غمرتني مشاعر شتى وأنا أتامل خبر مصرع السفير الروسي في تركيا وتجاذبني شعوران أرقاني وملكا أقطار نفسي ولم أعرف لأيهما أنحاز .. الشعور بالإعجاب بذلك الفعل البطولي لذلك الشاب العشريني أم السخط مما ارتكب في حق ذلك الدبلوماسي القتيل بالرغم من أنه كان يمثل روسيا المجرمة وسفاحها ورئيسها الدموي بوتين الذي ارتكب في حق سوريا وشعبها وفي حق حلب الشهباء ما لن تمحوه ذاكرة الأيام ولو بعد مليون عام فإذا كانت ذاكرة الأمة تسترجع بالحسرة مأساة الأندلس التي طويت صفحتها المؤلمة قبل أكثر من خمسة قرون فإن ما حدث لحلب ولسوريا بل وللموصل والعراق حيث الدولتين الأموية والعباسية بتاريخهما الباذخ ، وقد توافر له من التوثيق المصور ما لم تحظ الأندلس وغيرها بمعشار معشاره ، سيكون خالداً وملهماً لشباب الأمة أبد الدهر فالليالي من الزمان حبالى وأمثال ذلك الشاب التركي الذي أردى السفير الروسي القتيل سيتوالدون ويتناسلون ونساء الأمة لم ولن يعقمن وإذا كانت ذاكرة الأمة لا تزال تستعيد سيرة هولاكو والمغول وهم يدمرون بغداد ويجزون رؤوس أهلها ويستحيون نساءها ويحرقون كتبها ومكتباتها فستظل تردد اسم بوتين إلى يوم القيامة وهو يفعل بالأمة ما لم يسبقه عليه أحد من العالمين. ما فعله بوتين في حلب تكرر في الشيشان ..هل تذكرون الشيشان أيها الشعوبيون أم نسيتموها لأنها ليست عربية؟! بوتين أنهى ثورتها بالحديد والنار لأنه كان يمسح الأرض ومن فيها ولا يبقي حجر ولا بشر ولا شجر وهو ذات الأسلوب الدموي الذي اتبعه بوتين ولا يزال في حلب وفي سوريا ..إبادة لا تفرق بين البشر والحجر ولا بين الأطفال الذين يُهرسون (بضم الياء) وبين العمارات التي تهدم على رؤوسهم .. بينما أمريكا ، في تواطؤ عجيب ، تمنع وصول مضادات الطيران لأيدي المقاتلين والمجاهدين حتى لا يتصدون للطائرات الروسية وطيران بشار الأسد ..ذات التواطؤ الذي حدث مع الفرس حين سلمت أمريكا العراق لإيران بدون أن تخسر تلك الدولة الصفوية الرافضية قرشاً أو جندياً واحداً ..ذات التواطؤ الذي يمدد مهمة مليشيات الحشد الشعبي الفارسي الرافضي نحو سوريا بعد الموصل ثم نحو اليمن ثم نحو مكة والمدينة إن لم يحدث ما يعطل ذلك المخطط المستهدف للأمة الإسلامية ودينها والذي يعتبر الأكبر في التاريخ منذ فجر الإسلام. بالرغم من ذلك أجدني أقف ضد فعل ذلك المجاهد عندما أكون في موقع أردوغان حتى ولو أعجبت بانتصاره الرجولي لحلب وأطفال ونساء وشيوخ حلب. هو مبعوث دولة أخرى مستأمن ينبغي أن يحافظ على حياته حرصاً على حياة مبعوث أردوغان في موسكو ولكن المجاهد التركي الذي قتل السفير الروسي ليس أردوغان إنما هو إنسان مختلف ومشاعره المتقدة بقيم الإسلام مختلفة فبأي معايير نحاكمه أيها الناس ونطلب منه أن ينزع من قلبه المشتعل بالثورة على الظلم والظالمين تلك المشاعر المغروسة بزئير التوبة والانفال؟ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ). اسمعوا لكلمات ذلك الشاب التي رددها بعربية فصيحة وهو ينتصر لدينه ولحلب ولنسائها وأطفالها ويفعل فعلته التي هزت الدنيا : نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا ابدا ثم هتف باللغة التركية : لا تنسوا حلب ..لا تنسوا سوريا.. ثم استقبل الرصاص ليسقط على الأرض شهيداً باذن الله دون أن يطرف له جفن. هذه المشاعر الجياشة لن تذهب هدراً وكذلك دماؤه .. فعالم الوحوش في أمريكا وروسيا وأوروبا يحتاج إلى رسالة ذلك المجاهد حتى يعلموا أنهم لن يأمنوا في أوطانهم طال الزمن أم قصر فأمتنا ليست قطيعاً من النعاج أما دماء ذلك الشهيد التركي العظيم فإنها مرصودة عند رب جبار بارك الجهاد والمجاهدين وتوعد المتثاقلين إلى الأرض بالعذاب الأليم في الدنيا والأخرة. لماذا قامت أمريكا ، ذلك الشيطان الرجيم والمتآمر الأكبر ، بإغلاق سفارتها بعد مقتل السفير الروسي وطلبت من رعاياها عدم القدوم إليها خلال الأيام المقبلة؟! ولماذا اجتمع مجلس أمنها القومي ولماذا اهتز العالم حين أيقظته طلقات ذلك المجاهد في جسد السفير الروسي وسمع بعضاً من أنين أطفال سوريا الذين يُسحقون بطائرات بوتين والأسد وبصواريخ وسلاح الفرس في إيران؟. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة