وصل عدد من المفلسين والمنبطحين النوبة في كل من الولايات المتحدة الأمريكية واستراليا وبريطانيا ودول أخرى إلى العاصمة السودانية الخرطوم يوم الإثنين 11 نوفمبر 2015 ، وذلك للإنضمام إلى ما يسمى بالحوار الوطني الذي أطلقه الجنرال عمر البشير الذي قتل عددا غير محدود من أبناء النوبة لأكثر من عقدين من الزمان وما زال يقتلهم.
كمبدأ –لا أرفض
الحوار بكل مستوياته ، لأنه ضرورة حياتية من أجل تعميق وتوسيع المساحات المشتركة ، وبلورة أطر وأوعية للفهم والتفاهم المتبادل...لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو : هل يؤمن الطرف الآخر بالحوار أصلاً كقيمة ومبدأ وممارسة ، وليس كموقف تكتيكي ومرحلي...وهل القضية النوبية قضية سياسية بالدرجة الأولى أم انسانية بالضرورة؟..
بالنسبة للحوار الذي يجري اليوم في الخرطوم برعاية جنرال الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ، لا يتعدى كونه عملية استعراضية كبيرة للحزب الحاكم في السودان لإثبات قوته وتفوقه على المعارضة ، وهو بهذا لم يخرج من جانبه الجدلي السجالي الذي يستهدف تسجيل نقطة معينة وإلزام الآخرين بها دون أن يكون الهدف هو الوصول إلى نتائج مقبولة من كل الأطراف لا غالب فيها ولا مغلوب. ويتضح ذلك من خلال ممارسات اللجان المشكلة والمكونة لهذا الغرض في العاشر من أكتوبر 2015 حيث تحولت تلك اللجان إلى مماحكات وسجالات وشتائم وسب شحنت النفوس وزادت من الحواجز والموانع التي تحول دون تحقيق الهدف المرجو.
عملية الحوار الحقيقي في أي مكان تسعى في مضمونها إلى توسيع المساحات المشتركة وبلورة الأهداف والتطلعات المشتركة لتأسيس واقع جديد في مجمل المجالات الحياتية –الإجتماعية والثقافية والسياسية ..إلآ أن حزب المؤتمر الوطني يتعامل مع الحوار الجاري بعقلية الخاسر والرابح أو الغالب والمغلوب وبالتالي من الغباء والسذاجة أن يتوقع من له ذرة عقل واقعاً جديداً لما بعده.
أما بالنسبة للقضية النوبية –وما إذا كانت سياسية أو انسانية..فالواقع يقول إنها قضية انسانية بالدرجة الأولى حيث ما زالت السلطات السودانية تمارس التجويع كعقاب جماعي للمواطنين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش الشعبي والحركة الشعبية لتحرير السودان وتمنع الأدوية من الوصول للمرضى والجرحى ، وترفض الخرطوم بشكل قاطع فتح الممرات الآمنة لإيصال المساعدات الطبية والأغذية للمتضررين في مناطق النزاع ، كما ترفض القرارات الأممية والدولية التي تطالبها بوقف القاء القنابل المتفجرة على المواطنين في جبال النوبة والنيل الأزرق.
منذ يونيو 2011 نفذت قوات الحكومة السودانية ومليشياتها آلالاف الغارات الجوية العشوائية ، معظمها بالبراميل المتفجرة ، بحسب منظمات حقوقية دولية وعالمية كمنظمة هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية وغيرها التي طالبت الحكومة السودانية بوقف تلك الغارات العشوائية إلآ أن لا حياة لمن تنادي حيث تستمر تلك الغارات دون توقف حتى لحظة كتابة هذا المقال ، وهي تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الانساني ، وذلك وفق القانون الدولي الإنساني العرفي. وهي بناءً على ذلك تشكل جرائم حرب ، حيث يتحمل القادة الذي أصدروا الأوامر المسؤولية الجنائية الفردية عن هذه الهجمات ، إضافة إلى كل من ارتكب أو سهل أو ساعد أو قدم العون لارتكاب هذه الهجمات التي هي جرائم حرب.
وبينما تكثر ضربات الحكومة السودانية على الشعب النوبي في الجو والبر وبكل الأسلحة التي تمتلكها ، تكثر من جهة أخرى الحوارات والتآمرات من بعض أبناء النوبة المنبطحين والمفلسين لتنكشف عوراتهم وزيف دفاعهم قضية النوبة.
في الوقت الذي ترفض فيه الحركة الشعبية والحركات الدارفورية المؤثرة وقوى الإجماع الوطني وأحزاب سياسية معارضة ما يسمى بالحوار الوطني ، تتفاجأ الأوساط النوبية في كل مكان بوصول عدد من نوبة المهجر للإنضمام إلى "حوار البشير" في محاولة يائسة منهم لخلط الأوراق ذلك أن الحوار المزعوم لن يكن ، في أحسن حالاته ، إلآ ترفا فكريا أو جدلاً عقيماً ، وقد يزيد من حالة الإرتباك السائدة ، وربما يؤدي أيضا إلى تغليب الأسئلة الخاطئة أو الزائفة ، والتي من شأنها أن تضعف بقضية النوبة بإدعاءهم تمثيل الشعب النوبي وقضيته ، وهم في الحقيقة لا يمثلون حتى زوجاتهم وأولادهم واقاربهم الذين لا يشاطرونهم هذا المنزلق الخطير الذي يسيرون فيه.
لن أذكر الأسماء –لأن الشعب النوبي يعرفهم جيداً من سابق أفعالهم وأعمالهم الخيانتية ، ومن نفاقهم وأكاذيبهم وتحركاتهم المريبة أينما حلوا...يتسابقون اليوم من أمريكا واستراليا وبريطانيا وغيرها من الدول على تمثيل الشعب النوبي والإشتراك في حوارات عبثية عقيمة القصد منها أحراف وتمييع قضية الشعب النوبي وإدخالها في مشاريع لا تمت بصلة لهذا لشعب وأهدافه التي قدم من أجلها مئات الآلاف من الشهداء.
يريدون أن يتاجروا بالقضية النوبية كما تاجروا بإسم الدين وفشلوا...أدمنوا الكذب حتى أصبحوا يتعاطونه إناء الليل وأطراف النهار.. انهم بلا مبادئ وبلا أخلاق وضمير... هدفهم الحقيقي هو تمييع القضية النوبية والتشويش عليها لصالح قوى الشر والعدوان في الخرطوم.
أيها المنبطحون المتخاذلون المفلسون.. ويا من لم تخوضوا يوماً ما معركة حقيقية لصالح الشعب النوبي..ويا سياسيو الإصطياد في المياه العكرة ، وركوب الموج ، المتقلبون حيثما تتقلب الأوراق الخضراء والزرقاء. لا كادقلي ولا الدلينج ولا سلارا ، ولا أي جبل نوبي بحاجة لمواقفكم ، فهي مواقف مشبوهة مثل لعابكم ، وحبر بياناتكم الحاقدة.
أيها الصاغرون الذين هان عليكم أهلكم وشعبكم.. إياكم أن تقولوا وأنتم جالسين مع سيدكم وربكم الأعلى عمر البشير في الخرطوم ، ووتبادلون التهانيء والعناقات المزيفة والإبتسامات الصفراء ، أنكم تمثلون الشعب النوبي.. فقد سقطت ورقة التوت عن عوراتكم اليوم.
الشعب النوبي سيتصدى بحزم لهذه المشاريع التآمرية الرخيصة وسيوأدها في مهدها ، ولن يستطيع هؤلاء المنبطحين أن يفرضوا عليه ما لا يعنيه من توهمات يدعيها هؤلاء.. شعب النوبة سيتصدى لكل مشاريع لا تلبىي طموحات أبناءه المناضلين وأهداف شهدائه مهما كان من يقف ورائها.
أبناء النوبة في داخل السودان وفي المناطق التي تقع تحت سيطرة الجيش الشعبي بجبال النوبة ، رفضوا رفضاً قاطعاً وبالإجماع الحوار الذي دعا له عمر البشير..والسؤال هو –ما الذي يجعل مشوهين أخلاقياً وسياسياً ، يأتون من وراء البحار والمحيطات لمخالفة هذا الإجماع النوبي ومحاورة النظام وهم كانوا قد غادروا السودان بدعاوى –الظلم والإصطهاد والقهر والعنصرية ووالخ ، وكان المتهم دائماً وأبداً هو النظام الحاكم. ما الذي تغير يا أيها المنبطحون لتعودوا إلى أحضان نفس النظام الذي اتهمتموه من قبل بالعنصرية وبالوقاحة وبالإبادة الجماعية وبأشياء أخرى...هل قاست عليكم الحياة في تلك البلدان ولم يبقى لكم خلف در تحت ذرائع الحوار الوطنير للإرتماء في حضن أسيادكم في الخرطوم؟.
لم يتغير شيء ، فالنظام هو نفسه ، والممارسات العنصرية هي نفسها ، بل ساءت أحوال أبناء جبال النوبة كثيراً في المدن السودانية المختلفة سيما بعد حرب 2011 ، فكان أولى للعادين من الخارج إذا كانت قضية النوبة أصلاً من أولوياتهم ، أن يمارسوا ضغوطاً على الدول التي جاءوا منها وهم يحملون جنسياتها من أجل رفع المعاناة عن كاهل النوبة..إلآ أنهم لم يفعلوا ذلك لأن قضية أهلهم النوبة ليست من صلب أولوياتهم واهتماماتهم.
إنه من العيب والعار أيها المنبطحون والمنهزمون أن تقلبوا حقائق أنفسكم ، ومن العيب والعار يا أصحاب التأريخ العاهر أن ترموا الحجارة على من هم يعطونكم ويمنحونكم الشرف والكرامة.
في الختام. أود أن أذكر المنبطحين والمفلسين النوبة بأن نائب عمر البشير "حسبو محمد عبد الرحمن" ، طالب سلطات ولاية الخرطوم في الأسبوع الماضي بمنع أي نشاط قبلي أو جهوي داخل العاصمة القومية..وهو بهذا الطلب طبعا –الجعليين أو الشوايقة ولا حتى اللأجئين السوريين الذين يفترشون الأرض حول العاصمة القومية..إنما المقصودين والمعنيين بهذا القرار هم النوبة والنوبة وحدهم الذين ينظمون من وقت لآخر أنشطة شعبية كبيرة مزعجة للسلطات السودانية. وكانت آخر هذه الأنشطة ، المهرجان الثقافي الثالث لشعب النوبة الذي نظمه أبناء النوبة في العاصمة القومية أم درمان في تحدي واضح لسلطات الولاية التي طلبت منهم عدم تنظيمه..فهل لا تفهمون مثل هذا النوع من العنصرية؟.
لعلمكم أن نظاما كنظام الإنقاذ لا يصلح معه إلآ القوة.. وأي حوار معه يعتبر حوارا عبثيا واستهلاكيا ومضيعاً للوقت ، وستكشف الأيام القادمات أنه عبثي ولم يخرج بفائدة للنوبة خاصة وللسودانيين كافة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة