سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 12:21 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-06-2015, 05:41 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: Sinnary)

    للمذهب الوجودى جذور ضاربة فى القدم ويمكننا رصده داخل التيارات الفلسفية التى تقول ان مهمة المعرفة لا تنحصر فى المعرفة التجريبية فقط - اى فى المعارف النظرية - بل ان هناك معرفة اخرى اخلاقية تربى النفس وتهذبها، وهى تعنى من ايام ابوقراط وقبله غذاء العقل والروح او صحة النفس والجسد. المعرفة التجريبية يقول عنها رينيه ديكارت فيلسوف القرن السابع عشر ان المعادلة الرياضية لا تحتاج الى قديس فى حلها. بمعنى آخر المعرفة التجريبية لا تحتاج الى انضباط وممارسات تهدف الى تهذيب النفس والارتقاء بها.
    لذلك اختلف آباء الوجودية فى القرن التاسع عشر وهما كيركيجارد 55-1813 و نيتشة 1900-1844 فى رؤيتهم لسقراط . فبينما كان الاول مدافعا عن قيم وممارسات سقراط ذات الطابع العالمى اى انه قد تجاوز الاخلاق المحلية التقليدية، فإن الثانى كان يلومه على ذلك. ولكن اتفق الاثنين على شىء مهم فى سيرة سقراط وهى المتعلقة بقصة موته حين شرب السم امتثالا لاوامر المحكمة الاثينية التى كانت قد اتهمته بالعقوق وإفساد الشباب. إعجاب كل من كيركيجارد وفريدريك نيتشة بسقراط فى ذلك الموقف يعد ذلك النوع من الاعجاب الذى قد يشاركهم فيه كل الوجوديين ولذلك سوف اقوم برصد خمس مشاريع مشتركة للفكر الوجودى يمكن تساعد القارئة على تمييزه عن غيره من المشاريع الفكرية والفلسفات الاخرى.
    يعتقد كل من كيركيجارد ونيتشة ان كل انسان يمكن ان يقدم الادلة والبراهين مثلا على خلود الروح ولكن التحدى يكمن فى الانتقال والتجاوز للعقلانية والمنطق السائد- اى تجاوز المعرفة الموضوعية التى تقوم على تقاليد المعرفة التجريبية- حيث كان سقراط قد جازف بحياته لمجرد اعتقاده فى احتمال ان تكون الروح خالدة فشرب السم طوعا قائلا لاتباعه: انه ربما كانت هناك حياة اخرى افضل تنتظره.
    هذا الالتزام بالمعرفة او ماعرف بوحدة الفكر والشعور او( الفكر والممارسة) عند المعلم الاول سقراط يعد احد اهم المشاريع الفكرية للوجوديين. فى حين يمكن تلخيص المشاريع الاخرى كالتالى:-
    - الانسانية والخير Humanism يعد شىء مركزى فى الفكر الوجودى ولا يعنى ذلك معاداة العلم على الاطلاق بل يعنى التركيز على الفرد person - centred philosophy وتطوير هويته وافقه فيما يخص معانى الحياة من حوله وذلك على الرغم من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التى تحيط بالفرد التى تحاول ان تفرض عليه الطاعة العمياء والتسطيح حتى يصير جزءا من القطيع.
    - ان الزمن يسبق جوهر الانسان وخلاصته time- bound بمعنى ان الماضى والحاضر والمستقبل يختلف فى معانية وما يحمله من قيم لدى الافراد.
    - الفكر الوجودى هو فكر يضع اولوية قصوى لمسألة الحرية والمسؤولية المتعلقة بإستخدام تلك الحرية Freedom/Responsiblity
    - الاعتبارات الاخلاقية اولوية اخرى وكل شخص يمكن ان يستوعب وان يمارس ما هو اخلاقى فى اطار تلك الحرية والشىء المهم هنا هو ما ينطوى عليه ذلك من تأملات للماضى ومدى (اصالتنا) authenticity كأفرا د وكمجتمع ايضا..

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 04-06-2015, 05:46 PM)

                  

04-11-2015, 06:52 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)

    بعد عرضى المقتضب عاليه للمشاريع المشتركة بين اصحاب الفكر الوجودى ، سوق اتابع نيتشة وذلك بغرض عقد مقارنة مهمة بينه وبين سيرة وافكار سورين كيركيجارد والتى كنت قد فصلت فيها اعلى هذا البوست، وانبه القارىء بالعودة اليها لاننى بصدد ما يجمعه مع فردريك نيتشة رغم ايمانه من ناحية والحاد نيتشة من ناحية ثانية. ثم اعرض للاختلاف الكبير بينهما من جهة وبين كل من سارتر ودى بيفوار من جهة ثانية . وربما استعين بالمفكر كارل جاسبر وملاحظاته الذكية والعميقة فى هذا الشأن.
    ثم بعد توضيح وجه المقارنة واستخلاص معانى مهمة منها اعود لسارتر وكتابه الوجود والعدم Being and Nothingness ليس بالقراءة من ذلك السفر المعقد، ولكن بالاكتفاء بمحاضرة سارتر الشهيرة التى حاول فيها تلخيص افكاره الاساسية وهى المحاضرة التى كان قد قدمها فى 9 اكتوبر 1945م والتى كانت تحت عنوان " هل الوجودية فكر انسانى"
    اهمية المحاضرة لا تنحصر فى محاولاته تلخيص افكاره الاساسية حول الوجودية ولكن فى تصديه للنقد الذى وجهه كل من الشيوعيين والكاثوليك للحركة الوجودية على اعتبار انها بمثابة احياء "للفردانية البرجوازية" وانها اى" الحركة الوجودية" ليست اكثر من نرجسية تحاول ان تمارس تخديرها على الشباب وحرفهم عن النضال من اجل مجتمع عادل!
    اعود كى اتوفر على هذه القضايا المهم ونسأل الله ان يبعد عنا شبح العوارض حتى يتوفر الوقت.
    ولن انسى طبعا ما كنت قد وعدت به بشأن استعراض الوجودية واللغة وتأثيرات البنائية وما بعدها على مستقبل الفكر الوجدى برمته.

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 04-11-2015, 06:57 PM)

                  

04-12-2015, 07:43 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)

    فى بداية مداخلاتى كنت قد نبهت الى الاعتقاد الشائع بأن الوجودية فكر الحادى مع انها تجمع عدد من المفكرين المؤمنين بوجود الله مثل كيركيجارد وغابريل مارسيل وكارل جاسبر وغير مؤمنين مثل نيتشة ووسارتر ودى بوفواروالبرت كامو الخ ..
    إن ما يجمع هؤلاء هى القضايا الخمس التى تعرضت لها بعاليه ولكن تبقى هناك بعض الخلافات المهمة حول مفهوم الحرية واشياء اخرى.
    لا يؤمن فريدريك نيتشة مثلا بحرية الارادة free will لانه يعتقد ان هذا العالم تحركه ارادة القوة والسيطرة will to power بعد ان قرر رفض فكرة وجود اله متعالى يقوم برعاية الخلق ، فقد قرر النظر الى البشر ووضعهم الارضى المحدود وضرورة التمعن فى طبيعة الانسان البشرية ككتلة من الغرائز والرغبات . ولذلك يرفض نيتشة اى خيار او تصرفات تدعى او تزعم انها نتاج (ارادة حرة). وهنا لا بد من التذكير بأن نيتشة يعد احد ثلاثة من اشد المفكرين الذين عرفهم التاريخ تشكيكا فى المزاعم التى يحاول الناس تبرير اعمالهم بها. اما الاثنين الاخرين فهما ماركس وفرويد. ويشترك هؤلاء فى الاعتقاد بأن دوافع الافعال التى تحرك الناس خفية تكمن فى ميكانيزمات غير مرئية فى المجتمع الطبقى (عند ماركس) او فى اللاشعور عند فرويد كما نعلم . الا ان نيتشة كان يرى ان غريزة حب السلطة والسيطرة والحنين الى القوة اكبر الغرائز البشرية على الاطلاق وهى ليست اقل حدة من شهوتى البطن والفرج. ولذلك فهو يعتقد ان القول (بحرية الارادة) مجرد خدعة كبيرة لدرجة انه كان يرى ان التعاليم اليهودية والمسيجية تعبر عن رغبة الكهنوت التى كانت نشأت من طبقة العبيد عند الاغريق والرومان ، فى القوة والسيطرة عن طريق احداث انقلاب فى القيم والمفاهيم لاخلاق السادة، فالتواضع كقيمة مسيحية هو مجرد استبدال لقيم الفخر عند السادة، اما الغيرية كفضيلة والميل لرفض الانانية فهى امتداد للخنوع عند العبيد وهكذا !
    بإختصار يرى نيتشة ان الاخلاق المسيجية مجرد تعبير عن اردة مراوغة تدعى ( الحرية) من اجل تحقيق الخير والحق فى الارض والتمكين له ، ولكنها فى الحقيقة تسعى الى السيطرة والقوة اى انها فى النهاية تعبير عن will to power اى ارادة القوة ولذلك فهو يرى ان اخلاق السادة التى كانت سائدة ايام الاغريق والرومان هى الافضل لانها لا تمارس اى نوع من التقية او "الغتعتة". وهذه الرؤية النيتشوية المدهشة للعالم والاشياء تركت اثرا واضحا عند مفكرى ما بعد الحداثة وربما يكون ذلك ما دفع بمفكر فى حجم واطلاع ميشيل فوكو للقول بأن الاصلاح الجنائى الذى تم للحداثة فى بدايات القرن التاسع عشر يعبّر فى حقيقته و (فى التحليل النهائى ) عن الرغبة فى السيطرة والتحكم فى الشعوب.
    نيتشة كان يرى ان مفاهيم الخير والشر الذى نعرفها عن الدين المسيحى ما هى الا انقلاب على اخلاق السادة التى كانت سائدة ايام الرومان والاغريق لمصلحة اخلاق العبيد، ولذلك كان يدعو الى العودة الى اخلاق السادة والنفاذ الى ما وراء الخير والشر beyond good and evil لفهم تلك القيم والاخلاق التى تدعو الى الجمال والحياة الحقيقية.
    فى سرديته ذات الطابع الرمزى " هكذا تحدث زرادشت" يقوم زردادشت كنبى بتبنى نعاليم ضد مسيحية، وهى محاولة من قبل نيتشة يشير فيها الى امكانية وجود افراد يستطيعون تقديم قيم وتعاليم افضل للبشرية من الديانة المسيحية التى تغلب عليها عقلية القطيع وقد اطلق عبارة "الارواح الحرة" على اولئك الافراد. هنا نأتى الى الاختلاف الجوهرى بين نيتشة وكيثركيجارد من جهة وسارتر وسيمون واخرين لان نيتشة كان يرى ضرورة ان يتحلى هؤلاء الافراد بنبل المولد وجمالية الشخصية ولان الجمع بين النبل والجمال هو عمل فنى رفيع فإن هذه القدرة لا تتوفر ال فى افراد يستطيعون الوقوف فى وجه معتقدات القطيع. هنا نرى اختلاف كبير فى مفهوم الحرية عن سارتر مثلا الذى ظل ينادى بالحرية المبدعة بينما يرى كل من نيتشة وكيركيجارد ان تلك القدرات فى استخدام الحرية بشكل مسؤول لا تتوفر عند الجميع ولكن عند بعض الافراد لوجود خصائص سيكولوجية غير متوفرة عند الاخرين تستطيع ان تمنحهم القدرة على الاستماع الجيد والشجاعة والصلابة فى قول الحق. هنا يبرز تساؤل مهم حول ما كان هؤلاء الافراد او " الارواح الحرة" قابلة للانحراف هى الاخرى نحو السيطرة على الاخرين ؟
    الاجابة عند نيتشة بلا لانه يعتقد ان هذه الشخصيات بحكم " طبيعة " تكوينها النبيل غير قابلة للانحراف.
    وعليه فإذا كانت الوجودية حركة ظلت منذ مولدها تتعلق بالحرية وتدافع عن (حرية الاختيار) وتنافح فى نفس الوقت وبشراسة المفاهيم والفلسفات التى تمجد (الجبرية) فإن ما يقترحه نيتشة هنا قد يبدو مخالفا لذلك الاتجاه القوى لانه يقترح الايمان بالقدر والاحتفاء به a doctrine of fatalism بمعنى آخر فإن نيتشة يتبنى نظرية مفادها اننا نفعل ما هيأ لنا القدر ان نفعل اصلا ، ولذلك قام بإطلاق لفظ التكرار الابدى فى وصف الظاهرة eternal recurrence وهو ينطلق هنا من القول بان خياراتنا محدودة بينما الازمنة مطلقة، وهو يعنى ان ما يحدث مرة يمكن ان يتكرر مرات اخرى بشكل ابدى.
    اعود
                  

04-12-2015, 08:45 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)

    يوجد فرق كبير بين الجبر determinism والقدر fatalism ، فالاول ما ضوى رجعى determinism is retrospective اما الثانى فتقدمى او مستقبلى fatalism is prospective بمعنى ان القدر هو ما مسطر فى كتاب الحياة مما سيأتى من احداث وهنا يدعو نيتشة الى عدم التعامل بإنسحاب وسلبية تجاه المستقبل بل بمحبة وترحيب بكل ما هو آت من اقدار. اما كيركيجارد مثله مثل نيتشة فقد كان ايضا يعتقد فى وجود نوع من التكييف النفسى والاجتماعى يؤثر على الافراد ويوجه خياراتهم المستقبيلية psycho-social conditioning
    لسارتر مقال مهم تحت عنوان " الحرية الديكارتية" يتابع فيها الرؤية النيتشوية هذه ويقول انه فى ظل غياب مفهوم الاله علينا ان نفترض الحرية المطلقة التى نسبها ديكارت الى الله. ومن منظور فيمينولولجى فإن ذلك يعنى ان سارتر يدعو الى ان هذا العالم (الافق الممتد الذى يشكل المعانى داخلنا) هو من خلقنا نحن ونتحمل كل المسؤولية تجاهه. وهنا يعتقد سارتر مثل نيتشة فى ضرورة التركيز على خلق وابتكار وايجاد القيم الاخلاقية التى تمجد الحياة وتصون الانسانية ، ولكنه يختلف عن نيتشة فى الزعم بأن تلك القيم هى نتيجة ما اسماه بالحرية المبدعة creative freedom، إذ بينما يرى نيتشة انها نتاج ممارسة الحرية لمن يسمعون فقط من الافراد او "الارواح الحرة" بحكم جيناتهم الوراثية التى تؤهلهم لمواجهة القطيع. وذلك يعنى ان كل من نيتشة وكيركيجارد رغم الحاد الاول وايمان الثانى يعتقدان فى وجود جبرية نفسية بيولوجية psycho-biological تؤهل البعض فقط فى انتاج القيم والمفاهيم التى تعزز الحياة وتجعلها جديرة بأن تحيا بإنسانية .
                  

04-26-2015, 01:18 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)

    عزيزى ماجد وقارئاته العزيزات
    والقراء الاعزاء
    تحياتى
    أعود لهذا البوست وأعتذر عن الغياب المؤقت بسبب المشغوليات وهو شىء ربما يتكرر
    لذلك سوف اسعى الى نقله انشاء الله يا سنارى الى الربع الجديد من اجل مواصلة تسجيل خواطرى فى هذا الامر الجلل واتمنى ان اجد التفاعل والحوار من الجميع
    خالص المودة
                  

05-01-2015, 06:39 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سياحة ميسرة في بطون الفكر الوجودي (Re: طلعت الطيب)

    جاء فى مقالى الذى كنت قد نشرته قبل أسبوع بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة للمرحوم الخاتم عدلان حول مفهوم الترحيب بالقضاء والقدر fatalism -وهو مفهوم نيتشوى ورد فى مداخلتى السابقة - ما يلى:

    (كان الفيلسوف الجزائرى المولد والفرنسى الأصل البير كامو قد وجد السلوى والعزاء فى أسطورة سيزيف فى دفاعه المجيد عن حرية الإختيار فى وجه الأقدار حينما قضى بأن سيزيف كان سعيدا لقيامه بهذا العمل القاسى والشاق على عكس ما يعتقد الناس، لأنه لم يستسلم للأقدار نتيجة إتخازه لقرار يبدو انه قد إقتنع به، يفيد بأن حمل الصخرة إلى قمة الجبل يعد من واجباته المباشرة رغم انف الواقع المرير، وأن على الإنسان أن يختار المساهمة فى تحسين الاوضاع من خلال الإلتزام بأداء واجبه المباشر . يرى كامو أن معانى الحياة فى هذه الدنيا يصوغها الأفراد وأن مصدر قلقنا يعود إلى أشواقنا فى قيام العالم بمهام رعايتنا بحكم وجود خالق عظيم ورحيم، لكننا ننسى دورنا وواجبنا فى الرعاية والتفكير والبناء والإنجاز، فهذه الخيارات وتلك الإلتزامات تجاه تحسين الواقع المعاش يطلع بها الإنسان فى النهاية، ومن الضرورى تطويع الظروف الصعبة والنضال فى خدمة الخير من أجل تحقيق الأهداف النبيلة للإنسانية. أشك كثيرا فى أن شخص فى قامة المرحوم الخاتم وهو السياسى الملتزم تجاه شعبه يمكن ان يغيب عنه هذا المعنى العظيم الذى إنطوت عليه إسطورة سيزيف فى التراث الإغريقى ، خاصة حينما قام بعقد مقارنة بينها وبين القوى الحديثة فى السودان ، ولما شرع أصلا فى بناء حزب سياسى جديد أهدر فيه طاقات عظيمة يرى البعض ان الخاتم أضاعها، وقد كان الأجدر به أن يتفرغ لكتاباته العميقة فى العقد الأخير من عمره ).

    والملاحظ فى الاسطورة الاغريقية التى وظفها الفيلسوف الوجودى البر ت كامو Albert Camus فى ضرورة التعامل الواعى مع خيارات المستقبل، ان سيزيف كان يطمح فى الخلود من خلال تعطيل ملك الموت ولكن بعد ان اطلقت الالهة سراح الاخير عاد سيزيف الى حقيقة" وجوده" البشرى العابر وبدلا عن الركون الى اليأس ولعن الاقدار فإنه ادرك اهمية الاختيار لانها تشكل مضمون من سنكون. ولذلك قلت ان كامو وجد السلوى فى اسطورة سيزيف لان سيزيف انتقل من عالم الاحلام العريضة الى الامال الواقعية، اى من الامل فى الخلود الى ادراك ضرورة تجويد الواجب المباشر بمعنى ان قيمتنا كبشر تكمن فى قدرتنا على تحمل المسئولية الاخلاقية الملقاة على عاتقنا بكل بصيرة وانفتاح. الانفتاح نحو اللحظة الراهنة وعدم الاغتراب عن الواقع الراهن هو ما يمكن ان يجمع الناس حول ما هو مفيد لايختلف فى ذلك المؤمن عن الملحد.

    إن ما يشتت انتباهنا عن معنى وجودنا ويبدد احساسنا بذلك الوجود (فيما لو استخدمنا تعبيرات هيدجر)

    هو الركون الى مفهوم التدين او الالحاد الذى لا يقود الى الالتزام باللحظة الراهنة وانما يتعامل معها من خلال نصوص من الماضى مع انه ليس هناك نص( اصلى) فكل نص يعد تأويل لنص اخر وهكذا فيما لو استخدمنا هنا مفهوم نيتشة عن التأويل واستثنينا النصوص المقدسة.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 2 „‰ 2:   <<  1 2  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de