بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين مدينة بارا – الجزء الثالث من مذكرات سيد الحاج مدخل المدينة
سأتحدث إليكم اليوم عن مدخل المدينة ... الماضي والحاضر (1) سوق الذهب ببهجته ورونقه وبهائه (2) زريبة المحصول قلب بارا النابض وعزمها الناهض (3) مع سرد سريع لمواقع مختلفة
سأحدثكم كيف كانت هذه الساحة (الجناح الغربي للسوق) التي دار عليها الزمان فكدر طبعها وغير وضعها وبدد نظامها فصارت كما ترون من البؤس والفوضى والإزعاج ونفايات الحديد المصدي بمكان محزن . فمات في المارة أدراك الجمال وتفه في ذوقهم طعم الوجود وصار ابن البلد يتوارى خجلاً أمام السائح الذي كان يسمع (بالمعيزي خير من أن يراه) فهل تطمئن مع هذا الحال نفس ؟ وهل تشرق فيها سعادة ؟ .ماذا دهى المدينة وأصاب المحافظ ؟ أين ضباط المجالس أين المفتشين أمثال إبراهيم يوسف شقيق الإذاعي اللامع أبو عاقلة يوسف ؟ أين الإداري الكفء عثمان عبد الرحيم أين بله وبشير كرسي وأين أين الشاعر المرهف كامل عبد الماجد النموذج المثالي الذي شمر عن ساعده وأقسم يوم دخوله المدينة (وكأنها مسقط رأسه) إنه سيساهم في إرساء دعائم النهضة والبناء ليعيد للمدينة مجدها وتاريخها . وكيف وأين ومتى ولماذا ومن ؟ !! وبلهجة أهلنا القرويين في الضواحي (دا ياتووا والقال منووا وفي شان شنووا) (الواو الثانية عليها فتحة) . يقع هذا الجزء من السوق على الشارع الرئيسي لمدخل المدينة التي تحفه أشجار الجميز الضخمة التي ترشق الشمس بأشعتها ظلالها الندية في رونق الضحى ومتون النهار . ويمثل هذا الشارع بسمة الاستقبال المريح للزائر القادم للمدينة من عاصمة ولاية شمال كردفان - الأبيض . يبدأ الشارع انحداره نحو المدينة من تلال قرى (مليحه) الوادعة الحالمة وهي تضوع بودق المطر ونسيم الدعاش الأريج ، فينتعش الهامد ويتنفس المكروب (بفتح الميم) السواقي تنوح والحقول منبسطة على مد الطرف في الخريف . يقابلك عند مدخل المدينة ذلكم الأثر الضخم والتاريخ الحافل حوش في مساحة دار الرياضة الخرطوم وفي هيبة القصر الجمهوري – هذه كانت دار ناظر البلد اسحق شداد . غشاها الدمار الذي أصاب الكثير من البيوتات العريقة للذين فكروا وقدروا وقرروا أن يورثوا أبنائهم العلم لا المال فهرعوا يتنافسون لدخول كلية غردون وعند الاستقلال احتلوا المناصب الرفيعة في الدولة وبذلوا المال في عمارة الخرطوم فتصدع بنيانهم من خلفهم ومال إلى الزوال ، ومن جهة الغرب يقع حي المواليد من آل يعقوب والروبي من ذوي الأصول التركية ونواصل المسيرة نحو الشمال مروراً بمحكمة الاستئناف العليا يقابلها من جهة الشرق مركز بحري كردفان الذي شهد كسر قلم ماك مايكل تنتصب أمامه السارية (أ) و (ب) اللتان كانتا تئن غيظاً من حمل علمي الحكم الثنائي. جنوب هذه المنطقة يقع نادي الخريجين ونادي التنس الشهير ومن جهة الشمال ترى مسجد السوق الكبير وبين النادي والمسجد ينبهر السائح عند رؤية أكبر شجرتين في العالم وتراه يسبح بحمد فاطر السماوات والأرض عندما يرى ان الشجرة التي يمتد فرعها الضخم طويلاً تسقط من تلقاء نفسها جزعاً هو أشبه بالعمود يستقر على الأرض لكي يساعد الشجرة في حمل ذلك الفرع الضخم ويجنبه الانشطار من الشجرة الأم .
سوق الذهب هذا هو جناح الصاغة ببهجته ورونقه وبهائه وجهاً مضيئاً بالأمل والطموح ويزيد إشراقاً ونضارة ليلاً عندما تضاء المصابيح (الرتاين) آنذاك في فترينات عرض الذهب والفضة والعاج . كنت تحس بالانشراح يغمر المكان وترى أثار البشر والترحاب في وجوه المارة القادمين لشراء مستلزماتهم للمناسبة السارة مثل شبكة الخطوبة وختان الأبناء كالاسورة والغوائش والحلقان والحجول والكممة وأحفظ مالك وخلافه . هذه الثروة الطائلة من مجوهرات كانت تحتويها أثناء الدوام خزن آل تبيدي – أحمد والمر ومحمد صالح وغيرهم أمثال حاج صديق وعمك الضي من ملوك الذهب في ذلك الزمان وتحتفظ ليلاً بخازينة مثل خزن البنوك الكبير في مكتب فخيم عليه مسطبة عالية وكرسي وثير يجلس عليه عميد الصاغه الحاج يحي محمد موسي وللحاج يحي مسطبة عالية في منزله أيضاً عليها كرسي وثير حوله منضدة مستديرة يستقبل عليها رواد داره الأنيقة من الأهل وزملاء المهنة بالأبيض لتناول المرطبات والتفاكر في شئون المال – أقول مسطبة عالية بمتجره وآخر مثلها بمنزله تذكران بقول الشاعر يرثي صديقه ذو الجاه الذي أقبر في ربوة عالية قائلاً : علو في الحياة وفي الممات ***** لحقاً أنت إحدى المعجزات . وخلاصة القول أن الحاج يحي يمثل خلاصة الأجيال الماضية من تجار الذهب في السوق وهو خال القطب الاتحادي الكبير الشاذلي الشيخ الريح صهر آل قريش وآل عبد الرحمن وجذورهم من مدينة المتمة تولدت صفاتهما من جبلة أسرتهم الكريمة وأخص ما تميزوا به هو الدين ومتانة الخلق وصلابة الرجولة . كان متجر الحاج يحي يجاور دكان سرتجار المدينة الخليفة سيد أحمد قريش حامل أكبر أسهم في تجارة الذهب وبالقرب من سيوبر ماركت الخواجة استاورو .في ذلك الزمان كان يطلب منا نحن أحفاد سيد أحمد قريش إعداد الشاي بعد الإفطار في الدكان وكنا نتسابق للقيام بهذه المهمة وهي سانحة يسمح لنا فيها بإعداد الشاي على نار نفخ الكير هكذا : نرفع باليد اليمنية قربة الكير ثم نفتح أصابعنا فنتفتح القربة وتمتلئ بالهواء ثم نضغط عليها ثم يندفع الهواء خارجاً حتى البوصة المغروسة داخل النار ومثلنا كان يفعل أحفاد حاج يحي الذين يحضرون من المتمة لقضاء إجازاتهم المدرسية في بارا وكانت لنا معهم علاقات أخوية طيبة أمثال محمد علي تبيدي ، يحيى النور ومأمون عثمان .الأخير هو زوج بنتنا نور الشاذلي بنت أختنا زينب حسن سيد أحمد قريش دخولية المحصول: في الجهة الشرقية لهذه الساحة كان قلب بارا النابض وعزمها الناهض ، مصدر القوة ومورد الثروة ومنارة أمرها سوق المحصول الذي يمد المعتمدية بضرائب العشور والقبانة ويمد المزارعين بالأرزاق والجيش بالجنود ويحفز الشباب على الزواج وكان العمل الدءوب يستمر حتى منتصف الليل تفتيش وعتاله ووزن وغربلة وتستيف وشحن وكانت أصوات رؤساء العتالة زايد وفرنساوي تتعالى في همة ونشاط تسمع خارج أسوار المدينة وتلفحك في هذا المكان رائحة الشواء من مطاعم بركية ومقهى قمبير من الركن الشمالي الغربي للدخولية ومن جهة الجنوب وقبل انتقالنا داخل السوق نرى أشجار النيم تظلل أزيار الماء وتكسبها برودة أمام دكان الحاج عبد الله معروف – سبيل للغاشي والماشي ويتفرع من دكان عبد الله معروف متاجر آل معروف أحمد وإسماعيل والماحي يتوسطهم دكان مهدي شداد الرجل الذي جمع بالقربي والنسب الشدداب والركابية والجوابرة والبكراوية و كل من خرسي والرقيبة والبشيري ومن جهة أخرى كان دكان محمود معروف يحتل الجزء الشرقي للسوق جوار مطاعم عمكم زكريا ومقهى حسن رستم هذا وتلزمنا وقفة مع الحاج عبد الله معروف سنعود إليه بعد تجوال سريع بالداخل بدأ بدكان أحمد حاج النور وهاشم عبد الله يس حتى دكان جدنا الخليفة عبد الله يس وأبنائه يس ومحمد الحسن في الركن الشمالي الغربي وننتقل غرباً لدكان الركابي ومهدي العوني وأحمد جلاب والخليفة زيادة الختمي قوي الشكيمة الصبوح ودكان حاج الطاهر علي الذي صار فيما بعد دكان جعفر قريش وقهوة كركجان والخواجة ملتيادس ومحمد عثمان يس ونافع بابكر والطاهر عبد الرحمن وخليل محمد فرح ودكان عبد الودود الكرداوي الذي كان أحد دكاكين الحاج مكي عبد النعيم قبل وفاته وكان دكان بشير احمد يس شعلة الحركة التجارية ودكان شقيقه الناشط السياسي الفارس العمرابي عمر احمد يس ودكان عبد الرحمن الكرار وآل حبيب وعمكم صديق العوض والد العميد شرطة نسيج وحده احمد صديق العوض الذي اجمع زملائه ورؤسائه بأنه الشرطي الذي لم تحظ الشرطة بمثله شجاعة ومثل وانضباط وتقوى وتصرف حكيم أما الجناح الشرقي الذي شوهه فتح أبوابه الشرقية أجمل شارع في المدينة كان ينبغى ان لا ترى فيه غير أصايص الزهور هو الشارع الذي كان يتخذه المفتش البريطاني ذهاباً وإياباً بين المركز والمنزل . في هذا الصف الشرقي كان دكان التاجر الذي كانت تجارته عبادة هو جدكم المجاهد الدرديري عبد الخالق الذي يحضر من الزرع بعد جهد جهيد وقد سلخ 90 من العمر فقط ليوزع إنتاج زرعه على الفقراء والمساكين ويقرأ الجزولية والراتب (بدون نظارة) والقران الذي يحفظه عن ظهر قلب ويقفز على ظهر حماره بعد أداء صلاة الظهر في المسجد الكبير . أما قلب السوق فكان أنشط لاعب فيه هو النعيم العباس كان شعلة من نشاط وحركة أيضاً أعانه على هذا النجاح بره لوالده كان لا يعصي له أمراً ولا يخالف له نصيحة وقد انعكس هذا البر في نجاح أبنائه اليوم يأتي بعده عبد الرحمن خليل ود عمنا خليل الباهولي (حبل السقا المحلولي الشافو انبله الختاهو انفله) أو هكذا كان يستدعي ابوي خليل زبائنه . وفي قلب السوق أيضاً مكتبة ضخمة تحتوي على مئات الكتب الثمينة وكان صاحبها هو حميدة فضل والد سعاد حميدة زوجة مكي أحمد دوليب. جانب من السوق المختلط : هو سوق الارياح البلدية تجد فيه الزيوت بأنواعها والسمن البلدي تجد فيه الصندل والمحلب والدهن الكركار وبخور التيمان والشاف والكليت وتجد فيه الودك والدلكة ودقيق عصيدة الجير تختلط فيه أصوات النساء كبار السن مع بقية الأصوات وتجد فيه معينات الدنقر وتتعالى فيه أصوات المايسترو رزق الله بتاع الدنقر وموسى الحمرة والحمرة هي والدة الناشط السياسية عطا المنان المستريح وهو من أصول مصرية وتسمع صوت إمراة قاهرة تدعى الصبر تستدعي زبائنها أيضاً وتقول الرخا الرخا الرخا . سوق الشجرة : هو سوق يحتل مكانه خارج أسوار السوق الكبير خصصته البلدية لكبار النسوان ومنحت كل واحدة منهن (دكة) يعرضن فيها مستلزمات الطهي اليومية كالبهارات شطة وويكة وصلصة وفلفل وبامية وعرديب وقنقليز ومليل لالوب نبق وقضيم ليكون في متناول اليد للنساء اللائي لا يدخلن السوق الكبير في وضح النهار . سوق الخيران : في هذا السوق تعرض بضائع منطقة الخيران مثل البلح والعجوة والشمام وفاكهة اخرى اختفت من السوق وهي الدليب والدليب هذا فاكهة طعمها تماماً كطعم المنقة تمتص من الألياف بداخلها كذلك الحبال والبروش والبنابر والعناقريب ويحتكر هذا السوق للجوابرة من أبناء العارف بالله حاج محمد ابو جنازير لصلة القربى بينهم و بين المزارعين من منطقة الخيران . سوق البطيخ : موسمه هو الدرت بعد الخريف وأماكن عرضه تحت ظلال الأشجار وفيه تجري عمليه للتسلية يخصص صاحب البطيخ بطيخة يتبارى عليها الشبان حيث يصوب الفرد منهم القرش بكل قواه لداخل البطيخة تماماً فإن استطاع أن يفعل ذلك تكون البطيخة من نصيبه بدون دفع قيمتها وبالعدم يفقد قرشه الذي يؤول في هذه الحالة لصاحب البطيخة . الجزارين : الجزارين في بارا ينتمون إلى أسر كبيرة من أجل ذلك اختلفوا عن بقية الجزارين في مناطق أخرى لكونهم أنصع المواطنين هنداماً وكاذب من يدعي ان ملابسه انصع بياضاً من ملابس عبد القادر البخيت وعبد الله زكريا مثلاً ويختلفون في سلوكياتهم من بقية الجزارين لتوجهاتهم الدينية وانتمائهم لحلقات الذكر والصوفية والذين ينشدون مدائح الإسماعيلية بصوت رخيم الحواشي منسق النبرات في رنين الفضة هم مكي ابو رادعة وعبد الرحمن محمد علي ومحمد البخيت (أورن) ومن لا يعجب بحنجرة مزمل عبد القادر الذهبية التي تسمع عند رمي الذكر في حي البكراوية . وللجزارين في بارا لغة يتخاطبون بها عرفوا بالتسامح لكنهم لا يرضون التحدي والحقارة وفي ذات مره سطى بعض الدخلاء على المدينة على حملان بعض الجزارين قاموا بتربيتها فقام الدخلاء بذبحها (كيري) وكان ان نصب لهم الجزارون كمين وأوسعوهم ضرباً وفي المحكمة قال أحد الدخلاء للقاضي الدرديري الشهير كنت فاقد الوعي وسمعت الجزار فلان يخاطب البقية ويقول لهم (مشيالش المعبادش مرمايش في المبياريش) ولكني فوجئت بلكمة اخرى قوية لم أعرف بعدها ما دار حولي وكانت الترجمة للقاضي الدرديري (بعد كده أحسن نشيل العبد دا ونرميهو في البير) .
حي الركابية : عندما تخطينا الجزء الجنوبي الغربي من سوق مروراً بأماكن المكوجية مربوع وشقة مروراً بمحلات أولاد النعيم وأحمد خالد من أبناء تنوب ومنزل اليوزباشا عبد الله جبريل ودكان ابوشرا حسب النبي وجدنا أنفسنا حيث تقترن السواقي الغربية بسواقي الركابية . والركابية اهتموا بالتجارة أكثر من الزراعة فكلهم تجار وكلهم اثرياء وكلهم خلفاء للسادة الختمية وكلهم أوفياء بدأً بجدنا الخليفة عبد الله يس والسيد عبد الباقي والركابي ومهدي العوني وبشير ابو جيب ومكاوي احمد حامد وياسين عشرة وحاج محمود وخليل محمد فرح و رغم أنني أسجل أحداث تاريخية الا أنني في هذا المقام أذكر استثناءا شاب خاض المنافسة التجارية الكبرى كالعطاءات وطلمبات البنزين جنبا إلي جنب مع أعمامه وأخواله أبناء عبدالله يس وسطع نجمه متسلحاً بدين قويم وخلق متين واستقامة وبشاشة ذلكم هو رجل البر والإحسان الحاج الطريفي خليل والركابية رجال عصفت برؤوسهم نخوة الوطنية وصاروا عصب الاقتصاد في عاصمة ولاية كردفان خرجوا من مأزق الاحتلال الاقتصادي وعملوا على وفرة الإنتاج في الأبيض وعزفوا دوي المصانع فيها وكان بها من رجالات بارا الحاج مكي عبد النعيم الذي شيد أول عمارة 24 دكان ما زالت قائمة شرق بنك الخرطوم وجوار بنك التنمية وحاج السيد عبد الباقي مشيد زاوية التجانية هنالك ومحمد عثمان يس صاحب محلات أبو نجمة وابن عمه قويم الخلق هادئ الطبع إبراهيم أحمد يسن . وآخرون عشقوا الزراعة : وقفنا مع أبناء الركابية الذي تعشقوا التجارة وقبل الانتقال من هذا المكان الي حي البلك مصنع الرجال وعرين الأبطال حانت منا التفاته فرأينا داراً أنيقة في سكون فلسفي حالم بها حديقة بهية تذهب عن صمتها الانقباض ومن سكونها الوحشة كل شي فيها يقع عليه طرفك من الحديقة او الدار يعلن عن ما ورائه من مزاج حكيم وذوق سليم ونفس شاعرة لا ترى خلفها إلا بستاني يعمل في صمت وغلام يكنس بهدوء وطفلين يمشيان في الحديقة تارة في مماشيها وتارة في حواشيها وفي الإجابة على سؤالنا لمن هذا الدار قيل أنها للحاج عبد الله معروف الذي انتقل من بيوتات آل معروف بابهاتها العريقة بكلياته هو وأسرته الكريمة الي قلب المعركة إلى حيث الخضرة والماء الي السواقي التي تعشقها وكان معروفاً للجميع بأن الحاج عبد الله معروف هو من انجح تجار المحاصيل وأسداهم رأياً وأعلمهم بنوعية المحاصيل وله معاملات طيبة مع المزارعين الذين يمولهم قبل الخريف الا انه كان يجد نفسه وعقله في الطبيعة ، ويجدها في الجو الطليق كان يجد في مزارعهم الواسعة مجالاً فسيحاً لنشاطه ومراداً بعيداً لعمله ومختبراً صالحاً لتجاربه ومغرساً كريماً لآمال أبنائه والذي يجد في نفسه شعور القدرة وفي بيته رأس المال وفي أرضه مكان العمل لا يستسلم للتقاليد الموروثة والعواطف الغالبة نذكر ذلك كنموذج يحتذي لكي يكون نبراساً وحافزاً للتوسع في رقعة الزرع والزراعة هي المخرج الوحيد ليخرج السودان بأجمعه من ذل اليتم والعدم والقصور إلى عزة الرشد والأهلية . وهل تذكرون ماذا فعلت الطبيعة في الطفلين اللذان كانا يمشيان في الحديقة تارة في مماشيها وتارة في حواشيها شب الابن الأكبر ذكي الفؤاد إلي درجة الحكمة يعالج الأمور بنظرة الكيس الفطن ببديهية حاضرة ومنطق سليم والأخر صار ذو بيان أخاذ وفي حضرته لا تشتهي الكلام لان لذتك في أن تسمع ولا تشتهي الجدال لان همك في ان تستفيد نعم هما مولانا جابر الأنصاري المدير العام لمنظمات العون الإنساني المؤلف الباحث في التراث الإنساني والآخر هو شقيقه الدكتور المهندس المتخصص في الهندسة الزراعية وزير الزراعة ونائب الوالي الأسبق خالد عبد الله معروف وسنعود لسيرتهم الذاتية مع لجنة مواطني بارا . حي البلك : أنشأ هذا الموقع ليستوعب أول نواة لقوة دفاع السودان مهد القوات السودانية المسلحة في العام 1901م من أبناء بارا وضواحيها الذين اظهروا في الحرب العالمية الثانية بسالة كانوا فيها أشبه بجيش صلاح الدين بإيمانه وجرأته وبسالته نالوا هذه الشهادة المقدسة رغم أنهم كانوا بعيداً عن موطنهم والمعارك بعيدةً عن حصونهم سجلوا فيها صفحات ناصحة في سجل الخلود كان منهم اليوسباشا عبدالله عبد الرحمن الحائز على جميع نياشين وأوسمة الهجانة وعبد الله جبريل وحاج الشامي وأحمد يونس وحاج زكي ابو سلب وعمر الأمين ، جعفر ذا النون وإبراهيم سيد احمد ود الدراش ود حاج سعد و صالح وأحمد ابو كندي ومحمد جابر . الشئ بالشئ يذكر: أعضاء لجنة محكمة الإستئناف العليا من (حكماء البلد) إسحق شداد، عبد الله جبريل، سيد أحمد قريش، عبد الله يس، معروف أحمد، مدني محمد، درجوا على شرب القهوة مع نهاية الخريف وبداية الدرت داخل قطية بالزرع، سكنها في الفترة بين الموسمين، ثعبان كبير، يبدو إن دخان القهوة، دوخ الثعبان فوقع فجأة وسط دائرة جلوسهم. وما كان من عبد الله جبريل وقد وهبه الله بسطة في الجسم، أن دلدم يده وضرب به الثعبان في رأسه ثلاث مرات أرداه قتيلاً، وقال لأصحابه: ماذا تقولون عن صاحبكم؟ قالوا له: والله فارس، وأنت ماذا تقولوا عن أصحابك الذين لم يرمش لهم جفن ولم يتحرك أي منهم من مكانه قيد أنملة. أحد جنود جيش صلاح الدين: بعض المشاغل حالت دون لحاق حاج الشامي لصلاة الجمعة في المسجد الكبير فعرج نحو ثلاث مساجد أخرى ولكنه لم يوفق في اللحاق بالصلاة، فدخل المسجد، وأقسم إنه لن يخرج منه إلا بعد أداء خمسين ركعة كفارة لإنشغاله عن اللحاق بصلاة الجمعة.
الكشافة : في حوالي العام 1944م حازت كشافة مدينة بارا بالمرتبة الأولى علي جميع منظمات الكشافة في السودان كان قائدها الروح الملهم والبصيرة الحازمة واليد العاملة والعقل المنظم أمين الفاضل شداد جمع شمل الشباب فانتظم عقد المجتمع بالتعاون والتضامن يستهدفون الكمال واختار أصلبهم عوداً من الذين شغفهم حب الخير يتلمسون القوة من جوانب الضعف ويحققوا النجاح كانوا جميعاً عند حسن الظن وكانوا رهن الإشارة يتلبون في النار لإسعاف الجار والملهوف نذكر منهم عطا المنان محمد المستريح ومحمد كردي والفنان الملهم محمد محجوب ، يوسف عبد الرحمن بله ، خليل الشيخ شداد ، هاشم عبد الرحمن بله ، احمد البدوي ، مكي احمد دوليب ، محمود الدوري ، الجيلي محمد دوليب ، عشاري محمود ، صالح وإبراهيم بشارة مختار عبد الله الحبيب ود التوني، أمين محمد علي ، سر الختم المؤمن ، علي بليلة ، التيجاني الدرديري ، حبر حاج محمد ، محمد عبد الله جبريل ، سيد محمود شداد ، محمد البخيت ، سعد بلدو ، ميرغني ادو ، محمد حسن الكردابي ، بكري مدني ، احمد صغيرون ، عبد الدائم سيد ، يوسف ذو النون ، محمد إسماعيل محمد علي ، عالم حسين ، محمد حسن سيد احمد ومحمد أحمد فضل (روسيا). راعهم ما جره تفشي الأمية وانتشار العيل واغبرار العيش فحشدوا جنودهم وسددوا جهودهم واخذوا يهاجمون الجهل والمرض في حظائرها وعقدوا حلقات محو الأمية في أطراف المدينة بلا جزاء ولا شكوراً نظموا أتيام الإسعافات الأولية مع ممرضي المستشفي واعدوا فيالق الفدائيين لإطفاء الحرائق في الحال وإنقاذ ما يمكن إنقاذه ويجهزون البديل بفدائية نادرة مستبسلين لا يبغون عرض الحياة الدنيا . الجمعية الأدبية : تحدثنا وقلنا أن أبناء هذه المدينة البارة بأهلها كانوا نسيج وحدهم فنشأ الرعيل الأول أيام كان الشمل جامع والدار نادية في ظلال القران ومدائح الصوفية كان أبناء الفكي محمود أخوال السيد الحسن يخطون القرآن بأياديهم الطاهرة سلاسل ذهبية تفوق المطايع الحديثة وانشدوا البراق وأذكار الإسماعيلية والتجانية حفظوا القران الكريم وكانوا مولعين باللغة العربية وعلوم النحو ويتغنون بألفية ابن مالك وعلى ضوء هذا نشأت الجمعية الأدبية ببارا في عشرينيات القرن الماضي برئاسة عبد الرحمن بلدو ملك الذرة في دخولية العيش وكان خطيباً مفوهاً وبهمة عالية جلبوا إليهم الأبصار وعطفوا عليهم الأنظار فكان لهم في كل أسبوع محاضرة وكان لهم فيها حظ وافر من الإجادة ومحل رفيع للنكته البريئة ما كانوا من خريجي الجامعات ولكن بقوة الفطرة انكبوا على الاطلاع والوقوف على قواعد النحو والإعراب فكانت لغتهم قوية طيعة على الأقلام إذا كتبوا ولينة على اللسان إذا تحدثوا يترقبون البريد لتناول الكتب والمجلات الأسبوعية التي كانت تأتيهم من القاهرة وبيروت كانوا يتحدثون عن المازني والرافعي والعقاد وطه حسين وانحاز البعض للشاعر حافظ إبراهيم والآخر لشوقي والرصافي والزهاوي في العراق واخذوا يؤلبون القبائل ويحثون الشباب ضد الاستعمار وكانت لهم اليد الطولي في استقلال السودان نذكر منهم عبد الرحمن بلدو ، ميرغني سيد احمد ، ميرغني يحاج النور ، علي الاعيسر ، محمود الحاج ، سيد احمد عبد الله جبريل ، حاج محمود ، يس عبد الله يس ، ميرغني احمد البشير عثمان الخليفة بابكر الدوري ، أمين معروف ، الزين شداد ، الشيخ عبد الرحمن بله.
ومن كراماتهم: العارف بالله أبا عيسى ود الخليفة مساعد دخلت عليه إمرأة بدوية تذرف دموع الدم: ذكرت: إنها مع الحاجة الملحة والغلاء الفاحش فكرت في صرف (ذهبها) لتفك به تلك الضائقة ولكنها إفتقدته في زحمة السوق. إستدعى الشيخ الجليل أحد حيرانه/ الأخ الخير أحمد دوليب (الذي تعرفونه) وطلب منه أن يسلك الشارع الذي يبدأ من بيت المفتش (طلمبة البنزين) الحالية ويتجه شرقاً حتى أخر منزل على يده اليمنى. آخر المنزل وهو عبارة عن (إنداية) طلب منه أن يدخل المنزل ولا يأبه بمن داخله لأنهم لا يرونه وعلى خطوات على يده اليسرى تقع قطية يفتح بابها شمالاً بداخلها برمة ملئ بالمريسة قال له: أدخل يدك حتى قاع البرمة تجد ذهب هذه المراة أحضره معك.
وقصة واقعية حدثت في مدينكم بارا: 1. المكان: الميز بحي القراشات داخل ـ منطقة المجالس الحالية. 2. اليوم: الجمعة ـ ضابط المجلس يجلس على كرسي أمام منزله، يتابع الأخبار من راديو امدرمان. 3. وفجأة تقف أمامه فتاة قروية غراء فرعا مصقول عوارضها في ثياب مهلهلة وجمال لم تغطه الأوساخ ولم يشوه التعب والإرهاق، تقود حماراً محملاً بالحطب تعرض الحطب للبيع. 4. قال لها الضابط: كم قيمة الحطب يا شاطرة؟ 5. قالت له: بأربع جنيهات. 6. قال لها: أفرغيه وأنا سأعطيك 10 جنيهات. 7. قالت له: بري، حرمان قرش فوق قيمة الحطب يدخل علي بنار. 8. قال لها: من أي قرية أنتم؟ 9. سمت القرية له. 10. قال لها: من حضر معكي من القرية. 11. قالت: أبوي. 12. هنا إستدعى الضابط الخفير وقال له: دايرك تصحب هذه الفتاة لمقابلة والدها في السوق، يحضر معك لمقابلتي. 13. إضطرب والد الفتاة في طريقه وهو لمقابلة الضابط، وكان يردد وا.. فليلي وا.. فليلي، المنجوهة شن سوت. 14. قال له الضابط: أنا داير أطلب منك يد بنتك هذه على سنة رسول الله. 15. فوجئ الأعرابي وقال له: إنت كمان يا الأفندي بقولولك لا ـ بالفاتحة نعقد لك. 16. والجمعة القادمة كانت القرية تعيش في أجواء من الفرح والسرور بعبق البخور . 17. واليوم فإن أحفاد هذه البيعة يتلقون دراساتهم في جامعات كامبردج وأكسفورد: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.
فنجان موية: كان دكتور التاج فضل الله على رأس وفد من أساتذة الجامعة لجبال النوبة. أدركتهم صلاة المغرب في إحدى المقاهي بالطريق، قام احد زملائه (وهو من أولاد البحر) وملأ زجاجتين بيبسي بالماء فتوضأ بهما، قام من بعده دكتور التاج وملآ زجاجة واحدة توضأ بها، وترك بعضاً من الماء في قاع الزجاجة، كان زميله الذي توضأ من قبل يراقب دكتور التاج وهو يتوضأ بزجاجة واحدة، فقال له: والله إنتو يا ناس كردفان تتوضو بفنجان موية!
الرعيل الأول من أبناء بارا ـ وتقليد حسن: كان السيد مكي السيد علي يمضي إجازته السنوية في بارا، ويضفي البهجة والسرور على اجواء نادي بحري كردفان(نادي الخريجين) بروحه المرحة ونكاته وقفشاته الظريفة، وفي آخر يوم في الإجازة ينتقل جميع أعضاء النادي بطربيزاتهم وكشاتينهم والضمنة إلى منزل السيد مكي السيد علي لتناول العشاء والإستمرار في اللعب حتة منتصف الليل. رحمه الله رحمة واسعة
هدية ولاية كردفان بغابة نخيل لمدينة بارا: أفادني إبن بارا البار السيد الفريق/ محمد بشير سليمان نائب الوالي السابق إنهم أهدوا غابة نخيل لمحافظ المدينة لتوزيعنا هنالك وللأسف غابت هذه الغابة كما تغيب الشمس لا ندري كيف وأين ذهبت، وبهذه المناسبة نهيب مواطني بارا الأوفياء زراعة نخلة وثلاثة شتل ليمون وشتلة قشطة وراكوبة عنب مما إشتهرت به هذه المدينة في منزله لجنة أهالي بارا : نضر الله بالرضا والغبطة وجوه أولئك المخلصين الأبرار الذين شغفهم حب الخير لهذه المدينة فكانوا مثالاً للجهاد المثابر بهم حلت معضلات الماء والنور بالمدينة وبهم كان البنك الزراعي وكان طريق بارا الأبيض وبارا أم درمان حباهم الله الكاريزما التي توهب مع الفطرة وتولد مع النفس وهي ليست من عمل الحزبية ولا من أثر العصبية ولا نتاج الثروة وخداع المنصب نمت في أجسادهم فأظهرت نبوغهم وترجموها عملاً في جميع أطوار حياتهم وفي شتى ظروف عملهم برئاسة البروفيسور العالم د. التاج فضل الله ، مهندس سيد أحمد يسن، الفريق الطيب عبد الرحمن مختار ، دكتور سيد زكي دكتور مهندس/ خالد عبد الله معروف ، اللواء محمد عبد الرحمن كرار ، مهندس/ الفاتح مكي معروف، السيد/ محمد فضل الله الدرديري ، السيد/ محمد جعفر قريش، قولوا معي ما شاء الله لا قوة إلا بالله. ويسرني أنى أزف إليكم بأنه سينضم إلى هذه اللجنة إبن بارا الوفي البروفسيور الدكتور عبد السلام صالح سوار الذهب بمشروع فيه رد إعتبار لهذه المدينة التي صبرت حتى جزع الصبر
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة