بات واضحاً أن أبلغ أثراً سلبياً تركته العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على السودان لأكثر من (20) سنة، كان على قطاع النقل، وبصفة أخص النقل الجوي نسبة لارتباطه المباشر بالحركة العالمية، ووحدة الادارة، بجانب أن غالبية صناعة الطائرات ممركزة في الولايات المتحدة الامريكية، وبالتالي التحكم على قطع الغيار، والبرامج، وآليات هذه الصناعة، فأجبر االسودان دفع أضعاف المبالغ للحصول على قطع الغيار عبر سماسرة وجوكية عالمين يعملون في هذا المجال. فقدان الاسطول الشاهد أن خبرات الخطوط الجوية السودانية "سودانير" والريادة الممتدة لأكثر من (65) عاماً لم تشفع لها والصمود أمام تلك العقوبات الاقتصادية، فانهارت كما البسكويت، وتركت المجال لخطوط دول مجاورة لتتصدر القمة في الطيران، وتفقد أهم مهبط لها خط هيثرو بالمملكة المتحدة، بل وتفقد كل اسطولها المكون من أكثر من (12) طائرة بتحطم بعضها وتعطل أخرى لعدم توفر قطع الغيار، لتبقى لها طائرة واحدة فقط في ملكيتها، وطائرتان مستأجرتان وسبع طائرات متعطلة وخارج الخدمة. أمجاد سودانير نشير إلى أن الخطوط الجوية السودانية (سودانير) ذات الشعار المميز عالمياً تعد من الشركات الأولى والعريقة في العالم العربي وأفريقيا؛ بدات سفرياتها عام 1952م بإسطول يتكون من أربعة طائرات، بلغ ما نقله في السنة الأولى 736 راكبا و543 كيلو جرام من البضائع المشحونة؛ لتلحق تسع طائرات أخرى بسعات أكبر في ذات السنة كمؤشر لنجاحها. وواصلت تطورها وتوسعت تغطياتها، إلى أن استبدالت كامل اسطولها باسطول حديث من طائرات بوينغ الأمريكية من طرازي بوينغ 707 وبوينغ 737 – 200، في سبعينيات القرن الماضي، وازداد عدد المحطات الدولية بين قارات العام حيث شملت محطات في أفريقيا (أديس أبابا - كانو - نيروبي - لاغوس - اسمرة) واسيا والشرق الأوسط (بيروت - بغداد - دمشق - القاهرة - صنعاء - جدة - الرياض - أبوظبي - مسقط - الكويت) وأوروبا (لندن - باريس - فرانكفورت - روما - آثينا). وفي بداية تسعينيات القرن المنصرم تم تزويد الخطوط الجوية السودانية باسطول من طائرات إيرباص الأوروبية. كانت أولى طائرات ايرباص التي انضمت للخطوط الجوية السودانية هي طائرة ايرباص ايه 310 وايرباص ايه 320. وايرباص ايه 300. وزاد عدد الوجهات بين القارات لتشمل إسطنبول - عمان بالأردن - الشارقة - دبي - العين – الدوحة. باب الأمل مفتوح تلك هي أمجاد "سودانير" واليوم تعيش حالة "زهللة" نسبة لشيخوختها المبكرة، بل الفجائية، بسبب تلك العقوبات، ولكن باب الأمل لتعود شابة أربعينية، وعودة خط هيثرو- المفقود، بات مفتوحاً بعد فك الحظر الاقتصادي على السودان، والسماح لها باستيرات الطائرات وقطع الغيار، والآليات والمعدات من الشركات المصنعة مباشرة، من غير وسطاء، والذي سمحت به بالفعل الادارة الأمريكية الخميس الماضي. وسبق أن قال المدير العام للخطوط الجوية السودانية حمد النيل يوسف أن فك الحظر الاقتصادي يسهم في إعادة قطاع الطيران والناقل الوطني لنشاطه السابق في خدمة المواطنين. وفتح قنوات جديدة في التعامل مع الشركات الأوربية والأمريكية العاملة في قطاع الطيران وتفعيل المحطات الداخلية والخارجية. بشريات وهذا بالضبط ما بشرت به سلطة الطيران المدني، الجهة الرقابية يوم السبت الماضي في منبر طيبة برس الصحفي، والذي نظم تحت عنوان "أجواء السودان آمنة وواعدة" ان السودان التزم إلتزاماً كاملا بلوائح المنظمة الدولية للطيران المدني وتنفيذ الخطط الموضوعة، وبات السودان في قائمة أفضل (40) دولة في العالم من حيث السلامة الجوية، وأفضل ثلاثة دول افريقية، والتي انعكست إيجابيا على حركة الطيران العالمي وارتفاعها داخل مطار الخرطوم. وتوقع الكابتن أحمد ساتي باجوري المدير العام للسلطة عودة سودانير وشركات الطيران الوطنية الأخري للفضاء الاوربي، والهبوط في مطاراته، بعد الزيارة التي تقوم بها وكالة الاتحاد الأوروبي لسلامة الطيران في أكتوبر القادم إلى السودان للتأكد الالتزام بالاعراف الدولية للطيران. استنتاج الذي يستنتج من حديث المدير العام لسلطة الطيران المدني، أنه بالامكان عودة خط هيثرو المثير للجدل، باعتبار أن السودان أجبر في سنين الحظر، للتحايل باستخدام السماسرة والوسطاء، والتغطيات، من أجل تسيير هذا القطاع والذي يعد من القطاعات المهمة، كتلك الاجراءات التي جعلت بعض الشركات الوطنية تسجيل طائراتها في دول أخرى حتى لا تحرم من استجلاب قطع الغيار، ولا يستبعد ان يكون مآلات خط هثرو تجئ في هذا الاطار.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة