:: يوم التصنيع الوطني وإفتتاح بعض المصانع بالباقير، كان يجب أن يحظى بالبث الإعلامي المباشر، ثم برامج فضائية وإذاعية تناقش قضايا الصناعة بشفافية وتحاصر السلطات المسؤولة بالأسئلة الصريحة، مع برامج أخرى تعكس الإجتهادت والمبادرات الشخصية الناجحة والمدفونة في المناطق الصناعية .. ولكن خيال السادة باعلام الدولة أضيق من ( فم النملة)، ولذلك كان طبيعياً أن يمر الحدث المهم بخفاء لم يشعر به غير رئيس الوزراء و الوفد المرافق له بالباقير ..!! :: وبالمناسبة، هل إنتظم البث في تلفزيون الدولة أم لايزال يعمل - زي بص المدرسة - بنهج (وقوف متكرر).؟.. المهم، أخبار الإنتاج والافتتاح والتدشين هي التي تجذب أموال العرب والعجم، وليس الورش والمؤتمرات و السفريات وغيرها من مهدرات الوقت والمال .. وخيراً فعل رئيس الوزراء بوضع افتتاح بعض المصانع الوطنية بالباقير في برنامج يوم التصنيع الوطني، فالشاهد أن الحكومة تهوى افتتاح مشاريع الاستثمار الأجنبي ..!! :: وهنا ثمة نصح في الخاطر، وابتدرها بحكاية.. بعد تمكين العدل، وبعد أن عمّ الخير لحد البحث عن السائل والمحروم ولا يجدونهما، قال الخليفة عمر بن عبد العزيز للزرّاع : (انثروا القمح على رؤوس الجبال).. ليس فقط تحسباً لجوع الطيور، ولكن أيضاً : (حتى لا يُقال جاع طير في بلاد المسلمين).. نعم، (حتى لا يُقال).. فلنتأمل حرص عُمر على نقاء (مظهر الدولة).. وهذا هو معنى أن يكون نظام الحُكم حريصاً على نقاء مظهر الدولة وشعبها في نفوس وعيون الآخرين .. !! :: ومن حُسن مظهر الاقتصاد الوطني تحفيز وتشجيع أبناء الوطن (معنوياً ومادياً)، بحيث يؤسسوا المصانع ويزرعوا الأرض وينافسوا الاستثمار الأجنبي - بالجودة وتطوير الأفكار - في الإنتاج والتصدير .. بقليل تشجيع وتحفيز، كان يُمكن إخراج الرأسمالية الوطنية من عالم التجارة - والسمسرة في الأراضي والدولار - إلى عوالم الصناعة والزراعة.. وعلى سبيل المثال، فالشركات التي تستورد القمح والدقيق قادرة على تصدير القمح وإنتاج الدقيق، وكذلك التي تستورد الأدوية قادرة على صناعتها وتصديرها.. !! :: وكثيرة هي الأفدنة المحجوزة بتصاديق الزراعة والصناعة بكل ولايات السودان .. وكثيرة هي المصانع المهجورة بالباقير و اللامباب و بحري غيرها من المناطق الصناعية .. فالبعض بحاجة إلى تحفيز ليحول الأفدنة المحجوزة إلى (مصادر إنتاج)، والبعض الآخر بحاجة إلى حسم يعيد الأفدنة لمن يفلحها، وطنياً كان أو أجنبياً.. وبوتين، عندما كان رئيساً للوزراء، أعاد تشغيل أكبر مصانع الأسمنت بالحسم القائل : ( لقد أخذتم العمال كأسرى بسبب طموحكم، وعدم كفاءتكم وجشعكم.. وهذا غير مقبول تمامًا.. إذا لم تتوصلوا - أنتم المالكون - إلى اتفاق فإن هذا المعمل سيشتغل من جديد، بطريقة أو بأخرى، بكم أو من دونكم).. ولكن قالها بوتين بعد أن وفر مناخ التشغيل ..!! :: وعليه، مع تشجيع الاستثمار الأجنبي، فعلى الحكومة تشجيع وحماية الاستثمار الوطني أيضاً، أي كما يحدث في الصناعة الدوائية حالياً.. مع تكاليف الكهرباء (إن وُجدت)، فان أثقال الرسوم والجبايات وأزمات التسويق هي معيقات الصناعة الوطنية .. الاستثمار الوطني ما يُمكن أن يسمى بالاستثمار الإستراتيجي الذي لا يتأثر بالمؤثرات الخارجية وتقلبات طقوس العلاقات السياسية..وحذرتها الحكمة الشعبية قبل قرون : (لا تضع كل البيض في سلة واحدة)، أي من الخطأ الرهان - في الصناعة والزراعة - على الإستثمار الأجنبي فقط، وتحويل رجال المال والأعمال في بلادنا إلى (تجار وسمسارة).. !!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة