مرة أخرى و صلت الأمور الى عنق الزجاجة وأدركت قمة الهرم السياسي عليهم الجنوح للمصالحة بدلا من سياسة المواجهة و التصدى والإصرار على الإنفراد بالسلطة و التى بدأت بإنقلاب الفريق إبراهيم عبود و تلاه المشير جعفر نميرى . وأدناه قائمة بأوجه الشبه بين النظام الحالى و السابق : 1. إسقاط السلطة الشرعية السياسية بالقوة والإصرار على الإنفراد بالسلطة بواسطة مجموعة من القيادات العسكرية الموجه بواسطة قيادات من الأحزاب السياسية والتى لاتؤمن بالديمقراطية كنظام وممارسة للعمل السياسي ، وهذه الإنفرادية بالسلطة أدى بطريقة تدريجية الى تمركز السلطة فى قمة الهرم السياسى. وتمركز السلطة فى قمة الهرم السياسى يعنى الجمع بين سلطات الدولة الثلاثة الرئيسية: التنفيذية و التشريعية و القضائية. وهذا التجميع للسلطات يسلب الشعب حق التحقق والمحافظة على التوازان فى إتخاذ القرارت بواسطة قمة الهرم السياسى والذى من المفترط ان يكون ممثلا لإرادة الشعب وتطلعاته ، و هذا إضافة الى التخبط الإدارى و السياسى والإقتصادى وأتخاء قرارت غير مدروسة أو عقائدية و ظهور مراكز قوى لها قدرات تهدد بقاء قمة الهرم السياسى نفسه وإضافة الى خلق البيئة الخصبة لنموالثقافة الإنتهازية و تغلغل الإنتهازيين النفعيين حول مراكز و شخصيات أصحاب القرار النهائى. 2. جعل الولاء لإيدلوجية النظام الحاكم أساس المواطنة. 3. الجنوح للحرب و العنف و تهيئة البيئة والمناخ لسفك الدماء والتعذيب وتشريد ملايين الأسر . 4. غياب الرقابة و المحاسبة على تصرفات المسؤليين وثروات البلاد. 5. تبديد جل إمكانيات الدولة فى خدمة إهداف عقائيدية وفكرية وسياسية لا يعود بالنفع للمواطن. 6.غياب الدراسة و التخطيط الممنهج للتنمية و التنمية المستدامة 7. غياب موازنات هادفة لتغير حياة الناس . 8. إعادة صياغة مجموعة من الشباب و تدريبهم على العنف واللاتسامح والولاء للفكر أوالعقديه أوالأثنيين معا بدلا عن الوطن و المواطن وإحتياجاته وترقية النفس البشرية وتدريبها على القيم الإنسانية النبيلة و التى يتربح على عرشة التسامح. الحوار الوطنى هو المخرج السلمى الوحيد للنظام الحالى للمرور من عنق الزجاجة بسلام والوقوف على اعتاب مرحلة جديدة. و أعتاب هذه المرحلة الجديدة هى فرصة لتحديد معالم مستقبل السودان - والذى أصبح اقل عددا و أصغر حجما و أكثر اعداء - و لكى نستفيد من أخطاء الماضى و إقتلاع جذوراللآتسامح والذى نمى منذ الإنقلاب العسكرى الثانى – إنقلاب الرئيس الراحل جعفر نميري -. ولا يفوتنى أن أذكر هنا مقولة المفكر الهندى جيدو كيرشنمارتى و الذى ولد فى الهند فى 1895 و توفى فى 1986 " مافعله الإنسان بأخيه الإنسان لا حدود له – من تعذيب و حرق بالنار و قتل و إستغلال بشتى الطرق منها الدينى و السياسي و الإقتصادى ، الذكى يستغل الأحمق الجاهل" . هذا وقد أعتقد هذا المفكر و طالب بالتغيير الجذرى فى مفهوم البشرية و فى هذا السياق و ضع الأهداف التالية :: الإهتمام بحقوق الآخريين ضرورة السلوك التسامحى عند الإختلاف فى وجهات النظر و الثقافات و المعتقادات اداء المهمام الإجتماعية بمسئولية ووعي وإدراك ترجمة حقوق الإنسان الى واقع إجتماعى
و لتحقيق هذه الأهداف يرى المفكر و جود القيم التالية: نبذ للنعنف بكل أشكاله الرحمة التعاطف الإتزان
ويمكن إيجاز مصادر اللاتسامح فى الآتى: العنف و ثقافة العنف اللجوء للعنف لحسم النزاعات أو الإختلاف فى وجهات النظر أو تسترا أو لنشر الفذع و الخوف ، وكل هذا هى أساليب قمعية لم تجد القبول و الإستمرارية فى التاريخ البشرى والأمثلة كثيرة والسيرة وأبطالها يصبحون جزء مظلم فى تاريخ الشعوب و جرح ينزف لمن طالهم وأهليهم الأذى المباشر. المطلوب هو إستبدال قيم العنف والعدوان بقيم التسامح والإحتكام للعقل والقانون و القيم الإنسانية ، و كما جاء فى محكم كتابه،" وتعاونوا على البر و التقوى و لاتعاونوا على الإثم و العدوان و أتقوا الله ان الله شديد العقاب" ص.. الولاء القبلى الولاء للقبيله و العشيره أصبح فوق كل ولاء – دين وطن وقيم انسانية – و المطلوب هو إستبدال القيم الإجتماعية على أساس الإنتماء الإنسانى . و هذا وقد جاء فى محكم كتابه " لقد كرمنا بنى آدم و حملناهم فى البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا". سوف يحاسب الإنسان فى نهاية حياته على هذه البسيطة كفرد إنسان و ليس بإنتمائه القبلى و هذا ما أكده الله سبحانه و تعالى فى محكم كتابه ، " وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه و نخرج له يوم القيامه كتابا يلقاه منشورا أقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه و من ضل فإنما يضل عليها و لا تزر وازرة وزر اخرى و ماكنا معذبين حتى نبعث رسولا. الولاء للوطن و القيم الإنسانيه لايعنى إسقاط الولاء للقبيله أو الدين و لكن يجب اعادة صياغة القيم حتى لاتتعارض مع روح التسامح والقيم الإنسانية.
سيادة القيم القيم هى المعايرالأخلاقيه للسلوك الإجتماعى للفرد و هذه القيم تتوارث من جيل لجيل ليصبح إعتقاد جازم وتتأصل فى الصغار عن و بالتالى تمارس روح اللاتسامح ، و ترجع هذه القيم لمصادر قبلية او دينيه او عرقييه أو سياسه .. الخ . التطرف الدينى التطرف الديني يرجع الى قراءه و فهم متحيز للدين لنتيجة لتعدد التفاسيروالمرجعيات، لذلك يعتبر التطرف الدينى من أخطر منابع اللاتسامح بالرغم من أن قمة التسامح يتجلى فى كل الأديان السماوية، ففى الدين الإسلامى آيات عديدة أذكر منها الآتى: “لاإكراه فى الدين" سورة البقرة " " "أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" سورة يونس " "قل الحق من ربك فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا" سورة الكهف. الإستبداد السياسي لايمكن إشاعة روح التسامح فى ظل نظام سياسى يتفرد بالسطة و يمارس الإستبداد و القمع و الوصاية على مصير وطن بأكملة بدون وجه حق .
التطرف الدينى التطرف الديني يرجع الى قراءه و فهم متحيز للدين لنتيجة لتعدد التفاسير و تعدد الآراء الفقيه ، بالرغم من قمة التسامح يتجلى فى الدين الإسلامى من خلال آيات عديدة أذكر منها الآتى: " لاإكراه فى الدين" سورة البقرة " " أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " سورة يونس " " " قل الحق من ربك فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا" سورة الكهف
موضوع اللاتسامح اوإنتشار ثقافة العنف هما ظاهرتين دخيلتان على السودان وذلك لأن السودانيين معروفيين بالتسامح والطيبة و عليه يجب أن تجد هذه الظاهرتين الدراسة الجادة ووضع الآليات الفعالة لإستئصال جذوره و إستبداله ببذور التسامح و القيم الإنسانية الأخرى . و نحن أعتاب مرحلة جديدة و فرصة أخرى للسودان و أهل السودان - و قبل أن تحملنا نشوة الفرحة – يجب أن نضع معالم واضحة لكيفية إدارة دفة السودان بكل أوجهه و نحرص كل الحرص حتى لا نترك أية مبررات لإنقلات عسكرى فى المستقبل ونضع قواعد البنية التحتية للنظام الدميقراطى بالتدرج حتى نفوت الفرصة للإنتهازيين لإجهاض الجهود فى مهدها. يجب أن نفكربعقل وبعيدا عن أجندتنا الحزبية وتطلعاتنا الفرديه ، للإتفاق على ما سيكون عليه السودان بعد الحوار الوطنى . فى هذا المقام أقترح الآتى: 1. إعداد دستور ينشد الحريه و المساواه والعدالة . 2. بناء نظام ديمقراطى قائم على تداول السلطة و بسط سلطة القانون على الجميع وآليات فعالة للمحاسبة والرقابة .وجعل حق المواطنة هو أساس الحقوق و الواجباب.
3. إعادة تشكيل نظام الخدمة المدنية على أساس الكفاءة و الفعالية و المحاسبة و الرقابة.
4. إلتزام و تعهد الأحزاب السياسية عدم تسيس الجيش كساحة لحل النزاعات أو الإنفراد بالسلطة ،مع وضع آليات لمنع مثل هذه الإحتمالات.
5. إلتزام و تعهد الجيش بحماية الدستور و مؤسساته و أستقلال و أمن البلاد. مع وضع برامج لكيفية إستغلال إمكانيات الجيش فى أوقات الكوارث و تقديم خدمات تقرب أفراد الجيش من المواطنيين فى المدن و القرى ..الخ. 6. إعادة ترتيب نظام التعليم لبناء (وليس لتلقين) الإنسان السودانى المتطلع و المدرك لواجباته الشخصية و الوطنية و الإنسانية. و أن يكون هذا النظام مربوط بنظام التنمية و إحتياجاته. وهذا إضافة الي ترغيب مهنة التدريس و سط الشباب بتقديم حوافز وظيفية مادية و عينية مغرية .
7. إعادة نظام الإدارة الأهلية على أسس يضع في الأعتبار التغيرات التى طرأت على الساحة السياسية و تركيبة المجتمع السودانى و على نظام رموز الإدارة الأهلية . ثمانين فى المائة من أهل السودان يعيشون فى القروى و مازالت روح القبلية هى اساس الحياة الاجتماعية.
8. تشجيع و دعم إنشاء المؤسسات المدنية لإنجاح ممارسة التجربة الديقراطية و دعم التنمية.
9. إعداد خطة تنمية إقتصادية شاملة وطويلة المدى لنقل السودان من المجتمع القروى الى المدني فى كل أوجه حياة الناس و البلد.
10. إنشاء معهد لتدريب و تأهيل ممثلى الشعب لكيفية ممارسة العمل السياسى و فهم طبيعة عملهم و عمل الدواوين الحكومية و النظام السياسى ونظام الموازنة العامة والدستور ، وذلك لتحقيق الغرض الذى من أجله تم ترشيحه مغ وضع نظام للرقابة و المحاسبة.
11. خفض حجم الدوائر الحكومية و عدد الولايات و تسهيل إجراءات الخدمات الحكومية لتسهيل حياة الناس و أصحاب الأعمال و المستثمرين.
12. لضمان الولاء و بسلط القانون يجب تحفيز نظامى الجيش و الشرطة بحوافز مادية سخية : رواتب سخية و دعم شراء مساكن و مركبات خاصة و نظام تقاعد مشجع و التأمين الصحى و نظام تعليم لابنائهم حتى المراحل الجامعية ..الخ.
13. تأسيس نظام إدارة الأعمال الصغيرة كجزء من برنامج التنمية الشاملة وتقليص حجم الدوائر الحكومية و تشجيع تأسيس المؤسسات القومية التجارية لأستغلال ثروات البلاد وفتح فرص للمواطنين لإستثمار ودائعهم و ذلك في إطار إستنفار الثروات المجمدة فى ايدي المواطنين و خلق نظام تقاعد و ذلك لتحرير الناس من الإعتماد على أبنائهم .
14. الإستفادة من تجربة جنوب أفريقيا - بالعفو عما سلف - على شريطة أن يعرف الشعب ماذا حدث و كيف حدث وذلك لكى نتجنب شر ما حدث فى المستقبل . 15. السماح للحكومة الحالية لقيادة الفترة الإنتقالية بعد إنتهاء فترة حكمها و ذلك لإرساء قواعد النظام الديقراطى القائم على تداول السلطة .
16. الإستعانة بالعلوم المجربة و الطرق العلمية المتعارف عليها فى تسيير إدارة البلاد ، مع الوضع فى الإعتبار على خصوصية الثقافة و البيئة فى الواقع المعاش.
17. مساعدة جنوب السودان فى الإستقرار وبناء دولتهم وتغيير الصورة السلبية عن السودان فى أذهان المواطنين فى جنوب السودان.
18. تكوين لجنة قومية لدراسة الماضى بطرق علمية و بواسطة مختصصين سياسيين و مهنين و حكماء لمعرفة أسباب الإخفاقات المتكررة و تحديد كل التجاوزات السياسية و الإقتصادية و المالية و الثقافية الخ... - ووضع الأنظمة الواقية للمستقبل - ليس بغرض التشفى والإنتقام ولكن لمعرفة الدوافع و إستقاء العبر و المواعظ و لتربية الأجيال القادمة على ضوءه . واذكر فى هذا المقام تجربة جنوب أفريقيا و التى إشترطت الأعتراف و التأسف .
19. إعادة السياسة الخارجية لما كانت فى عهدها السابق قائم على الإحترام المتبادل و المنفعة المشتركة و يقودها مهنيين يتدرجون فى سلم الدبلوماسية بدون إستسناءت .
20. إعداد برامج تعليمية و تدريبيه معدة بمهنية عالية لصقل البراعم و الشباب على القيم الإنسانية و أفراد الجيش و البوليس و منسوبى الأمن الوطنى .
لقد مضى من إستقلال السودن أكثر من ستة قرون و نحن مازلنا بدون إجماع سياسى و إهدار للثروات و إخطاع للسودان لنظريات عقائدية و فكرية غير مجربة و إصرار على الوصاية العقائيدية و الفكرية على شعب لاحول و لاقوة له و إصرار على الهوية بالرغم من أن السودانيين لم ينكروا أثر الثقافة الأفريقية و العربية و الدين إلاسلامى على المواطن السودانى مهما كان موقع رأسه و لغة لسانه و سحنته . أنا أقول من هذا المنبر - يخرص من ينكر أثر الثقافة العربية و الدين الإسلامى على السودان - و لكن بنفس النبرة يجب أن لا ننكر هوية الاقليات والأخرى ، وأن نجتمع على رفض الجهويه و الهيمنة العقائدية و الفكرية . . الديقراطية هو المخرج مهما طال الزمن ونتطلع لنعيش فى بلد يسود فيه دولة القانون و القيم الإنسانية و يحمل فيه أفراد الجيش و البوليس والأمن غصون الزيتون بيد والبندقية فى اليد الأخرى. أرجوا ان تعذرونى إن تخلل هذا العمل خطأ أو تعدي غير مقصود. هذه مشاركة بسيطة و متواضعة لأهلنا فى السودان و الذين يحملون هم هذا الوطن المهمل من قبل أبناءه الباحثين عن مجد لذاتهم الفانية. الله ولي التوفيق ، ماهر هارون – محاسب قانونى. mahir@mahirharoun,com
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة