· عاطفيون نحن. · وانفعاليون جداً. · وفي بعض المواقف نصنع من ( الحبة قبة). · وننفذ أجندة من يرغبون في شغلنا دوماً بأمور تصرفنا عن الأهم. · ونعين بعض من يحاولون استغلال المواقف لكي يصنعوا لأنفسهم بطولات وهمية. · بل وننصبهم أبطالاً قوميين دون أن يقدموا ما يستحق هذه الصفة الكبيرة. · وإن مضينا في هذا الاتجاه ستقل الفوارق بين إعلامنا وإعلام المصريين الذي يكذب جل رجاله ويتحرون الكذب حتى يُكتبون عند الخالق كذبة ومنافقين. · من الطيب والجميل جداً أن نقف مع زملاء المهنة في المواقف التي تستوجب مساندتنا لهم. · وحين يُمنع زميل من دخول مصر يجوز لأي منا أن يعبر عما يراه تجاه مثل هذا السلوك والتصرف من السلطات الأمنية في مصر. · لكن ليس من حقنا أن نقيم الدنيا ولا نقعدها لفعل تمارس أجهزتنا الأمنية مثله آلاف المرات تجاه أبناء البلد أنفسهم دون أن نقول لها (تلت التلاتة كم). · المضحك أن بعض من يسنون أقلامهم سريعاً لمجاراة سوق الخبر ( الحار) يمارسون عملاً استخباراتياً من الدرجة الأولى. · وقبل أن نصور أمر منع صحفي سوداني من دخول مصر وكأنه نهاية الدنيا علينا أن نسأل أنفسنا عدة أسئلة: · أول هذه الأسئلة: هل يتمتع الصحفي السوداني بالحرية الكاملة في بلده؟! · وهل يجد الاحترام من السلطة والأجهزة الأمنية، حتى يتوقعها من مخابرات مصر؟! · دع عنك احترام الأجهزة والسلطات الأمنية، هل يجد هذا الصحفي الاحترام والتقدير من رؤساء تحرير الصحف أنفسهم؟! · وهل نحظى في بلدنا بمساحات كافية للتعبير عن الرأي، قبل أن نطالب الآخرين بإتاحة أكبر قدر من هذه المساحات؟! · للأسف الإجابة على جميع الأسئلة أعلاه هي "لا" و"لا" كبيرة. · والمؤسف أن الأمر لا يتعلق بالرقيب الأمني فقط. · فزملاء المهنة أنفسهم، ومن يتظاهرون ويدعون دفاعاً مستميتاً عن حرية التعبير يقفون حجز عثرة أمام أقلام لا تسيء ولا تشتم ولا تطلق الاتهامات جزافا، بل تكتب بكل موضوعية وتجرد. · يضيقون الخناق على مثل هذه الأقلام ويحاربونها بكل ما يملكون. · وحين تقرأ لبعض من يكثرون من الضجيج حول إعادة ساتي أو إيمان إلى وطنهما من مطار القاهرة تظن أنهم أكبر حماة الحريات على وجه البسيطة! · وهنا تكمن الأزمة الحقيقية. · ليس كل ما يلمع ذهباً كما يتخيل بعض القراء. · لا يصدق البعض حدوث أزمة هنا أو هناك فيسارعون بإخراج أقلامهم لخلق بطولات زائفة لا تفوت على القارئ الفطن. · نعلم أن المصريين ظلموا بلدنا كثيراً وأساءوا لنا أكثر. · وندرك أنهم لا يستحقون منا سوى كشف ألاعيبهم وتعريتهم، كلما حاولوا ممارسة الخداع والكذب أو لفقوا التهم ضدنا وضد بلدنا. · صحيح أن بعض الأمور تستوجب تطبيق القاعدة ( أنا وابن عمي على الغريب). · لكن حتى نكون موضوعين علينا أن نرتب بيتنا من الداخل، خاصة عندما يتعلق الأمر بمنع صحفي من دخول بلاد الآخرين. · المؤسف أن دفاعنا عن بعض الزملاء لا يكون بذات الحماس إذا نُكل بأحدهم داخلياً أو تعرض للطرد من وظيفته بسبب جرأة قلمه أو صراحته غير المطلوبة. · إن أُعتقل ساتي أو إيمان غداً ( لا قدر الله) أو مُنعا من الكتابة في صحفنا المحلية لن يجرؤ كثيرون على مساندتهما. · المعيب أن من يخذل زملاء مهنته ويغدر بهم لا يجد منا ولا حتى مجرد نصيحة تعيده لصوابه. · والمحزن أننا لا نقف مع زميل يعاني مرضاً أو فاقة مُسببة إلا في حالات محددة وبعد جهد جهيد وتحركات من بعض ذوي الحس الإنساني العالي. · لكن ما أن يرتبط أمر بقضية تجد رواجاً إعلامياً وتصلح لصناعة البطولات المزيفة يستل كل واحد منا قلمه للدفاع عن زميل ربما لم يتعرض لأي أذى نفسي أو جسدي جراء قرار ما. · لا أرى أن ما عاناه ساتي وإيمان أشد قسوة ولا أهم أو أكبر من جريمة المصريين المتمثلة في إرسال بعض خرافهم المريضة إلى شمال بلدنا بغرض نشر الأوبئة وسط ماشيتنا التي تمثل ثروة حيوية. · فهل وجدت هذه التقارير ما وجده الخبر المتعلق بساتي وإيمان! · كل الذي حدث مع ساتي وإيمان هو أنهما مُنعا من دخول مصر. · وبحمد الله تم ذلك بدون إساءات لفظية أو إعتداءات بدنية عليهما. · نعم هو أمر يستحق وقفة للمعالجة، لكن قطعاً ليس بالطريقة التي تناوله بها الكثيرون. · لو تحمسنا لدعم ومساندة زميل مظلوم داخلياً بذات القدر سيكون أوقع. · وإن أتاحت صحفنا ورؤساء تحريرها المجال للتعبير عن الرأي بعيداً عن لعبة العلاقات العامة السائدة في أوساطنا الإعلامية سيصبح حالنا أفضل. · وإن وجد الصحفي الاحترام في بلده قبل أن يبحث عنه في بلاد الآخرين سنحقق التصالح مع أنفسنا ونبين الالتزام الحقيقي بأخلاقيات ومبادئ المهنة. · لو طبقنا هذه القاعدة على القطاع الصحفي وغيره من القطاعات سنجبر الآخرين على احترامنا. · وحينذاك إن أصاب أحدنا مكروه أو تعرض لمعاملة سيئة من آخرين سنكون ( فوق عديلنا) ونحن نشجب وندين تصرفاتهم. · أما بالوضع الحالي فعلينا أن نخجل من مطالبة الآخرين بأشياء نفتقدها في بلدنا. · ما ضيع حلايب وشلاتين وغيرهما من أراضي وطننا المكلوم سوى السياسات الخاطئة والجعجعة الفارغة والإعلام المهادن غير الوفي لقضايا بلده. · فمتى نكف عن كل ذلك ونصير مبدئيين أكثر في تعاملنا مع كل شئوننا! · أصبح لدينا شعور دائم بأن صحافتنا تلهث دائماً وراء مصالح بعض منسوبيها، وأن آخر اهتماماتها هو الشأن العام. · فما بين (مطرقة) قلم مصلحنجي يدافع عن مصر كذباً وإفتراءً من أجل كسب ود أهلها وتأمين وضمان سلامة استثماراته هناك وبين (سندان) آخر يهلث وراء بطولات زائفة تضيع الحقوق ويخسر الوطن وإنسانه دائماً. · كما أن صحافتنا كثيراً ما أثارت جدلاً من أجل الجدل فقط. · وتكون النتيجة بيعاً للمزيد من النسخ لمتابعة سجالات بين أطراف شاركت جميعها للأسف في المآسي التي يشهدها الوطن، فيما تستمر خسائر محمد أحمد المغلوب على أمره. · نحن جميعاً في حاجة ماسة للمزيد من العقلانية والصدق والشفافية لكي نسد الباب على المتلاعبين وأصحاب البطولات الوهمية بالتزامن مع اليقظة في التعامل مع افتراءات وإساءات المصريين أو غيرهم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة