قبل فترة كنت اشاهد احدى القنوات الفضائية السودانية ، استضيف في تلك اللحظة احد المهتمين بالفن والثقافة ، فقد تحدث بحرقة شديدة عن وقوف الحكومات السودانية المتعاقبة في طريق تطور الشأن الثقافي والادبي والفني والفكري بسبب وقوفها متفرجة ، حيث قال انهم كلما نطالب باقامة فعالية ثقافية او فنية او ادبية او المشاركة في مهرجان او مؤتمر بالخارج او حتى طباعة مطوية او كتيب تعريفي عن السودان ، الرد جاهزا بأنه لا توجد ميزانية ، وفي نفس الوقت الدولة تصرف حوالي 90% من الميزانية على الأمن والدفاع لحماية الحكومة من شعبها.
وقد سبقه الاستاذ الاديب العالمي الطيب صالح عندما سئل عن أنه مقل في انتاجه ، رد قائلا انا موظف ، اذهب إلى المكتب واجلس حتى المساء حتى استطيع أن اوفر العيش الكريم لاسرتي ، وهذه حكاية جميع المبدعين في شتى ضروب الفن والثقافة والرياضة والادب وكافة ضروب الابداع. وفي الجانب الآخر الاديب الراحل نجيب محفوظ كان موظفا في احدى الوزارات ، وفي نفس الوقت لايذهب إلى الدوام بتاتا ويجلس في المقهى طوال اليوم متفرغا للكتابة والابداع وهو يقدم للابداع العالمي رواية سنويا ، بالاضافة إلى مقالات بصورة راتبة في الصحف اليومية ، ويحصل على الكثير من الحوافز والجوائز وعائدات كتبه ومقالاته. فمن هو السوداني الذي حصل على هذه الميزة حتى يتفرغ للكتابة والابداع.
وماينطبق على الثقافة والادب والفنون ينطبق على الرياضة وبالذات كرة القدم. واندية الهلال والمريخ بصفة خاصة ، وهي التي تأسست لاكثر من مائة عام ، لم نسمع ان الدولة ساعدتهم حتى يتمكنوا من اقامة استثمارات أو مشاريع تجعلهم يستطيعون الوقوف على ارجلهم ولاينتظرون التبرعات والهبات من هنا وهناك. وكل الاندية في مختلف بقاع الدنيا لديها مشاريع واستثمارات تكفيها شر الفقر والفاقة. واشراك منتخب دون استعداد يعتبر بمثابة فضيحة ، ووجود اشخاص غير اكفاء على رأس الاتحادات والاندية ضرره اكثر من فائدته ، وقد شاهدنا رئيس الاتحاد الجزائري الاسبق محمد روراوة عندما اقرض الحكومة الجزائرية 7 مليار دولار عندما شهدت اسعار النفط العالمية انخفاضا ، ونحن نريد مثل هذا وليس كما شداد او معتصم جعفر الذين يديرون الكرة بمسألة رزق اليوم باليوم حتى حدس ما حدس.
بالاضافة إلى ان اقامة الدورات المدرسية والمراحل السنية هي التي يمكن ان ترفد جميع مناحي الرياضة ، سواء كرة القدم أو السلة أو الطائرة أو تنس الطولة والتنس الارضي والعاب القوى وخاصة العدو للمسافات القصيرة والطويلة ، ولا اظن السودان الذي يقطنها اكثر من 60 او 70 مليون نسمة يخلو من المواهب . واقامة مثل هذه الدورات مسؤولية الدولة ، وقد شاهدنا الدورة المدرسية في سبعينات القرن الماضي كيف انها رفدت الهلال والمريخ وكافة الاندية بالمواهب . ونتمنى أن تهتم الدولة بالابداع لأن المشاركات الدولية والاقليمية المشرفة وظهور مواهب متميز له دور كبير في منح البلاد سمعة جيدة ، والبرازيل عرفها الناس عن طريق بيليه والارجنتين على طريق مارادونا وميسي ، جمايكا عرفها الناس عبر العداء يوسن بولت ووغيره من المواهب .
استمرار البلاد في الصرف على الامن والدفاع لا طائل منه ، يجب أن تصرف الميزانية لدعم الابداع في شتى المجالات ، حتى نتمكن شق طريقنا نحو العالم ،حيث ميدالية ذهبية واحدة في الاولمبياد أو رقم قياسي عالمي افضل من مائة اعلان تجاري او دفع الملايين لشركة علاقات عامة للتعريف بالبلاد.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 12/06/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة