نبه المصرفي المخضرم د.صابر محمد الحسن ، الذي تشتد الحاجة إليه هذه الأيام ، إلى أهمية أن يتبع قرار رفع العقوبات المفروضة على السودان أصلاح للسياسات الاقتصادية سواء كانت مالية أو مصرفية أو تجارية وإلا فإن القرار سيكون قليل الجدوى أو ربما عديم القيمة خاصة فيما يتعلق بسعر الصرف ذلك أن العامل الخارجي ينبغي أن يصحبه عامل داخلي يتمثل في اتخاذ إجراءات وسياسات تنهي التفاوت بين السعر الرسمي والسعر الموازي بل وتحقق الفوائد المرجوة من قرار رفع العقوبات الأمريكية. لست أدري والله العظيم لماذا التلكؤ في إنفاذ السياسات التحفيزية الهادفة إلى جذب مدخرات المغتربين بعد أن أعلنها أمين عام جهاز السودانيين العاملين بالخارج في مؤتمر صحافي سيما بعد الفشل الذريع الذي منيت به السياسة المعلنة التي قضت بالمراجعة اليومية لسعر الصرف وتحريكه صعوداً وهبوطاً وفقا للسعر الموازي. لقد بح صوتنا ونحن نذكر بالنجاح الكبير الذي حققته إثيوبيا المجاورة والتي لم تقل نسبة النمو السنوي فيها خلال الأعوام العشرة الماضية عن عشرة في المائة كأعلى رقم في أفريقيا كما أن إثيوبيا استطاعت أن تحصل من خلال نظام تحفيز المغتربين على خمسة مليارات دولار في العام أما نحن فحدث ولا حرج. سرني كثيراً أن رئيس الجمهورية وجه بإعادة صياغة البرنامج الاقتصادي بعد رفع العقوبات وأنني بهذه المناسبة لأدعو رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء ، بعد تنصيبه ، برئاسة القطاع الاقتصادي بنفسه حتى يقود صياغة ذلك البرنامج ويضمن تسريع إجراءات الإصلاح سيما وقد علمت أن القطاع الاقتصادي بالحزب الحاكم الذي يضم خبرات معتبرة معطل ولم يجتمع منذ أكثر من عام. بدأت بشائر دخول الشركات الأمريكية والأوربية من اليوم الأول لرفع العقوبات وها هي شركة شيفرون الأمريكية تطل برأسها لتدخل في مجال استكشاف وإنتاج البترول وهاهي شركات التعدين الأمريكية تبدي رغبتها في ولوج هذا المجال الحيوي ولكني أخشى من القطاع العام السوداني الذي يصر على أن يحشر أنفه فيما لا يعنيه بعد أن أنشأ عشرات الشركات التي احتلت بيت القطاع الخاص وطردته مما عطل مسيرة البلاد وأعاق تقدمها ونهضتها. لا تزال كلمات رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية بروف أحمد مجذوب الذي شغل منصب وزير الدولة بوزارة المالية ردحاً من الزمان ترن في أذني فقد (شدد الرجل على أهمية خروج الدولة من أشكال الإنتاج كافة وترك العمليات الإنتاجية في القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية والخدمية للقطاع الخاص) وأضاف بأنه (من المهم أن يعرف الناس أن الحكومة لم تخلق للزراعة ولا التجارة ولا الصناعة وأنها فقط تقدم خدمات عامة)، وقال أحمد مجذوب إن (سياسة الخصخصة تستهدف تمليك المؤسسات للقطاع الخاص لأنه أكثر كفاءة في الإدارة مشيراً إلى أن الدولة يجب أن تتخلص من أي مشروع حكومي). إذا كانت هذه هي رؤية البرلمان ممثلاً في رئيس لجنته الاقتصادية فما الذي يجعل القطاع العام يتمدد ليعطل التنمية وماذا فعل البرلمان لكي يكبح جماحه وينفذ سياسة التخلص من مرافق القطاع العام المقررة من مجلس الوزراء ووزارة المالية وما الذي يحول دون إنفاذ سياسة الخصخصة التي تواضع العالم أجمع على جدواها كأهم رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وكأفضل وسيلة للتطور والنهضة؟ إن ما يحول دون إنفاذ السياسة المقررة للتخلص من مرافق القطاع العام هو مراكز القوى خاصة في الوزارات والأجهزة ذات النفوذ والسطوة وأقولها بملء في إنه لا جدوى من رفع شعار الإصلاح أو إعادة صياغة البرنامج الاقتصادي قبل أن تلزم الحكومة ومؤسساتها حدودها وتترك الخبز لخبازه بدلاً من التدخل فيما لا يعنيها. إن رفع العقوبات ينبغي أن يصحبه إصلاح في الخدمة المدنية لتيسير الإجراءات للشركات الأمريكية والأوربية التي أخشى أن تصطدم بالعوائق التي (طفشت) كثيراً من المستثمرين ، أجانب وسودانيين ، وردتهم على أعقابهم بل واضطرت كثيرين منهم إلى الهروب إلى دول الجوار بما في ذلك إثيوبيا. ذلك ما يدعوني لأن أخاطب وزارة الاستثمار الاتحادية لإصلاح سياساتها وإجراءاتها وإعمال نظام النافذة الواحدة كما أدعوها لأن تتحقق من إصلاح السياسات الاستثمارية في الولايات. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة