المركز القومي للإحصاء يكشف عن مسوحات كانت نتيجتها أن مؤشر مستوى الفقر في السودان قد بلغ نسبة 48.5% ، وفي ذات الوقت يُشكك مدير عام الجهاز المركزي للإحصاء في صحة الإجراءات التي بموجبها تمت المسوحات ، ثم من جانب آخر أساتذة مختصون من جامعة الخرطوم كانوا قد شاركوا في تخطيط وتنفيذ الأمر يؤكدون بأن لا أخطاء ولا تجاوزات في الموضوع ، أما العبد لله فيقول أن النسبة المذكورة التي جاء بها المسح الإحصائي هي في الواقع لا تمثل الحقيقية ولا ما يجري في بواطن البيوت السودانية ومطبات ودهاليز الحياة في هذا الوطن المكلوم ، ولكن فلنُسلِّم بأن النسبة بالفعل هي 48.5 % ، هذا يعني أن نصف أهل هذه البلاد يُصنَّفون وبأمر الوثائق المُعتمدة داخل دائرة الفقر، هذا الأخير الذي لم يعُد كما كان سابقاً مصطلحاً آحادياً يُعبِّر عن حالة العوز والعدم بمفهومهما المُطلق ، فالعالم اليوم وفي إطار تطوَّره البحثي والإحصائي والعلمي الطبيعي جانحٌ يوماً بعد يوم تجاه التجويد في المعلومة من حيث التدقيق في وصف الحالة وتأطيرها بمعايير مناسبة تستهدف وضع الحلول والخطط الكفيلة بالقضاء على الكارثة نسبياً أوكُليا ، بمعنى أن الفقر ذاته أصبح في العالم (خشُم بيوت) وأنواع ومواصفات ، فهناك الفقر والأكثر فقراً ثم الفقر الكارثي المتعلِّق بمثول الكوارث الإنسانية كالمجاعات والتشرد الحِسي والمعنوي والذي غالباً ما يحدث بسبب الحروب والمجاعات وأحياناً بسبب (سوء توزيع الثروة والعمل وإنعدام التنافس الإقتصادي الحُر والنزيه) وكذلك إحتكار (خيارات الحياة والبقاء) لفئة قليلة على حساب الأغلبية وذلك بأدوات السطوة والنفوذ والمحسوبية ، إن حالة فقر المواطن السوداني غير المنتمي إلى الحزب الحاكم وتياراته الجانبية الوهمية التي تدَّعي الإستقلال عنه ، فضلاً عن جوقة المطبلين من النفعيين الجُدد لا تحتاج إلى كثير عناء في إثباتها والتحقق منها ، وهي في ذات الوقت لا تحتاج إلى إهدار المال والوقت لإثباتها عبر الإحصاء بقدر ما تحتاج إلى صحوة ضمير وتجرُد ذات من الذين لهم القدرة على قيادة الواقع إلى تغيير إيجابي وحقيقي ، قبل أسابيع أفاد وزير الصحة بولاية الخرطوم أن نسبة المرضى النفسيين في العاصمة بلغت الـ 40% في العام 2016 بالنسبة إلى ترددات المرضى على المستشفيات وطبعاً لأن السودانيين بطبعهم وثقافتهم لا يذهبون إلى المستشفيات إلا إذا دق ناقوس الخطر الحقيقي ، فضلاً عن إعتبارهم المرض النفسي نوعاً من الإشانة التي تمس كرامة ومكانة المريض ، فإعتقادي لا يتزعزع عن أن تلك النسبة التي أعلنها الوزير أقل بكثير من الواقع وهي (بعد المجاملة) لن تكون أقل من 50 % من مجموع عدد سكان العاصمة وليس من مُجمل الترددات على المستشفيات ، و بالتالي وببساطة فإن النسبتين منطقيتان لأنهما تتساويان وتتسقان في آنٍ معا ، منطقي جداً أن تساوي نسبة مؤشر الفقر في البلاد 48.5% ، في حين تكون نسبة المرضى النفسيين في ذات الوقت والمكان تساوي 50% من مجمل سكان الخرطوم .. من قال أن الفقر لا يسبب الرُهاب النفسي والجنون والمرض والجهل والموت الزؤام ؟!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة