تلقيت دعوة من سكرتارية الحزب الديمقراطي الجديد في كندا –وأنا أحب مثل هذه الدعوات الصحفية والمسرحية والسينمائية مثل حبي لأم جغوغة والطعمية - لحضور مؤتمره العام الهام جدا الذي إنعقد في مقاطعة البرتا قبل يومين ، والواقع صحبني إلى هناك صديقي ديفيد مالكولم ، ودار بيننا حوار إتسم بكثير جدا من الصراحة والوضوح ، خاصة فيما يتعلق بالسودان بمجرد وصولنا إلى البرتا رحت أبحث عن الصحف الكندية - لم أستطع حتى من زيارة بنت خالي أحلام إسماعيل حسن - د يفيد لاحظ إنشغالي الشديد بالصحف ، ولأنه مهذب جدا لم يبدو عليه أي نوع من أنواع الضيق ، وكنت أراقبه بفضول صحفي سوداني – دقة قديمة - وأبادله بتهذيب سوداني ، طالعت تقريبا ثلاث صحف علقت جميغها على الخسارة التي مني بها زعيم الحزب الديموقراطي الجديد توماس مولكير في الإنتخابات التي جرت مؤخرا في كندا، وفاز فيها الحزب الليبرالي بزعامة السياسي المحنك جوستان ترودو ، وهو إبن سياسي lمرموق لعب دورا كبيرا في نهضة كندا لم يستطع أي مخلوق أن يتحدث عن فساد أو إبادة جماعية ، في المؤتمر لم يحظ مولكير بتأييد أكثر من ثمانية وأربعين بالمئة من أصوات الأعضاء المشاركين مقابل اثنين وخمسين بالمئة الذين طالبوا باستقالته، فجالت بخاطري مأساة بلدي التي جعلت عمر البشير رئيسا للسودان ل 25 عاما بينما رؤساء مثل سنغور ومانديلا رفضوا السلطة !!!! وكان مولكير تسلم قيادة الحزب منذ أربع سنوات وقاد الحزب خلال الانتخابات الفيديرالية الأخيرة حيث بدا في الأسابيع الأولى من الحملة على وشك الفوز وتشكيل أول حكومة ديموقراطية جديدة على الصعيد الفيديرالي لكنه سرعان ما تراجع لمصلحة الليبيراليين ومني حزبه بخسارة كبيرة. بذلك يكون مولكير قد تلقى اسوأ صفعة يمكن أن يتلقاها أي زعيم سياسي من أعضاء حزبه الذين صدموا من نتائج التصويت ، وأن أي زعيم آخر لم يواجه هذا المصير في تاريخ كندا ، فتذكرت الراحل على الرغم من أن موكلير أعاد تنظيم الحزب وأغنى صندوقه الانتخابي وحقق قاعدة محترمة للحزب في مقاطعة كيبيك لكنه بالمقابل أساء قيادة الحملة الانتخابية، وأيضا تذكرت آدم جيامبقروني وخسارته في إنتخابات دائرة سكاربورو وقيلد وود رغم الحهود الكبيرة التي بذلناها من أجل فوزه رغم بعض أخطائه ولكنه صراحة كاريزما سياسية يستحق الفوز مولكير كان بين نارين كما تقول معظم الصحف الكندية ، وقد قال لي الطبيب المعالج لمشكلتي الصحية : إن القيادات الحزبية في الحزب الديمقراطي الجديد الذين خاب أملهم لفقدانهم فرصة تاريخية بالوصول إلى السلطة، ومن جهة ثانية الديموقراطيون الاجتماعيون الذين استغلوا الفرصة لاستعادة الهيمنة على الحزب التي فقدوها جراء انتقال الحزب من اليسار إلى الوسط، قد استغلوا رغبة التجديد التي عبر عنها الأعضاء لإعادة طرح مشروعهم "قفزة إلى الأمام" الذي يدعو إلى إعادة النظر في الرأسمالية والتبادل التجاري الحر ويركز على مكافحة التغيرات المناخية. . في طريق العودة إلى تورنتو دار حوار ثان بيني وبين ديفيد ، خلاصته أنه إذا كان التصويت على الثقة بالزعيم قد قسم الحزب، فإن الجدل والنقاش خلال حملة اختيار البديل سيكون محموما، وعلى الحزب الذي لم يصل إلى السلطة في بعض المقاطعات إلا عندما دافع عن رؤية تقدمية ، عليه أن يتحلى بالجرأة في مواجهة تحديات العصر وألا يفقد طموحه للوصول إلى السلطة ليكون بديلا عن حزبي الليبيراليين والمحافظين اللذين يتداولان السلطة منذ تأسيس الفيديرالية الكندية، تماما مثل الأوضاع بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة