|
سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي
|
رغم علمي المسبق بمشكلة الزمن الذي لا يتوفر عندي للكتابة في البورد إلا انني اعتزمت الكتابة في هذا الموضوع الشيق والقيم والذي لم تعقر حواءه عن إنجاب عباقرة باستمرار يرفدونه بالجديد والمثير.. رغم انني سأبدأ بمدارس الوجودية الدينية إلا أن تركيزي سينصب علي هيدغر بإعتباره الرمز الذي ألهم جل مفكري ما بعد الحداثة البوست مفتوح لكل من أراد المساهمة وإثراء الحوار الفكري ولا مانع حتي لو تولي من يريد أمر إدارته
|
|

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
شكراً العزيز محب أو مهيب وفي الحقيقة أنا لا زلت أذكر كيف أنك كنت تنافح في المنبر في سنيه الأولي عن أفكار الأصولية الإسلامية قبل أن تكتشف نفسك في رحلة بحثك عن الحقيقة في الإصولية المسيحية ( وقد كنت أنا في الماضي علي نفس السيرة أتجول بين الإصوليات، فكنت ذات صبا أغذي عقلي من خبز البهي وعودة وسابق قبل عبوري إلي شط الفلسفة المادية التاريخية ثم خيارات مجهجهة أخري) أتمني يا أخي أن تفيد الثيولوجيا من تجاربك هذي وتقدم في فضاء مباحثها المقارنة ما يوسع الحوار في المشترك (الذي تجسد بماضيك وحاضرك أمضي تجاربه) وانت تعلم عن الورش العالمية التي تنشط في البحث في شئون العلاقة بين الأديان. نجي لأوغستين وبالمناسبة أوغستين جزائري المولد والممات نشأ تحفه التناقضات من كل جهة فوالده الوثني كان يرغب في أن يحيا ابنه مفعماً بالملزات ويصبح رجلاً ثرياً بينما أمه النصرانية عميقة التدين كانت ترغب في أن يرتبط ابنها بالكنيسة حتي يصبح أحد آبائها .كان أثر والده الغالب علي شبابه فعاش شنوات شبابه الأولي دنجوانياً مستهتراً غارقاً في الملزات وحياة المجون بين الغواني والحانات بل أكثر من ذلك يروي أن وصل به الحد إلي تزعم عصابة للسطو ذات مرة مما خلق له مصاعب متواصلة مع أمه وعائلتها المتدينة لكن أمه لم تيأس أبداً من خير فيه. أثناء فترة الطيش هذه لم يعصم أغستين من الفشل الأكاديمي إلا ذكاءٍ وقاد مكّنه من الإستمرار بنجاح رغم فشل أصحابه في الدراسة حتي تمكّن وهو لم يبلغ العشرين وبتوق لا يخفي من دراسة اللغة والقانون. ثم آن أوان التغيرات الكبيرة في حياة أغستين،وبهذه المناسبة نلاحظ بإستمرار تغيراً فجائياً يحدث في حياة كثير من القلقين بحثاً عن الذات أو الموضوع (الحقيقة) أثناء الإنتقال إلي أو بعد العشرينات من العمر، ذلك أن منابع الثقافة (الثانوية) كالكتب والميديا والأقران تتسرب عبر نوافذ القلق والتوق إلي عقل ووجدان الإنسان فتفعل فعلاً عجيباً يزلزل خرصانات الثقافة (الأولية) فتغير إتجاه الفرد الفكري تماماً .هذا ما حدث معي ومعك ومع أغستين حيث غيرت سعة إطلاعاته خاصة قراءاته لكتاب هورتنياس إيمانه بالله ذلك الذي رسخته أمه ومعاودته للكنيسة الكاثوليكية في صغره، فبدأ يقتنع بالأفكار الشيشرنية ثم المانوية الإلحادية ويتعمق فيها مما أقلق أمه القديسة مونيكا فعزمت أن تقوم بكل ما تملك من جهد لوقف هذا التحول في حياة ابنها، لكن لما بلغ بها الغضب مبلغه أو حدود اليأس قامت بطرده من المنزل، ثم غلبها حنان الأم فأعادته للبيت مرة أخري. سافر أغستين بعد ذلك مع بعض أصحابه إلي روما لإتمام دراسته العليا بها ومرض في روما مرضاً شديدا وفّر له فرصة الإقتراب من بعض رجال الدين وبدء الدخول في إرهاصات تحول جديد بدأ فيه يميل نحو دراسة إنجيل بولس الرسول لاسيما ربطه للعهدين القديم بالجديد مع نفوره تدريجياً من راديكاليات المانوية وخلوها من طرح مقنع لمشكلة الأخلاق ثم اتيحت له في هذه الفترة فرصة عمل في ميلان فسافر إلي ميلان التي لم يجد التقدير في بداية عهده بها بسبب سحنته الجزائرية الداكنة إلا أنه عندما بدأ يبرز قدراته العقلية الفذه أصبح نجماً في المدينة وإلتقي فيها بأسقفها أمبيروس ذلك اللقاء وما تلاه من علاقة مثّل القشة التي قصمت ظهر المانوية في عقل ووجدان أوغستين وأكملت التغيرالجذري في إتجاهه الفكري فبدأ مذذاك في دراسة النص الديني الكاثوليكي و الفلسفة الإغريقية الكلاسيكية لاسيما أفكار إفلاطون المنقولة عبر أف########ن والإفلاطونيين الجدد التي تبدو بصمتها واضحة في كتاباته وقد كان يؤمن بأن الإفلاطونية الجديدة (أفكار أف########ن ورفاقه) توفّر أفضل المذاهب الفلسفية في ذلك الوقت كذلك أخذته ترجمات فكتريانوس ووسمت توجهه نحو الكاثوليكية بالعقلانية مستفيداً من هذا المعين الفلسفي الذي تبحر فيه فتمكن من تأسيس زاوية عقلانية للنظر في النص الديني ومكنته من الإسهام في خلق تيار ثيولوجي يعمل علي التوفيق بين الفلسفة والدين وهنا تروي حكاية شهيرة تمثل بداية إتجاه أوغستين من الإلحاد إلي الإيمان، ففي ببداية الزعزعة الفكرية الجديدة وبداية الميول للإنجيل ذهب أغستين إلي حديقة مجاورة لمنزله يتأمل في حياته وفي الملكوت الرباني فينتهي إلي ميل كبير لله ونفور متزايد عن المانوية فقرر في تلك الحديقة أن يكرس حياته لخدمة الفكر الثيولوجي المسيحي وبدأ بعد ذلك نشاطاً ضد المانوية يدحض فيه ما كان يؤمن به من قبل ويرد علي حجج المانويين ضد المسيحية التي يستوعبها جيداً حتي حاول المانويون قتله (يذكرني هذا بإنقلاب أحمد سليمان وجارودي علي الفكر الشيوعي) تدرج أغستين في ميلان في المواقع الأكاديمية والدينية والتي أهلته لموقع مستشاراً الإمبراطور لأن الكنيسة كانت آنذاك متحالفة و متنافسة مع السلطة السياسية كان أغستين يؤمن بالجبر وبأن تاريخ البشر عبارة عن صراع بين مملكة الرب ومملكة الدنيا. دافع بقوة عن روحانية المسيحيه وأن كان يسعي دوماً للمصالحة بين العقل والإيمان ، وأصبح من أهم وأقوى الشخصيات الفكرية فى تاريخ الكنيسة. ألف232 كتاباً علي رأسها مجلده الشهير الإعترافات. منذ شبابه كان أغستين منشغلاً بموضوع الخير والشر بمعني أن كيف يسمح الرب المتصف بالرحمة بوجود الشر علي الأرض كيف تنتشر الأمراض والحروب والجوع وقتل الأطفال وذبح الرجال وإغتصاب النساء مع وجود رب قادر مسيطر ورحيم؟ ألا يتناقض ذلك مع مفهومي القدرة والرحمة؟ كانت الأفكار المانوية التي آمن بها تري أن الكون يقوم علي مفهوم الإذواج المتضادة فمع الخير لابد من وجود الشر ليكمله ولا بد للنهار من وجود الليل ليكمله ولا بد للمذكر من وجود المؤنث ليكمله وبعد رجوعه لله وعجزه عن منطَقَة وجود الشر مع وجود الإله القادر علي منعه ورحيم بعباده تغاضي أغستين عن البحث عن حل عقلاني لمعضلة الشر ولجأ إلي تفسير سهل يفسر الشر بأنه لا وجود للشر في العالم وأنّه ثقب في جدار الحقيقة لأن الحقيقة هي وجود الله ووجود الخير لأن أمر المؤمن كله خير أما غياب الله فهو غياب الخير وولادة الشر. مشكلة أخري شغلت أغستين وهي مشكلة حدود علم الله لأنه إذا كان الله محيطاً بالحاضر والمستقبل فلابُدّ أن يأتي المستقبل متوافقاً تماماً مع علم الله به لأنه لو جاء مخالفاً لما هو مسطراً في علم الله فذلك سيعني عدم علم الله بالمستقبل أما لو أتت كل أحداث المستقبل متوافقة مع علم الله ستتخذ هذه الأحداث صفة الحتمية يعني بالهوك أو الكروك واقعة واقعة وهذا ينفي حرية البشر في إختيار أفعالهم (مشكلة التسيير والتخيير في الفقه الإسلامي) ومسئوليتهم بالتالي عن ذنوبهم وإلا سنصف الله باللاعدالة إن عاقب من هو غير مسئول عن أفعاله أو إن كان الله محدود العلم ولا يعلم المستقبل فهذا يتناقض مع صفتي القدرة المطلقة والعلم المطلق الضروريتان لكينونة الآلهة. أغستين سعي سعياً دؤوباً لحل هذه المعضلة وتوصل إلي لنحت مفهوم جديد للحقيقة مفاده أن هنالك عالمين، عالم الأبدية وهو عالم الله حيث لا يوجد فيه ماض، حاضر، ومستقبل بل فقط حاضر أبدي وعالم الشرطية وهو عالمنا الذي نعيش فيه، عالم الحس والسيرورة. هذه الفكرة التي تمثل أهم إنتاج أغستين واضح أنها تطوير لفكرة إفلاطون الشهيرة عن عالم الأفكار الحقيقي وعالم الحس الزائف بإتجاه حل مشكلة علم الله وحرية أفعال البشر حيث لا يوجد عند الله إلا الحاضر فقط أي الحاضر الأبدي ولكننا كمخلوقات مشروطة نري ثلاثة أبعاد للزمن ماض وحاضر ومستقبل، وعندما نقول بأن الله يعلم المستقبل فلا يوجد مستقبل في الأبد ولا يعرف الأبد التغير، وبينما يعلم الله نتائج إختياراتنا فهو بالضرورة لا يصنعها إذ أن البشر يمتلكون الحرية والسيطرة الكاملة علي أفعالهم. بالمناسبة أغستين يعتبر من أوائل من نظّروا لمفهوم حرية الإرادة في الفلسفة الغربية لأن عند إفلاطون يتركز المفهوم في العمل بمعني أن تعرف الخير هو أن تصنع الخير خارج كهف الجهالة فلا يمكن أن تدعي معرفة الخير وتفعل غيره . أغستين يدعي أيضاً أن الله مقيم في باطن الروح ولكي تعرف الله تحتاج للتأمل في نفسك حيث تسبر أعمق مناقب الحقيقة، أبدية الله أو تبقي علي سطح الحقيقة حيث العالم الشرطي الذي يسجن إنتباه وتركيز من من يحلو له وهنا نجد تشابهاً كبيراً بين عوالم كريكجارد الثلاث الجمالي والأخلاقي والديني وعالمي أغستين الأبدي والشرطي لا سيما عندما يقرر أغستين بأن من يركز علي العالم الشرطي(لاحظ حتي في الإسلام نسميه الدنيا كدلالة علي وضاعتها لدي كثير من ضروب الآيدلوجيا الدينية) والذي خلقه الله ويحبه أكثر من عالم الله الأبدي فهو شخص مصاب بعلل الرغبة السقيمة )disordered desire(. يضيف أغستين بأن حب الدنيا شيء طبيعي عند الناس كونهم بشر وكذلك مختلف ضروب التعلق بالذات والصحاب وزخرف الحياة لكن هذا ليس هو الحب الحقيقي فمن يريد الحب الحقيقي يجده في محبة الله واللذة الحقيقية هي لذة الإيمان ونفس الأفكار يكررها كيركجارد في حديثة عن مرحلتي التدين (أ) و (ب) . هنا تأتي مشكلة حرية الأرادة لأنها تفتح الباب للشر ليدخل العالم والإشباع الحقيقي لا مكان له في عالم الدنيا المؤقت لأن مكانه الوحيد هو عالم الله الأبدي ونفس الفكرة يكررها كيركجارد وإن ينزل درجة بالفكرة من مقامها الصوفي إلي مقام وجودي ينظر فيه لقيمة حب الجار في ملكوت اللامحدود. يرى أغستين بأن البشر يخطئون بسبب تعلقهم بعالم الدنيا المؤقت المحفوف بالشهوات والأحلام غير المتحققة ثم الميل نحو الطمع والحسد في التنافس علي المغانم المحدودة. أما بالنسبة لمشكلة الشر فغاية ما وصل إليه أغستين في إتجاه عقلنتها هو رؤيته بأن مصدر الشر في العالم البشر وأن الله يعلم من أفعالنا نتائجها وليس أسبابها التي تتأسس علي حرية الإرادة عند أي فرد وبالتالي مسئولية أي فردعن أفعاله.
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
يري كيكجارد أن العقل والإيمان هاجسان لا فكاك منهما و أن من يحاول مسح الدين تماماً من خارطة عقله أوفعل العكس سيفشل لأن الهاجس الديني يربض في كل لاوعي حتي لا وعي الملحد .. وكذلك العقلانية المتمظهرة في الحس النقدي المرتاب في كل نص أو أمر حاضرة بشكل أو آخر عند كل مؤمن حتي عند الغارق في التصوف ..هما حالتان لا مناص عنهما لدي البشر، فالبني آدم لا يمكنه التخلص من عقله قبل أن يتخلص من آدميته فهو من جهة يسعي فطرياً نحو المعرفة والمعرفة تعني بما هو متفق عليه في الغالب بين العالمين أي الموضوعي وأداتها العقل، لكن في الوقت ذاته يعجب الناس بالذاتي المنسجم والغارق في ذاتيته فالشخص المؤمن بأي فكرة أو عقيدة لدرجة قبوله الموت فداءً لما هو مؤمن به يجد التبجيل عند الناس (وللإيمان فهم فريد عند كريكجارد).. إن القاعدة الأساسية لفهم الخط الوجودي عند كريكجارد يكمن في أنه يولي عنايته بالعملي أو الذاتي في حياة الإنسان عوضاً عن النظري أو الموضوعي ( وحتي في ثقافتنا العامة نجد تثمين لهذا الخط الكريكجاردي حينما نصف شخصاً ما بأنه بتاع تنظير ساي).. فلسفة الإيمان كتناقض ووجدنته (تحويله لفكرة وجودية) أخذت جهد وجل حياة كريكجارد سامياً بالذاتي والمعاناة الشخصية فوق الموضوعي ومحاولات الشرح والمخارجة للتناقض في الأشياء. كذلك يشرح كيكجارد الفرق بين إيمان وإيمان فالإيمان بالوطن لا يبلغ شأو الإيمان بالآيدلوجيا..جاليلو مثلاً عندما وصل بعد بحوثه العديدة إلي أن الأرض ليست مركز الكون بل جرم من الأجرام التي تدور حول الشمس علي عكس ما كان مفهوماً وحاولت الأديان ترسيخه لهثاً وراء المصداقية العلمية لكلام الله مدعية بأن الله في كتبه وآياته قد أشار مسبقاً إلي كروية الأرض ثم ليمتد جهد رجال الدين ليطرحوا بعدها منظومة شاملة من التفاسير والتناظير علي هذا الإدعاء بمركزية الأرض .. كان هذا الإعلان الجاليليوي يعني تكذيباً لما نسبته الكنيسة لله، ولما كان علم الله (المتدينون كثيراً ما ينسبون فهمهم لكلام الله علي أنه بالفعل قصد الله وأنه صحيح الدين كما تكثر هذه المفردة عند السلفيين بحيث ما يقولونه هو بالضبط ما يراه أو يريده الله ناسين أن الدماغ البشري محدود والله غير محدود فكيف يبلغ المحدود حدود اللامحدود وناسين أن المفترض في الفهم البشري أن يصيب أو يخيب ولكنه عند شمولية نهجهم دوماً صواب) المهم في الأمر أن الكنيسة إستشاطت غضباً وطلبت من جاليلو أن يبلع إدعائه أو سيتم حرقه!! ماذا حدث؟ بالفعل قرر جاليليو أن يبلع إدعائه (ويا روح ما بعدك روح) ثم يستمر حذراً في أبحاثه وعلي المنوال ذاته.. ما يعنينا من هذه الواقعة هو عدم رغبة جاليليو بالتضحية من أجل إيمانه بحقيقة موضوعية (حقيقة دوران الأرض حول الشمس).. قارن موقف جاليليو بموقف المفكر السوداني محمود محمد طه عندما وضع في نفس المحك وهو أن يضحي بروحه من أجل ما يؤمن بأنه الحقيقة..لماذا فعل طه ما تجنبه جاليليو؟ لأن طه كان مقتنعاً بأن ما يؤمن بحقانيته هو ضرب من الدعاوي المختلفة عن دعوي جاليليو.. ضرب من الدعاوي التي يرغب معتنقها في الإستشهاد دفاعاً عنها.. أعتقد أن كلا الرجلين محق في الموقف الذي وقفه ويستحق أعجابنا به رغم تضاد الموقفين..يري كثيرون أن من الرعونة يدفع الإنسان حياته ثمناً لما يعتقده، وأن الحقيقة الموضوعية لا تحتاج لأي شخص لتمكث في الأرض وأن أي حقيقة موضوعية غير أساسية لمعني حياتنا لكن كريكجارد وأمثاله يرون أن العكس هو الصحيح وأن العقيدة أو الأيدولوجيا تعطي حياة المنتمي لها جل معناها حتي أن الفرد يختار الموت علي بيع مبادئه فلا معنى لحياته بدونها..إشتهر كيكرجارد بتصنيفه الثلاثي لأساليب الحياة بين من يعيشون اللحظة لا سيما في عمر الشباب وقبل الزواج، ثم المتزوجون المنشغلون بمشاركاتهم الإجتماعية وربما السياسية ثم نظرة المجتمع للفرد كشخص محترم، ثم المتدينون وهنا يرسم كريكجارد صورة صوفية للتدين تمثل عنده قمة المواقف من الوجود ولا تدانيها حتي العقلانية لأنه كما ذكرت أعلاه يعطي العملي في حياة الفرد مكانة أرفع من النظري، والتصوف بطبيعة الحال ممارسة ومعاناة دينية وإن كانت معاناة ممتعة، نعم إنه في إنحيازه إلي العملي منا الحياة(الوجودي فيها) إنحاز إلي حياة مقعدها ومقامها الدين. أسس كيركيجار للوجوديةعبر إنتاجه لمفهوم يقول بأن الحقيقة شيء شخصي أو ذاتي (كل زول عنده معني خاص بيه لكل شيء معني مرتبط بشكل حياته الشخصية وموقعه الإجتماعي) ماركس لاحقاً مشي في إتجاه مقارب بإنتاجه لمفهوم طبقي للحقيقة (فالمية دولار أو الشهامة علي سبيل المثال لا تعنيان نفس الشيء للمليونير والفقير).. بينما الحقيقة عند جل المفكرين هي أمر موضوعي وليست شخصية البتة (فالجوع هو الجوع لدي الغني أو الفقير حيث أن الجوع مفهوم عام). أعاد كيركيجارد تعريف مفهومي الحقيقة والذات حيث يري أن الذات الحقيقية هي الذات الملتزمة..هي الذات ذات المشروع الحياتي الكبير(يتضح هنا ما عنيته أعلاه بإستعمال كيركجارد للغة فلسفية ضد الفلسفة أي لشرح اللافلسفي ألا وهو الديني بإستعمال مفردات فلسفية وعلي أساس وجودي حيث يسعي لإضاءة التناقض في الدين مبيناً ضرورة التناقض للدين والحديث عن التناقض في أي أمر حديث فلسفي) أن كيركجارد يعالج فلسفياً أخص التجارب الفردية، تجربته مع خطيبته الفاتنة ريجين والتي إكتشف فجأة لسبب أو آخر أنه لا يستطيع الزواج بها وقام بفسخ خطوبته منها مما سبب صدمة لكليهما جعلت كيركجارد يهرب من النرويج إلي ألمانيا ويؤلف ثلاثة كتب هناك موقعاً باسماء مختلفة عن اسمه ومضمناً فيها رسالته السرية لريجين بأنه الفارس الذي يبلغ قمة نكران الذات في طريقه الشاق نحو الإيمان
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
فتحت محنة كيركجارد مع ريجين الباب أمامه ليفلسف الحياة كلها علي قاعدة معاناته الشخصية وليرسم صورة للحياة تتفه ما نظن أنه أهم أسباب السعادة في الحياة، فهو يخلص إلي أن كل مافي هذه الحياة مؤقت وزائل وحق لنا أن لا نضع كل البيض في سلة أي مشروع مؤقت قد يزول في لمحة البرق من أمام ناظرينا ويتركنا في عراء الحقيقة المرة.. كانت محنة ريجين تمثل أحد أهم المحن التي كثرت في حياته ورصفت دربه نحوتلك الفلسفة للوجود التي تري أن التعلق بالأبدي الدائم أفضل من التعلق بما هو زائل أو متغير ..وهكذا جاءت تضحيته بحبه الكبير والتي أعتبرها أحد أهم الإمتحانات في التخلي عن أجمل مافي حياتك م ادام أنه مؤقت صمم كيركجارد علي النجاح في التجربة ونجح إلي حد كبير بس التناقض الكبير هنا هو أنه كان يريد التضحية بريجين ثم يأمل أن تعود له في النهاية وهذا يذكرني بكثير من الرجال والنساء في مجتمعاتنا الذي يعزفون عن الزواج نهائياً عندما يتزوج الطرف الآخر في العلاقة وحدث أن عاد الطرفان في وقت لاحق وتزوجا لكن ذي ما بقول المثل ركاب سرجين وقّاع أو وقّيع. إختار كيركجارد بحرية كاملة التضحية بحبه لكن علي أمل الفوز به من جديد، و لأجل تصبير ريجين علي تجاوز المحنة وإنتظاره كتب العديد من الكتب بأسماء مستعارة مضمناً رسائل لريجين داخلها مفادها أنهما سيرجعان لبعضهما ورأي في كتبه أن يضرب لها مثلاً كيف ضحي إبراهيم بإبنه ناجحاً في إمتحانه الإلهي ليكسب ابنه من جديد. كنت محنة ريجين أهم العوامل التي فرضت علي كيركجارد إمتطاء صهوة الفكرة الوجودية علي جواد الدين ولكن ما حمسّه إلي هذا الإتجاه في التنفكير الوجودي أيضاً خلفية عائلته المتدينة ودراسته إلي ما بعد الجامعة في مساق ديني بحت ثم إيمان عائلته إيماناً قوياً بأن لعنة تحق بهذه العائلة لأسباب لا مجال لشرحها الآن..رغم إجتهاد كريكجارد في فلسفة قصة إبراهيم إلا أن ذلك لم يجدي نفعاً فقد تزوجت ريجين بعد إنتظار لم يطول من شاب آخر مما سبب صدمة أخري لكريكجارد وعكف يؤلف المزيد من الكتب عازماً علي أن لا يتزوج أبداً بعدها. خرجت ريجين من المحنة بزوج آخر وخرج منها كريكجارد بتأمّل عميق وفهم وجودي للعاطفة الرومانتيكية يبحر بها في بحر الأبدي الذي لم يجد جواداً يسوقه في دربه أفضل من جواد الدين مؤسساً فهماً جديداً للدين يتميز بالشخصانية وينتقد بشدة النصوصية الدينية بمعني أن الدين معاناة شخصية وسلوك شخصي وليس كنيسة أو مسجد أو رجال بلحي وعمائم يشرحون للناس كيف يتعبدون. هو دين أقرب للتصوف وأبعد عن الهيجلية التي سعت وما شابهها من مدارس في الفكر الإسلامي بتقديم صورة منطقية جميلة ومتصالحة مع العصر للدين رؤية كيركجارد للدين تقدم إلتزام من طرف واحد، إلتزام غير مشروط لدرب ودين يقوم علي التناقض ومن أهم أمثلة التناقض في النصرانية عند كيركيجارد المسيح نفسه إذ كيف يكون المسيح بشراً وإلهاً في الوقت عينه ولكنه تناقض مهم لإختبار الإيمان لأن الإيمان بالواضح ما فيه مشكلة لكن الإيمان بالمتناقض هو الإمتحان. ليوضح كيركجارد معني الإلتزام غير المشروط إستعان كما ذكرنا أعلاه بقصة إبراهيم التي أخذ فيها إبراهيم عهداً غير مشروطاً بأن يصبح أب الأديان وكان إمتحانه لإستحقاق هذا الموقع الذيوعده ربه إياه مسبقاً أن يضحي بأغلي ما يملك، أن يذبح ابنه الذي ناله بعد عمر طويل. كما ضحي إبراهيم لأجل الأبدي كان علي كريكجارد كذلك أن يضحي لكن تتضح هنا خطورة الإنخراط في الإلتزامات غير المشروطة كونها مغامرات غير مضمونة النتائج لا يضمن من يقوم بها أن يحقق ما يتوخاه عن بذل روحه و جهده أوماله، أي أن يأتي برّه بعهده أُستعادة ما أعطي أوأن يأتي إلتزامه أكله بشكل أو بآخر.. ولنا عبر كثيرة هنا منها تعهدات فصائل عدة معارضة للحكومة لا سيما ضمن الحركة الطلابية بالخروج وبذل المهج والأرواح كي تسقط النظام آملين في إلتحام قوي الشارع معهم وتحقيق الهدف المأمول وبالفعل يخرجون ويبذلون ما يبذلون لكنه يبقي أقصرمن تحقيق الهدف المأمول ولأن التعهد كان غير مشروطاً يستمرون في إعادة الكرة ومقارعة النظام مرة بعد مرة دون التوقف عند الفشل في جولة من الجولات لكن مهما كان تبقي الإلتزامات غير المشروطة حالة مأزقية لأنها قد تنتهي بصاحبها إلي اليأس وربما مواقف جد راديكالية، ولكن ما هو أنكأ منها التعهدات المشروطة مثل أن يتعهد أخ جمهوري أن يتخلي عن عقيدته إن نجحت مؤامرة إعدام الزعيم بينما الزعيم نفسه يبقي تعهده للفكرة تعهداً غير مشروطاً حتي لا تزول بزواله فيختار أن يقدم روحه فداء فكره آملاً أن يخلف الله من بعده خلف يقيمون أود ما بذل روحه فداءً له وقد لا يحدث ولكنه علي كل حال هي مغامرة غير مشروطة .. من يبر بعهده غير المشروط دون أن يحقق النتيجة المأمولة قد يفقد معني الحياة ويقبع محاصراً بالأسي الذي قد يدفعه للإنتحار كما فعل الكثيرون الذين ظنوا أن إنتماءهم لحزب أو جماعة معينة سيحقق معني مفقود في حياتهم وعندما يفشلون تضيق عليهم الدنيا حد الرغبة في رميها وراء أكفانهم.. مشكلة الإنخراط في مثل هذه الإلتزامات أنه عندما يربط الفرد المعني الكامل لحياته بفكرة أو شخص (حبيب مثلاً) ممكن غيابه أو إنكشاف أنه عكس ما ظُنّ فيه تصبح يتحول الفرد إلي شخصية هشة قابلة بسهولة للقنوط والإنكسار . هنا يقبع التناقض عند الإنخراط في مثل هذه الإلتزامات التي ترهن الحياة كلها مقابل شيء ما لا تملك يقينه كله أو أبدية بقاءه كما هو ظنك به..يكتب كريكجارد (فارس نكران الذات الأبدي) من موقع من مرّ بتجربة من هذا القبيل لكن ما عنيته بالتناقض الذي يؤسس له كيريكجارد هو أنه يقول بأن علاقته بريجين كانت أجمل و أقيم شيء في حياته لكنه سيبقي وفياً لمعني هذه العلاقة و أستغني عن الطرف الآخر الذي هو محور العلاقة. إنه يتخلي عن المؤقت وغير الأبدي في العلاقة لصالح الدائم، اللامحدود والمثالي فيها، وهو معناها ليبقي معه حيّاً يانعاً إلي الأبد
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
الاخ سناري .. ال Existentialism موضوع شيق وفلسفه تستحق الاهتمام لانها اثرت علي علوم انسانيه اخري مثل علم النفس .. كطلاب لاهوت ممرنا بقشور الوجوديه ووجدنا اسماء تستحق الدراسه والتامل .. Kierkegaard . شخص مميز رغم اختلافي معي في بعض الاشياء ..هو من اسس مانسميه ب . The new theology انا لازلت في حاله بحث عن وقت لكي ادرس ما كتبه Karl Barth وهو لاهوتي تاثر بي Kierkegaard .. في فيلسوف مسيحي اسمه Francis A Scheaffer وكتب نقد بناء لافكار Kierkegaard واخرين كتبوا .. سوف اعود لاحقا ..
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Muhib)
|
الأخ السناري لك التحية و الإحترام
Quote: .الرؤية العقلانية تستهدف الموضوعية واللاهوتية تقوم علي الإيمان. ولكن العقلانية النقدية والطاقة الإيمانية كلاهما خاصية إنسانية ضرورية لحياة أي فرد ودونهما لا يبقي محل إلا للراديكالية والتطرف من جهة حين يكفّر المؤمنون العقل وتسخر الشمولية العقلانية من أي مفكر يبدي إحتراماً لأي دين. العقلانية النقدية أمر مهم في حياة الإنسان لا سيما ذلك الفرد المنتمي لأي كيان أو منظومة سياسية أو آيدلوجية حتي يملك المنتمي القدرة علي حجب فعالية عقيدته فيما يختص بتغبيش نظره إن توجه نحو سواءاتها لكن في نفس الوقت يبقي الإيمان مهماً للقيام بالأعمال الجليلة، فلا هدف كبير يتحقق إلا عبر إيمان كبير.
|
هذا البوست شيّق جدّاً
حقيقة أن التفكير و البحث عن الحقيقة يقودان الي الإيمان .... لكن التعصّب اللاهوتي يخفي الخوف من معرفة الحقيقة ... أو القصور الي الوصول الي الحقيقة ... يقول الله في محكم تنزيله: ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم ( 14 ) ) لأنّه لا يمكن الوصول الي مرحلة الإيمان دون إعمال العقل ...
يقول ديكارت: أنا أفكر .. إذاً أنا موجود ...
و يقول جان بول سارتر (من رواد الوجودية الحديثة): العقل هو النسيج الموجود و جوهر التاريخ ومضمون الواقع.
واصل يا سناري ... هذه مواضيع فخمة .
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: elhilayla)
|
Quote: . كان مرجع إبن سينا إفلاطون كما كانت هي مرجعية أوغستين أحد أكبر مفكرين دينيين في تاريخ النصرانية وحاول كلاهما عقلنة الدين منطلقين من الإفلاطونية ومفهومها الإطلاقي الشهير بأن الخير والحقيقة يربضان وراء العالم المحسوس وأن ما العالم الذي تدركه أحاسيسنا فيه من الوهم أكثر مما فيه من الحقيقة. أما إبن رشد أهم الفلاسفة المسلمين فقد إستند علي مرجعية مماثلة لمرجعية أكويناس ثاني الإثنين في تاريخ التفكير النصراني ألا وهي أفكار أرسطو ولا سيما فكرة العلل الأربعة للأشياء.لكن إذا رجعنا لإبن سينا وأوغستين فلا يمكن مماهاة ما يقصده إفلاطون بالله ، فما هو وراء العالم المحسوس عند إفلاطون ليس شخصاً وإن كان أقرب إلي التشخيص وليس خالقاً وإن تميز بكثير من صفات الله لكن رغم ذلك سعي ابن سينا واوغستين للتوليف بين الإفلاطونية والديانات الإبراهيمية مع إستحالة هذه العملية أي التبرير العقلاني لمواقف دينية ، ولتوضيح أمر هذه الإستحالة نضرب مثلاً بقصة الأضحية حيث من الواضح أنه لا يمكن تفسير أمر الله لإبراهيم بأن يذبح ابنه عقلانياً أو إفلاطونياً (كأمر خير) بينما يمكن فهمه فقط إيمانياً كأمر خير، فلا يمكن أن تقبل عقلياً أن تبدد مئات الألاف من الثروة الحيوانية التي تذبح سنوياً قرابيناً في يوم عيد الفداء بينما نؤمن دينياً بأهمية ذلك الأمر وأجره.. لم يجد ابن سينا وأوغستين في يدهما كي يعقلنا الدين غير الترويج لقاعدة أن من صفات الله الخير وأنه لا يصدر منه إلا الخير وهذا تبرير أعتبره تبريراً ضعيفاً عقلانياً لكن ما يخص فعل الله عند أوغستين يمكن أن يفهم عقلانياً دون نقاش علي أنه الخير الذي يجب علي البشر أن يستسنوا به حتي وإن بدا أنه غريب وغير عقلاني هذا يعني أن أوغستين يبرر أن يذبح كل والد ولده إن قكانت نهاية قصة إبراهيم ذبح ابنه وليس إفتداءه |
في رائ ترك اوغستين التفكير الافلاطوني وتاثر به فقط لفتره قصيره والملامح الافلاطونيه باديه في كتاباته الاولي .. كتابة اوغستين اللاهوتيه الاولي تفتقد التناسقيه مع اراء لاهوتيه اخري لاوغسين .. وبنفس القدر اثر الرجل علي مسيحيين كثر .. ولد من رحم صراع فلسفي وصراع حقيقي وتغيرات كبيره ..اخرج لنا اوغستين _مدينه الله _ وكتبه في سبعة عشر سنه .. .. وراء العالم المحسوس شخصا (وهو روح) وهو الله .. الهدف من قصة ابراهيم واسحق ليس ذبح الاب ابنه ولكن الايمان باقامه الموتي والفداء للحي قبل ان يموت الموت الثاني ..
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
يعتبر هيدغر أكثر فيلسوف خلق إثارة جدلاً وتأثيراً في القرن العشرين ولد هيدغر سنة 1898 ونشأ نشأة جد ريفية ، معزولة ومتدينة شب هيدغر في بيت ملحق بالكنيسة التي يعمل فيها والده الذي كان رجل دين كاثوليكياً متشدداً إبتدا هيدغ منذ طفولته يتلقي تعليماً دينياً وكان الأفق الديني يشكل حدود دنيته التي كان يبدو أنه مستمتعاً جداً بها كان حلم هيدغر أن يصبح قسيساً وتبرعت الكنيسة بالصرف علي كل دراسته حتي المرحلة الجامعية في الجامعة وهي مؤسسة دينية أيضاً إنتقل هيدغر من تلك البيئة الريفية المعزولة إلي أفق أوسع كان همه في هذه المرحلة هو تخصيب وإعادة إنتاج التراث الأوغستيني علي أمل أن يعرض الدين بشكل يوائم العصر الحديث كان هيدغر يحب الرياضيات والعلوم ويميل إلي دراستها وذلك بدأ يشكل نزاعاً بين رغبته ورغبة الكنيسة لكن الحدث المهم الذي بدأ يشكل إنفصاماً للعلاقة بينه وبين الكنيسة هي أنه بدأ يتشكك في وجود الله حتي اليقين عندها قرر أن يدرس الفلسفة مع هوسرل وعندما عجزت الكنيسة عن إثنائه أوقفت صرفها عليه
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
هوسرل كان يدرس نظريته الجديدة والتي تعتبر زروة الفكر المثالي الديكارتي وترد علي الوضعية المنطقية التي كانت سائدة في حلقة فيينا وجهودها في فلسفة الأسس التي تقوم عليها العلوم سعي هوسرل لنقد الأسس التي تقوم عليها العلوم وعملية الفصل بين الذات والموضوع الظواهرية الهوسرلية رفضت أي فصل بين الذات والموضوع بإعتبار أن معرفة الموضوع مصدرها الدماغ المعرفة كلها في الدماغ وما علينا إلا تحليل ما يسكن الدماغ من معرفة نتجت من إحتكاكنا بالأشياء الثنائية الديكارتية تحولت عند هوسرل إلي أحادية تبدأ من توجهنا نحو شيء معين (رؤيته، سماعه، الشعور به) أي من قصديتنا لأن أي موضوع يسكن دماغنا لا بد أن تسبقه نيه وإنشغال به وكل المعرفة عند ظواهرية هوسرل تبدأ بتحليل ما سكن دماغنا من معرفة تعقب تجاربنا اليومية الموضوع والذات يتحولان لفكرة في دماغنا تشكل معرفتنا بالعالم ولا يهم إن كان الموضوع موجود غير موجود ، حقيقة أو خيال كل ما يهم هو مافي دماغنا من إرتكاس عقب حالة ما مادية أو شعورية
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
إن ما سنأخذه من هيدغر هو تعبيره المفصل ولو بلغة جد معقدة عن معني أن تكون إنساناً معني الوجود الإنساني لكن كثيراً من النقاد إحتاروا في كيف يمكن أن يتحدث مفكر عن معني الوجود بهذا العمق ثم يرهن وجدانه وعقله لفكر نازي شيفوني، فالأمران لا ينسجمان أبداً كيف يتحدث عن الإتساق كما سنبين لاحقاً ويفشل علي مستواه الشخصي في الإتساق مع ذاته عند هايدجر أن الفكر البشري قبل العصور الإغريقية الكلاسيكية إهتم بأمر الوجود والسيرورة (يترجمها البعض الكينونة) ولكن مع عظماء الإغريق سقراط وإفلاطون وإرسطو إنحرفت قاطرة الفكر وتحولت إلي الإهتمام بالموجود بدلاً عن الوجود وإنه في مغامرته الفكرية سيعمل علي إعادة القاطرة إلي مسارها العديل بينما كان هوسرل يهتم بالظاهرة في إطار الوعي به يهتم هيدغر بالظاهرة كوجود وسيرورة مرتبطة بحركة الزمان يري هيدغر إنه ومنذ الثلاثي الإغريقي بدأ الفكر البشري يتجه نحو العدمية نحو نسيان الحس التأملي الإندهاشي تجاه الوجود فأخذت الأشياء تتخذ مساراً آخراً عدمياً فإفلاطون الميتافيزيقي عبر عن فكرته في ألغوريا الكهف حيث يحبس العبيد داخل كهف لا يرون من داخله ما يجري في العالم خارج الكهف وعندما تظهر الأضواء بشروق الشمس أو إذا ما أوقدت ناراً خارج الكهف تنعكس ظلال الأشياء في الخارج علي جدران الكهف وبالتالي ما يري في الكهف (العالم) هو ظلال الأشياء وليس حقيقتها فالحقيقة لا توجد في العالم بل خارجه وهنا تتفق الأديان بأن حقيقة العالم ومعناه ومصدره يوجد خارج حدود العالم ند الله يقول إفلاطون بأن الوجود وعالم السيرورة هو أقل حقيقة مما وراءه وما وراء عالم السيرورة ند إفلاطون هو عالم الأفكار الأزلية غير المتغيرة يصف هيدغر إفلاطون بالميتافيزيقي الذي بدلاً من النظر في الوجود والإندهاش يبحث عما هو خارج الوجود وينظر لحقيقة توجد هناك بعيداً عنا
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
التيار الفكري الأفلاطوني يؤمن علي أولوية الفكرة والمثال علي الوجود ويضربون الأمثلة في دعم حجتهم كما في مثال المثلث متساوي الأضلاع الكل يعلم أن المثلث متساوي الأضلاع تتساوي أضلاعه وزواياه ولكن هل يستطيع أيّاً منا حقيقة رسم مثللث متساوي الأضلاع ؟ بالطبع لا. فلا يمكن أن نجزم بأن أي خطين يمكن أن يتساويا طولاً وعرضاً في كل نقطة أو مستوي منهما فيبقي المثلث متساوي الأضلاع تمثيل غير دقيق لفكرة سليمة الأفكار هي ما يقصده إفلاطون بالتمثي الحقيقي للوجود (الذي يمثل صور وظلال للأفكار) فالعالم المحدود كالمثلث هو تمثيل غير دقيق أو ظلال لأفكار سليمة لا محدودة يجادل هايدجر بأنه إذا كنا نؤمن حقاً بأن الحقيقي مساوي للعقلاني فلننظر للعالم من حولنا كم من فكرة ضحدها الواقع العملي و الأولوية تشير في الواقع لعكس ما يري إفلاطون حيث لا يتحول الوجود الحقيقي الملموس إلي وجود ميتافيزيقي تكمن حقيقته في عالم الأفكار يندب هيدجر علي إفلاطون تقليله من شأن العالم والحياة التي نعيش ويري فيه خطاً إنحرف بالثقافة العالمية بإتجاه العدمية أما أرسطو فيمثل من ناحيته ضربة البداية التي مهدت لبزوغ فجر العلوم والتقنية الحديثة وبالتالي لإغتراب الإنسان الحديث عن ذاته حيث مع أرسطو ومن بعده أصبحت أفضل الطرق للمعرفة هي دراسة الشيء موضوع المعرفة معزولاً عما حوله لمعرفة خصائصه ووظائفه ومع هذا الإتجاه حسب هيدجر بدأت التقنية تسيطر علي الوجود بمعني أننا أصبحنا عندما نتحدث عن العالم ننظر له بدلالة كل ما يمكن دراسته وتصنيفه هيدجر لا يرفض هذا الإتجاه بإطلاقه لكنه يري مشكلة في إعتباره الطريق الأساس للحديث عن الأولوي والحقيقي مع إفلاطون والأديان أصبح الوجود الحقيقي هو المتعالي ومع أرسطو توجهت الأولوية صوب المادي الذي يحسب ويقاس ويبوب كل ذلك ضيق بل ضيع عند هيدجر فهم أن نكون وإتجه بنا نحو العدمية وكانت النتيجة هي الكوارث التي أنتجتها بإمتياز حضارة المجتمع التقني الإستهلاكي ولو عاش هيدجر إلي يومنا هذا ورأي ما يحدث في المناخ الكوني لخاطب العالم الغربي ساخراً أنظروا أين وصل بكم وهم السيطرة علي الكون إتجهت الفلسفة بعد ذلك مع ديكارت في نفس خط إعلاء شأن العقل وإشتهر ديكارت عبر الكوجيتو بتنصيب الذات كمصدر للمعرفة في الوجود إنطلق ديكارت من واقعة الكشف الفاضح عن خطل كل الأسس التي قامت عليها المعرفة الحاضرة (في زمانه) إبتداء من خطل حقيقة أن الأرض هي مركز الكون وما تأسست علي ذلك من علوم بحث ديكارت عن معرفة جديدة يقينية ونصب الإنسان كمصدر لهذه المعرفة مدفوعاً بالإلهام الإلهي لكنه أسسها معرفة ثنائية تتوجه فيها الذات لمعرفة المواضيع حولها كذلك من بعد ديكارت أكد كانط ثم هوسرل علي الدور الأساسي للذات كمصدر للمعرفة لكن هوسرل علي عكس كانط وحّد بين الذات والعالم ودعي ليس لدراسة العالم بل محتوي الدماغ ومكنونات الوعي فالعالم يوجد داخل وعينا لا خارجه في الوقت الذي كان فيه هيدجر يركز علي معني الوجود ويعلي من شأن الأنطولوجيا مقابل الأبستمولوجيا هيدجر إهتم أيضاً بكتابات نيتشة ورأي أن نظرية نيتشة عن إرادة القوي تشير إلي مرحلة متقدمة من مراحل إهمال معني الوجود حيث التركيز النيتشوي المبالغ فيه عن قيمة الفردانية في الوجود في الوقت الذي يري فيه هيدجر بأن الأولوية تمضي بإتجاه المجتمع والإجتماعي إنطلق هيدجر من نظر للوجود رأي فيه علاقة الإنسان بعالمه علاقة إنضغام الذات في المجتمع وأنها ليست علاقة ذات بموضوع بل إنضغام الذات في تعايشها مع الموضوع وأن الوعي لا يلعب أي دور حقيقي في هذه العلاقة المنسابة في روتينها ذلك الذي قلما يمر عبر غربال العقل الأشياء التي نستعملها هي أشياء دوماً جاهزة في إنتظارنا إبتداء من فرشة الأسنان للبشكير للورق والقلم للسيارة للكرسي والمنضدة للآخرين من حولنا حين نسلم عليهم ونتبادل معهم الكلام كل ذلك يحدث دون ان نفكر فيه بل أننا حتي لا نتذكر كيف فعلنا ما فعلنا المعرفة ليست محور تعاطينا اليومي مع الأشياء بل السيرورة هي منوال هذا التعاطي فنحن في حياتنا اليومية لا نتخذ موقع الملاحظ المتأمل والمفكر في كل فعل يفعله بل العملي العايش والمباشر لحياته بشكل شفاف يلعب فيه اللاوعي دوراً لا يلعبه الوعي الوعي لا يتدخل في حياتنا إلا عندما نصطك في شيء منها مثل أن يضرب فيروس كمبيوترك وتبدأ في التفكير كيف يمكن أن تستعيد ملفاتك أو تتعطل السيارة فتبدأ في التفكير عن مصدر العطب لا أو لا يكتب القلب فتبدأ التفكير والنفخ في مؤخرة الأنبوب ألخ
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: aydaroos)
|
عزيزى ماجد سنارى تحية طيبة غيب وتعال عشان تجيب لينا العملاقين هيدجر وكيركيجارد سأحاول رفع البوست لربع جديد حتى يجد الناس متسع من الوقت للتواجد فيه وددت المرور والتحية واعد بالمشاركة حالما يتوفر الوقت . ( كان سورين كيركيجارد عائدا من البنك بعد ان صرف آخر ما تبقى من رصيده ، ولكنه لم يصل الى منزله ابدا حيث سقط فى الطريق لافظا انفاسه الاخيرة وهو بعد فى الثانية والاربعين) يا للخسارة !! أما علاقة هيدجر بالنازية فتبقى لغزا أخر محيرا جدا!! التحية لك و لقراء هذا البوست العظيم
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
الاخ سناري بعد التحيه قد اكون اسات الفهم بعد المرور علي كلامك ولكن اسمح لي بكلمه لدي تحفظ بوصف تجربتي الاسلاميه بالاصوليه ولا ادري ماذا تعني انت بكلمه الاصوليه الاسلاميه والمسيحيه ولكن بالنسبه لي الكلمه لها مردود سلبي ولاتصف تجربتي وفكري وتصوري للدين الاسلامي عندما كنت مسلم بالنسبه للمسيحيه فانا مسيحي كتابي لا طائفي وانا مع الاعتدال اللاهوتي و الفلسفي اود اقراء كلامك عن اوغسطين ببطء
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Muhib)
|
الحبيب محب شكراً علي المشاركة من جديد وأقصد بالإصولية الإسلامية والمسيحية النسخة السائدة أو ربما الرسمية للديانتين ,والمعتمدة من المؤسسات الدينية في العالمين، أي إسلام العقيدة والشريعة ونصرانية ال New covenant
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
هيدجر لا يقصد بالميتافيزيقا معنياها التقليدي كفلسفة تشتغل علي نظرية الحقيقة المثلي أو الخارج إطار الطبيعي بل يتخذها وصفاً مجملاً لكل التاريخ الفلسفي الغربي . تقاليد الميتافيزيقا الغربية هذه تواطأت علي دراسة الوجود مختزلاً في مكوناته من كائنات وأشياء كعناصر مفردة مستقلة عن بعضها، كل مكتفي بذاته. وتطورت من بعد ذلك عن هذه التقاليد العلوم التي تخصصت في دراسة الصفات والخصائص للمخلوقات كالكيمياء والفيزياء والبيولوجيا. هيدجر يصف هذا النظر الميتافيزيقي للكائنات والأشياء كعناصر مفردة بالنظر الجزئي الذي يركز علي زاوية واحدة تدرس الإنسان مغيباً عن وجوده ركز هيدجر من ناحيته علي دراسة الإنسان ضمن وجوده وتملّى في الإشكالية التي أشار لها من قبله نيتشة وهو يصدر حكم الإعدام علي الميتافيزيقا الغربية إشكالية كيفية الحديث عن الحالة الإنسانية يلفت هيدجر النظر إلي الفرق الكبير الذي تحدثه الدراسة الأنطولوجية للعناصر في وجودها الإجتماعي المشترك لأن دراسة الفرد بدلالة وجوده لا دلالة خصائصه المفردة تفتح للناظر أفق السيرورة الفريد وما يحفه من روابط ودينامية إجتماعية عجيبة. وخلص إلي أن اللغة الموجودة قاصرة عن وصف هذه السيرورة وإكتناه حقيقة التغير المستمر الممتد من الفرد إلي الكون رأي هيدجر أن اللغة المستعملة تكرس عملية إستغفال عبر تسويدها لنظام يموه الحقيقة ومقارنة المفردات المستعملة في مجتمع كالمجتمع السعودي مثلاً مع تلك المستعملة في المجتمع النرويجي والفيتنامي تكتشف إستخدام اللغة لإشاعة شكل متوهم ومختلف تماماً لمعاني الوجود لذا إستعمل هيدجر مفردات جديدة مثل الدازاين والذي يعني وجود الإنسان السليقي والإرادي معاً في قلب الحياة ( والإرادي هنا يستلفها هيدجر من فكرة القصدية الهوسرلية) نحت هايدجر مصطلح الدازاين بالرجوع لمعني كلمة يوجد في اللاتينية القديمة والتي كانت تشير لمعني الإنبثاق والإنفتاح علي الحياة فالإشتباك معها. مفردة دا الألمانية تعني المكان ومفردة زاين تعني الوجود والمقطعين معاً يشيران للوجود هناك حيث الحياة التي نعيش مع الآخرين بكل ما تذخر به من إثارة أو روتين سخّر هيدجر أدوات البحث الأنطولوجي للتعبير عن صيغ الوجود الإنساني ذلك لأن الإنسان مخلوق فريد تؤرقه ظروف وجوده وهو الكائن الوحيد الذي يتأمل وجوده ويتساءل عنه لأنه لا يمتلك الحقيقة الكاملة لهذا الوجود ولا يتحكم في مظم الأحوال فيه لكن يكفي أن تسأل ن معني الوجود لتكون إنساناً إذ لا يسأل هذا السؤال إلا الإنسان نعم في غالب أحوالنا تسوقنا الحياة حيث تشاء لكننا في لحظة واحدة من لحظات حياتنا علي الأقل نسأل عن معني حياتنا ويحيطنا القلق لا سيما عندما نحس بالعدمية واللامعني كعامل إيجابي يدفعنا للتغير والإتساق. الإنسان وحده يمتلك القدرة علي النظر إلي وجوده ثم الإرتباك في معني هذا الوجود يتميز الوجود بالإنفتاح والإنكشاف فهو لا يوجد في وعي الناس بل هناك في سهلة الكون والطبيعة
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
.
المكرم / سناري
تحية وتقدير
تسجيل حضور ومتابعة
وفي بالى كتاب ( مواقف المادية والثورة ) لجان بول سارتر الكل مره بقراء منو شوية محاول اتلمس خط تفكير فيلسوف الوجودية وهو بناقش مجموعة من الفلسفات في كتابوا ده , خصوصا فكره الاشتراكيون العظام كارل ماركس وفريدرك انجلز البتقول نمو الحياة المادية محتاجة (( للمجتمع )) وهو بقول محتاجه أفراد ليهم الاستقلالية كافراد بقرروا محدداتهم والتزاماتهم في الحياة ... وما بين الجماعي والفردي وافكار كتيره بناقشه الزول ده بتحس فعلا كان للوجوديين خطهم اللو حتقراهوا بتعمق محتاج لاجتهاد .
وليك أكيد التقدير
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: عبد الناصر الخطيب)
|
شكراً عزيزي الخطيب وأعدك بإفراد صفحات لسارتر ورفيقة دربه المشاكسة سيمون دي بقوار لاحقاً..وبالفعل شهدت علاقة لسارت كما تحلو لحوارييه تكنيته مع الإشتراكية مد وجذب بسبب تبنيه لرؤية تمجد الحرية الفردية في نفس الوقت الذي تعري فيه الإستغلال من جهة و مواقف تدين الدكتاتورية حتي لو كانت دكتاتورية الطبقة العاملة في نفس الوقت الذي تعري فية جشع النظام الرأسمالي.
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
هيدغر عمل بعد دراسته مع هوسرل أستاذاً للفلسفة الأرسطية وأعجب بدراسات المفكر الكبير برنتانو والذي أول من نظّر لمفهوم القصدية ذلك المفهوم الذي تبناه بعد ذلك هوسرل في فلسفته الظاهراتية أسس عليه هيدغر مفهوم الكير في دراسة هيدغر لأرسطو علي قراءات برنتانو شدّت إنتباهه عبارة أرسطية مثلت ضربة البداية لمباحثه الأنطولوجية يقول فيها أرسطو " أن الوجود يقال أشكال عدة" سعي هيدغر بإستخدام أدوات التحليل الفينومنولوجي للبحث في هذه الأشكال العدة للوجود ووجد أن البحث الأنطولوجي هو الطريق الأنسب للتعبير عن أشكال الوجود وعلي أخصها الوجود الإنساني الذي يتميز بإنفتاح الإنسان (الدازاين) علي هذا الوجود وميله للإستفهام والإستفكار فيه وإن كان ذلك بشكل متقطع أو ربما مرة واحدة أثناء عمر طويل لأننا في الغالب نترك الحياة تسير بنا حيث تشاء دون التساؤل عن معني حياتنا مالم يحدث فيها ما يؤرقنا فنشعر عندها بالعدم فالقلق وربما أيضاً عندما نفكر في أننا نمضي بإتجاه الموت عاجلاً أو آجلاً فتدخلنا رعشة مربكة بالذات عندما نشعر أن ما تبقي من العمر ليس الكثير وأننا لم ننجز شيء بعد فيتولد ذلك القلق الإيجابي وأقول أنه إيجابي لأنه يحفزنا علي الإجتهاد في التحرر من مسار غير منتج و من حصار إجتماعي لاينتج أكثر من تعميق مكانك سر ثم التحرك بإتجاه إنجاز شيء ما.. ربما عمل دراسة عليا ، ربما هجرة ، ربما زواج أو حتي طلاق. النظر في شكل حياتنا ينبئنا عمن نحن ويكشف لنا عن محدوديتنا وقصورنا الذاتي هذه المحدودية يخفيها الروتين والمستوي الفطري غير الإشكالي الذي تتحرك عليه حياتنا اليومية و ترسم حدوده اللغة السايدة في المجتمع هذه اللغة التي تجذر المشترك بين الناس وتمنع الإنفلات عنه بكل ما يوفره المجتمع الحارس لتلك اللغة من أدوات قمع فمثلاً يتعلم الطفل عندنا منذ سنوات كلامه أولي خطورة سب الدين أو التلفظ بمفردات تعرف بالكلمات النابية وقد لا تكون نابية في مجتمع آخر ولغة أخري. إنها بروتوكولات العيش المشترك الذي قذف في محيطه كل منا يوم ولادته وتحددت بعد ذلك الأدوارلكل فرد فيه وبشكل تلقائي توجه الإنهمامات فيه نحو العملي المبرمج مسبقاً تشير البحوث أن الطريقة التي يتعلم بها الأطفال اللغة ليست طريقة التحليل وتعقل المفردات رابطين الدال بالمدلول وإلا كان أمام هؤلاء الأطفال تخطي المهول من الأخطاء لكنهم يتعلمون اللغة عن طريق التفاعل مع من حولهم فمثلاً إذا كنت وسط مجموعة من ضيوفك فإن طفلك ذو الثلاث سنوات يسمع مئات المفردات التي تتداولونها فمثلاً إذا كنتم تتابعون مباراة يعرف الطفل من خلال الإندغام في الإنهمام الجماعي ماذا تعني مفردة هلال أو مريخ أو قون وحسب ميول الوالدين يشب الطفل علي أن الهلال والمريخ أحدهم ممتاز والتاني كعب هنا في تعلم اللغة يتجه تركيز الطفل نحو الإشارات إلي الموصوف المربوطة بتسميته والحديث عنه فيدخل الطفل في هذا الأفق من الكلية الإجتماعية (الهولزم) أو المجال الإجتماعي الذي سيصبح تلقائياً المجال الإجتماعي للطفل النامي لأن تعلم اللغة هو تعلم نمط عيش مشترك ولو بشكل شديد التعقيد هنالك فلم سينمائي بعنوان : God may be crazy يتحدث الفلم عن قرية نائية مرت بها طائرة وكان الكابتن يشرب في علبة كوكا كولا وعندما ما فرغ منها رماها من علي نافذة كابينة القيادة لتقع في ساحة هذه القرية التي لم تدخلها المدنية والتقنية بعد ولم يشهدوا مثل هذه العلبة من قبل فبدأ أهل القرية يتساءلون عن كنه هذا الشيء الذي هبط عليهم من السماء وهنا نلاحظ الإنتقال من البدهي الوجودي عند تداول كل ما هو معروف عندهم إلي التنظير والتعقلن فالبحث عن الماهيات و صفات الأشياء أختلفت التنظيرات والتخمينات بين أهل القرية عن ماهية هذا الشيء حتي تحولت إلي الخلافات إلي عراك نزفت فيه الدماء وخلص العقلاء في القرية إلي أن الرب كان مخطئاً في إرسال هذا الشيء الذي حول سلامهم إلي حرب.. وهكذا فإن الفطري والمشترك في المجال الإجتماي مصدر سلام وإن كان سلاماً رديئاً والتنظيري كثير ما يخلق الإشكال والخلاف في المجتمع وضعضعة السلم الإجتماعي حتي وإن كان في مصلحته لا يناسب كل ما هو مدعاة للتنظير التلقائية الفطرية السعيدة في أي مجتمع هيدغر لذا يرفض فلسفة الوجود ويدعو للتركيز علي معناه الذي نباشره ضمن إنكشافه لنا فالفلسفة تنزلق إلي دراسة الإنسان(الموجود) متوهمة أنها تدرس الوجود ومجال دراسة الإنسان هو مجال الفيزيقيا أوالإنطيقية (كيمياء فيزياء أحياء) وليس الميتافيزيقيا دراسة الوجود هي دراسة أنطولوجية وفلسفة الوجود هي فلسفة ميتافيزيقية لذا تحول مشروع هيدغر لمشروع العقلانية النقدية التي تنتخب البعد اللغوي للوجود الإنساني علي البعد الفلسفي الميتافيزيقي
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
إنشغال العقل بالبحث عن هويات الأشياء المفردة دوماً يتجاوز ما هو أهم من الهوية الفردية إنه يتجاوزالإجتماعي في حركيته وتلقائيته لذا حتي هوسرل في قصديته ينطلق من الواقع إلي الوعي وليس العكس كما يفعل هيغل وديكارت إن التمعن في تفاصيل حياتنا اليومية ينبئنا عن هويتنا بدقة أكثر من كتب التاريخ أو خرط الجينوم ليس لهايدغر أي مشكلة حقيقية مع العلوم ومناهجها لكن تكريس جهدنا بحيث تكون الأولوية لها تحرمنا من فرص الإستغراق في الإجتماعي ودينامياته وما يمكن أن نتعلمه منه الإستغراق في الإجتماعي الذي به وعليه تمشي مشاويرنا اليومية هو ما يمكننا من طرح الأسئلة التي تستجوب حالتنا الوجودية وتحفزنا علي التغيير نحو معاني أكرم لوجودنا التمعن في حياتنا اليومية يكشف عن بنى أساسية تؤسسها والتمعن فيها يفضي لحقيقة هويتنا، أي من نحن. لكنها تكتنز أيضاً بال######## والعرضي. يري هيدغر بأن بنية الدازاين هي الإنهمام وبنية الإنهمام هي الزمن مفهوم الزمن حسب هيدغر أساسي جداً في حياتنا فنحن كائنات متزمنة دوماً في حالة تطلع للمستقبل وكثير منا في دراسته أو في تجارته يعمل بحيث يجني ثمار جهده في المستقبل وحتي في حياتنا اليومية تصحو ربة المنزل مبكراً لتجهز كل ما تحتاجه هي وأطفالها وأبوهم في بداية يوم جديد فغالب أعمالنا موجهة بإتجاه المستقبل لأننا كائنات متطلعة مستقبلياً ودائماً تسبق نفسها بمعني أنه يسكنها ما ستقوم به بعد شوية أو بعد سنة من الآن (في العطلة الصيفية سنسافر السودان) الماضي(أو التاريخ) لم يمض بل هو حاضراً الآن فيّ ومشكلاً أفق الممكن أمامي لأنه شكلنا وأنتهي فأصبحنا بفضله هم من نحن موسعاً أو مضيقاً فرص الممكن والمستقبل أمامنا فالمولود في نيويورك تختلف فرص الممكن أمامه عن فرص المولود في قرية معزولة جداً في إفريقيا أو آسيا والمولود لأسرة ثرية جداً تختلف فر ص الممكن أمامه عن الفرص ابناء الأسر الفقيرة جداً والذين في كثير من الأحيان لا يستطيعون مواصلة دراستهم أكثر من الإبتدائي أو الثانوي الماضي أيضاً يشكل الثقافة والتقاليد التي سنحمل عبئها أو حسناتها معنا في مشاورينا الإجتماعية والثقافية والسياسية و كثيراً ما نسمع من يتحدث عن أن مستقبلنا في تراثنا ومن يتحدث عن أن مستقبلنا في الإنقطاع عن الثراث أو من يدعو للمزاوجة بين الأصالة والمعاصرة يري هيدغرأن التقاليد مشكلة لا سيما إذ كانت متشددة كما هو الحال في بعض الدول الخليجية والتي للأسف يحاول البعض من السودانيين ليس فقط التماهي فيها بل إستزراعها وإعادة إنتاجها في الثقافة السودانية المتبلورة بإتجاه المستقبل ومشكلة أنها تحد من إنطلاقنا نحو خيارات كثيرة واعدة مثال علي ما يقصده هيدغر هنا أن التقاليد السودانية في العشرينات حتي الستينات كانت تضيق فرص التعليم والعمل أمام النساء مقارنة بالآن حيث توسعت فرص الممكن بسبب تجاوز الكثير من التقاليد المعيقة للنمو والتقدم الإجتماعي ولكن هذا التجاوز ليس سهلاً لا سيما إذا إرتبطت التقاليد بمصاليح قوي إجتماعية نافذة
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
اللغة ذات أهمية بالغة في الوجود إذ عبر اللغة تتم صياغة العالم طبيعة السيرورة البشرية ترتبط إرتباط وثيق باللغة السائدة في المجتمع المعني تتطور اللغة للأمام أو الخلف حسب التوجه السائد إجتماعياً وتطور اللغة للأمام يفتح عوالم جديدة لسكانها يمكننا ملاحظة المفردات التي دخلت علي اللغة العربية خلال العشرين سنة متأثرة بتطور قنوات الإتصال وإنفتاح دول العالم الثالث بدرجات متفاوتة علي الثقافة الغربية واللغة مثلت البديل الهايدغري للفلسفة في دراسة الوجود وتجلياته لذا تعمق في تجارب شعرية حية لا سيما تجربة الشاعر العبقري هولدرلين في رأيه أن شاعر مثل هولدرلين أو محجوب شريف يعكس حقيقة الوجود بأكثر مما تعكسه كتابات المثقفاتية كلنا قذف بنا ذات يوم يعرف بتاريخ الميلاد في دنيا ستأسس عبر اللغة دازاين يشبهها في كل منا لو فكرنا في ذكرياتنا الباكرة لوجدنا أنها تتكون مما نسمع ونري وليس إنعكاس لعمليات ذهنية محضة ونتكون بالتدريج في شكل دازاين مقلّد ومنسجم في روتين وعادات وتقاليد ولغة أمته يلبس كما يلبسون ويأكل كما يأكلون ويلعن كما يلعنون حلة الملاح هي نفس حلة الملاح مع إختلافات طفيفة هنا وهناك هذه الإختلافات هي موضوع حديث مهم لهيدغر عن الإتساق و الإتساق هو ما يدعو هيدغر ويبشر به ليحل محل الدازاين التقليدي الدازاين في أي مجتمع يختلف عن كثيراً أو قليلاً عن دازاين المجتمعات الأخري الأمر الذي يجعل من الهجرة مشروع بإتجاه إنسجام صعب ومنهك وقد كان دازاين حي بن يقظان غابوي ومتوحش لذا تعب في التأقلم علي دنيا البشر الفرد يسعي للإنسجام عبر الدازاين في مجتمعه في المرحلة الأولي عندما تصعب عملية الديزنة تبدأ المرحلة الثانية من مراحل الوجود الإنساني مثلاً عندما لا يفتح المفتاح الغرفة كما كان يحدث دائماً تبدأ مرحلة العقل للتفكير عن حل العقد وإصلاح الأعطاب مثلاً بالنظر لأنتومي المفتاح وفورمته وتجريب البدائل التي تحجعل المفتاح يعمل كما كان من قبل لكننا بالدرجة الأولي أو في المرحلة الأولي لم نكن نفكر أو نلاحظ عدد سنون المفتاح أو وضعيته عند فتح الباب بل كنا مباشرين في فعالياتنا الوجودية اليومية بالسليقة رغم أنه يمكننا عقلنة أي فعل نقوم به خلال اليوم إلا أن هذه العقلنة غير عملية ولا أولوية مثل المعايشة والتلقائية التي لا تحتاج لخيارات العقل مكان العقل في حياتنا اليومية هو مكان الثانوي وليس الأساسي ذلك عندما تغدو الأشياء الجاهزة للإستعمال غير جاهزة للإستعمال هنالك مستوي ثالث وهو مستوي التأمل والتفكر وعندها نتحول من الأنطلوجيا للأنطيقيا نرجع لأرسطو ودراسة خصائص الأشياء ثم وضع النظريات العلمية وهذه هي لوحة وجود العلماء والمفكرين التي لا يُرسم بريشتها الإنسان العادي والعام فالعلوم لا تعمل ولا تختص بتفاصيل المعايشة اليومية ذلك الحقل الوجودي الواسع لإنهمام الدازاين بوجوده والذي يتم في غالبه بدون لغة إذ لا يحتاج أصلاً للغة إننا لا نحتاج للغة لتوصف تفاصيل إنهماكنا في عمل اليومي عندما تمر هذه المباشرات بصورة جيدة وشفافة يشرح هيدغر كيف أننا في وجودنا اليومي لا نتعامل فقط مع الأشياء بل يكون الأخرون حاضرون علي الدوام ولو ضمنياً فعندما يصنع النجار دولاباً يكون في مخيلته علي الدوام صاحب الدولاب ليس كما يري ديكارت الذات ذاتاً منعزلة بل بالأساس أن الذات تمتد في الأخرين ولا تنفصل عنهم حتي لو لم تكن معهم وتوجهنا نحو الأشياء هو توجه المعتني وليس المنظّر فأشياؤنا هي قيمة ومهمة لنا من فرشاة الأسنان والمشط حتي الراديو او الجوال هي مواضيع استعمال نستعملها ونقدر ضرورتها وليست مواضيع نتفحصها ونتأملها
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
ضمن تقنيات اللغة الجديدة التي نحتها هيدجر لعرض الوجود تشتهر عبارات عدة من هذه العبارات (كل واحد هو الآخر ونفسه في ذات الوقت) تتناغم العبارة مع مفهوم الهُم الشهير في النظرية الهيدغرية فكل فرد يسعي لكي لا يشذ عمن حوله فيصبح فعله فعلهم فرحهم فرحه مزاجهم مزاجه كأنه هو هُم رغم أنه ذات منفصلة يسلم نفسه لهم بكل طواطمهم وتابواتهم فيتحول من دازاين إلي دازمان مستلب الوجود بواسطة الهُم حتي أنه يري نفسه بعيون الآخرين أو يكون ما يحب الأخرون له أن يكون أذكر انني إتجهت في الثانوي للمساق العلمي ضد رغبتي لأن عائلتي كانت تريد طبيباً فيها وأعرف كذلك بروفيسوراً شهيراً أصر علي أن يدفع مبالغ طائلة حتي يدرس أبنائه الأربعة الطب بالجامعات الخاصة ضد رغبتهم جميعاً وضد قدرات ثلاثة منهم لكنه بزنس دكتاتورية المال وأحمد الله أن ولدت في عائلة فقيرة دكتاتورية المال وصناعة الرغبة التي لم تمنع أعرق كليات الطب بالبلاد إستقلالاً ومكانة أن تساهم في هذا المولد كلما ما أري هؤلاء الشبان أرثو لحال ضجرهم مما هم فيه وأنا أثق أنه كان من الممكن أن يبدعوا في مواقع أخري إلا أنه مع دكتاتورية الهُم (وعلي رأسهم العايلة والنظمة الحاكمة) يصبح وعينا بذاتنا وعياً مشوشاً لاحظ عدد اللحي وعلامات الصلاة التي ظهرت خلال العشرين سنة الأخيرة في السودان فكل واحد هو الآخر ونفسه في ذات الوقت رغم أن الفرد في جوهره ذات منفصلة حريٌّ بها الإتساق مع حقيقة إنفصالها وإستقلالها وقمة الإستقلال تتحدد بإشكالية الموت التي سنبحثها في مداخلة لاحقة حيث كل شاة تعلق من عصبتها الحقيقة الإجتماعية التي يستسلم لها الفرد فأبواه يأسلمانه أو ينصرانه أو يهودانه تعكس لا إستقلالية ولا إتساق في الذات بل خيانة لجوهر الذات حيث الوجود يصيغ الهوية وليس العكس كما يحدث دائماً من قذف للفرد في مجتمع مطبوخ الهوية من يعطي الفرد هويته هي ذاته وخطواته في الحياة وليست الدين أو المجتمع لكن العكس هو السائد في مجتمعات غالب أفرادها تبّعٌ هم مع الناس إن أحسنوا أحسن وإن .... وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد في الوقت الذي يضع هيدغر أهمية قصوي للتفاعل والتواصل مع الآخرين حولنا ويدين إنعزال الفرد عن مجتمعه تحت أي مسمي واصفاً له بالمعبر عن تضخم زائف في الذات يري في ذات الوقت السياسات أو الشرائع التي تدعي المصلحة العامة والحق الذي لا يغشاه الباطل تهديداً لإتساق الفرد وحريته وإتساق الفرد بمعني هروبه من دكتاتورية المجتمع أو الهُم إلي رياض الحرية والإختيار مقدم عند هيدغر علي روح الجماعة كانت من حُمّال المسك أو نُفّاخ الكير لا يصل هيدغر في نقده للعوامي والتقليدي مرحلة نبذ روسو للمجتمع ولكنه يرمي باللوم علي المجتمع وتقاليده في تحضير دكتاتورية الهُم لقمع تميز الفرد النابت فيه وفرض طقوس ومرجعيات تمنح الفرد هوية معلّبة عوضاً عن دعم حالة إستقلاله وتميزه لا سيما وأن معظم البرامج الإذاعية والمسلسلات تدعم تكريس قيم الإنضغام الكلي في المجتمع أهلنا قالو.....الما عندو كبير اللسويلو كبير....آكل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس إستهلاك الفرد في مشاغل كل يوم يسد عليه نوافذ الوجود الحقيقي والمتسق ولو مؤقتاً إلي حين أن يصحو من نومه الدازاين هيدغر يري بأننا لا نكون بشراً حقيقيين أو علي الأقل متسقين ونحن غارقون في دوامة عالمنا اليومية وأصلاً العمر محدود
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: محمد عثمان الحاج)
|
صديقي الباحث الدؤوب محمد عثمان تعلم معزتك عندي وتحياتي عبرك لنظمي وفيصل شبو ..............................................
الموت هوأحد الممكنات الوجودية ولو أنه آخرها حتي أن البعض يمضي إليه إختياراً إستشهاد أو إنتحار (عندما يعجز أن يري أن في الإمكان أروع من ذلك) يتميز الموت بأنه أعظم تجارب الوجود غموضاً لأنها التجربة الوجودية الوحيدة التي لا يمكن أن تعاش والتجربة الوجودية الوحيدة المختوم عليها بالشمع الأحمر الذي لا تزيله ثم تعود للوجود فكيف يمكن مع ذلك أن نقول عنها أي شيء إن أي حديث عن هذه التجربة يري فيه هيدغر ضرب من الهراء الإسطوري لكن تختلف المجتمعات في التعامل مع ظاهرة كالموت فمنهم من تأسره الطريقة التي بها يموت الأنسان وينسجون حولها الأساطير أساطير تلعب حيناً في الملابسات الحيثية للظاهرة فتسمي من يموت في يوم ما أو مكان بالبخيت أو التعيس ومن يموت مثلاً في يوم يصادف مناسبة دينية أو هو يؤدي منسك أو شعيرة دينية تكون تلكم علامة صلاحه ومن يموت وهو يصارع أهوال مرضه أو في مكان غير مرغوب فيه كان الله في عونه وتُبهًر الأساطير بعد ذلك بتوكيدات لاحقة فكم من يحكي عن أحلامه أو أضغاث أحلامه التي رأي فيها الميت الفلاني في مواقف تعكس مكنونات الوعي الباطن للرائي حسب علاقته بالمتوفي المهم عند هيدغر ليس الطريقة التي بها يموت الإنسان أو الموت كحقيقة تمثل آخر الممكنات ولكن المهم هو أثر الظاهرة علي الوجود الإنساني إذ تمنح البعض حياة بينما يستمرئ أحياء عملية مواتهم الوجودي إسلوب الحياة الخالي من أي إنجاز أو بإحساس الذي إنقضي أمله في حياة منتجة هنا تحضرني أبيات الشاعر البصري الحكيم صالح بن عبد القدوس والتي يقول فيها لَيسَ مَن ماتَ فَاِستَراحَ بِميت إِنَّما المَيت ميت الاِحياء إِنَّما الميت من يَعيشُ كَئيباً كاسِفاً بالَه قَليل الرَجاءِ أو يعيش أسيراً للهُم الحكومة كويسة حتي لما تكون كعبة والمعارضة رايعة حتي وإن صبحت معايطة يركز هيدغر علي المسافة الفاصلة بين لحظة الولادة ولحظة الموت وكيف يمكن أن يؤثر الوعي بالموت كآخر الممكنات في نوعيتها وكلمة آخر لا تعني بأي حال أن الموت يأتي متأخراً في حياة الإنسان لأنه بمجرد أن يقذف بنا في معمعة الحياة نصبح مشاريع مستهدفة للحِمام لكن الوعي الزائف يربط الموت بالتقدم في العمر وهذا فهم جدّ خطير فكم من غادر الحياة في نفس لحظة قدومه والعيش علي ضوء حقيقة أن العمر قد ينتهي في أي لحظة تمثل عند هيدغر أكبر حوافز الإنسان بإتجاه التغيير وموقفنا من الموت كما يراه هيدغر يجب أن ينبسط علي وعي ذو وجهة مستقبلية وعي مضمخ بعاطفة ولعي بالإنجاز عاطفة جياشة لعمل شيء يثمر زرع يؤتي أكله ولو بعد حين يزرع علي أرضية الممكن لكل دازاين علي حدا أيُّ حسب الظروف الوجودية التي يعيشها وتحدد دائرة الممكن له يري هيدغر أنه ضمن الظروف الوجودية لكل دازاين يوجد نمطان للعيش النمط المتسق والذي يكشف عن البنية الحقيقية للوجود الإنساني وما يمكن إنجازه داخلها والنمط غير المتسق والتي يري من يعيش داخله أن كل الفرص مقفلة قدامه ولا أمل في مخرج فيهرب من تحديه الوجودي إلي كل ما يمكن أن ينسيه العمل الذي يجب أن يقوم به حتي يتقدم خطوة للأمام
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
شكرا الأخ محمد عبدالله علي المتابعة
....................................
نخلص مما كتبنا في المداخلات أعلاه إلي أن المشروع الهيدغري يعمل علي سبر غور حالة الوجود الإنساني (الدازاين) في سليقته وفطريته حتي يخلص إلي الفرص والممكنات الوجودية لتحسين الوضعية الوجودية لكل منا في مشواره بين الولادة والموت ويري في طلسم الموت ذلك المرتقب الذي يطل علي أفق كل منا حتي قبل أن يفهم ماهيته واتعجب هنا لحالة الطفل الذي يسمع أن شخصاً ما كان يعيش معه في نفس البيت قد مات يبحث هيدغر وهو يصف الموت في وجودنا عن قيمة إيجابية خفت عن غيره في الموت يسمى هيدغر نمط العيش الذي ينتظم وجود غالب الناس بالنمط اللامتسق (الإمِّعوي) ثم يشرح فرص الخروج من هذا النمط غير الأصيل وغير المتسق إلي نمط من الحياة المنتجة المتسقة غير الإعتيادية وغير العوامية حيث يستخرج الإتساق من نفس البني الإجتماعية المعبّرة عن اليومي السليقي اللامتسق والتي تعمل بإستمرار علي تكريس الحالة الدازاينية أي إستمرار إعادة إنتاج بشر غير متسقين تخفي هذه البني في نفس الوقت داخلهاعناصر غنية و خصبة مضمّنة في الممكنات التي لا حد يحدها إلا الموت وغالب الناس يدركه الموت وهو لم ييحقق جل الممكنات أمامه ممكنات الحياة ذكرنا من قبل أن الموت بالنسبة للدازاين هو التجربة الوحيدة التي لا يعيشها ولا يدرك معالمها رغم أنه يشهد موت كثيرين حوله أي أنه علي عكس الحيوانات علي وعي بالموت كآخر الممكنات في وجوده ولكن العملية تقف عن هذا الحد إذ لا ينكشف كنهها أبداً ولا يمكن حتي أن تُتخيّل كل ما يعن بالخاطر أنه ذلك القادم في المستقبل ليضع نهاية للوجود إذ لا مستقبل بعده ونحن كائنات يتأسس وجودها علي المستقبل نتجهز لمشوار سنخرجه بعد ساعة أو معاينة وإختبار أو مباراة الباكرة الغالب فينا يحسب أنه سيحضر كل ذلك ويحقق كل ما يصبو له قبل أن يموت فيعيش لا متسقاً يطلق هيدجر علي الدازاين الموجود بإتجاه الخاتمة Being toward the end ويفهم هايدجر الموت ليس كحدث مثله مثل الأحداث التي نمر بها كل يوم بل ظاهرة وجودية فارقة لاحظ الفرق بين عبارة أن تعيش في إحساس الخاتمة أو أن تحيا مسلحاً بمشاريع محدودة زمنياً أي أن تعيش بإتجاه الخاتمة ذلك أن شكل الحياة اليومية التي يعشيها كل دازاينقد تعني إلي أي الفريقين ينتمي من هو ميت ومن هو متحدّْ للموت بالحياة من يتحدي الموت بالحياة تمشي خطواته علي درب طموحاته وعلي دروب أفق الممكنات أمامه حتي يستنفد كل فرص ممكنة لحياة أسمى فيحسن من شروط وجوده يسعي هيدغر إلي تذكيرنا بضرورة أن نعيش في نمط بإتجاه الخاتمة فنتحرر من حصار العايلة والأصدقاء والأقرباء وكل السلطات التي تجعل مصالحها هي أولوياتنا فكم من يستهلك نفسه في تلبية حاجات آخرين قريبين جداً منه لكن علي حساب إنجازات كان من الممكن أن ينجزها فتحسن شروط حياته ولكنه حصار رأي الآخرين فيك الذي يأسرك بإتجاه أن تكون دوماً عند حسن ظنهم بك وكم من مغترب ظل يدعم الغريب والقريب وعندما عجز هاله أن حسن ظنهم به إنقلب إلي سؤ ظن هيدغر ينفي أي صلة لمفهومه للوجود أو الموت بالمفهوم الديني لهما فالوجود عنده ليس صنع الله ولا تحدد شروطه أو قوانينه الأديان ولا يعنيه ما بعد الموت فالنظرية الهيدغرية تعني فقط بما قبل الموت لا ما بعده وتعني بالظروف الحقيقية التي يعايشها الدازاين وكيف يعيش متسقاً متحدّياً بذلك دكتاتورية الهُم متأبطاً وضعية وسيرورة دازاين بإتجاه الخاتمة والسيرورة بإتجاه الخاتمة تعرض نفسها في ثلاثة وضعيات وضعية الميلاد مقذوفاً بإتجاه الخاتمة في عالم لا يعرفه فينسجم فيه الإنهمام بهموم ومشاغل هذا العالم ثم التفاعل إجتماعياً داخله الموت كخاتمة الممكنات لا يمثل حالة خارجية منفصلة عن وجود الموجود لكن الهُم يسعون دوماً إلي تجريد الموت من عضويته ووقائعيته فيقولون فلان مات في صيغة خبرية تستبعد حدوث الموت للأنا متعاملين مع الموت كحدث ما يمكن التغلب علي آنيته أو تأخيره بمختلف أشكال المداورات ومهونين من يقينية أنه قد يأتي قريباً جداً لكن هيدغر يسعي إلي خلق دوزنة تجعلنا نتعامل مع الأمر بشكل مختلف فهو لا يشغل نفسه بأساطير بالموت أن تصوره يأني محمولاً علي جناحي رخ أو مهابة ملك يختص بالموت بل يوصفه كجزء لا يتجزأ من جوديات الموجود وعلي أساسه تنفرز عيشة الموجود عن عيشة الوجود مأسسة الموجود الحر لكونه المشوار اللاعلائقي المحض في حركة الدازين في العالم والذي يعيد في نفس الوقت ترتيب علاقات الموجود بالوجود بحيث يجوّد من إرتباط الدازاين بالوجود خالقاً إرتباطاً يتأسس علي الإتساق ومعرياً كل نمط في الوجود يتصف بكونه وجودغير متسق يعمل هيدغر إذن عبر مفهومه للموت إلي إستثماره لأجل مشروع وجودي مثمر يربط الموجود إرتباطاً قوياً بوجوده يتفهم فيه الموجود يقينية الموت ولا يسعي أبداً للتهرب منه أو تأخيره إنها دوزنة هيدغرية تحررية تسعي إلي تحرير الإنسان من رهبة الموت بجعل الموت حاضراً في حياتنا بإستمرار في خانة الرغبة في الدنيا لا الرهبة المشلّة من نهايتها فاتحاً باب الحرية المنجزة (ولا يكبل هذه الحرية غير المجتمع وسلطاته لا سيما سلطة العائلة) إذ لا وقت مجاني حتي يضاع فلا يعوض أي فرصة في الحياة قد تكون فرصتك الأخيرة هذا هو الطريق لحياة منجزة ومتسقة والإتساق لا يعني أن نتحوّل لمهووسين بالموت أو أن ننتظره بتشوّق كأي مناسبة نتخلص يها من بؤس الحياة بالعكس، فالفرد المتسق والذي هو يحيا بإتجاه الخاتمة يتعامل مع الموت كأمر مرتقب وإيجابي أمر يمثل ذروة تحرر الفرد من سطوة الهُم حيث لا ينفع ولا يجير من الموت لا مال ولا بنون إنها اللحظة التي تنطبق عليها مقولة كل شاة معلقة من عصبتها تمشيها وحدك إذ يتخلي عنك الآخرون راغبين أو مرغمين والعبرة أن الحياة تحت إمرة الجماعة ونماذجهم تثبت هنا أنها بلا جدوي هنا أو فيما يتعلق بالمصير الموت إذن لحظة تحرير الأنا من سطوة الهُم وبإدراكه كمرتقب لا بد منه ينفتح باب التفكير الحر في الممكنات علي أرضية حياة محددة زمنياً للذات إذن فالعلاقة السليمة بالموت هي علاقة الذات وذاتها تكشف الدازاين أمام نفسه فتكثف بنية الإنهمام فيه
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Muhib)
|
أحد المفاهيم الأساسية التي التي تتقدم الطرح الوجودي السارتري مفهوم الوجود والماهية يشتهر المذهب السارتري بعبارة الوجود يسبق الماهية فما السر وراء هذا الشعار الآيدلوجي يري سارتر أنه ليس لأي إنسان طبيعة (ماهية) جوهرية مركزية تسبق وجوده في الحياة الجوهري والمركزي هو حريتنا و إختياراتنا في الحياة وجود أيّ إنسان هو حالة بدهية بسيطة مفادها أن وجودك هو كل ما يجعلك انت هو انت ذلك البشر الذي يبرز أمام الناس بطوله المعيّن وعرضه وكل سمات مظهره التي تميزه عمن حوله حتي لو كان له توأم. وأننا بالرغم من أننا نشترك في 98% من جيناتنا مع الشمبانزي إلا أن ال2% الباقية كافية لتمييزنا عن كل شيء في الوجود. يشمل وجودنا سكننا والأماكن التي نرتادها ونسيج علاقاتنا. وجل مظاهر وجودنا عرضة للتغير حيث يتحول الخنفس يوما ما إلي أصلع والشاب إلي كهل يتوكأ علي عصاه وقاطن الريف إلي قاطن للمدينة أو المهجر لكن من مظاهر وجودنا ما لا يتغير مثل بعض العلاقات الأساسية في حياتنا. وبحكم أن سارتر ملحد فإنه يؤمن بأن وجودنا موقوت بحياتنا ولا يمكن أن توجد من جديد بعد موتك. هذا هو الوجود فما هي الماهية؟ ماهية الإنسان هي ما يكونه بعد ولادته وكما ذكرت أعلاه يري سارتر بأنه لا توجد ماهية أو طبيعة بشرية ثابتة كقالب العملة يصب عليها البشر قبل ولادتهم فيخرجون للدنيا متشابهين في ميولهم وأفعالهم لا جوهر يوحد مشارب المولود في الصين وزمبابوي ولكسمبورج ويوحد مشارب من ولد في العصر الحجري مع المولود في العصر الحديث ليس هنالك إرادة متعالية أو بروتوكول إنساني جبري يحدد حياة الناس وأفعالهم بل هنالك هياكل إجتماعية وثقافية تسعي لصياغة كل المواليد بما يحقق إستقرار المصالح السائدة في أي مجتمع يجب علي كل إنسان التمرد عليها لا الإستسلام لجبروتها يشرح سارتر فكرة الوجود يسبق الماهية بشرح التمييز بين وجود الأنسان ووجود ما دونه في العالم فماهية الأشياء في العالم تسبق وجودها ذلك أن ماهية العطر هي الرائحة الطيبة وماهية النور الإضاءة وماهية الحقيبة حمل الملابس كل هذه الأشياء جوهرها أو ماهيتها تتحدد في ذهن صانعها قبل صناعتها وق ديستعمل شخص ما الحقيبة في غير ماهيتها مثلاً لحمل الماء أو الزيت أو السكين ليس لقطع الأشياء ولكن لحلاقة الشعر ولكن ليس ذلك ما خلقت أو صنعت لأجله لأنها صنعت لأداة وظيفة واحدة وحيدة لا تحيد عنها. وكلها تفقد وجودها إن فقدت ماهيتها أو تعطلت عن أداء وظيفتها علي عكس الإنسان إذ يتغير الإنسان علي قاعدة حرية الإختيار ويغير دينه وحزبه ووظيفته دون أن يفقد معني وجوده مشكلة المعني في الوجود هي المشكلة التي شغلت ذهن سارتر حيناً طويلاً من الدهر
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
Quote: (إن علي الإنسان الثورة ليؤمن وجوده لكن الثائر يجب أن يراعي الحدود المعقولة لثورته ، فعندما نتأمل نتائج أي ثورة يجب أن نسأل أنفسنا في كل مرة إذا ما كانت الثورة لا تزال أمينة علي الوعود النبيلة التي أعلنتها غداة إندلاعها أم نسيت أهدافها وإنحدرت إلي قاع التسلط و القهر) |
سارتر كان عنيف في تناوله بعض الشئ واختلف كيمو معه في نقطه العنف في المقاومه ..في ظني الخلاف بين الرجلين مهم لنا بخصوص الشان السوداني واعني في شان منطق استخدام العنف الثوري ضد النظام اك عدم استخدام العنف .. الامر محتاج لتفكير اكثر ...نحن مع الدفاع عن النفس ولكن التدبير واداره حرب ضد الاخر فكره ( لا يمكن بلعها ) بسهوله .. كيامو تم فهمه بالخطاء اذاء العنف الفرنسي في الجزائر ..مفارقات عجيبه يا سناري والسرد عندك شيق ..كامو فاز بجائزة نوبل كاصغر فرنسي ينال الجائزه ,,,سارت فاز ولكنه رفض الجائزه ..
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Muhib)
|
العزيز سنارى تحياتى اشكر الاخ بكرى لإستجابته وقيامه بنقل هذا البوست المهم الى الربع الجديد. تعرفت فى مدينة عطبرة مع بدايات ثمانينات القرن الماضى بشاب خلوق يصغرنا قليلا وهو من شلة الاساتذة محمد عبد الخالق وعادل عبد العاطى. اسم الشاب محمد ميرغنى المزمل وهو إبن الاستاذ ميرغنى مزمل النائب البرلمانى عن دوائر الخريجين والتابع للجبهة الإسلامية القومية. إلتقيت به يوما عرفت فيه انه يعيش مع اصدقائه حالما يتم حل اشكال نشب بينه وبين والده الذى قام على اثره بطرده من البيت. والحقيقة ان تلك القصة قد تكررت اكثر من مرة نظرا لميول محمد اليسارية ولذلك كانت موضع تندر فى بعض الاحيان يشاركنا فيه محمد نفسه وعلى طريقة شر البلية ما يضحك. حينما روى لى محمد سبب طرده هذه المرة، ذكر لى انه كان يقرأ كتاب (نقد الفكر الدينى) للكاتب اللبنانى (صادق جلال العظم)، وحينما رأى منه والده ذلك قال له ( كمان تقرا لى للعضم الكافر يلا اطلع من البت ده وما اشوف وشك ده تانى) .. بعد ان تقدمت بى الايام اكتشفت ان الافكار التى استند عليها (العضم) هى أصالة عن الفيلسوف الدنماركى العظيم سورين كيركيجارد ، ولكن العظم كان قد استخدمها فيما يبدو لى من اجل دعم اجندته او قناعاته الإلحادية. ربما إرتبط الفكر الوجودى فى أذهاننا بالالحاد بسبب من هذه الملابسات إضافى الى إنتشار سارتر فى ستينات وسبعينات القرن الماضى واصبح ذلك الارتباط خرافة شعبية اخرى فى مجتمع شبه امى، تماما مثل خرافة انحلال الشيوعيين الخ من تراهات ساهم فى نشرها تيار الاسلام السياسى منذ اربعينات وخمسينات القرن الماضى. على المستوى الشخصى تطورت الخرافة الى خرافة اخرى ساهم فيها هذه المرة الحزب الشيوعى ومنظماته الجماهيرية حيث تم حقننا بفكرة ان الوجودية وبحكم تقديسها للحريات الشخصية، مجرد خطرفات البرجوازية الصغيرة (القلقة والحائرة ) وهى تتهدد ما عرف من (الاشتراكية بالضرورة).. تمر الايام لاكتشف بعدها ان كيركيجارد (ابو الوجودية) مفكر مسيحى بإمتياز ولا علاقة له بالالحاد ومن هنا ومن واقع تجربتى الشخصية يأتى اهتمامى بهذا البوست لاننى اعتبر الفكر الوجودى احد محاور مشاريع الاستنارة المهمة.. اعود بمزيد من التفصيل انشاء الله
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)
|
صديقي طلعت شكرأ علي المداخلة الدسمة وهنالك بالفعل بعض التأويلات التي تتجه بالبعد الإيماني عند كل من ديكارت وكيركجارد 360 درجة ضد عقارب المعني القريب وتشتق فهم إلحادي من نفس المنطق الذي وظفه كلاهما بإتجاه الإيمان فمثلاً فكرة التناقض التي يبني عليها كيركجارد العمق الإيماني عنده بمعني أنه كلما كانت النّصَب و الدلالات الدينية مليئة بالتناقضات (رمي الشيطان في الحجر الأسود) كلما كان ذلك أدعي للإيمان وبالفعل يمكن أن يوظف الملحد نفس الحالة لتأكيد ديماغوغية الفكرة الدينية وكمثال كان كيركجارد يرى في كون المسيح بشراً وإلهاً في نفس الوقت حافزاً عظيماً للإيمان إيمان وجودي لا يحتفي بكتب العقيدة ولا بالثيولوجية المسيحي إيمان لا يريد تفسير للتناقضات لأنه إيمان وليس وعي لكن الثيولوجيا المسيحية شأنها شأن الثقافة الإسلامية تسعي لمنطقة التناقضات الدينية فتحاول فهمنة المسألة عبر الفكرة الترنتية أو وحدة الجوهر الإلهي مع إختلاف تجلياته أو أعطاء صورة مجازية للشيطان في الحجر الأسود لقد شن سورين حملة عنيفة علي الهيجلية والثيولوجيا معاً لأن الإيمان عنده مكابدة شخصية وليس فكراً أو وعي أو عقيدة وهذا ما بدأ يتجه فكر العظم نحوه مؤخراً بعد أن كان ينافح في وحدة الخاذوق التيارات الدينية هذي التي بدأت تجذر وجودها علي الساحة الأيدلوجية العربية بعد نكسة 1967 وحرب الأيام الستة الحرب التي كشفت عورة بروبوغاندا المشروع الحداثي العربي وفتحت الباب علي وسعه للإسلام السياسي الذي كان قد تجهّز تماماً لإستغلال فرصته التاريخية بعد أن نحت ومنذ المؤتمر الخامس شعار أن الإسلام هو الحل برز هذا المارد علي ساحة الصراع السياسي العربي منسلّاً من قاعدة جيوبوليتيكية أساسها العمق المادي الخليجي ومستنداً علي أيدلوجيا تجادل بأن المشكلة العربية هي مشكلة الحامل الإجتماعي الذي خلط بين المتناقضات وإعتنق المشروع الغلط فتنافر الجسد و الروح فيه ولا بد من بديل يعيد الإنسجام بينهما علي هذا الأساس بدأ الإسلام السياسي هجومه المقدس علي كل الأيدولوجيات الراهنة حينها محملاً إياها مسئولية الواقع العربي المكلوم الأمر الذي دفع بعض رموز الحداثة العربية في إتجاه تصالحي تخفف به وطأة البديل المسعور فكتب حسين مروة عن النزعات المادية في الفلسفة العربية – الإسلامية ومحلياً إتجه عبدالخالق محجوب إلي تفريغ بعض نابهي حزبه لدراسة الفكرة الدينية والتلاؤم معها بعد أ،نجح الإسلام السياسي في تسديد الضربات القاضية إلي المشاريع العلمانية . الأمر الذي أثارالعظم وهو الذي لم يتعلم المهادنة فشن حملة شعواء ضد الدين كحقيقة انسانية ولم يأبه للهجوم المضاد الذي ظن إعابته عبر فتوى ترميه بالإلحاد لكن المثير أن العظم رأي مؤخراً أن الحكمة في الإعتدال ذلك رغم أن التقنية قد ساهمت في المضاعفة السريعة لأعداد الملحدين من خلفية مسلمة مما يعتبر نجاحاً لمذهبه الأول فالعظم الآن بدأ يفرق بين إسلام معتدل تتسنم ريادته الطبقة الوسطى وآخر جهادي متطرف ويرى بأن الطبقة الوسطى (طبقة المتعلمين) أميل للديمقراطية الأمر الذي ساعد الإسلام السياسي علي النجاح في تركيا حسب وصف العظم لكنه لم يلتفت لإسلام نفس الطبقة في السودان وكيف حاولت أن تحتضن التطرف في بداية عهدها وتغني للجهاد ثم تمد ساقيها خارج حدود سرير بروكست عبر النزعات التوسعية التي كانت تأمل أن تغير بعض الأنظمة ضمن حزامها الإفريقي رغم أنها فشلت حتي في تشاد وإريتريا وإثيوبيا. عزيزي طلعت/ أشرتت في مداخلتك إلي نقطة جد حساسة ألا وهي إرتباط الفكر الوجودى فى البلاد العربية بالإلحاد بسبب من إرتباطه بوجودية سارتر وكذلك من إشاعة الإسلام السياسي لهذه الفكرة حتي تقصص أجنحة إنتشاره ولكن الفكر الوجودي فكر خلاق يبحث في مشكلة وجود الإنسان ومعني وجوده يبحث في معنى بالقلق، اليأس، والموت، والآخرين حولنا كما يبحث في الأسئلة العويصة التي لا إجابة واضحة لها يبحث عن دور العقل ودور السلطة في وجودنا وهنالك العشرات من مناهج الوجودية الدينية في العالم الغربي علي رأسها غابرييل مارسيل وبول تليش وتنعدم هذه المذاهب عندنا بسبب من إختلاف تاريخنا عن تاريخهم فقد حسموا قضية الصراع بين الدولة الدينية والدولة الزمنية وإلي الأبد قبل عدة قرون ولكن في منطقتنا من المستبعد أن تخفت حدة الصراع في زمن منظور بين الديني والزمني لا سيما وقد جذر الإسلام السياسي فهم أن هنالك فرق بين الحالة المسيحية والحالة الإسلامية فإدعوا بأن المسيحية عقيدة فقط بينما الإسلام مولود بسنون سياسية سموها الشريعة رغم أن تاريخ ولادة الشريعة في التراث الإسلامي جد قريب وحتي العقيدة دعك من الشريعة لا يري فيها كيركجارد أي لزوم للإيمان فالإيمان مسار أشق من أن تحمله الكتب
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Muhib)
|
شكراً مرة أخري الحبيب محب وبالفعل فكرة العنف الثوري هي فكرة إشكالية وهنالك بوست متميز للأخ عيدروس يعالج هذه المشكلة رغم أن سارتر كان مع العنف الثوري إلي مالا نهاية حتي دعاه الأمر إلي إنتقاد الشيوعيين لأنهم لم يكونوا ثوريين بما فيه الكفاية ومن ثم ساند كل المليشيات اليسارية المتطرفة فأيّد منظمة أيلول الأسود (أبو داؤود/أبوإياد) في إحتجازها وقتلها لرياضيين إسرائليين في أولمبياد ميونخ معتبراً أن الإرهاب هو القنبلة الذرية للمضطهدين وأن العمل المسلح العنيف هو السلاح الوحيد المتوفر للمستضعفين وقد جلبت له هذه المواقف الكثير من الإستهجان وكان البيركامو يقف علي الضفة الأخري مع النضال السلمي فالثائر وقوده طول النفس يحمل به صخرة سيزيف إلي قمة الجبل فتسقط ويرجع ليحملها من جديد معتزاً بصموده الذي لا يكسره لا الطغاة ولا الزمن
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
الأشياء حسب سارتر لا تملك حرية أن تكون والأنسان ليس شيئاً ولا يجب أن يكون يتميز الإنسان بالعقل ويتمتع بالحرية والإمكان يرى سارتر أن الأديان تسعي لسلب هذه الحرية من الإنسان وتقرر بأن الإنسان مخلوق لهدف محدد هو عبادة الله أي أن ماهية الإنسان تسبق وجوده يري سارتر بأن مثل هذه الرؤية تحوّل الإنسان من بشر إلي شيء يهاجم سارتر كذلك المذاهب غير الدينية والتي تتحدث عن طبيعة بشرية أو قانون للتطور كما يهاجم أي معايير أخلاقية لأنها ستحد بشكل أو آخر الحرية الفردية ولا إكراه مع الحرية يتفق سارتر مع هيدجر ذلك أننا نبدأ حياتنا مقذوفون في الوجود ثم عبر حريتنا نختار ماهيتنا نصنع نفسنا عبر أفعالنا وميولنا وأحلامنا علي قاعدة الحرية لقد إختلف سارتر مع كل النظريات الأخلاقية السائدة وإنتقد الرؤية السقراطية بأن الأخلاق بنت المعرفة بمعني أننا كي نسلك السلوك السليم لا بد أن نعرف أولاً ماهو السلوك السليم مجادلاً بانني قد أعرف أن التدخين مضر أو شرب الخمر مضر ولكن مع ذلك أدخن وأسكر وعندما تدخن أو تسكر فإنك تقول عبر فعلك بأن التدخين والسكر أوكي وهذه قيمك الخاصة، فلكل إنسان قيمه سارتر يؤسس الأخلاق علي الأفعال والأفعال علي الحرية ثم يصف الحرية التي يتحدث عنها واصفاً إياها بالحرية المسئولة فكل فرد مسئول عن نفسه وعن البشرية بأجمعها إختلف كثيرون مع سارتر ووضعه الأخلاق في خانة الميول والذائقة الفردية ومثلما فعل كريكجارد (علي النقيض من هايدجر) عاش سارتر حياته متسقاً مع أفكاره حتي وصف في أول حياته بالبوهيمية وفي آخرها بالفوضوية
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
قلت أن سارتر عاش متسقاً مع ذاته وعندما إلتقي علي مقاعد الدراسة بسيمون دي بفوار (وكانت أهم الأحداث الثورية في بداية حياته) قررا أن يجسدا أفكارهما الوجودية في حياتهما متحدّين كل السلطات (من العائلة وحتي الدين) السلطات تري إرتباط الرجال والنساء في إطار الزواج فقررا الإرتباط بدون زواج السلطات الإجتماعية وضعت تقاليدها بعيش المرتبطين في بيت واحد فعاش كلاهما في مكان منفصل عن الآخر التقاليد الإجتماعية ترى إن من أهم أسباب الزواج إنجاب الأطفال فرفضا الإنجاب التقاليد لا تقبل بعلاقات حميمية للرجل خارج أطر الزواج أو الحميم/ة الواحد/ة وإتفقا علي حرية كلاهما في إنشاء ما يريد من علاقات كانا يريان في ذلك تجسيد لفكرة الحرية التي آمنا بها وتمرد علي سلطان كل ما هو خارجهما يقول سارتر إن حياتك هي لوحة يجب أن ترسمها لوحدك وبعون خيالك ويقول أن الحرية هي لعنة الإنسان لأنك ما دمت حرّاً فانت مسئول عن كل أمر سيء يحدث لك وأن الحرب التي تفرض عليك هي حرب انت تستحقها والنظام السيء الذي يحكمك يفعل ذلك لأنك تستحقه وإلا فلماذا لا تمارس حريتك في رفضه ومقاومته أنت حر لكنك كذلك مسئول عن وجودك ووجود الآخرين وهذه المسئولية تحتم المقاومة ضد كل هيمنة أو ظلم أن الإنضباط علي أي صيغة مسبقة للحياة شكل من أشكال الهيمنة والقسر إن سجن يقفل باب الممكنات الأخري والحرية المسئولة تحتم محاربته
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
عاش سارتر مهووساً بالبحث في معني أن تعيش حرّاً الأمر الذي أثّر علي أدائه الأكاديمي أول الأمر فسقط المرة الأولي لكنه عاد وتفوق في المرة الثانية فقد والده في طفولته الباكرة كان يري في ذلك خيراً إذ تحرر بذلك من إكراه الإنموذج ليعيش يكون نفسه بنفسه يفشل وينجح يتعثر ويقوم رأسماله حريته بعد تخرجه إختار نمطاً حياتياً شعبياً جداً كان يوزع وقته بين المقاهي والحانات وقاعات العرض وكان يسكن في فندق متواضع بأحد الأحياء الشعبية تحيط به ثلة تمثل الصحاب التي إتسمت بالتطلع الثقافي والثوري حارب سارتر منذ البداية فكرة الملكية فكان لا يملك أي شيء لا يملك شقة أو سيارة وحتي كتبه تخلص منها ذات مرة كان يجسد الحرية تجسيداً مادياً في نشاطاته اليومية متسلحاً بتحدي الفشل إذ أن أي فشل لا يسأل عنه غيرك ما دمت حراً كان سارتر يقول أنا حريتي والحرية شفرة أن تفعل كل ما تريد فأفعالك بالكامل رهينة إختيارك الحرية الحقيقية تفتح أمامنا أبواب عالم لا تحكمه أي قيم ولا شيء يجب أن يعمل حسابه هذه الرؤية والفلسفة غير التوفيقية للحرية قد تبدو مستحيلة أن تعاش لكن هذا هو بالضبط ما أراد فعله سارتر علي طول حياته المثيرة للجدل تحدث سارتر في معني الحرية عن القلق و اليأس والآخرين كما تحدث عن العقيدة الفاسدة أو اللإإتساق كتبسارتر ذات مرة أنه إذا كان الله موجوداً فإن الإنسان ليس حراً وإذا كان الإنسان حرأً فإن الله لا يوجد. لكن أكثر من نصف المجتمع يؤمنون بالله وسلطانه في الوجود الأمر الذي يسر لمناهضوا سارتر أن ينشروا بين العامة أن الدعوي السارترية للحرية دعوي للفوضي والفساد الأخلاقي ونشر الإحباط وسط الشباب ودعوا إلي نفي أو أعدام سارتر كما أعدم من قبل سقراط عندما جادل في معني الإيمان وخاطب الشباب بلغة شككتهم فيما كان عندهم من المسلمات وغالب الناس ببساطة ليسوا فلاسفة أو مفكرين ومن السهل تحريضهم ضد دعوي تري بأننا وحدنا من يملك الحق في كيف يجب أن نكون الزوبعة التي أثيرت ضد أفكار سارتر والتي شاركت فيها بعض المنابر الدعائية أجبرت سارتر علي الإنسحاب من المواقع العامة وماكن التجمعات مثل المقاهي التي إعتاد الجلوس فيها فسافر ليقيم مع والدته بعيداً عن الأنظار متوفراً علي بعض الوقت لتركيز علي الكتابة
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)
|
شكراً طلعت علي التطواف القيم في فلسفة كيركجارد الغنية وفي ذلك إثراء حقيقي للمعرفة
**************
كانت رغبة سارتر بعد تخرجه أن يصبح كاتباً إلا أنه قبل في البداية أن يعمل مدرساً مع المحافظة علي تنمية معارفه وكان مثالاً لنمط جديد من المدرسين أحبه طلابه وكانت أول حصة له مع الطلاب عن السينما في وقت كان التقليد أن يتحدث الأستاذ في الحصة الأولي عن المنهج الدراسي بكل ما فيه من إلزامات وروتين لم يشغله التدريس عن شغفه بالبحث والنظر فأخذ عطلة في سنة 1933 سافر فيها إلي ألمانيا لدراسة الفلسفة الظاهراتية علي يد إدموند هوسرل وقابل هنالك مارتن هيدجر أحد من ألهموا مشروعه الفلسفي رجع بعدها إلي باريس مسلحاً بوجهة نظر جديدة للعالم منظور يركز علي حقيقة العلاقة بين للوعي والأشياء في الوجود وهي رؤية مستمدة من الظاهراتية التي تنحي كل أفكارنا المسبقة عن أي شيء لننهمك في مشروع معرفة مستمدة من علاقتنا المباشرة بالعالم ولا تحتفي بأي أفكار مسبقة حتي لو كانت أفكاراً مقدسة فالحقيقة موجودة في هذا العالم لاخارجه إنطلق سارتر من هذه الرؤية يحارب كل نماذج الأفكار المسبقة الأفكار التي تمرر للنشء تحت غطاء الفطرة بكل ما توفره من طمأنينة وإجابات زائفة لكل الأسئلة الملغومة وجل أسئلة الوجود ملغومة من نحن؟ من أين وإلي أين نحن؟ الأفكار المعلبة تلجّي كل فرد منذ يوم ولادته بإجاباتها المعلبة وتتوّه حتي الأطفال حينما يسألون أسئلة الوجود يجادل سارتر لا يوجد هنا غير الخداع الذي يضلل الإنسان عن الحقيقة حقيقة أنه هو من يختار أن يكون لا أن يقسر علي السير في الماهية المفترضة ماهية الإنسان هي وظيفة حريّته ووظيفة ما يختار ويفعل فكّر سارتر في الفرق بين الناس علي شاشة السينما والناس في الشارع فالناس في الشارع يتميزون عن الناس في السينما بحرية إختيار ما يفعلون أما الممثلون في الفيلم السينمائي فلا يمتلكون تلك حرية إذ عليهم أن يعيشوا سيناريو محدد أعد لهم مسبقاً والحياد عنه يعني الفشل وربما نهاية وجود من يحيد ضمن ذلك العالم (عالم الفيلم) وسارتر يرى أننا نوجد في هذه الحياة يأتي بمحض الصدفة اصدفة تحددنا ضمن إحتمالات تتجاوز شرط الإحصاء وتنفي السببية أو المعني
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
سارتر إستخدم عالم الرواية للتعبير عن فلسفته في الوجود ومن أهم رواياته التي خلقت تأثيراً كبيراً في الساحة الثقافية والشعبية علي حد السواء رواية القرف التي نشرها في سنة 1938 والتي تعالج العديد من البواعث والحوافز في مقاربة تهجن الفلسفة في التحليل النفسي لتبرهن بأن لا معني للحياة غير الذي يؤسس عن طريق الذات ويقطعها عن كل المعوقات حيث لا أحد يوقفنا غير أنفسنا فلا يجب أن نلوم غيرنا إن إستسلمنا في حياتنا للمعوقات لا معني لقدّر الله وما شاء الله فعل دستوفسكي في الإخوة كارامازوف أورد علي لسان إحدى شخصياته إذا لم يكن هنالك إله فإن كل شيء مباح وهذا بالنسبة لسارتر أمر مخيف لأننا سنواجه حينها بمعضلة معني الحياة يقول نيتشة إن كانت ثمة آلهة فكيف لا أتجرأ أن أكون أحدها لأنني لا أحب أن أعيش عبداً وأن من الفضل لي أن اعيش في جهنم من أن اعيش عبداً وهنا يطرح سارتر فكرته الشهيرة عن الذات المحاصرة The Self Under Siege متسائلاً فيه عن مدي تمثيل ما نفعل لما نريد أونتمني أو كم من الأشياء فقط لأننا مجبورين علي فعلها ولا خلاص مثلاً كم منا مجبور علي الإستمرار في علاقة يكره الإستمرار فيها أو وظيفة يكره الإستمرار فيها إنها الذات تحت الحصار بحيث أننا نعيش أولويات آخرين أضرب مثلاً بمغترب يعمل ليل نهار ولا يعيش أي درجة من الرفاهية في حياته لأنه مسئول عن حياة أسرته ووالديه وأخته المطلقة وأطفالها أو عامل منهك لا سبيل أن يحقق صاحب العمل ربحاً وفيراً دون إستهلاك صحة هذا العامل إن سارتر يستعرض عبر هذه الفكرة الكدح الذي نجابهه كي نتجنب الفشل وفي ذات الوقت تحقيق ذاتنا الذات المحاصرة بالعزل الإجتماعي، بالألم الجسدي أو النفسي، وبالفشل وتحدي تأثير كل المعوقات المرتبطة بالماضي الشخصي مثل أن تولد ضمن عائلة منبوذة أو عرق منبوذ أو تسجن نتيجة خطأ في الماضي إنه تحدي الإنقطاع عن كل ماضٍ معوق والنجاح في التحدي ينتج الشخصية المتسقة بينم الفشل يبقيك في سجن الإعتقاد الفاسد
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
للمذهب الوجودى جذور ضاربة فى القدم ويمكننا رصده داخل التيارات الفلسفية التى تقول ان مهمة المعرفة لا تنحصر فى المعرفة التجريبية فقط وهى المعارف النظرية بل ان هناك معرفة اخرى اخلاقية تربى النفس وتهذبها. المعرفة التجريبية يقول عنها رينيه ديكارت فيلسوف القرن السابع عشر ان المعادلة الرياضية لا تحتاج الى قديس فى حلها. بمعنى آخر المعرفة التجريبية لا تحتاج الى انضباط وممارسات تهدف الى تهذيب النفس وتطويرها. لذلك اختلف آباء الوجودية فر القرن التاسع عشر وهما كيركيجارد 55-1813 و نيتشة 1900-1844 فى رؤيتهم لسقراط . فبينما كان الاول مدافعا عن قيم وممارسات ذات طابع عالمى اى انه قد تجاوز الاخلاق المحلية التقليدية، فإن الثانى كان يلومه على ذلك. ولكن اتفق الاثنين على شىء مهم فى سيرة سقراط وهى المتعلقة بقصة موته حين شرب السم امتثالا لاوامر المحكمة الاثينية التى كانت قد اتهمته بالعقوق وإفساد الشباب. إعجاب كل من كيركيجارد وفريدريك نيتشة بسقراط فى ذلك الموقف يعد اعجاب يشاركهم فيه كل الوجوديين ولذلك سوف اقوم برصد خمس مشاريع مشتركة للفكر الوجودى يمكن تساعد القارئة على تمييزه عن غيره من المشاريع الفكرية والفلسفات الاخرى. يعتقد كل من كيركيجارد ونيتشة ان كل انسان يمكن ان يقدم الادلة والبراهين مثلا على خلود الروح ولكن التحدى يكمن فى الانتقال والتجاوز للعقلانية والمنطق السائد- اى تجاوز المعرفة الموضوعية التى تقوم على تقاليد المعرفة التجريبية- ولكن سقراط جازف بحياته لمجرد اعتقاده فى احتمال ان تكون الروح خالدة ولذلك شرب السم طوعا قائلا لاتباعه انه ربما كانت هناك حياة اخرى افضل تنتظره. هذا اللالتزام بالمعرفة او ماعرف بوحدة الفكر والشعور عند المعلم الاول سقراط يعد احد اهم المشاريع الفكرية للوجوديين. ويمكن تلخيص المشاريع الاخرى كالتالى:- - الانسانية والخير Humanism يعد شىء مركزى فى الفكر الوجودى ولا يعنى ذلك معاداة العلم على الاطلاق بل يعنى التركيز على الفرد person - centred philosophy وتطوير هويته وافقه فيما يخص معانى الحياة من حوله وذلك على الرغم من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التى تحيط بالفرد التى تحاول ان تفرض عليه الطاعة العمياء والتسطيح حتى يصير جزءا من القطيع. - ان الزمن يسبق جوهر الانسان وخلاصته time- bound بمعنى ان الماضى والحاضر والمستقبل يختلف فى معانية وما يحمله من قيم لدى الافراد. - الفكر الوجودى هو فكر يضع اولوية قصوى لمسألة الحرية والمسؤولية المتعلقة بإستخدام تلك الحرية Freedom/Responsiblity - الاعتبارات الاخلاقية اولوية اخرى وكل شخص يمكن ان يستوعب وان يمارس ما هو اخلاقى فى اطار تلك الحرية والشىء المهم هنا هو ما ينطوى عليه ذلك من تأملات للماضى ومدى (اصالتنا) authenticity كأفرا د وكمجتمع ايضا..
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
يعالج سارتر في قلب رؤيته الوجودية إشكالية الآخر في حياتنا (وأتمني أن نتمكن في نهاية البوست من التعرض للآخر في فلسفة ليفناس) مثلت إشكالية الآخرتحدياً جدياً للفكر الظاهراتي لا سيما معضلة إقتصاره علي الذات كمصدر المعرفة الأمر الذي رأى فيه سارتر أنانية سوليزمية تعمي ع، إدراك أهمية بل خطورة وجود الآخر في معيّتنا ذلك الوجود الذي تتحول بفضله في لمحة بصر من ذات إلي موضوع عالج سارتر هذه القضية فيما سمّاه بمفعول النظرة نظرة الآخر وتأثيرها علي الذات شارحاً ما تحدثهنظرة الآخر من تشويش وإرباك لنا تحولنا فيه من ذات وحرية إلي موضوع ( للآخر) الأمر الذي ينتزع الذات من تمركزها الأناني ومن كل فاحش تقوم به في الخفاء يضرب سارتر مثلاً بشخص يختلس النظر عبر ثقب باب أحد الغرف في هوتيل يراقب فيه من هم داخل الغرفة حيث يصبح من هم داخل الغرفة موضوع نظرته وفجأة يحس بشيء يجعله يلتفت وراءه ليكتشف شخصاً آخر ينظر إليه وهو يختلس النظر فيحس بالإرتباك والحرج ويتحول في نفس اللحظة من ذات إلي موضوع من ذات تراقب الآخرين إلي موضوع مراقبة آخر فيتحول تمركزه من وضعيته كذات إلي وضعيته كموضوع ويخلص سارتر إلي فكرته التي تقول "الآخر هو الجحيم" The Other is Hell والتي وردت في نهاية أشهر رواياته (لا مخرج) حيث يصبح وجودك في فضاء مع آخرين وجود مزعج لك لا توجد حسب سارتر راحة في عالم تتحول فيه الذات إلي موضوع وعالم للعلاقات الإجتماعية لا يخلو من هذه المفارقات والتصادمات إذ لا نستطيع الهروب من نظرات الآخرين المزعجة والمربكة لنا. إن مشكلة تهديد الآخر مهما كان قربه منا (أم، زوج، صديق) لحريتنا دفعت سارتر إلي مواقف وجودية يرفض فيها رهن حريته للآخر فلم يعش حتى مع ديبفوار تحت نفس السقف
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
عندما اندلعت الحرب العالمية تم تجنيد سارتر في الجيش مثله مثل غيره من الفرنسيين وعُيّن في وحدة الإرصاد الجوي الأمر الذي أتاح له العمل ضمن الصفوف الخلفية والتوفر علي ثروة من الفراغ إستثمرها في الكتابة لينتج رواية ثلاثية بعنوان الطريق ثم شرع في سنة 1942في كتابة نصّه الأساس الوجود والعدم Being and Nothingness ذلك الكتاب الذي مثل المرجع الأساسي لأفكاره الوجودية و ظهر فيها تأثره بفكرة هايدجرالوجودية المطروحة في كتابه الوجود والزمن لا سيما النقد الهايدجري للميتافيزيقا وفكرة هايدجرعن الإتساق وطرح سارتر مفهوم الإتساق في مشروعه الجديد ليعنى به الإرادة الحرة الصراع بين الفردانية والوعي الجمعي الإتساق السارتري هو قدرة الفرد علي ممارسة فردانيته وخضوع الإنسان لأي إرادة خارجية يجرده من هذه الفردانية أي من الحرية ومن لا يملك حريته لا يملك إنسانيته ويصبح شيء من الأشياء فالأشياء مسلوبة الحرية ومقسورة الماهية وكل من يتوحد في حقيقة كونية عامة أو أيديولوجية يتحول من إنسان إلي شيء يرى سارتر في الحرية أهم شروط الإنسانية قد يري أنصار الأصولية الدينية في رفض سارتر للأديان و الأخلاق العامة نزعة نحو الفوضي أو العدمية رغم أن سارتر لا يرفض أن يختار الإنسان التدين إن رأي في ذلك تحقيق ذاته وتحقيق سعادة البشرية ما يرفضه سارتر هو تدين الفطرة فهو ضد كل ما يفرض علي الإنسان وفي الحقيقة فإننا نلاحظ أن من يأتي للإسلام مثلاً إختياراً يعيش الإسلام بصدق وفاعلية لا تقارن بصدق وفاعلية معظم المسلمين فطرة ومن ناحية أخري فحتي المسلم فطرة أو أيِّ من يرفض ممارسة حرية الإرادة والإختيار فهو في النهاية يختار أيضاً يختار أن لا يختار أي يمارس حرية يسميها سارتر حرية الأعتقاد الفاسد Bad Faith إذن لا يستطيع أي إنسان الهرب من حريته حتى لو إختار تجاهلها و إرتضي البقاء سلبياً يستمع بحالة إعتقاده الفاسد أيْ عندما يختار الإنسان أن يتحول من إنسان إلي شيء الوجودية السارترية هي دعوة لممارسة حرية الإرادة ولا يعنيها عندها ما سيختاره أي فرد علي حد إذن هي ليست عدمية لأنّ العدمية تعني أن لا شيء يهم لكن الوجوديه رغم إلحادها إلاّ أنها ترى بأن كل شيء يهم فمحورإرتكاز الإختيارليس الدين بل هو المسئولية مسئولية الفرد عن ذاته وعن الإنسانية جميعها لا يجب أن ندمغ الوجودية بالنسبية الأخلاقية لأنها لا تنتخب مشروعاً للأخلاق على آخر بل تطرح مقاربة جديدة في التعاطي مع الأخلاق والقيم مقاربة تقسم الأخلاق إلي مشروعين أخلاق الماضي والجبر وترفضها جملة وتفصيلاً وأخلاق الحاضر والمستقبل وتنتج من أفعال الحرية المسئولة فنحن علي قول الوجودية مسؤولون عن كل ما يحدث لنا وليس مع الوجودية شماعة الأقدار التي نلقي عليها إخفاقاتنا فالمستقبل بخيره وشره يتحدد بموقفنا الحاضر ولا يحل بنا إلا ما نستاهله وهذه هي الأخلاق التي تبشر بها الوجودية وبهذا الفهم ينطلق الوجودي مجذراً مفهوم الإتساق في حياته حيث لك الحرية أن تختار ما تريد انت من يحدد المعايير وانت انت من يتحمل عواقب خياراته
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
تمت هزيمة فرنسا في الحرب وسقوطها في أيدي الألمان وتم أسر سارتر وسجنه عمقت الأوضاع المذلة التي يعايشها كل أسير فكرة المصير الجماعي لدي سارتر وبدأ يدرك مشكلة الحرية ليست مشكلة الذات فقط بل هي في الأساس مشكلة المجتمع لأنن اأفراد لكننا منذ البداية متورطون في الشأن العام قرر سارتر الشروع في مشاريع المقاومة فبدأ العمل السرّي من داخل السجن الألماني وأصبح أكثر جدية وإنضباطاً وإلتزاماً بالناس أصبحت فكرة المجتمع الحر تحل بالتدريج محل فكرة الفرد الحر في وعي سارتر هرب سارتر من معسكرات الأسر ليتخفي في باريس المكتظة وبدا مقتنعاً بمواصلة المقاومة ضد الإحتلال وأن الطريق إلي الحرية يمر عبر جسورالمجابهة وبناء الذات جنباً إلي جنب مع الذوات الأخرى والمشروع الوحيد الممكن في المواجهة هو مشروع الثورة لا يعني هذا أن سارتر قد قرر أن يوقف العمل علي فكرة الحرية ولكنه دمج المشروعين معاً أنشأ سارتر شبكة سرية للكتّاب والمفكرين ضد النازية وجند فيها معظم رفيقاته و رفاقه ثم أعتقل و أطلق سراحه بدأ سارتر نشاط كتابي وخطابي متعدد الأوجه ذكرنا منه سابقاً كتابه عن الوجود والعدم ثم ندوة شهيرة بعنوان الوجودية والإنسانية عقبها سارتر في سبتمبر 1945 بتدشين ومع مجموعة من رفاقه مجلة عرفت بالأزمنة الحديثة والإسم مستلف من عنوان فلم لشارلي شابلن كان سارتر يهدف من كل ذلك عوضاً عن إشتغاله في مسألة تثوير الوعي الفردي إلي إستيلاد وعي جديد بإتجاه الثورة الإجتماعية في ظروف الذل المهانة التي أحسّها الفرنسيون بعد الإحتلال الألماني والذي خلف فراغاً إجتماعياً وغياب لأي قيادة محترمة عند شعبها فقد تضعضعت مكانة القيادة الديجولية المحافظة بعد هزيمتها وإذلالها على يد الألمان وكان اليسار الفرنسي بقيادة الحزب الشيوعي منافساً خطيراً للديجوليين في الشارع الفرنسي كان الخيار أن تتجه فرنسا إمّا شرقاً نحو المعسكر الإشتراكي أو غرباً بإتجاه الرأسمالية الصناعية الحديثة كان جل المثقفين يميلون إلي البديل الإشتراكي كان سؤال البديل هو سؤال المستقبل الفرنسي أيهما أفضل لمستقبل فرنسا الشرق أم الغرب؟ كان رأي سارتر أن الإتجاه نحو المعسكر الإشتراكي هو الإتجاه الأصوب عارضه بعض رفاقه كالبير كامو كان التحدي أمام سارتر هو كيف يمكن أن يتبنى المادية الجدلية علي قاعدة الحرية الفردية المطلقة مشكلة الحتمية التاريخية في طرح الإشتراكية العلمية كانت تحدي فكري آخر جابه العقل السارتري كانت الوجودية بادئاً ذا بدء ضد أي فكرة تاريخية جادل سارتر بأن التاريخ ما نهائي ولا مُوجّه وأنه يعيد بناء نفسه في كل لحظة وبالتالي فهو لا يحدد لك من انت فانت حر لتختار من تكون (سيمون تعارض هذه الفكرة كما سنبين لاحقاً) ولم يرى في العمل الثوري إتجاهاً لوقف العمل علي فكرة الحرية بل رأى في الثورة أنسب الوسائل لتحقيق هذه الحرية وقد صادف أن فكرة الثورة كانت فكرة ماركسية وكانت تمثل أهم ما ربط بين سارتر والشيوعيين وكان كل ثوري ينسب لليسار آمن سارتر كذلك بفكرة العدالة الإجتماعية ومناهضة الإستعمار كتب سارتر منتقداً الإستعمار الغربي في إفريقيا وأن أي إنسان غربي جزء من هذا الإستعمار ما لم يشارك في الثورة ضده أصدر سارتر كتاباً بعنوان الطريق إلي المنهج حلل فيه الألأسباب التي رهنت مشروعه الفرداني للثورة شارحاً بأن إرتباطه بالماركسية الثورية كان يتضمن إتجاهاً لبناء الذات الحرة حيث تحاجج الماركسية بأن لا أحد أفضل من أحد وأن التراتبيات الإجتماعية في المجتمعات لا سيما الغربية هي سبب التعقيد القائم في المجتمعات الحديثة وإن الحل في عكس هذه التراتبيات وإلغاء التمايز بين الناس على أسس مادية إن الماركسية مثلت الطريق لإستعادة المعني المفقود في أزمنة الهيمنة الدينية الماركسية أبرع من الليبرالية في إستعادة هذا المعنى المفقود للإنسانية وإن كانت التجربة الإشتراكية قد ضلت طريق إنجاز هذا المعنى لكن المهم أنها لا تزال مؤمنة بالهدف وتطرح الوسائل للوصول إلي معنى أن تكون إنساناً الأمر الذي تفتقده الأنظمة والأيدلوجيات اللبرالية تلك التي لا تقوى علي الفعل الإستراتيجي الإنساني بفضل النقص البنيوي في أسسها المادية والسياسية
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
عزيزى سنارى تحياتى غبنا كثيرا عن هذا البوست المهم نظرا للمشغوليات الشخصية البالغة وتجدنى شديد الإمتنان لمداخلاتك هنا إضافة الى افتراعك للبوست اجد اليوم فرصة للكتابة وسوف اركز على كتابات كيركيجارد فى منتصف القرن التاسع عشر ومدى تأثيره على كل من هيدجر وسارتر وكذلك تأثيره البالغ على نقد ما بعد الحداثة وكيركيجارد ربما تعنى حوش الكنيسة churchyard لان الاسرة كانت تقيم فى حوش تابع لاحد القساوسة وذلك قبل تتحسن الاحوال المادية لمايكل كيركيجارد الاب. اعود
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)
|
تمثلت خطيئة كيركيجارد الاب فى حادثتين الاولى كانت وقوفه على قمة تل ليسب الله بسبب الفاقه والعوز الشديد حينما كان راعيا للغنم فى جوتلاند. اما الخطيئة الثانية فهى العلاقة الجنسية بالخادمة قبل زواجه منها. ولذلك وبحكم اعتقاداته الدينية فإن العقاب الالهى نازل بالاسرة لا محالة وقد جاء العقاب الالهى بموت الابناء والبنات جميعا دون سن الثالثة والثلاثون بإستثناء سورين الذى مات بعد ان تخطى ذلك العمر بعقد من الزمان. وسن الثالثة والثلاثون هو عمر المسيح لحظة الصلب! الاعتقاذ بعقاب الاسرة بسبب خطيئة الاب انتقل الى الابناء جميعا وربما يفسر ذلك الانتاج الغزيز لسورين الذى اقتنع بأن الحياة لن تمهله طويلا وعليه ان يكون منتجا ونافعا بقدر الامكان اضافة لكل الخيارات الصعبة الاخرى التى اختارها.
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)
|
عزيزى سنارى اعود لمناقشة مداخلتك ادناه لاهميتها البالغة :
(عرف يا طلعت كيريكجارد أحد الذين هضمت التحيزات الأيدلوجية حقهم فأدرجتهم في مواقع أدني بكثير مما يستحقون لقد أنجز الرجل ثورة بحق في مسيرة التاريخ الفلسفي إلا أن وروده للفلسفة من باب الدين كلفه الكثير حتى أن شبق التنوير جعل النخبة المثقفة والصحافة في زمانه تكرس الصفحات بعد الصفحات للسخرية منه فقد هيمنت أشواق النهضة آنذاك علي الكل وإرتبطت عندها الحداثة بالعقل والعلمانية أما الدين فبالعصور الوسطي في هذا الوقت بالذات يطرح كيريكجارد فلسفة تحتفي بالدين وتعرّي العقل تعرية أصبحت في زمن لاحق منطلقاً لمفكري ما بعد الحداثة، مفكري عصر المفارقة في نقدهم للعقلانية الحداثية وحتى فكرة المفارقة كانت أحدى أطروحات الفلسفة الكيريكجاردية في مقاربة دينية بحتة تتناول مفارقة كون المسيح إنساناً ورباً لتشرحها كضرورة إيمانية رغم أنها مسخرة عقلانية المفارقة موضوع الذات والنفس والخيال لكنها خصم العقل الذي يرى فيها دليلاً علي الخطلان والخسران وقد كان العقل الممتد من أوغستين وحتي الهيجليين يجتهد في شرح المفارقات الدينية حتي تبدو مقنعة كما يفعل كثير من الإسلاميين اليوم وهم يجتهدون في إيجاد مخارجات لكثير من التناقضات في الدين ناسين أن أمر الدين هو أمر القلب وليس أمر العقل ومن المهم أن يدعوا تناقضاته كما هي هكذا مضى كيركجارد يشرح أن شروط الإيمان تختلف عن شروط المنطق فالإيمان إلتزام فرداني غير مشروط بينما المنطق إحتجاج عام مشروط بحد التيقن واليقين لذا فكل غير معقول من الروايات التي تروي عن المفارق للعقل في الدين تنتمي لجنس التحدي الإيماني (مش قلت مؤمن). يصبح كيركجارد بهذا أول من ينفي أولوية العقل في حياتنا ويسبغها لي الإيمان) انتهى الاقتباس من مداخلة سنارى وسوف اعود لتوضيح اكثر للملاحظات الدقيقة فى الاقتباس من خلال استعراض نقد كيركيجارد لديالكتيك هيجيل
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)
|
عقلية القطيع عند هيجيل:- فى المجتمع المثالى عند هيجيل يجب ان تتوافق ارادة الافراد مع قوانين المجتمع لان الناس فى النهاية تعرف وتتحدد من خلال علاقاتها مع بعضها البعض. ولذلك فإنه من المستحيل عند هيجيل (إعتزال) المجتمع او الادعاء بالخروج عنه ، بمعنى آخر فالفرد لا يمكن ان يكون حقيقيا طالما لم ينتمى الى آخرين.. وهو شىء كان كارل ماركس قد امّن عليه مع اصافة ان طبيعة العلاقة تتخذ طابعا اقتصاديا فى نهاية الامر ولكن تلك (قصة اخرى). المهم يمكننى القول ان منظومة التفكير الهيجيلية كانت قد وضعت الافراد فى مرتبة ادنى من العائلة ثم العائلة فى مرتبة ادنى من المجتمع بينما يقع الاخير فى مرتبة ادنى من الدولة. من المهم كذلك الاحاطة بملاحظة مفادها ان هيجيل كان قد سعى سعيا حثيثا من اجل التوسط او حل التناقض القائم بين السبب Reason والإيمان Faith بهدف ازالة الحدود التى تفصل بينهما ولذلك إشاع إعتقاده بأن الذات اللهية ليست متعالية عن طبيعة البشر transcedental وانها بالتالى تقع خارج نطاق الخبرة البشرية المتواضعة والمحدودة، بل هى ملازمة لطبيعة البشر Immanent بمعنى آخر فإن الله يشكل جزء من التكوين الروحى للانسان. وبما ان مفهوم الله يتطابق مع الحقيقة المطلقة والنهائية، فإن الترقى الى تلك المرتبة السامية نحو الكمال ممكنة . وهذا الاعتقاد هو ما دفع بهيجيل نحو القول بأن سر التجسيد البشرى للاله على هيئة المسيح ما هو سوى رؤية دات طابع مجازى واسطورى قادرة على ان توضح لنا ان طبيعة كل من الله والانسان لا تختلفان إحتلافا جذريا. بمعنى آخر فإن التركيب الدياكتيكى Synthesis لتناقض الالهى الخالد مقابل البشرى المحدود يسعى للتخلص من التناقض الظاهرى ويبقى على ما هو (جوهرى وخالد) فى الاثنين. يمكن إبداء ملاحظة فى غاية الاهمية هنا تتعلق بإعتقاد مشابه للشهيد محمود محمد طه المتعلق بكون الانسان طرف من الله وان التطور المضطرد نجو الذات الالهية ممكن عن طريق اتباع منهج محمد صلى الله عليه وسلم فى العبادة والسلوك القويم (راجع مفهوم الانسان الكامل عند الاستاذ محمود). لكن سورين كيركيجارد كان يرى ان الفرق بين الله والانسان هو فرق نوع وليس فرق مقدار التعبير هنا لسورين كيركيجارد رغم ان الشهيد محمود ظل يستخدمه كثيرا فى خطابه a different of a kind and not of a degree اعود
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)
|
07:23 ص Feb 3,2015 سودانيز أون لاين Sinnary usa
التحية للأخ طلعت الذي أبي قلمه إلا أن يضخ الحياة في نهر البوست، ووجود بحّاث في همة طلعت هو لعمري مكسب كبير لسودانيز أونلاين كما المهتمين بأمر المباحثة والفكر فيها إن المشروع الكيركجاردي بعمقه وتعقيده الذي دعا دريدا إلي القول بأنه عمل كل ما في وسعه لتعقيد أفكاره أسوة بشيخه كيركجارد يبشر بالكثير الذي ينتظر المدارسة والفوانيس النبيلة كما أنّه ينسدل بالتحدي المستحب للمفكرين اليوم لا سيما في العالم الآخر لإثراء الكثير من لأفكار المبثورة بين ثنايا كتبه لا سيما كتابه أفعال الحب والذي يلخص فيه فكرة واعدة عن ماهية الأخلاق لم يتجاوزها في ظنّي إلا لفناس في تأليهه للآخر(الآخر هو الله) تخيل أن نعامل الآخرين كآلهة؟ لعلنا لا ننسي رؤية سارتر المفارقة بأن الآخر هو الجحيم، إذ أن تحديق الآخرين فينا يعذبنا). والتي عرضت لها مستعجلاً في مداخلة أعلاه أعتقد أن المباحثة في أفكار كريكجارد وإتجاهه غير المسبوق إلا من هيجل في تدشين إتجاه جديد في مسار الفلسفة بإستعدال همومها من العناية بالموضوع إلي الانسحاب إلي الذات فسفه البحث الفلسفي لا سيما اللاهوتي مؤسساً للحقيقة على أسنة الذوات أو ما لخصه فجنشتاين مماهياً هلكيركجارد بأن كل علوم الدنيا تعني نفس الشيء أي اللاشيء فلا يدرك ما بيّ إلا أنا (وها نحن وقد بلغنا شأواً رفيعاً في شأن البحث العلمي والتقني والشباب اليوم لا سيما في العالم المنكوب الفقير يعيشون أسوا أشكال المعاناة الإنسانية ويموتون في المراكب عرض البحار بإتجاه أوروبا) أدعو لا سيما المعنيين بأمر التصوف (والذي بغياب كيركرجارديين في عالمنا الإسلامي يتهاونون في الرد علي العنف السلفي الذي يرتاد بسيف الفكرة البشرية المستلفة داراً ما هي داره فيطرق علي أبوابها بالمفاتيح الخاطئة الصدئة كمفاتيح اللاهوتيين الهيجليين أمثال هانز مارتن مزعجاً النساك في عالمهم الجميل ولا بوليس هناك يعتقل الوطء المغلوط) كما أدعو الأخوة الجمهوريين لإستشراف ما يعنيهم في هذه الدار الكيركجاردية العامر وأنه ولله لكثير..
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
12:47 ص Feb 4,2015 سودانيز أون لاين طلعت الطيب Calgary, Alberta مكتبتي في سودانيزاونلاين
الاخ سنارى القارئات والقراء لهذا البوست اشكرك على الاهتمام بالمداخلات حول سيرة وافكار كيركيجارد ولا استغرب عندما يأتى الإهتمام من هم فى مثل إطلاعك الفلسفى والفكرى الواسع حقيقة. سوف اتطرق بإذن الله لعدد من القضايا الفكرية التى طرحها هذا الفيلسوف تتعلق بقضايا الايمان الدينى عنده بعد ان استكمل عرضى لمفاهيم هيجيل فى القضية المطروحة لان نقد كيركيجارد لها يعتبر جزء من محاولتى لتوضيح مفهومه للايمان هذا اضافة لقضايا اخرى متشابكة.
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)
|
مفهومى الحرية و (الأصالة ) يبدو ان الحرية تتخذ معنى إشتقاقيا من العقل الجمعى عند هيجيل بمعنى ان صحة ممارستها ترتبط مع مدى التوافق والإنسجام مع اعتقادات وقيم المجتمع . فى حين انها تأخذ معنى مطلق يتعلق بحرية الاختيار عند الافراد بعيدا عن وصاية المجتمع عند كيركيجارد بمعنى ان تحقيق ا(الوجود) يعنى ممارسة حرية الاختيار غض النظر عن الاعتقادات والممارسات السائدة فى المجتمع ، وهذا التفرد عن القطيع يميز وجود الانسان الفرد عند كيركيجارد ويحقق (الاصالة ) للافراد عند الوجوديين لاحقا. الحرية ومعنى الوجود اذن مرتبطان ارتباطا لافكاك منه عند كبركيجارد فهى اى الحرية لا تولد مع الانسان ولا تعنى على الاطلاق الاذعان والامتثال للاعتقادات السائدة فى المجتمع او الانسجام مع العقل الجمعى كما زعم هيجيل ، بل تشترط مجاهدة النفس لبلوغها, لان حرية الاختيار تصاحبها فى العادة مشاعر الحزن والجزع والكآبة. حرية الخيارات تخلق شعورا بالجزع والقلق عند صاحبها dread وهو يهم بممارس الاختيار عند توفر عدد من الخيارات ولا ينتهى الاّ بممارسة ذلك . ثم ولانه يتعين عليه الاختيار دون مساعدة خارجية فإنه يصاب باليأس despair ثم قد يعقب ذلك الاحساس احساس آخر بعقدة الذنب guilt خاصة اذا كانت المآلات التى اسفر عنها الفعل تستدعى ذلك . فى اعتقاد كيركيجارد ان الامر الربانى لادم بعدم الاكل من شجرة التفاحة هو الذى فتح احتمال الحرية وصار لادم اكثر من خيار مما تسبب له فى الحزع والقلق الذى لم يزول الا بممارسته لحرية الاختيار. وهكذا نرى ان ممارسة الحرية ترتبط بالمكابدة والمعاناة ولذلك يلجأ الكثير من الناس الى اتباع الايديولوجية او الممارسة السائدة فى المجتمع لان ذلك يعفيه من المعاناة ويولد لدى الانسان احساسا زائفا بالامان والطمأنينية يرى الفيلسوف الفرنسى رينيه ديكارت ان التفكير يعنى الوجود ولعلنا نتذكر عبارته الشهيرة (انا افكر اذن انا موجود) لكن هل مجرد نعمة التفكير تستطيع تحقيق وجودنا ؟ اعود
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
الشكر الحقيقي للصديق طلعت علي ما يبذله من جهد معرفي ثبور وصبور في درب التنوير بالفكر الفلسفي الغربي وسأحاول المساهمة معه بما تيسر إثراء لهذه القراءات النيّرات.. بالنسبة لكريكجارد فإنه يطرح وبشكل مؤسس رؤية جديدة في الفكر الغربي ترى بأن العقل لا يجب أن يكون معيارنا في كل شيء، ففي حياتنا جانب آخر خارج عن حدود العقل، لكن يحاول العقل علي الدوام إخضاعه لمشيئته ولا ينتج عندها إلا تزويراً خطيراً لحقيقة هذا الجانب، وهذا الجانب هو جانب الإيمان والروح والتوق لما هو ممتد في ما وراء العالم المنظور.. يرى كريكجارد أن هذا الدرب الذي صار يعرف بالدرب الديني هو درب علاقة مجيدة فريدة بين المحدود (الإنسان) واللامحدود(سمه ماشئت وإن كان اسمه عندي الله) إنه درب المفارقة، مفارقة نسج المحدود في جدلية اللامحدود وما يتجشمه الغرقان في بحر العلاقة من شبق ومعاناة شيقة (شوف المعاناة في الجانب المعني بالعقل من الدنيا يستحيل عليها ن تكون شيقة فهي ضرب من ضروب الحظ العاثر وبصق الدنيا في وجهك). كريكجارد سعي بكل ما يملك وبما في ذلك إستخدام الفلفسة ذاتها للرد علي الفلاسفة في إستحالة الدين علي العقل وكل مؤسساته التي لا يستبعد منها الكنيسة والمسجد والسناقوق والفقهاء الدينيين والمفكرين الملحدين. وفي الحقيقة ليس كريكجارد وحده فنيتشة في هجومه علي التأسيس العقلاني للأخلاق الذي وصف فيه السيكلوجيين الإنجليز بأنه لا يوجد أسوأ منهم إلا دراساتهم عن أصل الأخلاق وفصلها يسخر من هؤلاء السيكلوجيين والفلاسفة بما فيهم شوبنهاور الذي يظن بأن الأخلاق تتضمن مفاهيم مثل الصدق ونكران الذات والتفاني ويرى بأن البحث في أصل الأخلاق هو بحث لا علمي يصل في النهاية إلي أن (السلطة أومن بيده السلطة في أي مجتمع هم من يخترع الأخلاق) إنه نفس المنوال الكريكجاردي الذي هاجم فيه النزعة الدكتاتورية للعقل البشري تلك النزعة الملهوفة لمعرفة كل شيء والسيطرة علي كل شيء حتى وإن كان خارج حدود خبرتها فهي لا تستحي عن تشيئته وموضعته. الله يستعصي علي التشيئة والموضعة ويتيسر فقط للإبحار الذاتي إلي رحاب المطلق. يرى كريكجارد أن ما تأسس من تراث نصوصي ديني يرسم طرقاً مزيفة لمسارات الإيمان وأنه يستحيل تدشين التدين نظرياً أو إبتكار مواصفات لمن هو مسيحي أو مسلم بمثل ن من يولد في بيت مسلم فهو مسلم أو من يرتاد المساجد فهو مسلم لأن صفة أن تصبح مسيحياً أو مسلماً هي صفة لا تدرك فالمتدين يستهلك حياته كلها في الطريق إلي أن يصبح مسلماً أو مسيحياً ولا يبلغ ذلك قط وذلك هو سر إنغماس المتدين في تلك العاطفة العجيبة نحو اللامحدود بأي حدود . وقوانين المسار بإتجاه الله تختلف عن قوانين العقل والمجتمع والأخلاق ولا تحتاج في الإيمان لليقين وأدواته فهو لا يتأسس علي الأدلة التجريبية التي تؤسس قواعد العلوم الحديثة أوالحجج التحليلية العقلانية الديكارتية ولا للخلط بينهما كما تفعل القطة ذات القبعة السوداء في النزوع الكانطي. وهذا هو السر الذي دعا سيدنا إبراهيم أبان محنته العجيبة إلي تجميد الإنساني بإتجاه اللاإنساني حتي أنه صمت صمتاًعجيباً عندما أتاه الأمر بذبح إبته . الأمر هنا لا يمكن إستيعابه في الجانب الإنساني بمتاريسه الأخلاقية والقانونية. هنالك لا يقين موضوعي عن حقيقة الله
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
قد كان هيريقليطس الذي يعتبره هيدغر المرجع الأول للفكر الوجودي كما يمنحه الماديون لقب المرجعية في الفلسفة المادية بحسبانه أول من صرح بأنه لا يري وجود لغير العالم المادي الحركي الذي نراه ماثلاً أمامنا ومتغيراً بإستمرار( متأسساً علي النار) وأطلق قولته الشهيرة أنك لا تستطيع العوم في نفس النهر مرتين،ثم أسس بعد ذلك فكرة اللوغوس الملغزة في الثقافة الغربية مقابل غريمه بارميندي الذي كان علي عكس هيريقليتس يؤمن بأننا نعيش في عالم حفقيقته تكمن في أنه عالم مثالي تصوري متعالي لا حسيٍّ وغير متغيرليأتي بعد ذلك إفلاطون محاولاً الجمع بين أفكارهما معاً في صورة لعالم يتكون علي مستويين مستوي مادي حسي ناقص ومستوي تصوري متعالي هو مستوى الروح (الإلهي) التي تسعي لتنظيم المستوي المادي ثم يطرح بذلك ما أصبح يعرف بالثنائية الميتافيزيقية الإفلاطونية. أما أرسطو وهو تلميذ إفلاطون نظر لهذه التصورات التي قدمها من سبقوه عن العالم وسفّه معاً المفهوم الروحي المتعالي للعالم والعلة المادية للكون مقدماً فكرته عن العلة النهائية والعلة الفاعلة الماديون علي لسان هيريقليطس شرحوا الجانب المادي والحركة دون أن يبينوا لنا من اين أتت هذه المادة، أما التصوريون المثاليون أمثال بارميندي وإفلاطون ذات نفسه والذين أسسوا للرؤية التصورية، لم يفسروا العلتين النهائية والفاعلة في الكون فالديمارقو الإفلاطوني (الإله) هوالروح الذي يشكل الكون التصوري ويصينه ولكنه ليس العلة الأولي التي تبين مصدر الكون لأن الكون المادي رغم أنه محدث إلا أن الله لم ينشأه بل أنشأته توافقات مادية للعناصر الأربعة ثم أتي الروح الإلهي ليمده بالتصورات .والمثل التي تنظمه لذا كان النقص الذاتي صفة ملازمة للمادة لأنها غير إلهية وهذا هو سبب الكوارث والخطايا. الفكر الهيريقليطي كما الفكر الأرسطي وجد إهتماماً كبيراً عند كيركغارد بسبب إنبنائه علي مفهومي التغير والحركة فالله هو المحرك الأول المحرك الذي يحرك ولا يتحرك عند أرسطو وعلي حركته خلق العالم وبدأ العالم في التناسل كل ينتج ما بعده وينتقد أرسطو النظر الإفلاطوني بإعتبارأن المثل والتصورات في الفكرة الإفلاطونية لا تحرك السموات أو الكواكب والنجوم بل يحركها الله بعد أن يزودها في مرحلة ما قبل الخلق بأنظمتها الوجودية الذاتية فتتحرك وتتغير من تلقاء ذاتها بعد دوره الأوّلي في حركة الكواكبالتي تتحرك من بعد ذلك وفق حركتها الذاتية بفعل عامل الأثير فيها والله يعني بنفسه ولا يهتم بما يجري في الكون بعد ذلك فهو أبدي غير مادي وخارج الزمان والمكان لأن الزمكان هو دالة التغير وما يقع داخلهما لا يكون أبدياً هكذا سعي أرسطو للتمييز بين ذلك الذي هو موجود علي الدوام وليس في حالة صيرورة لأنه الصحيح الكامل وبين الذي في حالة تغير مستمر ..الذي هوالكون المحدث وعلي رأسه الإنسان. إن فكرة الحركة والتغير أخذت بلب كيريكجارد وهيدغر من بعده وأسس عليها كريكجارد مفهومه الأثير (الصيرورة) حيث يتحرك الكائن وفق الممكن فيه ليصير مختلفاً عما كان وبينما كان أرسطو مهتماً بحركة الكون الطبيعي فإن كركغارد مهتم بمفهومه الجديد للحركة، تلك الحركة التي يراها عنصراً حاسماً من عناصر الذاتية البشرية لأنه يري أن الإنسان هو دائماً في حالة من الحركة، حالة من التغير والصيرورة حركة من الواقعي إلي الممكن، حركة جوهرها معني وجودنا كوهكذا فإن الصيرورة هي ما يوزع الممكن قيمته وفي الحقيقة فإن مجمل الفلسفة الكيريكجاردية تحوم حول االحديث عن الصيرورة الدينية علي قاعدة أن الوصول لمرحلة أن يقول الإنسان أنا مسيحي أو أنا مسلم أو أنا يهودي هو هدف يتعذر بلوغه وأن حياة الفرد هي حركة بين أطوار ثلاثة جمالي وأخلاقي وديني، والدين ليس مقتصراً علي الشكل الأرسوذكسي بل حتى الإلحاد دين والدين هو صيرورة إيمانية ورحلة مجاهدة للنفس لا تقوم علي الأفكار والتصورات كما يراها هيجل محركة للتاريخ عبر الجدل والثورة فيما يسميه كانط المشهد التراجيدي لإستباحة العقلانية أو جهودها تلك الإستباحة التي تعجزالمتسربل بها عن البرهنة علي صحة أو عدم صحة أي إدعاء هذا عندما يقتحم العقل أراض ليست أراضيه وهذا عين ما تفعله المذهبية الدينية والهيجلية معاً عند كريكجارد الذي يكرربأن الأفكار والتصورات الترنسدنتالية المتعالية لا تخبرنا بأي شيئ عن حقيقة وجودنا، إنه نفس النقد الهيدغري للحملقة الكانطية حول سفينة تجري علي البحر أو التنظير الهيومي عن قكع البلياردو تتطاقش علي الطاولة ليشرح السبب والنتيجة أو ديكارت الذي يلعب بقطعة من الشمع ليبرهن بها علي الكوغيتو الديكارتي أنا أفكر إذن أنا موجود. يرى كريكغارد بأن التدين حالة من الصيرورة لا يدركها من لا يمارسها وأن أمر المسيحية كغيرها من الأديان أمر مقاربة لا تتحرك بإتجاه اليقين اكما يفعل العقل إذ لا يمكن أن نتحدث عنالتجربة الدينية في إطار الشروط والمواصفات والحقائق بل التقريبات البعيدة تضاريس الفهم
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)
|
التحية مجدداً طلعت وأود أن أضيف معالجة أخري لما تكرمت به انت في معالجة نص كريكجارد الخوف والجزع أو الخوف والرعشة وكتاب الخوف والرعشة الذي أصدره كيريكجارد تحت اسم يوهانس دي سيلنسيو ضمن خطته في مخادعة الخداع إلي الإيمان يعتبر أهم كتب كيريكجارد وأكثرها إثارة للجدل يبتدر فيه كريكجارد معالجة إشكالية الدين من منظور جديد كحلقة ضمن منظومة الصيرورة الدينية التي تقوم عليها فلسفته ويمثل الكتاب حلقة حركة الصيرورة داخل الفرد. يصر دي سيلنسيو علي أن إبراهيم عليه السلام في إمتثاله لأمر الله له بذبح فلذة كبده يمثل بطولة لكنها ليست البطولة التراجيدية التقليدية لأن البطل التراجيدي هو ذلك الفرد الذي ترتبط بطولته بالمجتمع والإنسانية ولكن إبراهيم تجاوز وتخطى ذلك كله ليتعلق بغاية خارج الحدود الإنسانية ، تخطي إبراهيم ركائز الحالة الإنسانية التي تلزمه بحدود أخلاقية لا بد من الخضوع لها لأنها الحدود التي تتملى جوهر المعني الإنساني كي تنتظم وتنظم العلاقات بين الناس مسفرة عن الفرق بين أن تحيا في مجتمع أو في غابة (لا تجيز الأخلاق الإجتماعية ذبح الإبناء) لكن إبراهيم جمّد مؤقتاً الإجتماعي و الأخلاقي لغاية خارجهما يحاول كتاب الخوف والرعشة جاهداً شرحها لنا مبيناً أن إبراهيم عليه السلام جمد الإنساني من أجل خير أوسع من أن تستوعبه الحدود الإنسانية ( أكانت حدود وعي أو حدود أخلاقية) لذا يستعصي علي الوعي الإنساني والأخلاق الإنسانية إستيعاب الأمر لأن الخير ضمن هذه الحدود هو الخير التي تهطل بشاراته لا سكاكينه علي رقاب الناس، الذبح البشري ضمن حدود الأخلاق الإنسانية خطئية وجرم وما يعتزم إبراهيم عليه السلام القيام به غير مبرر إجتماعياً وموت ابنه علي يده كان سيكلفه الكثير إجتماعياً. لكن إبراهيم كان يستوعب الأمر الإلهي ضمن درجة من العلاقة أعلي من الإنسانية يتم علي مستواها تجميد كل ما هو إنساني ويتحول المعيار القيمي من أخلاقي إلي شخصي بحيث أن غضب الله إذا عصي إبراهيم الأمر يصبح غضب علي شخص بعينه لا كل المجتمع. تبدو هنا مرة أخري معاني التناقض الضرورية في عوالم الإيمان والمكروهة في عوالم العقل، لاحظ كيف يرتبط إبراهيم عليه السلام في الوقت نفسه بالمجتمع المحدود وبالله المطلق، وكيف أن أخلاق المجتمع تتناقض مع أوامر المطلق(أن اذبح ابنك) بشكل يحرج الهيجلية التي ترفع حركة المجتمع فوق مقامات الفرد إن تحرك علي مسارات سلوكية تتصادم مع المجتمع، الذي يرى في الفعل الإبراهيمي قتلاً عمداً بينما إبراهيم يرى فيه تضحية وإيمان. يرى المجتمع أن النبل يكمن في واجب إبراهيم الأب حماية أطفاله بينما يرى إبراهيم أنه أمام إمتحان عظيم لإيمانه ولا بد من التضحية بفلذة كبده إذ أن الواجب الوحيد في هذه اللحظة ليس الواجب الإجتماعي الأخلاقي بل الواجب الديني والإلتزام تجاه الله أعلي من الإلتزام تجاه المجتمع لكن يتجدد التناقض هنا مرة أخرى بحيث يستدعي حب الله حب عباده. يضع بذلك إبراهيم كفرد نفسه فوق المجتمع ضمن علاقته بالله مرتبط إرتباط إطلاقي بالمطلق في الوقت الذي لا يستطيع الفكاك من إرتباطه بالمجتمع الأمر الذي يلقي به في حالة من القلق الضروري في الإيمان المفكر القروسطي المسيحي أكوايناس في تأملاته عن الله والمجتمع ومحاولته لإنقاذ فكرة الله في إطلاقيتها من الوقوع في مطب الإسمانية التي لا تري أن المشترك والعام إلا تعبير زائف يحجب عدم توافق الأفراد فيما نظن أنه مشترك وأن الوجود لا يعكس ماهيته إلا إسمياً لكن أكوايناس في إستعادته لإرسطو وهو يشرح كيف أن العقل يجرد العام من الخاص ويرى بأن لا تميز للوجود عن الماهية إلا في إطار شكلي وأن العلة النهائية للوجود تتجلي في بلوغه أعلي درجات الإندغام في مراد الله من إيجاد هذا الوجود لأن إرادة الله تأتي دائماً متوافقة مع الحق الأبدي الذي هو من صفاته وإن كان التجريد هو تجريداً يخص الفرداني لا العام الذي تتورط في تعميماته معظم الكتابات الفقهية وهي تعرض نفسها كصحيح الدين وأنها المعرفة الضرورية بالدين حتي يوهمك الكاتب بأن الله هو الذي يتحدث إليك بدلاً حاجباً الفعل البشري المنتج لنص بشري وإن تلفح بزركشات المقدسات. إن الفكرة الأساسية التي يطرحها كتاب الخوف والرعشة هي معالجته لفكرة الخلاص الديني حيث يستخدم الكاتب بصورة رمزية قصة سيدنا إبراهيم لتدشين رؤية حول مفهوم الخلاص تتناقض مع طرح السلفية التي سادت طيلة القرون الوسطي علي الفكر المسيحي وتنسجم أكثر مع الأفكار اللوثرية في تأسيسها فهم ديني محدث قوامه نظر فلسفي لثيمة الإيمان من موقع يتقصي الفرق بين السلوك الرباني والسلوك الإنساني وما تحكمهما من قيم وأخلاق، وأذكر انني ضربت مثلاً في معرض تناولي لهذه المعضلة حينما أوردت قصة سيدنا موسي مع عبدالله الصالح الخضر المفصلة في سورة الكهف وذلك عندما قتل الخضر غلاماً صادفاه في رحلتهما وإحتج موسي علي الفعل المنكر، إلا أن الخضر أبان له في نهاية الرحلة بأن الحكمة وراء قتل الطفل أنه كان كافراً وأبواه مؤمنين فتم قتله حتي لا يرهقهما بكفره أو يفتنهما في إيمانهما " فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا * قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا.......وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا" أي أن البشر لا يمكنه مسامحة الخضر في فعلته التي فعل ولكن الله يسامح بها إما عن علم بما خفي عن البشر أو حتي عن رغبة في تدشين معايير إلهية تختلف عن المعاييرالإنسانية في التعامل مع العصاة. إن نداء الله لإبراهيم وإستجابة إبراهيم للنداء تجذر تعابير رمزية عن قدرة الله وحقه في إستعادة خاصته من البشر إلي ذاته بعيداً عن موقعهم من القوانين الإجتماعية وبالتالي تلبية إبراهيم لأمر الفداء بإبنه تتأسس لا علي موقع فعل الذبح من المعايير الاخلاقية السائدة بل علي العلاقة الخاصة بين إبراهيم وربه وثقته في رحمة الله بعباده بحيث تحتل الرحمة الإلهية مرتبة أعلي من مرتبة الأخلاق الإجتماعية في شرعنة الفعل المؤمن وبالتالي فإن تجميد الأخلاق لا يفهم علي أنه تشريع للذبح في الحالة الإبراهيمية بل للتأشير علي ضعف المعايير الأخلاقية البشرية في فضاء الخلاص الإلهي والرحمة التي تسع ما تضيق به المعايير الأخلاقية في أي مجتمع (حتي أن بعض الفقهاء يرى بأن كل البشر سينتهون في نهاية الأمر إلي الجنة) بمعنى أن المعايير الأخلاقية الإجتماعية لا تسامح الإنفلات ولكن الله يسامحه وإبراهيم لم يقرر إستجابته للأمر الرباني من موقع تجاوز قواعد الأخلاق في مجتمعه فالأمر بالنسبة له غير معني بالخطيئة وإنما بالرحمة الإلهية ومصير العصاة عندالله وهل صحيح أنهم مطرودون من رحمة الله. إن موقف إبراهيم في قصة الفداء هو موقف المخطيء إجتماعياً لكنه في نفس الوقت الممثل لأمر الله والذي يقف بإمتثاله موقف الممثّل للمخظئين في الدنيا ذلك المؤمن برحمة الله التي وسعت كل شيء، لا سيما هنا وأن مسألة الخطيئة تحتل مساحة متسعة من تاريخ ووجدان كيريكجارد، وربما يأتي الخوف والرعشة كتعبير عن المماهاة بين تضحية إبراهيم بابنه وتضحية كريكجارد بمحبوبته ريجين في مشهد فارس الإيمان الذي تخلي عن الزائل لأجل الخالد غافر الذنب وقابل التوب
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)
|
(تناسق الماركسية
وكشخص وضعته ظروف الحياة لا كزارع أو صاحب أملاك - بل كمتعلم نال من بعض التعليم المدرسي، كان لابد لي كغيري أن أقوم بجهد لأنال شيئا من الثقافة ينفعني في تطوير فكري وتوسيعه. ولم أكن أهدف إلى أي ثقافة ولكن الثقافة التي تعطي تفكيرا غير مضطرب أو متناقض للظواهر الطبيعية والاجتماعية... إن النظرية الماركسية تمتاز بالتناسق ولأول مرة تضع قيماً عالية للأدب والتاريخ والفن والفلسفة مما كنا نعتقد أيام الدراسة إنها بطبيعتها لا يمكن أن تكون لها قيم أو تستعملها قواعد وإلا فقدت طبيعتها. إني كفرد يحاول تثقيف نفسه وجدت في النظرية الماركسية خير ثقافة وأنقى فكرة.
إن تجربتي البسيطة توضح أنني لم اتخذ الثقافة الماركسية لأنني كنت باحثا في الأديان، ولكن لأنني كنت وما زلت أتمنى لبلادي التحرر من النفوذ الأجنبي - أتمنى وأسعى لاستقلال بلادي وإنهاء الظروف التي فرضت علينا منذ عام 1898، أتمنى واسعي لإسعاد مواطني حتى تصبح الحياة في السودان جديرة بأن تحيا - ولأنني أسعى لثقافة نقية غير مضطربة تمتع العقل وتقدم البشرية إلى الأمام في مدارج الحضارة والمدنية.)
النص اعلاه للمرحوم عبد الخالق محجوب من مقاله الشهير (كيف اصبحت شيوعيا) اعود اليه لاحقا فى إطار الاطروحة الوجودية
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)
|
ورد فى نهاية مداخلتى الاخيرة ما يلى: (واذا كانت الحرية مشروع (مؤجل) deferred عند الشيوعيين والقوميين وغيرهم من تيارات الحداثة على سبيل المثال ، فإن ماهو مؤجل عنده هو (كل ما يمت للتسلط والهيمنة بصلة) هذا اضافة الى السخرية والمفارقة فى اسلوبه و(الطابع الحوارى (diagonal مع قارئه. المعرفة فى المشروع الكيركيجاردى تتميز إضافة الى كونها (مؤجلة) بأنها (متغيرة) و (منفتحة) على الدوام. )
والصحيح هو ان (سلطة) المعرفة تتميز بأنها مؤجلة إضافة الى كونها نوع من المعرفة المتغيرة والمنفتحة على الدوام
أعود انشاء الله لاستئناف عرض المشروع النقدى لكيركيجارد حول الرأى العام وامكانيات تزييفه فى مجتمعات الحداثة محاولا استخدام اسلوبه الساخر وتساؤله الشهير : هل كتب علينا ان ان نسير بينما اسراب الاوز المدجن تحيط بنا من كل جانب؟
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)
|
وأن كيريكجارد رغم إصداره معظم أعماله بأسماء مستعارة إلا أنه وكما يري ثيودور أدورنو أن هذه الأسماء لا تعني الكثير، فالكل يقرأ هذه النصوص علي أنها نصوص كيركجاردية ! وأن التبرير السوريني بأن الهدف من الأسماء المستعارة هو خلق حلقة إتصال غير مباشر بينه والجمهور المعني بكتاباته فيما يطلق عليه مخادعة الخداع لم تؤتي أكلها، ولم تنجح الوجودية الدينية في إشاعة حالة تدين كريكجاردي أو حتى زحزحة الكريسندوم (المجتمع المسيحي الرسمي) عن مواقعه ومواقفه وأن الإعتناء الأوروبي البارز بدراسة كريكجارد في معاهد الفكر اللاهوتي لا يوليه أي مكانة تقارب مكانة آكوايناس أو أوغستين كلاهوتيين فلاسفة . للوجودية عموماً موقف واضح من كل الأيدلوجيات لا سيما التاريخية منها مثل الماركسية والتي وإن شاركت كريكجارد في إعطاء أولوية للعملي علي الفكري إلا أنها تتقاطع معه في إعطائها الأولوية للجماعي علي الفردي وللمادي علي المثالي.(
الاخ ما جد سنارى
اعلاه اقتباس من مداخلتك المهمة حول اولوية الموقف العملى عند كيركيجارد وهو شىء طبيعى لان مفهوم الحرية عنده يعنى حرية الاختيار وما يصاجبها من قلق ومعاناة وانها فى النهاية ترتبط ب (الإلتزام)، اما ازاحة النصرانية الرسمية وصعوبة ذلك فهى قضية تواجه الاسلام بنفس الحدة والقوة وتعيق تطور شعوبه وفى تقديرى ان ذلك نتاج عدد من الاسباب ولكن يظل موقف كيركيجارد هو الموقف الصحيح بمنطق الدين نفسه فى ان الايمان قضية وجود فردى يستمد قوته واصالته من هنا حيث يبدأ التزييف يأخذا طابعا عاما وتاريخيا بمجرد ان ينتقل الايمان الى رحاب (الدولة) اى يتحول من تدين اصيل الى تدين (فلسطينى) phyllistine بمعنى تدين القطيع او العوام !
وهذا ما حدث طوال التاريخ اليهودى والمسيحى والاسلامى حيث حدث انتقال كبير من التدين القائم على( العقلانية التواصلية) التى تتأسس على التأمل والحوارات العميقة ، الى التدين القائم على (العقلانية الاداتية) القائم على تسخير كل شىء حتى التراث الروحى نفسه لخدمة اغراض الفئات الحاكمة واخضاعه للهيمنة والتسلط، فيما لو استعرنا تعبيرات يورجن هابرماس اخر فلاسفة مدرسة فرانكفورت.
كان كيركيجارد قد دعا الى الرجوع الى (الغار) او (الدير) مثلما فعل رائد الاصلاح الدينى مارتن لوثر من اجل الانقطاع والتأمل. انتقال المسيجية تحديدا من رحاب الفرد الى رحاب الدولة المرتبطة بالكنيسة شبههه كيركيجارد بالاوز المدجن.
حيث تم تدجين الكنيسة بواسطة القوة والمال والمصالح وفق منطق العقل الاداتى الذى ساد الحداثة ولذلك كتب كيركيجارد ساخرا : ان الكنيسة تم تدجينها فأصبحت كالاوز المدجن وان المسيجية بصورتها الاولى عبارة عن اوز برى اصيل واضاف استحالة تحويل الاوز المدجن الى آخر برى ، بينما نبه الى خطورة وسهولة تدجين الاوز البرى . ولذلك قال قولته المشهورة : هل كتب علينا ان نسير وسط اسراب من الاوز لتتعثر خطواتنا بها على الدوام ؟!
اما تعليق الماركسى ادورنو حول تعدد الاسماء فيجب الا ننسى ان كيركيجارد حاول توضيح ذلك بعد ان عرف جميع سكان كوبنهاجن تقريبا انه المؤلف الحقيقى ل "هذا او ذاك" وغيرها من الكتب ولكن تبقى حقيقة فى غاية الاهمية فيما يتعلق بثيودور ادورنو وهو اعترافه بأنه يتفق تماما مع سورين كيركيجارد فى ان المجتمعات الحديثة اضافت اعباء وقيودات كثيرة على حريات الافراد. اكن احتراما كبيرا لادورنو نظرا لصدقه فى محاولات تطوير الجانب الهيجيلى من الماركسية واعترافه بعدم قدرة الجدل على احداث التغيير الذى كان ينشده ماركس وذلك فى دراسته الشهيرة تحت عنوان (ديالكتيك التنوير).
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)
|
تعرف يا طلعت أدورنو ومدرسة فرانكفورت بجيليها يستحقان الاعتناء لسببين، أولهما المبدئية التي رافقت مسيرتهم الفلسفية برفضهم الانصياع للعسف النازي والإندغام في مشاريع السلطة النازية ثانيهما لأفكارهم الجليلة الناقدة للمرتكزات الفكرية التي قامت عليها الحداثة والقمع الغربي للشعوب الفقيرة كوليد شرعي للأيدلوجية الحداثية المنفلته . أتمني أن نتناول قريباً رموز هذه المدرسة وجواراتهم مع الوضعيين المنطقيين والوجوديين من جهة أخرى لأدورنو كتاب ممتاز عن صناعة الثقافة كما أن له مقال مميز عن الموسيقي الشعبية، أو موسيقي البوب كنت أحاول منذ فترة كتابة مقال عنه ولكن رغم الجهد الذي بذلته في المقال إلا انني رميته ضمن مهملاتي قناعة بأنه لا يرقي للنشر في الدوريات الغربية ولكن ما دام جات الفرصة فدعني أعرضه هنا وأترجمه في الغد إلي العربية
Adorno’s essay “On Popular Music” originally published in Studies in Philosophy and Social Science. It encountered a great deal of conflicting responses, because it touches areas loaded with the ideology intermingling with the aesthetic. The aim of my essay is to introduce some significant thoughts of Theodor W. Adorrno on music. My focus will be on Adorno’s critique of popular music. I will discuss Adorno’s criticism of popular music within his broad project of critique of modernity He presents an apparent distinction between popular and serious music, a distinction between what he calls the standardization and the uniqueness in music. Theodor W. Adorno has been a prominent figure in the history of social sciences, philosophy, and music industry in Germany. He endeavors to structure a harmony between sociology of art and aesthetics by theorizing a relation between natural beauty and artistic beauty, thereby subordinating natural beauty to artificial beauty and overriding the unilateral position of both Kant and Hegel. Adorno remains the most prominent figure to have written on musical sociology, providing a strong argument on his essay on popular music that opens the door wide for additional studies and enrichment on realms of music and natural versus artificial beauty. Summing up his argument on popular music, Adorno said, "Popular music, which produces the stimuli we are here investigating, is characterized by its difference from serious music. He goes on and says, "A clear judgment concerning the relation of serious music to popular music can be arrived at only by strict attention to the fundamental characteristics of popular music: standardization”. Adorno hereby bases his argument on the concept of standardization. He considers the standardization that exhibited in the form of popular music its major problem. Adorno viewed pop music as a music that has a wide appeal to people, and this gave it a significance of standardizing the taste of people. Standardization makes the focus in popular music is on refinement of the parts, rather than on renovation of the whole. This produces a style of listening that revokes individuality. Standardization in music enforces an imitation pattern that reflects on the continuous repetition of the form; broadcasting, selection, and marketing. According to Adorno, pop music exhibits all rules that formulate the standardization in its form. The standardization is inclusive of "structure of chorus to the harmonic progression, melodic range, all sorts of hits: mother songs, nursery rhymes, dance-type songs,". To emphasize his arguments, he notes that choruses are made of 32 bars with one octave and one note. This aspect brings out pop music as lacking both uniqueness and originality. He also takes note of the fact that the harmonic cornerstones of every beat are also standardized and tend to beat out from the same scheme. Adorno questions the rationale behind the contrast between the standardization of detail and that of the framework. He states that this imparts a rough and preliminary effect upon the listener which makes him/her to harbor stronger reactions to some parts of the music than others. Pop listeners therefore lack the satisfaction of living through the whole experience and miss a lot of detail. Adorno contrasts pop music with serious music by drawing many parallels in the two set of genres. To begin with, serious music is characterized. This means that there is a relationship of every detail in the piece and is not pegged on a musical scheme. To clarify on this, he cites the works of Beethoven, particularly the seventh symphony and Appasionato. These two compositions show that “every detail derives its musical sense from the concrete totality of the piece that, in turn, consists of the life relationship of the details and never of a mere enforcement of a musical scheme”. In the same respect, he claimed that all popular music is the same regardless of the artist or lyrics. This is because of its standardized state. Consequently, popular music demands predictable reaction from its audience. The reaction to all songs of a particular genre is the same. Adorno argued that this factor contributed to its popularity. The majority of the listeners already know what to expect, hence they automatically love the song.. Popular music promoters are aware of this and hence have centered on it. A taxi driver told me that “most of the taxi-drivers always play the top-40 radio stations, because they know that what their customers like”. They are expected to show interest to which they have become accustomed. Popular music’s lyrics call for the emotions of the listeners and their desires. This gives the listener the feel of what they should intend for or have. Adorno argued that this feature was not across all songs, “their response to music immediately expresses their desire to obey” He classifies jazz and pop in the same genre and distinguishes them from serious music. This is informed by the fact that in jazz, just like pop, the listener is able to substitute the complex harmonies with simpler ones. Adorno argues that the jazz musician lives in a hostile but compliant submission to the system(the culture industry) that promotes the music. It is clear that Adorno attempts to gather all modern music together in one pile as a product of culture industry, while exempting serious music of such influence. He added that some harmonies are much more easily understood in their simplistic pop and jazz version than in more advanced serious music. Actually, the status of jazz in the culture industry is more complicated that in many situations jazz preserves its status as a music for the sake of music only, or for struggle against injustice as it has always been one of the major musical records of the African-American struggle toward freedom in America. Examples of jazz songs during the struggle for freedom include songs like Fables of Faubus by Charles Mingus, Music Is My Sanctuary by Gary Bartz, and Lift Every Voice and Sing by Art Blakey. According to Adorno, listening to popular music made the listener aware of the limitations and unfulfilled aims of their lives. This caused an individual to be unsatisfied with his or her life, hence looked to pop music as a way out of his or her life. The individual felt the need to aim for the life portrayed in the song. This was by stating that, “sentimental music lies rather in the temporary release given to the awareness that one has missed fulfillment”. For Adorno, the difference between the two forms of music is not limited to the intricacy from one side and publicity on the other. He defines serious music as an art. It is an art superior to popular music. Serious music also has an element of uniqueness. In serious music, when a note or a tone is misplaced, the song changes entirely. However, in popular music, positioning is not important and complexity has no consequences. Adorno holds firmly his beliefs about music and he ignored the consistent change in music between 1956 and 1969. The emergence of different music genres and groups over that period was quite significant. There was no similarity between rock n' Roll from 1956, the Beatles from 1962, and the counter-culture music from 1965. Sales, figures and experts stand to differ with Adorno's opinion that popular music listeners are passive. John Storey said that the cultural industry is not the one that manipulates its listeners, but rather, it struggles to satisfy the growing discrimination in their taste of music. In addition, Storey disagrees with Adorno's classification of music. What Adorno called popular music, is taken as serious music in some cultures. Walter Benjamin agrees with Storey by saying that music is not only classified by the mode of production but also by the way it is consumed. Benjamin indicated that the meaning of popular music separates away from its authentic roots to be valued only as a product for consumption. The technological reproduction of culture confronts the authenticity, the distance, and the authority of its text in order to open it to the multiplicity of explications, so the meaning is not limited merely to production but to the consumption too. Therefore, Adorno's interpretation could be concluded as biased when limits its approach to one side of the production/consumption process.
Conclusion: In conclusion, it is evident that music has a wide array of genres and harmonics. These different types of genres transcend different cultures, age groups, social classes and even gender. In my opinion, therefore, it would be in bad taste to term one genre as superior while dismissing another as armature. Though the complexities involved in different music differ, as correctly brought out by Adorno, one can’t accurately label any music as being better. That is purely a matter of personal opinion and preference. Adorno’s criticism is not an incitement for anyone to avoid any category of music. However, he advocates for a conscious approach that is able to resist conditioning by the generalized power of media culture that determines the public taste. Adornos rigid stand on pop music can be disputed as many other scholars and music enthusiasts have come out to disapprove his assumptions. John Storey and Benjamin William offer a different perspective of the popular type of music that deeply contradicts with what Adorno postulated. It is clear that Adorno’s views are bias towards his so-called ‘serious’ music, he sees the need to seek its appraisal through vilifying popular music.
References:
a) Primary.Source: 1)Adorno, Theodor W. "On Popular Music.” : I. The Musical Material. N.p., n.d. Web. 22 Mar. 2013. b) Secondary.Sources: 1) Pierpaolo, Francia. "Analysing Popular Music." Homepage. N.p., n.d. Web. 22 Mar. 2013. . 2)Storey, John. "Cultural Theory and Popular Culture." N.p., n.d. Web. 22 Mar. 2013. < http://www.mdw.ac.at/upload/MDWeb/ims/pdf/Storey,_Kap.5.pdf>.
(عدل بواسطة Sinnary on 03-04-2015, 05:01 AM) (عدل بواسطة Sinnary on 03-04-2015, 03:22 PM)
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)
|
يمكن ايراد ملاحظة مهمة حول موقف هيجيل من الدين فى ان الرجل كان مسيحى لوثرى ملتزم ولم يكن يستطيع الافصاح عن آرائه الشخصية حول الدين والتدين وذلك بحكم موقعه الاكاديمى الحساس فى جامعة برلين، غير انه فعل شيئا مهما للغاية وهو تضمينه فى معظم كتاباته حقيقة ان الدين بالنسبة اليه اداء او تصور استعارى ومجازى للحقائق فى هذا العالم وهى الحقائق التى تستطيع الفلسفة ان تعبّر عنها بشكل عقلانى.
هذا الموقف الهيجيلى هو ما قام بإغراء الراديكاليون بالقول انه ما دام الدين تعبير مجازى لحقائق تستطيع ان تفسرها الفلسفة بينما تتحاشى اسنادها الى اله متعالى ، فلماذا اذن لا تكون فلسفة هيجيل نفسها مبهمة وغامضة ومضللة لحقائق ربما كان فهمها فلسفيا بشكل صحيح يقود الى حقيقة ان الدين مجرد اوهام وخرافة يجب ان نخلص انفسنا منها.
هذا ما اوعز لفورباخ بالقول ان البشرية تعبد افضل ما فى نفسها وما تتوق اليه من قدرات على اعتبار انه الله ، ولكن ماركس فى رده على فيورباخ اضاف ان مهمة الفلسفة لا تتوقف عند تفسير العالم بل ان المهم هو تغييره وان البشرية اذا كانت تحتاج الى عزاء سوف تجد الاوهام التى تستطيع ان تقدم لها العزاء من خلال اعادة انتاج الاوهام ولا يهم ساعتها ان تأخذ تلك الاوهام شكل دينى او فلسفى او شرعية سياسية او حتى "اقتصاد برجوازى" ثم اضاف ماركس مخاطبا فيورباخ : المهم فى النهاية هو تغيير المجتمع الذى ينتج تلك الاوهام ويعيد انتاجها.
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)
|
بدأ كارل ماركس حياته كفيلسوف ومتمرد ثم ما لبس ان اعلن انه قد قام بتصفية حسابه مع الفلسفة فى منتصف اربعينات القرن قبل الماضى، اى القرن التاسع عشر وهو فى العقد الثالث وذلك حتى يلتفت الى دراسة الناس الحقيقيين وظروفهم المادية. قرأ هيجيل اول ومرة ولم تعجبه افكار الرجل حيث وجدها متنافرة ثم قرأ للهيجيليين الشباب ولكنه وجد صوته فى النهاية فى (المخطوطات الاقتصادية والفلسفية 1844م تقريبا).ثم بدأ يخط رؤيته حول مفهوم الاغتراب alienation التى رأى بعض النقاد انها كانت بمثابة المفتاح لاعماله الناضحة فيما بعد، بينما رأى البعض الاخر انه تخلى عن نظرية الاغتراب وذلك قبل صياغة البيان الشيوعى. تفسير الاختلاف بين النقاد يمكن ارجاعه الى حقيقة ان نظرية الاغتراب اصلها (هيجيلى) وما فعله ماركس هو رفع الحجاب الهيجيلى عنها un-Hegelian ما حدث بعد ذلك ان الافكار الاساسية لنظرية ماركس فى (الاغتراب) قد بقيت فى اعماله اللاحقة وهى التى جعلتها ماركسية تختلف عن تلك التى قام بصياغتها فردريك انجلز من اجل الاممية الثانية. يقوم مفهوم الاغتراب عند هيجيل على حقيقة مفادها ان العالم الذى نعيش فيه غريب عنا وهذا الاحساس بالغربة تجاهه هو ما يجعله عدائى تجاهنا، ومن الواجب علينا التغلب على ذلك الاحساس. كان هيجيل قد قدم تفسيره لتلك الغربة وامكانية التغلب عليها فى كتابه الشهير (فينومنولوجيا الروح) حيث يقول فيه اننا نحس بان العالم غريب عنا لاننا لم نستطع ان نفهمه كتجليات للروح، وحينما نستطيع ان نفهم العالم كتعبير عن العقل الكبير فإننا سوف نتمكن من رؤية الواقع كجزء منا وشىء يرتبط بنا. حقيقة ان هيجيل قد صور (الفهم) كنوع من الملكية الفكرية كان تصورا مهما جدا لماركس understanding as intellectual ownership. مفهوم الاغتراب هنا اكثر من مفهوم معرفى حيث يمكن ان تكون الترتيبات السياسية والاجتماعية المفروضة علينا من الخارج بواسطة قوى غريبة قابلة للفهم بشكل سليم. ويكون الفهم سليما فقط عندما يكون الترتيب ناتجا عن استخدام المنطق والسبب product of reason بمعنى اخر يمكن فهم القوى الخارجية بشكل سليم ويصبح قانون صادرا عن الدولة التى نعيش فى كنفها لان سلطته فى النهاية نابعة من الروح اى من دواخلنا وتمثل ارادتنا. وهكذا نلاحظ ان الفهم او الوضوح intelligiblity يرتبط بإستقلالية الانسان autonomy . يمكننا القول ان مفهوم الحرية عند ماركس لا يختلف عن هيجيل من حيث انه عند كليهما يعنى (وعى الضرورة ). مع ملاحظة انها انقلابية عند الاول وتصالحية عند الثانى كما سوف اوضح لاحقا
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)
|
مفهوم الحرية عند كل من هيجيل وماركس مفهوم كلى شامل وتعنى الوعى بالضرورة كما رأينا بعكس مفهومها عند الوجوديين حيث ترتبط بحرية اختيار الافراد. لكن الفرق بين الاثنين يكمن اولا فى حقيقة ان الفكرة اصيلة عند هيحيل وثانيا انها تعنى التصالح مع الواقع الاجتماعى والطبيعى بعد فهمه بينما يعتقد ماركس ان الواقع يقوم على القمع والتزييف ويجب تغييره. ماركس لا ينكر اهمية التفكير والفهم للواقع الماثل ولكنه ينكر على هيحيل الاستكانة للواقع والتعايش معه ويعتقد ان فهم الواقع يجب ان يكون من اجل تغييره ثوريا. هيجيل بالمناسبة لا ينكر قصور النظام السياسى عن تحقيق معاييره الضمنية فى الاصلاح ولكنه كان قلق من حقيقة قيام افراد بإستخدام احكامهم وتقديراتهم الفردية فى امر السعى لتكملة نواقص الدولة على اعتبار انها مهمة مؤسسات تشريعية منتخبة. الواقع ان التاريخ يثبت كل يوم مدى حكمة هيجيل فى هذا الشأن. قام ماركس بنقد هيجيل مدعيا ان نقده يتأسس على العلم والحقيقة ان ادعاءات ماركس بإستخدامه التحليل العلمى للاقتصاد السياسى مع جهله بالاقتصاد فى تلك الفترة الباكرة من عمره لامر يدعو للدهشة! الواقع ان تصفية ماركس لحساباته مع الفلسفة خاصة الهيجيلية مجرد ادّعاء ينقصه الدليل ويكذبه الواقع وان افكار هيجيل وتحويرها هى الاساس فى الماركسية، ف(رأس المال) يعبر عن مواقف فلسفية مسبقة لا علاقة لها بالعلم والحياد المرتبط به فى قضية المعرفة. وقد يتفق الناس و يختلفون حول مفهوم القيمة الزائدة ولكنهم لا يمكن ان يختلفوا على الاطلاق حول حقيقة ان رأس المال يعبّر عن مدى ايمان ماركس فى قدرة العلم والسبب. ان رأس المال ليس اكثر من نقش واثر monument يدل على على مدى ايمان ماركس بقدرة العلم المادى التجريبى على معالجة كل قضايا الواقع الاجتماعى بغض النظر عن صحة ذلك المنهج من عدمه. لذلك اعترف ماركس فى مرحلة لاحقة من حياته بأن هيجيل مفكر عظيم وان نفاذ بصيرته يجب ان يستفاد منه فى تحقيق الغايات التغيير الراديكالى. اعود لمناقشة المفهوم الكلى للحرية عند الرجلين لعلاقته الوثيقة بالبوست وموضوعه
| |

|
|
|
|
|
|
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)
|
معذرة يا صديق لغيابي عن النت لما يزيد عن الإسبوع..وشكراً علي إستمرارك في الكتابة في هذه الشئون الفلسفية التي وسعت من محاور البوست وأفادت متابعيه، وساحاول الكتابة بإختصار في المواضيع نفسها كلما وجدت سانحة هيجل عن طريق تأثيره في نشأة الآيدلوجيتين الوطنية الألمانية والماركسية يستحق بشرف وسام الفيلسوف الذي غير التاريخ العالمي. هيجل وخلفه ماركس هما أول من إتجه نحو التاريخ ليفلسفه ومثل ما لهيجل من فضل في أفكار ماركس ظل ماركس يعترف به علي الدوام فلماركس فضل لا يقل في الشهرة التي حظي بها هيجل، ذلك أن ملايين الشيوعيين وغيرهم تعرفوا على هيجل عبر ماركس، وعبر تلك المقولة الماركسية الشهيرة عن أن ماركس وجد الجدل الهيجلي واقفاً علي رأسه فمشّاه على قدميه.مخصباً الجدلية الهيجلية بأفكار الثورة الفرنسية والأقتصاد الإنجليزي. مشكلة هيجل أنه يلجأ لدرجة عالية من التجريد تصل إلي حد الغموض في عرض أفكاره وربما فلسفته في التاريخ هي الأقل تجريداً من غيرها. يرى الأثنان أن التاريخ يسير بشكل متقدم وجدلي إلي غاية سماها هيجل العقل الكلي (الروح أو الحقيقة أو الله متأثراً بخبرته السابقة مع التصوف) وسماها ماركس المرحلة الشيوعية من مراحل التاريخ، لذا إلتصقت صفة التقدم بالهيجلية والماركسية معاً وإن لم تنجح كلا الفكرتان الوصول إلي تجلي العقل الكلي أو الشيوعية في التاريخ الإنساني حتى الآن الأمر الذي حمل أفكار ما بعد الحداثة للتشكيك في الفكرة ذاتها ومعها كل السرديات الكبرى في التاريخ. فكرة التقدم الهيجلية تتأسس علي إفتراض أن الحياة تتغير بإستمرار تغير ربما لا نراه في مراحله الباكرة إلا عندما تصل تراكماته مستوى القشة التي قصمت ظهر البعير، أي عندما يتحول التغير من تغير كمي لتغير كيفي (مثل الماء الذي يغلي علي النار تزيد درجة حرارته كميّاً بشكل تدريجي لا يُري حتي تصل درجة تعرف بدرجة الغليان، أو درجة التغيير الكيفي لأن إزدياد الحرارة الآن يؤدي إلي فوران يمكن مشاهدته وسماع صوته) وهذا التغير سببه أن اي وضع إنساني أو مجتمع يحتوي في داخله علي عناصر متعارضة (الوضع السياسي السوداني علي سبيل المثال) تجعله وضعاً غير مستقر وإن بدا لنا مستقراً في ظاهره لكنه يحتوي علي عناصر متضادة داخله والصراع بينها يدفعه حتماً نحو التغير أي نحو وضع جديد تسود فيه عناصر كانت ضعيفة أو مقهورة في الوضع السابق مع عناصر الوضع السابق التي تتحول من السيادة إلي التبعية أو من السطح إلي القاع وتبدأ مسيرة البنية الإجتماعية الجديدة مراحل جديدة من الصراع بين العناصرة السائدة في الوضع الجديد وأضدادها بإتجاه توليفة إنسانية جديدة (طور إجتماعي يفرز أضداده التي تدفعه نجو تركيبة جديدة تفرز أضدادها التي تدفعها نحو تركيبة جديدة أخري وهكذا دواليك) مع الإشارة إلي ان أي طور متقدم علي سابقه وأفضل منه. هكذا تفهم الهيجلية والماركسية معاً التاريخ متطوراً بإتجاه العقل والحرية عند هيجل وبإتجاه المجتمع الشيوعي عند ماركس. المسيرة الإنسانية عند هيجل هي مسيرة تطور العقل والوعي الإنساني إلي أعلي درجاه تلك التي تعرف عنده بالعقل الكلي أو الروح الكلي أو الحقيقة الكلية والتي هي أعلي من العقل الفردي (فكرة مستمدة من الصوفية حيث يذوب الصوفي في الله ، في العقل الكلي وعندما لا يفهم السلفيون فكرة الكلية هذه التي يرى فيها الغرقان في الذات العليا كل شيء جزء من هذه الذات فيكفرون ابن عربي عندما يقول ما في الجـُبـّة إلا الله ). مسيرة التاريخ هي مسيرة هذا العقل الكلي بإتجاه عقلنة وتطوير العالم.من الأفكار المهمة التي طورها ماركس عن هيجل فكرة الإغتراب كا عرض لها الأخ طلعت وهي تعبر عن التناقض الذي يعيشه الفرد بين الذي هو جزء منه لكنه يبدو له غريباً عنه ومعاد له، كأن يعيش الإنسان في مجتمع وثقافة لا إنسانية يفشل في التعرف علي نفسه داخلها ويتصادم معها أويعيش فيها كالميت ولا يتخلص من هذا الإغتراب إلا بالإنتباه إلي أن الحقيقة تكمن في الإنتباه إلي صلته بالعقل الكلي الذي يقويه ويحوله إلي مركز الكون والحقيقة، فيتحول من ضحية إلي متحرر متصالح وفاعل في الكون لا مفعولاً به لأن العقل هو كل شيء فقط عندما نتعرف بنفسنا علي حقيقة نفسنا فنصنع المجتمع العقلاني. ماركس أخذ هذا المفهوم ونزله في الفضاء الإقتصادي كناتج طبيعي للإستغلال عندما يكدح الإنسان طول يومه ولا يحصل مما إنتج إلا علي الفتات أي انه يصبح غريباً عما ينتج ويتحول من إنسان إلي لا إنسان والحل أن ينتبه لحقيقة الإستغلال ويثور ضده منتجاً مجتمع الإشتراكية والعدالة الإجتماعية
| |

|
|
|
|
|
|
|