ثمة بيوت و بيوت تعاني من داء السرطان بمختلف ألوان خبثه.. و قد صار سكانها مرعوبين حتى من الدمل التي تسببها لسعات الباعوض.. فالرهاب منه يسيطر عليهم دون توقف! كانت الصدمة الأولى للأخ ( م) حين تم تشخيص زوجته الأستاذة ( س) بداء سرطان في ثدييها الاثنين.. و لما أخذها إلى المستشفى المختص واتته الصدمة الثانية: عليه أن يدفع مبلغ 10 مليون جنيه ( بالقديم) رسوم علاج.. إستكثر المبلغ.. فسأله الطبيب الإنسان: " تقدر .. تدفع كم؟"..فقال:- " 5 مليون".. لم يكن يملك حتى نصف ذلك المبلغ.. و حدد له الطبيب موعد عملية استئصال أحد الثديين.. و غادر الزوجان المستشفى التخصصي.. سمع الأهل بالخبر و تدافعوا نحو منزل المريضة في المناطق الطرفية جداً بأم درمان.. و انهالت التبرعات لٌلإيفاء بالرسوم المقررة حتى فاضت التبرعات على الرسوم.. فالسودانيون ما يزالون بخير.. وطبيب ذاك المستشفى التخصصي أكد أن أطباءنا ما يزالون بخير كذلك..
كانت شقيقة زوج الأستاذة ( س) قد أصيبت بسرطان في المستقيم.. و تم استئصال السرطان بحيث لم تعد تستخرج الفضلات بطريقة طبيعية.. و هي تتعايش مع ظروفها المستجدة عبر الأنابيب، و هي ( متيقنة),, و ( س2)، أخت الأستاذة ( س)، أصيبت بسرطان في الدم.. و إبن شقيقتها الأكبر ( خ) أصيب بسرطان في الغدد.. و إبن عمها ( ت) أصيب بسرطان في الغدد أيضاً.. أما زوج عمتها، فسرطانه في الحلق.. توفيت ( س 2).. و توفي ( خ).. و توفي ( ت)- عليهم رحمة الله جميعهم.. و أصيب أو توفي عدد آخر من منطقة الأستاذة بالشمالية تحت تأثير مسميات مختلفة من السرطانات!!
السرطان انتشر بشكل وبائي في عموم السودان.. و أعرف أقرباء جيران لنا داهم السرطان شباباً منهم بالجزيرة المروية.. و جماعة نُكبوا بسبب السرطان في دارفور.. و كردفان.. و سرطان.. سرطان. سرطان.. سرطان..! و تداهمني رواية ( الطاعون) للكاتب الفرنسي- البير كامو- فأتساءل:- لماذا السرطان منتشر على هذا النحو؟ أترى السرطان منتجاً خبيثاً آخر من منتجات نظام الانقاذ الكارثية على السودان، أم أن تقدم العلم و تقدم تكنولوجيا الفحص هما السبب في إكتشاف حالاته.. و أنه كان يعيش بيننا و نحن لا ندري بوجوده..؟ أم يا ترى أن البيئة الحاضنة له قد توسعت بشكل مضطرد في السودان بسبب لا مبالاة النظام بصحة المواطن؟
و قد أطلعتنا صحيفة ( حريات سودان) الإليكترونية- يومOctober 14, 2015 - على تقرير يكشف العلاقة ما بين الجرائم البيئية فى السودان والهجرة الى الخارج، و تؤكد ".. خريطة البيئية المصاحبة للتقرير وجود اربعة انماط من الجرائم البيئية فى السودان (دفن النفايات غير القانونى فى الشمال ، والقطع الجائر للاشجار فى الغرب ، والمعادن فى الغرب والجنوب ، والصيد غير القانونى فى الجنوب ). (الخريطة مرفقة). وأشار الى ان النزاعات فى السودان تتصل ايضاً بالنزاعات حول المعادن والمراعى والغابات".. و جاء في الأنباء اليوم- 25. 10. 2015- أن 25% فقط من النفايات الطبية.. يتم التخلص منها في مستشفات العاصمة.. بل و قد فشلت الحكومة في جمع النفايات التي تتراكم في المستشفيات و المصانع و البيوت.. و جاء في وسائط الاعلام خبر يفيد بوجود 58 حاوية نفايات تحتوي مواد مشعة في ميناء بورتسودان.. و منها 22 حاوية تحمل ألواحاً ذات إشعاع عالٍ تتبع لإحدى الوزارات ( المهمة).. و 15 حاوية مبيدات و 12 حاوية نفايات إليكترونية ( مجهولة المصدر)..
أشار مدير إعلام الموانى إلى بعض الموردين متهماً إياهم بالتحايل لإدخال تلك الحاويات تحت ذريعة أنها تحمل مساعدات إنسانية , كما اتهم بعض المؤسسات وشركات البترول بالتورط في استيراد نفايات إلكترونية اوربية لا تتطابق و المعايير الدولية.. و تلك النفايات تحوي مواد مشعة مسببة للسرطان.. و أن تلك الشركات تترك ( شحنتها) تلك في ميناء بورتسودان.. تنفذ من بين لا مسئولية المتسلطين على رقابنا ثغرات لكل مجرمي العالم لمشاركات ( المافيات) المحلية للنفاذ إلى ثغورنا التي صارت مكباً لنفايات الدنيا.. بل و يشارك المسئولون أنفسهم في استيراد النفايات نظير حفنة من الدولارات لا تقاس بحياة مواطن واحد ناهيك عن آلاف المواطنين.. الذين منهم من قضى نحبه بسبب السرطان.. و منهم من يمشي و هو حامل داء السرطان الذي لم ينتشر جسده بعد.. و منهم من يرقد في المستشفى تحت العلاج.. و منهم من ليس لديه ( دبارة) للوصول إلى الخرطوم للعلاج.. و منهم من هو مثل ( حُمار مات خلَّى وِتِد!).. اللهم أعِنَّا على الأشرار الخارجين عن مقاصد دينك- آمين!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة