بعد قضاء اكثر من سبعين عاماً فى هذه الحياة الدنياء ارجو ان أفيد القارى الكريم بموضوع فى غاية الاهمية – الحياة والإخلاق لقد تلقيت تعليمى الأبتدائى والثانوى بمدارس كمبونى بالخرطوم، وبينما كنت بالسنة الرابعة ابتدائى أذكر استاذ اللغة الانجليزية المرحوم السيد/ زكى أبو سمرة الذى كان يقول لنا قبل ان يبدأ حصة اللغة الانجليزية وعلى مدار العام الدراسى، يا أبنائى : Remember once a character is lost it will never be regained again. وبمرور الأيام والسنين عرفت معنى تلك النصحة. هذا وبينما كنت بالمرحلة الثانوية فى الفترة 1956 - 1959، كنا ندرس مادة Moral Science وهى خاصة بالأخلاق ولكن للأسف الشديد مناهج التعليم الأن صارت لا تهتم بهذه المادة !! وفيما يلى ارجو ان اشيد بما كتبه الصحفى المشهور المرحوم السيد/ على أمين تحت عنوان " فكرة : علمتنى الأيام أن أتفاءل واسرف فى تفاؤلى ! رأيت حق الضعيف يهزم باطل الاقوياء، سمعت همسات المظلوم وهى تغطى على زئير الظالمين، رأيت الدنا تدور، وتحول الاقزام الى عمالقة والعمالقة الى أقزام ! رأيت مساجين يخرجون من السجن ليجلسوا فى مقاعد الوزراء ورأيت حكما يخرجون من باب الوزارة الى السجن! ورأيت عمارات من الباطل تتحول الى أكوام من التراب .. وتراب من الحق يتحول الى ناطحات سحاب ! ورأيت سبائك الذهب تتحول فى الايدى الملوثة الى رماد، ورأيت العرق فى الايدى النظيفة يتحول الى ذهب ! ورأيت العدالة ترى الحقيقة وهى مغمضة العينين ! ورأيت الظلم يتعثر وهو يفتح عينيه ! ورأيت التسامح يسترد الحقوق الضائعة، ورأيت خنجر الانتقام يرتد الى ظهر صاحبه ! ورأيت الحقيقة المدفونة تحت التراب وهى تزيح أكوام التراب، وتظهر للناس ! ورأيت الاكذوبة التى تلبس ثوب الحقيقة تخلع ملابسها فجاة وتظهر عارية امام الدنيا ! ورأيت رغيفا واحداً يشبع عشرة من المؤمنين . . ثم رأيت عشرة ديوك رومى لا تشبع ملحداً واحداً ! ورأيت عرايا يشعرون بدفء الايمان بامثل العليا . . ورايت كفرة فى المثل العليا يتلوون من البرد وهم يلبسون اجود أنواع الفراء وينامون فى حجرات مكيفة الهواء! ورأيت الله يعوض العمى عن فقد بصره ويمنحه ذكاء مفرطاً ويعوض الكسيح عن فقد ساقيه ويمنحه خيالاً يطوف به حول الدنيا! ولهذا أتفاءل فإنى مطمئن الى حب الناس ومطمئن الى رحمة السماء ! هذا وبمرور الأيام والسنين وجدت بان كل ما ذكره السيد/ على أمين حقيقة وقد صدق أمير الشعراء المرحوم أحمد شوقى حينما قال ان الأمم الأخلاق ما بقيت ان همو ذهبوا اخلاقهم ذهبوا باختصار شديد قال المثل السودانى التعملة كريت فى القرض تلقاه فى جلدها" والله اسأل الهداية والتوفيق للجميع.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة