mailto:[email protected]@consultant.com باختصار شديد، نسأل أولا: كيف تقام الدول ذات الصولة والجولة، ونقصد الدول التي تشع منها هالة الحضارة وقيمها؟ ويجد فيها الإنسان متسعاً يطلق فيه طاقاته الكامنة وقدراته الرابضة. لقد كفانا مؤونة البحث عن الإجابة على هذا السؤال ويل ديورانت (1885-1981م). ففي كتابه الموسوعي الضخم: «قصة الحضارة»، حدد شروط قيام الحضارة لتشمل الموارد الاقتصادية؛ والنظم السياسية؛ والتقاليد الأخلاقية؛ ومتابعة العلوم والفنون. عمل بهذه القناعة زعماء يذكرهم العالم بفخر واعتزاز. من هؤلاء الزعيم السنغافوري، لي كوان يو، والذي أسس سنغافورة على ثلاثة ضوابط: الاستقرار السياسي والانضباط الأخلاقي وثقافة العمل. وقبله فعل نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا وقبله كذلك فعل المهاتما غاندي في الهند إبان استقلالها. أما أهل الإنقاذ فقد هدموا السودان تسندهم ثلاث سياسات خرقاء: الاضطراب السياسي؛ والفساد الأخلاقي؛ وتمكين الإخوان المسلمين. بدأت منظومة الاضطراب بحرب الجنوب التي تمخضت عن دولتين؛ واضرمت نيران الحرب في كل ركن ولا تزال تضطرم. أما الفساد الأخلاقي، فلا يحتاج إلى شاهد. وما وجدوه من ثقافة عمل قوضوه شر تقويض: الخدمة المدنية التي كنا نعتبرها أفضل ما خلفّه الاستعمار من ورائه مكفراً به عن خطاياه، دمروها، وأصبحت الغربان، من شاكلة أمين حسن عمر، تنعق على دمنها. لقد برهنوا على كونهم ثعالب حقاً. ضحكوا على الشعب السوداني، الذي ظن أنهم سوف يقيمون له الدين كما تقول شعاراتهم، وبدلا من ذلك أقاموا لأنفسهم العمارات الشواهق. أذلوا الشعب السوداني، وقديما قال الشاعر: لقد ذل من بالت عليه الثعالب. لكن، ورغم بشاعة الواقع، يبقى سؤال آخر مسلطاً على الجميع، وينبغي أن يطرح أملاً في أن نستشف له الإجابة. وهو أيقدر هذا الشعب الصبور على عقاب من أذلوه بقدر ما يستحقونه من إذلال، وأن يرد لهم الصاع صاعين؟ ذلك ما ننتظره، وسيكون قريباً.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة