من بعد التمكين، انفتحت شهية بعض الاخوان على التهام المعارضة ، وبعضهم غشيته "صحوة ضمير"، فأبدوا بعض الندم ، منددين بما اقترفوا في حق البلاد والعباد..إلى جانب الإعترافات الموشّاة لبعض الشعبيين ،ولآخرين من داخل الصندوق مثل الكودة والفاتح عز الدين، يُحكى هذه الأيام عن طفرة في مشاعر الشيخ حسن مكي، الذي يقال أنه أبدى أسفاً بالغاً على ما حدث، واصفاً قبضتهم على المقاليد، بأنها كان هوشة دفعتهم إليها " محبتهم للثقافة الاسلامية"..!
لا يفعل الحب مثل هذا ، ولا العتاب يُجدي، فقد خربت بلادنا على أياديهم، بينما هُم على حالهم، يطلبون من بني السودان، انتظار اعترافاتهم ـ بالقطّاعي ــ واحداً بعد الآخر ، حتى يأتي زمان يعترف فيه أمين التنظيم، بأن فقه الضرورة، كان ضرورة..!
ماذا يريد الاخوان تحديداً من بيع اعترافاتهم بالقطاعي..؟ يريدون القفز من سفائن مدهاني، التي قضت على ارواح مئات الأبرياء في عرض البحر.. يريدون تشكيل جبهة، لليمين الجديد، يريدون تشكيل كتيبة المستقبل، المنوط بها الحديث بإسم المعارضة..من أجل هذا الهدف الغالي تتقافز اعترافاتهم بالفشل في هذه المرحلة، مع انهم ــ في الحكومة ــ بدأوا عهداًجديداً بالتحالف مع قوى، ذات بأس شديد.. من أجل هذا يعمل النظام على "تشوين" زعيم الطائفة ، ليقوم بدور الوسيط بينهم وبين حركات دارفور، فقد ورد في الأخيار، أمس الأول، أن زعيماً كبيراً، عرض وساطته على إحدى الحركات، وتبرع بضمانات ، من بينها أن يكون على رأس وفد المقدمة..! لك أن تسأل عن التجلي التالي للأُخوان ، بعد مراجعاتهم الدائبة لمخرجات الوثبة، التي انتهت فعالياتها في الشتاء، ولم يتم الافصاح عن محصِّلتها النهائية، وها نحن في الخريف... لقد تمفصلت شخصيات ضخمة عن النظام، و ألمّت ببلادنا عواصف الحسم و الحزم، وهدير الرعود.. ثم ماذا بعد..؟ "..!
النظام دمّر المعارضة واتقي خطرها الذي يأتي من "تلقائها"، لأن التاريخ لايقبل الفراغ. وطالما ان المعارضة ضرورة تاريخية ، فمن الممكن ان تنشأ من داخل النظام ..الاتحاد السوفيتي اسقطته قوى من داخله، والكيزان الذين لفظتهم المسيرة القاصدة ، يحاولون دائما ملء هذا الفراغ ..لذلك جاء ود ابراهيم في إهاب السيسي ، وقد يأتي آخر، عمّا قريب..! كتيبة المستقبل، لها حوبة كبيرة ،في استنقاذ الكادر المؤمن، عن طريق اعتماد مبدأ "الوسطية"...عاصفة الحزم، يمكن أن تأتي ببعض النقود، و إحكام التحالف مع ملوك الطوائف ــ بزعمهم ــ قد يُرضي المعبود. يظنون ان الساحة قد فرغت بضعف قوى الاجماع ، فيريدون أن يملأوها بمعارضة طاهِرة مُطهّرة ،وقد جربوا مثلها بعد نيفاشا عن طريق الكادر المُتقدِّم ..يريدون ضبط حركة الشارع بتكريس التواصل مع أهل القبلة، باشكال مختلفة..ليس بالضرورة أن يقترب "الحشد الشعبي" من عبدة المساجِد بآليات السلطة، إن كان التوصل ممكناً عن طريق الصوت المُعارِض عبر قنوات جديدة ، ومجالات متعددة....طاقة الشارع تحت وطأة الأزمة المعيشية هي طاقة غضب ، لا ينتظر منها غير ردة الفعل ، بينما التغيير يحتاج إلي رؤية، ويحتاج الى قيادة... للتغيير شروطه التي يصعب توفرها واجتماعها في لحظة ساذجة مثل هذه..الغضب سهل، والتراجع والانكار أسهل، وليس كل من تمرد يطلب التغيير الذي يخرج السودان من حُفرة الاخوان.. و الاخوان، مهما اختلفوا فيما بينهم، فإن خلافاتهم لن تصل مرحلة كسر العظم..دائماً ما يجدون، من داخلهم أو خارجهم، من يتدخل ويعمل على لملمة الخلاف قبل أن يستفحل.. كان هذا قبل أن " يضوقوا " السُّلطة ، أما وانهم وقد "اتْجدّعوا" على الطنافس وتمرَّغوا فوق السندس والاستبرق، وتمهّلوا في النغنغة ، فستجدهم دائماً، يتواءمون ، بأعجل ما يكون..! لا تصدقوا الناقمين على إخوانهم في تنظيم الحركة، فهؤلاء واولئك هم رصيد بعضهم..يريد النظام للمعارضة ان تكون ضمن القافلة..ان كانت قوى نداء السودان تطلب المستقبل ، فعليها أن تتحذّر كثيراً من "مفطوم اللّبَنْ"، هذا الذي يتقافز، "مِنْ فِريع لي فِريع"..!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة