اليوم .. أنعى لكم .. أمى

Quote: حتى صباح الجمعة الحادى والعشرين من رمضان حين صحت أمى ( حاجة الرسالة)وقالت لمن حولها أنا اليوم ..( خاترة ) - سأفارقكم- .. فأوصيكم بالثبات وبالصبر وكانت قد أمرت بتوزيع كل ما بحوزتها من متاع الدنيا لارامل وأيتام حددتهم بنفسها .. وأصرت على ان توزع كلها وحينما طلب إليها أن تبقى بعض ما أوصت به للغد قالت لها إنكم لن تستطيعون ذلك غداً..

Quote: لها الرحمه والمغره ولكم الصبر وحسن العزاء انا لله وانا اليه راجعون

Quote: اخي الحبيب اباذر المنا في أخر محادثة لي معك بعد رجوعك من سويسرا اخبرتني انها معك في الخرطوم وانها بخير هل رحلت حمامة البيت .. وردة مرابيع ود اللبيح؟ .. رحلت ست الحبايب رحل الصوت الدافئ الحنون رحلت امنا حاجة الرسالة؟ .. رحلت من كانت تسهر الليالي بطولها لتتأكد من أننا قد أوينا الي فراشنا هل رحلت من كانت تطعمنا اكلتنا الحبيبة من يديها الطاهرتين (الفطير باللبن) قبل ان تتدثر بغطائها ؟ هل رحلت ام علي وعبدالرحمن ومصطفى وابازر رحلت من ختمت بالطاهر.. هل شبع الطاهر من حلو حديثها هل اصبحت تلك الراكوبة خاليه .. ماذا سيقصر علينا ليالينا الطوال اذن.... لمن نقطع الفيافي بعد الآن من سيصحبنا بعد الآن في طريق عودتنا الي الخرطوم - مقدما - الى بص الخرطوم وفي معيته الكعك والبسكويت من سيبكى لمرضي بعد الآن اذ ما ذهت لديار المرحوم/ حاج المنا محمد اللقي من سيسقني الحرجل والحلبه اذ ما عاودتني الام البطن من سيقص علينا حكاوى الماضي من سياخذنا بين جنحات الجزيره آبا وكوستي والشوال وافراح الماضي من من سيستقي الاحفاد يا اباذر- بعد الان - الاحاجي..العادات والتقاليد.. العفة والكرم .. الهشاشه والبشاشة تألمت كثيرا زرفت الدمع غذيرا بغير حدود قاصت الكلمات في باطني ولم اجد سوى زكريات باقيات .. كل ما جاريتها ساقتني في ردهات محزنات كل ما فيها اشباح ابتسامات لامي الثانية وهي تخفف عني كما كان دأبها وان مايزيد حزني ويأجج مآقي انني هنا بعيدا عنكم لا اجد من يعزيني سوى كلمات اسفيريات على هذا المنبر وانا الاحوج لمن يعانقني يعاضدني ويكفف دمعي انا المبهوت اخيرا بحقيقة الموت وشدة الحزن والذي يتعذب في ايام العيد هذه ومثيلاتها تلك التي كنا نقضيها بعيدا عن صخب الاذاعة السودانية في كنف مصون محبورين بالبادية ونتزود بسمنها وفي جنباتها لنعود الي امنا وفي خاطرنا الكثير من حلو الكلام وصالح الدعاء .. هل ان الاوان لتفارقنا ان العين لتدمع .. وان القلب ليحزن .. وانا لفراقك .. يا امي .. لمحزونون ويستحضرني القول كل ابن انثى وان طلت دياجره يوم على الة حدباء محمول والقول تزود من التقوى فانك لاتدري اذا جن ليل فهل تعش الى الفجر فكم من صحيح مات من غير علة وكم من عليل عاش حينا من الدهر وكم من صبي يرتجى طول عمره ولقد نسجت اكفانه وهو لا يدري وكم من عروس زينوها لزوجها ولقد قبضت روحها ليلة القدر ان الطبيب بطبه ودوائه لا يستطيع دفع نحب قد اتى مال الطبيب يموت بالداء الذي قد كان ابرأ مثله فيما مضى مات المداوي والمداوى والذي جلب الدواء او باعه ومن اشترى قل للطبيب تخطفته يد الردى يا شافي الامراض من ارداك ليس هنالك من شئ صالح يمكن عمله غير عمرة في ليلة 27 رمضان هذة .. نهبها ونحتسبها عند الله لروحها الطاهرة واني انشاء الله لفاعل قبل ان احادثكم فأرجوأن تتقبل مني هذة الكلمات لحين الاتصال باذن الله اللهم ارحم امي حاجة الرساله بقدرما تنفست ..اللهم اجعل مقامها جنات خالدات .. اللهم تقبلها قبولا حسنا وابدلها دارا خير من دارها و أهلا خير من اهلها الهم اجعل قبرها روضة من رياض الجنة واجعل شفيعها المصطفى صلى الله عليه وسلم .. وانا لا نغلي علي الله ثمنا ولا حول ولاقوة الا بالله العظيم وان مصابنا لجلل وعزاؤنا انها ذهبت للقاء الاعظم انه روؤف رحيم وبشر الصابرين الذين اذا اصابنهم مصية قالو انا لله وانا اليه راجعون وكفى اخوكم المكلوم القاسم سيد احمد

Quote: [اللهم اغفر لها وارحمها .. اللهم تقبلها القبول الحسن .. اللهم وسع لها في قبرها ونور لها فيه .. واجعل قبرها روضة من رياض الجنة يا حنان .. اللهم ألحقها بعبادك الصالحين في وارف الجنان .. آمين]

Quote: اللهم ارحم حاجة الرساله بقدرما تنفست ..اللهم اجعل مقامها جنات خالدات .. اللهم تقبلها قبولا حسنا وابدلهادارا خير من دارها و أهلا خير من اهلها اللهم اجعل قبرها روضة من رياض الجنة واجعل شفيعها المصطفى صلى الله عليه وسلم .. وانا لا نغلي علي الله ثمنا ولا حول ولاقوة الا بالله العظيم

Quote: أحبابى .. وإخوتى ..على مدى السنوات الطوال التى أمضيناها هنا.. نتقاسم لحظاتنا أتيتكم اليوم.. وأنا أحمل فى قلبى .. حزناً ثقيلاً علمت دونه .. أن ماكنت أحسبه حزناً كان لا يساوى شيئاً للحزن الذى فى ضيافتى الآن.. الآن.. أحس أننى أدور فى كل الإتجاهات .. بلا بداية أو نهاية لقد مضى زمان (كنت لم أزل فيه طفلاً) حين كانت أمى هنا .. أهرب إليها بشىء وبلا شىء حتى صباح الجمعة الحادى والعشرين من رمضان حين صحت أمى ( حاجة الرسالة)وقالت لمن حولها أنا اليوم ..( خاترة ) - سأفارقكم- .. فأوصيكم بالثبات وبالصبر وكانت قد أمرت بتوزيع كل ما بحوزتها من متاع الدنيا لارامل وأيتام حددتهم بنفسها .. وأصرت على ان توزع كلها وحينما طلب إليها أن تبقى بعض ما أوصت به للغد قالت لها إنكم لن تستطيعون ذلك غداً.. الثامنة صباحاً يوم الجمعة.. صحوت -بعد غفوة صلاة الفجر- على صوت الهاتف.. وسمعت ما خشيت سماعه طوال حياتى.. الحاجة توفيت .. الآن.. بكيت .. ولم أشبع من البكاء.. ولن أشبع لأول مرة.. أدرك أن الموت عالم جميل .. ( طالما يأوى إليه أعز الأحباب) لم أعد أنظر إليه تلك النظرة الغريبة والمرعوبة بل أظنه غير ذلك عدت الأمس بعد إنقضاء أيام المأتم - للخرطوم لأمر عاجل- أعود بعده فبدأت الأمور تختلف كثيراً .. إعتدت أول ما أعود بسيارتى من النيل الأبيض للخرطوم اول ما أفعل ..أذهب لسريرى .. أتمدد وأتناول هاتفى لأتصل على أغلى الحبايب .. أمى .. وصلنا بخير .. والان داخل البيت فتقول : بركة الوصلتو طيبين أولادك لعلهم ما تعبو لا الحمد لله خلاص يمه بعدين بتصل عليك وكل مساء أتزود من ذلك الصوت الحنون النقى ما يمسح عن جبينى عناء ومرارات الحياة وأهلها لكننى حينما عدت بالأمس وأويت للسرير لم أجد من أهاتف فبكيت وبكيت ومازلت لا أرتوى وما أظننى وأشياء كثيرة .. دقيقة لا أحسن التعامل معها حتى الدعاء الذى حفظته عمرى فى سجودى وقيامى أول ما أنطق فيه هو اسم أمى لكننى لا أستطيع أن أبدل أى شىء الكثير فى نفسى لكن الكلام يتزاحم مع الأحزان فى صدرى فلا أقدر على سرد الآلام .. ربما بعد حين دعائى: اللهم إنها ضيفتك وأنت أكرم الأكرمين فأنزلها منزلة الشهداء والصديقين والأنبياء وحسن أولئك رفيقاً أللهم أحفظ للجميع أمهاتهم ولا تحرمهم منهن أبداً.. أبداً أبو الســـارة