تأمُلات[email protected]· أردد دائماً أن حسم الأمور في سوداننا الحالي أبعد من حلمات الأذن.· وأثق تماماً في أن الحقيقة تظل مغيبة على الدوام بفعل فاعل في بلد كالسودان.· لهذا عندما كتبت في أول مقال بعد نشوب الأزمة الأخيرة بعنوان " عماد ومحاربة الفساد" كنت أعني كل حرف فيه.· وخلافي مع البعض هو أنني لا أقبل بفكرة تجريب المجرب.· فهؤلاء يحملون ذات الأمل وكأن التجربة الأولى لم تكن.· لم أنف في ذلك المقال حق الهلال المسلوب أو أغض الطرف عن فساد اتحاد الكرة الذي أؤكد على فشله وفساده في كل مقال أسطره.· لكنني أكدت أولاً أن مجلس الهلال غير مؤهل لتصحيح الأوضاع المختلة في اتحاد الكرة وبينت مببرات ذلك حينها.· كما أوضحت أن الأزمة ستحل في النهاية عبر تدخل السلطة ولن يكون للقوانين والنظم أي نصيب في الحل.· وهو حديث لم يقبله الكثيرون حينها.· لكن ولفرط تقتي في توقعاتي أكدت للجميع في عدة مقالات لاحقة أن الأزمة إن حُلت بطريقة غير التي توقعتها سأتقدم لمجلس الهلال ولجماهير النادي باعتذار واضح وصريح على سوء ظني بهم.· وقد رأيتم كيف أن القوم أضاعوا وقتكم وربما أموال بعضكم التي انفقوا جزءاً عزيزاً منها في الصحف الرياضية خلال الأسابيع الفائتة.· فما الجديد الذي طرأ بعد إهدار كل هذا الوقت والجهد والمال؟!· لا جديد بالطبع.· وانتهينا إلى نفس النهاية التي سبق أن انتهت عليها قضايا كثيرة.· وليتنا انتهينا!· فواقع اليوم يقول أن الأزمة اخذت منحىً جديداً ولم تنته.· فقد دخلنا مرحلة جديدة من (الاستعباط) والمغالطات التي صارت ديدناً ثابتاً للمتعاملين مع هذا الوسط.· بمجرد انتهاء الجمعية العمومية الطارئة التي صدرت عنها القرارات التي تعرفونها جميعاً، خرج علينا رئيس نادي الهلال ببيان شديد اللهجة.· أولاً وقبل الخوض في تفاصيل البيان لدي تحفظ على جهة اصدار البيان.· حيث افترض أن البيان كان لابد أن يصدر باسم مجلس الهلال وليس ( الدكتور) أشرف سيد أحمد الكاردينال رئيس النادي، إلا إذا سلم الجميع بأن الأندية صارت من الأملاك الشخصية لرؤسائها في هذا الزمن العجيب.· ثم أن أشرف الكادرينال مع احترامنا له لا يحمل درجة الدكتوراة من أي جامعة في العالم، لذلك لا يصح أن يُضاف إلى اسمه في البيان لقب الدكتور.· قوية هي العبارات التي تضمنها البيان الذي عبر عن ثبات على الموقف، لكن من يضمن للأهلة ذلك؟!· السؤال أعلاه لا أطرحه اعتباطاً أو لكراهية في مجلس الهلال، فالهلال عندنا هو الأصل ونؤازره في كل الظروف، لكن خوفي من أن يكون البيان بداية فصل جديد من الوعود الكاذبة مثلما حدث سابقاً في قضية تسجيل بكري المدينة للمريخ.· ما يجعلني أتخوف من ذلك هو أن مجلس الهلال ورئيسه بعد أن ملأوا الدنيا ضجيجاً حول فساد اتحاد ( اللقيمات) مؤكدين أنهم لن يتوقفوا عن معركتهم إلا بعد ازاحته واجتثاث الفساد.. بعد كل ذلك الضجيج عادوا وجلسوا مع أعضاء هذا الاتحاد ورئيس البرلمان وآخرين من أجل البحث عن حل ودي للأزمة!· وهذه مفارقة عجيبة وغريبة.· فمن يبحث عن سيادة القانون ويسعى لاجتثاث الفساد لا يعقل أن يجلس مع رؤوس هذا الفساد لإيجاد حلول ودية مهما كان حجم الضغوط.· بعد أن وقفت غالبية جماهير الهلال ذلك الموقف القوي مع مجلسها وهو ما أشار له البيان كان من المفترض أن يقبض المجلس على جمر القضية.· والقبض على جمر القضية يعني أن يرفضوا أى كلام عن الجودية بعد أن بلغ الظلم ما بلغه من مستويات غير مسبوقة.· إذ كيف تعاني كل ما عانيته من اتحاد ( لقيمات) وتتوقع بعد ذلك منه التزاماً بالعهود والاتفاق الذي تم داخل مباني البرلمان؟!· إن لم يلتزموا بتطبيق القوانين واللوائح الواضحة التي كان من الممكن أن تكفي الناس كل هذه الشرور.. إن لم يفعلوا ذلك فكيف يتوقع منهم الكاردينال أو مجلس الهلال التزاماً بالعهود؟!· ألا يعيدنا ذلك للمربع الأول - الأمور في بلدي لا تُحل إلا بالجوديات وتدخل السلطة التي بعد أن أفسدت علينا كل شيء اتجهت للرياضة ملاذنا الأخير!· حديث البيان عن لقاءات مع (الشيخ) البروفيسور ابراهيم أحمد عمر رئيس البرلمان لم يرق لي لأن البرلمان ورئيسه من رؤوس الفساد في البلد ولا نتوقع منهم حلولاً جادة لأي مشكلة.· ولو كانوا يحلون مشكلة لناقشوا على الأقل المشاكل ( المتلتة) التي يعاني منها إنسان السودان في أمنه ومأكله وعلاجه وتعليمه.· ومن أغرب المطالبات التي كنت أقرأ عنها وأضحك ذلك البند المتعلق بحل لجنة الاستئنافات، فإذا كان مجلس الهلال يسعى لحل الكل (الاتحاد) برمته، فما جدوى الحديث عن الجزء بعد ذلك!!· اختتم رئيس الهلال بيانه بأنه سوف يواصل المعركة حتى آخر رمق واستصحاب قرار الانسحاب في الموسم الجديد!· نتمنى ذلك.· لكن إن توجه الهلال بقضيته للجهات الخارجية المعنية فلن يطول الانتظار أو يضطر للإنسحاب من نسخة الممتاز القادمة لأنه قد لا تكون هناك نسخة ممتاز أصلاً.· ويظل السؤال: هل يقوى مجلس الهلال على مواصلة المعركة حتى النهاية؟!· وفي الجانب الأخر خرج علينا مجلس المريخ صباح اليوم ببيان مضاد!· نحمد لأهل المريخ أن بيانهم حمل توقيع المجلس لا رئيس لجنة التسيير منفرداً.· وطبعاً السبب واضح وهو أن الرئيس هناك يدفع من جيبه وهنا لا حيلة له، وليس لأنهم أكثر مؤسسية من الهلال، لأنهم لو كانوا كذلك لما سمحوا لجهات من خارج المجلس بصياغة بياناتهم واستئنافاتهم.· هذه هي ثقافتنا في سودان اليوم للأسف الشديد.· إلا أن بيان المريخ جاء محشواً بالعبارات العاطفية ظناً منهم أن التلاعب بالمفردات يكفي لاقناع الآخرين.· يقول البيان أنهم نأوا بناديهم العظيم عن سفاسف الأمور وساقط القول مع الالتزام بحقهم الشرعي في الدفاع عن حقوق نادي المريخ!· ولا أدي من الذي بادلهم الشتائم أو ساقط القول أصلاً حتى يقرروا أن يردوا أو يلتزموا الصمت؟!· لم تكن للهلال أو الأمل قضية مع المريخ أو مجلسه ولم يتعرضوا لهم طوال الأزمة بأي سوء فإلى من يا ترُى وجه بيان مجلس المريخ هذه العبارة؟!· أليست هي اللغة العاطفية التي تستهدف كسب ود جماهير النادي؟!· قال البيان " نؤكد على أن محاولة مجلس الهلال الرامية إلى أن يجرفنا إلى سفاسف أمور، لم ولن تجد منا أذناً صاغية ولن ننحدر إلى مستويات من الكذب والإدعاء الأجوف والضلال الذي يريدون به أن يداروا خيبة مسعاهم ورجاءهم!!!· تأمل عزيزي القارئ جيداً العبارة أعلاه، وتذكر أنهم قالوا في الفقرة التي سبقتها أنهم نأوا بناديهم عن ساقط القول!!!· فضلتوا شنو من ساقط القول بعد كل هذه المفردات يا أعضاء مجلس المريخ؟!· طبعاً بصدور البيانين سوف يظل الناس في حالة غلاط ولن يصل الكثيرون للحقيقة.· فمجلس الهلال يؤكد أن الاتفاق كان ينص على لعب مباراة القمة لتحديد الفائز بنسخة الممتاز وأهل المريخ قصدوا ببيانهم أن يكذبوا ذلك!· العجيب في الأمر أن دائرة الرياضة بأمانة الشباب في المؤتمر الوطني دخلت على الخط بتأكيدهم على أنهم لعبوا الدور الرئيس في ( الجودية) وقولهم أن الاتفاق نص فعلاً على ما جاء في بيان رئيس الهلال!· فمن يصدق الناس إذاً؟!· أرأيتم كيف أن التخلي عن القوانين واللوائح والنظم يزيد الأمور تعقيداً ويدخل الناس في مغالطات لا تنتهي!!· لهذا أرى أن مجلس الهلال وقع في الخطأ مجدداً.· وبدلاً من التعلم من درس قضية بكري المدينة نراهم قد حشروا أنفسهم مجدداً في عش الدبابير وسيصبح الخروج منه صعباً.· المضحك جداً في بيان مجلس المريخ قولهم " إن الذين (افتعلوا) المشكلة كانوا أول من أكتوا بها.. وجعلوها ذريعة لهم ليفروا من ميادين (الوغى) الكروي و(منازلة الشرفاء) (خوفاً من الهزائم والشتات) !!· ركزوا جيداً في هذه المفردات القوية " الوغى" " منازلة الشرفاء" " خوفاً من الهزائم والشتات".· هي مفردات وعبارات قوية نعم، لكن المتأمل سيكتشف أنها بلا أي معنى.· فكيف يهرب الهلال من ميادين الوغى ومنازلة الشرفاء ويتخوف من الهزائم والشتات وهو حتى الوقت الحالي وبعد الانسحاب من مباراتين ما يزال متقدماً على المريخ بنقطة !!· ألا ترون أيها القراء الأعزاء أن الكثير من الإداريين وبعض الزملاء يعتبرونكم مجرد (سذج) يمكنهم أن يصدقوا أي شيء!!· ولا ننسى أيضاً تصريح عضو الجمعية مأمون بشارة الذي قال أن جمعيتهم كانت موجهه ولم يناقش خلالها سوى الضباط الأربعة.· وهو ليس بالأمر الغريب، فقد كنا ندرك أن انعقادها مجرد فصل أو مشهد جديد في مسرحية العبث، وأن كل شيء تم خارج الجمعية.· وخارجها هذه تعني تدخل السلطة وهو ما قلناه في أول يوم نشبت فيه الأزمة..· وللمرة المليون أسأل ما الذي يفرض على مجلسي الأمل والهلال المتظلمين الجلوس مع رموز الفساد من أجل التوصل لحلول مرضية؟!· أسأل السؤال رغم أن الأمل كسب الكثير، لكن أين الوقفة مع المبادئ التي استدعت أن تحمل جماهير الهلال صور رئيس نادي الأمل!!· المفارقة أن كل طرف كان حتى ساعات قليلة ماضية يتحدث عن ضرورة سيادة القانون.· في الهلال انسحبوا بحجة أن القانون غير مطبق.· وفي الأمل كان الحديث الدائم هو ذا.· وفي المريخ رأيناهم يأتون على سيرة القوانين.· وأهل الاتحاد رددوا مراراً وتكرارا ًتمسكهم بالقوانين واللوائح وفرضها على الجميع.· لكن المحزن أنهم جميعاً عندما جد الجد تركوا القانون جانباً وحاولوا التوصل لحلول بعيدة عنه كل البعد.· ولهذا قلت في مقال الأمس إن فرح المريخاب اليوم فسوف يشتد حزنهم غداً.· ولو كانوا مجلسهم نبيلاً بحق وحقيقة لرفض الكأس ( الجيفة) وطالب في البداية بأن يسود القانون بعيداً عن هذا التمثيل والضحك على عقول الناس.· فالطريقة التي أرادوا أن يمنحونهم بها كأس الممتاز لا علاقة لها بالقانون لا من قريب ولا من بعيد.· فالجمعية الطارئة دعا لها من لا يملك الحق في الدعوة لها.· ولجنة الاستئنافات التي كانت وراء كل هذه الأزمة انطوى تشكيلها على مخالفة كبيرة.· والحلول التي حاولوا الخروج بها بالأمس ( طُبخت) في البرلمان وليس داخل الجمعية العمومية الطارئة.· وبعد كل ذلك هناك من يحدثك عن أهلية الرياضة وسيادة القانون!!· عموماً أرجو ألا يخرج علينا مجلس الهلال غداً بأن تكاليف التقاضي الخارجي كبيرة ولذلك رأوا عدم المضي فيها.· فالأهلة على أتم الاستعداد لدفع تكاليف هذا التقاضي مهما ارتفعت، هذا إن قبلنا بمنطق أن المجلس (القادر على جلب ميسي) يعجز عن دفع مثل هذه الرسوم.· المخجل والمثير للقرف والاشمئزاز أن القوم يفلحون فقط في إضاعة الوقت فيما لا طائل منه وهناك في أثيوبيا يتعادل منتخبنا الوطني مع نصفنا الذي انشطر ( دولة جنوب السودان) !· بدأ منتخبنا مشاركته في سيكافا- التي يرأس اتحادها حالياً رئيس اتحاد الفساد والفشل وبيع القوانين بأبخس الأثمان- بهزيمة من مالاوي وها هو يتعادل سلبياً مع دولة حديثة التكوين !· أي خيبة هذه بالله عليكم.· ورغماً عن ذلك يلجأ معتصم ومجدي وأسامة وبقية الفاشلين لكل حيلة تمكنهم من البقاء في مناصبهم ( التي يزعمون أنهم يمارسون صلاحياتها بالمجان).· والله لو كانت فيكم ذرة مروءة أو احساس لاستقلتم جميعاً قبل سنوات من الآن بعد أن صرتم رموزاً للفشل والفساد. أحدث المقالاتروابط لمواضيع من سودانيزاونلاين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
كمال الهدي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست