نحو التاسعة مساء كانت طائرة صغيرة من فئة "فاكون" تقبع في ناحية بعيدة من مطار العاصمة الغامبية.. بعد دقائق تقدم الرئيس الحاج يحيى جامع بجلبابه الأبيض ومسبحته الطويلة.. كان برفقته رئيس غينيا الفا كوندي.. بعد مجهود خارق مصحوب بالتهديد باستخدام القوة الإقليمية تنحّى الحاج جامع الذي حكم غامبيا لمدة اثنين وعشرين عاماً.. قبل ستة أسابيع خسر جامع آخر انتخابات إلا أنه رفض الاعتراف بالهزيمة.. في جوف الليل لم يكن هنالك عدد كبير من المودّعين.. بعض الجنود رافقوا الجنرال إلى المطار لتأمين خروجه.. قبل أعوام كان جامع يقول إنه سيحكم لمليار سنة بإذن الله. نشرت صحيفة "الصيحة" أمس خبراً يفيد بأن الحزب الحاكم لن يتنازل عن أكبر ستة مقاعد في هرم الدولة.. القائمة المعلنة تشمل الرئيس ونائبيه ثم رئيس الوزراء ثم رئيسي البرلمان في مجلس الولايات والمجلس الوطني.. طبعاً هذه القائمة المعلنة أما القائمة غير المعلنة فتشمل كافة المناصب المؤثرة.. سيتصدق الحزب الحاكم بمنصب نائب رئيس المجلس الوطني لحزب المؤتمر الشعبي. في خبر آخر يحمل دلالات.. جمد حزب التحرير والعدالة مشاركته في أجهزة الحكومة.. هذا الحزب يرأسه بحر أبو قردة وزير الصحة وأقرب حلفاء الحزب الحاكم.. سبب التجميد أن الحزب الحاكم شرع في تعيين مفوضي مفوضيات في دارفور دون استشارة الشريك السياسي. خبر ثالث يحمل إيحاءً غير مباشر حيث أكد المهندس إبراهيم محمود نائب رئيس الحزب الوطني أنهم شرعوا في تدريب ألف شاب لقيادة الحزب في المستقبل. صحيح أن منصب رئيس الجمهورية لم يكن معروضاً في مزاد التسوية السياسية التي عبر عنها حوار قاعة الصداقة.. وأيضاً من المنطقي جداً أن يكون منصب النائب الأول من ضمن حصة الحزب الحاكم.. ما دون ذلك كان بالإمكان أن يتفرق على الشركاء الجدد.. لن يخسر الحزب الحاكم شيئاً إن بات الدكتور التيجاني سيسي رئيساً للوزراء.. وربما تزيد مكاسب الحزب الحاكم إذا ما نال الشيخ إبراهيم السنوسي رئاسة مجلس الولايات.. أو بات علي الحاج نائباً للرئيس.. من قبل تم اختيار الراحل محمد يوسف محمد رئيساً للبرلمان وكانت الجبهة الإسلامية تمثل القوة الثالثة في البرلمان. الحقيقة أن الحزب الحاكم يدرك أوزان القوة الجديدة المندفعة نحو الحكومة بالدفع الذاتي.. الشعبي أكبر حزب في المعارضة لا يطالب سوى بخمسة عشر مقعداً في البرلمان.. سينال أقل من ذلك حينما يطلب إبراهيم محمود نائب رئيس الحزب الحاكم من الشيخ إبراهيم السنوسي أن يستخدم الآلة الحاسبة في توزيع خمسة وستين مقعداً على كل القوى التي شاركت في حوار قاعة الصداقة. في تقديري أن السؤال المحرج هل ستقبل الحركة الشعبية أو حزب الأمة بهذه القسمة الضيزى إن جنحوا نحو المشاركة؟.. الحزب الحاكم كان أكثر شطارة حينما حجز المقاعد المهمة للشخصيات التي ربما تحضر الحفل في وقت متأخر.. من قبل تنازل ذات الحزب الحاكم عن منصب النائب الأول وثلث مقاعد الحكومة للحركة الشعبية حينما جاءت للتسوية. بصراحة.. لن يتحرك الحزب الحاكم إلى المقاعد الخلفية إلا بمزيد من الضغوط.. ولكن للأسف الذين قبلوا المشاركة دون شروط مسبقة ولا ضمانات كافية عليهم أن يقبلوا بالحصة المستفزة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة