قلت قبل أيام هنا أن السودان محروس. لم تصدق فيه شفقة فينا منذ السبعينات أنه ربما تفرق عن مركزه شيعاً. وكان مصدر الشفقة مصائر دول مثل لبنان والصومال التي انفرطت عن مركزها. وقلت إن الذي وقانا إلا قليلا أن المركز في السودان بثوراته طاقة لامة لأطرافه بخلاف بلدان أخرى غلبت فيها القوى الطاردة عن مركز الأمة. وطاقة المركز ما تزال هي رؤيته للأمة كوطن للجميع بمواطنة مكفولة وبديمقراطية مدنية. صبأت حكوماتنا في الاستبداد، وسعت بالفتنة بين أطرافه في لعبة بقائها في الحكم. وبدا الوطن آيلاً للانفضاض. ولكن كانت الثورات ترياقنا نحيل بها المخربين إلى الاستيداع مهما طالت عمامتهم. ونحلم بيهو يوماتي.
الوطن الحق وللجميع ما يزال قصيدة ورؤية وفداء. وستجد في الفيديو برابطه أدناه ما أعنيه بالرؤية التي ما تزال هي فانوس الوطن وعافيته. فأسمع جغرافيا حب الوطن على فم الفتى يتهجاه بلداً بلداً والشيالون من بعده كل حافظ دوره وتوقيته. هذا البنحلم بيهو يوماتي. وكانت هذه الجغرافيا في أمتنا منذ الأزل. فأذكر مقطعاً من بيان لمنظمتنا أبادماك، تجمع الكتاب والفنانين التقدميين (١٩٦٨) طوّف ببلدان وشعوب في السودان عزة بالوطن وصبراً على وعثاء لم شمله في حلال الديمقراطية. وكان البيان في مناسبة استقلال السودان. وأردنا به أن ندشن جيلنا كحامل لرؤية البنحلم بيهو يوماتي في تضاد مع رؤية طلائع الخريجين ممن ضقنا ذرعاً بقيادتهم للبلد بعد الاستقلال. فقلنا في البيان إننا نريد لنا أن نحلم حلماً جديداً بالوطن وبذكريات غير ذكريات الجيل الحاكم مع الأنجليز. نريد لنا ذكريات جديدة مع "مزارعي مشروع أم دقرسي، وعمال مصنع السكر بخشم القربة، وأعراب بني هلبة والمجانين والمساكين الطوال والقصار والمسيرية الزرق والحمر، مع دينكا علياب، والأشولي، والبنقو والفرتيت". مثالاً لا حصراً. لم يتغير شيء. فالجيل الراهن مثلنا في ثورة أكتوبر قابض على جمر الرؤية ينظم الوطن مفردة مفردة، ويتهجاه على قافية.
.facebook.com/fatah.arman/posts/10226897491886390 عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 11/20/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة