33 زائر 16-07-2016 admin عثمان ميرغني حديث المدينة الجمعة 15 يوليو 2016
على خلفية الموسيقى التصويرية لمسلسل الدكتور حسن الترابي في قناة الجزيرة.. بدأت حملة تبادل اتهامات شرسة بين قيادات وعضوية الحركة الإسلامية.. على سياق (وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون).. محاولة لفتح (قفص اتهام) كبير لا يُعرف فيه السِجن مِن السَجَّان.. في زخم هذه المعركة التي تُستخدم فيها كل الأسلحة.. إختلط حابل (المراجعات) الفكرية، بنابل (المجادعات) الشخصية.. والحقيقة أن المتهم الأول الذي يجب أن يحاكم –غيابياً- هو منهج تفكير الحركة الإسلامية.. المنصة التي تنطلق منها غريزة السلوك العفوي المؤسسي عند أهل الحركة. في أعماق الفكرة التي بُنيت عليها فلسفة الحركة الإسلامية.. أنها تحمي الله، لا العكس.. على نقيض مقالة عبد المطلب الشهيرة (أما الإبل فهي لي.. وللبيت رب يحميه).. الدين الإسلامي ليس مجرد (ديباجة) تمنح البركة وصك الغفران بموجب البطاقة.. بل هو مقاييس ومعايير لا تتحقق بغير الفهم الصحيح الذي يزن بدقة الحد الفاصل بين (مشيئة الله) و(سعي البشر).. الله هو المدبّر للأمر في السماء والأرض.. وفرق شاسع بين (الترتيب) و(التدبير).. يرتب البشر أمرهم كيف شاءوا ولكن الله (يدبر) النتائج من عنده.. والناظر للسيرة التاريخية منذ تولت الحركة الإسلامية الحكم في يونيو 1989، أنها تحكم سعيها بميزان (النتيجة).. فتحسب أن (النجاح) هو في الإمساك بدفة الحكم أطول ما تيسر.. بأية وسيلة كانت.. كأنما نبل الغاية يطهر رجس الوسيلة. الله يأمرنا بالعدل.. (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا..) وحتّم أن مقياس العدل لا علاقة له بـ(النتيجة).. أن تكون عادلاً ولو ضد مصالحك –الظاهرة-، حتى ولو أدى لخروج الحركة الإسلامية من الحكم.. لكن عندما تظن الحركة الإسلامية أن الحرص على ضمان (النتيجة) شرط مقدم قبل السلوك.. هنا يختل الميزان كأنما العبد يحمي المعبود. في التاريخ أمثلة كثيرة.. قاضي الدولة الإسلامية في الماضي التليد.. إستجاب للـ(الكفار) عندما رفعوا شكوى ضد جيش المسلمين الذي نقض العهد ودخل عنوة.. فأمر القاضي المسلم الجيش بالخروج من المدينة.. فكان (تدبير) الله أن جعل (النتيجة) إسلام أهل المدينة وطلبهم من الجيش أن لا يخرج.. لم يشغل القاضي تفكيره بـ(ـنتيجة) قراره.. فقط التزم بالمعايير الواجبة عليه.. وترك (التدبير) لمدبر الأمر.. إستلهمت الحركة الإسلامية من الحزب الشيوعي (فقه الشطارة).. الإفراط في (التكتيك) من وراء ظهر المبادئ.. بل أن تكون المبادئ نفسها مطاطة متحركة حسب المصالح.. وفي يقينها أنه طالما (هي لله..) تسقط كل شروط الإستقامة المؤسسية.. فالعبرة بـ(النتيجة).. لا بالوسيلة. هذا الفهم المعوج للإسلام أنجب فصل الشخصي من المؤسسي.. تكتظ المساجد في كل الأوقات.. ويصومون الإثنين والخميس من كل أسبوع.. وحلقات التلاوة المستمرة.. كل هذا في موضع (الشخصي) بينما يظل المسلك المؤسسي سابحاً في سماء منزوعة من مفاهيم الدين. الإسلام جعل العبادات من أجل تقويم سلوك العِباد.. مثل الوقود في السيارة يحقق القدرة على المسير.. لا فائدة من الوقود مهما كثر إن لم يحرك السيارة.. لا فائدة من صلاة مهما كثرت أو صيام أو حج، لمن يستحل المال العام مثلاً.. لا فائدة من عبادة شخصية لا تؤثر على المسلك المؤسسي للفرد. altayar
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة