العدالة الانتقالية، اثباتاً للحقيقة، وخطوات نحو المصالحة بقلم د/ محمود أبكر دقدق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 07:12 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-02-2016, 11:54 PM

محمود ابكر دقدق
<aمحمود ابكر دقدق
تاريخ التسجيل: 03-06-2016
مجموع المشاركات: 57

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
العدالة الانتقالية، اثباتاً للحقيقة، وخطوات نحو المصالحة بقلم د/ محمود أبكر دقدق

    10:54 PM April, 03 2016

    سودانيز اون لاين
    محمود ابكر دقدق-الدوحه
    مكتبتى
    رابط مختصر



    إستشارى قانوني وباحث

    By: Mahmoud Dugdug
    العدالة الانتقالية Transitional Justice بمفهومها الحديث تعنى سعى المجتمع للتعامل مع الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولى الإنساني المرتبطة بالنزاعات المسلحة والإضطرابات الداخلية التي تتسم بالعنف، وذلك بإتخاذ مجموعة من التدابير القضائية وغير القضائية بهدف محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم والانتهاكات وتعويض الضحايا، وإقرار برامج جبر الضرر وتبنى أشكال متنوّعة من إصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية والعدلية، من أجل معالجة ما ورثته هذه المجتمعات من إنتهاكات، تضمن العدالة الانتقالية إعترافاً بحقوق الضحايا وتشجّع الثقة المدنية، وتقوّي "الديمقراطية وسيادة القانون" democracy and rule of law ، لتحقيق العدالة في "فترات الانتقال" transitional periods من النزاع وقمع الدولة، الى السلام والديمقراطية وسيادة القانون. وبمعنى اَخر جعل الإنتقال من ماضى الانقسام والنزاع الى مستقبل التعافي والسلام ممكناً.
    ونسبة للحداثة النسبية لمصطلح العدالة الانتقالية فان الأمم المتحدة لم تضع له تعريفاً الا فى العام 2004 ، حيث عرّف الأمين العام للأمم المتحدة "العدالة الانتقالية" بأنها تشمل "كامل نطاق العمليات والآليات المرتبطة بالمحاولات التي يبذلها المجتمع للتعامل مع تركة من تجاوزات الماضي الواسعة النطاق بغية كفالة المساءلة وإحقاق العدل وتحقيق المصالحة". كما شدد الأمين العام على أن الاستراتيجيات المنتهجة في سياق العدالة الانتقالية يجب أن تكون شمولية، بحيث تتضمن الاهتمام على نحو متكامل بالمحاكمات الفردية ووسائل الجبر وتقصي الحقيقة والإصلاح المؤسسي وفرزالعاملين بالدولة لتثبيتهم أو فصلهم من وظائفهم.
    خلال الثلاثين سنة الأخيرة ، واجهت الكثير من الدول تركات من عهود العنف والتعسف كجزء من الانتقال من الفاشية والإستبداد والانتهاك الممنهج لحقوق الانسان الى الديمقراطية والحكم الرشيد، ومن الحرب الأهلية والصراع الى السلام ، وأن كل عملية انتقال تقوم بذاتها بحيث لا يوجد تطابق لعمليات العدالة الإنتقالية التى طبقت في مختلف المجتمعات، وذلك لإختلاف الظروف المحيطة بكل صراع، ولكن هنالك "تشابه فى التحديات والمناهج" similarities in challenges and approaches التى تقود الى الإنتقال الاَمن والعادل للصراع، من مرحلة العنف والمواجهة الى مرحلة السلام والاستقرار. ومن هنا برز مجال العدالة الانتقالية، والتي تجعل من الانتقال من ماضي الانقسام والنزاع الى مستقبل التعافى والسلام ممكناً.
    ترمى العدالة الانتقالية الى تحقيق أهداف عديدة وهى ما جعلت الدول والمجتمعات تدرك أهمية العدالة الانتقالية، والكثير من هذه الأسباب يتمثل في حاجة المجتمع بصفة عامة للعدالة والتعايش السلمى في اَن واحد، ومما يزيد هذه المسألة أهميةً أن الأحوال تختلف بين بلد وآخر، ولذلك تتعين صياغة كل برنامج بعناية ليراعي الاحتياجات المحددة للحالة الوطنية بعينها. و الأهم من ذلك ، أن تتم هذه العملية فى سياق المجتمع الذى هو فى مرحلة الانتقال، وذلك لتحقيق الاهداف الاتية:
    1. استقساء العبر من الماضى يعتبر ضروريا للغايةً لمنع التكرار to prevent repetition لذات الجرائم والإنتهاكات في المستقبل.
    2. ضرورة مواجهة انتهاكات الماضى لتعزيز السلام to promote peace ، وإلا لجأ الضحايا الى أخذ القانون بأيديهم، وهو ما نشهده اليوم في العديد من حالات العنف المضاد.
    3. الإقرار بانتهاكات الماضى acknowledgment of past abuses يمهد الطريق للتصالح ، إذ أن الفهم المشوه للمجتمع بالنسبة لماضيه قد يكون سبباً لانقسامه على مدى طويل وربما يمتد لأجيال، وعلى المستوى الفردى، فإن الضحايا لا يشعرون بأنهم جزء من مجتمع يرفض الاعتراف بتجاربهم الأليمة التى مروا بها خلال فترة النزاع.
    4. إن التمعن فى انتهاكات الماضى وشجبها جماعياً collectively denouncing لتعزيز الانتقال الى السلام وسيادة حكم القانون،
    5. إظهار أنه لا أحد فوق القانون ، بما فى ذلك الدولة نفسها ،وكذا الحال جميع المسؤولين مهما علت درجاتهم هو شيء مطلوب "لإعادة بناء سيادة القانون" re-build the rule of law.
    الأهدف المذكورة أعلاه ترمى الى تحقيق ثلاث أبعاد مجتمعة يكمل كل واحدِ منها الاَخر وهى:
    ١/ العدل Justice
    ٢/والسلام Peace
    ٣/والمصالحة، Reconciliation
    والأهمية المعلقة على هذه الأبعاد المتقاطعة تختلف من مجتمع لآخر . وتاتي مسالة تحقيق العدالة في المرتبة الاولى لعملية العدالة الانتقالية وترتكز على عنصران هما :
    ١/التعويض، الذى يكون محوره الأساسى منصباً على الضحايا.
    ٢/ والقصاص، الذى يعنى بالجانب الآخر من تلك المعادلة وينصب على معاقبة الجناة .
    أما في المرتبة الثانية نجد السلام، وتعرف الدراسات الحديثة حالتان للسلام وكليهما ضرورى لضمان للإنتقال الى مرحلة ما بعد الصراع وهما:
    ١/السلام السلبى وهو حالة توقف وانعدام الحرب والعنف، والذى عادةً ما يكون الهدف الأكثر مباشرةً فى أوقات النزاع .
    ٢/ والسلام الإيجابى ، أى توفر الأحوال التى من شأنها استئصال أسباب العنف وبناء السلام المستدام . أما المصالحة فتشكل البعد الثالث و الأخير لإكمال عملية العدالة الانتقالية، وتعنى بنبذ الانقسامات وإعادة الثقة بين الأفراد والجماعات داخل المجتمع ، وكذلك بين المواطنين والدولة.
    إن التمعن فى دراسة تجارب المجتمعات في اعتماد وتطبيق العدالة الانتقالية يكشف عن الآليات التى استخدمتها تلك المجتمعات لتحقيق عملية الانتقال، وهى اَليات عديدة يمكن اجمالها في اَلية الإجراءات الجنائية، والجزاءات غير الجنائية، مثل الدعاوى المدنية لرد الحقوق المسلوبة. واَلية التطهير واَلية التعويضات بحيث يمنح الضحايا ـ بالإنفراد أو بالإشتراك ـ منافع مادية أو رمزية تسهم فى إصلاح الضرر الجسدى والمادى والنفسى للانتهاك السابق. واخيراً اَلية لجان الحقيقة والمصالحة والتى تعنى بإثبات الحقيقة التى تمهد الطريق للمصالحة. وسوف نتاول كل من هذه الاليات الاربعة – والتى لا تعتبر حصرية في هذا المجال- بإيجاز غير مخل:
    التطهير: Lustration
    التطهير ـ ويعرف أيضاً "بالتطبيب" ـ وهو ان يتم فحص الأشخاص بالخدمة العامة لمشاركتهم فى انتهاكات سابقة لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنسانى أو ارتكاب جرائم ذات صلة بالنزاع ومن ثم العمل على إبعاد الأشخاص المشاركين فى انتهاكات سابقة من مناصبهم الرسمية ، وإعادة بناء الثقة فى القوات المسلحة والشرطة وأجهزة الاستخبارات وكجزء من برامج إصلاحية أوسع فقد يطال التطهير أيضاً من تم تعيينهم بطريقة غير شرعية أو لا يملكون المؤهلات الكافية لشغل تلك الوظائف.
    ولكى يؤدى هذا الدور فيجب أن تكون عملية التطهير مصمماً ومنفذاً بعناية ويمكن أن تركز عمليات التطهير على أجهزة معينة فى الدولة مثل الاستخبارات أو الجيش أو الشرطة أو القضاء ، أو يمكن أن تستهدف كل الحكومة، ومن شأن التطهير أن يسهم فى غايات العدالة الانتقالية وذلك بإعادة بناء الثقة المدنية ومن ثم المصالحة بين أفراد المجتمع والدولة بتنقية مؤسسات الدولة ممن ارتكبوا انتهاكات ضد المواطنين ، توفير شكلٍ من أشكال العدالة التصحيحية بحرمان الذين أساءوا استعمال مناصبهم من الوظيفة العامة والسلطة العامة .
    الا أن التطهير ليس بالإجراء السهل وذلك لوجود مصاعب محتملة إذا لم توازن عمليات التطهير بين الحاجة اليها والعدل في تطبيقها ، فإنها أيضاً سوف تقوض برامج العدالة الانتقالية أو إذا استهدف التطهير مجموعة بكاملها وليس أفراداً ـ أى إذا تم تطبيقه على حزب سيأسى بأكمله أو على جميع منسوبي مؤسسة حكومة معينة ـ فإنه سوف ينتهك مبدأ التطبيق السليم للقانون ويؤدى الى الظلم ويسبب السخط تجاه الحكومة ويهدد عملية الانتقال.
    التعويض واعادة الحال لما كان عليه: Compensation and Restitution
    ويقصد به منح الضحايا ـ فرادى أو مجتمعين ـ منافع مادية ورمزية تساعد فى جبر أضرار الماضى الجسدية والمادية والمعنوية، و يكون بموجب ذلك للضحايا الذين تعرضوا لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولى الإنسانى الحق فى التعويض العادل والفورى والمناسب والفعال، وقد تأخذ اشكالا متعددة:
    1. إعادة الحال لما كان عليه او الاسترداد : Restitution ويهدف الى إعادة الضحية الى الوضع االذى كان فيه قبل حدوث الانتهاك، أى إعادة الحال لما كان عليه. ويشمل الاسترداد إعادة الشخص المعنى الى مكان إقامته وإعادتة للوظيفة التى استبعد عنها بسبب انتهاكات الماضى، واسترداد عين الممتلكات التى سلبت منه متى ما كان ذلك ممكناً، حيث قدمت لنا تجارب الماضي حالات مصادرة الاراضي والممتلكات لأشخاص بعينهم دون مسوغ قانوني وكافي. كما تشمل العملية إستعادة الحرية restoration of libertyوتجديد التمتع بحقوق الإنسان والهوية والحياة الأسرية والمواطنة في جو من الحرية ارحب.
    2. التعويض : Compensation ويعرف أيضاً " بالعوض " أو " الضمان " ، وهو مقابل مادى عن الانتهاكات السابقة وتشمل كلاً من المعاناة الجسدية والنفسية ، كما تشمل قيمة الاشياء التى لا يمكن استردادها عيناً. وغالبا ما يكون التعويض ماديا، الا انه يجب ان يكون عادلا في جميع الأحوال.
    3. ضمانات عدم التكرار: Guarantees of non-repetition : ويقصد بها الجهود التي تبذل لضمان وتأمين عدم حدوث الانتهاك مرة أخرى، الماضي الاليم بكل ما يحمل من جراح وذكريات مريرة، وبمعنى اخر عزل الماضى رمزياً .
    4. إعادة التأهيل: Rehabilitation وتشمل تقديم الرعاية الطبية والنفسية بالإضافة الى الخدمات القانونية والاجتماعية اللازمة لمواجهة عواقب انتهاكات الماضى وتضم التدابير لإعادة الاعتبار للضحايا بإعلان براءتهم على والملأ والأعيان وعلى رأس الأشهاد ومحو سجلاتهم الجنائية التي دونت ضدهم إبان فترة الصراع.
    5. الترضية: Satisfaction ويتم تقديمها في حضور الضحايا أو ذويهم وذلك عن طريق الاعتراف من قبل الجناة بارتكاب الخطأ، وتقديم الاعتذارات الرسمية ، لما لذلك من اثر عميق في تضميد جراح الماضي الاليم ومساعدة الضحايا في نسيان ما حدث لهم. كما توجد إمكانية لإقامة النصب التذكارية وعرض نماذج من الوثائق ذات الصلة بالمتاحف توثق لحقيقة ما حدث. وفى حالة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أو القانون الدولى الإنسانى فإن الترضية وحدها نادراً ما يكون لها أثر كافٍ لجبر الضرر.
    الإجراءات الجنائية: Criminal Proceedings
    ولما كانت العدالة الانتقالية ليست مجرد نزهة ممتعة - لمن أقترفوا جرائم وانتهاكات في حق الغير - للانتقال من الصراع الى السلم والاستقرار ، فإن تطبيق الإجراءات الجنائية هى من متطلبات العدالة الانتقالية، ويلزم لتطبيقها تأهيل القائمين على أمر إنفاذ القانون وذلك لطبيعة الجرائم المتعلقة بالنزاع أو الإضطرابات العنيفة التى تسبق العدالة، وبذلك تسهم الإجراءات الجنائية في واحدة من أهم غايات العدالة الانتقالية الا وهى مساءلة الجناة الذين ارتكبوا هذه جرائم الماضى وتطبيق وإحترام مبدأ "عدم الإفلات من العقاب"Impunity، مع ضرورة إحترام مبدأ المحاكمة العادلة. إن الإجراءات الجنائية فى مواجهة الجناة المزعوم ارتكابهم جرائم متعلقة بالنزاع والجزاء المترتب على ذلك من شأنه أن يسهم فى تحقيق غايات العدالة الانتقالية والمصالحة والسلام على الأوجه الآتية :ـ
    1. إتاحة العدالة للضحايا لأخذ حقوقهم وفق ما رسمه القانون عن طريق التحقيق والمحاكمة والمعاقبة لمرتكبى الجرائم المتعلقة بالنزاع نيابةً عن المجتمع.
    2. منع أخذ القانون باليد وهو ما يحدث غالباً عند التباطؤ في إقرار العدالة.
    3. بسط سيادة القانون و إعادة الثقة فى مؤسسات الدولة وإخضاع من يرتكبون تلك الجرائم للمساءلة بما فى ذلك أصحاب النفوذ.
    4. درء الجرائم مستقبلاً بإثبات حقيقة أن من يخرق القانون لن يفلت من العقاب .
    5. تأمين الانتقال للديمقراطية والسلام وسيادة القانون بنزع الشرعية عمن ارتكبوا الجرائم وبجعل الإنكار المستقبلى لأحداث الماضى أكثر صعوبة.
    6. عزل الماضى رمزياً وذلك بإبعاد الفاعلين الرئيسيين وتعزيز الانتقال للديمقراطية والسلم وحكم القانون بغرض شجب جرائم الماضى
    7. بالمقابل ،
    لكن وفى المقابل فليس كل نظام عدلى قائم في الدولة المعنية يمكنه مباشرة الإجراءات الجنائية فى سياق العدالة الانتقالية، فالإجراءات ا لجنائية قد تديم الظلم وتحول دون التصالح والسلام إذا كان الاعتقاد السائد حولها أنها "عدالة المنتصر " وتستهدف مجموعة بعينها من المجتمع لأسباب غير الأدلة الجنائية المتاحة، كما أن الفشل فى المعاقبة من شأنه أن يزيد الغبن على الضحايا ويقوض مبدأ سيادة القانون والثقة فى مؤسسات الدولة ، ويشجع على ارتكاب الجرائم مستقبلاً ، ويهدد عملية الانتقال الى السلم وسيادة القانون مما يجعل الدولة متواطئة فى الجرائم المرتكبة .
    ذلك أن إعمال العدالة الانتقالية بصورتها المثلى تتطلب الإلتزام الصارم من قبل السلطة بمبدأ سيادة القانون ومبادئ المحاكمة العادلة المتعارف عليها دولياً. فضلاً عن تأهيل العاملين في مجال "إنفاذ القانون"law enforcement والعمل على "إصلاح التشريعات" law reform ، والعمل على جعل القضاء مستقلاً وإصلاح الخدمة المدنية التى تعين القضاء والمحققون وممثلو الاتهام ومحامو الدفاع للقيام بالمهام الوكلة اليهم وتزويدهم بما يكفى لأداء مهامهم .
    أن الإجراءات يمكن أن تتم فى محاكم وطنية National courts أو محاكم دولية International courtsأو محاكم مختلطة Mixed courts أو "محاكم هجين "Hybrid courts، ولا فرق بين المحاكم المختلطة والمحاكم الهجين الا في التسمية. ولكل نوع من أنواع المحاكم سالفة الذكر مزاياه وإجراءاته وشروطه : فالمحاكم الدولية ، هى مثل المحكمة الخاصة بيوغسلافيا السابقة ، والمحكمة الخاصة برواندا والمحكمة الجنائية الدولية. وتتمتع هذه المحاكم بمزايا عديدة كونها الأفضل تجهيزاً من نظيراتها الوطنية ، مع قيام المجتمع الدولى بتقديم العون والموارد المالية اللازمة لها. كذلك يمكن النظر إليها بأنها أكثر حيدة واستقلالاً نظراً لبعدها المادى والثقافى من السياق الذى ارتكبت فيه الجرائم . وفى المقابل فأنها لا تخلو من بعض المساوئ ولعل أهمها بطء الإجراءات وتعقيدها، فضلاً عن تكلفتها العالية وصعوبة تطبيق القرارات التى تصدر من تلك المحاكم.
    المحاكم الوطنية ، سواء كانت رسمية أو تقليدية كمحاكم الغشاشا في رواندا ، تكون أسهل من حيث الوصول إليها جغرافياً وثقافياً – بإستخدام اللغة المحلية والمعرفة بالعادات والتقاليد - بالنسبة للمجتمع الانتقالى ، وهى أكثر إنتماءً لهذا المجتمع ومن ثم تكون فى وضع أفضل لدعم انتقال المجتمع وفقاً لحاجاته ورغباته . وفى بعض الحالات يتم دعم هذه الإجراءات الوطنية وتعزيزها أيضاً عن طريق المشورة والعون الفنى والموارد من المجتمع الدولى.
    "المحاكم ا المختلطة أو لمحاكم الهجين" : هى محاكم ذات عناصر وطنية ودولية معاً ، تتضمن عادة مزيجاً من القوانين الوطنية والدولية و مزيجاً من الكوادر البشرية والنظم، وتنشأ المحاكم الهجين او المحاكم المختلطة بموجب اتفاقيات دولية مثل، المحكمة الخاصة بسيراليون أو بقرار من مجلس الأمن مثل المحكمة الخاصة بلبنان، وتعمل خارج النظام القانونى المحلى . وقد تم إنشاء محاكم هجين بموجب القانون الوطنى كما هو في كمبوديا . والهدف من هذا النوع من المحاكم هو جمع المزايا الإيجابية من أكثر من منهج .
    وبصفة عامة إن الجرائم المتعلقة بالنزاع يفضل أن يتم التعامل معها على المستوى المحلى، ولا يحق للمحاكم الدولية أن تتدخل الا اذا فشل القضاء الوطنى في القيام بالمهمة او فشلت الدولة في التحقيق حول هذه الجرائم وملاحقة مرتكبيها بطريقة حقيقية، وذلك عملاً بمبدأ "التكاملية" complementarity والذى يجعل من المحكمة الجنائية الدولية ملاذاً أخيراً عندما يكون القضاء الوطنى "غير راغب وغير قادر"unable and unwilling ، وبهذا المعنى تكون العدالة الدولية بمثابة جهاز تدارك العطب الذى قد يحدث على المستوى الوطنى بحيث تعمل عندما تفشل العدالة الوطنية فحسب . وفى بعض الأحيان تقاسمت المحاكم الوطنية والدولية العمل بحيث تقوم محكمة دولية بالتركيز على القضايا الكبيرة وتقوم المحاكم الوطنية بنظر الدعاوى الأخرى الاقل اهمية كما هو الحال في رواندا.

    لجنة الحقيقة او لجنة الحقيقة والمصالحة: truth commission or truth and reconciliation commission
    لجنة الحقيقة غايتها الجوهرية إثبات الحقيقة التى تعتبر ضرورية لغايات أخرى مثل الصلح والعدالة والسلام ، وعلى خلاف الإجراءات الجنائية ، فإنه بوسع لجان الحقائق إثبات الحقيقة بصورة عاملة ، والتي تتضمن منظور الضحايا دون الحاجة لمستوى عالٍ من الإثبات القانونى. واللجنة هى مؤسسة تملك الاختصاص والسلطة فى التحقيق فى انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم المرتبطة بالنزاع خلال فترة معينة فى الماضى ، ورفع تقرير بما تتوصل إليه وتضع توصيات لمعالجة انتهاكات الماضى ومنع تكرارها . وتتكون لجان الحقائق من مفوضين وعادة ما تحتاج لكادر مساعد لمعاونتها فى مهامها . ومهامها تشبه لحد كبير مهام لجنة التحقيق ، ولكن يتوقع منها ليس كشف الحقيقة فحسب، ولكن أيضاً اعتماد هذه الحقيقة ونشرها.
    اما لجنة الحقيقة والمصالحة فغايتها اثبات الحقيقة وجعل الضحايا يتصالحون مع ماضيهم ومع الجناة ومع المجتمع باستظهار تجاربهم والاعتراف بها ،و إتاحة الفرص لجماعات بعينها لتتفهم مظالم جماعات أخرى ، ومنح الجناة منبراً للتوافد وإظهار الندم لكى يصبحوا جزءً من المجتمع مرة أخرى. إن اختصاصات هذه اللجان وأدوات عملها تتفاوت بشكل كبير ، وكذلك حالات نجاحها أو فشلها ، وتعتبر المسائل التالية هامة للوصول الى الغايات المرجوة من إنشاء هذه اللجان :
    الرعاية: Sponsorship بعض لجان الحقيقة والمصالحة تنشأ بواسطة منظمات غير حكومية أو دولية ، ولكن من المرجح أن تكون لجان الحقيقة والمصالحة ناجحة إذا كانت ترعاها الدولة . كذلك فإن الإنشاء بموجب قانون يصدره البرلمان ـ وليس من السلطة التنفيذية ـ يدعم شرعية هذه اللجان ويعطيها القوة والاعتراف على اوسع نطاق، وأن يتضمن قرار الانشاء لائحة للسلوك المهنى a code of conduct لضمان عمل اللجنة وفق النزاهة والمهنية والحياد.
    الإنشاء: Establishment إن شرعية إجراء إنشاء لجنة الحقائق تحدد مقبولية إجرائها ونتائجها ومن ثم نجاحها . ويتعين أن يشترك المجمتع المدنى فى صياغة لجنة الحقائق وتعيين المفوضين لغرض ضمان هذه الشرعية، كما إن المصالحة سيضعف موقفها إذا كانت مجموعة واحدة فقط فى المجتمع هى المشاركة فى لجان الحقائق وأن التقرير يعكس رؤية هذه المجموعة فقط .
    المفوضون : Commissioners يجب أن يكون المفوضون " أعضاء اللجنة" من ذوى النزاهة العالية وأن يتمتعوا بثقة واسعة من جانب العامة ، وأن يراعى فيها تمثيل الجماعات المتعددة فى المجتمع بما فى ذلك المرأة.
    التقارير: Reports لجان الحقيقة والمصالحة ذات القوة والمصداقية دائماً ما تقدم في تقاريرها سرداً موسعاً لما توصلت اليه من انتهاكات الماضى، وأسباب الانتهاك ، ومن أجل الوصول الى أقصى درجة من الفاعلية ، مع نشر التقرير على نطاق واسع وتسهيل تداوله لكونه عنواناً للحقيقة والعدالة. والعدالة يجب أن ترى بوسطة كل المعنيين به، ومن المستحسن مناقشة التقرير من خلال وسائل الاعلام، و عرضه فى الاجتماعات العامة والأعمال الدرامية والمنابر العلمية . تشكل التوصيات جوهر التقرير والمستحسن أن تتضمن موضوعات مثل جبر الضرر والإصلاح لمنع التكرار ، ويجب أن ينص السند المنشئ للجنة الحقائق على ما إذا كانت توصيات اللجنة ملزمة أم لا .





    أحدث المقالات

  • المركزية السودانية الحديثة: من أسقط سلمهما السباعي؟ بقلم صلاح شعيب
  • يا كوادر حركة فتح، إلى متى؟ بقلم د. فايز أبو شمالة
  • في رثاء اليتيم كمال عمر!!الترابي عريسا ام فطيسا ؟؟2-4 بقلم د.حافظ قاسم
  • الاعلان عن تصفية الخطوط البحرية السودانية..بعد مسيرة حافلة بالانجازات الاقتصادية والسمعة العالمية ف
  • غايتو الله يسامحكم !! بقلم الشفيع البدوي
  • من الذي وقع في مصيدة الفكرة الجمهورية؟! (2) بقلم محمد وقيع الله
  • في حضرة مدام X..............!! بقلم توفيق الحاج
  • صائد الزرازير بقلم منتصر محمد زكي
  • السيسي و البشير في مصارعة حرة بدارفور! بقلم عثمان محمد حسن
  • لُبانْ ضَكَرْ.! بقلم عبد الله الشيخ
  • الكنيسة والإصرار على تحدي الأحكام القضائية!! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • تقرير مصير ..! بقلم عبد الباقى الظافر
  • الساعة الخامسة والعشرون! بقلم فيصل الدابي/المحامي
  • الشيوعي الشايل الوسخ بقلم شوقي بدرى
  • محنة الشرطة في النظام ! بقلم عبد العزيز التوم ابراهيم
  • دبلوماسية الصواريخ البالستيه هل تعيد لخامنئي مركزه المتهاوي ؟؟ بقلم صافي الياسري
  • معارضة فتحاوية للقيادة الفلسطينية !بقلم نقولا ناصر*
  • عرب يهاجرون ويهودٌ يفدون بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de