وكأنها لم تحدث بعد، وزارة الصحة بالخرطوم تحذر من حدوث أزمة في كوادر التمريض والتخدير..فالتحذير من الشيء دائماً ما يسبق حدوث ذاك الشيء، ولكن التحذير الصادر اليوم - عن وزار" />
> وكأنها لم تحدث بعد، وزارة الصحة بالخرطوم تحذر من حدوث أزمة في كوادر التمريض والتخدير..فالتحذير من الشيء دائماً ما يسبق حدوث ذاك الشيء، ولكن التحذير الصادر اليوم - عن وزارة الصحة بالخرطوم - يأتي بعد وقوع فؤوس الحدث على رؤوس المشافي والمرضى.. وليس في الخرطوم فحسب،
بل في كل عواصم ولايات السودان ومدائنها وأريافها، تُوجد أزمة حادة في كوادر التخدير والتمريض ..!! > وما يحذر منه وزير الصحة بالخرطوم بعد وقوعه وحدوثه بعض من حصاد (نزْف العقول)..هجرة الكفاءات والخبرات من جامعات ومشافي بلادنا هي التي أثمرت هذه الأزمة التي تحذر منها وزارة الصحة بالخرطوم .. أثار نزْف العقول على المؤسسات التعليمية والتدريبية لاتخطئها عين، وعلى سبيل المثال تقزم الطاقة الاستيعابية لكليات التمريض، لا لقلة الطلاب ولا لعدم الرغبة في الالتحاق، ولكن لعدم توفر الحجم المطلوب من كادر التعليم..!! > وقبل وزير الصحة الولائي، وكمن يبكي على سوبا بعد خرابها، فالمجلس القومي للتخصصات الطبية أيضاً بكى على هجرة الأطباء ووصف آثارها بالسالبة على الخدمات الصحية.. وهذا ليس اكتشافاً لما كان مجهولاً، ولم تكن نتائج هجرة الأطباء وآثارها خافية حتى على (الأميين)، ناهيكم عن المسؤولين، أو كما نصفهم ..( ح نصدر الأطباء والنبق)، قالها وزير المالية السابق - بمنتهى اللامبالاة - في أزمة ما بعد ذهاب بترول الجنوب، وها هي آثار التصدير العشوائي..!! > وللأسف، بعد أن نجحوا في تصدير الأطباء لحد تجفيف المشافي والجامعات من الكفاءات، لم ينجحوا في تصدير (النبق) بذات حجم أرتال الأطباء والأستاذة، وذلك لعجز الإرادة عن توفير (مناخ الإنتاج).. فالإرادة التي تنتج القمح لحد الاكتفاء هي ذات الإرادة التي توفر الكفاءة لحد الاكتفاء، وهي الإرادة المفقودة..فالرصد يؤكد بأن أكثر من (60%) من أطباء السودان يعملون بالخارج، ويشير الواقع إلى أن المتبقي - 40% - يتأهب ليلتحق بالسابقين، ومع ذلك يقول وزير الصحة الاتحادي : (هجرة الأطباء لا تزعجني)..!! > وآثار نزْف العقول لاتجفف المشافي والجامعات من الكفاءات فحسب، بل تُفقد البلاد استثماراً مالياً ضخماً يتمثل في الصرف على تعليم وتدريب وتأهيل هذا الكادر المهاجر بحثاً عن (مناخ العمل).. لقد كسبت دول المهجر عمالة مدربة ومؤهلة لم تصرف عليها جنيهاً في كل تلك المراحل التي صرف عليها شعبنا من موارده المحدودة تدريباً وتأهيلاً ..ولهذا ليس بمدهش حين نرى عجز السلطات عن تغطية الخدمات وتجويد الخدمات الطبية بالخرطوم والولايات.. وعندما تعجز، تحذر ..!! > نعم.. هناك أطباء وكوادر طبية مساعدة خارج دائرة العمل، ولكن هذه الفئة غير مستفيدة من الهجرة لافتقارها لشرط الخبرة.. ولذلك، فالحديث بأن في البلاد فائض عمالة لا يتأثر بالهجرة نوع من (دفن الرأس في الرمال).. وبدلاً عن التحذير والتباكي أو نكران المأساة، راجعوا أسباب الهجرة وعوامل المناخ الطارد .. تدني الراتب، ضعف فرص التطوير والتأهيل ، بئية العمل من حيث المكان والمعدات والوسائل، وضعف الإستيعاب.. هي عوامل المناخ الطارد ..!! > فالمهاجر لا يهاجر إلا مكرهاً، وليس حباً في الاغتراب ، ولا حباً للمال..ولو وجدوا مع الاحترام قليل مال لما هاجروا .. والمؤسف أن السلطات تكتفي بالشكوى والتحذير، ولاتكافح آثار الهجرة بحيث تكون هناك موازنة عادلة ما بين الهجرة والوفرة.. يجب الاقتداء بتجارب الدول التي تستثمر في انتاج وتصدير الكفاءات، كما تجربة الفلبين في مجال تصدير كوادر التمريض.. تجارب الفلبين سبقتها خطط ودراسات توازن بين (التصدير) و(الإنتاج)، وما بين الحاجة والفائض..ولكن هنا، في موطن اللا تفكير واللا تخطيط، فالتصدير لحد تجفيف المشافي والجامعات ثم ..(التباكي والتحذير) ..!! alintibaha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة