قبل أيام إقتاد جهاز الأمن شابا وصل من الخارج للترحيب به على طريقتهم المعروفة ليسلّموه الى اهله بعد ساعات جثة هامدة بزعم أنه
إنتحر! أين يحدث مثل هذا الأمر في العالم كله؟ لو لم تكن تدير بلادنا عصابة للجريمة المنظمة ، لا عدالة ولا قانون ولا قضاء ولا يحزنون، وبعد ذلك ستجد بعض الأرزقية الذين يتساءلون عن البديل؟ في حالة سقوط النظام (الساقط). البديل ليسوا أشخاصا، البديل هو دولة العدالة وحكم القانون الذي يساوي بين الجميع، البديل هو الدولة بمؤسساتها التي تسهر من أجل حماية حقوق المواطن والدفاع عنه. ميليشيات قبلية ينشئها النظام وترتكب مجازر في دارفور يصبح بسببها رأس النظام نفسه مطلوب للعدالة الدولية، وهو الذي بإعترافه أعلن: (قتلنا الناس لأتفه الأسباب) وبعد كل ذلك يتحول اسم الميليشيا من الجنجويد الى الدعم السريع، وتصبح تابعة لجهاز الأمن والمخابرات بقرار من رأس النظام المطارد دوليا نفسه، ثم يتحدث البعض عن وجود دولة. تقوم الميلشيا نفسها بعد تغيير اسمها (دون تغيير أفعالها) بإعتداءات يومية على المواطنين حتى في عاصمة بلادنا دون مساءلة! ومن الذي يسألها ان كان النظام كله بكل أجهزته غارق في الحرب على مواطنينا حرب تبدأ من الحرمان من حق حبة الدواء وتنتهي بالقتل المجاني، مثلما حدث للشاب محمد احمد في مطار الخرطوم ومثلما يحدث لعشرات الناشطين من اعتقال وسجن وقتل خارج حدود القانون! وأين هو القانون؟ دولة تصرف كل ما تجبيه من شعبنا المظلوم وكل ما تحصل عليه من عائد بيع ثرواتنا على أجهزة أمنها وميليشياتها وجيوش مستوظفيها ووزرائها الذين لا يفعلون شيئا ولا يقدمون شيئا للمواطن المسكين، سوى الاهانة وساقط الكلام. جيش من العطالى الذين لا هم لهم سوى جني الامتيازات والمتاجرة بكل شئ في وطننا لحسابهم،وبعد ذلك على شعبنا المسكين تحمّل نفقات جيوش الفساد التي تتناسل من رحم التنظيم المجرم الذي استولى على بلادنا في غفلة زمان. حين وقع إنقلاب الانقاذ المشئوم، كانت الدولة رغم مواردها القليلة تتحمل كل نفقات تعليم المواطن ونفقات المؤسسات الصحية. كانت الدولة تسير بمؤسساتها الراسخة التي بدأ أهل الانقاذ عهدهم بتدميرها، الخدمة المدنية التي كانت مضرب مثل في إنضباطها وأسهمت في تأسيس الخدمة المدنية في كثير من الدول في جوارنا. كانت هناك أخطاء كثيرة لازمت التجربة الديمقراطية. لكن تنامي الوعي ووجود الصحافة الحرة التي أحصت على المسئولين أنفاسهم، ورسوخ التجربة نفسها كان كفيل بمعالجة كل أخطائها. حين وجهت إحدى الصحف في العهد الديمقراطي بعض التهم الى وزير الداخلية أصدر الوزير قرارا بتعطيل الصحيفة. لكن قاضيا أمر بعد يوم واحد أن تعود الصحيفة الى الصدور! من يستطيع الان تكسير قرار لضابط صغير في جهاز الأمن! وحين يتمادى أحد الصحفيين في نقد النظام حتى لو كان نقدا ناعما، يرسل النظام بلطيجته لضربه وتحطيم صحيفته، ثم يتحدث البعض عن دولة الانقاذ التي استعادت هيبة السلطة! بدلا من المحافظة على الديمقراطية الوليدة ، قفز لصوص السلطة والمال العام عليها وإستباحوا وطننا وكأنهم ورثوه غنيمة يوزّعون مقدراته وثرواته بينهم أما أصحاب الحق فليس لهم من حق سوى الحرمان والموت. تذهب ميزانية الدولة للصوص المال العام وكلاب حراستهم بينما أصحاب الحق يموتون بسبب حبة دواء، يتظاهر مرضى السرطان ومرضى الفشل الكلوي الذين لا يجدون دواء او رعاية صحية. تباع مؤسسات الدولة ومشاريعها وتصب اموالها في دورة الفساد الشيطانية. إنها الاوضاع المقلوبة التي لا يوجد لها مثيل في الدنيا كلها. دولة العدالة وحكم القانون آتية. الدولة التي تنحاز لغالب شعبنا من الفقراء. الدولة التي توفر لشبابنا فرص التعليم والعلاج والعمل. الدولة التي تعيد إنشاء مؤسسات وطننا التي دمّرها اللصوص. المجد لمناضلات ومناضلي شعبنا .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة