( إن القلق يزداد إذا امتدت يد الدولة وسيطرت علي الصحف، لأنها بذلك – أي الدولة – تحول دون توجيه أي نقد لتصرفاتها، وهذا النقد لأعمال الدولة، وسياساتها، وتعاملها مع المواطنين، هو حرية التعبير التي يجب ألا يحرم منها المواطنون والصحفيون ) اللورد ديننج في steven v.sons limited
درج مجلس الصحافة والمطبوعات الصحفية في الأيام الأخيرة على إصدار قرارات بوقف الصحف لمدة يوم أو يومين، مع إلزام الصحيفة التي تخضع للجزاء بتنفيذه في خلال فترة وجيزة لا تمنحها الزمن الكافى الذى منحها له القانون لإستئناف القرار. ومن الجهة الثانية فإن تلك القرارت جاءت لصالح أجهزة حكومية ضد الصحف سواء أكان ذلك سبب بشكاوي قدمتها تلك الجهات ، أو نتيجة لرصد قامت به طواعية لجنة الرصد بالمجلس فتبين لها أن هنالك تعريض بأحد الأجهزه الحكومية. وهذا تصرف مثير للقلق لما يشوب إيقاف الصحف، حتى ولو جاء في شكل عقوبة قضائية، من شبهة مخالفة الدستور، وهو ما تعرضنا له من قبل وقد نعود له لاحقا لو إستمر الحال على ما هو عليه. إيقاف أربعة صحف لإضافة الإهانة للأذى قرر المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية تعليق إصدار أربعة صحف لأجل غير مسمى اعتبارا من يوم الاثنين الماضي، بحجة تجاوز تلك الصحف لشروط الاصدار الصحفي الواردة في القانون واللوائح . ذكر بيان صادر عن المجلس إنه “وجه إنذارا قانونيا لتلك المؤسسات ولم يجد الإستجابة المطلوبة مما دعا المجلس للجوء لما ليس منه بد، وهو تعليق الإصدار لحين توفيق الأوضاع” ولم يشر بيان المجلس الذى نشرته وكالة الانباء الحكومية (سونا) إلى اسماء الصحف. فيما كشف صحفيون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعى أن الصحف التى تم إيقافها هى (إيلاف، اول النهار، المستقلة، الوطن). واضاف بيان المجلس لقد “ظللنا في الأمانة العامة للمجلس نخاطب ناشري تلك الصحف طيلة الفترة الماضية بضرورة الالتزام بالقانون، وبلغت تلك المخاطبات ذروتها بتوجيه إنذار قانوني لتلك المؤسسات الصحفية بواسطة المستشار القانوني، لكن كل ذلك للأسف لم يجد الاستجابة المطلوبة مما دعا المجلس للجوء لما ليس منه بد وهو تعليق الإصدار لحين توفيق الأوضاع”. وأشار ناشر صحيفة (إيلاف)،د. خالد التيجاني، إلى أن قرار التعليق اتخذ لعدم الإيفاء برسوم سنوية تدفعها الصحف للمجلس. إذاً فالمسألة بعد أن إنقشع الغبار عنها تعود إلى أن الصحف المعنية لم تسدد رسوم تجديد الترخيص مما إعتبره المجلس إخلالاً بشروط الاصدار الواردة في القانون واللوائح، و أن القرار جاء تطبيقا لقانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة 2009. جزاء الإيقاف الذي لجأ إليه المجلس في حق الصحف الأربعة بحسب خطاب مستشارهـ القانونى يستند على الفقرة(م) من المادة التاسعة، والتي تمنح المجلس سلطة تعليق إصدار الصحيفة، أو دار النشر في حالة مخالفتها لأي من شروط مزاولة العمل. شروط الموافقة على مزاولة العمل الصحفي شرط إصدار الصحيفة وفقاً للقانون، هو الحصول على موافقة من المجلس بعد دفع الرسوم التى تحددها اللوائح (م 21). كما وتشترط الفقرة (ب) من نفس المادة أن تجدد الموافقة سنوياً. ويبدو من خطاب المستشار وتصريح الدكتور خالد التيجاني، أن المشكلة تكمن في عدم تجديد الموافقة، وهو تجديد يتم بعد سداد الرسوم التي تحددها اللوائح . شروط الموافقة هى شروط موضوعية تحددها المادة 22 من القانون، وهي تلزم المجلس بالموافقة على إصدار الصحيفة التي تتوافر لها تلك الشروط. وهذه الشروط الموضوعية بغض النظر عن رأينا فيها ــ ونحن نرى أن بعضها مجرد شروط تعسفية لا ضرورة لها ــ هي في نهاية الأمر لا مناص من الإلتزام بها، حتى يجوز للمؤسسة الصحفية أن تحصل على موافقة المجلس على أن تصدر الصحيفة. أما تجديد الموافقة سنوياً فهذا يتم تلقائياً بسداد الرسوم المقررة، أى أنه ليس شرطاً يتعلق بترقية مهنة الصحافة، ولا بحماية الجمهور من أى تجاوزات تقوم بها الصحافة، ولكنه شرط متعلق بتوفير الموارد المالية للمجلس. وهذا لا يقلل من أهميته بحال من الأحوال، ولكنه يجعله من حيث اولويات المجلس يأتي في مرتبة تالية للشروط التي تم إشتراطها حماية للصحافة، أوللمجتمع. فهل قصدت المادة 9 (م) إستخدام هذا الإجراء البالغ الشدة، والمشكوك في دستوريته، على النحو الذى ذكرناه من قبل مراراً وتكراراً، لمجرد الحصول على حفنة من الجنيهات، لا يحتاجها المجلس إلا لتعزيز المبادئ التى يهدمها هذا الإجراء. أن تجديد الموافقة سنوياً هى أحد متطلبات القانون، ولكنه شرط يهدف فقط لتمويل ميزانية المجلس، وهو شرط تتضمنه كافة القوانين التي تهدف لأن يكون المجلس جهاز للتنظيم الذاتي للصحافة، يتم تمويله بواسطة الصحافة نفسها ضمانا لإستقلاله. ولكن ذلك الهدف لا يجب أن يصل لهزيمة الغرض الأساسي من القانون، وهو رعاية الصحافة وحماية حريتها. والقانون الهندى مثلاُ يتطلب بدوره سداد رسوم لتجديد الترخيص، ولكنه يعفي منها أى صحيفة لا توزع أقل من 5000 نسخة يومياً، ولا يوقف صدور الصحيفه بسبب الفشل في سدادها. مسألة سداد الرسوم يجب أن تتم معالجتها في إطار واجبات المجلس في رعاية الصحافة. أما تعليق إصدار الصحيفة فيكون نتيجة لتخلف أحد الشروط الموضوعية والمنصوص عليها في الماده 22. وهى كلها شروط تهدف لتطوير العمل الصحفى للمؤسسة الصحفية، والقصد منها حماية المؤسسة الصحفية نفسها، وليست حماية مصلحة المجلس، لذلك فإنها ليست من ضمن سلطات المجلس في توقيع الجزاءات والتى جاءت في الفقره (ى) من الماده 9 بل هو إجراء مستقل لضمان الإيفاء بشروط يرى القانون أهميتها لمزاولة العمل الصحفي. المهام الرئيسية لمجلس الصحافة مجلس الصحافة، أو مجلس الإعلام كما هو معروف في بعض البلدان، هو مجلس مناط به القيام بمهمتين رئيسيتين: الأولى هي الإشراف على ممارسة مهنية متفق عليها، ويشمل ذلك التحقيق في الشكاوي التي تقدم له بواسطة الجمهور من المحتوى التحريري في وسائل الإعلام المختلفة، أو في الصحافة على وجه التحديد. وهي مهمة تهدف إلى ترقية المهنة، وذلك عن طريق التزامها بمهنية الأداء، كجزء من التنظيم الطوعي الذي قرره في الأساس أعضاء المهنة نفسها. والمهمة الثانية هي حماية حرية الإعلام، أو الصحافة على وجه التحديد. وبعض المجالس تغفل القوانين المنشئة لها الإشارة لمهمة حماية حرية الصحافة صراحة، ولكنها تظل جزء لا يتجزء من عمل المجلس، لأنه لا يستطيع التحقيق في الشكاوي الجمهور، دون ان ينظر في شكاوي الصحافة نفسها حول ما يعيقها في أدائها لعملها، لتتم الموازنة بين حق الفرد في الخصوصية، وبين حق الصحافة في تحريرها من التأثيرات التي تعيقها من أداء واجبها في إطلاع الجمهور على الكيفية التي تدار بها الشؤون العامة في بلده. قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2009م تم إصداره في جو تصالحي بين الحزبين الحاكمين آنذاك، وهما المؤتمر الوطني الذي كان يرغب في إبقاء سلطة الدولة في الرقابة على الصحافة كما هي، وبين الحركة الشعبية التي كانت في تحالفها مع المعارضة ترفض هذا الطرح السلطوي بالعين التي تنظر بها لحلفائها، أما العين الثانية والتي كانت ترنو لشريكها في السلطة، فكانت ترى فقط ما يوصلها لقانون إستفتاء يتيح لها إنفصال سلس. نتيجة لذلك فقد صدر القانون وهو يحمل الكثير من الثغرات والنقائص، ولكنه أيضاً حمل كثير من الملامح التي تضع على عاتق مجلس الصحافة والمطبوعات كثيراً من المسؤوليات التي تلزمه برعاية الصحافة، والعمل على حماية حريتها وهو ما سنستعرضه حالاً.
إختصاصات المجلس الأخرى في القانون تنص المادة (8) من قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية على عدد من الإختصاصات، هي في واقع الأمر مهام يجب عليه القيام بها، حتى يتحقق الغرض من إنشائه، من حيث حماية الصحافة وتطوير أدائها. كلنا نعلم أن الصحافة تعاني من مشاكل لاحد لها، فماذا فعل مجلس الصحافة لحلها؟ فالمجلس مختص بتوفير مستلزمات الصحافة والطباعة الصحفية وتذليل العقبات التي تواجهها، والعمل على توسيع قاعدة إنتشارها، فهل لنا أن نسأل ماذا فعل المجلس بالنسبة لكل ذلك ؟ وعلى وجه الخصوص ماذا فعل المجلس نحو تخفيض نفقات الطباعة وتوفير مدخلاتها؟ ألا يرى المجلس أن عدم قيامه بمهامه في هذه المسألة، قد ساهم في خلق الصعوبات التي أدت في النهاية إلى تعثر بعض الصحف في الوفاء بإلتزاماتها، ومنها رسوم التجيد؟ كذلك ماذا فعل المجلس بالنسبة لإختصاصه الوارد في الفقرة (ج) من المادة (8)؟ فماهو كسبه من حيث العمل على ترقية مهنة الصحافة، والإرتقاء بالمستوى المهني للعاملين بها، سعياً لتقديم خدمة صحفية ترضي القارئ؟ وماذا فعل في مجال تدريب الصحفيين بالتنسيق مع المؤسسات الصحفية؟ هل هنالك ما يمكن أن يقدمه المجلس من إنجازات في كشف حسابه الذي يطالب بموجبه برسوم تجديد الترخيص؟ كذلك نستميح المجلس عذراً إذا كنا نجهل تماماً ماقام به من حيث إجراء البحوث والدرسات الخاصة بالعمل الصحفي، ولا بأي بحوث خاصة بتاريخ الصحافة السودانية والتوثيق لها، وهو ما يحضه القانون على القيام به بموجب الفقرة (د) من المادة (8). كذلك فلا علم لنا بما قام به المجلس من تعاون وتبادل الخبرات مع المجالس والأجهزة المشابهة بالدول الأخرى، ولو فعل لكان قد إستفاد من خبرات تلك الدول في ترقية الصحافة وحماية حريتها، بالأخص مجالس الصحافة في تلك الدول التي لها إسهامات واضحة في هذين المجالين ومن ضمنها الهند وأستراليا. دور مجلس الصحافة في حماية حرية الصحافة بالنسبة لدور مجلس الصحافة في حماية حرية الصحافة، فقد كان الأولى بمجلسنا أن يستأنس يما يقوم به مجلس الصحافة في الهند، والدور الرئيسي الذي يلعبه في حماية حرية الصحافة. يبدو ذلك أول ما يبدو في أن لجنة الشكاوى التابعة له لا يقتصر عملها على الشكاوى المقدمة ضد الصحف والصحفيين، بل تكرس جزء هام من عملها لسماع شكاوى الصحف والصحفيين ضد الأجهزة الحكومية، حين تعمد تلك الأجهزة للحد من حرية الصحافة إما عن طريق القيام بإجراءات تعسفية ضد الصحف والصحفيين، أو بالتمييز في المعاملة بينهم. وهذا ما أغفل مجلس الصحافة لدينا القيام به بشكل تام. صحيح أن القانون قصر سلطة المجلس على النظر في الشكاوى المقدمة من المتضررين من نشر المواد الصحفية، في الفقرة( و) من المادة 9، إلا أن القانون على ما فيه من عيوب منح المجلس الإختصاص بالعمل على دعم وحماية حرية الصحافة، وذلك بتقديم النصح للأجهزة المختلفة للدولة فيما يتعلق بعلاقتها بالصحافة وإقتراح القوانين أو التعديلات على القوانين التي تدعم حرية الصحافة كما هو متبع في مجتمع تعددي في الفقرة هـ من المادة 8 فماذا فعل المجلس في هذه المسألة؟ يبدو أن أن أكثر الوسائل التي يمكن اللجوء إليها للتأثير على الصحف هي : (1) العنف ضد الصحفيين. (2) الحرمان من التسهيلات للصحافة. (3) الحد من حرية الصحافة بشكل مباشر
العنف ضد الصحفيين كثيراً ما سمعنا عن أعمال عنف إرتكبتها الأجهزة المختلفة ضد صحفيين أثناء ممارستهم لعملهم في التقصي عن الأخبار، ولم نسمع بأي رد فعل من المجلس. ولا يكفي هنا القول بأنه لم يتلق شكوى بصددها، فلجنة الرصد والمتابعة لم تتلقى شكاوي من أي جهة حين قررت إيقاف صحيفة الجريدة لمدة ثلاث أيام لنشرها إعلاناً في الصحيفة، ورد فيه ما إعتبرته إدارة الرصد والتقويم الصحفي أنه مختلق وغير مؤسس على أي خبر، أو قرار حكومي. على النقيض من ذلك قرر مجلس الصحافة في الهند أن السلوك العنيف من جانب الشرطة يؤثر تأثيرا سالباً يشكل مباشر على حرية الصحافة. في شكوى رئيس تحرير صحيفة Sainik ضد شرطة Fatehabad، Agra إدعى رئيس تحرير Sainik أن رجال الشرطة قاموا بضرب مراسل ومصور أثناء قيامهم بأداء مهمتهم في نقل الأخبار المتعلقة بالانتخابات في مدرسة الإنتاجية الزراعية. وإدعى أن الشرطة إنتزعت منهما الكاميرات وألقت بها بعيدا، وأنها أفرغت الهواء من الإطارات الخاصة بسيارتهم الجيب. كان الدافع لكل ذلك أن الصحيفة كانت قد نشرت خبرا يتعلق بشؤون مركز للشرطة في Daoki في أغرا. وادعى المدعى عليه أن أمراً بالإبتعاد عن مركز الانتخابات كان ساري المفعول وقت الحادث وأن الشرطة قد اضطرت لدفع الناس الذين كانوا في المنطقة بعيدا عن المركز، تنفيذاً لذلك الأمر. و أن إفراغ الهواء من إطارات السيارة الجيب تم تنفيذاً لواجباتهم. رفضت لجنة التحقيق قبول دفاع الشرطة، ولاحظت أن فحوى الشكوى قد أسس على وقائع حقيقية، وبالتالي فقد إستنكر مجلس التحقيق سلوك الشرطة الذي عرقل ممارسة حرية الصحافة من قبل الصحفيين. الحرمان من التسهيلات للصحافة محاولة التأثير على الصحف وإفقادها لإستقلالها كثيراُ ما تتم بأسلوب أكثر نعومة، والشكل الأبرز لذلك هو التأثير على الصحف عن طريق منحها الإعلانات الحكومية، أو منعها عنها. هذه المسألة بالنسبة للدول الفقيرة والتي تشكل فيها الإعلانات المورد الرئيسي للصحيفة، والتي تمثل الحكومة أكبر المعلنين في سوق إعلاناتها هي من أنجع الوسائل، وأكثرها نعومة بالنسبة للوسائل غير القانونية، التي تهدف للتأثير على الصحافة. رغم الشكوى المتكررة من الصحف، التي لا ترضى الحكومة عن سياساتها التحريرية، من منع الإعلانات الحكومية عنها، فإننا لا نعلم للمجلس أي رأي في هذا الصدد. فلا علم لنا بأنه قد أجرى دراسة، أو بحث في ذلك الصدد، أو حتى أنه طلب من الجهات المعنية معلومات عن سياسة توزيع الإعلانات الصحفية الحكومية، والأسس المستخدمة لتوزيعها بين الصحف. قد يكون من المناسب مرة أخرى أن ندعو مجلس الصحافة للنظر لتجربة نظيره في الهند في هذا الصدد. خلال فترة الطوارئ في الهند كانت الحكومة تتبنى سياسة في توزيع الإعلانات الصحفية الحكومية بشكل يهدف للتأثير على إستقلال الصحف. في داينيك Sambad Dainik ضد حكومة Tripura، رأى المجلس أن صاحب الشكوى محق في دعواه، حين أثبت أن الحكومة أوقفت إعلاناتها عن الصحيفة لان إفتتاحياتها كانت تنتقدها. رأى المجلس أن القرار كان بدافع سياسي، ومن شأنه أن يحد من حرية الصحيفة. الحد من حرية الصحافة بشكل مباشر معلوم أن الصحف تتعرض للمصادرة بشكل متكرر وهي مسائل لها صلة وثيقة بحرية الصحافة، فماذا فعل مجلس الصحافة في هذه المسالة؟ ولقد وصلت هذه الممارسة لدرجة تمت بموجبها في يوم واحد مصادرة كل الأعداد التي أصدرتها أربعة عشرة صحيفة من الصحف التي تصدر في ولاية الخرطوم. وقد شملت المصادرة صحيفتين اجتماعيتين هما "حكايات" و"الدار"، إضافة إلى 12 صحيفة سياسية من بينها "السوداني" و"الرأي العام"، و"الانتباهة"،و"التيار" و"الصيحة" و"آخر لحظة"، و"أول النهار"، و"المجهر السياسي"، و"الوطن" و"ألوان" و"الأهرام اليوم" و"أخبار اليوم" حدث ذلك ولم ير جهاز الأمن داع للإفصاح عن سبب مصادرة الأعداد الصادرة عن تلك الصحف. هل تحرى المجلس عن ذلك وفحص مدى قانونيته ودستوريته؟ ما حدث في ذلك اليوم كان حدثاُ فريداُ فقط من حيث عدد الصحف التي خضعت للإجراء، ولكنه يتكرر بشكل مستمر بالنسبة لعدد أقل من الصحف حتى لم يعد وقوعه يثير الدهشة. فهل قام المجلس بالتحري عن أسباب مصادرة العدد المعني الصادر عن هذه الصحيفة، أو تلك، من الجهة التي تأمر بذلك، في كل مرة يتم فيها مصادرة عدد من صحيفة ما؟ وإذا كان يفعل ذلك فهل وجد ان كل هذه المصادرات تتفق فعلاً مع القانون؟ أم أنها أو بعضها تنطوي على مخالفة للقانون ؟ فإذا كانت الثانية فهل قدم النصح حول ضرورة الإلتزام بالقانون فيما يتعلق بالمسائل المتصلة بحرية الصحافة للجهاز الذي قام بتلك المصادرة ؟ إذا فعل ذلك فماذا كانت النتيجة ؟ لو ظهر للمجلس أن ماقامت به الأجهزة بالنسبة لمصادرة الأعداد الصحفية كان متفقاً مع القانون، فهل رأي المجلس في هذا مايرضيه ؟ ام حاول ان يقوم بدوره نحو إصلاح القانون بتعديل المواد التي تسمح بذلك، فيما يتعلق بهذه الحرية الدستورية الهامة ونعني بها حرية الصحافة؟ هل تقدم مجلس الصحافة والمطبوعات بأي إقتراحات لتعديل القوانين لدعم حرية الصحافة كما هو متبع في مجتمع تعددي وهو أحد إختصاصاته الهامة التي تنص عليها المادة (8) من قانون الصحافة؟ صحيح أن قانوننا لا يحمل مادة مشابهة للمادة 13 من القانون الهندي والتي تنص على أهداف ومهام مجلس الصحافة فتذكرما يلي 13. (1) يهدف المجلس للحفاظ على حرية الصحافة وتحسين مستوى أداء الصحف ووكالات الأنباء في الهند. (2) يجوز للمجلس، وذلك تعزيزا لأهدافها، القيام بالمهام التالية، وهي: (أ) مساعدة في الصحف ووكالات الأنباء للحفاظ على استقلالها؛ (ب) إقامة مدونة متطورة لقواعد السلوك للصحف ووكالات الأنباء والصحفيين وفقا للمعايير المهنية العالية. (ج) ضمان الحفاظ على مستويات عالية من الذوق العام وتعزيز شعور الواجب كل من حقوق وواجبات المواطنة من جانب الصحف ووكالات الأنباء والصحفيين. (د) لتشجيع نمو الشعور بالمسؤولية والخدمة العامة بين جميع العاملين في مهنة الصحافة. (ه) أن تعمد لمراجعة ظهور أي إتجاه نحو تقييد الوصول إلى، الأخبار التي تهم العامة أو ونشرها ولكن قانوننا أيضاً يحمل مبادئ حول حرية الصحافة ويضع مهام يتوجب على المجلس القيام بها ومن ضمنها إقتراح التعديلات التي يراها المجلس على القوانين ضمانا لحرية الصحافة. تنص المادة (5) من قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لعام 2009م علي مايلي : 1) تمارس الصحافة بحرية وإستقلالية وفق الدستور والقانون مع مراعاة المصلحة العامة وحقوق الآخرين وخصوصيتهم ودون المساس بالأخلاق العامة . (2) لا تفرض قيود على حرية النشر الصحفي إلا بما يقرره القانون بشأن حماية الأمن القومي والنظام والصحة العامة ولا تتعرض الصحف للمصادرة أو تغلق مقارها أو يتعرض الصحفي أو الناشر للحبس فيما يتعلق بممارسة مهنته إلا وفقاً للقانون .
كما أناطت الفقرة هـ من المادة (8) من نفس القانون بمجلس الصحافة أن يعمل على دعم وحماية حرية الصحافة، وذلك بتقديم النصح للأجهزة المختلفة للدولة فيما يتعلق بعلاقتها بالصحافة، وإقتراح القوانين أو التعديلات على القوانين التي تدعم حرية الصحافة كما هو متبع في مجتمع تعددي. فماذا فعل المجلس في هذا الإختصاص؟ إذا كان من سلطة المجلس أن يحاسب الصحافة على عدم قيامها بواجباتها القانونية، أليس من حق الصحافة أن تحاسب المجلس على إخفاقه في حمايتها، ورعايتها، وهو الدور الأول له. وبشكل أكثر دقة ألا يرى المجلس أن فشله في القيام بأداء مهامه في كل ذلك، ما يقعد الصحف عن الوفاء بإلتزاماتها المالية؟ نبيل أديب عبدالله المحامي .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة