من السذاجة بمكان أن يفرح البعض بنبأ استقالة عبد العزيز الحلو نائب رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال.. إلا إذا كان الأمر أشبه بمباراة كرة القدم.. يصرخ الجمهور عندما تهتز الشباك.. ثم يفاجأ مع صافرة ختام المباراة بخسارة النتيجة النهائية. الاستقالة قد تؤدي إلى انشطار الحركة الشعبية وإضعافها بتشتيت شملها.. لكن هذا الأسلوب مجرب في فصائل عديدة ظلت تنشطر وتنشطر.. ولم يؤد ذلك إلى إنهاء الحرب.. ودونكم حركة العدل والمساواة.. كل يوم ينشطر منها فصيل ويمد يده مصافحاً الحكومة، ويعود إلى الداخل.. ومع ذلك لم يتحقق السلام الكامل.. ومثلها جيش تحرير السودان الذي من فرط انشطاراته أصبح لا يعرف إلا بأسماء قادته المنشطرين. السلام بات قريباً، وفي هذا التوقيت من الأفضل أن تظل الحركة الشعبية قطاع الشمال واحدة موحدة؛ حتى تدخل السلام كلها دفعة واحدة، ويغلق ملف الحرب في المنطقتين تماماً.. فوجود بندقية واحدة متخلفة في الغابة كاف لإشاعة حالة الحرب.. فالحرب ليست مجرد قنابل ومدافع ودخان.. الحرب هي (حالة الخوف)- كما وصفها القرآن (وأطعمهم من جوع.. وآمنهم من خوف). وفي حيثيات الاستقالة التي كتبها عبد العزيز الحلو مقترح غاية في الخطورة.. يدعو إلى انسحاب الجيش السوداني من المنطقتين تماماً.. ثم تكوين قوات جديدة مدمجة من الجيش السوداني، وجيش الحركة الشعبية قطاع الشمال؛ لتكون نواة لجيش جديد.. سيناريو أشبه باتفاقية "نيفاشا".. ويزيد قتامة السيناريو أن روح (الاستقالة) تستبطن تقسيماً إثنياً واضحاً.. مهما كانت النوايا فيه حسنة لكنه في النهاية يؤدي إلى الجحيم. من المصلحة المحافظة على الحركة الشعبية قطاع الشمال متماسكة في هذا الظرف الحذر.. فبعد قرار إطلاق الأسرى من جانب الحركة، ورد الحكومة التحية بأحسن منها؛ بإطلاق سراح المحكومين، بات الطريق أكثر (ليونة).. وارتفعت مناسيب النوايا إلى درجة تسمح بعبور خانق الثقة المتبقي إلى محطة السلام. المحك الآن هو المواطن السوداني في مناطق الحروب.. الذي يدفع مباشرة، وكل يوم ثمن هذه الحرب، ويجب أن ينطلق الحل السياسي السلمي من عقر دار مصالح هذا المواطن. التسوية السلمية ليست لضمان المستقبل لمن حملوا السلاح- وحدهم- بل قبلهم لمن دفعوا ثمن الحرب الضروس في المنطقتين.. المواطنون الذي تشردوا وفقدوا كل الخدمات– على فقرها- وعاشوا سنوات الحرب في حالة (بدون).. ينتظرون ويعدون الدقائق لا الأيام لنهاية الحرب ليعودوا إلى حياة طبيعية. مقترحات السلام والتسوية السلمية يجب أن تضمن لهذا المواطن كل حقوقه وكرامته.. أما المقاتلون الذين يضعون السلاح فهم- أيضاً- مواطنون توفر لهم ضمانات الحياة الكريمة في مجتمع مسالم معافى. كم عدد المقاتلين؟، وكم عدد المواطنين المسالمين المتأثرين بالحرب؟، لا مقارنة خاصة بحساب الأطفال، والنساء، والشيوخ.. حسابات السلام يجب أن تركز على الغالبية الصامتة الصامدة تحت ظلال السيوف. altayar
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة