في قصة شهيرة لـ"الحسن البصري" وهو إمام وعالم من علماء أهل السنة والجماعة - يُقال إنه لِمَا رأى بهلوانا يلعب الحبل قال:"هذا خير من أصحابنا، فإنه يأكل الدنيا بالدنيا وأصحابنا يأكلون الدنيا بالدين! أي أنه يستعين بوسيلة "دنيوية" للتربح ولا يتربح بالدين! .
ما قاله الحسن البصري رُبما لمَّ تراصف على تلك الصور الفاضحة والمُهِيِّنة لـ."شعبنا السُّودانِي المنكوب" المُنتشرة في وسائط التواصل الإجتماعى ولكن تنطبق عليهم حينما يتحدثون عن الدّين ويدافعُونَ عنه! ، صورة لأبناء الصفوة "النخبة"السودانية في واحِدة من رحِلاتهم الترفيهية يؤدون الصلاة في قلب الماء كـ عملية إستفزازية "للصلاة"! ، وصورة أخرى تحمل واقع ولدين"إبنان" يلتقطون صور "سيلفي" في إثناء صلاة جماعية في إحدى مساجد الخرطوم والناسُ رُكُّوعاً .
عندما وقع عيني على تلك الصور المُخجلة"Shameful" والفاضحة"flagrant" لكُل من يفتخر بـ"سُّودانِيَتَهُ" خطرت على بالِى مباشرةً تلك الكارثة والنكبة التى وقعت لشعب الأيراني عندما رأوا أشهر رجال الدّين في الأيران يلعبُون كرة السلة مع فتيات المدارس ويلتقطون الصور مع أشجار الكريسماس لتهنئة المسيحيين، بل ويقومون بإعداد الشاي بأنفسهم لتلك الفتيات - ليست هذه هي الصور التي إعتاد عليه الشعب الأيراني أن يراه لرجال الدين الإيرانيين .
ونحن كذالك في السودان مثل هذه الصور لم نعتاد عليها ولم نراها من قبل ولن نعتقد يوماً من الأيام أن نرى صور بهذا السخف الدينى المخيف للغاية وواقع المُناف للعقل الإنسان السودانى، في عهد هؤلاء الإسلاميون أصبحوا يشتغلون بالإسلام السياسي ولا بالإسلام كـ."رسالة سماوية" ويلعبون بالدين للوصول إلى ركوب عنق السودان وأعناق المواطنين كلهم يستخدمون أساليبهم الردئية من التكفير والسباب وإهانة المخالف لهم في الرأي .. أليس هذا يُحسب على أداب الإسلام السودانى؟! .
هؤلاء العُرُّوبيين حين تحدثوا فى 26 سنة الماضية أسموه بالدولة المدنية ذّات المرجعية الإسلامية أخطأوا بإعادة كلام ذُي معنى قديم للغاية يعود إلى عام 1969م حين بدأ الديكتاتور هو الأخر"جعفر النميري" يطبق "المشروع الإسلاموي العروبي" في السودان!، خمس وأربعون عاماً والأخطاء نفسها! .
هؤلاء الإسلاميون فى السودان إستخدموا "ورقة الدين" فى محاولة للعب دور حراس الدين فى الوقت الذى يدافع فيه العلمانيون وملحِدُّون عن قِيّم دون أنَّ يكون لهم أي وجود وسط الجماهير .
هؤلاء الإنقاذيون لديهم مشكلة فى الرؤية ولم يدركوا أنه لابد من تجاوز مسألة الإسلام السياسى والذهاب لأبعد من ذلك سواء على المستوى الديمقراطى أو الأقتصادى الذى ملّت وكلّت من أجله الشعب .
إذا كانت حركة شعوب الشرق الأوسط قد كشفت عن قدرتها على الإطاحة بالطغاة إلا أن هناك قصوراً مازال فى الشعب السودانى في توحِد صفوفه والإطاحة بهؤلاء الشرذمة وإرسالهم إلى مزابل التاريخ بلا رجعة - بعدها كي يكون هناك برنامج حقيقى بشأن إقامة دولة مدنية حقيقية تنسجم مع عالم متعدد الأقطاب نعيشه الآن .
أخيراً : نحمِل هؤلاء الإسلاميون مسؤولية الإنقسام الحاد الذى تشهده مجتمع السوداني فى غرب وشرق وشمال وجبوبنا الجغرافي، نحذر من أن هذا الإنقسام قد يقوض كل أسُس العملية الديمقراطية التى طمحت إليها ذاك الشعب .. وبصرف النظر عن قضية المؤامرة إلا أن النظر لماجرى فى أطراف السودانية يوحى فى النتيجة إلى أننا أمام حالة من زعزعة الإستقرار الكُلِى فى البلد .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة