافع تمويها إحترافيا إنطلى على الرئيس المصري السابق حسنى مبارك والذي قام بمهمة الحشد الدولي لدعم ومباركة الإنقلاب في الخرطوم. بخدعة إذهب إلى القصر رئيسا وسأذهب إلى السجن حبيسا. وفعلا تم الزج بشيخ الإسلاميين حسن الترابي مع الصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغنى ومحمد إبراهيم نقد وقادة الحركة الوطنية فى سجن كوبر. كما تم تعيين اللواء الزبير محمد صالح المعروف بولائه لمصر كنائب أول لقائد الإنقلاب. فى سجن كوبر أطال العراب علي عثمان سجن مرشده الترابي حتى تمكن من إكمال السيطرة على مفاصل الدولة السودانية عسكريا وفي الخدمة المدنية عبر قرارات الفصل للصالح العام والإحالة للتقاعد. وبدأالشروع في برنامج التمكين في كافة المجالات. وبدأ التمكين الإقتصادي عبر رجال أعمال من ذوي الثقة أمثال الشيخ عبد الباسط وحسن حاج علي فى الدقيق و المواد الغذائية وعبدالرحيم حمدى فى الدواء ومحمود وشيخ موسى فى السلاح. وتولت منظمات مثل منظمة الشهيد إدارة المؤن الإستراتيجية وتوزيعها داخل البلاد. وبدأت المقاطعة العالمية تضيق على النظام حينما تكشف أن الإنقلاب ماهو إلا إنقلابا للجبهة الإسلامية القومية. سقوط جدار برلين فى 9 نوفمبر 1989 إيذانا بسقوط الستار الحديدى وسقوط الشيوعية في شرق ووسط أوروبا أربك حسابات الإنقلابيين. وهو حدث لم يحسبوا حسابه حيث إنتقل النظام العالمي ثنائي القطبية إلى القطبية الأحادية. وأصبح نظام الإنقاذ في مرمى أمريكا بنظامها العالمي الجديد. في 1993 قام الرئيس كلينتون بإدراج إسم السودان فى قائمة الدول الراعية للإرهاب. (7) شرع العراب علي عثمان فى السيطرة علىي إقتصاد السودان عبر تمدد البنوك الإسلامية وبرنامج الخصخصة والتمكين لرجال الأعمال الإسلاميين وشركاتهم وتمويل إستثماراتهم بنسب معلومة لصالح التنظيم ولشركات التنظيم ومنظماته وتدمير أي رؤوس أموال وطنية غير منتمية لتنظيمهم. وقع النظام إتفاقيات مع شركات كندية IPC فى 1991 و في 1993 مع SPC بغرض إستخراج النفط وفى العام 1995 مع شركة الخليج ، وفى نفس العام مع الشركة الوطنية الصينية CNPC وتم تشكيل الكونسورتيوم فى عام 1997 , وتكونت شركة النيل الكبرى فى 1997 وبدأ تصدير البترول فى 1999. نجح العراب في إقامة علاقة إستراتيجية مع المارد الصيني مكنت النظام من تمويل إستخراج البترول وتمويل مشاريع تنموية كبرى في البنى التحتية مثل الطرق والكباري. هذه الشراكة أججت العلاقة مع واشنطن فى صراعها الأممي مع الصين على الموارد الطبيعية فى القارة الأفريقية وظهور مبادرة الحزام والطريق التى تشمل 123 دولة في العالم وتعتبرها أمريكا الإستراتيجية الصينية للسيطرة على التجارة العالمية والعالم. تم تجييش الجيوش ومليشيات الدفاع الشعبي لحراسة حقول النفط فى جنوب السودان مما أدى لإندلاع حروب إستنزاف ضخمة . هذه الحرب اللعينة تم تصويرها على أنها حرب الشماليين المسلمين ضد الكفار والمسيحيين من جيش الحركة الشعبية لتحرير السودان. وصور الأمر على إنه جهاد ضد كفار الجنوب. حرب لعينة راح ضحيتها أكثر من مليون سوداني حتى إنتهت بفصل الجنوب. في3 نوفمبر 1997 فرض الرئيس كلينتون عقوبات مالية وتجارية على السودان ومنع تصدير التكنولوجيا الأمريكية له. 20 أغسطس 1998 قصفت البحرية الأمريكية مصنع الشفاء للأدوية في الخرطوم بحجة تصنيعه أسلحة كيميائية. ومع خروج أول باخرة تحمل النفط السوداني من ميناء بشاير فى العام 1999 قام العراب على عثمان بمعاونة فريقه من كبار الإسلاميين بإقصاء شيخه ومرشده الترابي من الحكم. وتمت المفاصلة الشهيرة فى رمضان بمذكرة العشرة. عقب هجمات سبتمبر 2001 تم توقيع إتفاق بين الخرطوم وواشنطن للتعاون في محاربة الإرهاب. في 21 أكتوبر2002 صدر قانون سلام السودان وربط العقوبات الأمريكية بتقدم المفاوضات مع الحركة الشعبية. في 18 نوفمبر 2002 تم توقيع إتفاق مشاكوس تحت رعاية الإيغاد. 9 يناير 2005 تم توقيع إتفاقية نيفاشا للسلام الشامل. 30 يوليو 2005 سقطت المروحية التى تقل د.جون قرنق فى سماء نيوسايت وقتل هو وكل من معه. تبين أن الحادث كان إغتيالا مدبرا لم تتضح تفاصيله بدقة بعد. ديك تشيني أعطى الضوء الأخضر للعملية ضمن برنامج عالي السرية لعدة عمليات حول العالم. ومن محرقة جنوب السودان شهدنا حريق القرى والمدن فى دارفور بضربات طائرات الأنتينوف وبراميل البارود الملتهبة وظهرت فى الأفق مليشيات الجنجويد التى قتلت مئات الآلاف من النساء وإغتصبتهن وقتلت العجزة والأطفال وسحلت الرجال ومثلت بهم من أجل (هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه). 2006 فرض الكونجرس عقوبات ضد الأشخاص المسئولين عن الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. قام الرئيس بوش بحظر ممتلكات عدد من الشركات والأفراد السودانيين. شملت 133 شركة وثلاثة أفراد. 13 أكتوبر 2006 إدعى الرئيس بوش أن حكومة السودان تهدد أمن وسلامة وسياسة أمريكا ، خاصة سياسة السودان في مجال النفط. توالت الضغوطات الأمريكية على السودان بغرض إحكام الخناق على قادته ليتم تمرير فصل جنوب السودان. 9-15 يناير 2011 أجري الإستفتاء على إستقلال جنوب السودان. 9 يوليو 2011 تم الإحتفال رسميا بإعلان إنفصال دولة جنوب السودان. أدار العراب علي عثمان هذا الملف الشائك والمعقد بنفسه وكان وحده من يختار معاونيه ومستشاريه وأتيام العمل معه. وقام بالتوقيع على إتفاق نيفاشا تحت الضغوط الأمريكية الصارمة. لم يجني السودان سوى الخيبة وضياع 70% من إنتاج البترول وعائداته وذهاب ثلث أرضه وكثير من الموارد البشرية والموارد الطبيعية الناضبة وغير الناضبة ضاعت هباء منثورا. ومنذ 11 أبريل 2019 رمى العراب بثقله لتعزيز العلاقة مع روسيا والدخول في شراكة إستراتيجية معها لضمان حماية دولية لنظام الإنقاذ( 3) بقيادة البرهان ومجلسه العسكري السري. فأعاد الفريق أول ميرغني إدريس سليمان مدير التصنيع الحربي السابق والمتورط في ملفات تهريب المخدرات كمدير لمنظومة الصناعات الدفاعية الإسم الجديد للتصنيع الحربي والمعروف بعلاقته مع الروس والموساد. وهكذا تنامى تهريب الذهب الخام إلى موسكو عبر رحلات جوية مباشرة وتم تسليم الروس قاعدة بحرية على البحر الأحمر. تم تحويل مكان القاعدة وتمويهه بعد الضغوط الأمريكية. وفي إختراق من العيار الثقيل طار البرهان إلى عنتيبي ليلتقي بنيامين نتينياهو رئيس وزراء إسرائيل يوم 4 فبراير 2020 في رحلة ضرب عليها ستار من السرية وكانت مفاجأة لشركاء البرهان فى المكون المدني وعلى رأسهم رئيس الوزراء وحكومته الذى أنكر سابق علمه باللقاء. ومفاجأة للسلك الدبلوماسي بالخرطوم. وهنا إستخدم العراب علاقاته الماسونية وتم ترتيب اللقاء عن طريق روني شاؤول ونجوى قدح الدم . يقال أن روني ممسك بهذا الملف قبل سقوط نظام المخلوع عمر البشير. وبذلك أمن العراب لتنظيمه السري العسكري وواجهته عبدالفتاح البرهان دعم وترحيب المجتمع الدولي وأمريكا عبر اللوبي الصهيوني. وفعلا لم يمضي وقت طويل حتى وافق ترامب قبل إنتهاء ولايته برفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ممهدا الطريق لرجوع السودان للنظام المالي العالمى وفاتحا أبواب نادي باريس لبحث إعفاء ديون السودان عبر عمليات دقيقة ومحددة. وتوالت الزيارات مابين تل أبيب والخرطوم. وتم إفتتاح مكتب للموساد بالخرطوم. وللعجب فتحت لهم كل أبواب مصانع التصنيع الحربي وخزائنها المخفية عن الشعب السوداني. وفى جنوب كردفان ودارفور ينتشر جيش مصغر من عملاء فاغنر والقوات الروسية الخاصة حماية لخبراء التعدين والإستشعار عن بعد فى تنقيبهم عن الكوبالت ذلك المعدن النادر والذى أضحى أغلى سعرا من الذهب لحوجة العالم الجامحة له حيث يشكل عصب التكنولوجيا الحديثة المعتمدة على الجيل الجديد من البطاريات التى يشكل عنصر الكوبالت 70% من مركباتها والتى تستخدم في وسائل النقل الكهربائية المستقبلية. تعتبر جمهورية الكنغو أكبر منتج للكوبالت فى العالم حيث تنتج 95% ونضب إنتاج روسيا حتى صار 5% من الإنتاج العالمي. الآن الصراع الإستراتيجى على السودان بين روسيا والصين من جانب وأمريكا وبعض دول الإتحاد الأوروبي من الجانب الآخر يقوم على الإستحواذ على مخزون السودان من هذا العنصر النادرحيث ثبت أن السودان به مخزون وفير بكر لم يتم إستخدامه إلي الآن.. (8) قام العراب بتصفية وإغتيال كل من تجاسر على الوقوف فى طريق مشروعه لقيادة الحركة الإسلامية وإنفراده بدور الأمير والفقيه والمرشد. قتل بدم بارد الكثير من القيادات الإسلامية العسكرية والمدنية وتنوعت أساليب القتل والتصفية تارة بالطائرات أو النعوش الطائرة ومرة بحواداث السير والمركبات وعربات الدفع الرباعي ، ومرات أخرى بالقتل المباشر لكل من حاول قلب نظامه بالقوة مثل ماحدث لقادة إنقلاب 28 رمضان 1990 والذين دفن وقبر بعضهم أحياء في قبر جماعي. وإنتشرت ظاهرة التصفيات الفردية للسياسيين المعارضين والإغتصاب والقتل داخل السجون والمعتقلات بجانب الإختفاء القسري للنشطاء السياسيين والقبور الجماعية لقتلى حريق دارفور. في 24 أبريل 2010 تم إغتيال الشيخ الشاب الورع التقي النقي محمد سيد حاج فى حادث حركة والذى فاق تأثيره على الشباب وعلى المجتمع كل الحسابات حتى أصبح ظاهرة تهدد المشروع الحضاري وشبابه. وبموته دخل المجتمع السوداني وشبابه مرحلة التغييب بالمخدرات والدعارة والمثلية والقونات الماجنات و"هيي دي مالا" والمغنين الفسقة الفجرة , وظهر طيف من شيوخ السلطان ليسوا إبتداءا بشيخ "تف قوم ياعاطل" وليس إنتهاءا بالمتشيخ الحكيم. كشفت تسجيلات قناة الحدث العربية تسريبا لعدد من إجتماعات شورى الحركة الإسلامية محاولة العراب وإلحاحه في تصفية غازي صلاح الدين واللواء ود إبراهيم وحسن رزق وبعض القيادات الإسلامية لتورطهم في التخطيط لمحاولة إنقلابية. كما إعترف العراب فى ذلك التسجيل بإغتيال ثمانية وعشرين ضابطا من الجيش وهم ضباط حركة 28 رمضان البعثيين فى العام 1990. وإمتدت تصفياته لمحاولة إغتيال حسني مبارك في أديس أبابا يوم 26 يونيو 1995 والتي أدت إلى تدويل مشكلة السودان إلى مجلس الأمن بشكوى مباشرة من أثيوبيا بعد شعور ملس زيناوي بالحرج البالغ وهو يستضيف القمة الأفريقية وغدر وخيانة النظام السوداني له. ولعب رجال بطرس ب. غالي داخل أروقة الأمم المتحدة دورا مفصليا في توريط السودان. في 21 أغسطس 2012 نجح العراب فى الفتك بالزعيم الأفريقي القوي ملس زيناوى بعد نجاح فريق الإغتيالات فى وضع مادة شديدة السمية ربما تكون البلوتونيوم في مايكرفون تحدث عليه الرئيس ملس. لا نشك أن العراب أعطى الضوء الأخضر لإجلاء مرشده الترابي من المشهد السياسي وتصفيته للأبد بعد عودته من قطر وتسجيله للحلقات مع أحمد منصور التي تدينه شخصيا بتدبير وتمويل حادثة حسني مبارك بمليون دولار. وكذلك تحركات الترابي ونجاحه فى ملف الوفاق السياسي الوطني وقربه من إحداث إختراق فى ملف الحوار الوطني والذى رعته القوى الدولية وقرب إعلان حكومة قومية بناء على نتائجه. وبعد نجاح ثورة ديسمبر فى 11 أبريل 2019 أصدر الأوامر بتصفية على محمود حسنين المحامي والسياسي الضليع والذى جرى تسميمه بعد أيام من عودته للبلاد لخطورته على إنقلاب اللجنة الأمنية والمجلس العسكري و مصير الصف الأول من الحركة الإسلامية بما فيهم العراب نفسه المدانيين بتدبير إنقلاب يونيو 1989 بالتعاون مع العسكريين بالإضافة إلى تنفيذ تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية. كذلك تم التخلص من الإمام الصادق المهدي بفيروس الكورونا بالإتفاق مع مخابرات دول إقليمية والذى شكل بخبرته عائقا أمام ترتيبات تدجين الثورة السودانية والإنقضاض عليها لاحقا. كذلك تخلص من رئيس الحركة الإسلامية الزبير محمد الحسن المعتقل معه داخل سجن كوبر في مكائد وتصفية حسابات داخل جسم الحركة يعلمها العراب ولانعلمها. كذلك وقبل توقيع إتفاقية جوبا للسلام وأثناء المباحثات مع الحركات المسلحة تمت تصفية وزير الدفاع الفريق أول جمال الدين عمر يوم الأربعاء 2 مارس 2020 لإعتراضه على بنود الإتفاقية والتى أعطت الحركات المسلحة مالا تستحق ومنحتها مكاسب أكبر من حجمها على الأرض ومن المعلوم أن الفريق جمال كان يقود الإستخبارات العسكرية منذ العام 2017. وهو خازن أسرار الإستخبارات وملف فض الإعتصام ، لذلك تم التخلص منه مثلما تم التخلص من الضابط (علي) إبن توتي الذى أشرف على تصفية ملف حسني مبارك وإغتيال المشاركين فيه. هذا غيض من فيض لجرائم لسفاح قاتل ومدمر لديه شهوة للقتل والتدمير لم يسعها طب النفوس علما. وفتاوى متطرفة تبيح قتل النفس التى حرم الله إلا بالحق ما أنزل الله بها من سلطان. (9) عبر التظيم العالمي الإسلامي بقيادة مهاتير و أردوغان والغنوشي وخالد مشعل وغيرهم شارك العراب في دعم كل التنظيمات الجهادية في أفريقيا بدءا من تجهيزوبناء القادة فى جامعة أفريقيا العالمية إلى الدعم المباشر بالمال والسلاح فتم دعم حركات الشباب الإسلامى فى الصومال والحركات الإسلامية فى مصر وليبيا و تشادوأفريقيا الوسطى ومالي والنيجر والكنغو وبوكو حرام في نيجيريا وغالب الدول الأفريقية. كما تم بناء شبكات شراء السلاح وخطوط إمداد لوجستية لحركة حماس من بورتسودان عبر البحر الأحمر إلى أنفاق سيناء في مصر وحتى غزة هذا الدعم أرق مضاجع القادة الإسرائليين فأغاروا على الخرطوم وبورتسودان بعدة غارات جوية. في 3 مارس 2009 تمكن العراب ونظامه من بناء سد مروي الكهرومائي بطاقة تقارب 1250 ميغاواط فتوفرت طاقة مكنت النظام من التوسع فى منظومة التصنيع الحربي والصناعات العسكرية وبرنامج صاروخى سري بمساعدة كوريا الشمالية وإيران وتركيا وبلغاريا وجمهورية البوسنة ثم روسيا. وتم إستثمار بعض من عوائد بترول السودان ومبيعات السلاح من التصنيع الحربي لصالح دعم وتمويل مشروعات التنظيم العالمي. مما يؤسف له ويعتبر جريمة فى حق الشعب السوداني أن عائدات البترول جيرت لصالح التنظيم وإستولى عليها العراب وزمرته وعلى رأسهم عوض الجاز وعلى كرتي وآخرون ولم تستثمر فى مشاريع التنمية كالزراعة والصناعات التحويلية والثروة الحيوانية والبنى التحتية ومشاريع السلسلة القيمية . وعطفا على ذلك تم تمويل كل المشاريع التى يتشدق بها الإنقاذيون بقروض مليارية وبفوائد ربوية من الحكومة الصينية وبنوك التنمية الأفريقي والإسلامي والصندوق الكويتي وجهاز أبوظبي للإستثمار وصناديق الإئتمان وضامنيه. وناء بكلكلها الشعب السوداني ديونا تتوارثها الأجيال. كان يمكن بثمانين مليونا من الدولارات أن تحل مشكلة مياه بورتسودان بتوصيل خط أنبوب مياه من النيل أو نهر عطبرة مباشرة وإقامة محطة فى وجود شبكة توزيع داخلية كان من الممكن البناء عليها وتطويرها. (10) بعد صدامه مع الثلاثي العسكري البشير وبكري وعبدالرحيم وهكذا دائما العهد بالجياشة تغلبهم شهوة الحكم والسلطة فلايصينون عهدا حتي لمرشدهم الذي جاء بهم إلى الحكم بحنكته ودهائه ونفوذه غير المحدود ، بدأ العراب خلوته النبيلة بمزرعته بسوبا شرق ومنفاه الإختياري فى وسط طبيعة خلابة وقصر مشيد كما وصفنا آنفا ، منقطعا ومتفرغا للعمل الطوعي في "مشروع بنك الطعام" وكذلك بعض أفكار لتطوير العمل الفني عبر قيام وعاء جامع لأهل الفنون وشرع يقابل رهط من التشكيليين والفنانين . ومن خلف الحجب كان يرسم لعلي كرتي خطة تكوين خلية سرية جديدة للضباط الإسلاميين من الناقمين على سياسات عبدالرحيم محمد حسين في الجيش ولديهم مآخذ على المخلوع البشير وإنفراده بالقرار والإصرار على تجديد رئاسته وإرتهانه للبلاد كافة والحركة الإسلامية بسبب ملف الجنائية . كذلك إنتشار أخبار فساد إخوته والسيدة الأولى زوجته وأحد إخوانها وهى ملفات قتلتها إستخبارات الجيش بحثا وتمحيصا. نجح علي كرتي بمعاونة عوض أبنعوف المرشح المقبول لدى المخابرات الدولية كخليفة للبشير حسب مارشح من وثائق فى تكوين تنظيم سري من ضباط الصف الثالث بالجيش يدين لكرتي بالولاء وللزبير محمد الحسن رئيس الحركة الإسلامية المنتخب من شورى التنظيم بالمشيخة. نجح العراب على عثمان في إبعاد عبدالرحيم بالدفع به واليا للخرطوم لإشغاله بملف الولاية الشائك بعيدا عن المخلوع البشير وبعدها إنزوى في مكتب فى مبنى الأسواق الحرة سابقا بشارع 7 العمارات. كذلك نجح في إفشال حكومة رئيس الوزراء بكري حسن صالح. وبالطبع إستثمر فى تطلعات الفريق طه عثمان الحسين وطموحه و العراب دائما كفيشر معجزة الشطرنج الأمريكي يأتي بخطط على رقعة الشطرنج السياسي لم تسمع بذكرها الركبان ويستثمر فى تحركات خصومه وتقاطعات مصالح القوى الأممية. كان إبعاد بكري حسن صالح عن البشير إيذانا بخسارته داخل المؤسسة العسكرية لظهره الحامي والمخلص طيلة ثلاثة عقود. جاء العراب بعوض أبنعوف في قيادة الجيش وأصبح الرجل الثاني في الدولة بعد المخلوع البشير. وهكذا تم قص كل أجنحة البشير التى سندته وحلقت به رئيسا طيلة ثلاثين عاما كالحات غاب فيها الحكم الرشيد وإستراتيجيات بناء الدولة والتنمية المستدامة. في 2018 تمكن العراب على عثمان من إعادة صلاح قوش لمنصبه القديم كمدير لجهاز الأمن والمخابرات ومن منصبه برع صلاح فى ضرب حكومة معتز موسى قريب البشيروإبن صراصر والذي أتى به البشير رئيسا للوزراء و دخل معه فى صدامات متكررة . لعل صلاح كان يرى أحقيته بالمنصب السيادي نسبة لتاريخه الطويل فى بناء دولة الإنقاذ من أكثر المواقع حساسية وأهمية. ومعتز موسى كان خصم مصر اللدود بإشرافه على ملف سد النهضة وقيادته حتى تسنى لأثيوبيا توقيع الإتفاق الثلاثى مع الرئيس المصري والسوداني بالخرطوم. ما قدمه من خدمات لأثيوبيا فى مراحل بناء سدها لايقدر بثمن لذلك تعاونت المخابرات المصرية مع صديقها القديم صلاح قوش والذي يقال أنها جندته عن طريق كاتم الأسرار وعامل المخابرات الدولية بالخرطوم منذ عهد جعفر نميري المرحوم صالح عبدالسلام فرح . قوش تماهى تماما مع خطط المصريين لخنق نظام البشير حسب تعليمات العراب على عثمان وخطته الجهنمية لإستخدام المخابرات المصرية في مخطط ضرب نظام البشير. وكذلك فعل عوض إبنعوف رجل مصر المستتر. حتى جاء أيلا (مصري الهوى) وأكملت مصر سيطرتها على المشهد في الخرطوم. قوش الطامح لتصفية حساباته مع البشير وأركان حكمه مثل خصمه اللدود د.نافع واللواء أمن عبدالغفار الشريف الذين ساموه عذاب السجن الإنفرادي المهين في أردأ سجون أفريقيا والذى لايضاهيه فى القسوة النفسية سوى سجن العقرب الشهير بالقاهرة. فبدأ عهده الجديد بوضع عبدالغفار فى السجن وتربص بنافع حتى لاذ نافع بأهله البطاحين. حاول رئيس وزراء مصر ومعه مدير المخابرات المصرية إقناع معتز والحكومة السودانية بالإشتراك مع مصر في ضرب سد النهضة قبل إكتمال مراحل بنائه وبدء الملء. وبرفض معتز هدد مدير المخابرات معتز قائلا: (نحن حانشتغل شغلنا). وبدأت حرب إقتصادية طاحنة فى الخرطوم وسحبت النقود من البنوك وأصبح هنالك أزمة سيولة مفاجئة وأختفى الوقود والمحروقات خصوصا الجازولين من البلاد فإمتلأت العاصمة بصفوف المركبات وإختفى الدقيق من المخابز وصار الإمداد الكهربائي بمعدل لايتعدى ثمانية ساعات فى اليوم. وعادت الحياة فى الخرطوم إلى القرون الوسطى مابين غمضة عين وإنتباهتها. وهكذا سارت خطط العراب المجربة لأكثر من خمسين عاما فى خنق النظام إقتصاديا واللعب على كل التقاطعات والمصالح الجيوسياسية للعواصم المؤثرة على فضاء الخرطوم السياسي. (11) بعد مسرحية تهديدات العراب العلنية لجموع الشعب السوداني عبر لقائه التلفزيوني لقناة سودانية 24 و تهديده بنزول كتائب الظل والقوات الخاصة بالتنظيم للشوارع لإيقاف المد الشبابي الثوري والذى إستمر حراكه لشهور بدأت فى 18 ديسمبر 2018 (لدينا كتائب ظل وهم يعرفونها) بدأت القوات الأمنية غزوا لم تشهده الخرطوم فى زمن ود تورشين ولا إستباحة الجندرما لأم درمان ونكبتها بعد مذبحة كرري. وإقتحمت قوات هيئة عمليات جهاز المخابرات المنازل فى بري وام درمان وبحري وإستباحت شوارع الخرطوم ولديها التعليمات Shoot to Kill. وشهدت الخرطوم لأول مرة فى تاريخها فرق قناصة محترفين قتلة مغيبين بفتاوى القتل. فرق مدربة تدريب عالى جدا وتستخدم أحدث بنادق القنص لمدى يفوق كيلومترا. هذه القوات أشرف على تدريبها العميد محمد يوسف قائد القوات الخاصة أحد أبرع قناصي الجيش السوداني. إن أمنوا العقاب اليوم وغدا فهم مسئولون أمام الله عن قنص أنضر شباب السودان وماربك بغافل عما يفعل الظالمون. ومع تزايد مد الثورة الشعبية وبلوغها الكتلة الحرجة وخروجها عن السيطرة وتنامي الإهتمام الشعوبي الأممي لجأ العراب علي عثمان وهو يسابق الزمن لتنفيذ الخطة الرئيسية للإنقضاض على البشير وأعوانه فأعطى التعليمات لعلي كرتي وسلمه القيادة التنفيذية والأمارة تمهيدا للسيناريو الجديد والمتكرر. وهكذا دفع بعوض أبنعوف لإذاعة البيان الأول والذى أسقطه الرفض الشعبي الجارف للثوار في أربعة وعشرين ساعة كأسرع إنقلاب فى تاريخ البلاد. ومن غرفة القيادة السرية والقلوب لدى الحناجر خوفا من أى مفاجآءت دفع بالبرهان ليقود تنظيم الضباط الإسلاميين السري الجديد والإستيلاء على السلطة إيذانا بقيام دولة الإنقاذ فى نسختها الثالثة. وبعد عدة أيام من إدارته تفاصيل ترتيبات الحكم الجديد بحكومة ظل باطنية شديدة البطش كان لزاما أن يذهب العراب على عثمان للسجن حبيسا والبرهان للقصر رئيسا فى وجود أمير سري للحركة الإسلامية يصنع الأحداث ويتحكم فى المصير من وراء حجاب يعاونه فريق سري محدود من البدريين الذين لايعصون لأميرهم أمرا و يصلون الليل بالنهار لإدارة المعركة داخليا وخارجيا. غرفة عملياتهم هنالك على ضفاف النيل الأزرق فى مجمع أكاديمية الأمن شديد الحراسة المجهز تقنيا وفنيا وبه فندق خمسة نجوم ومسجد مفروش بالسجاد العجمي وصالة رياضية ومسبح أولمبي. أنظر حولك أين إختفى قادة الأمن الشعبي من أمثال عماد حسين وفقيري وحسن صالح وقائد الدفاع الشعبي يوسف محمد زين وعبدالغفار الشريف الذى أعيد من دولة الإمارات وأين إختفى رجل المهام الخاصة الفريق عمر زين العابدين والفريق محمد الحسن عبدالله . وأين إختفى بعد إطلاق سراحهم من السجن الفاششوية وعبد الباسط حمزة واللذان خرجا بتعليمات شخصية وتكليفات محددة من العراب من داخل كوبر؟! والمؤكد أن هنالك مزيد من الضباع البشرية شديدي الخطورة (أبناء آوى) تم تفريخهم لقيادة فرق المهام الخاصة عالية السرية. (12) خرج موكب 6 أبريل 2019 كما نادى به تجمع المهنيين ونجحت الأمواج البشرية في الإعتصام حول القيادة دافعهم تحييد قوات المسلحة في معركة الشعب السوداني ضد المخلوع البشير وزبانيته. كان من المأمول أن يتحرك الضباط الوطنيين فى قوات الشعب المسلحة لنصرة الثورة الشعبية. سخر العراب من جموع الشعب السوداني وخاطبهم بأن جميع ضباط الجيش من ناسنا. في فجر يوم 10 أبريل حاولت كتائب مسلحة تمتطي عربات التاتشر رباعية الدفع إقتحام الإعتصام والقيادة من جهة القوات الجوية وتصدت لهم ببسالة القوات المرابطة بقيادة عدد من الضباط الوطنيين وجرت معركة سريعة إنسحبت بعدها تلك القوة المقتحمة. شوهد البرهان يقود تلك القوات وكان قد جرى تصعيده مفتشا عاما للجيش بواسطة المخلوع فى أمسية 22 فبراير 2019 . وبعدها بيومين فوجئ أولئك الضباط بأداء البرهان القسم رئيسا للبلاد. أصبحت قضية فض الإعتصام قضية شخصية للبرهان بعقليته التي لاتسلم بالهزيمة. في أمسية 8 رمضان حينما بدأ قتل المعتصمين لأول مرة عند التروس بشارع النيل كانت فرقة القناصة وغالبيتهم خلفيتها من الأمن الطلابي ترتكز منذ عصر ذلك اليوم داخل مبنى الهلال الأحمر بتقاطع المك نمر مع شارع الجمهورية والمبنى به فناء داخلي يسع عدة سرايا كاملة وتناولوا إفطار يومهم الرمضاني ذلك ثم قاموا لداعي القتل وإهراق دماء الصائمين الشباب العزل فى ضفة النهر. فض إعتصام القيادة كان بأوامر مباشرة من كرتي بتخطيط من العراب ليتسنى القضاء على ثورة ديسمبر سريعا وإعلان الدعوة لإنتخابات فى خلال تسعة أشهر وإخراج قيادات الصف الأول المعتقلين من سجن كوبر. والإنتخابات كانت ستجئ بالإسلاميين بشرعية إنتخابية وفرصة للبرهان لتكرار سيناريو السيسي. أول مهمة للبرهان بعد أن أصبح رئيسا (بدل فاقد) وهو الرئيس الأغرب في تاريخ السودان والذى لم يذيع بيان تنصيبه ولم تأتي به أقدمية تراتبية عسكرية حيث كان الفريق هاشم عبدالمطلب رئيس هيئة الأركان المشتركة أقدم منه رتبة بل أتى به تنظيم الضباط الإسلاميين والذى أعطى الضوء الأخضر من علي كرتي للتحرك وإستلام السلطة بعد رفض الشارع لتنصيب عوض أبنعوف ، أول مهمة كانت هي فض الإعتصام بالقوة وفرض حكمه بالجبرية على الشعب السوداني. أصدر البرهان أوامره للواء صديق سيد أحمد نائب مدير الإستخبارات العسكرية وعاونه مصطفى محمد المصطفى من الإدارة الأمنية للتخطيط تحت إشرافه المباشر للسيناريوهات المحتملة لعملية الفض. تم إخراج عبدالغفار الشريف من سجن كوبر قبل أيام من ساعة الصفر ليقود الإشراف الميداني لخبرته الطويلة في التطويق والحصار بإستخدام القوات المشتركة وإلمامه بالعاصمة القومية والمناطق التى تجاور جامعة الخرطوم. ظهر يوم 2 يونيو قابل عبدالرحيم دقلو البرهان ومعه أعضاء المجلس العسكري محمد حمدان دقلو والعطا وكباشى وجابر ومعهم الفريق أول ركن جمال عمر رئيس اللجنة الأمنية وتم إستعراض خطة فض الإعتصام وإعطائه الضوء الأخضر للتنفيذ. فجر 3يونيو قاد عبدالرحيم دقلو التنفيذ الميداني وإدارة العملية وتم تصويره في عدة مواقع ونقاط يعطي أوامره للقادة الميدانين.
شكلت ثورة ديسمبر وسقوط البشير خطرا كبيرا على دولتى المملكة العربية السعودية والإمارات اللتان تخوضان حربا فى اليمن بإستخدام جنود سودانيين مرتزقة دفع بهم المخلوع البشير بصورة شخصية ميكافيلية لحوجة نظامه المتهالك للريالات السعودية والدراهم الأماراتية وشحنات الوقود والمحروقات المنتظمة لتغطية حوجة البلاد منها وتأمين السلع الرئيسية الأخرى والتى تورد عبر الإمارات والمملكة مثل القمح والدواء. أقامت دولة الإمارات جسرا جويا إلى المطار العسكري بالخرطوم ودفعت بحوجة الجيش والدعم السريع من حاملات الجند المدرعة ووفرت الدعم اللوجيستي المطلوب لعملية فض الإعتصام وإحتلال الخرطوم من قبل قوات الدعم السريع. أعطى السيسي الضوء الأخضر للبرهان للقيام بعملية الفض بعد إستدعائه للبرهان إلى القاهرة وحياه البرهان التحية العسكرية الشهيرة. وقامت المخابرات المصرية بتقديم الدعم الفني اللازم ووعدت بتوفير الغطاء الدولي لتقبل نتائج الفض وتمرير العملية كما حدث فى ميدان رابعة العدوية. هذه الدول الثلاث تخشى من قيام حكم ديمقراطي فى السودان عبر ثورة شعبية تنتقل عدواه إلى شعوبهم لذلك رمت بثقلها في دعم المكون العسكري بقيادة برهان ودقلو. أستخدمت قوات الدعم السريع بكثافة عددية لاتقل عن عشرون ألف جندي وضابط وثلاثة ألف مركبة رباعية الدفع ، وإرتدى قسم منها زى الشرطة فى عصر يوم 2 يونيو فى الجزء الجنوبى من ساحة الحرية (الساحة الخضراء). كانت هناك قوات إحتياط من الدعم السريع متمركزة في أماكن محددة في جنوب الخرطوم. وكان محمد حمدان دقلو قد توعد فى خطبة قصيرة عند تلبيته لدعوة إفطار من أحد أعيان الإدارة الأهلية في حي العباسية بأمدرمان ثوار العباسية الذين حاصروا منزل الإفطار وهتفوا ضده هدد بفض الإعتصام والرد عليهم بمالاقبل لهم به. تولت كتيبة مشاة من القوات الخاصة مسلحة تعاونها فرقة قناصة على الأسطح مهمة فض الإعتصام بالرصاص وحصدت أرواح المعتصمين العزل إلا من سلميتهم , الثوار الصائمين في صبيحة يوم 29 رمضان المعظم المحرم في مذبحة لم تقم بها قوات التتار في بغداد. تم تسجيل حالات إغتصاب للحرائر ولبعض الثوار, بعضهن داخل حرم مسجد الجامعة وأخر فى مستشفى المعلم والشباب في الداخليات ، وتم حرق البعض داخل الخيام وألقيت جثث البعض بعد ربطها بأثقال من البلوك الأسمنتي والصخور وقذفت فى النيل . هذه القوات جاءت من المتحف الحربي عبر كبري النيل الأزرق وتم توثيق عبورها ودخول طلائعها لأرض الإعتصام عبر الجسم الترابي لخط السكة الحديد. إستشهد قرابة المائتين فى المذبحة الرمضانية وإختفى قسريا عدد كبير من الثوار وإعتبروا في عداد المفقودين. لاحقا إكتشفت جثامين في عدد من مشارح المستشفيات كما إكتشف قبر جماعى في شمال أم درمان. ظهر بعض المفقودين وقد فقدوا عقولهم من هول ماجرى. وهكذا إنتقم عبدالفتاح البرهان لهزيمته فجر 10 أبريل ومهر إسمه بالدم فى تاريخ الأمة السودانية ولم ينسى أن يقوم بفصل كل الضباط الشجعان الذين تصدوا له وكان في مرمى نيرانهم في ذلك الصباح فصلهم وضيق عليهم في معاشهم فردا فردا. بعدها دخل السودان فعليا لأول مرة في تاريخه تحت الوصاية الإقليمية وصارت أمور السودان تدار من عواصم وسفارات المملكة السعودية والإمارات ومصر بالإضافة إلى تل أبيب. لعب العراب بخبرته السياسية الطويلة كلاعب سيرك ماهر على حبل معلق أو كمن يجتاز حقل ألغام في تجيير مصالح الدول الإقليمية لصالح نظامه الجديد بقيادة البرهان ببراغماتية ميكافيلية وتثبيت دعائمه. (13) نقطة ضعف العراب على عثمان هو ميله للإنتقام من خصومه وكل من يتطاول على مقامه السامي كمرشد للحركة الإسلامية وباني مجدها بجعلهم عظة لمن يعتبر. في يوم 7 يونيو 2021 قامت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد وإسترداد الأموال العامة بمصادرة العقار رقم 135الحارة الأولى الجريف غرب (المنشية) الذي تقطنه أسرة النائب الأول للمخلوع على عثمان محمد طه ورمت بأسرته وأثاث بيته فى الشارع مستخدمة القوة الجبرية بعد إنتهاء المهلة التي منحت لأسرته. والتى لم تتقدم بطلب لتمديد المهلة. العقار المشار إليه ثبت بناؤه بالمستندات عن طريق شركة صينية بتكلفة بلغت ستة ملايين دولار أمريكي دفعت من قبل جهاز الأمن والمخابرات. وفى يوم 30 مايو 2021 دون بلاغ تحت المواد(13-14) من قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو لسنة 2019 تعديل 2020 ضد محمد نجل العراب على عثمان لرفضه تنفيذ القرار وتم إيداعه بحراساتها. قامت الفضائيات ووسائل الإعلام بما فيها قناة الجزيرة بنشر صور مهينة لأسرة العراب وأبناؤه وبناته وأحفاده مطرودين خارج منزلهم وأثاث بيتهم مرمي على قارعة الطريق بواسطة أمر تنفيذ صادر لقوات الشرطة. فى يوم 8 يونيو 20121 تحدى العراب في بيان منشور سرب من سجنه لجنة التمكين بإبراز أي مستندات قانونية تثبت أن جهاز الأمن قد دفع قيمة تشييد منزله أو أن ملكية الأرض التى شيد عليها لاتعود له. وأعلن أنه سيتنازل عن ملكيته للصالح العام ويقدم إعتذاره للشعب السوداني. مساء الخميس 10 يونيو 2021 ردت لجنة التمكين ببيان وزع على الصحف والوسائط. وفي يوم الجمعة 11 يونيو 2021 مباشرة نشرت صحيفة الإنتباهة رد من العراب من داخل محبسه بالسجن العمومي بكوبر وكان ردا قانونيا بليغا فند فيه القاضي والقانوني الأريب على عثمان محمد طه بطلان دعوى لجنة التمكين حول ملكيته للعقار والتكلفة المالية الفعلية لتشييده وعلاقة ذلك بجهاز الأمن. مما سبق وضح أن لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد وإسترداد الأموال العامة قد أخطأت خطأ لايغتفر فى حق العراب. وأهانته إهانة بالغة. وأخطأت فى عدم تقدير قوة خصمها وتعاملت مع الأمر بنوع من التهريج الصبياني. والحقيقة أن العرف السوداني يعف عن طرد النساء والأطفال من منزلهم بتلك الطريقة غير الحكيمة سيما بخصومة سياسية. هذا الموقف هو القشة التي قصمت ظهر البعير حقيقة. لم يتواني العراب فى الإنتقام من لجنة إزالة التمكين فردا فردا ومنسوبي قوى الحرية والتغيير المسيطرين على الحكومة المدنية وعلى رئيسها نفسه. أصدر العراب أوامره المشددة لعلي كرتي الأمين العام للحركة الإسلامية بالتجهيز للإنقضاض بصورة نهائية علي الحكومة المدنية وإستلام السلطة بواسطة تنظيم الضباط الإسلاميين التابع لهم. وللمفارقة أيضا فعلي كرتي (الحاكم بأمره) قد شرب من كأس التشهير عن طريق لجنة إزالة التمكين فى إمتلاكه لأكثر من ثلاثمائة ثلاثة وأربعين قطعة وذلك فى مساء الجمعة 10أبريل 2021. أرغم البرهان على إذاعة بيان إقالة حمدوك وحكومته كما تابع العالم كله مابين مصدق ومكذب ، رغم رفض البرهان إقالة حمدوك وتمسكه بحل الحكومة فقط لكن تم الضغط عليه و إنذاره إن لم يستجب للأمر فسيذيع البيان ضابط آخر خلافه. وهكذا فى خلال مائة وخمسين يوما من صدور قرار مصادرة منزله قام العراب بإنتقامه الجبار وألقى بأعضاء لجنة التمكين في غيابة الجب جزاء وفاقا. وكانت عملية قبض كل منهم مليئة بالتعسف والإهانة. وأصدر عليهم حكما بالسجن خمسة وثلاثين يوما فى زنزانة فردية في سجن موقف شندي الشهير بثلاجة الموز وهو السجن القمئ الذي أشرنا إليه سابقا. ولولا الضغوط الدولية المكثفة والمظاهرات العنيفة لشباب الثورة وإستشهاد أربعين شاب و(ست النفور) وطفلة آمنة فى بيتها لجعلهم كهشيم المحتظر ولله المثل الأعلى. مما يؤسف له أن قيادات قوى الحرية والتغيير لم تحط بخفايا الدولة الباطنية للعراب علي عثمان قائد كارتيلات الحركة الإسلامية السرية الباطشة والتي تنجب السفاحين والقتلة الذين لايعصون لعرابهم أمرا كمن نوم مغنطيسيا. ويجهلون تكتيكات العراب الجهنمية التي يصورها عقله التآمري الذى حير مردة الجن وشياطين الإنس. ظن الجميع أن زمان العراب قد ولى وأن نظام الحركة الإسلامية بقيادته قد أبيد وأصبح من الماضي. وفي ليلة من الليالى القمرية البيض والبدر يشع ككوكب دري ومن الفناء الذي يحيط بزنزانته هاتف العراب أسرته وإبنه مهنئا بسلامة عودتهم إلى منزلهم منتصرين سالمين غانمين ، كان ذلك بعد يوم واحد من إنقلاب البرهان قائلا لإبنه " أولاد أم زقدة" لم ينسي العراب أن يصدر تعليماته لرئيس القضاء الذى عينه مؤخرا ليسحب عن طريق المحكمة العليا ملف محاكمة مدبري إنقلاب 30 يونيو1989. (14) حمدوك تمت السيطرة عليه مؤخرا بالملفات القذرة من قبل العراب. والعراب معروف عنه أنه يحتفظ بالملفات إياها ويجيد إستخدامها عند اللزوم. وهكذا بصم حمدوك ظهيرة يوم 21 نوفمبر على كل ماطلب منه لتدعيم سلطة الإنقلاب ووقع على الإتفاق الإطاري الذي رحبت به أمريكا والترويكا والإتحاد الأوروبي وسويسرا ودول المحور الإقليمي وأولها مصر. وإنفرد المكون العسكري بقيادة البرهان بمجلس السيادة وسلطة تعيين رئيس القضاء والنائب العام ومدير عام الشرطة والإشراف على مجلس الوزراء والإشراف على الإنتخابات.
قام كرتي بتعيين أعضاء المكون المدني لمجلس السيادة من أعضاء الحركة الإسلامية المغمورين وكذلك رئيس القضاء والنائب العام ومدير عام الشرطة وبالتالي ضمن العراب دعم المجتمع الدولي لإتفاق البرهان حمدوك وكما صرح حمدوك لا مكان لقوى الحرية والتغيير في هذه المرحلة. وعليه وعمليا بدأت مرحلة جديدة من الإنقاذ (3) أو الإنقاذ في نسختها الثالثة بشرعية دولية وإقليمية وقيادة خفية تنفيذية لعلي كرتى تأتمر بإشارة من عرابها القابع في كوبر ريثما يخرج معززا مكرما بحيلة قانونية مبتكرة. بدأ البرهان المتخصص في الحرب النفسية بالتصريح للقناة الفرنسية عن إمكانية ترشح الشخصيات العسكرية بما فيهم حميدتي في الإنتخابات القادم. ثم عاد مكتبه الإعلامي لنفي تصريحاته وعداه الخبراء تراجعا. مؤكد هو تصريح له مابعده في نقل الصراع قدما مع كافة القوى السياسية ومبارحة محطة إتفاقه الإطاري مع حمدوك. والبرهان إستخدم كرت قوات الدعم السريع لإرهاب الشعب السوداني وإرغامه بالجبرية على قبول المجلس العسكري ثم المكون العسكري وفي المشهد الأخير رئيس مجلس السيادة ونائبه كحقيقة وجودية. وبرهان هو من صنع حميدتي ويأتمر حميدتى بأمره ويطيعه طاعة عمياء منذ إشتراكهم فى تركيع دارفور وحركاتها المسلحة وإذلال أبنائها وحرائرها وسفك دماء من يخرج على سلطانهم. وخلال العامين الماضيين تمكن البرهان من بناء قدرات الدعم السريع العسكرية والإقتصادية مستخدما دعم الإمارات والسعودية وعائدات صادر الذهب إلى الإمارات و روسيا والماشية إلى الجيش المصري وعائدات الحرب اليمنية فى كل جندي مقاتل. ضباط الجيش والمؤسسة العسكرية فى تذمر متنامي بسبب تمدد الدعم السريع في كل الدولة وسيطرته على الموارد والبرهان بشهوته الجبلية للسلطة والقيادة يجهز نفسه ويمنيها بحكم السودان بصورة مطلقة بعيدا عن كرتى وتنظيم الضباط الإسلاميين. وهو يمسك بكرت قوات الدعم السريع لسحق الجيش وإحلالها مكانه. والمجتمع الدولي والمحور الإقليمى لايرغبون في رؤية الإسلاميين ينفردون بحكم السودان من جديد. إستعجال البرهان وشريكه محمد حمدان دقلو للإنفراد بحكم السودان هو ماطفا على السطح فى تهديدات حميدتى للإتحاد الأوروبي. ومؤكد أن العراب (تأبط شرا) يراقب الظليم الذى مشى يحاكي قسورة . وأرواح الشهداء تطوف كل ليلة فتمنع النوم عن قاتليها وتؤرق مضاجعهم إلا أن يأتيهم برطم ببنت مدام وبعض سلاف.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
بكرى ابوبكر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست