نشرت منظمة العفو الدولية – أمنستي في الأسبوع قبل الماضي بعنوان (أرض محروقة وهواء مسموم) حول استخدام المجرم عمر البشير للأسلحة الكيميائية المحرمة دولياً في منطقة جبل مرة الواقعة في الهامش السوداني بولاية غرب دارفور، وجاءت العديد من ردود الأفعال المختلفة من منظمات المجتمع المدني والقوى السياسية المعارضة بشقيها المدني والمسلح وادانت القوي السياسية المختلفة ومنظمات المجتمع المدني هذا الفعل الاجرامي للنظام، ونظم اللاجئين السودانيين بالعاصمة الهولندية وقفة احتجاجية امام مقر المنظمة الدولية لحظر الاسلحة الكيميائية بلاهاي في يوم 11/10/2016 منددين بالجريمة، ولابد من الإشاره هنا إلى ان تقرير منظمة العفو الدولية عن مزبحة جبل مرة الاخيرة اكد ان الذين قتلوا جراء استخدام الأسلحة الكيميائية بين 200 ـ 250 شخصاً بينهم حوالى 105 من الأطفال، وقدّر عدد الهجمات بـ 32 هجمة بالأسلحة الكيميائية في الفترة ما بين 11 يناير وحتى 8 سبتمبر 2016 وتضررت منه حوالى (171) قرية هي لدونق، درقي، كرمل، كترو، كينينقا، كورق، كورو، كوندا، كتروم، كوانيجو، لاويه، تادو، بربرا، بورانقو، كيرقويه، راريه، تينيه سووم، كنينقا بجبل مرة في دارفور. استخدام النظام السوداني للأسلحة الكيميائية في جبل مرة يتعارض بشكل مباشر مع اتفاقية حظر استخدام الأسلحة الكيميائية للعام 1997 والتي السودان طرف فيها ووقع عليها في يوم 25/3/1998، هذا الامر دعي (87) منظمة دولية و (44) شخصية سودانية عالمية في 11/10/2016 الي تقديم رسالة مستعجلة للامين العام للامم المتحة بان كي مون والامير زيد رعد الهاشمي مفوض مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة لفتح تحقيق رسمي في استخدام النظام للاسلحة الكيميائية الغير مشروعة ضد المدنيين بجبل مره، من جهة أخري أكد البروفسير إريك ريفز – الخبير الأمريكي فى شئون السودان – ان الاستجابة الدولية لتقرير أمنستي عن استخدام السلاح الكيميائي في جبل مرة لم تكن متناسبة مع فداحة ما كشفه التقرير، وكشف كيف تواطأت قوات اليوناميد لإخفاء الحقائق مع الخرطوم، كما كشف تحريف وكيل الأمم المتحدة لقوات حفظ السلام هيرفيه لادسوس تصريحات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حول الأمر، وكتب ريفز في مدونته الخاصة بالسودان في يوم 10 اكتوبر مقالا بعنوان (تقرير منظمة العفو الدولية حول استخدام الأسلحة الكيميائية في جبل مرة: استجابة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي)، وقال ريفز مشيراً إلى تأخر الاستجابة المطلوبة إننا وعلى مدى اثنى عشر يوماً (بعد تقرير منظمة العفو الدولية المقنع حول اعتداءات نظام الخرطوم المدمرة على منطقة جبل مرة بدارفور هذا العام)، وأوضح أن الأدلة الصارخة لا تدع مجالا لشك معقول حول تـأكيد استخدام الأسلحة الكيميائية مستشهداً بالتحليل المهني من قبل خبراء في الأسلحة غير التقليدية وعشرات الصور التي تكشف تمزق اللحم البشري، والأعضاء الداخلية، والأمراض التي لا يمكن أن تعزى لأي مرض بشري معروف. هنا لابد ان نشير الي نقطتين هامتين الاولي هي ما قالته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وهي هيئة دولية أسلحة تحقق في هذا النوع من الجرائم ومقرها بهولندا (لاهاي) علي لسان مديرها العام احمد ازرومجو بعد صدور التقرير "انها بحاجة مزيد من الأدلة قبل "استخلاص أي استنتاجات" بناء على تحقيق منظمة العفو الدولي". وقد منحت هذا الحق بموجب قرار مجلس الامن بتكليفها بالتحقيق في هذه الافعال الاجرامية للنظام، ومن المؤكد ان هذا التحقيق ان تم سيكشف ليس هذه الجريمة وحدها بل جرائم اخري وفظائع ارتكبها النظام بجبل مرة والنيل الازرق وجبال النوبة وهو ما يخشاه نظام المجرم عمر البشير، الشئ الثاني هو إن نظام المؤتمر الوطني ومليشياته ظلت باستمرار تخرق اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في الهامش السوداني بكل مناطق النزاعات المسلحة في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، وتمارس التطهير العرقي وإبادة سكان القرى الأصليين باستخدامها للأسلحة الكيميائية، وتطلق يد الميليشيات لتمارس حرق القرى وقتل المدنين واغتصاب الفتيات والنساء وإخلاء القرى من سكانها واستقدام مستوطنين جدد. فنظام المجرم عمر البشير طريد العدالة الدولية كان قد استخدم الاسلحة المحرمة دولياً في تلودي في شهر أبريل 2012 وفي الازرق في شهر مارس 2016، واكد شهود عيان انهم شاهدوا دخان رمادي بعد التفجير والذي تحول الى لون ابيض قبل ان يصابوا بالاعياء وتفاقم حالتهم بعدها، واورد الدكتور توم كاتنيا الطبيب الوحيد بمستشفي ام الرحمة بالقديل بجبال النوبة انه عالج مدنيين اصيبوا باسلحة كيميائية بجبال النوبة و"ان الضحايا الذين تعرضوا للدخان اصيبوا بالشلل مع عدم وضوح الرؤية لديهم والذي ترافق مع قئ و اسهال"، وبالرغم من كل تلك الادلة الداغمة التي أتبتت تورط النظام في قتل المدنيين بواسطة الاسلحة الكيميائية الا ان نظام المؤتمر الوطني مازال في اسطوانته المشروخة ينكر استخدامه للأسلحة الكيميائية المحرمة دولياً، ويحاول جعل قضية استخدام الاسلحة الكيميائية المحرمة دوليا من الملفات الاخري ورهينة للمساومات السياسية مع المجتمع الدولي، وهذه طريقة النظام المعودة للتهرب من تقديم الجناة إلى المحاكمة وإنصاف الضحايا لتعزيزاً لمبدأ عدم الإفلات من العقاب والتأكيد على سيادة حكم القانون. وعلى ضوء هذه المعطيات لابد من تعرية نظام المجرم عمر البشير ونجهر بجريمة أخرى من جرائم النظام الحاكم في السودان ارتكبت تحت اعين ونظر العالم، وعلي المجتمع الافريقي أن يدرك بأن جريمة الأسلحة الكيميائية في دارفور ستظل وصمة على جبين إنسانيتنا وسودانيتنا وافريقيتنا جميعاً إن تركناها تمر دون محاسبة، وتركنا المدنيين في مناطق حروب النظام بين مطرقة مليشيات وقوات نظام المؤتمر الوطني السوداني (الجنجويد والدعم السريع) الحارقة للأرض والإنسان، وسندان سموم الأسلحة الكيميائية والقنابل العنقودية. وبعد اقل من اسبوعين منذ صدور منظمة العفو الدولية (أرض محروقة وهواء مسموع) جاءت العديد من الدعوات من نشطاء حقوق الانسان الافارقة والعرب والمؤسسات الحقوقية العالمية بالاسرع في تشكيل رأي عام دولي ليقدِّم الحقائق للإعلام العالمي ويكشف كيف ارتكبت هذه الانتهاكات ويطالب بالعدالة، وأوصت تلك الدعوات بأن تصدر المنظمات الحقوقية تقارير مطورة حول الانتهاكات بالتواصل مع شبكات النشطاء على الأرض في دعم آليات التقصي الميداني وجمع الأدلة، والتوثيق للجرائم والانتهاكات المختلفة وتوثيق إفادات الضحايا، داعيتاً منظمات المجتمع المدني السودانية والافريقية والعالمية لتجاوز مرحلة إصدار بيانات الشجب والإدانة الي الانتقال الي مرحلة الفعل الحقيقي، وهنا لابد لي ان أذكر الجميع ان من واجبنا جميعا ان لا تمر جرائم النظام بحق المدنيين وأخرها استخدامه الاسلحة الكيميائية بجبل مره دون محاسبة، لان ذلك يعني أن يمضي الجناة في غيهم مرة أخرى لتدبير وإرتكاب جريمة أبشع.
-- Alfadil Saeed Sanhori Journalistandhuman Right Defender Telephone: +211955749303 Skype: alfadelsaeid78 Nuba Monitor Human Rights Monitor Organization Director
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة