:: ومن وعود السماء لأهل الأرض، فأن من عاش للناس (سكن قلوبهم) و(كسب حبهم) و(انتزع تقديرهم).. تلك هي أثمان التضحية والإيثار في الدنيا، وما بالآخرة خير و أبقى .. والسادة الأطباء - عبر لجنتهم التي شكلتها أوجاع الناس وتردي المشافي - عندما توقفوا عن علاج الحالات غير الطارئة إحتجاجاً لنواقص هذا العلاج، لم يتحدثوا في مطالبهم عن الحد الأدنى أو الأعلى لأجورهم.. لم يتحدثوا عن تحسين أجورهم، رغم أن الحد الأعلى لأجورهم أدنى من أجور بعض العاملات الأجنبيات في بيوت الخرطوم..!! :: (علاج الحالات الحرجة والأطفال دون سن الخامسة مجاناً)، هذا ما تم الإتفاق عليه (أولاً)، وكان في صدارة مطالب المذكرة ..نعم، هناك شعارات وتوجيهات وقرارات مركزية بمجانية علاج الحالات الطارئة والأطفال دون سن الخامسة، ولكن هل كانت هذه الشعارات والتوجيهات والقرارات واقعاً في المشافي وأقسام الحوادث؟..أهل مكة - وهم الأطباء - أدرى بشعابها..أي لعلمهم بأن الشعار شئ والواقع شئ آخر، طالبوا بمجانية الطوارئ والأطفال دون سن الخامسة، ثم ألزموا بها رئاسة الجمهورية..!! :: ثم تهيئة أقسام الحوادث بحيث تكون نموذجية في تقديم الخدمات كانت مطلباً أساسياً..وأن تبدأ التهيئة - عاجلاً - بحوادث مشافي البان جديد و الشعب و البلك و التركي و بشائر بالخرطوم، ثم حوادث مشافي كل عواصم ولايات السودان..( 22 مستشفى)، على مستوى السودان، يجب أن تهيئة أقسام حوادثها بكل الأجهزة والأدوية والكوادر - المنقذة للحياة - بحيث تقدم أفضل الخدمات العلاجية للمرضى..وأمام أساتذة أطباء اللجنة، إلتزمت رئاسة الجمهورية بهذه التهيئة، وألزمت بها وزارة الصحة..!! :: وبالمناسبة، لقد بدأت تهيئة بعض أقسام حوادث الخرطوم قبل إستلام المذكرة ورفع الإضراب.. ومنذ منتصف أسبوع الإضراب، وحتى مساء الخميس الفائت - حيث كانت حوادث مستشفى أمدرمان على موعد مع ثمار الإضراب - يتم توزيع الأجهزة والمعدات والمستهلكات الطبية في أقسام حوادث مشافي الخرطوم .. بالدفارات، يتواصل الشحن من المخازن ثم التفريغ في المشافي ..وكذلك منذ منتصف أسبوع الإضراب، شرعت وزارة العدل في إجراء الدراسة الفنية لإصدار قانون يتعلق بالمسؤولية الطبية، وفيها فصل لتوفير الحماية للطبيب أثناء آداء الواجب..!! :: كل هذه المطالب، وأخرى ذات صلة بعقودات التدريب والإبتعاث، وافقت عليها رئاسة الجمهورية وألزمت بها السلطات الأخرى بحيث تكون واقعاً في حياة الأطباء ومرضاهم خلال هذا الأسبوع، وهي مطالب كان يمكن تحقيقها - خلال أسبوع أيضاً - قبل هذا الإضراب بسنوات.. قانون المسؤولية الطبية لم يتنزل من السماء، ولا كانت مخازن أجهزة ومعدات الحواث بالثريا، ولكن للأسف لم تكن على دفة القيادة التنفيذية والنقابية روح القيادة المسؤولة التي تجلت وأضاءت فضاءت مستشفى بحري حين إحتشدوا وبادروا بالغضب المشروع..!! :: وإن كانت ثمة دروس، فأن الحمقى الذين إعتدوا على الأطباء يجب أن يعلموا بأن تلك الحماقة أخطأت الهدف وأصابت من أضرب عن العمل ( عشانك)، وليس لزيادة راتب لا يكفي ( قوت أسبوع)..وكذلك إتحاد الأطباء قد تعلم بأن الطبيعة لا تقبل الفراغ و (الخنوع)، وأن رحم القيادة في هذا القطاع حبلى بشباب يبادر ويضحى ويتعرض للمتاعب، ليس طلباً للثروة والسلطة (وزارية كانت أوالنقابية)، ولكن في سبيل علاج أطفال بلادهم مجاناً، وفي سبيل توفير الأجهزة و المعدات والأدوية المنقذة لحياة مرضى بلادهم..وهكذا أزمات بلادنا، فان كل أزمة تخبئ في ثناياها (المكسب الأكبر)، أي صٌناع الغد الأجمل باذن الله..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة