بعيداً عن التأطير بسؤال هل غادروا أم لا، فالمؤكد أن المشروع الذي حاول عرابه ربطه بالدولة عن طريق القوة وباستغلال مقدرات الدولة، قد سقط منذ سنوات، وبقيت ــ فقط ــ تقاطعات المصالح. سقط المشروع، و صاحَبَ ذلك السقوط اضمحلال تدريجي لمنظومته الفكرية. حتى الأحزاب أصابها الوهن، وكانت السلطة القائمة ولم تزل تمثل مصالح أبناء المشروع. ظل الدفع (التنظيمي) الذي يحرّك بيارقهم، يأتي من تلقاء الذين باعوا شيخهم، من أجل مصالحهم. حتى تحالفاتهم الاقليمية كانت تقوم على هذا الاساس، وتذهب في ذات المنحى. الخليجيون مؤخراً، أصبح لهم موقف واضح من الإخوان. أصبحوا يعادونهم، ولا تأخذهم رأفة بهم أبداً. تقاربت السلطة معهم وفق هذا الجند.. هذا صحيح.. لكن بشروطهم، و مع علم الطرفين، بأن التخلص من التنظيم الدولي، لا يأتي بين ليلة وضحاها. مثلما فشل المشروع القومي، فشل مشروع الإسلام السياسي، لكن الاخوان لم يغادروا بعد.. فأنت كما ترى، هناك خلوداً لرسم جامعة الدول العربية في كافة المحافل. الاخوان يعملون في الخفاء، لخوفهم من مغبة الغياب الصارم. ثمة ترتيبات لإزاحة وتصفية ذوي النفوذ منهم، والإبقاء على الفاسدين، لسهولة إسكاتهم بملفات الفساد. إن كانوا قد غادروا متردَّم السُّلطة والثروة فعلاً، فأين هي المعارضة، التي تملأ الفراغ؟ إنّه توزيع أدوار.. هو خروجٌ آمن للتنظيم وثروته. هو تقاطع حقيقي مع الهبوط الناعم. ما يجري في الخرطوم يتماهى مع عاصفة الحزم، ومع مشروع أمريكا في مكافحة الإرهاب، ومنع تدفقات الهجرة غير الشرعية،، ومع تنامي التيارات الشعبوية. ومع ذلك تظهر هنا وهناك ــ لأغراض التعمية ــ خلافات فقهية و(دستورية). دولة الإخوان العميقة هي التي تسيِّر الأمور، وتدير مصالح طرفي التنظيم. هم يستشعرون رفض العامة والمجتمع الإقليمي والدولي، خصوصاً بعد رحيل مرسي وجماعته. بروف غندور خلق حالة من الدبلوماسية المحترمة، مقارنة بدبلوماسية كرتي ومن سبقه. هناك هندسة سياسية قوامها التخلي مظهرياً عن المشروع الحضاري وتوجيه غُبن الشعب الى جهة أخرى. هناك بحث عن الفوز بأمان مؤقت بخوض ملحمة وهمية، تسير بها الأسافير ويطويها النسيان بعد حين. الإخوان يلعبون (بولتيكا) . إنّها ضرورات المرحلة.. عالمياً وإقليمياً، هناك اصطفاف ضد هيمنة المتأسلمين. المتأمل لمسيرة حكم الانقاذيين يدرك أنهم يلبسون لكل مرحلة لبوسها، فبعد مرحلة السكرة الأيدلوجية، جاءت مرحلة نيفاشا وبعد نيفاشا، بدأت تسوية الأمور مع الجنوب بالتي هي أحسن. فراق بإحسان خير من صداع دائم و مزمن، حتي وصلنا للمرحلة الحالية التي رأى فيها الخبراء، ضرورة ممارسة اللعبة الديمقراطية بشكل مسرحي كوميدي. الإنقاذ ما عادت نظاماً أيدلوجياً منغلقاً، كنظام البعث مثلاً، لأنها تحاول أن ممارسة اللعبة دون التمسك بثوابت معينة، حتى وإن كانت هذه الثوابت هي الدين. صوتهم الذي نعرفه اختفى، لكن أمين حسن عمر، يظل باقياً داخل الكيان، مثل لمبة البيان،، وحتى هذه اللحظة، لم يطاله شيء مما جرى للآخرين!! akhirlahza
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة