:: (مُركب على الله)..وحسب وصف الحال من قبل الأجداد، كان العم على الله يقف بمركبه على شاطئ النيل، ويملأ به الناس والأنعام ثم يتواكل ولا يتوكل..أي يبحر بلا شراع وبلا دفة قيادة، بقصد الوصول إلى الشاطئ الآخر..ويتحرك المركب ويمضي حيث تشاء (الأمواج)..تارة يرسى بأي مكان على الشاطئ الآخر، وتارة يلف ويدور حول نفسه ثم يعود إلى ذات الشاطئ الذي تحرك منه ..وهكذا كان عبور النيل محفوفاً بالمخاطر و ضياعاً للزمن، لأنه المركب كان بلا شراع وبلا دفة قيادة..!! :: وهكذا تقريباً حال إقتصاد البلد.. وعلى سبيل المثال، الدكتور عز الدين إبراهيم، وزير الدولة الأسبق بوزارة المالية، ورئيس اللجنة الإقتصادية للبرنامج الثلاثي الإسعافي قبل ثلاث سنوات، يخرج للناس - عبر صحيفة المجهر - مبشراً بأن أسعار السلع سوف تستقر وستصبح متوازنة بعد هذا الإرتفاع ..إنها بشرى سارة من خبير إقتصادي، فالإستقرار الإقتصادي - ولو على هذه الأسعار الفلكية - مهم ومطلوب.. ولكن ستسقر الأسعار وتصبح متوزانة؟، هكذا سألته الصحيفة، فأجاب بالنص : ( لأن بعض العسر يسر)..!! :: تلك إجابة خبير إقتصادي يرأس لجان وبرامج إقتصادية تتكئ - على تخطيطها الإقتصادي - وزارة المالية وغيرها من الأجهزة التنفيذية.. لم يحلل ولم يشرح، بل يقول : لأن بعد العُسر يسر، لن ترتفع أسعار السلع لأعلى مما هي عليها الآن.. وعليه، فلندع علم الإقتصاد ولغة الأرقام التي يستخدمها خبراء الإقتصاد لشرح آثار الإجراءات الإقتصادية، ونسأل العارف بالله الشيخ عز الدين إبراهيم : نعم إن بعد العسر يسر، ولا شك في ذلك، ولكن من أوحى لك بأن العُسر الذي يعيشه المواطن منذ مساء الخميس الفائت هو (سقف العسر)، بحيث يكون بعده يُسراً..؟؟ :: فالخبير الإقتصادي يختلف عن ( الفكي)، بحيث يجب أن يخاطب عقول الناس بتحليل مهني لمعطيات الواقع الإقتصادي وبلغة الأرقام، ثم يختم بالنتائج التي تشير إلى أن المستقبل لكن يكون (الأسوأ)، أي لكن يكون هناك المزيد من (رفع الدعم).. ولكن ليس في الأمر عجب، فقبل سنوات، عندما تم رفع الدعم عن السلع أيضاً، قال الحاج آدم، وكان نائباً لرئيس الجمهورية : ( الواقع في السودان تجاوز لغة الأرقام ويعتمد على الله)، وكان يقصد بالواقع ( الواقع الإقتصادي)..لم يتحدث عن التخطيط ، ولا عن إدارة الموارد بحيث تنتج وتصدر أو تنتج لحد الإكتفاء وعدم العجز..!! :: كان سيادته يرى أن التخطيط الإقتصادي لم يعد يعتمد على( عقول المسؤولين)، بل يعتمد ( على الله)..ويُخطئ من يظن بأن هذا الوصف هو ( التوكل على الله)، بل هو التواكل و اللامبالاة في أوضح ملامحهما.. لقد وهبنا الله العقول للتفكير والتدبير..والتفكير والتدبير و التخطيط للغد باستخدام نعمة العقل ( أمر رباني)..ومن غايات نعمة العقل ألا نتجاوز عند التخطيط الإقتصادي - على مستوى الفرد والدولة - لغة الأرقام.. وإلغاء العقول بحيث يبحر مركب إقتصاد البلد بلا تخطيط نوع من (التواكل والعجز والفشل ).. !! :: ولقد أحسن الدكتور عبد الحي يوسف وبعض أئمة المساجد (عملاً وقولاً)، لقد إستنكروا وإنتقدوا قرارات المالية في منابر الجمعة الفائتة.. ولو كان هؤلاء الشيوخ من دعاة التواكل - وليس التوكل - لخاطبوا الناس كهذا الخبير الإقتصادي وذاك النائب السابق..وبالمناسبة، كشفت وزارة المالية - صباح أمس - عن صدور قرارات خلال الأيام القادمة وهي ذات صلة بتخفيض الصرف الحكومي بنسبة (10%).. تأملوا نسبة تخفيضهم وميقات التخفيض ( خلال الأيام القادمة و 10%)، أما الزيادة التي تخص المواطن فهي (100%)، ثم فوراً..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة