(كتبت هذه الكلمة بعد اعتقال الترابي في عام 2000. وقد عدلت في لغتها من غير مساس بفكرتها الأصل. وأردت بالكلمة تأسيس منهج حيال الترابي. والمعارضون خلو منه من زمن قديم . وأردت بهذا المنهج وضع مطلب حرية الرجل في سياق تربوي تنطبع به الناشئة علي التعقيد الملهم للسياسة. وأعيد نشرها ليقف قراء صفحتي على الفيسبوك خاصة نهجي جول مثل هذا الموضوع لأن كثيراً منهم استنكر مطلبي بكفالة الحرية للأستاذ حسين خوجلي في محنته الراهنة مع قناته التلفزيونية) ما من شك أن اعتقال الدكتور حسن الترابي قد وضع خصومه الأصليين من معارضي دولة الانقاذ في حرج شديد. فليس بوسع هؤلاء الخصوم، علي كراهيتهم المؤكدة للترابي بما يفوق كراهيتهم للفريق البشير، أن يستثنوه من مطلبهم بحرمة الحريات والكف عن الإعتقال التحفظي والحق في المحاكمة العادلة. ومن سخرية الأقدار ان الذين تمنوا للترابي هذه "الهقلة والزرة" عبر سنوات الانقاذ الماضية يسارعون الآن لإستنقاذه منها طالما تمت بيد عمرو (او عمر) لا بيدهم. لن يجد خصوم الترابي سبباً يسوغون به عدم شمولهم الرجل بعنايتهم السياسية. غير انهم بحاجة الي التحوط أن لا يجعلوا من دفاعهم عن الترابي ميتة وخراب ديار. وأعني بهذا أن لا يستفيد هازئ معروف بالحقوق الانسانية الأساسية مثل الترابي من نعمة هذه الحقوق (التي لم يوقرها متي ما تمكن من السلطان) لمجرد انه أصبح من بعض هموم المعارضة. استحضرت حيال هذا الحرج السياسي لخصوم الترابي في معارضة الانقاذ موقفاً شبيهاً (في الدلالة السياسية لا الموضوع) من فيلم امريكي اسمه (الشعب ضد لاري فلنت). ولاري هذا هو صاحب مجلة (هسلر) التي ترتزق من تجارة الجنس. وقد بدأت المجلة كنشرة محدودة تروج لسوق ملهى للجنس كان لاري قد افتتحه في مدينة سينسيناتي بولاية اوهايو. وقد شدد المحافظون النكير عليه "وزازوه" في المحاكم. ونجا لاري من محاولة اغتيال دبروها له غير انه لزم قعيداً علي كرسي متحرك حتي يومنا الراهن. وقد ترشح من قريب ليكون الحاكم لولاية كاليفورنيا. انتقل لاري بتجارته ومجلته الي كاليفورنيا. ولم يكف عن مشاغبة المحافظين. فقال عن السيد جري فولويل، زعيم الأغلبية الخلقية ألأمريكية، إنه مضاجع لأمه آثم. واشتكاه جري للمحاكم. ووقف لاري فيها يدافع عن حقه في حرية التعبير بمقتضي المادة الأولي من الدستور الأمريكي التي جعلت من تداول الأفكار حقاً أساسياً مقدساً للناس. من الجهة الأخرى طلب خصوم لاري من المحكمة أن تحجب هذا الحق عنه بالنظر الي فحشه. وبلغت القضية المحكمة الأمريكية العليا. وانتصرت المحكمة للاري. وخرج منها ظافراً يجرجر كرسيه. وسأله صحفي عن رأيه في حكم المحكمة. فقال لاري: " كنت متأكداً أن المحكمة العليا ستحميني من أمثال القس فلويل لأنني أسوأكم قاطبة." وكان رأي لاري طوال الفيلم أنه لا يستحق حرية التعبير لأنه ليس بين أفضل من يستخدمها. على العكس فهو يعترف بأنه ممن يبتذلون الحق الدستوري في تداول الأفكار. وبني لاري استحقاقه الحرية علي بينة سلبية. فقد قال ان قضية الحرية ستصاب في الصميم إن لم تحم أمثاله من الذين لا يحسنون اليها. وقال إنه إذا اخفقت الحرية في شمول الأسوأ فإنها ستفشل في حماية الرجل الحسن في يوم قريب. والترابي أسوانا متي تعلق الأمر بحرية التعبير والتنظيم والتنقل وتداول الأفكار وحرمة الجسد وحق العمل. وستطاله الحرية غصباً عنه. وستنبح له المعارضة الحكومة خوفاً على ذيلها.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة