عبدالمنعم عثمان مقدمة : منذ ايام وانا احاور نفسي : هل هناك فائدة ترجى من الاستمرار فى متابعة امور السودان السياسية ومحاولة التأثير عليها بدرجة او اخرى من خلال المقالات التوعوية ، وهى جهد المقل فى الربع الاخير من العمر ومن خارج السودان ، أم انه قد آن الاوان لتطبيق مبدأ سعد زغلول بانه " مافيش فايدة " ؟! الفايدة موجودة وستظل : اليوم قرأت اخبار السودان ، وهى ، كما رددت فى عدة مقالات سابقة تسير فى اتجاه عدم الفايدة من النظرة الاولى السطحية , غير ان التدبر فيها يدل على العكس تماما .ولأثبات ذلك دعونا نراجع اخبار اليوم : جاء فى الانتباهة : توقف الصادر والوارد واحتجاز 120 شاحنة بميناء بورتسودان . وايضا فى نفس الجريدة ونفس الموضوع : ترك يصف الحكومة ب " حكومة الملحدين " ويشترط اربعة شخصيات عسكرية للتفاوض . وفي نفس لموضوع بجريدة الصيحة : تحقيق يكشف تفاصيل نزوح قسرى لمواطنين ببورتسودان . وكذلك بجريدة الحداثة : وزير الاعلام :الحكومة ستحل ازمة ازمة الشرق خلال يومين . وفي الحراك السياسي : حضرة :اغلاق الشرق عمل غير قانونى . وفي السوداني : الادارات الاهلية بالشرق : مايحدث نتاج طبيعى لرضوخ الحكومة للابتزاز. وفي اخبار اليوم : استمرار ازمة الشرق وبيان لقوى اعلان الحرية والتغيير . وفي الوطن : اللجنة الفنية للحرية والتغيير ترفض فض متاريس الشرق . وهناك الكثير من الاخبار حول الموضوع من عدة مصادر . لكن ما اوردنا منها يكفى لتبيان الفائدة من مايبدو متناقض ودليل على صحة رأى سعد ! فهو : أولا : يدل على ان احد شعارات الثورة الرئيسة لايزال ساريا ولو جزئيا ، الا وهو حرية التعبير عن الرأى حتى بالنسبة لأعداء الثورة . هذ بالاضافة الى ان الصفة الرئيسة لثورة ديسمبر ، المتمثلة فى الوعى بأهدافها لدى الثوار ، لاتزال متقدة برغم مرو اكثر من سنتين من عمر الثورة لم ير فيها الثوار مايدل على ان الماسكين بزمام الاموريولون قضايا السلام وارساء قواعد العدالة الجنائية والانتقالية بشكل عام مايستحقان من الاهتمام . ثانيا :وانه حدث انقسام واضح فى قوى الحرية والتغيير بين تلك التى توحدت وكانت سببا فى تحقيق الانتصار المبدئى على نظام الانقاذ ثم تشرذمت نتيجة اختلاف المصالح ، وليس الرؤي النظرية . وكانت النتيجة هى خروج جزء من تلك القوى على قوى الاعلان مسببة خروجها بان السلطة الانتقالية لم تعد تابه لموجهات قحت ، وبالتالى فلم يعد معنى للوجود فى قحت وتحمل نتائج سياسات ليس لها يد فيها . ولعل فى هذا الانقسام بداية الحل بالسير مرة اخرى فى طريق الثورة . الادلة على ذلك لاتحصي : فقد اتضح مثلا ان انقسام بعض احزاب قحت على الاساس المذكور كان صحيحا تماما. من مثل راى تلك الاحزاب من ان اتفاقية جوبا ، القائمة على اساس المناطق وممثليها من الجماعات المسلحة ومن الذين نصبوا انفسهم عن مناطق لاينطبق عليها الصفة المؤهلة للتفاوض لن تؤدى الا لمزيد من التعقيدات فى امر السلام الحقيقى . وقد اصبح واضحا فى كل يوم يمر ان سلام جوبا لم يتعد الورق الذى كتب عليه ووقع من الاطراف المشاركة الى حيز التنفيذ فى الواقع المعاش . بل ان الامر بات ينذر بعودة الحرب فى مناطقها الى الاسوا وربما انتقل الى مناطق أكثر خطورة مثلما يحدث الان فى الشرق من نذر . هذا فى الوقت الذى يعبر فيه اهل المصلحة فى كل المناطق المعنية بامر السلام عن تمسكهم باساسيات الحل ، مثلما يحدث فى دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق ، بل وحتى فى شرق السودان . وهكذا يتضح ان الانقسام فى القوى السياسية يتم على اساس مبدئى يعبر عن مصالح الجماعات فى كل من القسمين المصطفين : القسم الثورى الذى يعبر عن شعارات الثورة واهدافها ويسعى لتحقيقها ولو بتغيير المتحكمين فى امر السلطة مع الاستمرار فى ترتيبات الفترة الانتقالية بما اتفق عليه سابقا بالوثيقة الدستورية الاصلية , والقسم الذى يعبر عن الجماعات التى وصلت الى ميدان الثورة متأخرة بعد ان اتضح لها خطل سبيل التفاوض مع الانقاذ ، ثم اتضحت رغبتها فى تبنى مايخدم مصالحها بعد زوال النظام . وكذلك الامر بالنسبة للوضع الاقتصادى الذى انعكس سلبا مريرا على حياة الناس الذين اصبحت السلطة لاتقدم لهم غير الوعود بان الحال "س"يتحسن قريبا نتيجة للمتخذ من اجراءات بقيادة صندوق النقد "قاسية " ولكنها ضرورية للاصلاح !هذا بينما ضرب بعرض الحائط بكل ما قدم من مقترحات من لجنة قحت الاقتصادية ومن غيرها من مجموعات ثورية ومن اقتصاديين افراد .وهكذا يتضح هنا ايضا ان الانقسام يتم على اساس مبدئى يعبر عن مصالح كل قسم من الاصطفاف . ثالثا :الاخبار التى اوردناها فى موضوع واحد ، تعبر ايضا الى جانب ماذكرنا عن ان المعركة مع النظام الانقاذى واذنابه التى لازالت تتمثل فى اعلى مجالات السلطة ، عن ان هذه المعركة تشتد هذه الايام ، كما هو واضح فى التصريحات والتصريحات المضادة ، بعدة اسباب ناتجة عن الصراع الممتد من بعد الانتصار الاولى غير المكتمل بين الاصطفافين المذكورين . واول هذه الاسباب الضغوط والضغوط المضادة من وعلى الطرفين ، ومنها العمل المتطور للجنة التفكيك ، خصوصا فى مجال ابعاد رؤوس النظام السابق عن مكامن السلطة وبالتالى الحملات المنظمة من خارج وداخل السلطة على هذه اللجنة . ومنها كذلك التصريحات والانشطة من الطرفين فى اتجاه تكوين الجيش الواحد ومايعنيه بالنسبة لحركات الكفاح المسلح والدعم السريع وغيره من الحركات المسلحة خارج اطار الجيش الموحد ذى العقيدة الواحدة . من كل ماسبق نصل الى نتيجة ان الاصطفاف فى الجانبين هو شئ ايجابى ويصب فى مصلحة انتصار الثورة واهدافها . وان ذلك الانتصار لن يحدث بالصورة والسرعة المطلوبة الا من خلال ميل توازن القوي بين الطرفين لصالح احدهما . ولاشك فى انه سيكون فى نهاية الامر لصالح صف الثورة وممثليها . ومن الاشارات الايجابية لهذا ، استمرار صمود الثوار لأكثر من سنتين داعمين لشعاراتها وأهدافها وواقفين بقوة ضد معارضيها برغم الكلفة العالية لهذا بسبب الضغوط التى تمارس محليا واقليميا ودوليا ضدهم ولمصلحة الصف الآخر ! غير ان تقليل هذه التكلفة والتعجيل بانتصار الثورة بات ممكنا اذا حسمت القوة الثالثة من الواقفين على الرصيف بدون هدف او اولئك الذين لم يتوفر لديهم الوعى الكافى لأتخاذ موقف نهائى من الصراع . نواصل ، ان شاء الله ، فى موضوع قادم ، تفصيلا وتوصيفا لممثلى هذه القوة لضرورة واهمية حسم مواقفها لمستقبل الثورة على المدى القريب ، اذ ان عدم ذلك قد يؤدى الى انفجار غير محسوب تكون نتيجته مزيدا من العنت لهذا الشعب الصابر المنهك من كفاح دام لما بعد الاستقلال ويضع آمالا كبارا على انتصار ديسمبر المجيدة.
عناوين المقالات بسودانيز اون لاين الان اليوم السبت الموافق 21/9/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة