لقد حرصت على حضور ندوة ( قضايا المراة السودانية فى السودان ) بباريس وعند وصولى مكان إنعقاد الندوة برفقة صحفية سودانية أصبت بالدهشة لتواضع موقع إقامة الندوة وقلة الإمكانات وبساطة الأليات والإستعدادات وفى البداية كان الحضور قليلا ولكن سرعان ما تكاثر الوافدون وكانت نسبة حضور الذكور تفوق حضور الإناث وهذه لفتة جميلة تدل على إستيعاب الرجل السودانى لأهمية قضية المرأة وكعادتى بدأت فى تأمل وجوه الحاضرين إنطلاقا من حبى لدراسةعلم النفس والعلوم الإسانية من خلال مراقبة الوجوه والإنفعالات ولغة الجسد التى أومن بأنها الأكثر تعبيرا عن دواخل الشخص وما يحمله من أراء وأفكار التى قد تعجز الكلمات والعبارات والجمل والحروف إيصالها للمستقبل والملفت للنظر كثافة حضور القادمون من مناطق التهميش والنزاعات الذين حرصوا على إكرام الحضور برغم بساطة إمكانياتهم إلا أنهم فى لفتة إنسانية سودانية خالصة جاءوا ببعض الأدوات الكهربائية لإعداد الشاى الأحمر والأخضر والفول السودانى فلامست مساهمتهم البسيطة هذه حيزا كبيرا فى قلوبنا وقبل بدأ الندوة تابعت المناقشات الجانبية والقفشات والضحكات بين أبناء السودان بمختلف سحناتهم وإثنياتهم التى نستنج منها ربما فى الداخل يتحاربون ويتقاتلون ولكنهم الآن هنا فى باريس تركوا كل ذلك وراءهم وتعايشوا فى ود وتفاهم منقطع النظير وهذا يؤكد حميمية السودانيون فى الخارج إذ تجدهم يمشون مع بعض ويتبادلون النكات التى لايمكن لأى جنس أخر أن يفهمها أو أن يتفاعل معها لأن الدارجية السودانية لا يفهمها إلا السودانيين سواء فى الغرب أو الشرق أو الجنوب أو الشمال وما يضحك الشعب السودانى بتأثير النكته قد لا يتفاعل معها الآخر . وتحدثن المتحدثات الرسميات بإستثناء المتحدثة سلمى سليمان التى لامس كثير من خطابها قضايا المرأة بصفة عامة وجامعة خاصة عندما تحدثت وقالت لزميلتيها أسمحوا لى أن أختلف معكم وأنا شخصيا إتفقت معها عندما قالت :أن تغير النظام لا يعنى تغيير وضع المرأة لأن النظام الجديد لايملك عصا موسى السحرية لأن السبب الرئيس فى معاناة المرأة السودانية هى العادات والتقاليد والثقافات المورثة وهذا هو رأى الذى إتفقت فيه مع سلمى وكان سببا لخلاف وإثارة غضب أحد المتداخلين الذى تحدث بإنفعال شديد وبعد إنتهاء مداخلته حاولت التحدث معه فأدار وجهه عنى برغم أنه من الجيل الذى يسبقنا وكان بالإمكان أن نتعلم منه إنطلاقا من حوار الأجيال ومثاقفاتهم وهذه سنة الحياة الجيل السابق يتبنى الجيل الجديد ويقدم له خبراته وتجاربه فى ود وتفاهم وإنسجام فى بداية الأمر لم أعجب بأن يقولنى ما لم أقله أو أن ينسب لى ما لا يليق بمبادئ وأفكارى ولكن عندما راودت صورته مخيلتى مرات عديدة وتمعنت فى { البودى لانكويتش } إلتمست له العذر وإعتبرته مناضلا من أجل الحرية والديمقراطية تراكمت عليه سنون الظلم والإستبداد والفساد المتحكم تركت بصماتها وأثارها عليه فكان إنفعاله ترجمانا لمصداقية قضيته وما يدافع عنه من مبادئ فتخيل أننى من مؤيدى بقاء النظام الإستبدادى . صحيح أن الندوة لم تخرج بحلول وإطروحات جذرية ولكنها نجحت فى حراك سياسى وشعبى هام وكانت خطوة بداية إيجابية نحو التغيير تغيير وضع المرأة السودانية والوضع السياسى السودانى بصفة عامة . ثانيا كانت من إيجابياتها خلق لحمة ترابط وتضامن وتكافل بين السودانيين الذين حتى وإن إختلفت أرائهم وأطروحاتهم لكن قد توحد هدفهم وحلمهم فى تغيير إجتماعى وثقافى وسياسى . ثالثا من جماليات الندوة تلكم المداخلات التى تميزت بروح الفكاهة والمرح نجحت فى إخراج الهواء الساخن وإن ننسى لن ننسى ما قامت به الأستاذه زينب الضاى من خلال هجومها الكاسح على عنف الرجل السودانى وهيمنته الذكورية وإسلوبها المرح الذى أشاع الفرح والضحك فى القاعة ونجح فى أخراجهم من كبت القهر والغربة الصعبة ولابد لنا من الإشادة بالأستاذة هالة بابكر النور التى تميزت بإسلوب فريد فى إستقبال الحضور والسؤال عن أحوالهم فى تواضع جم وهى صاحبة المبادرة كما نشكر زوجها الأستاذ الرشيد سعيد أحد رموز النخب المثقفه التى نعول عليها كثيرا فى إحداث التغيير ونقول للأستاذ محمد الناجى الذى أساء فهمنا لك العتبى حتى ترضى ما قصدنا سلب الديمقراطية ولا وأد حلم الحرية ولجميع الحضور الذين تميزوا بأخلاقيات عالية تمتاز بالأدب والإحترام وحسن الحوار وكل أمنياتنا ان تستمر مثل هذه الندوات وأن لا تكون هذه أول وآخر ندوة حتى يتمكنوا من تحقيق هدفهم وحلمهم فى التغيير . بقلم : عبير المجمر ( سويكت )
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة