طالب عدد من أعضاء الكنيست رئيس لجنة الأمن والخارجية التابعة للكنيست، استدعاء، إيهود باراك، في أعقاب تصريحات خطيرة أدلى بها في مؤتمر في تل أبيب، حيث قال قبل يومين: إن رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ألحق بأمن إسرائيل ضررا جسيماً. لقد عودنا القادة الإسرائيليون على شن هجومات إعلامية ضد رئيس الحكومة نتانياهو بشكل أكثر شراسة وعنف من كلام إيهود بارك، فلماذا استوجبت تلك الجملة التي قالها "باراك" الطلب من لجنة الخارجية والأمن باستدعائه للتحقيق؟ ولماذا ركزت وسائل الإعلام الإسرائيلية على هجوم إيهود باراك الشخصي على نتانياهو، وعمدت إلى طمس الحقائق الخطيرة الأخرى التي قالها عن أجندة السياسية الإسرائيلية؟. فما هو الكلام الخطير الذي قاله إيهود بارك عن أجندة إسرائيل السياسية؟ أولاً: تخطط إسرائيل لمواصلة السيطرة على المنطقة التي (غزتها وحررتها) احتلتها في عام 1967 إلى الأبد. ثانيًا، إسرائيل غير معنية بحلّ الدولتين، ولا تريد دولة فلسطينية إلى جانبها. ثالثًا، تنتظر إسرائيل من العالم التأقلم للواقع وقبوله، وتأمل بأن تؤدي حوادث قاسية – مثل هجمات إرهابية في أوروبا والوضع في سوريّة وما إلى ذلك، إلى صرف الأنظار عمّا يجري هنا، على حدّ تعبيره. رابعاً: ستوافق إسرائيل على حكم ذاتي مع حقوق محدودة للفلسطينيين، ولكن ليس على دولة. خامساً: ستواصل إسرائيل بحذر البناء في المستوطنات وما وراءها من أجل خلق وقائع لا رجعة فيها على أرض الواقع بشكل تدريجي. ما كشف عنه إيهود باراك يعد بمثابة الركائز الخمس التي تقوم عليها السياسة الإسرائيلية تجاه القضية الفلسطينية، وهذا ما يدركه المبتدئون في السياسة، وبكل أسف هذا ما تحاول أن تتغافل عنه القيادة الفلسطينية، ومعها الكثير من قادة العرب، لأن الإفصاح عن السياسة الإسرائيلية بهذا الجلاء يفرض على القيادة الفلسطينية والعربية اتخاذ مواقف سياسية واستراتيجية مغايرة للنهج المتبع مع إسرائيل حتى هذه اللحظة. ولكن السؤال الذي يحتاج إلى جواب: لماذا فضح إيهود بارك السياسة الإسرائيلية؟ أولاً: إيهود باراك يرغب بالعودة إلى السياسة، وتقديم نفسه مخلصاً للسياسة الإسرائيلية التي فقدت مصداقيتها، وحسب قوله، فأن عواصم العالم ـ لندن وواشنطن وبرلين وباريس وموسكو وبكين ـ لا تصدق كلمة تخرج من فم نتنياهو أوْ حكومته. ثانياً: يدعو إيهود باراك إلى تجديد العلاقات مع السلطة الفلسطينية، التي قال ـ حسب زعمه ـ إنها الوحيدة التي تبقي “حماس″ و”داعش” وجماعات خطيرة أخرى بعيدًا عن الضفة الغربية. ثالثا: يزعم إيهود باراك أن الاحتفاظ الإسرائيلي بأراضي الضفة الغربية، والسيطرة عليها إلى الأبد هو الطريق المحرض على التطرف العربي، والمطالبة فيما بعد بالقدس وتل أبيب. فهل انتبه الفلسطينيون إلى أقوال إيهود براك؟ وهل ادركوا حقيقة العقلية الصهيونية التي تنكر عليهم أبسط حقوقهم السياسية بالحياة الكريمة على الأرض التي يقفون عليها؟ شخصياً أشك في ذلك.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة