|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: الكيك)
|
يجد القارىء هنا الجزء الاول من رد الدكتور عمر القراى الكاتب السودانى المعروف على الدكتور عبد الله على ابراهيم رئيس اتحاد كتاب السودان الذى شغل الاوساط السياسية بانحيازه الاخير الى مواقف الاخوان المسلمين وهم ينظرون اليه باالموقف الخطا فى وقت خطا .. اقرا راى القراى فى الجزء الاول ومن ثم يليه الجزء الثانى ومن ثم نعطى الفرصة للقراء للتعليق قبل ان ننتقل الى مقال الاستاذ الشقلينى ..
تعقيب على د. عبد الله علي ابراهيم: إنك لا تعدو قدرك !! (1-2)
10-29-2013 01:22 PM
(وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) صدق الله العظيم
د. عمر القراي
حين كتبت عن سقوط د. عبد الله علي ابراهيم، الذي حوله من مناضل (شيوعي)، الى مفاخر بأنه (أخ مسلم)،
يدعم إعتصام رابعة العدوية، ويطالب بعودة مرسي !! ثم هو أيضاً يؤيد حكومة أخوان السودان، رغم ما ارتكبته من جرائم فظيعة، ويتزلف إليها، ويشاركها إنتخاباتها المزيفة، ليمنحها شرعية، كنت أظن أنه وصل الى الحضيض، الذي هوى نحوه منذ سنوات .. ولكن إتضح إن امكاناته في التدني، لا حدود لها، وهو مهما شتمني، ولعنني، لن يضرني إلا أذى، وكفى به داء، وهو (الأديب) و(الكاتب)، أن ينقل للقراء، خاصة الذين لا زالوا يظنون أن لديه أي قدر من أي قيمة، تنابذاً ساقطاً، بينه وبين شخص سماه (حمادة)، وأدعى أنه تبادل معه السباب عبر رسائل، ثم أخذ يربط بيني وبين هذا الشخص الوهمي، مدعياً أنه من الذين قرءوا نقدي له، وأعجبوا به !! ولما كان غاضباً على ( حمادة)، عاجزاً عن مجاراته، أخذ يشتمني أنا، ويحاسبني على سلوكه على اعتبار انه من المعجبين بكتابتي !! فهل رأى الناس مثل هذه الطفولة الفكرية ؟! هذا بالرغم من أنه أدعى، انه يتبع تعاليم الدين في الاعراض عن اللغو، فقال (وعادة ما لا أرد على مثل هذا اللغو كما أمرنا ديننا. ولكن استغربت لرجل يتحدث عن الشجاعة بوحي من القراي ويحجب اسمه عني. وقررت الرد عليه لأعرف المزيد عنه بما في ذلك الكشف عن اسمه) فهل رغبتك لتعرف المزيد عنه، سبباً كافياً لتفارق ما أمرك به دينك وترد عليه ؟! أم أن دينك مجرد إدعاء مثل سائر إدعاءاتك لا قيمة له في صدرك ؟!
وكان يمكن لعبد الله علي ابراهيم، أن يكتب (منابذته)، التي تشبه (ردح) النساء المصريات المشاكسات، حين يتشاجرن في حواري الاحياء الشعبية، ل (حمادة) في مقال منفصل، ثم يرد علي بمقال آخر، بعنوان مختلف، يتناول نقدي له في مستواه .. ولكنه لم يفعل ذلك، لأنه يريد ان يشتمني، ولو اقتصر على مقالي، لما وجد فيه ما يبرر به شتيمتي، فأتى بهذا (الحمادة) المزعوم، وخلط بيني وبينه، حتى لا يتبين القارئ الأمر، فيكيل لي ما شاء من (الردح)، وهو ما لا استطيع ان أجارية فيه، لأن كل إنسان ينفق مما عنده !! وحتى يضرب الله، على عبد الله علي ابراهيم ما وصفته به من (الردح)، ختم مقاله بقوله (ولعنك الله يا حمادة والقراي ولعنكما اللاعنون) !! فهل هذا السب واللعن من ضمن (أدب) الأدباء أم سفه السفهاء ؟!
كتب عبد الله (و"ولَّع" القراي في الحبيب الإمام بما تواضع عليه غيره من كتبة "التعليق على الأنباء". وتساءل: "لماذا لم يقد السيد الصادق المظاهرات التي خرجت من مسجد السيد عبد الرحمن؟". ويبدو أننا خسرنا حسنا بالنكتة. فسؤال القراي يذكرني بمساخة رباطابية معروفة. قيل إن رجلين هربا من وجه ###### معقور. وقال أحدهما للآخر وهما "معردين": ما تشيلك حجر ترمي بيهو ال###### دا. قال الآخر: وإنت جاري فوق برش. ومثل القراي أدمن الجري على برش الغربة خالي حجارة ويعرف يقيناً ما "ينبغي" أن يفعله آخرون بحجارة الوطن). ولو كان عبد الله يفهم ما يقرأ، لما احتاج ان يصرف القراء عن الموضوع الجاد، بهذا الهزل السخيف .. فأنا لم اطالب السيد محمد عثمان الميرغني، بالخروج في مظاهرة، لأنه لم يهاجم النظام في خطبه، ويدعو الى اسقاطه. ولكنني ذكرت ذلك عن السيد الصادق المهدي، لأنه خطب أكثر من مرة في جموع أنصاره، وذكر ضرورة تغيير النظام، وخرجت المظاهرات من مسجده، بسبب خطبه، ثم لم يخرج معها !! فهل أطالب أنا ألا اذكر هذا التخاذل، لأنني لم اخرج أيضاً في المظاهرات، حين كنت خارج البلاد ؟! وهل يطلب عبد الله من كل المغتربين، المعارضين للنظام، أن يتركوا عملهم خارج السودان، ويحضروا ليشاركوا في المظاهرات، أو لا يتحدثوا عن قضية الوطن، ومواقف الاحزاب المختلفة منها؟! وحين كنت في السودان، شاركت في عدد من المظاهرات، وكنت أكتب مقالات في معارضة النظام، اعتقلت بسببها، وقدمت للمحاكمة.. فماذا فعل عبد الله علي ابراهيم؟! إن الجري على "البرش"، هو ما فعله عبد الله حين لامني على الغربة، وهو قد اغترب اكثر مني!! وهو أمر سأتناوله في الجزء الثاني من هذا المقال.
ومع ذلك فأنا لم اغترب، وإنما هاجرت، حين حوربت في رزقي، حتى لا استضعف في الأرض، وذلك نزولاً عند توجيهه تبارك وتعالى، في قوله (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا) ؟! فهل أفضل أن أهاجر أم أبقى منكسراً للنظام مستغلاً بواسطته مثل عبد الله علي ابراهيم ؟! يقول عبدالله (نتجاوز ذلك إلى عبارة شاذة من القراي حَذِرت بها أنه لا يقرأ فحسب بل هو معاق وجدانياً. فاستغرب لدفاعي عن أخوان مصر في وقت أنكر قادتهم أنهم أخوان في التحريات بعد التحقيق. وهو يشير إلى تحقيقات الأمن مع بعضهم نشرتها الصحف والتلفزيون. ولم أجد فيها سوى الداعية صفوت حجازي تلجلج في دفتر التحري وأنكر عضويته لتنظيم الأخوان. وربما كان بالفعل ليس من الأخوان. أما الآخرون فيحردن. أنكروا بالطبع التهم الملفقة عن الإرهاب ونحوها ولكنهم ثبتوا ثبات المؤمن الواثق من ربه وقضيته..... ليست إعاقة الوجدان مما أصاب القراي في قراءته الخرقاء المضللة (إن لم تكن المزورة) لإفادات قادة الإخوان فحسب بل في استعانته أصلاً ، وهو المثقف الشجاع، بمحضر تحري صادر عن جهة أمنية للخوض في شأن معتقلين بذمة الأمن ما يزالون. كيف سمح له ضميره وذوقه وتدريبه كحامل دكتوارة أن يأخذ استجواب جهة أمنية كمصدر لاي مبحث في حقائق الناس وشجاعتهم؟ ويزيد القراي الأمر نُكرا بأنه لا يتحرج من تزوير حتى هذه المادة الخبرية المسرطنة) هذا ما قاله عبد الله علي ابراهيم، أما أنا، فلم آخذ استجواب جهة أمنية، وإنما أخذت باستجاوب النيابة !! فقد جاء (من خلال نص تحقيقات النيابة مع قيادات جماعة الإخوان المسلمين ممن تم القبض عليهم عقب فض اعتصامى النهضة ورابعة، والتى حصل عليها "اليوم السابع"، اتضح لنا بقراءة تحليلية التزام تلك القيادات بنفى التهم المنسوبة إليهم طمعا فى الهروب من المحاكمة، رغم أن معظم تلك التهم موثقة ومصورة صوتا وصورة )(اليوم السابع 10/9/2013م). ولقد كرر قادة الاخوان المسلمين الأنكار امام القضاء، فقد جاء (قال المستشار زكريا شلش، رئيس محكمة جنايات الجيزة، اليوم الأحد، إن أقوال قيادات جماعة الإخوان المسلمين، الذين تم القبض عليهم، هى أن علاقتهم انتهت بجماعة الإخوان، بعد انضمامهم لحزب الحرية والعدالة، موضحا أن اعترافات قيادات الجماعة، تعد نوعاً من أنواع الدفاع عن النفس، يخضع لتقدير المحكمة، ولها ان تأخذ به، أو لا، وفى النهاية الأدلة والورق هو العامل الأساسى لتقدير المحكمة. وأضاف شلش، بعد اعترافات قيادات الجماعة بالفضائيات، وما احتوته الأقراص المدمجة التي سجل عليها اعترافاتهم، وما يثبت بالمستندات التي تدل على أنهم كانوا أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين، دليل على ما ارتكبوه من جرائم العمليات الإرهابية، والخيانة العظمى، الممثلة في دعوة الدول الأخرى التي تعادي مصر.
ومن جانبه قال الدكتور محمود كبيش، عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة، إن إعترافات قيادات جماعة الإخوان المسلمين، الذين تم القبض عليهم، بأن علاقتهم انتهت بجماعة الإخوان بعد انضمامهم لحزب الحرية والعدالة، يأتي استمرارا لمسلسل الكذب الإخواني وأكد كبيش، في تصريح خاص لـ “صدي البلد”، إن انتماء قيادات الإخوان لحزب الحرية و العدالة، ليس له علاقة في التحقيقات بما ارتكبوه من أعمال إرهابية، و تحريض علي القتل و أعمال العنف.
و تابع الدكتور شوقي السيد، الفقيه الدستوري، لا قيمة لإنكار قيادات الإخوان، بأنهم لا ينتمون للجماعة، لأن الإخوان يعلمون جيداً أن حزب الحرية والعدالة، هو الذراع الأساسية للجماعة، بمعني أنه ينفذ خطط الجماعة، بالإضافة إلي الأدلة المثبتة عليهم وتدينهم وأشار شوقي، إلي أن قيادات جماعة الإخوان المسلمين، لم يعتقلوا لانتمائهم للجماعة، أو حزب الحرية والعدالة، ولكن لما ارتكبوه من جرائم وأعمال إرهابية. ويذكر أن جميع قيادات الإخوان المعتقلة نفت كل صلة لها بالجماعة في التحقيقات الأولية بعض القبض عليهم في إصرار كبير على أنهم ليسوا، إلا أعضاء بحزب الحرية والعدالة فقط، ومن أبرز هذه القيادات محمد البلتاجي، وصفوت حجازي، ومحمد بديع)(موقع مصرأونلاين 27/10/2013م). والحقيقة ان نكران الاخوان المسلمين لإنتمائهم، الذي ينكره عبد الله، هنا، في جهالة لا تليق بباحث، قد اصبح ظاهرة، حتى خرج بعض الصحفيين يسألون علماء النفس، تفسيراً لهذه الظاهرة العجيبة، فجاء (وعن ذلك قالت الدكتورة “هبة العيسوي” أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس لـ”البديل” أن ما حدث من قبل جماعة الإخوان المسلمين منذ فض اعتصاماتهم من حرق وتدمير هو انتحار سياسي وهذا يرجع إلي السلوك النفسي والحالة النفسية التي أصابتهم بعد عزل محمد مرسي، وتعالت في أذهانهم فكرة الضغط حتى يعود مرة أخرى إلى الحكم. وأضافت أن الجماعة خسرت تعاطف بعض من كان يتعاطف معهم من قبل الأمر الذي أصابهم بمرض هستيريا العنف الذي دفعهم لحرق الكنائس والتعدي علي المنشآت الخاصة والعامة والتدمير في سبيل حلم العودة للسلطة مرة أخرى. وأكدت العيسوي أن سلوك جماعة الإخوان حاليا جاء نتيجة قناعتهم أن صورتهم في الداخل مُسحت “بأستيكة” من عقل الشعب المصري بعد المشاهد الدموية التي أثارت حتى الأطفال داخل منازلهم، موضحة أن إنكارهم للتهم هي محاولة أخيرة للنجاة بأنفسهم بعد الفشل.
ومن جانبه قال الدكتور “إبراهيم حسين” أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس أن قيادات الإخوان ترفض تماما أن تستلم للأمر الواقع، فتحاول أن تخرج من السجن بأي طريقة عن طريق إنكار كافة التهم، وذلك ربما لاتباعهم نهج المخلوع حتى يخرجون براءة، وهذه الحالة أشبه بحالة الإنتحار والدليل هى مظاهراتهم الغير سلمية... وفى سياق متصل قال دكتور “عبد الرحيم علي” أستاذ الطب النفسي بجامعة دمياط، أن القيادات الإخوانية الآن تحاول أن تتبرأ من كافة التهم الموجهة إليها، وهذا في علم النفس الطبي يسمى “سيكولوجيا الهروب من مواجهه الأزمات” .... وأكد عبد الرحيم أن المشكلة هنا أن من يفعل ذلك هم القيادات التي تتاجر باسم الدين، فكيف كان يصعد إلى القنوات التليفزيونية يتحدث عن ما يأمرنا الله به، ثم يعود هو ليكذب، موضحا أن تلك الحالة ستسبب حالة من عدم الثقة فيهم من الشعب المصري ...)(البديل 28/8/2013م). إن الإعاقة الوجدانية والعقلية، هي أن يكذب شخص كل المتحدثين في هذا الامر، ويرفض الاستماع الى صوت ثلاثين مليون خرجوا في الشارع المصري، ويصدق الأخوان المسلمين الذين مردوا على الكذب والنفاق !! يقول عبد الله فيما نقلنا عنه أعلاه (ويزيد القراي الأمر نُكرا بأنه لا يتحرج من تزوير حتى هذه المادة الخبرية المسرطنة) !! فأين هو هذا التزوير الذي نسبه لي دون دليل في هذه العبارة الكاذبة ؟! -نواصل-
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: الكيك)
|
اعتذار لكبار السن فان البنط الاسود مهم بالنسبة لهم لذا فاننى اعيده لهم بهذا البنط الذى يساعدهم اكثر على القراءة ..
في الرد علي عبدالله علي ابراهيم: انك لاتعدو قدرك 2-2 عمر القراى 11-01-2013 06:00 PM (B)
تعقيب على د. عبد الله علي ابراهيم إنك لا تعدو قدرك !! (2-2)
(وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) صدق الله العظيم
لقد ساق عبد الله علي ابراهيم مقاله المسف، تحت عنوان ( القراي وحمادة في الغربة البطالة)!! وادعى أنني ما هاجمته ووصفته بالإنكسار، إلا لأن الغربة تؤثر على أخلاق الناس سلباً، وقد اثرت علي بدليل هجومي عليه !! ولعل القراء قد لاحظوا أن الجزء الذي ذكرت فيه عبد الله في المقال منقول من مقال سابق، كان قد نشر في الصحافة في عام 2010م، وأنا في السودان ولهذا فهو ليس نتيجة تأثير الغربة !! والأهم من ذلك، ويدل على قصور تصور عبد الله، هو أن الغربة ليست (بطّالة)، ولكن (البطّال) هو الذي حين وجد نفسه خارج الوطن، إفتتن عنه بمباهج الغربة، ونسى أن في رقبته للوطن ( يد سلفت ودين مستحق) .. وبدلاً من أن يحمل قضية الوطن في قلبه وعقله، ساوم فيها، وتاجر بها، واصبح يدعم مغتصبي الوطن وسفاحيه، ويدين ضحاياهم، كما يفعل عبد الله علي ابراهيم، بصورة يستخزي منها كل كريم !! لقد وصفني عبد الله بانني معوق وجدانياً ..
والحقيقة هي ان عبد الله ميت وجدانياً !! ومن موت وجدانه، دفاعه عن الاخوان المسلمين المصريين، وفرحه الساذج، بما يتلون من قرآن لا يتجاوز حناجرهم .. فقد حكموا في مصر لعام كامل، فماذا طبقوا من القرآن ؟! وحكموا في السودان وهم يقرأون القرآن حوالي ربع قرن، ثم قال قائلهم أن ما فعلوه شريعة (مدغمسة)، وإنهم بعد كل هذا الفشل سيطبقون الشريعة الصحيحة !! هؤلاء من قيل في أمثالهم (رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه)!! إن عبد الله علي ابراهيم، يحاول أن يظهر الأخوان المصريين، بمظهر الضحية، بعد أن عذبوا، و سفكوا دماء الابرياء في رابعة- بشهادة منظمات محترمة مثل "أمنستي" – ثم وقفوا على المنصة، فوق جثثهم، يدبجون الخطب الفارغة، التي هرب قادتهم بعدها، بمجرد بدأ الاقتحام، تاركين وراءهم السذج والبسطاء من اتباعهم .. وحين عجزوا عن مواجهة الشرطة، قاموا بضرب المسيحيين المسالمين، وحرق الكنائس، والاعتداء على العزل، وإثارة الشغب، واطلاق الرصاص العشوائي على المارة في الطرقات، وقتل الشرطة في عدة مراكز والجنود في سيناء. ومن موت وجدان عبد الله، إنه ظل ينقد ما جرى للاخوان المسلمين بمصر، وكأن موضوع مصر هو قضية حياته، دون أن يقول كلمة عن المجازر التي تمت في السودان !! فحتى لو سلمنا جدلاً بأن الاخوان المسلمين ظلموا في مصر، فما حدث لهم هناك، لا يقارن بما فعلته حكومة "الانقاذ" في الشعب السوداني، فلماذا لم يقم عبد الله بإدانة حرق القرى، وقتل الآلاف في دارفور، وقصف وجنوب كردفان والنيل الازرق بالطائرات، ومنع منظمات الإغاثة، من تقديم المعونات لهم حتى يموتوا بالجوع، في قمم الجبال، التي فروا إليها هروباً من جحيم الحرب المسلطة عليهم- وهو جميعه موثق من منظمات وهيئات دولية ؟!
ومن موت وجدان عبد الله علي ابراهيم ونقص مروءته ، أنه لم يكتب كلمة عن إغتصاب النساء السودانيات، سواء في مناطق الحروب، أو في مكاتب أجهزة الأمن، ولم يعترض على إعتقال النساء، والتحرش بهن، وجلدهن بالسوط بقانون النظام العام.. أليس في كل هذه المآسي، ما يحرك مشاعره أو يحفز موهبته ك(أديب) ليكتب عن هذا الواقع المرير ولو قصة ركيكة، مثل قصصه الباهتة التي كتبها عن السكة حديد ؟! ومن موت وجدان عبد الله، وهو يكتب في الصحف، عدم إعتراضه على مصادرة الحريات، واغلاق الصحف، وتشريد الصحفيين وتضييق العيش على اسرهم، ومنع صحفيين بارزين من الكتابة.. ألا يقتضي واجب زمالة المهنة، دع عنك أمر الحريات والوطن، أن يكتب مقالاً يدعم به وقفة الصحفيين ويدين مصادرة حقوقهم ؟! ومن موت وجدان عبد الله ألا يحركه قتل الشباب، ولا يهزه منظر دمائهم على الأسفلت في شوارع الخرطوم الذي نشرته كل المواقع .. إذ عجز أن يتفوه بكلمة ضد هذا الظلم الغاشم، ولم يدن الذين ارتكبوا هذه الجرائم البشعة !! ولا يؤثره أن يضرب رجال الأمن الدكتورة سمر بهذا العنف ثم يحاكمونها ويديونها بتهمة التظاهر !! ما قيمة الحياة إذا بلغ بك الخوف والطمع أن تصمت عن كل هذا السوء ؟! فهل تغضب بعد كل هذا، حين نصفك بأنك منكسر ؟! الحقيقة أنك (منبطح) للنظام تخشى غضبه، وتتسقط عطاياه، مثل كثير من أنصاف المثقفين المتملقين الذين يزحفون على بطونهم كالدود لينالوا من فتات خبز النظام الملطخ بدماء الابرياء !!
ومن موت وجدان عبد الله على ابراهيم، أنه ظل لسنوات متخصص في معارضة المعارضة، وكأنها هي التي ارتكبت جرائم الإنقاذ، ثم أنه يعتبر نفسه (مناضل) و (ثوري)!! مع أنه لم يخض معركة واحدة ضد نظام الإنقاذ، وهو أسوأ نظام مر على السودان .. وحتى ترشيحه فى الانتخابات الرئاسية، لم يكن من باب المعارضة، وانما لاكساب انتخابات (الخج) المزورة، شرعية كانت تفتقدها !! وحين منعه رجال الأمن من ان يقيم ندوة من ضمن حملته الإنتخابية، لم يهاجم هذا القرار ولم يدنه أو يحتج عليه !! ومن موت وجدان عبد الله، كتابته لسنوات في صحيفة "الرأي العام"، التابعة للحكومة، المعبرة عن رأيها والتي يصفها الصحفيون ب" مقبرة الكتاب"، لأنها تدجن من يكتب فيها، لتمثيلها للسلطة، وعدم نشرها لأي مقالات ناقدة .. ومن موت وجدان عبد الله علي ابراهيم، نفاقه للشيوعيين، بأنه كان صديق المرحوم عبد الخالق محجوب، ثم نقده لهم، وإدانة مواقف للحزب حدثت وهو شريك فيها محاولاً تبرئة نفسه، وتجريم زملائه، وإقناع الشيوعيين بتقليل خصومتهم للإنقاذ في محاولة ليسوقهم معه، على مكث، لدعم نظام الإنقاذ !! ويختم عبد الله مقاله بقوله (فيا كل من كان له قريب أو حبيب من المتسيسين في الغربة "البطالة" أن يراجعه ليتأكد من خلوه من فساد الذوق وصدأ الوجدان.
وليتأكد أن زوله ستر حاله لأن الغربة سترة حال. وسقط عديد من جيل ساسة المستقبل في امتحان الغربة. والله ثم والله نقرأ له ما يندى له الجبين. قرأنا عن شرف حرائر معلق في حبل الغسيل على المنابر. قرأنا عن أزواج لا يؤدبون زوجاتهم متى صرحن برأي. قرأنا عبارات لم نسمعها في خمارات الخرطوم حين كنا نغشاها). فمن هو الشخص المشار إليه بكلمتي (نقرأ له) في النص أعلاه ؟! فهو قطعاً لا يقصد (حمادة)، لأنه ذكر أنه لا يعرفه .. فهل يقصدني أنا ؟! إن كل ما كتبته موثق، ومحفوظ، وليس فيه شئ عن شرف حرائر، أو خلافه، مما ذكره عبد الله في هذه العبارة .. وإن كان لا يقصد (حمادة) ولا يقصدني أنا، فلماذا أورد ما قاله آخرون، في معرض نقده لي، في هذا المقال، ولم يكتف بما قلته أنا ؟! إن من الآخرين، من قال أنه لا يوجد إله لهذا الكون، فهل أنا مسؤول عن اقوالهم ؟! ليت عبد الله ظل في غشيانه للخمارات، فقد كان وهو (مخمور)، أفضل منه وهو (مهووس)، يناصر القتلة المتاجرين بالدين، على ضحاياهم من السودانيين الطيبين، وحين يبين له باطله، تأخذه العزة بالإثم فينحدر الى هذا الاسفاف!! ولما كان عبدالله علي ابراهيم، منذور الحظ من الحياء، فقد ختم مقاله الهابط، بتذكيرنا بأن الغربة (سترة حال) !! وعلى كل حال، فإن السودانيين بالخارج، يعرفون بعضهم، ويعرفون من عاش في الإغتراب (مستور الحال)، ومن عاش فيه (مكشوف الحال) .. ومن كان يجاهد في اعالي الاخلاق والقيم، ومن تنكر لكل قيم الوفاء، والمروءة وطيب العشرة !! ولو كان عبد الله علي ابراهيم يسمع لسمع لسان حالهم يقول له : إخسأ .. فإنك لا تعدو قدرك !!
د. عمر القراي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: الكيك)
|
وهنا مقال بمستوى رفيع من اللغة كتبه الزميل عبد الله الشقلينى ويجد القارىء رابط مقال الدكتور عبد الله على ابراهيم الذى كتبه عن الراحل حافظ الشيخ الزاكى رحمه الله فى خاتمة المقال ..
عبدالله الشقلينى
ثُّلْمَة في قلادة مَدح : في سيرة "مولانا "
(1) رحل مولانا ( حافظ الشيخ الزاكي ) ، غفر الله له وأسكنه مسكن من أحب من أصفيائه الذين وعدهم الفيحاء من جنانه . لا يعرف المرء ماذا يقول ؟ . هل نحن بالفعل كما قال الشاعر : نحنَ في ماضينا قوة ...قوة تتحدى الصعاب ؟ كم كرهت السياسة وأصحابها في كل الدنيا لأن الكذوب في أهلها يقولون عنه :صادق وكريم ، وأن النقي فيهم هو : الخاسر . وأن الساقط من " تمر " نخل السياسة يقدحون في سيرته بما فيه وبما ليس فيه . هذا رأيي مما لمسناه من تاريخنا السياسي وتواريخ غيرنا من الأمم ، ولم يكن رأياً في سيرة أحد أو نهجا آخر . (2) أما النعمة التي نستمسك بها، فهي السعي الحثيث لذكر محاسن الموتى . قرأت ما كتبه البروفيسور" عبد الله علي إبراهيم " في مقال عن مولانا "حافظ " كرفيق درب يقف هو في الطرف النقيض من العمل السياسي النشط و قد كان يخالفه سياسياً ، وهو يورد محاسنه الواحدة تلو الأخرى .
رأيته انتقى في حقه ما يقال في ذكر محاسن الموتى . ربما كانت لحياة الراحل الإنسانية ملمساً حنيناً لمن عاشروه أيامها ، ورءوا الجوانب المُضيئة التي رآها البروفيسور عبد الله . لعله مُصيب في كل ما أورده ، فقد اعتدنا على ذكر كل الخير فيمن رحلوا ، فيما اعتدنا أن نُضن بهذا الخير للأحياء منا ، ويقول المثل عندنا ( الله لا جاب يوم شُكركَ ). نشكُر من بعد الرحيل ، ونتجاوز عن المثالب ونرُش الماء العذب على تُراب القبر ونقرأ الأذكار ترحماً عليه . (3) وأنا أقرأ مقال البروفيسور عبد الله ، تذكرت في يوم من أيام التسعينات الأُوَل ،أيام الغلظة وكسر العظام ، احتاجت الذكر في غير ما اعتاد أهلنا من القول عند الرحيل ، عندما كان الراحل مولانا " حافظ الشيخ" عضواً في لجنة المناقصات بحكم عمادته كلية القانون . كنتُ مساعداً لسكرتير لجنة عطاءات بجامعة الخرطوم ذات زمان .
وكان بين يديَّ استمارة تدوين بيانات المناقصة والمتناقصين في الجلسة التي تلي الفحص المالي والتدقيق الفني و البدء في إجراءات إرساء العطاء للمتناقص الأوفر حظاً. أيام كانت الشفافية منهاجاً ومسلكاً ، قبل انكسار الخدمة المدنية ، وأيلولة الدولة بعد أشهُر قليلة إلى خزانة مبذولة للخاصة! . كنتُ حينها ساعداً فنياً وكنتُ الكاتب " عبد الحميد " أيضاً ! ، أقوم بتسجيل الوقائع الواحدة تلو الأخرى ، نتداول الصيغة ويكتبها شخصي ، وتتحول الأوراق الممهورة بالتوقيعات إلى دفة في كتاب العقود بين الدولة وبين شركات المقاولات . نرقب العقود تُوَقَّع مع الذين يستحقون . كنا بعد أن اكتملت البيانات الرئيسة والخاصة بالعطاءات والمراجعة الحسابية للمراقب المالي للجامعة وجهازه المحاسبي ، و بعد التدقيق من لجنة العطاءات ندون الأرقام ونمهر الاعتماد بالتوقيع من الحضور .
نحتاج لصياغة مسببات الاعتماد ،بعد التدقيق الفني لإمكانات المتناقصين وتحليل الأفضل حظاً،ويبقى السعر الإجمالي الأقل هو الفيصل حسب النظم. بقينا : عميد كلية الهندسة وعميد كلية القانون وشخصي . أنا في تدوين التفاصيل النهائية لصياغة خلاصة البَّت بكلمات موجزة لا تقبل إلا تأويلاً واحداً. وكنت جالساً وقد انفضَّ الحضور من بعد التوقيع . عميد الهندسة و"مولانا حافظ "كانا واقفين للتأكُد من الختام والإطلاع على ما تم تدوينه ليوافق ما تم الاتفاق عليه وهما على وشك المغادرة . سمعت أُذنيَّ المقال الآتي : عميد كلية الهندسة : ـ لو تسمح "مولانا "، أنا عِندي واحد من الأساتذة سافر بدون إذني ، وهو من غرب السودان ، وعرفت أنه كمان غادر خارج السودان .ما عارف شنو الإجراء . رأيك شنو يا مولانا ، ...طبعاً الإدارة عندها منشور خاص بطلبات عطلات هيئة التدريس وضرورة الموافقة الكتابية من عميد الكلية . جاء الرد ( كالرّد في السّد ) ! و" تنـزَّلت " اللغة الآمرة بديلاً عن شراكة الأنداد :
ـ الناس ديل ما معروفين !. يمكِن راح للمعارضة في مصر مين يعرف ؟ . تكتب كتاب مُباشرةً لوكيل الجامعة بصورة منه لوزارة الداخلية ... واستطرد ... تذكر "مولانا " أنني جالس ! ، أو هذا " اللا مُنتمي " موجود !. أمسك "مولانا "بيد عميد كلية الهندسة وجذبه خارجاً وأغلق الباب بخفة . خرجا من غرفة الاجتماعات ليُكمل " مولانا" التعليمات الأمنية أو التوجيهات !. لم أرفع رأسي عن التدوين رغم المفاجأة. تذكرت ساعتها أن السمع في الآيات القرآنية دوماً يسبق البصر والفؤاد : بسم الله الرحمن الرحيم : {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }الإسراء36 صدق الله العظيم مَن المسئول يا تُرى ؟
وقبل أن يكمل تفاصيل المشورة التي تحولت من إجراء إداري عادي من قبيل لفت النظر وهو ما يحدث عادة عند تجاوز إذن السفر في عطلات الجامعة ، فقد كانت كليات الجامعة تنظم وجود هيئة التدريس في الكليات وفق جداول تقييم الاختبارات وجداول المرحلة الثانية ( الملاحق ) وكان من الضروري وجود بعض الأساتذة في الكليات للتنظيم والمراقبة والتقييم ورفع النتائج لمجالس الكليات .وهو أمر إداري معروف استدعى من كل عمداء الكليات تقييد عطلات أعضاء هيئة التدريس وفق البرنامج المُتفق عليه وباعتماد عميد الكلية المُختص على التصديق بالعطلات ، ويصبح البديل مؤكد الوجود، مُداوماً في الجامعة و بمكتبه أيضاً.
تبدت اللغة الآمرة عندما تحدث "مولانا" ليس كعميد لكلية القانون يفتي في إجراء إداري داخلي يختص بالجامعة ، بل كذراع أمني يُراجع إن كان هنالك خلالاً أمنياً تمّ أو غفلة تتطلب الاستدراك ، ويتتبع هو إصلاح هذا الخلل الأمني الخاص بسفر أحد أعضاء هيئة التدريس ( المُشتبه افتراضاً أن لسفره مآرب أخرى ) أو انتماء لزمرة معارضة تتطلب الملاحقة وتحريك الإجرءات الجنائية ! . نسيَّ " مولانا " أن عضو هيئة التدريس هو زميل مثله ، يمكنه أن يكون عميداً أو مديراً أو نائباً للمدير !. ويحق لأعضاء هيئة التدريس كلهم السفر في العطلات و للمؤتمرات وللندوات و ورش العمل وغيرها ، وذلك شأن كل جامعات الدنيا ، و يتعين أن تكون فتوى " مولانا " عن التجاوز الإداري ، أما التجاوز الأمني وفرضية العمل السياسي ضد الدولة في الخارج ، والملاحقة البوليسية ،فهي ذهنية ليست لها علاقة بهيئة التدريس وليست لها علاقة بالمشورة موضوع المقال . (4) نظرت كل ذلك بعين الريبة والشك وأنا أقرأ الأريحية والنقاء والطُهر الذي منحته تجربة البروفيسور عبد الله مع الراحل " مولانا " في 1964 م وفي 1983 م وفي 2007 م بالتتابُع ، رغم أنهما يقفان على طرفي نقيض في تاريخهما السياسي ، حين افتتح مقاله عن الراحل " مولانا حافظ " :
(لم يمنع أنني كنت على الضفة الأخرى من نهج حافظ وأشواقه السياسية والثقافية أن أتذوق ميّزاته الجميلة الكثيرة. كان عندي مسلماً مؤمناً. )
قرأت المقال وطاف بذهني ما شهدت في أوائل التسعينات من القرن الماضي عن الحادث العارض الذي أوردناه ، و نظرتُ أيضاً قبول " مولانا " التعيين عميداً لكلية القانون وكان هو خارجها في ذلك الزمان ، ودون التسلسل الطبيعي لتقلد المنصب كالذي كان يحدث في كل كليات الجامعة آنذاك ، وكان قرار تعيينه عميداً لكلية القانون وهو من خارج هيئة التدريس استثناءً ن مدت فيها السلطة يدها بقسوة لهزيمة النظم الأكاديمية !.
يا تُرى أيمكننا أن نقول أن هنالك ثَّلْمَة في القلادة التي زينت المديح في سيرة "مولانا" ، وخالفنا نحن بما ذكرنا سُنن أهلنا وفتحنا كوة لا يتعين النظر منها لمن لبِست سيرته الطُهر والنقاء فيما رشح من مقال قلم يُدقق فيما يكتُب ولا يرمي النصوص على عواهنها وكان يقف على الطرف النقيض في الفكر السياسي والثقافي للراحل ؟ نرى البروفيسور وقد خفف حدة الخلاف من النقيض إلى الوقوف في الضفة الأخرى ، دليل هدنة ، أو قلادة في إحياء سنة أذكروا محاسن موتاكم .
سألت نفسي : - يا تُرى أتخيرنا المكان والزمان مناسبين أم أننا ظلمنا السيرة ؟ . ** رابط قلادة المدح التي تُزين صدر الراحل " مولانا " هناك في مدونة سودانايل : (حافظ الشيخ الزاكي: والسر في بئر ... بقلم: عبد الله علي إبراهيم)
http://www.sudaneseonline.com/arabic/index...6-03andItemid=55
,
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: الكيك)
|
عزيزنا الكيك السلام عليكم، عبد الله علي إبراهيم، مكانته عالية في سجل الفكر والثقافة السودانية! ومن الصعب محو اسمه، أو طمس إسهاماته! موقفه المؤيد للإخوان المسلمين في مصر، في الظرف الراهن، له مبرّراته الواضحة، فهو تأييد لإنسان مستضعف يواجه استبداد السلطة! كما أنه تأييد لقطاع عريض من الشعب المصري!
ثمّ إنّ عبد الله علي إبراهيم، إنسان! من حقه أن تكون له مواقفه الخاصّة، ومن الواجب على كلّ من عنده أدنى إحساس بمعنى الديمقراطية: أن يحترمها ويحترمه! وإن عنّ له أن ينتقده فلينتقده، ولكن بموضوعية، ودون مساس بالشخص! ودون إلقاء بالاتهامات!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: صلاح عباس فقير)
|
ما ياها مصيبة دكاترتنا المفكرين أي صراع فكري أو ممكن يكون فكري (بشوية مجهود وإعمال عقل ومنهج) تتغلب الأنا العليا المتضخمة ويتشخصن الصراع
إذا كانت "المؤاخذة" علي عبدالله علي إبراهيم (والتي صارت كعب أخيله ) هي تأييده لإنقلاب الإنقاذ (أو حاجة قريبة لدي) فإن القراي يرتكب نفس الجرم يؤيد إنقلابا عسكريا في الجارة مصر لمجرد أنه إنقلاب علي حكومة أخوان مسلمين
دا من "اخ" جمهوري كان شعارهم أبدا الحرية لنا ولسوانا الجمهوريين أول الليبرالين "الإسلاميين" في السودان ناقمون علي الأخوان المسلمون في أي مكان في العالم ويؤيدون أي إنقلاب عسكري عليهم !!!!!
(ما إتعلموا أي حاجة من تاريخهم زمان أيدوا ديكتاتورية مايو والنميري بدعوي أنه قضي علي الطائفية وحاتكم الطائفية عادت بأقوي بسقوط النميري)
ما في واحد مطالب يصطف في صف دا أو دا في صراعات الأنا العليا المتضخمة دعونا نطمح في شربات من فسيخ الصراعات هذا دعونا نحلم بأن يسمو المتجادلون ولو مرة فوق مر الصراعات ويتحاوروا
ومنهم نستفيد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: MAHJOOP ALI)
|
Quote: ما في واحد مطالب يصطف في صف دا أو دا في صراعات الأنا العليا المتضخمة دعونا نطمح في شربات من فسيخ الصراعات هذا دعونا نحلم بأن يسمو المتجادلون ولو مرة فوق مر الصراعات ويتحاوروا |
الاخ ناصر المحك هنا هو الانحياز للجماهير ع.ع.ا لم يتخذا موقف واحد ينبئ عن انحيازه القيمي تعرف متي حاد عن مصلحته الشخصية ؟ حاد ليستعطف كمال الجزولي بالكف عن فضح خالد المبارك !!!!!!!!!!!! اما دماء دارفور ولاجئها وجبال النوبة الانقسنا ودماء الخرطوم ونيالا ومدني الاخيرة فهي كركدي لاتسمو لمقام العالم العلامة عكس الدماء الزرقاء (رابعة والنهضة ) في مصر .... ياخوي زولكم دا علي قول امي (سماحة جمل الطين )
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: MAHJOOP ALI)
|
Quote: ثمّ إنّ عبد الله علي إبراهيم، إنسان! من حقه أن تكون له مواقفه الخاصّة، ومن الواجب على كلّ من عنده أدنى إحساس بمعنى الديمقراطية: أن يحترمها ويحترمه! وإن عنّ له أن ينتقده فلينتقده، ولكن بموضوعية، ودون مساس بالشخص! ودون إلقاء بالاتهامات! |
ولكن ليس من حقه تحقير الاخرين ويبطل مسخرة الشيوعيين الفارغة وما يدور في مصر فاهمه القراي اكثر اي شيوعي في السودان الديموقراطية ليست ورقة توضع في صندوق ونقول ديموقراطية كيزان مصر وصلو للسلطة بالفهلوة فقط و5000 بقرة الرسلا البشير وهم 5 مليون بس(انتخبو مرسي في الدورة الاولى) وارادو تقويض الدولة المصرية بطرقهم الملتوية التي يعرفها السودانيين الاذكياء جيدا...وابداع تمرد التي خرجت 34 مليون مصري قضى عليهم وانتو يحلكم الحل بله... و كلام القراي موثق ومفصل ومشروح تمام في الشان المصري واحسن من ناس مركز الاهرام للدراسات.. بعدين ما هي المؤهلات الخلت عبدالله علي ابراهيم رئيس اتحاد الكتاب السودانيين ونحن لانرى له اي ابداع حقيقي او اكاديمي موثق ذى منصور خالد او روائي ذى عبدالله اسحاق ودي ذاتا يجب ات يعاد فيها النظر اه ولى نسيت نحن في زمن الانقاذ لاصحينا عاجبنا الصباح لا نمنا غتانا العشم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: MAHJOOP ALI)
|
محجوب على
ما هكذا تقاس الأمور
هنا أيضاً مقال ع ع ا
من بين بروج الموت المنصوبة في الوطن هذه الأيام (في مرواحة لعبارة لمحمد المكي إبراهيم) انكسر قلبي للصبي لابس "فتيق" الصاعقة المدرسي يشخب دمه على أسلفت الشارع. "وجعني" شديد أن هذه الرقدة الأخيرة هي ما سيبقى منه أبداً في خاطر الوطن كما بقيت صورة الخليفة عبد الله. وأشد إيلاماً أنها ما سيبقى منه (بعد تخافت غبار معركة الوطن) في حشا أمه وأبيه وأخوته وإخواته وصبية الجيران بغمازتيها التي ربما بدا معها التناجي في طريق للعاطفة والوجد عوجل فيه. والطريق ما يزال طفلاً بعد. كان موته مكتوباً على "فتيق الصاعقة" الذي فرضه نظام الإنقاذ زياً مدرسياً. كان الإنقاذ يربيه للموت المبكر في ساحات الفداء. كان رهن الإشارة ليفتدينا فيها. وكتب الله ألا يموت في معسكر العيلفون، ولا في الميل اربعين، ولا في عزة السودان الأولى، ولا الثانية، ولا الثالثة إلى آخره، ولا في سفوح كاودا، ولا هجليج، ولا أب كرشولا، ولا الله كريم. ولا ولا. لما كتب الله له السلامة من كل هذه الغزوات صرعه من رعرعه للموت برصاصة ضرجته على قارعة الطريق وهو بريء إلا من هتاف على الفم وعلامة النصر على الأصابع. من لم يمت بالعدو المصطنع مات بغيره، مات بأمر من قائده الأعلى. لا أعرف نظاماً مثل الإنقاذ أسرف زعيمه في الإعتذار لنا عن تنكبه الطريق وعدم السداد. قال مرة لقد احتملتمونا على ضر. والتمس مرة ألا نشكوه إلى من سنقف على بابه جميعاً في يوم لا ظل إلا ظله. ولم يمض شهر أو نحوه مذ عض بنان الندم على إسراف نظامه في القتل في دارفور ذاكراً الحديث المنسوب لنبي الرحمة من أن هدم الكعبة لأهون على الله من قتل النفس. ثم لم نره يحقن دماً في أول منعطف. وصرع من بين المئات على أيامنا هذه الصبي بفتيق الصاعقة ذي اللون الأخضر والبقع السوداء وروى دمه أسفلت شارع اختبره الخريف وصمد بالكاد. وبدا لي ذلك من حسن التخلص من الدين للإنقاذ: تستنفر الدين ليغطي سوءتها وتتلمظ للدم متى رأت صبياً غراً يعترضها بالهتاف وعلامة النصر بينما لا تكف هي عن إشهار فشلها. قالت كاتبة جنوب أفريقية مرة أن بوسع الأمن في جنوب أفريقيا البيضاء أن يقتل الصبية السود عن بكرة أبيهم لولا أنهم مدربون على القتل. فقتلهم مدروس. ولا يبدو أن قتل الإنقاذ لخصومها الصغار مدروسا. فواه من القتلة الهواة! واه من القتلة الذين بلا أعرف! لا أعرف عدد المرات التي قال فيها النظام أنه سينصرف متى ضجر منه الناس. ولم نعد نعرف ما مقياس ضغط هذا الضجر. فلم يترك باباً للثقة في الإنتخابات لتدوير الحكم. ولم تقع عيننا على تظاهرة مشروعة منذ قيل بكفالة هذا الحق. ولم يجد نصح أمثالنا طوال ربع قرن إلى أن يأمن النظام إلى طلاقة الشعب لا أمن الإجراءات. ولكن لكل أول آخر. وعلى النظام أن يمتثل للإرادة الشعبية. فأشراط نهايته دنت. وهي ليست في التظاهرات. فهي، مجردة، لا تسقط النظم. ما يسقط النظم أنها لم تعد تقوى على الحكم. والتظاهرات سبب. ولم يعد خافياً منذ مؤتمر السيد البشير الأخير أن زمام الحكم فلت من الإنقاذ بحق وحقيق ولم يبق إلا التجمل. إن على الإنقاذ وعلى وجه السرعة أن تكف عن القتل وتاذن بالتظاهر كحق مكفول بالدستور وينظمه القانون. فهذا هو السبيل الصحي الذي لاغيره لاحتجاج مشروع مثمر وسلمي كما تلهج بذلك. أن تدعو لمؤتمر دستوري شامل تعد له سكرتارية من التكنوقراط على غرار مؤتمر المائدة المستديرة في 1965 لنتواثق على وطن مختلف ديمقراطي. وسنستصحب في المؤتمر كافة الاتفاقيات الموقعة بين الحكومة وكيانات سياسية وطنية بدون أن تقعد بنا دون أن نتراضى عند حل شامل. أن تقوم على وجه السرعة حكومة أزمة رشيقة من الأحزاب، بما فيها المؤتمر الوطني، والحركات المسلحة ترعى المؤتمر الدستوري وتسعف الوضع الاقتصادي في بيئة نتفاءل أن تضع الحرب أوزارها فيها ونرمم علاقاتنا مع العالم الذي اعتزلناه. لو تذكرون في "موسم الهجرة إلى الشمال" أن مصطفى سعيد قرأ لنفسه وهو غائب العقل نوعاً قصيدة إنجليزية تبكي فيه نساء أوربيات قتلاهن في الحرب العالمية الأولى. وكانت خاتمتها: كان هناك ضوءاً خافتاً كان هناك ألماً عظيماً وهذا حالنا الألم العظيم والضوء الخافت.
Ibrahim, Abdullahi A. [[email protected]] ////////////
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: الصادق اسماعيل)
|
وكتب ع ع ا مقالا ضد المعارضة المسلحة
1-وجلدك خرش ما فيه فؤجئت بأن أول أحاديث ياسر عرمان بعد غزوة شمال كردفان، وهو على بعد 400 ميل من الخرطوم (في قوله)، خلت بالكلية من التطرق بلا أو نعم للاتهامات التي ثارت حول ترويع المدنيين وقتلهم خلال تلك الغزوة. وخرجنا من جلية أمر هذا العنف بالمدنيين صفر اليدين مع أن عمار عوض، كاتب إفادات عرمان، وعدنا في مسلسله بأن الرجل سيرد على تلك الاتهامات. ووفق عمار في وصف مهمته بأنه "كاتب إفادات" لا صحفياً يخضع محدثه للشاغل الراهن الذي في جسامة قتل النفس. فلم نفد من عرمان سوى قطعة من "التوجيه المعنوي" جعلت من عمار "عرضحالجيا". طالما كنت يا عرمان على بعد 400 ميل من الخرطوم فحسابك حساب. فكيف بك تريدنا أن نرضخ في الخرطوم لجيش كالذي تعمل في توجيهه المعنوي (وجلدك خرش ما فيه) إذا كنت لا تقوى حتى على نفي ما رشح عن مقاتلكم في شمال كردفان؟ ولسنا نستكثر على مثل جيشكم دخول الفاتحين الخرطوم عن استحقار بل لأنكم لم تستثمروا فيه تربية تجعله مسلحين من أجل القضية لا عصبة مسلحة كما تواتر خبره في كردفان من نهب للموبايلات والأسواق وتخريب المنشآت العامة والقتل والاغتصاب على الهوية (بل والإثنية). فأنظر بالله عليك إلى عبد العزيز الحلو يكذب ما رشح عن سوءة قواته بتعميم مخل ويتحدث في نفس الوقت عن "أولاد الغرب" "و"أولاد البحر" من ذيول تاريخ المهدية كسيناريو معاصر للتطبيق. هل هذا التاريخ الرديء هو ما تبثونه في جندكم على بعد 400 ميل من أم درمان مسرح قتال الخليفة والأشراف؟ هل من عقيدة جيشكم استباحة دماء مثلث حمدي لأن الجيش استباح دماء "الهامش"، صاعاً بصاع، كما هو خط الدفاع الأول لأنصاركم في الأسافير؟ تكرر لفت نظري لعرمان كمؤرخ هاو يفاقم من خطره أنه مؤدلج للنخاع. ولفت محمد عبد الماجد إلى كآبة شعره. وتلك قصة أخرى. فأستولى التفسير العرقى للتاريخ عليه حتى حلب به رمزية على عبد اللطيف بغير رحمة ولا علم. وذكر في إفاداته جون قرنق وأطنب في أفضاله عليه ولم يتعطف، طالما كان الكلام عن وعيه بمسألة الجنوب، على رفيقه القديم جوزيف قرنق الوحدوي الماركسي بكلمة. ولم يلتزم بذلك بجاري العادة أن يرش الدافنة بالماء المقبرة القديمة التي تلي مقبرتهم الجديدة. بل وجدته يقيم مقارنات ما أنزل الله بها من سلطان. فقال إن الصادق المهدي كان وراء غزوة "المرتزقة" ثم يأتي فيستنكر غزوة شمال كردفان. كان المرتزقة في 1976 يا ياسر! ولو عاد عرمان إلى دروس الجدل لاستعاد أن المرء لا يقطع نفس النهر من نفس المكان مرتين. قال دارفوري معارض لآخر في دولة الإنقاذ كيف يرضى بأن يخدم في نظام قتل 400 ألف من أهله؟ فهل لك أهل يا ياسر تدرأ الأذى عنهم قبل أن يقع الفأس على الرأس وأنت على بعد 400 ميل من الخرطوم؟ لا اعتقد، طالما أدرت وجهك للناحية الأخرى عن عاركم الثوري في أب كرشولا.
2-لن أكون "إسلاموعروبي" في المرة القادمة إن شاء الله (مرواحة على عنوان كتاب "لن أكون توتسياً في المرة القادمة" عن هولكست رواندا)
أعرف عن ياسر عرمان تعلقاً برموز الثورة الأفريقية الفالحين. ولكن وددت لو توقف عند سيرة ثوري غير فالح هو عبد الرحمن بابو زعيم حزب الأمة الماركسي في زنجبار على أيام مذبحة العرب في يناير 1964. ووقعت المذبحة بعد ثورة تزعمها أحد شذاذ الافاق اسمه جون أوكيلو اليوغندي ضد الوجود العربي بسلطانه وجاهه. واستثمر فيها ظلامات تاريخية للشعب الأفروشيرازي الهجين بين الأفارقة ومهاجرة من فارس وعمان. ولكن من قام ب"الثورة" حقاً وذبح العرب ذبحاً هم أفارقة البر من تنجانيقا وغيرها ممن عملوا في مختلف الصنائع في الجزيرة. هولوكست زنجبار مصموت عنه. فحتى العرب لم يرغبوا في إثارته. فوقف عبد الناصر مع "ثورة" زنجبار لرفعها لواء العدالة الاجتماعية وأزالت سلطاناً عربياً رجعياً ًلم ينجح هو في مثله إلا في اليمن. وكانت المذبحة ثمرة مريرة للفكرة الزنوجية التي ترى أفريقيا ملكاً خالصاً ل "زنجها" وعلى كل غريب عن ذلك الجنس الرحيل من حيث أتى وإلا . . . . وكان أوكيلو الغامض ممسوساً بهذه الفكرة في سياق الحركة الوطنية في شرق أفريقيا. فقاد "ثورته" ضد الحزب الوطني العربي الحاكم بغير استئذان من أهل البلد في الحزب الأفروشيرازي (عبيد كرومي) أو حزب الأمة (بابو) منتهزاً احتقان هذين الحزبين بكراهية الحكومة لزعمهما تزويرها الانتخابات. وأطلق أوكيل يد جنده في العرب فقتل نحو 10 ألف منهم ووضع 8 ألف منهم في المعسكرات. ومن أراد الوقوف على بشاعة تلك الأيام الهولكوستية فدونه اليوتيوب أو مشاهدة "أفريقيا: الدم أو الباس" من إنتاج التلفزيون الإيطالي. كان عبد الرحمن بابو نائماً في دار السلام التي هرب إليها من زنجبار بعد إنشقاقه من الحزب الوطني العربي الحاكم وتكوينه حزبه الماركسي. فأيقظه السفير الكوبي ليطلعه على نبأ "ثورة" أوكيلو. فعاد إلى الجزيرة وخدم في مجلس الوزراء تحت أوكيلو الذي تخلص منه عبيد كرومي خلال 50 يوماً لأنه تجبر وصار سبة على زنجبار ليعود إلى العتمة من حيث أتى. بل قال على المزروعي إنه أجنبي أكثر من السلطان الذي نزعه من الحكم والمولود اباً وجداً في زنجبار. إرتكب بابو خطأ يقلده فيه يساريونا حالياً. فهم مثله يركبون موجة ثورية من الهامش من باب العدل السياسي والاجتماعي مما تمليه عليهم ماركسية ملهوجة النظر فيها للطبقة لا للعرق (كملحق طبقي بل كوعي) مما شرحته في كتابي "اصيل الماركسية". فبابو مات مهاناً طريداً في 1996وهو ينكر محرقة العرب ويعتقد أنها بعض أكاذيبهم. والواقع أنه عومل كعربي وماركسي أشر بعد 90 يوماً من المذبحة وأزرى به كرومي حتى فر من الجزيرة في 1972. والدلائل على عرقية "أفريقانية" حركة الهامش عندنا وضحاء. فياما تحدث ممثلوها الحقيقون (إنتباهتها) عن ما ينتظرنا على يدهم من مصائر العرب في الأندلس وزنجبار. بل كتب أبو بكر القاضي (سودانايل 17-92011) عن النوبة أصل السكان والمسيرية الوافدين وقس على ذلك. وهذه فتيلة العرقية والمحرقة. نصح جمال محمد أحمد دكتور منصور خالد يوم دخل الحركة الشعبية أن يقلع عن هذه السكة الخطرة ويرشد. وهذا قولي لك يا ياسر إذا لم ترغب في مصير كبابو ثائراً بلا عصبية وأنت على بعد 400 كيلومتر من الخرطوم كما تقول. Ibrahim, Abdullahi A. [[email protected]] ////////////
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: الصادق اسماعيل)
|
وكتب ع ع ا مقالا ضد المعارضة المسلحة
1-وجلدك خرش ما فيه فؤجئت بأن أول أحاديث ياسر عرمان بعد غزوة شمال كردفان، وهو على بعد 400 ميل من الخرطوم (في قوله)، خلت بالكلية من التطرق بلا أو نعم للاتهامات التي ثارت حول ترويع المدنيين وقتلهم خلال تلك الغزوة. وخرجنا من جلية أمر هذا العنف بالمدنيين صفر اليدين مع أن عمار عوض، كاتب إفادات عرمان، وعدنا في مسلسله بأن الرجل سيرد على تلك الاتهامات. ووفق عمار في وصف مهمته بأنه "كاتب إفادات" لا صحفياً يخضع محدثه للشاغل الراهن الذي في جسامة قتل النفس. فلم نفد من عرمان سوى قطعة من "التوجيه المعنوي" جعلت من عمار "عرضحالجيا". طالما كنت يا عرمان على بعد 400 ميل من الخرطوم فحسابك حساب. فكيف بك تريدنا أن نرضخ في الخرطوم لجيش كالذي تعمل في توجيهه المعنوي (وجلدك خرش ما فيه) إذا كنت لا تقوى حتى على نفي ما رشح عن مقاتلكم في شمال كردفان؟ ولسنا نستكثر على مثل جيشكم دخول الفاتحين الخرطوم عن استحقار بل لأنكم لم تستثمروا فيه تربية تجعله مسلحين من أجل القضية لا عصبة مسلحة كما تواتر خبره في كردفان من نهب للموبايلات والأسواق وتخريب المنشآت العامة والقتل والاغتصاب على الهوية (بل والإثنية). فأنظر بالله عليك إلى عبد العزيز الحلو يكذب ما رشح عن سوءة قواته بتعميم مخل ويتحدث في نفس الوقت عن "أولاد الغرب" "و"أولاد البحر" من ذيول تاريخ المهدية كسيناريو معاصر للتطبيق. هل هذا التاريخ الرديء هو ما تبثونه في جندكم على بعد 400 ميل من أم درمان مسرح قتال الخليفة والأشراف؟ هل من عقيدة جيشكم استباحة دماء مثلث حمدي لأن الجيش استباح دماء "الهامش"، صاعاً بصاع، كما هو خط الدفاع الأول لأنصاركم في الأسافير؟ تكرر لفت نظري لعرمان كمؤرخ هاو يفاقم من خطره أنه مؤدلج للنخاع. ولفت محمد عبد الماجد إلى كآبة شعره. وتلك قصة أخرى. فأستولى التفسير العرقى للتاريخ عليه حتى حلب به رمزية على عبد اللطيف بغير رحمة ولا علم. وذكر في إفاداته جون قرنق وأطنب في أفضاله عليه ولم يتعطف، طالما كان الكلام عن وعيه بمسألة الجنوب، على رفيقه القديم جوزيف قرنق الوحدوي الماركسي بكلمة. ولم يلتزم بذلك بجاري العادة أن يرش الدافنة بالماء المقبرة القديمة التي تلي مقبرتهم الجديدة. بل وجدته يقيم مقارنات ما أنزل الله بها من سلطان. فقال إن الصادق المهدي كان وراء غزوة "المرتزقة" ثم يأتي فيستنكر غزوة شمال كردفان. كان المرتزقة في 1976 يا ياسر! ولو عاد عرمان إلى دروس الجدل لاستعاد أن المرء لا يقطع نفس النهر من نفس المكان مرتين. قال دارفوري معارض لآخر في دولة الإنقاذ كيف يرضى بأن يخدم في نظام قتل 400 ألف من أهله؟ فهل لك أهل يا ياسر تدرأ الأذى عنهم قبل أن يقع الفأس على الرأس وأنت على بعد 400 ميل من الخرطوم؟ لا اعتقد، طالما أدرت وجهك للناحية الأخرى عن عاركم الثوري في أب كرشولا.
2-لن أكون "إسلاموعروبي" في المرة القادمة إن شاء الله (مرواحة على عنوان كتاب "لن أكون توتسياً في المرة القادمة" عن هولكست رواندا)
أعرف عن ياسر عرمان تعلقاً برموز الثورة الأفريقية الفالحين. ولكن وددت لو توقف عند سيرة ثوري غير فالح هو عبد الرحمن بابو زعيم حزب الأمة الماركسي في زنجبار على أيام مذبحة العرب في يناير 1964. ووقعت المذبحة بعد ثورة تزعمها أحد شذاذ الافاق اسمه جون أوكيلو اليوغندي ضد الوجود العربي بسلطانه وجاهه. واستثمر فيها ظلامات تاريخية للشعب الأفروشيرازي الهجين بين الأفارقة ومهاجرة من فارس وعمان. ولكن من قام ب"الثورة" حقاً وذبح العرب ذبحاً هم أفارقة البر من تنجانيقا وغيرها ممن عملوا في مختلف الصنائع في الجزيرة. هولوكست زنجبار مصموت عنه. فحتى العرب لم يرغبوا في إثارته. فوقف عبد الناصر مع "ثورة" زنجبار لرفعها لواء العدالة الاجتماعية وأزالت سلطاناً عربياً رجعياً ًلم ينجح هو في مثله إلا في اليمن. وكانت المذبحة ثمرة مريرة للفكرة الزنوجية التي ترى أفريقيا ملكاً خالصاً ل "زنجها" وعلى كل غريب عن ذلك الجنس الرحيل من حيث أتى وإلا . . . . وكان أوكيلو الغامض ممسوساً بهذه الفكرة في سياق الحركة الوطنية في شرق أفريقيا. فقاد "ثورته" ضد الحزب الوطني العربي الحاكم بغير استئذان من أهل البلد في الحزب الأفروشيرازي (عبيد كرومي) أو حزب الأمة (بابو) منتهزاً احتقان هذين الحزبين بكراهية الحكومة لزعمهما تزويرها الانتخابات. وأطلق أوكيل يد جنده في العرب فقتل نحو 10 ألف منهم ووضع 8 ألف منهم في المعسكرات. ومن أراد الوقوف على بشاعة تلك الأيام الهولكوستية فدونه اليوتيوب أو مشاهدة "أفريقيا: الدم أو الباس" من إنتاج التلفزيون الإيطالي. كان عبد الرحمن بابو نائماً في دار السلام التي هرب إليها من زنجبار بعد إنشقاقه من الحزب الوطني العربي الحاكم وتكوينه حزبه الماركسي. فأيقظه السفير الكوبي ليطلعه على نبأ "ثورة" أوكيلو. فعاد إلى الجزيرة وخدم في مجلس الوزراء تحت أوكيلو الذي تخلص منه عبيد كرومي خلال 50 يوماً لأنه تجبر وصار سبة على زنجبار ليعود إلى العتمة من حيث أتى. بل قال على المزروعي إنه أجنبي أكثر من السلطان الذي نزعه من الحكم والمولود اباً وجداً في زنجبار. إرتكب بابو خطأ يقلده فيه يساريونا حالياً. فهم مثله يركبون موجة ثورية من الهامش من باب العدل السياسي والاجتماعي مما تمليه عليهم ماركسية ملهوجة النظر فيها للطبقة لا للعرق (كملحق طبقي بل كوعي) مما شرحته في كتابي "اصيل الماركسية". فبابو مات مهاناً طريداً في 1996وهو ينكر محرقة العرب ويعتقد أنها بعض أكاذيبهم. والواقع أنه عومل كعربي وماركسي أشر بعد 90 يوماً من المذبحة وأزرى به كرومي حتى فر من الجزيرة في 1972. والدلائل على عرقية "أفريقانية" حركة الهامش عندنا وضحاء. فياما تحدث ممثلوها الحقيقون (إنتباهتها) عن ما ينتظرنا على يدهم من مصائر العرب في الأندلس وزنجبار. بل كتب أبو بكر القاضي (سودانايل 17-92011) عن النوبة أصل السكان والمسيرية الوافدين وقس على ذلك. وهذه فتيلة العرقية والمحرقة. نصح جمال محمد أحمد دكتور منصور خالد يوم دخل الحركة الشعبية أن يقلع عن هذه السكة الخطرة ويرشد. وهذا قولي لك يا ياسر إذا لم ترغب في مصير كبابو ثائراً بلا عصبية وأنت على بعد 400 كيلومتر من الخرطوم كما تقول. Ibrahim, Abdullahi A. [[email protected]] ////////////
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: الصادق اسماعيل)
|
ممكن أجيب مقالات كتيرة ل ع ع ا وهو يكتب معارضا للإنقاذ، وممكن أجيب مقالات له أيضاً وهو ينتقد المعارضة، ومقالات اخري يظهر فيها تأييدا لمواقف الحكومة
لكن العقلية التصنيفية تريد موقفا واحدا
من ليس معنا فهو ضدنا
ويظل هذا التناحر بين الجميع في السودان
لينتج ما نراه من دماء
والحال كذلك لا بد من شيطنة ع ع ا وإعلاء وطنية القراى
او العكس شيطنة القاري وإعلاء وطنية ع ع ا
لا مكان وسط، ع ع ا مؤيد للإنقاذ والقاري معارض
هلال مريخ في اي مكان
الصادق المهدي خائن وعميل للإنقاذ، او معارض شرس
ويمكن ان نعرف الان لماذا يحدث هذا القتل المجاني
المهم
نحتاج لتوسيع الافق
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: الصادق اسماعيل)
|
Quote: هذا مقالي للأضواء الغراء هذا الأسبوع، وهو يتعرض لمحاولات الدكتور عبد الله علي إبراهيم للإعدام المعنوي لعبد الخالق محجوب، بعد أن قتله أعداؤه جسديا.
بين الدكتور عبد الله على إبراهيم، والأستاذ الشهيد عبد الخالق محجوب:
لا يكتفي الدكتور عبد الله علي إبراهيم، بأقل من الإعدام المعنوي لليسار، ممثلا في واحد من أوضأ رموزه: الأستاذ الشهيد عبد الخالق محجوب. ومن خلال إشارات مبثوثة في عدد لا يحصى من المقالات، يحاول عبد الله على إبراهيم أن يمدح عبد الخالق محجوب بأن ينسب إليه قيما ومواقف لم تكن حياة الشهيد وموته، إلا نفيا ودحضا لها. وإذا كان ما حدث لعبد الخالق محجوب صبيحة الثامن والعشرين من يوليو 1971، إعداما جسديا إجراميا نفذه حاكم معتوه، فإن رد فعل عبد الخالق عليه، قد مثل الدرجة العليا من التسامي الفردي، والبطولة الإنسانية، والشجاعة العقلية، التي ألهمت أجيالا من الشعراء والرسامين والمبدعين، بقدر ما ألهمت المناضلين في كل الدروب. ومصدر الإلهام هنا لم بكن تلك الوقفة الأسطورية وحدها، بل كانت السيرة كلها، والقيم التي أضاءت تلك السيرة، والتي لم يزدها الإعدام الجسدي إلا جلاء. أي أن عبد الخالق محجوب، لم يعد منذ تلك المأثرة الباهرة التي خطها بموته، سوى تلك القيم التي عاش من أجلها، وجاد بروحه ودمائه لإضاءتها وسقياها. وهو قد قال لنا بفعله ذاك: جسدي فداء لفكري، دمي زيت لقيمي، عبوري ثمن لبقاء معناي. فإذا أتي من ينسب لعبد الخالق قيما ومواقف نقيضة لما كان يؤمن به، ويرفعها علما على ذكراه، مع كل آيات التمجيد الزائفة وحسرات الفراق المفتعلة، فإنه يحاول إتيان جريمة أفظع من القتل الجسدي، وهي قتل المعنى. وهذا هو ما ظل يمارسه عبد الله علي إبراهيم منذ أن زلزلته الإنقاذ بحضورها الرهيب، وخلعت فؤاده وكسرت جبارته. في كتابه عن الترابي كزعيم للتجديد الإسلامي في السودان، وعن إمكانية حكم البلاد بواسطة فئة القضاة الشرعيين، يورد عبد الله علي إبراهيم الإهداء التالي: " إلى أستاذنا المرحوم عبد الخالق محجوب كنا قد إئتمرنا أو " تآمرنا" على شيئ من هذا الكتاب في فترة من الزمان عند منتصف ستينات القرن الماضي. واستعجلت أنت تخطو وئيدا شجاعا في السكة الخطرة. أو أبطأت أنا. وهذا بعض كسبي من " المحضر السابق" صدقة جارية لروحك السمح العذب، يا أيها الرجل الوسيم." ألاحظ عرضا هنا إستخدام عبد الله على إبراهيم، في إهداء يوجهه إلى عبد الخالق محجوب، لمصطلحين أساسيين في فكر حسن عبد الله الترابي، هما مصطلح الإئتمار، الذي يفضله الترابي لمعناه المزدوج، الظاهر المتعلق بعقد المؤتمرات، والخفي الذي يعني التآمر، فالترابي يعشق مثل هذه المصطلحات ويهيم بها هياما لا فطام منه. ومصطلح "الكسب"، الذي يصور العمل السياسي والفكري، ليس كعطاء يجود به المرء طوعا على الآخرين، بل ككسب يأخذه الفرد عنوة من الجماعة، ويأخذه الحزب غصبا من المجتمع. وأتجاوز عن ظاهرة ذلك المستعجل الذي " يخطو وئيدا"، في مزاوجة مستحيلة بين نوعين من المشي، وأنفذ إلى جوهر فكرة عبد الله، وهي إشراك عبد الخالق في تأليف كتاب لم يكن ليتردد في إستنكار كل مقولة أساسية وردت فيه، ودحضها بحزم فكري عرفه عنه عبد الله قبل سواه. والدليل الذي يسوقه عبد الله على إشتراك عبد الخالق معه في فكرة هذا الكتاب، هو تآمر سري، بينه وبين عبد الخالق. وهي فكرة ليست كاذبة فحسب، بل هي غبية كذلك. لقد أتهم عبد الخالق محجوب بالتآمر في أشياء كثيرة، في مراحل مختلفة من حياته، من مؤامرة الشيوعية الكبرى، وحتى مؤامرة الإنقلاب العسكري. وكانت الإتهامات ذات طابع سياسي واضح، لأن عبد الخالق كان قائدا سياسيا فذا، من أخمص قدميه إلى شعر رأسه. ولكن أحدا لم يتهم عبد الخالق بمؤامرة فكرية. في مسائل الفكر كان عبد الخالق واضحا كالشمس. بل كان يوصي الشيوعيين بأن يكونوا واضحين فكريا مثله، وألا ينحشروا في مواقع الدفاع، حتى لا يتهموا بالإنتهازية. فكيف يمكن لرجل هذا شأنه أن يتآمر مع عبد الله على أفكار هابطة مثل تولية شؤون الدستور والحكم لفئة القضاة الشرعيين، إذا كان ذلك هو الجزء من الكتاب موضوع التآمر، أو تنصيب الترابي زعيما للتجديد الديني، إذا كان موضوع التآمر هو الجزء الثاني من الكتاب؟ وكيف يمكن لعبد الخالق أن يتآمر على كل تاريخه الفكري؟ التآمر المشار إليه هنا، لا يعني سوى أن عبد الله، وقد سار في الدروب الموحشة، بدلا عن "السكة الخطرة"، يريد أن يدعي أنه يفعل ذلك وهو في صحبة رفيعة، كما يريد أن يتأبط ذراع عبد الخالق إلى قبره المعنوي، الذي أعده بدافع الكراهية العميقة التي تسمي نفسها حبا خالدا. وسأوضح ما أجملته هنا عندما أتناول في مقالات قادمة، كتاب عبد الله المدوّن بمداد التهافت المنطقي والمرجّب بعمد الحجج الخاوية. وما أجمله عبد الله هنا في كلمة إهدائه المسمومة، فصله شيئا ما في مقدمته لكتاب عبد الخالق: أفكار حول فلسفة الإخوان المسلمين الذي كتبه الشهيد أواخر الستينات. ولأن الرسالة التي حددها عبد الله علي إبراهيم لنفسه، إزاء عبد الخالق، لا يمكن أن تكون مستقيمة، وإلا كشفت نفسها للدحض المباشر، فإن إلتواءها قد ظهر هنا بأجلى ما يكون الظهور. إن عبد الله إذ يقدم لكتاب، ينتقد دون رحمة، وباستقامة فكرية عظيمة، عرفت عن الشهيد، أفكار الإخوان المسلمين، لا يورد حرفا واحدا، أو فكرة واحدة من الكتاب الذي بين يدي القاريئ، بل يلجأ إلى نسبة أفكار نقيضة لما ورد في الكتاب إلى مؤلفه، بإعتماد مراجع أخرى ليست بين يدي القارئ ولا يؤمل أن يحصل عليها حتى إذا شاء! والأخبار غير السارة بالنسبة لعبد الله، إننا حصلنا على بعضها، ونعمل على الحصول على الأخريات ولو طال السفر، فليكفهر وجهه ما شاء له الإكفهرار! يقول عبد الله علي إبراهيم أن عبد الخالق محجوب، لم يكن معترضا على دعوة الدستور الإسلامي، عند ظهورها، بل كان محبذا لتلك الفكرة، منشرحا إزاءها، ومحتفيا بها. وربما يكون رد فعل كثير من القراء، وهم يطالعون هذه الدعوة الغليظة، أنني أتجنى على الرجل، وأرجمه بالغيب، وأتهمه بما لا يمكن أن يكون قد صدر عنه. ولا أستطيع أن أرد على هؤلاء إلا بكلمات عبد الله علي إبراهيم نفسه الواردة في مقدمته تلك لكتاب عبد الخالق. يقول في صفحة 11 ما يلي: " ويذكر الشيء بالشيئ، فأريحية عبد الخالق الفكرية حيال مشروعية، بل وسداد الدعوة إلى الدستور الإسلامي قديمة. فقد تقبل هذه الدعوى بطيب خاطر في كتابات باكرة له بجريدة الميدان عام 1957، والدعوى إلى مثل هذا الدستور في طفولته بعد" (الدعوى بدلا عن الدعوة وطفولته بدلا عن طفولتها، نقلتها كما وردت في الأصل.) ولكن التأييد المزعوم للدستور الإسلامي، المنسوب لعبد الخالق محجوب، وإيمانه ليس فقط بمشروعية الدعوة، بل بسدادها، لا يتوقف على مقال نشر عام 1957 عندما كان عمر عبد الخالق 30 عاما، بل يمتد معه في دعوى عبد الله حتى مماته على ما يبدو، يقول على ص 13 من مقدمته: " وعليه لم يكن عبد الخالق في عام 1958م، كما لم يكن في عام 1965 م، ممن أستثقل أو إستفظع أو إسترجع –أي جعلها رجعية باطلاق- الدعوة إلى الدستور الإسلامي، بل كان أكبر همه فحص إن كانت الدعوة إليه قد جاءت من باب المواتاة السياسية أم أنها صدرت عن إنشغال سياسي محيط بالخطر الوطني والحضاري بالإستعمار، الخصم الأكبر، وعن عزيمة كتأمين السيادة الوطنية على أساس من العدل الإجتماعي. والدليل على رحابة صدر عبد الخالق لخطاب الدستور الإسلامي هو تنبيهه إلى أن المناقشات التي جرت حول وجوب تطبيقه في ما بعد ثورة أكتوبر 1964م " ولدت وعيا بين الناس لا سبيل إلى إنكاره ولفتت الإنتباه لأول مرة في بلدنا للنظر للدين من زاوية المؤثرات والتقدم الذي أصاب الإنسان في القرن العشرين." وربما يكون روع القاريئ قد هدأ حاليا، بعد أن وقف من عبارات عبد الله، على أنني لم أنسب إليه ما لم يقله. فالعبارات رغم حظها الضئيل من الإبانة، ورغم ما فيها من اللغو والعويش، إلا أنها توضح موقف صاحبها بصورة كافية. إذن كان عبد الخالق محجوب منشرحا لدعوة الدستور الإسلامي، محتفيا بها، غير منكر ولا "مسترجع" لها. كل إعتراضات عبد الخالق محجوب، إنطوت على اعتبارات ثانوية، مثل أنها طرحت في غير محلها، وأنها لم تتشرب بصورة كافية بعداء الإستعمار، كما أنه لم يكن واثقا من أنها "صدرت عن إنشغال سياسي محيط بالخطر الوطني والحضاري بالإستعمار، الخصم الأكبر" أو كما قال! هنا أيضا، يريد عبد الله علي إبرهيم، في مسيرته الهابطة، أن يقنع الناس أنه يسير في صحبة راقية. وهنا أيضا يحاول أن يسوق عبد الخالق محجوب إلى قبره المعنوي، بعد أن تكفل الآخرون بقتله الجسدي. والواقع أن عبد الخالق لم يكن في أية لحظة من لحظات حياته المدونة، من دعاة الدستور الإسلامي، سواء بتوضيحاتها أو بدون توضيحاتها. بل كان خصما لدودا، ومجادلا عميقا عارفا، ضد ذلك الدستور وتلك الدولة، وما كتابه هذا الذي يقدم له عبد الله علي إبراهيم، ولا يذكره بكلمة واحدة، سوى شهادة دامغة على ما نقول. مواقف عبد الخالق محجوب في المعركة الممتدة ضد الدستور الإسلامي معروفة وموثقة، وخطبه داخل الجمعية التأسيسية عندما كان نائبا من نوابها معروفة للجميع، تسميته لتلك الدعوة بالمشبوهة والرجعية معروفة كذلك، ويعرفها عبد الله علي إبراهيم أكثر من سواه. وهذه كلها شواهد سنوردها ونفصل أمرها. ولكنا هنا نكتفي بالدحض المنطقي لمقولات عبد الله علي إبراهيم المتهافتة حول موقف عبد الخالق محجوب. فإذا كانت الرواية التي أعتمدها عبد الله لتلك المقالة التي نشرها عبد الخالق صحيحة، وليس لدي ذرة من الثقة في أمانة عبد الله، فإن جوهر حجة عبد الخالق هي أن المعركة في ذلك الوقت، كانت هي الوحدة ضد هجمة الإستعمار، وليست الفرقة حول الدساتير. هذا لا يعني أن عبد الخالق كان يؤيد الدستور الإسلامي، بل كان يرى أن من يطرحونه إنما يريدون خلط الأوراق، والهروب من المعركة الماثلة إلى معارك أخرى سيأتي أوانها. فلنحارب الإستعمار جميعا كسودانيين، ثم نتعارك بعد ذلك حول الدساتير. وهذا موقف لا أستبعد أن يكون عبد الخالق قد وقفه بناء على التحليل الماركسي في التناقضات الأساسية والثانوية، المعروفة لدى عبد الله دون ريب. وبمعنى أوضح إذا كان عبد الخالق يدعو إلى دستور علماني، وقد كان يدعو إليه حتى إستشهاده، وهو بعض من معانيه الباقية، فإنه يقول دعونا نعرض حاليا عن طرح الدساتير، ودعونا نتوحد ضد الإستعمار وأذناب الإستعمار، وبعد أن نزيح ذلك الخطر فليطرح كل منا دستوره، وفي هذه الحالة فإنني سأعترض على دستوركم الإسلامي، طارحا دستورا علمانيا مستقيما. هذا كل ما يمكن أن يستشفه المحلل الأمين من مواقف عبد الخالق محجوب. المهم أن عبد الخالق محجوب لو كان يدعو إلى الدستور الإسلامي، فإن معانيه كلها تكون قد جفت تقريبا، بقيام الدولة الإنقاذية الأصولية التي ألتحق عبد الله بخدمتها الفكرية، من مواقع الإلتواء والخفاء الشديد والنكران. وإذا كان ذلك مبتغى عبد الخالق، فإن إعدامه المعنوي يكون قد إكتمل. فكيف يمكن أن يكون عبد الخالق داعية للإشتراكية والعدالة والعلمانية والشيوعية، إذا كانت أحلامه تنتهي عند عتبة الدولة الدينية؟ ولست مندهشا لمحاولات عبد الله إعدام عبد الخالق معنويا، لأن ذلك يمثل بالنسبة إليه حاجة نفسية قاهرة. فهو لم يكن ليقدم على مثل تلك المحاولة لولا أنه اختار الإعدام المعنوي لذاته أولا، في مواجهته لأخطار لم يكن من ضمنها الموت. وذلك على النقيض تماما من عبد الخالق محجوب الذي اختار الفناء الجسدي، والبقاء المعنوي، وهو عارف تماما بتبعات خياره. ولا يكتفي عبد الله بمقالات مجهولة كتبت عام 1957، بل يورد وثيقة قضايا ما بعد المؤتمر كشاهد على أطروحته. وهذا ما سنعالجه في حلقة مقبلة.
|
مقال الثلاثاء: بين عبد الخالق محجوب وعبد الله علي إبراهيم: م... في الإعدام المعنوي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: بهاء بكري)
|
(*)
عبدالله علي ابراهيم لايمكننا الحكم على مواقفه في عصرنا هذا فهو من رجال لن يستطيع الحكم عليهم أو تقديرهم من عاصروهم فهو يكتب ويتناول القضايا وكأني به مستبصراً وليس كاتباً وهو كاتبي المفضل , أما عن شجاعته فمن أشجع من رجل يقول أن مايحدث بمصر إنقلاب وأن الحركات السلحة تستهدف الوطن وتطيل عمر نظام الإنقاذ وهي حركات عنصرية مسلحة واجهها النظام بمليشيات عنصرية وليس للوطن والمواطن شان بهذا الصراع ..
الاخوان المسلمون فاسدون متامرون يتاجرون بالدين لدنيا يصيبونها , لكن هذا لا ينفي انهم وصلوا الى حكم مصر عبر صناديق الاقتراع .. الديمثراطية ليست نظاما مثاليا دائماً ويمكن أن يصل الى الحكم عبرها من هو أسوأ من الاخوان .. ولكن حسبها من الحسنات أنك تستطيع اقتلاعه بعد أجل مسمى بسنوات اربع , فمن الذي سيقتلع السيسي ؟ وماهي كلفة إقتلاعه بعد ثورة اخرى ؟
يالعجبكم يا أهل السودان .. حسن الترابي وغازي العتباني و ودإبراهيموفضل الله أحمد عبدالله مدير ومقدم برنامج ساحات الفداء أبطالاً ومناضلون ضد نظام الإنقاذ وبروفسور ع ع إبراهيم خائن وعميل للانقاذ ...
ليس هنالك مثال لنيران صديقة كمثال معارضي السودان , يديرون ظهورهم للنظام ويصنعون من رموزه أبطالاً ويطلقون النار على رجل كعبدالله ع إبراهيم ..
______________________________________________________________________ أتفق تماماً مع ما وجهه لعرمان من حديث .. لافض فوه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: الكيك)
|
وهنا تعليق المرحوم الاستاذ الخاتم عدلان على هذه المحاضرة اورده الاستاذ عبد المنعم عجب الفيا فى بوسته الخاص.... اورد النص وتعليقات اعضاء المنبر ..
اقرا تعليق الخاتم عدلان يرحمه الله
أحب أولا أن أعبر عن شكري الجزيل للأخ عبد المنعم عجب الفيا، على وضعه لفكر صديقنا الدكتور عبد الله علي إبراهيم، في بؤرة الضوء، سواء محاضرته في أبوظبي التي نشرها عجب الفيا في هذا الموقع بعد نيل موافقة المحاضر على سلامة النص، وهو تقليد حميد اقتضته الأمانة ، أو ورقته بعنوان تحالف الهاربيين حول «مدرسة» الغابة والصحراء، أو كتاباته اليومية في الصحف السودانية. وبالطبع فإنني أوافقه على المجرى العام لحجته الراجحة كما يتضح من مداخلتي الحالية. وأبدأ بأن هناك إختلال أعتبره جوهريا في نقاش أفكار عبد الله على إبراهيم، هو غياب الرجل نفسه عن ساحة الحوار. وهو غياب بغير حجة على ما أعتقد، لأن عبد الله، حسب ما ذكر في هذه المحاضرة وفي مواضع غيرها، مطلع على ما يدور في الإنترنت، وخاصة حول أفكاره وآرائه، وقد شاء مرة أن يرد عليها بصورة غير مباشرة في موضع غير موضعها. غياب عبد الله عن المحاورة يشعر بعض المشاركين فيها أنهم ربما يخرقون قواعد « الفروسية الفكرية» إذ ينازلون رجلا لا ينافح عن نفسه بما يملك من العدة والعتاد، بل ربما يشعر آخرون بأنه ألقى سلاحه وهرب من ميدان المعركة كليا. وهذا الغياب نفسه هو الذي دفع آخرين، لا يتفقون تماما مع عبد الله، إلى تبني قضيته، وربما بحماس أكثر من حماس صاحبها نفسه، وهذا يجلب التشويش أكثر مما يحقق الوضوح الذي هو بغية الجميع. وقد وصفت نصوصه بأوصاف ربما توحي إلى البعض بأنهم غير مؤهلين بصورة ما لمناقشتها، وتحت مثل هذه الأوصاف ترقد أنواع من المجاملة أو الغفلة، بل حتى المبالغة والتخويف، لا يبررها لعبد الله، ماضيه أو حاضره. من أجل تلافي هذا الخلل الذي أشرت إليه أرجو أن نوجه الدعوة لعبد الله أن يشارك في التوضيح والشرح والرد، والدفاع، عما طرحه هنا من آراء، حتى نصل إلى نتيجة ما، بضمير مرتاح وشعور وافر باللياقة الفكرية.
النص المقدم هنا يصعب أن يطلق عليه مصطلح المحاضرة، فهو ينطوي على إهمال كبير وارتجال فتك بالإبانة فتكا غير رحيم، كما به من التهافت من حيث البناء المنطقي ما قل أن نجده حتى في نصوص العوام. وهي أمور يمكن إقامة الدليل عليها بالإقتطاف المباشر من النص المبذول بين يدينا، والذي تشهد كل عبارة فيه تقريبا على ما نقول. وربما يغريني توفر مثل هذه الأمثلة بكثرة جالبة للملل، على تتبعها وإبرازها، ولكني لا أريد أن أسير في هذا الطريق. أولا لأن فطنة القراء لا تحوجني إليه، وثانيا لأنني مهتم بالمفهومي في نص عبد الله، حتى وإن توارى تحت عويش من الكلام، أكثر من طريقته في التعبير عنه. ولن أتعرض للتعبير إلا في إطار ما أراه فضحا للمفهوم الثاوي تحت طياته.
أستطيع أن ألخص أهداف محاضرة عبد الله، مع تحفظي حول الإسم، فيما يلي:
• نحن في السودان الشمالي ننتمي إلى الثقافة العربية الإسلامية، وهي سوية يمتنع معها التمييز بين أي شمالي أو آخر، سواء كان يساريا أو يمينيا، حاكما أو معارضا، غنيا أو فقيرا، مجاهدا من أجل المشروع الحضاري، أو مناضلا من أجل السلام، مشردا عن الوطن أو ناهبا لثرواته، قاهرا لشعبه أو خارجا ضد ذلك القهر، داعية للدولة الدينية أو مناديا بالدولة العلمانية. كلنا سواء: إذا ارتكب قادة الحكومات المتعاقبة، الديكتاتورية اوالديمقراطية، أخطاء قاتلة في حق الوطن، فإننا نكون كلنا قد ارتكبنا تلك الخطايا حتى وإن كانت ضدنا. إذا شن عبود والصادق المهدي وعمر البشير الحرب ضد الجنوبيين فإننا نكون كلنا قد شننا تلك الحرب حتى وإن عارضناها. أيادينا ملطخة بالدماء حتى وإن لم يطرأ لنا يوما أن نقتل احدا ولو في الأحلام. وعقابنا جميعا واحد لأننا مشتركون كلنا في الجريمة وبنفس المستوى. ولذلك فإن مصلحتنا الشخصية، مصلحة كل واحد منا هي ألا يطالب بعقاب أحد لأنه ارتكب ذنبا في الجنوب لأن العقاب سيطالنا جميعا.
• يقول عبد الله في تسويقه لفكرته السابقة: « أصبحت السياسة تتكلم عن قطاع عريض، تتكلم الآن مش عن حزب كذا وحزب كذا، ومن أخطأ في حق الجنوب. وإنما بتتكلم عن قطاع، عن « ريس»، عن عنصر، ودا مهم لأنو دي الوقت بداية دخول فكرة الريس، العنصر، يعني في تناولنا وفي نظرنا الثقافي والسياسي، يعني نحن كنا بنتكلم عن والله الخطة بتاعت الجمهوريين هي كانت أفضل عن الجنوب وإنو مثلا اليسار كان أحنى بالجنوب، اليسار الشمالي، والجمهوريين الشماليين. لكن السيد الصادق والنظر العام دي الوقت يقول نحن الشمال السوداني، تتعدد اللافتات والشمال السوداني واحد. ودا مهم لأنو نحن دي الوقت بنتكلم عن ريس، كمدخل لدراسة التعقيد الجاري في السودان ودا بزيل المزاعم الخاصة للجماعات السياسية الشمالية من اليمين إلى اليسار إلى الوسط على أنها هي الفرقة الناجية في مسألة الجنوب: أنا أحسن من ديل، أنا كنت قدمت الفكرة الفلانية والموقف الفلاني وكذا وكذا.»
• الفكرة الثانية المرتبطة بهذه هي أن ما قامت به الجبهة الإسلامية في الجنوب ليس أسوأ مما قامت به كل الأحزاب الأخرى وأن عذرها في ذلك هو الشفرة الثقافية المركبة فينا جميعا، وحقيقة أن القومية العربية الإسلامية خلقت وطنا أكبر منها وحررته بطريقة خرقاء ومأزومة. • يتبع من كون القومية العربية الإسلامية خلقت وطنا أكبر منها، وبصورة منطقية، أن تصغر وطنها ليتطابق مع ذاتها، وأن تترك ما عداه لمن لا ينتمي إليها، وهي دعوة إلى الإنفصال، يشارك عبد الله فيها عتاة العروبيين الإسلاميين وغلاتهم. • بعد أن يتساوى الوطن مع القومية العربية الإسلامية فإن الدعوة موجهة لنا جميعا لدخول برج الإنقاذ حتى وإن كنا نكرهه لأن دخوله يعني أننا لن نراه.
وإذا كانت هذه هي القضايا الاساسية التي طرحها عبد الله في هذه المحاضرة، فما هي علاقتها بالثقافة؟ الإجابة على هذا السؤال تدخلني إلى تكتيكات عبد الله في تسويق افكاره، وفي الإيحاء للكثيرين، من خلال هذه التكتيكات، وكما ظهر في تقديم الأخ محمد عبد القادر سبيل، بأنه عالم لا يشق له غبار، وأنه مؤلف للنصوص الكبيرة، وأنه علم من أعلام التنوير في بلادنا. وهي اوصاف تجانب حقيقة عبد الله مجانبة تكاد أن تكون كلية، وخاصة بعد أن سبق عليه كتاب الإنقاذ وزلزله نداؤها من ابواب الجحيم، وهو أمر سأوضحه في نهاية هذه المساهمة. التكتيك الأول: إخفاء الموقف السياسي المباشر في طيات الرطانة الثقافية، التي غالبا ما تكون خالية كليا من المعنى. فعندما أراد عبد الله أن ينفي حجج المعارضة السودانية في إدانة الإنقاذ لأجندتها العروبية الإسلامية الأصولية قال:
« دا ما صحيح، الصحيح هو أنو نظام الإنقاذ مستل من شفرة في الثقافة ومن مستودع في الثقافة ومن دلالات في اللغة ومن دلالات في الثقافة بحيث إنو لربما كان الأخير في زمانه ولكن جاء بما لم تستطعه الأوائل من حيث البشاعة « ضحكة» لكن البشاعة، إذا شئت إنه في بشاعة أو أنو في عنف، أو في، هو مستل من شفرة أساسية وهذه الشفرة الأساسية زيادة على الثقافة العامة التي درجنا عليها، لكن تأسست بشكل أساسي في فترة الحركة الوطنية.» فهذا الحديث المكتسي جلال الثقافة خاو تماما من المعنى. فما معنى أن يكون الإنقلاب العسكري الذي نفذته الجبهة الإسلامية عن طريق التأمر يوم 30 يونيو، مستلا من شفرة ثقافية عربية أو غير عربية؟ الشفرة الوحيدة في إنقلاب الإنقاذ هي «سر الليل» الذي استخدمه الإنقلابيون في تلك الساعات الأولى من الصباح، وهي شفرة فشل في حلها أحمد قاسم فلقي حتفه صباح ذلك اليوم، رغم ما يحمله، حسب عبدالله، من شفرة ثقافية عربية أسلامية أصيلة. وهل يمكن الحديث عن شفرة ثقافية، كما نتحدث مثلا عن شفرة جينية؟ هل إندغمت الثقافة في مفاهيم عبد الله الحديثة جدا في البيولوجيا؟ ومن كان يملك تلك الشفرة: الترابي مجدد العصر، الذي هجره المفتونون به عندما فقد السلطة، أم علي عثمان الذي أكتشف البعض قرابتهم معه بعد أن آلت إليه الأمور؟ وهل الشفرة الثقافية العربية الإسلامية واحدة؟ بحيث يتساوى فيها محمود محمد طه وقاتلوه؟ هل كل مسلم هو بالضرورة أخ مسلم؟ ما هذا الحديث الفج عن الشفرات الثقافية، بينما المقصود معنى سياسي واضح هو الدفاع عن الإنقاذ وجرائمها. • لا يستخدم عبد الله الثقافة وحدها في الدفاع عن آرائه السياسية، بل يستخدم كذلك الهراء المحض. وأنا استخدم كلمة «الهراء» هنا، بالمعنى الذي استخدمها به أحمد بن الحسين، عندما فسر الهراء بأنه : « الكلام بلا معاني»: ولولا كونكم في الناس كانوا "هراء كالكلام بلا معاني"
• . فلنستمع لعبد الله مرة أخرى وهو يحاول أن يدمغنا جميعا بما أقترفه نظام الجبهة الإسلامية من خطايا في حقنا، وأقصد نحن كجنوبيين وشماليين: « نحن كلنا إذا كنا سودانيين شماليين في هذا اللقاء، لنا إشكال في شفرة ثقافتنا، وفي رموز ودلالات لغتنا وفي شحناتها التاريخية وفي علاقاتها التاريخية بحيث أنه يصبح مفهوم الفريق الناجي ضئيل جدا. وبحيث تكون التبعة والذنب والخطأ هو الخيط الذي يصل بين الجماعات الشمالية كلها.» ولاحظ هنا أن الإستنتاج السياسي، وهو تجريم الجميع، واضح جدا ومقيل بلغة لا لبس فيها ولا غموض، لغة سياسية صافية، أما المبررات فهي الهراء المحض الذي لا معنى محددا له، والذي يلوذ بالشفرات والرموز والدلالات والشحنات.
• لقد تساءلت بيني وبين نفسي: هل أنا مسؤول عن الجرائم التي حاقت بأهلي في الجنوب؟ هل ساهمت فعلا في قهرهم؟ بل هل توانيت في استخدام كل ما أملك من طاقات للدفاع عنهم من مواقعي؟ وأجبت بضمير مرتاح: أنني لست مذنبا. صادقت الجنوبيين والجنوبيات منذ نعومة أظفاري، لم أشعر بتفوق عليهم، وإن شعرت بتفوق الكثيرين منهم عليّ، ولم أحتج في ذلك إلى جهد كبير، لأنني تحررت من أوهام التفوق العرقي وأنا لم أشب بعد عن الطوق، في عام 1969 اقترحت في أتحاد طلاب جامعة الخرطوم أن نبعث لجنة لتقصي الحقائق في الجرائم التي ارتكبت ف الجنوب عامي 1965 و1966، وذهبنا في وفد من أربعة أعضاء في اللجنة التنفيذية، هم أبدون أقاو، وحاتم بابكر، وعبد الله حميدة وشخصي، وحققنا في جرائم الملكية في جوبا، وفي مذبحة العرس في واو، وهددنا مدير المديرية الإستوائية، يوسف محمد سعيد، بالسجن لأننا رفضنا لغته المسيئة ومفاهيمه النازية، وتضامنا مع صديقنا ورفيقنا أبدون أقاو، ضد تهجمه الشخصي. وعندما عدنا إلى الخرطوم عرضنا الحقائق الدامغة في مؤتمر صحافي غطته كل الصحف في اليوم التالي، وأصدرنا إدانتنا الدامغة للجيش السوداني و قيادته السياسية. وكنا نسعى إلى المواصلة لولا قيام إنقلاب مايو بعد ذلك بأقل من أسبوع. وفي 1970 ذهبت ضمن مجموعة كبيرة من أعضاء جمعيتي الثقافة الوطنية والفكر التقدمي إلى جوبا وواو وملكال، وعشنا مع الناس واقمنا الفصول للطلاب والاسواق الخيرية لصالحهم وحلقات محو الأمية للكبار، وساعدنا النساء والعمال على التنظيم وخرجنا من كل ذلك بصداقات باقية حتى نهاية العمر. صادقت أخوتي الجنوبيين في الجامعة، وصار «بيتر نيوت كوك» أعز أصدقائي وأعتبره عالما، ديمقراطيا، مثقفا، وقانونيا ضليعا، ضمن مثقفين وعلماء كثر يعج بهم هذا السودان. أيدت نضال الحركة الشعبية لتحرير السودان منذ أن إنشئت، وأشدت ببرنامجها ودافعت عنها في جميع المنابر دفاع من لا يلوك كلماته أو يخشي في نصرة الحق لومة لائم. وناديت في رفق من يفهم ظروفها، والتعقيدات المحيطة بها، والشروط التاريخية التي لا تملك منها فكاكا، وليس المتحامل عليها من مواقع التآمر السياسي مع الطغاة الأصوليين، إلى تحولها إلى حزب سياسي من حلفا إلى نمولي كما يعبر قادتهأ، واقمت مع هؤلاء القادة أنفسهم ومع أسرهم علاقات حميمة وقوية. • كيف إذن يحملني عبد الله علي إبراهيم بدوافع تواطئه المذموم مع الجبهة الإسلامية الخطايا التي ارتكبها القتلة والمجرمون والمهووسون في نظام الإنقاذ أو خارجه؟ وقد تحدثت عن نفسي هنا، ليس لتفرد موقفي أو شخصي، بل لإعطاء مثال محدد لا يستطيع عبد الله أو غيره أن ينازعني عليه. مع علمي أن موقفي هذا هو الموقف المشترك، وإن اختلفت التفاصيل، لمئات الآلاف من أبناء وبنات وطننا الكبير الذين لا يكنون لأخوتهم الجنوبيين سوى الإعزاز. وليس سرا أن عشرات الآلاف من أبناء وبنات الشمال قاتلوا في صفوف الحركة الشعبية طوال هذه السنين، وبلغوا في ذلك شأوا لم نبلغه.
• هل معنى ذلك أن « الثقافة العربية الإسلامية» وحتى في أكثر صيغها رقيا، خالية من النزعات الإستعلائية، المحقرة للآخر والمقصية له من مجال الكرامة، أو حتى من مسرح الحياة نفسها؟ طبعا لا. ولكن القول بأننا جميعا مشتركون في هذه المفاهيم الحاطة من قدر الإنسان وكرامته، هو القول المرفوض والمردود في تهجمات عبد الله الغليظة علينا جميعا. شخصيا، لا أحمل من هذه النزعات شيئا كثيرا أو قليلا، بل سخرت عمري حتى الآن لمحاربتها ودفعت مستحقات موقفي. وهنا أيضا لا أتحدث عن تفرد شخصي، بل أريد أن أقيم الحجة على عبد الله بصلابة لا يستطيع أن يتخطاها أو يلتف حولها، وأعلم في نفس الوقت أن مئات الآلاف من أبناء السودان وبناته يحملون الموقف ذاته، ومنهم من يعبر عنه بعمق أكثر مما أستطيع، ويدفع مستحقاته بتحمل أقدار من الظلم لم تطالني بنفس الدرجة. كما أعرف أيضا أن عبد الله سار في هذا الطريق لبعض الوقت، وهاهو قد سبق عليه كتاب الإنقاذ، فتنكب ذلك الطريق، وصار يقبل من الثقافة العربية نفسها أكثر جوانبها معاداة للديمقراطية والإستنارة، وتغييبا للإنسان. • ليس صدفة أن عبد الله يتحدث عن شفرة ثقافية، غير عابئ بالخلط بين العلوم والتخصصات والفلسفات. فغرضه من ذلك تحقيق سوية غير متمايزة من الشماليين جميعا، ليسوقهم، بالتخليط والتشويش، وبالإبتزاز الصريح المستند إلى الجدار القمعي الحاكم في السودان، والمعتمد في المدى البعيد على مستودعات التجهيل التي أشاعتها الإنقاذ، إلى خطيئة واحدة، وثقافة واحدة ، وتاريخ غفل من الفعلة، وجرائم غاب مرتكبوها في سديم الشفرات. ولا يجد عبد الله صعوبة في كل ذلك، نتيجة للتشويش الفكري الذي يعاني منه هو شخصيا، لإفتقاره للأدوات الدقيقة التي تصنف المفاهيم وتحدد الدلالات وتزيل التناقضات.
• ماهي هذه الشفرة الثقافية يا ترى؟ ما هي طبيعتها؟ كيف نفك رموزها ومن يملك تلك الرموز؟ أيملكها حسن عبد الله الترابي أم علي عثمان محمد طه أم البشير؟ أم يملكها عبد الله شخصيا ولا يريد أن يجود علينا بأسرارها؟ أمن ضمنها الأصولية الإسلامية والدولة الدينية، والحرب الممتدة، والتطهير العرقي والإسترقاق، وإضطهاد النساء والبتر والقطع والصلب والخلافة عن الله؟ أمن ضمنها الطغيان والدكتاتورية؟ أمن ضمنها النهب الإقتصادي والأثرة والأنانية والشراهة التي تغطي عوراتها بالنصوص المقدسة؟ أمن ضمنها تقسيم البلاد إلى حاكورات يملكها أهل الإنقاذ فيسدون أبواب الرزق على كل من عداهم من أهل هذه البلاد؟ أية شفرة يتحدث عنها عبد الله؟
• يسهل على عبد الله أن يتحدث عن سوية غير متميزة، لأنه يعتقد أنه يمكن حتى الآن، أن نتحدث عن المجتمع، وهو هنا المجموعة الشمالية العربية المسلمة، في تصنيف عبد الله، وكأنها «جوهر» مستقل عن خصائصه! وهو في ذلك يتخطى إلى الوراء، وفي قفزات نكوصية مذهلة، إرث أكثر من ألفي عام من المنطق الفلسفي والعلمي، وتلك نقطة سنعود إليها في غير هذا السياق. • يهمني أن أقول هنا، أنني، ولإنتمائي لشعبي، لا أنتمي لمقولة عبد الله الذهنية حول «الجماعة العربية المسلمة»، بل أنتمي لهوية أوسع هي الشعب السوداني، المتمايز قوميا ونوعيا وطبقيا ودينيا وثقافيا، والذي يشد عراه مع ذلك إنتماء جامع إلى وطن واحد، نحاول أن نوسعه ليشمل الجميع ويحتفي بالجميع. المقولة الذهنية الخاصة بعبد الله، تقوم على فكرة هجرتها البشرية حاليا، هي فكرة النقاء العرقي، بل إن كل قرون إستشعار المخاطر المحدقة، تستيقظ وتدق أجراسها عندما تسمع من يردد هذه الفكرة التي تترتب عنها مناهج في التفكير أورثت البشرية اضرارا فادحة. وقد دفعنا ثمنها في السودان، قبل أن تجيئ حكومة الإنقاذ، ولكن حكومة الإنقاذ حملتها إلى نهاياتها الأكثر دموية وعنفا. وإن أي تحليل يحاول أن يطمس الحدود بين الإنقاذ وما عداها، ويساوي بينها وبين من سبقها، أو حتى يساوي بينها وبين من يحمل هذه الافكار نفسها ولكنه لم يشأ أن يطبقها أو لم يجد وسيلة لتطبيقيها، لهو تحليل معطوب ومتنكب للصواب. ولذلك فإن وضع عبد الله الطيب، أو الطيب صالح على سبيل المثال، في نفس معسكر الترابي والبشير، وإن حمل الرجلان بأقدار متفاوتة مفاهيم عروبية ذاهلة عن حقيقة شعبهما ونفسيهما، من الأخطاء المنهجية الكبيرة التي تورط فيها البعض دون أن يستبينوا الخطل فيما يزعمون.
• إنتمائي للسودان كهوية جامعة لا ينفي بل يغذي، الإنتماء لهويات أصغر، شريطة ألا تتعارض تلك الإنتماءات، أو تلك الهويات الأصغر، مع المباديء الجامعة للجماعة السودانية، الشمالية الجنوبية الشرقية الغربية الوسطية، وهي مبادئ المساواة والعدالة والرفاه والكرامة والحقوق الإنسانية المملوكة ملكية جماعية. أي أنها لا تتعارض مع الإسلام المستنير، بل تتقف مع جوهره الخير الداعي للحرية، والمتصالح مع العلمانية، وحقوق الإنسان وكرامته. وما العلمانية سوى إدارة الناس لشؤون دنياهم بعيدا عن أي كهنوت. وهي بهذا المعنى حركة مجتمعات لا محيد عنها ولا مهرب منها، طالما أن المجتمعات تسير دون هوادة في إتجاه الإمساك بمصائرها، وإقامة بنائها على أساس من العدل والرشد. وهذا قول يحتاج إلى تفصيل لا يتسع له المقام الحالي. كما لا تتعارض مع المسيحية أو الديانات العريقة المبجلة للطبيعة او للجوهر الإنساني، ولا تتعارض مع علوية الإنسان من حيث هو إنسان، بل تمتد بهذه العلوية إلى آفاق أكثر رحابة باستمرار, وتتسع الهوية السودانية الجامعة لكل الهويات العرقية الأصغر، ومنها الهوية العربية بخصائصها السودانية التي وصفناها. أقول السودانية، وأعتبرها مركز جملتي، لأن الأوطان تصبغ خصائصها وتعطي إسمها لكل الجماعات الوافدة عليها، وحتى وإن كانت وفادتهم تدشينا لعهد جهد جديد، ومرحلة تاريخية متطورة. وهي تعطيهم إسمها، وسماتها، وخيراتها، وتفرض عليهم واجبات حمايتها، وتصوغهم وفق قوانين اجتماعها، في نفس الوقت الذي تتسع لمواهبهم وثقافاتهم وألسنتهم وأديانهم أو تتبناها. وهذا أيضا يحتاج إلى تفصيل لا يتسع له المقام الحالي. ولا ترفض الهوية السودانية الجامعة بالطبع، اللغة العربية، ولكنها لا ترفض كذلك اللغات الأخرى بل تحتفي بها. ونسبة لحاجة الجماعة الموحدة في الوطن إلى لغة مشتركة، فنحن نرشح اللغة العربية لتكون ذلك الوسيط، على أن تتطور هي نفسها لتكون لغة عالمية، علمانية لا يشعر المتحدث بها أنه ملزم، لهذا السبب، بالإيمان بدين غير دينه.
أي فك الإرتباط الأيديولوجي بين اللغة والمكونات الثقافية الخاصة بجماعة في الوطن دون سواها، وتوسيع القطاع العلماني في التعبير بطابعه الإنساني الشامل، المتمايز عن الخطاب الديني الأصولي، الذي يحاول في كل مناسبة أن يستر ضعفه ويخفي تهافت منطقه، بالتحصن والتسلح والتصفح، بالنصوص المقدسة التي يحرفها عن مواضعها ويستغلها في استدامة أنماط تفكيره وإحكام أدوات سيطرته على العقول. وهو ما فعلته كل اللغات المتطورة في العصر الحالي، دون أن تكون عاجزة بالطبع عن التعبير عن القيم الدينية لمن يريد أن يعبر عن تلك القيم. ويتبع ذلك رفع الحرج، التأصيلي، الذي ابتليت به اللغة العربية على أيدي بعض ممثليها من حراس القديم، والمتمثل في تحفظها في الأخذ من اللغات السودانية الأخرى، من نيلية وحامية ونوبية بدويت، ومن الدارجة السودانية وترقية تعابيرها ورفعها كل يوم إلى مصاف اللغة الفصحى، كما ترفع الفرق الكروية التي تتميز في أدائها إلى المستويات الممتازة، باعتبار هذه اللغات هي المستودع الذي لا تنضب مياهه للتعبير اللغوي المعاصر والمتطور والذكي والطريف. وباعتبار قربها من الوجدان الشعبي ومقدرتها على التعبير عن أدق خلجاته. ويمتد رفع الحرج إلى الأخذ من اللغات العالمية كل ما تحتاج |ليه لغتنا لتكون بالفعل لغة للعلوم والفلسفة والإزدهار الأدبي والثقافي. ونخص هنا اللغة الإنجليزية، مذكرين بما حدث لهذه الأخيرة نفسها في بداية النهضة الصناعية، إذ تمثلت في ظرف عدة سنوات أكثر من عشرة ألاف كلمة من اللغة الفرنسية التي كانت أكثر تطورا منها، ليس في مجال اللاهوت، بل من حيث قابليتها للتعبير عن النهضة العلمية الكاسحة التي شهدتها بريطانيا في ذلك الوقت. ولا يساعد على تطور اللغة العربية في هذا الإتجاه، خطاب المهووسين من الأصوليين، الذين يريدون أن يوحوا في كل ما يكتبون بأن إجادة اللغة العربية مرتبطة باعتناق الإسلام.
كما لا يساعد فيه ما يوغل فيه بعض اليساريين السابقين، من إبداء طقوس تدينهم في كل حرف يكتبونه، تملقا للمهووسين. وليربأ هؤلاء بإيمانهم من هذا الإستخدام غير الوقور. وهم على كل حال لن ينالوا رضا الأصولين ولن يأمنوا شرهم عن هذا الطريق. فأنت لا تأمن شر الإنقاذيين إلا بالإذعان لهم، إذعانا كليا، أو النهوض في وجوههم وكسر شوكتهم. فهم يفضلون الإذعان على الإيمان، في حالة التخيير بين هذا وذاك. وهم ليسوا وحدهم في ذلك، فجنود إبن العاص كانت تصد أفواج الفلاحين المصريين عن دخول الدين الجديد، لأنهم حينها لن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون، والصغار هو الإذعان كما تعلمون. نرشح اللغة العربية، ونعتقد أنها يمكن أن تقوم بهذا الدور، دون استبعاد لأية لغة أخرى، وتجيئ المسألة كاقتراح لأن المجال مفتوح أمام تنافس لغوي لا يمكن حسم نتيجته بصورة مسبقة. وهذه أيضا من أمهات القضايا التي لا بد أن يدور حولها الحوار المفتوح والمثقف.
• « الجماعة العربية الإسلامية »، التي يتحدث عنها عبد الله علي إبراهيم، هي جماعة عربية نقية العروبة، لم تخالطها دماء زنجية أو حامية، ربما لأن الجماعة العربية الإسلامية التي جاءت إلى السودان، أبادت شعبه الأصلي، من بناة الحضارات القديمة، الذين تمتد جذورهم إلى ما وراء التاريخ، والذين اختلطوا بهذه لأرض، يأخذون سيماءها وتأخذ سيماءهم، ويغيرونها بالفعل المديد، وتمتد فيهم وتخالط منهم الدماء. ربما أبادتهم القبائل العربية الباحثة عن الأرض والفضاء والماء والمرعى، والضائقة بمن لا ينتمون إلى شفرتها الجينية من الشعوب.« يسميها عبد الله الشفرة الثقافية» ربما ابادتهم هذه القبائل، لأننا لا نجد عند عبد الله تفسيرا لمقولته الذاهلة، حول النقاء العرقي لهذه القبائل، وحول أختفاء هذه الشعوب التي صارت أثرا بعد عين. إن أقل إتهام نوجهه لعبد الله هنا، هو أنه ذاهل كليا عن النتائج المترتبة على مقولته، وأنه عن طريق الخرق " بفتح الخاء والراء" الفكري القليل المثال أزال شعبا كاملا من الوجود دون أن يشعر أنه مطالب بأن يقول شيئا، ولو قليلا، عن هذه الصور التوراتية لزوال الشعوب. فهل جاءت القبائل العربية بنظرية عرفناها بعد ذلك عند اليهود، وهي قصة شعب بلا أرض، يبحث عن أرض بلا شعب؟ ولكن التاريخ والحقيقة أكثر حكمة من عبدالله، وأحكم منه كذلك جميع المؤرخين وعلماء الأنثربولوجيا والآثار، الذين قالوا، وأطنبوا في القول، أن الجماعات العربية الوافدة إلى السودان اختلطت بشعبه، وأن اختلاطها قد أذاب العنصرين في هوية جديدة، لا يمكن أن نسميها عربية خالصة إلا بمصادرة غافلة عن الحقيقة والواقع، ولا نفعل ذلك إلا لأننا نحقر جزء أصيلا من مكونات الهوية الجديدة، مما يفتح الأبواب لانفصامات النفس وفساد الوجدان وخلل العقل. ولا أحب أن أوحي من قريب أو بعيد، بأن عملية الإختلاط هذه شملت الجميع من العنصرين، بل لا أستطيع أن أحدد لها نسبا كمية دقيقة. كما لا أحب أن أتبع المنهج الشيلوخي في تقسيم الإنسان إلى أرطال من اللحم أو أوقيات من الدم، أضع لها قيما متفاوتة كما يفعل القصابون. ولكني اقول باطمئنان أن هذا الإختلاط وإن لم يشمل أغلبية العناصر السودانية العريقة، فإنه شمل الاغلبية العربية الوافدة، ودون أن يحط من شأن هؤلاء أو يعلي من أقدار أولئك. وهذه هي الحقيقة الهامة فعلا، وهي وحدها كافية لدحض مقولة عبد الله عن النقاء العرقي العربي.
• والجماعة العربية المسلمة، في تعريف عبد الله، أصولية العقيدة محكومة بالشريعة الإسلامية في اقصى صورها بعدا عن العصر، وهي دعوة دعا إليها عبد الله مرارا وتكرارا، وطالب الآخرين بالإنتماء إليها. والجماعة العربية الإسلامية إنقاذية الإنتماء السياسي، منكفئة على ذاتها، رافضة للآخرين، كارهة للتعددية بكل أشكالها وألوانها. إنها سوية أيديولوجية غير متمايزة، مقولة ذهنية في ذهن "مرهق"، ذاهل عن العصر. أقول لعبد الله ولأمثال عبد الله، إنني شخصيا لا انتمي إلى هذه المقولة الذهنية. فليكف عن تصنيفي على هذا الأساس. إنني أنفي عن نفسي فكرة النقاء العرقي، بل تجري في عروقي دماء الأقوام السودانية العريقة، كما تجري في عروقي دماء عربية لا أنكرها ولا أتيه بها على الآخرين. وعندما أتحدث عن الدماء فإنني أتحدث بكثير من المجاز، لأن الموضوع الوراثة يتعلق بالحامض النووي، وبالمورّثات عموما، والتي تعطي الفرد خصائصه الجسدية، ومصطلح الدم، كمحدد للهوية، مثله مثل مصطلح القلب كمكمن للعواطف، مصطلح مجازي تخطته العلوم. ولا فرق بين دماء عربية أو زنجية، حامية أو سامية، ملكية أو عامية. كما يمكن للإنسان أن يغير دمه كليا ولا تتغير هويته في قليل أو كثير، وهو أمر يحدث أمام أعيننا كل يوم. ولا يقتصر الأمر على الذين يغيرون دماءهم لأمراض تصيبهم، بل إن الناس جميعا تتغير دماؤهم كليا أو جزئيا عدة مرات في العام الواحد. وقد آن لنا أن نتحرر من جهالاتنا "الدموية"! الدم حامل للحمض النووي ولكنه متمايز عنه تمايزا كليا. وإذا كان الأمر لا يتعلق بدماء نقية أو ملوثة، نحسها تجري في عروقنا، بل يتعلق بشفرة جينية، تكاد أن تكون، من فرط دقتها، مفهوما رياضيا، فإن جوهر المسألة يصبح هو قبولنا لأنفسنا وتأمل ذواتنا في مرايانا الخاصة، وليس النظر إليها بمرايا الآخرين. حينها سنكتشف كم هي جميلة هذه الهوية السودانية، وكم هي متمايزة عن الآخرين في نفس الوقت. ولكن مرايانا نفسها تحتاج إلى التطوير والصقل، لترى تلك القوى الهاجعة في بطن هذه الأم الرؤوم المعطاءة، "المملوءة الساقين أطفالا خلاسيين." وحينها سيكتشف السودانيون أن ما يطلبونه، أي يبحثون عنه، " قد تركوه ببسطام" كما نقل عبد الحي عن فتوحات إبن عربي المكية. فقد تميز السودانيون في كل أرض حلوا بها، لأنهم يملكون طاقة التميز والفوت، عندما يتعلق الأمر بالخصائص الجوهرية في الإنسان، أي علمه، وعمله، وأخلاقه وكرامته. أي لم يكن أكثرهم تفوقا، بالضرورة، أولئك الذين يحملون سمات خارجية أقرب إلى تلك المجتمعات الجديدة التي حلوا بها. ومن يتأمل هذا الأمر يعود إلى ذاته راضيا عنها مرضيا.
• أتحدث عن نفسي في قضية الهوية، لدوافع ذكرتها تتعلق بالإختيار، وهذا زمن الخيارات الحاسمة، ولكني أعتقد أن ما أقوله عن نفسي ينطبق بصورة أو أخرى، وبهذه الدرجة أو تلك على كل هؤلاء المتحاورين حول الهوية، ومنهم عبد الله علي إبراهيم، كما ينطبق على زعمائنا جميعا دون استثناء. ينطبق على الشريف زين العابدين الهندي، الذي قال أننا جئنا إلى هنا وتزوجنا الإفريقيات، ومن هنا جاءتنا هذه "الشناة"، في مناسبة حضرتها شخصيا، وفي قول أورده صديقي الباقر العفيف الذي تناول الهوية وكتب عنها ما لم يكتبه سواه، وحلل كلمات الهندي بما لا يحتمل الزيادة، كما تنطبق على أحمد الميرغني، وعلى أخيه محمد عثمان، وعلى الصادق المهدي، وعلى حسن عبد الله الترابي، وعلى محمد إبراهيم نقد وعلى عثمان محمد طه وغير هؤلاء. وقد طالبت هؤلاء جميعا، بأن يبرزوا " أشجار نسبهم" السودانية الحقيقية، التي يخفونها كما يخفي الإنسان عورته، كما ابرزوا من قبل أشجار نسبهم العربية المؤسطرة والمتخيلة، لأنهم إن فعلوا ذلك، فإنما يقدمون لأهلهم خدمة جليلة، تفتح لهم الطريق إلى التصالح مع أنفسهم، وإطراح الأوهام التي تضر ولا تفيد، عن أصلهم المتميز والمتفوق.
• ثم يصل عبدالله بعد ذلك إلى قمة محاضرته، وهي في نفس الوقت قاعها، وهي دعوة الجميع إلى دخول برج الإنقاذ. يقول: « في هذا الصدد أري إنو يجب أن نعترف أننا كلنا ننتمي إلى النظم السيئة، مش النظم السياسية. ننتمي إلى الشفرة الثقافية الموصوفة بالسوء. بقول كان البروفسور إدوارد سعيد ضرب مثل، وأنا أستعين بيهو هنا، قال إنو في كاتب فرنسي كان يكره برج أيفل جدا، لا يطيق رؤية برج إيفل، وكان حله لما يضيق به الضيق النهائي، ويصبح برج إيفل بالنسبة له شبح وكذا، يصعد البرج ويجلس في مطعم البرج ويأكل. قيل له: ليه. قال، لانو تلك اللحظة الوحيدة التي لا أرى فيها البرج «ضحكة». فيا أخوانا نظام الإنقاذ أنا بصفه بأنه برج أيفل لينا « ضحكة ». لا نطيقه، مزعج، كلنا عندنا مواقف حتى أنصاره « ضحكة ».»
• دعوة عبد الله هنا هي أن ندخل برج الإنقاذ « ونأكل» منه حتى لا نراه. وهو يستعين على دعوته هذه، بالأمثلة، ويعاني في طرحها حرجا عظيما تنوء به الجبال، تظهره الضحكات العصبية المستوحشة، وتظهره العبارة المتهالكة، المستعصية على الفهم، ويظهره تداخل الكلام بعضه في بعض، و الزوغان في نهاية العبارة من معناها الواضح الصريح. ما الذي يجبر عبد الله على كل هذا العناء وهو المشفق على الجميع من الإرهاق؟ ودعونا هنا نناقش المثال الذي أورده عبد الله، وهو يقع في مجال المجاز، وإذا كانت لعبد الله مساهمة متميزة فهي في مجال المجاز وحده وليس سواه. رجل وحيد، غريب الأطوار، يكره برج إيفل، وليس غريبا أن يكون الرجل وحيدا وغريب الأطوار، لأن من يكره إنجازا حضاريا مثل برج إيفل يجب أن يكون كذلك. فهو يكره إنجازا حضاريا يمثل مصدر فخر للشعب الذي شيده، وتفخر به البشرية في عمومها لأن من عاداتها أن تفخر بمثل هذه الإنجازات. هذا الرجل يعتقد أن برج إيفل هو مظهره الخارجي وحده، أي هذا الإمتداد الفولاذي الذي يشق عنان السماء، وليس باطنه، بما فيه من عجائب هندسية ورؤية ساحرة، وأماكن للترويح عن النفس من ضمنها المطاعم التي يأكل فيها ذلك الرجل. رجل يجهل حقيقة يدركها كل الناس وليس السواح وحدهم، وهي أنك عندما تدخل برج إيفل فإنما تراه بصورة أفضل، بل يعتقد أنك إذ تدخله لن تراه. ما الذي يقابل هذا الرجل عندما يتعلق الأمر بمن يكرهون الإنقاذ؟ وما الذي يقابل برج إيفل عندما يتعلق الأمر ببنائها الداخلي؟
• إن حقائق الواقع الماثلة تقول أن الاغلبية الساحقة من شعب السودان تكره الإنقاذ، لأسباب أقوى بكثير من تلك الأسباب التي تحمل بعض الشعوب على كراهية حكوماتها. والاغلبية الساحقة إن كرهت نظاما سياسيا فإنما تسقطه ولا تدخله. وهذا هو الطريق الذي يسير فيه شعب السودان حاليا، بعد أن ساعدته الحركة الشعبية لتحرير السودان على قطع نصف الطريق. ومهما تغيرت الأساليب فإن الغاية واحدة، وهو إسقاط نظام الإنقاذ وتفكيكه طوبة طوبة، طال الزمن أم قصر. ولكن ذلك سيحدث عن طريق صعود الشعب السوداني مراقي جديدة في التمسك بحريته وحقوقه، وامتلاكه أدوات جديدة، سلمية في غالبها. وهذا أمر طبيعي فالإنقاذ بكل ما تمثله من فكر وممارسات عملية ليست سوى بثور علقت بهذا الجسم الجميل وهي لا شك زائلة. وهذا من طبائع الأشياء لأن الشعب الفرنسي، وليس ذلك الرجل الغريب الأطوار، إذا كره برج إيفل، فإنه سيقتلعه من " الجذور"، ليزيل الأذى عن خط باريس السماوي. ومن الناحية الأخرى، هل يمكن المقارنة بين الإنجاز الحضاري المتمثل في برج إيفل، و"المشروع الحضاري" المتمثل في الإنقاذ؟ ندخل برج إيفل فنأكل الفروي دوميغ، والكوت دو بوف،والفياند سينيان، وبعضنا يأكل شكروت الألزاس، وما يصاحبها من الأ######## والنبيذ المعتق. فماذا نأكل عندما ندخل الإنقاذ؟ عبد الله نفسه يعطينا مثالا عمليا على ما يمكن أن نأكله، فمن ضمنه الدعوة الصريحة إلى الباطل الصريح ومن على رؤوس البيوت، وخيانة المثقف لواجبات التنوير وإستخذاؤه للطغاة، فقط لأنهم طغوا. وهو طريق لم يختره أولئك الفتية الذين حاضرهم عبد الله في أبي ظبي، أو نشر عليهم افكاره في السودان وفي بلدان الشتات. خيانة النفس، إذن، والتنكر لرسالة المثقف ، هي أفضل وجبة يمكن أن تقدمها إلينا الإنقاذ. ولكن ليس ذلك بالنسبة لها سوى "المقبلات". إذ تجيئ بعد ذلك الوجبة الرئيسة وهي مشاركتها في خطاياها جميعا، المكسوة بالقمع والمتوجة بالإبادة الجماعية للاقوام والشعوب، أما " التحلية" فهي إقامة الرفاه المادي للقلة الغليظة الحس، على خلفية من الإفقار المطلق لشعب كريم. "ثم ثانيا" كما يقول أحد أصدقائي وهو يطرح نقطته الخامسة: إذا كان ذلك الرجل يأكل في برج إيفل ويذهب إلى بيته، فهل يمكن الأكل في برج الإنقاذ والخروج منها بعد ذلك، وكل ليلة؟
• أقول لصديقي عبد الله: دعوتك مرفوضة يا " أخا العرب"، لأنه مهما بلغ حب الناس لك، فإنه لا يبلغ مبلغا يجعلهم يختانون أنفسهم. فهم لم يحبوك على باطل، بل أحبوك على حق. فهل تسير وحدك في دربك الموحش؟ هل تواصل وحدك " رحلة بائسة"؟ هل تتوغل وحدك في صحراء الإنقاذ؟ هل تخوض وحدك في وحلها؟ وهل صار حتما مقضيا أن تقطع رحلة الألف ميل وقد بدأت بخطوة واحدة؟ الخيار خيارك يا عبد اللهّ. وأقول "وحدك" مشيرا إلى وحشتك في قطيع من الذئاب، وليس إلى خلو المكان من الآخرين، ومنوها بمجدك الذي بنيته على بسط ثوب الإستنارة عندما كتبت عن " الناس والكراسي" مذكرا اللبراليين الذين تعثرت ألسنتهم عن إدانة العدوان البربري على تراث الشعب، الذي قامت به عام 1968 هذه الفئة نفسها التي تدعو الناس إلى دخول برجها اليوم، بتلك اللحظات التي تعثرت فيها أرجلهم في باحات الرقص والمخاصرة في جامعات الغرب، وبذلك الفرح الخجول الذي لا يريدون أن يدفعوا مقابله شيئا.
• سألت في موقع سابق من هذا المقال عما يجبر عبد الله على مثل هذا المآل، وعما يدفعه إلى تحمل هذا الحرج الكبير. ولو وضع عبد الله في موضع يجبره على الإجابة على مثل هذا السؤال، لتعلق أيضا بمقولة ثقافية ما ، غالبا ما تكون خالية من المعنى. وكما أوضحت أن دوافع عبد الله سياسية بحتة، مكسوة بجلال كاذب ومغشوش، فإني أقول أن بداية التحول الفكري لعبد الله، كانت سياسية أيضا، أو قل أنها كانت سياسية نفسية. وهي تتعلق تحديدا بموقفه من الإنقلاب العسكري الذي حدث صبيحة الثلاثين من يونيو 1989. موقف عبد الله كديمقراطي، وموقفه كعلماني، وموقفه كتقدمي، كان يملي عليه، كما أملى علينا جميعا، أن يرفض ذلك الإنقلاب، حتى ولو لم يكن قادرا على مقاومته. هذا الموقف لم يستطعه عبد الله، ليس لأنه كان طامعا في منصب أو مال أو جاه، ولكن لأنه لم يجد في ذاته قوى وطاقة كافية تسنده ليقف ذلك الموقف. ولذلك عندما دعته السلطة الإنقاذية المغتصبة، إلى المساهمة في إعطائها شرعية أمام الشعب، وخاصة من مثقف تقدمي مثله، له كل هذه الشنة والرنة، فإن عبد الله لم يستطع سوى أن يلبي النداء، وشارك في "مؤتمر الحوار الوطني" وشاهده الناس جميعا، وعلى وجهه ذلك الحرج الأسطوري، وهو يقبل الإنقاذ كبديل للديمقراطية، ويقبل النكوص كبديل للتقدم والتنوير والإنفتاح. وقدفعل عبد الله ذلك والدماء التي أسالتها الإنقاذ ما تزال حارة فوارة، كما أنه في طريقه إلى " المؤتمر" قد مر بالجثة الكبيرة لكيونونة كانت تسمى الديمقراطية الثالثة. تلك خطيئة لم يفق منها عبد الله بعد ذلك، مع أن الطرق كانت أمامه مفتوحة لإنقاذ النفس من "الإنقاذ". عندما خرج عبد الله من السودان، كان يمكن أن يوضح أن موقفه نتج عن غريزة حب البقاء، وهي غريزة مركبة في الناس جميعا، ولكنهم يتعاملون معها بطرق مختلفة، تتراوح بين البطولة والتقية والمخاتلة وتصل إلى قبول الموت المعنوي إنقاذا للجسد. وكان يمكنه أن يعتذر إعتذارا خفيفا، ويواصل الدعوة إلى ما كان يدعو إليه قبل الإنقاذ. ولكن عبد الله لا يجيد الإعتذار، بل لا يقبله حتى وإن كان مستحقا، كما قال في محاضرته هذه، ولذلك اختار أن يحول الموقف الناتج عن ارتخاء الركب، إلى موقف فكري شامل ومحيط. وذاك لعمري اختيار بئيس.
• في نفس الوقت الذي نشرت فيه محاضرة عبد الله، كنت أعيد قراءة سيرة سقراط، كما جاءت في محاورات أفلاطون، وخاصة كتاب "الإعتذار": أبولوجيا. صعقتني المفارقة بين هذا وذاك. فهذا الرجل الذي عاش قبل ألفين وخمسمائة عام لديه ما يقوله لنا حتى اليوم. فعندما قالت عرافة دلفي، وهي إلهة في ذلك الزمان، وناطقة باسم الآلهة وخاصة زيوس، أنه ليس بين البشر من هو أكثر حكمة من سقراط، حار سقراط حيرة شديدة في هذا الأمر. فهو يعلم أنه لا ينطوي على قدر يؤبه له من الحكمة أو المعرفة، ولكنه يعلم في نفس الوقت أن الآلهة لا تكذب، ولم تغب عن فطنته بالطبع أن شهادة الآلهة لم تكن فقط في صالحه، بل تتوجه حكيما على كل البشر. لم يقبل سقراط، لما ركب فيه من هذا العناد البشري المتطاول، حكم الآلهة، لا من حيث قداسته وتنزهه عن الكذب، ولا من حيث أنه جاء في صالحه وحده دوه سواه. فصار يزور أولئك الذين اتصفوا بالحكمة، من حكام ومفكرين وشعراء وأدباء، فاكتشف لدهشته أنه أكثر حكمة من هؤلاء جميعا، لأنه كان يسألهم عما اشتهروا بإتقانه والتخصص فيه، ويظهر لهم من خلال إجاباتهم وبتلك الماكينة العقلية الهائلة التي كان يملكها، أنهم لا يعرفون، معرفة حقة، ما يدعون أنهم يعرفون. وتوصل إلى أنه أكثر حكمة منهم، لسبب بسيط جدا، وهو أنه يعرف أن معرفته متواضعة، وأن الكون لم يكشف له إلا شيئا قليلا من أسراره، وأن عليه أن يمضي دون هوادة في الإستزادة من المعرفة، بينما تربع هؤلاء على حصاة من المعرفة ظنوها جبالا شوامخ. وقال سقراط وهو يشرح ما توصل إليه من علاقة بين المتعالمين الذين يدعون معرفة ما لا يعرفون، والناس العاديين المتواضعين رغم معارفهم وحكمتهم: "أثناء بحثي في خدمة الإله، وجدت أن أولئك الأكثر شهرة والأكثر ذيوعا في الصيت، هم في الغالب الأكثر نقصا، بينما أولئك الذين يعتبرون أقل شأنا هم الأكثر معرفة. ( ترجمة غير رسمية). "رحلة " عبد الله القاسية من بداية محاضرته وحتى نهايتها أثبتت شيئا عكسيا تماما لمسيرة سقراط. فقد وضح أن هذا المفكر الوحيد في السودان، إن كان في السودان مفكر، كما قال مقدمه الكريم، هو الأكثر جهلا بموضوعه من جميع الذين كان يحاضرهم. ولا شك أنهم كانوا يمدون أرجلهم قليلا قليلا، كما فعل أبو حنيفة، كلما أوغل المحاضر في باطله وهرائه، حتى مدوها عن آخرها في نهاية المحاضرة، هذا إذا لم يفكر بعضهم في إطلاقها للريح. وأكاد أرى صديقي محمد الحسن محيسي، المتبحر في كثير من ضروب المعرفة، وهو يفعل ذلك تحديدا. وأحصر المقارنة مع سقراط هنا فقط، فالمقام لا يسمح بالحديث عن محاكمته وموته.
• وأخيرا، دخل عبد الله في قلوب وخرج من قلوب، وهو بينما يستطيب الدخول فإنه يكره الخروج، ويحاول جهده الجمع بين هذا وذاك، ولا يعتقد ذلك ممكنا إلا لأنه لا يضع للمنطق في تفكيره ورغباته، وزنا كبيرا. وهو يعتقد أنه بالقاء بعض الملاحظات العابرة، لصالح جمهوره القديم، يمكنه أن يكسب هؤلاء وأولئك في نفس الوقت. أنظر إلى إشارته إلى موت جوزيف قرنق "الباسل"، مع أن محاضرته تلزمه أن يقول أن جوزيف قرنق مات من أجل قضية ليست قضيته، مات من أجل جماعة شمالية عربية مسلمة لا ينتمي إليها، مات من أجل وطن يضع عبد الله يده حاليا في أيادي من يريدون تمزيقه، وتقليصه ليكون في حجم مقدراتهم على القهر والتنكيل والسيطرة. أقول لصديقي عبد الله، خيارك الحالي يمكن ألا يكون نهائيا، إذا التفت قليلا إلى الوراء لترى أن مطارديك أصابهم الإعياء والإرهاق "غير الخلاق"، وبالرغم من أنهم لم يكفوا عن المطاردة إلا أن الصمود في وجههم ممكن وميسور، وقد استطاعه كثيرون لم يدقوا الطبول إعلانا عن صمود، فكيف تدق الطبول إعلانا عن هروب؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: الكيك)
|
عمر القراي ناقد موضوعي للإنقاذ, يعتمد الفكر والحوار إسلوبا لعرض أفكاره, إختار الإقامة في السودان, خصما على براحات أعلى في الحرية وفي الجزاء المادي إن إختار خارج السودان. عمر القراي واجه صنوف من القتر ومن إبتلآت مقارعة نظام الإنقاذ في تفاصيلها الكثيرة المعروضه على مسرح الإعلام والسياسة السودانيين. عمر القراي إختار مواجهة الإنقاذ بشجاعة, وضح أنها شجاعة يحسده عليها من لم يخترها ومن لم يترق لضريبة الإلتزام بها. ومع أني كنت من المعجبين جدا ب د. عبدالله على ابراهيم, ومخرت في عباب قافلته الإنتخابية بصدق وقناعة ونشاط وإلتزام, لكنه {خزلني} حين لم يوف هبة سبتمبر المباركة قسطها من التأييد والتداعي, فيما هو المحرض القادر على أن يصنع من الفسيخ شربات. فراح سريعا يؤجج معارك ثانوية ويفتح مجالات للتدافع في غير مجرى الهبة الشعبية. بل إستشعرت بشكل ناجز أن الدكتور لا يريد للهبة السبتمبرية أن تتواصل وأن تجني ثمارها في تغيير نظام الإنقاذ وإستهلال مرحلة جديدة في مسار المجتمع والدولة في السودان. بل وضح لي أن مخاوف الدكتور عضوضة تجاه أي تغيير يمكن أن يمس البنية الثقافية لسودان الماضي والحاضر. لكنه يصرف هذا الهدف في إطار مخليته الفكرية والثفافية والإعلامية الغنية , والباعثة على التأويل, فيطلع من أي مفاعل للصراع زي الشعرة من العجين. ولا غرو ... فالدكتور في مستطاعه زجر الإنقاذ ومدحها, وتفخير اليسار وذمه, وترقية الطائفية وتحديرها. فيما تمنعه الصراح عن حركات الهامش ومن دفعتهم الإنقاذ دفعا لحمل السلاح, هو موقف يحسب عليه ويشي بوحل فادح لأن يكون عراب السودان الثقافي. وأعتقد أن هنا يتنفذ عقله الباطن, الذي يجعله أكثر وضوحا في رفض {موضع} الهامش جملة وتفصيلا. فما سمعته يقول عنهم خيرا البتة, مع أنهم من أهل السودان الكتااار, الذين ما إختاروا شئيا في حياتهم, غير أن إختار آخرون أن يوقعوا عليهم الظلم, وأن يديروا في رحاهم مأساة إنسانية موجعة. فكيف يغفل الدكتور هذا الوضع الإستثنائي المدلهم والمحدد لمصير السودان, دون أي جهد فكري أو سياسي يذكر, فما له في هذا العين غير التشنيف والتبخيس والتغفيل. ومع أن الدكتور تمرد باكرا على النظيمة الشيوعية, والتي كانت بنطاق عالمي وحفز أخلاقي, يوحد البشرية على مصاف قيم عليا ضامة وشاملة كل المجتمع الإنساني. لكنه ... كشأن {عتاة} من مبادري الفكر الشيوعي, الذين إنتهت بهم هزيمة الشيوعية إلى أضيق نطاق في حياتهم, النطاق الدون قومي. فلا غرو ... أن قادة الحملات الإنفصالية ضد الإتحاد السوفيتي عشية الإنهيار وما تلاه, كانوا هم أعتى قادة الحركة الشيوعية {العالمية} فثمة لبس من هذا يتدرع الدكتور, مع مراعاة فروق الوقت والمواضع. فأراه يعود من رحلته الكونية إلى حرز النشأة المحلية وثقافة التكوين الحاصلة بإمتيازات إستنثائية. بل أن ما يحبط النفس هو أن الدكتور كان وربما له القدرة في وقت يختار, أن يدرس طلاب جامعات أمريكا, وهنا حيث يستوي القوام الفكري, ويتقافي الدرس مع الواقع ومع المنطق ومع التصريف الإجتماعي العقلاني. لهذا لا أدري كيف للدكتور أن يخلع زيه المهني هكذا حينما يعود متحدثا عن السودان؟؟؟ ففي أمريكا هو معلم مرشد بحساسية إجتماعية عاليه, وفي السودان هو غير ... يستمهض جناح المعارف الإنسانية, ويبخل على شبعه ... بأهم ما تعلمه وما يعلمه لأهل أمريكا ... وأقصد الصرف العدلي قانونيا وإنثنيا وثقافيا لمجتمع متنوع مثل أمريكا. فيم السودان هو أمريكا البادرة ... وهو التنوع {الطبيعي} الذي هو تنوع غير {مصنوع} كما في أمريكا, فلماذا غلت يد الدكتور لأجل مبادرة نحو سودان أفضل وأرحب ومتسع لكل أبنائه؟؟؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: HAYDER GASIM)
|
دا الكلام يا الصادق ما دايرنهم يطبلوا صراع فكري ففي صراعهم فائدة لنا بس ما يشخصنوا المسائل وما في واحد يطالبنا بالإنحياز (الكلي) غير الناقد لأيهما
Quote: لكن العقلية التصنيفية تريد موقفا واحدا
من ليس معنا فهو ضدنا
ويظل هذا التناحر بين الجميع في السودان
لينتج ما نراه من دماء
والحال كذلك لا بد من شيطنة ع ع ا وإعلاء وطنية القراى
او العكس شيطنة القاري وإعلاء وطنية ع ع ا
لا مكان وسط، ع ع ا مؤيد للإنقاذ والقاري معارض
هلال مريخ في اي مكان
الصادق المهدي خائن وعميل للإنقاذ، او معارض شرس
ويمكن ان نعرف الان لماذا يحدث هذا القتل المجاني
المهم
نحتاج لتوسيع الافق |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: HAYDER GASIM)
|
يا جمال المنصوري
Quote: هذا القول حشر هنا حشرا تعميم مخل، اعتقد انه ذو غرض، ربما ليتم به تسويد مواقف الجمهوريين كمجتمع ، في حين ان الذين ايدوا ما جري في مصر من الجمهوريين لا يتعدي اصابع اليد الواحدة، وانا منهم، فيا تري ماهي الاليات التي اعتمدت عليها في الوصول الي تعميمك اعلاه ؟؟؟... يا سيدي الفاضل.. |
أعتذر عن التعميم المخل بحق الإخوة الجمهوريين وأعتقد أنه ليس بذي غرض الجمهوريين محل حب وإحترامي ناس تختلف معهم فكريا وتظل تحترمهم
القراي نفسه محل خالص إحترامي إلا أنه موقفه الأخير من الإنقلاب المصري علي الديمقراطية أزعجني أيما إزعاج
الجمهوريين عموما أكثر إنسانية أن "يوافقوا" علي المحنة التي أصابت الأخوان المسلمين في مصر لمجرد أنهم أعداءهم الفكريين الجمهوريين أقدر الناس علي خوض الفكري ضد الكيزان وكل أنواع السلفيين
وحتي لا نفتل البوست يمكن مناقشة موقفك أو القراي وبعض من الجمهوريين عن الإنقلاب العسكري في مصر في بوست آخر
بعيدا عن المديدة حرقتني وإنحيازات هلال مريخ (الفكرية) ودعونا نأمل في مبارزة (فكرية) راقية بعيدا عن الشخصي (أو حتي الموقف)
ما دايرين نحاكم عبد الله علي إبراهيم دايريين نحاوره
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: Nasr)
|
ازمة اليسار السوداني البائس جائنا من بيئة عربية-مصر-ومغلف باشتراكية مزيفة سواء شيوعيين او قوميين لذلك عبدالله علي ابراهيم متماهي تماما مع البضاعة -بضاعة خان الخليلي- وجعل الصراع في السودان بين عرب وغير عرب او مسلمين وغير مسلمين وهذا هو السودان في مخيلة النخبة العربية وهذه تسمى في الديالوكتيك التناقضات المزيفة..لذلك بقى نبت شيطاني يتشظى عبر الزمن اسوة بكل الوافد ليشكل جمهورية العاصمة المثلثة ودولة البربون..حتى فتح لنا الله بكشف جديد يسمى الحركة الشعبية جات بقيم اشتراكية اليوجاما للاسطورة جلويوس نايريري وهفت لها ارواح الملايين"المهمشين في المركز والهامش... وحتى هذه اللحظة رؤية لا تموت وقادرة على الوصول بصناديق الاقتراع وليس البندقية..وتقوقع اليسار البائس في مكانه الطبيعي مع رموز السودان القديم ورؤيتهم وتصوراتهم العاجزة والافتراضية عن دولة السودان...لا يوجد عرب في السودان عرقا غير الرشايدة والزبيدية الباقين اما قبائل سودانية"نوبة مستعربون" او وافدين من غرب افريقيا وكان الاجدى للدكتور يريح نفسه ويعتمد مبدا الجنسية1956 الخضراء"سوداني بي الميلاد" والجنسية "البنية سوداني بي التجنس" وان الصراع بين المركز والهوامش الستة/الاقاليم والتحرر من شنو وليس منو...والكلام ده كلو لحدي 2013 النخبة السودانية من ادعياء الفكر والثقافة يا ما مستوعبنه..او ما عايزين يستوعبوه وهم احرار ...لكن المابريهنم ديل مابرنهم لي شنو والفكر ليس شهادة دكتوراة ...محمود محمد طه عنده بكلاريوس هندسة بس...وفليسوف كمان..CREATIVE لمن يفك عبدالله علي ابراهيم شفرة حميد ادناه بيعرف وين يقف وكان ما كان وكان اكسيك در ..
حكومات تجي وحكومات تغور
تحكم بالحجي بالدجل الكجور
مرة العسكري كسار الجبور
يوم قسم النبي تحكمك القبور
تعرف ياصبي مرة تلف تدور
ولا تقول بري او تحرق بخور
هم يالفنجري يالجرف الصبور
كل السقتو ما باقي على التمور
وارضك راقدة بور..
لا تيراب وصل ..
لا بابور يدور ..
والماهية اف عيشة هاك وكف
في هذا الزمن تف يا دنيا تف " من احسن مساويء الانقاذ انها بقت تعمل فرز مستمر وذى ما قال جون قرنق السودان الجديد والسودان القديم عملية PROCESSING ضفر جديد يزح الضفر القديم... ما عايزة بندقية بس وعي صاعد وستتهاوى الاصنام والحكم بالدجل والعسكر"مزامير حميد" مزمور عم عبدالرحيم"
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: adil amin)
|
حتى الان المداخلات ممتازة فيها الكثير من المعلومات وامل من اخرين الدخول والمشاركة والتعليق على افكار اوردها هنا كتاب انزلت مساهماتهم هنا من امثال الراحل الخاتم عدلان الذى لمس بحاسته السياسية العالية وقربه من الدكتور عبد الله اشياء كثيرة ومهمة سجلها فى رده على محاضرة ابوظبى وقبلها فى الرسالة التى بعثها للدكتور وانزلها الزميل بهاء بكرى يجدها القارىء بالاعلى ..
اتواصل هنا معكم بمقال مهم ايضا للدكتور الطيب زين العابدين قبل ان نصل الى محطة الدكتور حيدر ابراهيم الذى غضب من موقف اتحاد الكتاب تجاهه فى عهد عبد الله على ابراهيم ..
الأحد 4 يناير 2009م، 8 محرم 1430هـ العدد 5574
عبد الله علي إبراهيم رئيساً
الطيب زين العابدين الصحافة
فجَّر صديقي الدكتور عبد الله علي ابراهيم نهار الأربعاء الماضي قنبلة مجهولة الاتجاه أمام مستمعيه في رحاب منتدى طيبة برس بمتحف التاريخ الطبيعي بجامعة الخرطوم، جاءوا يمنون النفس بمحاضرة سياسية شيّقة عن ذكرى استقلال السودان الثالث والخمسين، مما عرف به الكاتب الأديب السليط، ولكنه رأى المناسبة سانحة ليعلن عن نيته الترشح لرئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة.
هكذا مرة واحدة دون صعود السلم الانتخابي درجة درجة كما يفعل ناشئة السياسيين عادة! يبدو أن حالة السودان المرضية تستحق جراحة عاجلة في تقديره وأن ما بقي من العمر لا يسمح له بهدر الوقت في معارك صغيرة أو جزئية. فهو من قبيلة تتغنى: يا غرق يا جيت حازمة! ولعله محق في كلا التقديرين، ولكن هل يعني هذا أنه هو من دون خلق الله سيكون الطبيب المداويا. مسألة فيها نظر وتختلف حولها الآراء مثل القضايا السياسية كافة! وبصرف النظر عن صلاحية عبد الله شخصياً للترشّح لرئاسة الجمهورية أم لا؛ هل الخطوة في حدِّ ذاتها مطلوبة الآن أم لا؟ أن يقفز أحد المثقفين الأكاديميين من كرسيه المريح في الجامعة، ويترك معاشه المضمون بها، ويتخلى عن مهنته التي يجيدها في التحصيل والتدريس، ويبتعد شيئاً ما عن صحبه القدامى من الأكاديميين الذين عرفهم وعرفوه، ليتشابى لقيادة السودان بالترشح إلى رئاسة الجمهورية. أحسب أن الخطوة مطلوبة وبإلحاح في هذا الزمن وتحتاج إلى قدر من الشجاعة والإقدام لا تتوفر إلا للقلة من طبقة المثقفين مثل الصديق عبد الله الذي عركته الأيام وعركها حتى تكسّرت النصال على النصال.
لماذا هي مطلوبة؟ لأن قادة السودان من السياسيين والعسكريين أثبتوا فشلاً ذريعاً طيلة نصف قرن من الزمان في إدارة هذا البلد بالرشد والحكمة والعقل. ويكفي دليلاً على ذلك -إن احتاج ضوء الشمس إلى دليل- أن الدولة السودانية ما زالت تحكم بدستور انتقالي رغم مرور أكثر من خمسة عقود على نيل الاستقلال (بالمقارنة فإن الإمام الخميني وضع دستوراً لبلاده بعد سنة واحدة من ثورته الرسلامية العاتية التي غيَّرت وجه إيران وما زال ذلك الدستور سارياً، والزعيم الباكستاني ذو الفقار علي بوتو وضع دستوراً دائماً لبلاده بعد سنتين من انتخابه رئيساً للوزراء في عام 71م وما زال ذلك الدستور نافذاً رغم تقلَّبات الحكم العسكري والمدني في باكستان)، والسبب في ذلك التقصير أن الحكام السياسيين لا يريدون مواجهة الحقائق الصعبة في إدارة البلاد وطاشت أسهم الفريقين في تحقيق الاستقرار السياسي، أو توطين الديمقراطية، أو بسط الأمن وترسيخ حكم القانون، أو إحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أو حماية حقوق الإنسان، أو رعاية المال العام. وكانت النتيجة أن زهد معظم الناس، خاصة الشباب، في تعاطي العمل السياسي إلى درجة ما عادت انتخابات طلاب الجامعات تكمل النصاب القانوني لها إلا بشق الأنفس. وهناك رفض ظاهر ومكتوم للفريقين من الحكام، السياسيين منهم والعسكريين مع الفارق في المسؤولية بعدد السنين التي حكمها كل فريق وبعدد الجرائر والخطايا التي ارتكبها في حق الوطن. لذا أن يغامر أحد المثقفين الأكاديميين دون أن يكون له سند حزبي يدعمه، أو شوكة قبلية أو عسكرية تقف من ورائه، أو مال وفير يستطيع أن ينفق منه على حملة انتخابية فاعلة، أمر محمود في حدِّ ذاته لأنه يحرّك البحيرة السياسية الراكدة، ويعطي بعض الأمل لهؤلاء الشباب المحبطين .ثم إن الوطن يمر بمرحلة دقيقة حرجة قد يكون بعدها أو لا يكون،
ما زال وضع الجنوب معلقاً بالاستفتاء، ومأساة إنسانية دامية تدور رحاها في إقليم دارفور، واحتكاك ينذر بالشرر في جنوب كردفان وتوتر في شرق السودان وفي النيل الأزرق، وعشرات الآلاف من القوات الأممية والمراقبين الدوليين تتمترس في أقاليم البلاد المختلفة، وأصبح التدخل في الشأن السوداني مباح لكل منظمة ودولة مهما صغرت وهان شأنها، وآن للنخبة المثقفة، التي كانت تقنع بتوظيف جهدها الفكري والمهني لدى الحكام من السياسيين والعسكريين، آن لها أن تتقدّم الصفوف بنفسها دون غطاء حزبي أو عسكري وتعرض نفسها على الشعب صاحب الحق الأول والأخير في تقرير مصير البلد وتنصيب حكامه.
يقول د. عبد الله إنه سيعتمد على القوى الاجتماعية النقابية في دعم ترشيحه، وأحسب أن ذلك بقية من عصبية أيديولوجية قديمة، وقد كنت أظن أن اليسار الشيوعي استوعب الدرس بأن المفهوم الطبقي في السودان ما زال ضعيفاً بين العمال وغيرهم، فالتقسيم الأقوى بين السودانيين هو القبلية والطائفية والإقليمية ودرجة التعليم. والقيادة الفكرية والسياسية والإدارية في السودان هي للطبقة «البرجوازية المثقفة» كما يحلو لأهل اليسار أن يصفوها، وهي صاحبة الاستشعار الأفضل لمعرفة مشكلات البلد وطرق حلها، وإن اتسمت بالتردد في الإقدام على المعالجة ورضيت بالخنوع زمناً للحكام السياسيين والعسكريين.
فمن الأجدى للدكتور عبد الله أن يكون مرشح الطبقة المثقفة لمنصب الرئاسة لأنه ينتمي حقاً إليها ولأنها الأقدر لمساندته ودعمه ولن تجد أفضل منه بين المرشحين المحتملين، وليست هناك ثمة عداء بين النقابيين والمثقفين فهناك خمسة عشر اتحاداً نقابياً للمهنيين من أطباء ومهندسين ومحامين وزراعيين وبيطريين وأساتذة جامعات ومعلمين يضمون عشرات الآلاف .يقول د. عبد الله إن برنامجه يستهدف الشرائح التالية: ذوي الحاجات الخاصة من المعوقين والعجزة، المعاشيين والمفصولين تعسفياً، المهمشين الذين حملوا السلاح، قدامى المحاربين وقدامى النقابيين. ويريد تحرير الدولة من بيروقراطية المستعمر (يا حليلها!)، وتنزيل الحكم إلى أدنى، وخضوع العسكريين للإرادة المدنية المنتخبة، وكفالة حريات اللغات السودانية غير الرسمية، وإعادة فتح التحقيقات في بعض المواجهات وفي قرارات الخصخصة.
أحسب أن عبد الله تعجَّل في وضع إطار ضيق لبرنامجه يتجاهل بعض القضايا الكبيرة مثل صنع السلام، والحفاظ على وحدة البلاد، وإحداث التحول الديمقراطي، وترسيخ نظام اتحادي على أسس متوازنة ومقبولة للأقاليم المختلفة، ومعالجة الفقر المستشري، وتحسين فرص العمالة، وزيادة الأجور وتوازنها بين العمال والموظفين والمدنيين والعسكريين، والنهضة بالزراعة المتعثرة، وتشجيع الصناعة التي أقفلت أبوابها... إلخ. والفرصة ما زالت أمامه ليلتقي بقطاعات واسعة من المجتمع ليأخذ معهم ويعطي، ويعرف ما يجري وما يشكو منه الناس.
لا تبدو الفرصة كبيرة أمام د. عبد الله ليفوز بمنصب الرئاسة لأن السلطة والمال والعصبيات التقليدية ستلعب دورها لا محالة، ولكنه سيحدث حراكاً مفيداً في الساحة السياسية يكون تراثاً لمن يبني عليه في المستقبل، ولا أستبعد تماماً أن يضرب معه الحظ فينفتح له طريقاً للنجاح من حيث لا يحتسب، ويحدث ذلك إن استطاع إنشاء تحالفات عديدة مع قوى سياسية واجتماعية في مناطق السودان المختلفة، وان تمكن من تكوين إدارة انتخابية نشطة وفاعلة في أنحاء البلاد، وإن استطاع جذب تمويل مقدّر من قطاعات المجتمع المختلفة خاصة القاعدية.
وفي مقارنة بينه وبين المرشحين المحتملين من القوى السياسية الكبيرة مثل المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وحزب الأمة والاتحادي الديمقراطي، أرى أنه سيكون أكثر جاذبية للمثقفين والشباب والطبقة الوسطى (إن بقيت فيها بقية) وربما المرأة من كل أولئك. فمنهم من حكم سنوات طويلة وليس لديه ما يعطيه وآن له أن يستريح، ومنهم من اكتفى بحكم إقليمه ولا ينبغي له أن يزيد، ومنهم من أخذ فرصته كاملة في الماضي دون أن يحقق الكثير، ومنهم من لا يجد من يطمئن إلى ترشيحه! قود لاك (Good Luck) د. عبد الله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: الكيك)
|
المساجلات بين الدكتور عبد الله والقراى بدات عقب نشر مقالات له بصحيفة الراى العام تحدث فيها الدكتور عن الشريعة مطالبا ان تكون قوانيين الدولة مستمدة من نصوصها رد عليه القرى بهذا المقال من جزئين بصحيفة اجراس الحرية
الكاتب : admino || بتاريخ : الخميس 01-01-2009 عنوان النص : تعقيب على د. عبد الله علي ابراهيم في الدفاع عن الفقهاء وقوانينهم : الشريعة والحداثة (1) د.عمر القراي
ليس في المعاني الانسانية ما هو أرفع من الدين ، فلقد نشأت المجتمعات على الأعراف الدينية ، فحفظتها ، بما ارست فيها من قواعد الأخلاق والسلوك .. فالدين أول ماعرف الانسان ، وسيكون آخر ما يعرف .. فقد تصور الانسان البدائي قوى الطبيعة المختلفة ، آلهة جبارة ، تتحكم في حياته ، ولا تأبه بمصيره ، فتزلف اليها ، وقرب لها القرابين ..وكان يرى اقرباءه الذين ماتوا في احلامه ، وهم يتحركون وكأنهم في حياتهم العادية ، ومن هنا نشأت فكرة الحياة الأخرى ، ومختلف التصورات عنها..وزاد الخوف من بطش الآلهه ، اذ تعدى الأذى في الدنيا الى العذاب في الحياة الدائمة !! ولكن ذلك الخوف هو الذي حفز الانسان في مراقي التطور ، فخوفه من عناصر الطبيعة ، ومن الحيوانات المفترسة ، ومن اعدائه ممن هم مثله ، مدد خياله ، ووسع حيلته في التخفي ، والمناجزة ، وشحذ ذكاءه ، فاكتشف قوانين الطبيعة واستغلاها في تصنيع سلاحه وتطويره من السلاح الحجري حتى القنبلة الهايدروجينية !! أما الخوف من عقاب الآلهه في الحياة الأخرى ، فقد اعانه على كبت رغائبه وشهواته، والخضوع لعرف الجماعة ، حتى في غياب الرقيب ، وضمان الأمن من بطشها ، ومن هنا نشأ الضمير الانساني في سحيق الآماد ..
فلم يرسل الله الرسل ليخبروا الناس بان لهم الهاً ، لأن ذلك سبقتهم اليه رسل العقول . فقد ادرك العقل البدائي الساذج بالتجربة المعاشة ، ان ليس هناك شئ صنع نفسه بنفسه .. فقام في خلده ان هذه الأرض الواسعة ، والجبال الهائلة ، والبحار والانهار والاشجار السامقة والسماء والشمس والقمر والنجوم ، لا يمكن الا ان تكون قد صنعت بيد صانع قدير ، أقوى وأحكم من الانسان !! وهكذا نشأ الدين في الأرض ، ثم ألمت به أسباب السماء ، على مكث ، وتلبث ، فهذبته ، وسيرته وفق أرادة هادية من ظلام الوثنيات الى نور التوحيد .. فعرفت أديان التوحيد الله للناس ، ووصفته لهم على قدر طاقتهم ، ومهدت طريق الرجعى له بمناهج العبادة وحسن الخلق ، والطقوس المختلفة ، مما نشرته الأديان على مر الأزمان ..
(2)
في تلك المراحل البدائية من مسيرة الدين ، كان هناك مشرفون على القرابين وحراس للنار ، وامكنة العبادة ، فأخذ هؤلاء يفسرون للعوام رغبة الآلهه ، ويستلمون الهدايا باسمها ، ويحافظون على مكانتهم بتلاوة التعاويز والرقي ، التي لا يفهمها عامة الناس !! فاذا ارتفع الدين في النفوس ، قام سدنة النار ، وحراس المعابد ، والكهنة بواجبهم تجاه الآلهه ، وتجاه المواطنين ، ومثلوا صوت العقل ، بينهم وبين الأقوياء ، الذين كانوا يغتصبون حقوق الجماعة ، ويبنون على آلامها امجادهم الشخصية .. وحين ينحط الدين في النفوس يخاف رجال الدين من الزعماء الأقوياء ، ويطمعون في عطاياهم ، فيهرعون لمساعدتهم في بسط نفوذهم على الفقراء ، والمساكين ، ويستعملون الحجج الدينية التي تدعو العامة للتسليم للزعماء ، والخضوع لهم ، والا غضبت عليهم الآلهه ، واستحقوا بطش الزعماء !! وهكذا يختل ميزان العدل ، ويسود الظلم والفساد ، ويجمع الطغاة الى السلطة الزمنية ، الني اغتصبوها بالقوة ، سلطة دينية تلحقهم برضا الآلهه يحققها لهم الكهان ورجال الدين .. وبسبب جهل العامة بالدين، لاحتكار رجال الدين لاسراره ، وبسبب ضعف علماء الدين ، وطمعهم ، جاء الحكام الأقوياء الذين ادعوا الآلوهية نفسها !! ومن هؤلاء الفراعنة الذين حكموا مصر ، وغيرهم ممن عاصرهم ، وسبقهم ، أو لحقهم من الملوك ..
(3)
وحين تأذن الله تعالى أن يسوق الوثنيات الى غايتها ، بعد ان استنفدت غرضها ، جاءت أديان التوحيد مواجهة لعقائدالشرك ، وللملوك الذين نصبوا أنفسهم آلهه على البشر ..فكانت ثورة أبراهيم الخليل ، عليه السلام ، على آلهة قومه ، وحواره المشهود مع الملك الذي ادعى الالوهية .. ثم جاء موسى عليه السلام ينازع فرعون الوهيته المزعومة ، ويخرج بني اسرائيل من بطشه وقهره ، ويهلكه وسدنته من رجال الديانة المصرية القديمة .. ولما كانت سطوة الملوك لا تزال قوية في النفوس ، والاتباع بعيدين عن الوعي الذي يؤهلهم لحكم انفسهم ، فقد ارسل الله الانبياء الملوك فجاء داؤد وسليمان عليهما السلام .. ولعل هذا ما جعل اليهود ينتظرون نبياً ملكاً ، فلما جاء عيسى عليه السلام فقيراً زاهداً ، رفضوه واغروا به حكامهم من الرومان .. ولقد كان فقهاء اليهود الذين يسمون الكتبة أو الفريسيين يحاولون بشتى الطرق ان يعزلوا المسيح عليه السلام عن الناس ، ويوقعوا بينه وبين الحاكم ، حين عجزوا من مناظرته ، وحواره .. ولقد كانو كمن سبقهم من الكهنة يتمسكون بقشور الشريعة ، ويفرطون في جوهر الدين !! ولقد وصفهم المسيح عليه السلام وأحسن وصفهم حين قال :
لكن الويل لكم أيها الكتبة و الفريسيّون المراءوون ! فانكم تغلقون ملكوت السموات في وجوه الناس ، فلا انتم تدخلون ولا تدعون الداخلون يدخلون ! الويل لكم ايها الكتبة والفريسيّون المراءوون فانكم تلتهمون بيوت الارامل ، وتتذرعون باطالة صلواتكم لذلك ستنزل بكم دينونة أقسى ! الويل لكم أيها الكتبة والفريسيّون المراءوون ! فانكم تطوفون البحر والبر لتكسبوا متهوداً واحداً فاذا تهود جعلتموه أهلاً لجهنم ضعف ما انتم عليه .. الويل لكم أيها القادة العميان ! الويل لكم ايها الكتبة والفريسيّون المراءوون فانكم تؤدون حتى عشور النعنع والشبث والكمون وقد أهملتم أهم ما في الشريعة : العدل والرحمة والأمانة ... ايها القادة العميان ! انكم تصّفون الماء من البعوضة ولكنكم تبلعون الجمل ! الويل لكم أيها الكتبة والفريسيّون المراءوون فانكم كالقبور المطلية بالكلس تبدو جميلة من الخارج ولكنها من الداخل ممتلئة بعظام الموتى وكل نجاسة ! كذلك انتم أيضاً تبدون للناس ابراراً ولكنكم من الداخل ممتلؤن بالرياء والنفاق ( انجيل متى 23) !
ولقذ تآمر الفريسيّون على عيسى عليه السلام ، وسلموه لقتلته ، وذلك أقصى ما بلغ رجال الدين من السوء ومن تزلف الحكام .. على ان المسيحية نفسها وقعت في شرك رجال الدين وتبريرهم لصلف الحكام !! فبعد بضع سنوات من عهد المسيح عليه السلام كتب القديس بولس " ومن يقاوم السلطان فانما يعاند ترتيب الله " !! (روجيه غارودي (1996) : نحو حرب دينية . ترجمة صياح الجهيم. بيروت : دار عطية للطباعة والنشر. ص 15). وبعد فترة ظهر رجال الدين المسيحي الذين يستغلون أقدس المقدسات لمصلحتهم الشخصية .. وكانوا يبيعون صكوك الغفران للمذنبين ، ويرفلون في الحرير الى جانب الحكام ، ثم يثبطون من همم الثوار من الفقراء والمحرومين ، ويعدونهم بالجنة اذا هم خضعوا للملوك وأدوا عطاياهم للكنيسة !! وحتى يحكموا قبضتهم على رقاب الناس ، عقّد رجال الدين المسيحية ، وصبغوها بالكهنوت والاسرار ، وجعلوها طلاسم تصعب على العامة ، واخضعوا المكانة عند الله، الى الدراسة والتخصص، في علوم الكهنوت ، واصبحوا يشرعون لأتباعهم ، ما يناقض جوهر الدين المسيحي ويجوزونه باسمه !!
(4)
لقد كانت ثورة مارتن لوثر ( 1483-1546) تستهدف تخليص الدين المسيحي من عقابيل الكهنوت والغنوصية ، التي أزرت بهيبته في نفوس الأذكياء ، وكان اعتراضه على الكنيسة يتجه الى تعميم المعرفة التي كانت تحتكرها، وتوجيه النظر الى غاية الدين بدلاً عن مظاهره التي أغرقه فيها رجاله .. ومع ان المذهب البروتستانتي سار خطوات في طريق الاصلاح الا انه أيضاً أوجد رجال دينه بعد فترة ، مما ساق الى الاعتراض من جديد ، باساليب جديدة ..
على ان الاعتراض هذه المرة ، جاء متأثراً بزخم الثورة الفرنسية وعنفوانها ، فلم يقف عند رجال الدين وانما تعداهم الى الدين نفسه !! ومن ابرز الفلسفات التي ثارت على المؤسسة الدينية ورفضت الدين من ثم ، فلسفة كارل ماركس (1818 – 1883 ) فقد رأى الدين كوسيلة في يد رجال يستغلون به البسطاء ، ويخدمون به مصالح الطبقة الرأسمالية الحاكمة .. ورأى اتباع الدين عاجزون عن الادراك السليم لمأساتهم ، وكأنهم قد خدروا بواسطة الوعود والخطب الدينية ، فوصف الدين بانه " افيون الشعوب" !! وكل الافكار التي تلت الماركسية تأثرت بها بصورة من الصور ، وسعت بمختلف الوسائل والعلوم لتثبت صحة الزعم بان الدين ما هو الا تصور الانسان البدائي للطبيعة ، وهو تصور لا بد من تجاوزه كشرط من شروط تطور الواقع الجديد .. وهكذا تبنت مرحلة الحداثة التصور العلماني ، ونجحت أوربا في فصل الدين عن الدولة ، وعزلته عن دوره التشريعي والأخلاقي ، واقامت مفاهيمها ،على أديم الفكر المادي، بشقيه الشيوعي والرأسمالي ..
(5)
وحين جاء الاسلام ، وضع نفسه من أول وهلة ضد ظاهرة رجال الدين .. وسحب البساط من تحت أرجلهم ، حين جعل منهاج المعرفة الاساسي التقوى بدلاً عن الدرس والاطلاع ، فكان رسوله أمّي وامته امّية !! قال تعالى " هو الذي بعث في الأمّيين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ، ويزكيهم ، ويعلمهم الكتاب والحكمة ، وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين " .. ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ، يعلم الناس ما لا تصح العبادة الا به عن طريق الهيئة ، فلم يتحدث عن فرائض الوضوء أو مستحباته ، وانما كان يتوضأ امام الأعرابي فيعلمه الوضوء ، وهكذا علمه جبريل عليه السلام .. ولقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم للأمة ان العلم الحقيقي لا يتأتى بكثرة الاطلاع ، واحتراف الحفظ والاستذكار ، وانما هو ثمرة التقوى ، وبلغهم قوله تعالى " واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شئ عليم" وقال في شرح ذلك " من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم " !! .. ولهذا انشغل الأصحاب رضوان الله عليه بالعمل ، وكان أحدهم لا يحفظ الآيات التي تنزل حديثاً ، ما لم يكن قد طبق الآيات السابقة ، خشية النفاق !! وهم في ذلك ينظرون لقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون " !!
وفي اتجاه المحاربة العملية لظاهرة رجال الدين ، لم يتميز النبي صلي الله عليه وسلم على اتباعه بلبس معين ، أو مكانة معينة ، حتى ان الأعرابي اذا قدم الى مجلسه سأل : أيكم محمد؟! ولقد تنبأ النبي صلي الله عليه وسلم للمسلمين بالانحدار، والمفارقة ، واتباع نفس انحرافات الامم السابقة فقال " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه !! قالوا : أأليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟! " !! ولقذ رأينا كيف ان الأمم السابقة ، ابتدعت ظاهرة رجال الدين ، الذين يتميزون بزي خاص ، ومكانة خاصة ، وكيف ان المتأخرين من علماء المسلمين وفقهائهم كانوا يلبسون ثياباً خاصة ، مميزة ، تشبه الى حد كبير لبس حاخامات اليهود وقساوسة النصارى !!
ولعل اول اشارة في النعي على رجال الدين ما روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها فقد رأت بعض الرجال يغطون روؤسهم ، ويمشون ببطء ، ويتظاهرون بالمسكنة ، ويخفضون أصواتهم ، فقالت : من هؤلاء ؟! قالوا : هؤلاء القراء !! قالت : أخبروهم لا يميتوا علينا ديننا !! فقد كان عمر أقرأ الناس ، وكان اذا تكلم أسمع ، واذا مشى أسرع ، واذا ضرب أوجع !!
(6)
على ان الفقهاء والوعاظ ورجال الدين لم يظهروا في شكل مؤسسة بالغة الأثر في حياة المسلمين الا بعد الفتنة الكبرى ، حين انتصر معاوية بن ابي سفيان على عليّ بن ابي طالب رضي الله عنه فتحولت الخلافة الى ملك عضوض !! ولما كان الملك وتوارث الحكم ، بدعة جديدة ، تفتقر الى السند الديني ، والتأييد الشعبي ، فقد اعتمد ملوك بني أميّة على الفقهاء ووعاظ السلاطين ليوطدوا سلطانهم ويبرروا ظلمهم ، وفسادهم !! ولم يحدث ذلك الانحراف في يوم وليلة ، وانما كان أوائل الفقهاء أقرب الى روح الدين ، فأعترض قلة منهم على بعض ملوك بني أميّة فنكلوا بهم ، وارهبوا بهم غيرهم ، حتى خضع سائر الفقهاء ، وعلماء الشريعة الى الحكام ، واصبح ذلك الخضوع المنكر ، ديدنهم منذ ذلك الوقت ..
وبينما احتضنت دولة بني أميّة الفقهاء وعلماء الشريعة ، قتلت آل البيت ، وشردتهم ، ففروا بدينهم الى الفلوات ، وقضوا أوقاتهم في اللجأ الى الله ، والذكر والفكر ، بعيد عن بطش السلطة ، ومن هؤلاء نشأ التصوف الاسلامي ، كفكر واسلوب مغاير تماماً للفقهاء ومذاهبهم !! فحين شغل الفقهاء وقتهم بمداهنة الحكام ، وترقب عطاياهم ، والخوف من بطشهم ، والاجتهاد في تفصيل الفتاوى حسب مصالحهم وأهوائهم ، انشغل السادة الصوفية بتجويد العبادة والتوسل اليها بالزهد في الدنيا ، ثم حسن معاملة الناس ، بكف الأذى عنهم ، وتحمل أذاهم وتوصيل الخير لهم !!
ومن حسن التوفيق الالهي ان السودان ، لم يفتح بالسيف كغيره من البلاد ، وانما توغل الدين في ربوعه عن طريق التصوف .. فلو كان الاسلام قد قدم الينا تحت ظلال السيوف ، لكان للفقهاء الذين يسيرون في ركاب الملوك ، الاثر البالغ على حياة الناس ، واخلاقهم ، وانشغالهم بمظهر الدين بدلاً من مخبره !! ومع ذلك فان السلطة التي وجدها الفقهاء في السودان ، انما كانت بسبب من اثر النفوذ المصري علينا ، فقد درس كثير من السودانيين في الأزهر ، وعادوا لينشؤا المعاهد الدينية التي يروجون من خلالها لآراء الفقهاء القدامى ، دون فهم لجوهر الدين ، أو اعتبار لتطور الحياة !! (7)
كتب د. عبد الله علي ابراهيم ، الباحث والمؤرخ المعروف عدة مقالات نشرت في شهر ابريل 2003م بجريدة الرأي العام ، ولقد أوضح غرضه من كتابة هذه المقالات بقوله:
أريد في المقالات التي انشرها متتابعة ان ارد الشريعة الى مطلبها الحق ان تكون مصدراً للقوانين في بلد للمسلمين . ولست أرى في مطلبها هذا بأساً أو ظلماً لغير المسلمين . فهي عندي مما يسع التشريع الوطني العام ويهش له متى خلا دعاتها من نازعة "الوطنية الاسلامية " وبذلوا سماحتها للوطن لا يفقرقون بين أهله متوسلين الى ذلك بحرفة القانون عارضين اجتهادهم من خلال مؤسسات التشريع بالدولة . ولست ادعي علماُ فيما يجد غير انني اتفاءل بما سلف من خصوبة الشريعة وحسن تدريب وذوق المشرعين بها من قضاة المحاكم الشرعية على عهد الاستعمار وما تلاه في ترتيب قوانين ألتزمت خير الأسرة المسلمة وانتصفت للمرأة ما وسعها . وهي ما اسميه التقليد الشرعي السوداني 1898 -1983 . (الرأي العام 29/4/2003م)
ومع ان مقالات الكاتب قد جاءت طويلة ومفصلة ، الا انه لم يخبرنا كيف ان الشريعة ، لوكانت هي مصدر القوانين ، لن يكون في ذلك ظلم لغير المسلمين ، أو ظلم للمرأة ، بل لم يعط القارئ أي نصوص مما تقوم عليه الشريعة ليدلل بها على ما يمكن ان تحققه من مساواة وعدالة .. كما انه لم يقف عند محاولات تطبيق الشريعة في السودان أو ايران أو باكستان ليحدثنا عن السبب في فشل تلك التجارب ، وضمان عدم فشل التجربة الجديدة لو أردنا تطبيق الشريعة مرة أخرى !!
لقد اتجهت مقالات د. عبد الله علي ابراهيم لتؤكد ان محافظتنا على ديننا وثقافتنا ، تقتضي ان نجعل الشريعة مصدر كافة قوانينا ، بما في ذلك قوانين الأحوال الشخصية ، وينتج عن ذلك رد اعتبار الفقهاء وعلماء الشريعة ، الذين قلل الاستعمار من مكانتهم ، بسبب انهم كانوا رمز للوطنية لدفاعهم عن قوانين الشريعة ، في وجه القانون الانجليزي الوضعي !!
ان محاولتي في هذه المقالات ، تتجه لأن توضح ان تمسكنا بالدين ، يقتضي الفهم الذي يميز بين الدين والشريعة ، فيدعو الى تطوير الشريعة حتى ترتفع الى جوهر الدين ، والى قامة العصر من تحقيق الحرية والديمقراطية ، وان غياب هذا الفهم هو الذي أدى الى فشل تطبيق الشريعة !! كما ان الفقه قد قصّر قصوراً مزرياً ، أخرجه عن جادة الشريعة دع عنك جوهر الدين .. ومن هنا جاء ظلم الفقهاء وعلماء الشريعة للمرأة ، ولغير المسلمين ، بصورة لا يمكن تعميتها ، بمثل محاولات د. عبدالله !!
ولم يكن القضاة الشرعيين والفقهاء وطنيين ، وانما كانوا يخدمون غرض الاستعمار ، ويتسقطون رضاه !! ثم انهم ساروا من بعد الاستقلال في ركاب الطائفية ، واستغلوا بواسطة الجماعات الاسلامية ، لرفع شعار الدولة الدينية ، الذي تحول الى تصعيد للحرب الأهلية باسم الجهاد !! وهم بذلك كانوا يشوهون الدين بمساندتهم للسلطة ، وبرفضهم ، وتآمرهم على الصورة المتقدمة ، التي طرح بها في السودان منذ مطلع الخمسينات ، فيما عرف بالفكر الجمهوري ، ومن هنا كان لا بد من كشفهم ، ومواجهتهم حتى لا ينفر الاذكياء عن الدين ، بسبب سوء ممارسة رجال الدين ، ويرد شعبنا المعين الصافي بعد ان تطهر من اوضار الجهلات !!
ان مقالات د. عبد الله علي ابراهيم ، قد جاءت في وقت مناسب ، يتحاور فيه السودانيون بالداخل والخارج ، حول مستقبل بلادهم ، ويسعون الى تحقيق السلام ، وتوسيع قاعدة المشاركة ، وهي بذلك تعطينا فرصة لنوضح ربما للكثيرين من ابنائنا وبناتنا ، جانب من تاريخنا ، وقع عليه كثير من التزييف لمصلحة قوى التخلف ، مما جعل قضية الدين والدولة ، أهم القضايا التي يجب ان نثيرها ، دون ان نمل الحديث فيهاً !!
صحيفة أجراس الحرية http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=viewandid=1260 -------------------------------------------------------------------------------- الكاتب : admino || بتاريخ : الخميس 08-01-2009 عنوان النص : الشريعة والحداثة (2).. نزعت الرقابة أجزاء كبيرة منه
: تعقيب على د. عبد الله علي ابراهيم في دفاعه عن الفقهاء وقوانينهم
ان الافتراض الاساسي، في مقالات د. عبد الله علي ابراهيم ، لجعل الشريعة مصدر القوانين في السودان ، وتحسره على عدم الأخذ بها منذ ان جلا الاستعمار عن هذه البلاد، هو ان الشريعة ليس بها " بأساً أو ظلماً لغير المسلمين " كما انها " انتصفت للمرأة ما وسعها"(راجع مقالات د. عبد الله علي ابراهيم أو كتابه في نفس المعنى) !! ولعل ما ساق لهذا الخطأ هو الخلط بين الدين وبين الشريعة، وهو خلط قد جاز طويلاً على علماء المسلمين وعامتهم.. فالدين هو التوحيد ، وهو في بدايته الاقرار لله بالوحدانية ، وفي قمته التسليم التام له سبحانه وتعالى . وحين قال تعالى " ان الدين عند الله الاسلام " عنى التسليم للارادة الالهيه ، ولم يعن الاسلام بمعنى الشريعة التي اتى بها محمد صلى الله عليه وسلم !! وذلك لأن الاسلام سابق لهذه الشريعة..
وعن ذلك يقول تعالى " انا انزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء "، فانبياء بني اسرائيل قد كانوا مسلمين ، وابراهيم الخليل عليه السلام قد كان مسلماً ، قال تعالى " ومن يرغب عن ملة ابراهيم الا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وانه في الآخرة لمن الصالحين * اذ قال له ربه أسلم قال اسلمت لرب العالمين " !! والدين بهذا المعني واحد ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم " خير ما جئت به أنا والنبيون من قبلي لا اله الا الله " ..
ومع ان الدين واحد الا ان الشرائع قد اختلفت باختلاف الامم ، بسبب تطور الحياة ، ومن ثم تغيير المجتمعات .. ذلك ان الشريعة انما هي القوانين والاحكام ، التي تنزلت من الدين ، لتدرج المجتمات نحو غايات الدين العليا ، وهي لملامستها لواقع المجتمع تتأثر به ، وتراعي امكانات وطاقات افراده .. ولتوضيح هذا الأمر يضرب الاستاذ محمود محمد طه ، المثل باختلاف شريعة الزواج بين آدم عليه السلام ، ومحمد صلى الله عليه وسلم ، فبينما كان زواج الأخ من أخته شريعة دينية في عهد آدم ، اصبح حراماً في شريعة محمد ، بل شمل التحريم ما هو أبعد من الأخت كالخالة و العمة وغيرها ، يقول الاستاذ محمود : فاذا كان هذ الاختلاف الشاسع بين الشريعتين سببه اختلاف مستويات الأمم ،وهو من غير أدنى ريب كذلك ،
فان من الخطأ الشنيع ان يظن انسان ان الشريعة الاسلامية في القرن السابع تصلح بكل تفاصيلها ، للتطبيق في القرن العشرين . ذلك بان اختلاف مجتمع القرن السابع ، عن مستوى القرن العشرين ، أمر لا يقبل المقارنة ، ولا يحتاج العارف ليفصل فيه تفصيلاً ، وانما هو يتحدث عن نفسه . فيصبح الأمر عندنا أمام أحدى خصلتين: أما ان يكون الاسلام كما جاء به المعصوم بين دفتي المصحف ، قادراً على استيعاب طاقات القرن العشرين ، فيتولى توجيهه في مضمار التشريع ، وفي مضمار الأخلاق ، واما ان تكون قدرته قد نفدت ، وتوقفت عند حد تنظيم مجتمع الفرن السابع ، والمجتمعات التي تلته مما هي مثله . فيكون على بشرية القرن العشرين ان تخرج عنه ، وتلتمس حل مشاكلها في فلسفات اخريات ، وهذا ما لا يقول به مسلم .. ومع ذلك فان المسلمين غير واعين بضرورة تطوير الشريعة .. وهم يظنون ان مشاكل القرن العشرين يمكن ان يستوعبها وينهض بحلها ، نفس التشريع الذي استوعب ، ونهض بحل مشاكل القرن السابع ، وذلك جهل مفضوح ..( محمود محمد طه : الرسالة الثانية من الاسلام ص 8)
ولما كان القرآن قد حوي كل شئ ، فان التطور الذي حدث لا يحتاج الى رسالة جديدة ، وان احتاج الى تشريع جديد !! ولقد حوى القرآن المكي الذي كان منسوخاً ، بسبب قصور المجتمع عن شأوه ، التشريع المناسب للبشرية في عصرنا الحاضر ، وانما بعث هذا التشريع لتفصل منه القوانين هو ما اسماه الاستاذ محمود محمد طه تطوير التشريع ، وزعم انه السبيل الوحيد لعودة الاسلام في حياة المسلمين .. هذه الفكرة التي فصلها الاستاذ محمود في حوالي الاربعين كتاباً، وكتب حولها تلاميذه ما يربو على المائة وخمسين كتاباً، وقاوم بسببها تطبيق قوانين سبتمبر التي زعمت كافة الجماعات الاسلامية بانها الشريعة، حتى بذل حياته ثمناً لذلك ، لم تحظ من د. عبد الله علي ابراهيم بأي اشارة على الرغم من ان بحثه المطول قد كان حول الخلاف المحتدم حول القوانين الشرعية في السودان ، ولم ينس ان يذكر فيه حتى معارضة أو موافقة الاتحاد النسائي !! (9) أول ما تجدر الاشارة اليه في أمر الشريعة ، هو انها لا تساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات لانها تقوم على العقيدة التي تفضل المسلم على غيره !! قال تعالى في ذلك " ان العزة لله ولرسوله وللمؤمنين " .. ولقد اتجه التطبيق العملي لهذا المفهوم الى قتال المشركين حتى يسلموا ، وقتال أهل الكتاب_ اليهود والنصارى_ حتى يسلموا أو يعطوا الجزية !! قال تعالى " فاذا انسلخ الاشهر الحرم فأقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا واقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم " .. ولقد حددت هذه الآية ، وهي من آخر ما نزل في شأن التعامل مع المشركين ، زمان قتالهم بانقضاء الاشهر الحرم ، وحددت مكان قتالهم بانه حيث وجدوا ، وحددت سبب قتالهم بانه كفرهم وعدم اقامتهم شعائر الاسلام ، وحددت وقف القتال معهم ، بدخولهم في الاسلام واقامتهم الشعائر !! واعتماداً على هذه الآية جاء حديث النبي صلى الله عليه وسلم " أمرت ان أقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فان فعلوا عصموا مني دماءهم واموالهم وأمرهم الى الله "..
أما أهل الكتاب فقد قال تعالى عنهم " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " !! ونزولاً عند هذا التوجيه ارسل النبي صلى الله عليه وسلم رسائله المشهودة لملوك الفرس والروم " أسلموا تسلموا يكن لكم ما لنا وعليكم ما علينا، فان ابيتم فادوا الجزية والا فاستعدوا للقتال" !! هذه هي خيارات الشريعة لليهود والنصارى : اما الاسلام ، أو الجزية ، أو القتال ..أما بالنسبة للمشركين فهما خياران لا ثالث لهما : الاسلام أو القتال !!
والجزية ليست ضريبة دفاع ، يدفعها أهل الذمّة ، من يهود ونصارى ، للمسلمين الذين غزوا بلادهم وبسطوا سلطانهم عليها، لأنهم يقومون بحمايتهم فحسب ، لكنها الى جانب ذلك اقرار بالخضوع ، واظهار للطاعة ، واشعار بالمهانة والذل ، هدفه ان يسوق الذمي الى الاسلام .. جاء في تفسير قوله تعالى " عن يد وهم صاغرون " " أي عن قهر وغلبة .. وصاغرون أي ذليلون حقيرون مهانون ولذلك لا يجوز اعزاز أهل الذمّة ولا رفعهم على المسلمين بل هم أذلاء صغرة أشقياء كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام واذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه الى أضيقه"( تفسير ابن كثير: الجزء الثاني ص 132)
ومعلوم ان غير المسلم لا يصح له ان يكون رئيساً للدولة المسلمة ، ولا ان يتولى قيادة الجيش لأن الجيش جيش جهاد !! وليس له الحق في تولي القضاء الذي يقوم على قوانين الشريعة الاسلامية !! ومن الناحية الاجتماعية لا يجوز له ان يتزوج المرأة المسلمة ، ولما كان دفعة للجزية الغرض منه اشعاره بالصغار ، فانه لنفس الغرض لا يتولى المناصب الرفيعة ولا يؤتمن على اسرار المسلمين .. فقد روي ان ابو موسى الاشعري اتخذ كاتباً نصرانياً ، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه : الا اتخذت حنيفياً ؟ قال: يا امير المؤمنين لي كتابته وله دينه !! قال عمر : لا اعزهم اذ اذلهم الله ولا ادنيهم اذ ابعدهم الله !! ثم قرأ قوله تعالى " يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فانه منهم ان الله لا يهدي القوم الظالمين " !!( المصدر السابق) فهل يمكن لمثقف أمين ان يقول بان غير المسلم لا يتضرر بتطبيق قوانين الشريعة الاسلامية ؟!
(10) ومما يترتب على الجهاد اتخاذ الاسرى رقيقاً ، ومع ان الاسلام وجد الرق سائداً في الجاهلية ، الا انه لم يلغه ، كما ألغى الزنا ، والربا ، والميسر ، وغيرها ، وذلك لانه فرض الجهاد ، فاضطر الى مجاراة عرف الحرب والاسر .. ولقد اقرت الشريعة الرق كنظام اجتماعي ، وتعايش المسلمون االأوائل مع عبيدهم يبيعونهم ، ويشترونهم ، ويعتقونهم احياناً اذا لزمت احدهم الكفارة .. ورغم ان الشريعة دعت الى حسن معاملة العبيد ، من الناحية الاخلاقية ، الا ان الوضع القانوني للعبد ، يجعله أقل في القيمة الانسانية من الحر ، فمع انه انسان الا ان اعتبر مثل المتاع الذي يملكه سيده .. وقد اسرف الفقهاء في بيان ذلك بمستوى ينفر منه الذوق السليم .. فالسيد اذا قتل العبد لا يقتل ، واذا اصابه دون القتل يقدر المصاب بالقيمة الماليه للعبد !! فقد ورد ان العبد " ان كسرت يده أو رجله ثم صح كسره فليس على من اصابه شئ فان اصاب كسره ذلك نقص أو عثل ( جبر على غير استواء) كان على من اصابه قدر ما نقص من ثمنه " !! ( راجع : موطأ الامام مالك : باب الرق)
وحين يتخذ الاسرى من الرجال عبيداً ، يتخذ الاسيرات من النساء اماء ، ويعتبرن مما ملكت يمين اسيادهن .. وقد اجازت الشريعة للمسلمين ان يعاشروا ما ملكت ايمانهم بغير زواج ، فاصبح للمسلم الحق في معاشرة عدد غير محدود من النساء .. قال تعالى " والذين هم لفروجهم حافظون * الا على ازواجهم أو ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين " .. ويجوز للمسلم ان يبيع جاريته لغيره ، وان يشتري غيرها من الجواري ، يعاشرهن ثم يبيعهن مرة أخرى !! وهكذا نشأ سوق للجواري بجانب سوق العبيد ، واصبح نظام الاماء مثل نظام العبيد ، نظاماً اجتماعياُ راسخاً مرتبطاً أيضاً بالجهاد !!
وقد يقول قائل ان نظام الرق والاماء قد كان سائداً في الماضي لكنه لا يعنينا الآن !! وفي الحق ان الدعوة لجعل الشريعة مصدراً للقوانين انما تسوق كنتيجة طبيعية الى اقامة الدولة الاسلامية .. ومتى ما قامت الدولة الاسلامية ، ولو بمجرد الادعاء ، فان حربها مع خصومها أو مع الاقليات غير المسلمة تعتبر جهاداً ، مما يعيد كل هذه الصور من جديد !!
(11) عندما تعالت صيحات منظمات حقوق الانسان عن اعادة الرق في السودان في منتصف التسعينات ، قامت بعثة من المنظمة السودانية لحقوق الانسان بالسفر لجنوب السودان وكتبت في تقريرها الذي كان له اثراً بالغاً :
خلال الفترة ما بين 17 و22 مايو عام 1999 قامت المنظمة السودانية لحقوق الانسان فرع القاهرة ، ممثلة في نائب رئيسها والامين العام بزيارة الى أقليم بحر الغزال في جنوب السودان ، بغرض الوقوف على أوضاع حقوق الانسان في المنطقة وللتحري في اتهامات بممارسة الرق. وقد اجرت المنطمة خلال الزيارة – التي شارك فيها ممثلون لمنظمة التضامن المسيحي ومجموعة تمثل التلفزيون والصحافة الكندية _ تحقيقات ميدانية ومقابلات مباشرة مع كافة الاطراف ذات الصلة بقضية الرق من مواطنين تمت اعادتهم من الاسترقاق ، وتجار شاركوا في عمليات استعادة الرقيق ، وسلاطين وزعماء ، ومسؤولين عن الادارة الأهلية ، واهالي وذوي العائدين من الاسترقاق الى جانب مواطنون عرب يعيشون في المنطقة وتجار قادمين من الشمال. وابدت المنظمة اهتماماً خاصاً بافادات الاطفال وعملت على توثيق لقاءاتها المباشرة بالمعنيين عبر عدة وسائل للتوثيق وخلصت الى ما يلي :
• ظاهرة الرق ليست مستحدثة بل قديمة وهي قد ارتبطت بداية بالصراعات القبلية في المنطقة غير انها اتسعت بشكل يدعو للقلق في ظل النظام الحالي الذي تقوم سلطاته بالتشجيع على ممارسة الرق وتنظيمها والاشراف عليها . وتقوم السلطات بتجنيد أعداد من ابناء المسيرية والرزيقات ضمن قوات الدفاع الشعبي وتوفر للمجند منهم حصاناً وبندقية كلاشنكوف ومبلغ 50 الف جنيه للقيام بغارات على القرى التي تشتبه السلطات في انها تدعم الحركة الشعبية لتحرير السودان ، ويحتفظ المغيرون من هؤلاء المجندين بما يحصلون عليه من رقيق وأبقار وممتلكات باعتبارها مغانم الحرب الجهادية .
• يشارك في الغارات على القرى والبلدات المراحيل – وهو الاسم الذي يطلقه الأهالي المحليون على مجموعات المجندين – وافراد الدفاع الشعبي أو القوات المسلحة. وسواء تمت الغارات بمشاركة الاطراف الثلاثة أو عن طريق مجموعة واحدة منها يتم نقل حصيلة الغارات من رقيق وابقاروخلافه الى مناطق تقع تحت سمع وبصر السلطات السودانية.
• يتم تجميع الرقيق والغنائم الاخرى في حظائر معدة لهذا الغرض تقوم بحراستها قوات نظامية ( قوات مسلحة و قوات دفاع شعبي ) وتقع هذه الحظائر على مسافة تتراوح بين 5 الى 7 ساعات سيراً على الأقدام من المناطق التي استهدفتها الغارات . • في مرحلة لاحقة ينقل الرقيق الى مدن المجلد والميرم عبر رحلات تستغرق من 6 الى 9 أيام ويتم أثناء هذه الرحلات إعدام أعداد كبيرة من الرجال بضربهم ، وهم مقيدي الايدي والأرجل ، بهراوات على الرأس ، كما يتم الاحتفاظ باعداد من الشباب كمجندين ، وتتعرض النساء الى عمليات أغتصاب متكرر بواسطة الحراس والعاملين على نقلهم ، ويتم أثناء الرحلة ربط كل 9 أو 10 من الرقيق بواسطة حبل طويل الى بعضهم البعض .
• يتم بيع الرقيق الى اسياد جدد حيث تستخدم النساء في أعمال الزراعة والرعي وجلب الماء وطحن الذرة ( بلا مقابل ) بالاضافة لتقديم خدمات جنسية نزولاُ على رغبات اسيادهن ، ولا تتبدل معاملة الرقيق بعد انجابهن من سادتهن كما لا يعامل اطفالهن بذات المعاملة التي يحظى بها الاطفال الطبيعيون للسادة ويطلق على الرقيق اسماء جديدة تكون في الغالب اسماء عربية. (راجع دورية المنظمة السودانية لحقوق الانسان . فبراير 2000) ولعل من أهم ما جاء في هذا التقرير، الافادات العديدة المسجلة ، لأشخاص عانوا من تجربة الاسترقاق المريرة . ورغم قسوة هذه الافادات ومرارتها حتى لمن يقرأها الا انني ارى ان نورد واحدة منها كنموذج بالغ الدلالة على ما وصل اليه الحال تحت الحكومة التي تدعي تطبيق الشريعة . جاء في الافادة :
من " كوروك" غرب "أويل" تم اختطافها قبل 14 شهراً ومعها حوالي 300 شخص من الدينكا تم اختطافهم بواسطة اعداد كبيرة من المهاجمين الذين كانوا خليطاً من الجنود النظاميين وقوات الدفاع الشعبي والمدنيين : ثم اخذنا الى " ابو مطارق " وفي الطريق تم إغتصابي بواسطة عدة اشخاص ، وقد تعرضت للضرب الشديد –زوجي "بول يول داو" قتل قبل عامين من اختطافي – تم اخذي من " ابو مطارق" بواسطة شخص اسمه علي وكان يعاملني بقسوة شديدة ، يضربني ويقذف بالأكل على الأرض ويطلب مني أكله وكان علي مرتبط بالزراعة في مكان بعيد من المنزل ، وكان يناديني " بنت الجانقي" وكان يطلب مني الصلاة وحين اذكر له اني لا اعرف كان يضربني ب "القنا" .... اصرّ سيدها على ان يقوم بطهارتها حتى يتزوجها ، وقد تم ذلك بعد ان تم تثبيتها على " العنقريب" بحضور زوجة سيدها وعدد آخر من النساء ، وقد تمت الطهارة دون بنج ، وكان الجرح ينزف لمدة أربعة أيام دون توقف ، وبالرغم من الألم والإرهاق بسبب النزيف ، فقد اجبرت على العمل في اليوم التالي مباشرة ، وقد ضاجعها سيدها بعد ثلاثة أشهر من "الطهارة".(المصدر السابق)
د. عمر القراي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: الكيك)
|
وقال المرحوم الخاتم عدلان يرحمه الله ويحسن اليه
• سألت في موقع سابق من هذا المقال عما يجبر عبد الله على مثل هذا المآل، وعما يدفعه إلى تحمل هذا الحرج الكبير. ولو وضع عبد الله في موضع يجبره على الإجابة على مثل هذا السؤال، لتعلق أيضا بمقولة ثقافية ما ، غالبا ما تكون خالية من المعنى. وكما أوضحت أن دوافع عبد الله سياسية بحتة، مكسوة بجلال كاذب ومغشوش، فإني أقول أن بداية التحول الفكري لعبد الله، كانت سياسية أيضا، أو قل أنها كانت سياسية نفسية. وهي تتعلق تحديدا بموقفه من الإنقلاب العسكري الذي حدث صبيحة الثلاثين من يونيو 1989. موقف عبد الله كديمقراطي، وموقفه كعلماني، وموقفه كتقدمي، كان يملي عليه، كما أملى علينا جميعا، أن يرفض ذلك الإنقلاب، حتى ولو لم يكن قادرا على مقاومته. هذا الموقف لم يستطعه عبد الله، ليس لأنه كان طامعا في منصب أو مال أو جاه، ولكن لأنه لم يجد في ذاته قوى وطاقة كافية تسنده ليقف ذلك الموقف. ولذلك عندما دعته السلطة الإنقاذية المغتصبة، إلى المساهمة في إعطائها شرعية أمام الشعب، وخاصة من مثقف تقدمي مثله، له كل هذه الشنة والرنة، فإن عبد الله لم يستطع سوى أن يلبي النداء، وشارك في "مؤتمر الحوار الوطني" وشاهده الناس جميعا، وعلى وجهه ذلك الحرج الأسطوري، وهو يقبل الإنقاذ كبديل للديمقراطية، ويقبل النكوص كبديل للتقدم والتنوير والإنفتاح. وقدفعل عبد الله ذلك والدماء التي أسالتها الإنقاذ ما تزال حارة فوارة، كما أنه في طريقه إلى " المؤتمر" قد مر بالجثة الكبيرة لكيونونة كانت تسمى الديمقراطية الثالثة. تلك خطيئة لم يفق منها عبد الله بعد ذلك، مع أن الطرق كانت أمامه مفتوحة لإنقاذ النفس من "الإنقاذ". عندما خرج عبد الله من السودان، كان يمكن أن يوضح أن موقفه نتج عن غريزة حب البقاء، وهي غريزة مركبة في الناس جميعا، ولكنهم يتعاملون معها بطرق مختلفة، تتراوح بين البطولة والتقية والمخاتلة وتصل إلى قبول الموت المعنوي إنقاذا للجسد. وكان يمكنه أن يعتذر إعتذارا خفيفا، ويواصل الدعوة إلى ما كان يدعو إليه قبل الإنقاذ. ولكن عبد الله لا يجيد الإعتذار، بل لا يقبله حتى وإن كان مستحقا، كما قال في محاضرته هذه، ولذلك اختار أن يحول الموقف الناتج عن ارتخاء الركب، إلى موقف فكري شامل ومحيط. وذاك لعمري اختيار بئيس
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: محمد حيدر المشرف)
|
اشكر كل الزملاء هنا وبالفيس والذين ارسلوا رسائل بان يظل هذا البوست لاطول مدة زمنية لاتاحة الفرصة لكل من يريد ان يدلى برايه فى امر عبد الله على ابراهيم وموقفه الجديد المساند لجماعة الاخوان المسلمين الذين فشلوا فى السلطة وتمزق تنظيمهم الى اكثر خمسة تنظيمات كل منها لا يزال يرفع راية الشريعة من اجل الوصول للسلطة واحتكار كل شىء بما فيها الراى ..
نتواصا
انقر على المثلث نقرة منك ونقرة منى ومن ثم تواصل مع البوست
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: عبدالله الشقليني)
|
الأستاذ الكيك وضيوفك الكرام .. تحياتي، رحم الله الأستاذ الراحل الخاتم عدلان إذ يكتب في ذلك المقال المستبصر الذي تفضلت بإيراده:
Quote: في نفس الوقت الذي نشرت فيه محاضرة عبد الله، كنت أعيد قراءة سيرة سقراط، كما جاءت في محاورات أفلاطون، وخاصة كتاب "الاعتذار": أبولوجيا. صعقتني المفارقة بين هذا وذاك. فهذا الرجل الذي عاش قبل ألفين وخمسمائة عام لديه ما يقوله لنا حتى اليوم. فعندما قالت عرافة دلفي، وهي إلهة في ذلك الزمان، وناطقة باسم الآلهة وخاصة زيوس، أنه ليس بين البشر من هو أكثر حكمة من سقراط، حار سقراط حيرة شديدة في هذا الأمر. فهو يعلم أنه لا ينطوي على قدر يؤبه له من الحكمة أو المعرفة، ولكنه يعلم في نفس الوقت أن الآلهة لا تكذب، ولم تغب عن فطنته بالطبع أن شهادة الآلهة لم تكن فقط في صالحه، بل تتوجه حكيما على كل البشر. لم يقبل سقراط، لما ركب فيه من هذا العناد البشري المتطاول، حكم الآلهة، لا من حيث قداسته وتنزهه عن الكذب، ولا من حيث أنه جاء في صالحه وحده دوه سواه. فصار يزور أولئك الذين اتصفوا بالحكمة، من حكام ومفكرين وشعراء وأدباء، فاكتشف لدهشته أنه أكثر حكمة من هؤلاء جميعا، لأنه كان يسألهم عما اشتهروا بإتقانه والتخصص فيه، ويظهر لهم من خلال إجاباتهم وبتلك الماكينة العقلية الهائلة التي كان يملكها، أنهم لا يعرفون، معرفة حقة، ما يدعون أنهم يعرفون. وتوصل إلى أنه أكثر حكمة منهم، لسبب بسيط جدا، وهو أنه يعرف أن معرفته متواضعة، وأن الكون لم يكشف له إلا شيئا قليلا من أسراره، وأن عليه أن يمضي دون هوادة في الاستزادة من المعرفة، بينما تربع هؤلاء على حصاة من المعرفة ظنوها جبالا شوامخ. وقال سقراط وهو يشرح ما توصل إليه من علاقة بين المتعالمين الذين يدعون معرفة ما لا يعرفون، والناس العاديين المتواضعين رغم معارفهم وحكمتهم: "أثناء بحثي في خدمة الإله، وجدت أن أولئك الأكثر شهرة والأكثر ذيوعا في الصيت، هم في الغالب الأكثر نقصا، بينما أولئك الذين يعتبرون أقل شأنا هم الأكثر معرفة. |
Quote: وأخيراً، دخل عبد الله في قلوب وخرج من قلوب، وهو بينما يستطيب الدخول فإنه يكره الخروج، ويحاول جهده الجمع بين هذا وذاك، ولا يعتقد ذلك ممكنا إلا لأنه لا يضع للمنطق في تفكيره ورغباته، وزناً كبيراً. وهو يعتقد أنه بإلقاء بعض الملاحظات العابرة، لصالح جمهوره القديم، يمكنه أن يكسب هؤلاء وأولئك في نفس الوقت. |
(عدل بواسطة نصر الدين عثمان on 11-06-2013, 12:22 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: الكيك)
|
Quote: المسألة الشائكة في الموضوع .. موضوع ع ع ا هذا .. هو حالة التسليم التام ( او الاستسلام ) لواقع قبيح جدا يفترض الانقاذ ببشيرها وخاله و آله والذين أفسدوا .. يفترضهم تعبيرا حقيقيا عن حالة ثقافية يجب أن تسود
|
الاخوة نصار ووداسماعيل وود المشرف سلام واحترام المواقف تستمد من طين الارض وعشبها لا من الانتماء الوشائجي او المصلحي او الايدلوجي ، والتائهون بين غابة الحقوق وصحراء الموقف يبحثون عن المؤامة والتلفيق بالغوص في الماضي الساكن المنبت عن حركة التاريخ ، اذ لايمكن ان تعتب علي القوي التقليدية (مجرد عتاب ) لاسباب قد تكون ذاتية (وانت طليعي ماركسي ) وتستسهل شحذ السيوف للمعارضة ، بل وتكون بوق للمتاسلمين بدعوي ان الاخوان قد انجزوا واجبهم المنزلي homeworks (راجع كتابات ع.ع.ا) وعلي القوي الوطنية والقومية سداد قسطها المستحق للوطن !!!!!!! هل من مهام الاحزاب والتنظيمات واهدافها المتاجرة بالمقدس والسمسرة بالجهل ؟ هل حين كان ع.ع.ا سكرتير للشهيد عبد الخالق كانت (الواجبات المنزلية ) منجزة ولم تكن القوي التقليدية الا محض رجعية وذيل للاستعمار والامبريالية !!!؟ هل من مهام المثقف الطليعي حقن الجماهير بمورفين التضليل لان الحقائق تعذبها ، وتميل وتستجدي الاكاذيب والمجاملة والنفاق (قضاة الشرع ) ؟ الناشط قد تدفعه الحماسة للشطط ، فما الذي يدفع بروفسوير بلغ من العمر عتيا امضي 44 عام في العمل العام و 6 اعوام سكرتير لرئيس حزب طليعي ( استنادا علي تقويم مايو 1969) !!!!!! شارك المتاسلمون مؤاتمراتهم في 30/6/89 وبعد الانتقال للعالم الجديد (امريكا ) كان مردوده واسهامه الفكري في منابر الانقاذ الاعلامية تمجيد التراث القبلي ، واعتبار موقف جد اخونا كمال الزين ( كسار قلم ماكمييل ) حالة فخار قومي !!!! حينها كانت بيوت الاشباح وانذاك قطعت ارزاق وهدمت بيوت بدعاوي الصالح العام وساعتئذا كان الصادق اسماعيل في اركان النقاش الجامعي يقول بما يؤمن دون ان يسكن الغرب الاوسط الامريكي او يشمله The first amendment اما مقاله الاخير من هبة سبتمبر فلا يحسب موقف من بروفسير (وسكرتيررئيس حزب سابقأ طليعي وثوري ) سنه وتجربته في العمل العام ثلاث اضعاف عمر الانقاذ واعمارنا ...... لان مقاله (لاموقفه ) لم يكن بشارة وعد بل ملحق لموقف الروبيضة (علي حد وصف ع.ع.ا) الطيب مصطفي وود ابراهيم وغازي والطيب زين العابدين وعمود علي الهواء (حسين خوجلي في قناة امدرمان ) هذه مدارة وشغل الحق السوق ومايطلبه المستمعون (القراء) لان الموقف اتساق لا مزاج
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: الكيك)
|
وقال المرحوم الخاتم عدلان بشان تاييد عبد الخالق لدعاة الدستور الاسلامى فى خاتمة مقاله بعنوان بين عبد الخالق محجوب وعبد الله على ابراهيم فى القتل المعنوى ما يلى
المهم أن عبد الخالق محجوب لو كان يدعو إلى الدستور الإسلامي، فإن معانيه كلها تكون قد جفت تقريبا، بقيام الدولة الإنقاذية الأصولية التي ألتحق عبد الله بخدمتها الفكرية، من مواقع الإلتواء والخفاء الشديد والنكران. وإذا كان ذلك مبتغى عبد الخالق، فإن إعدامه المعنوي يكون قد إكتمل. فكيف يمكن أن يكون عبد الخالق داعية للإشتراكية والعدالة والعلمانية والشيوعية، إذا كانت أحلامه تنتهي عند عتبة الدولة الدينية؟ ولست مندهشا لمحاولات عبد الله إعدام عبد الخالق معنويا، لأن ذلك يمثل بالنسبة إليه حاجة نفسية قاهرة. فهو لم يكن ليقدم على مثل تلك المحاولة لولا أنه اختار الإعدام المعنوي لذاته أولا، في مواجهته لأخطار لم يكن من ضمنها الموت. وذلك على النقيض تماما من عبد الخالق محجوب الذي اختار الفناء الجسدي، والبقاء المعنوي، وهو عارف تماما بتبعات خياره. ولا يكتفي عبد الله بمقالات مجهولة كتبت عام 1957، بل يورد وثيقة قضايا ما بعد المؤتمر كشاهد على أطروحته. وهذا ما سنعالجه في حلقة مقبلة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: الكيك)
|
وقال الاستاذ الخاتم عدلان يرحمه الله
في كتابه عن الترابي كزعيم للتجديد الإسلامي في السودان، وعن إمكانية حكم البلاد بواسطة فئة القضاة الشرعيين، يورد عبد الله علي إبراهيم الإهداء التالي: " إلى أستاذنا المرحوم عبد الخالق محجوب كنا قد إئتمرنا أو " تآمرنا" على شيئ من هذا الكتاب في فترة من الزمان عند منتصف ستينات القرن الماضي. واستعجلت أنت تخطو وئيدا شجاعا في السكة الخطرة. أو أبطأت أنا. وهذا بعض كسبي من " المحضر السابق" صدقة جارية لروحك السمح العذب، يا أيها الرجل الوسيم." ألاحظ عرضا هنا إستخدام عبد الله على إبراهيم، في إهداء يوجهه إلى عبد الخالق محجوب، لمصطلحين أساسيين في فكر حسن عبد الله الترابي، هما مصطلح الإئتمار، الذي يفضله الترابي لمعناه المزدوج، الظاهر المتعلق بعقد المؤتمرات، والخفي الذي يعني التآمر، فالترابي يعشق مثل هذه المصطلحات ويهيم بها هياما لا فطام منه. ومصطلح "الكسب"، الذي يصور العمل السياسي والفكري، ليس كعطاء يجود به المرء طوعا على الآخرين، بل ككسب يأخذه الفرد عنوة من الجماعة، ويأخذه الحزب غصبا من المجتمع. وأتجاوز عن ظاهرة ذلك المستعجل الذي " يخطو وئيدا"، في مزاوجة مستحيلة بين نوعين من المشي، وأنفذ إلى جوهر فكرة عبد الله، وهي إشراك عبد الخالق في تأليف كتاب لم يكن ليتردد في إستنكار كل مقولة أساسية وردت فيه، ودحضها بحزم فكري عرفه عنه عبد الله قبل سواه. والدليل الذي يسوقه عبد الله على إشتراك عبد الخالق معه في فكرة هذا الكتاب، هو تآمر سري، بينه وبين عبد الخالق.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: الكيك)
|
وقال الدكتور حيدر ابراهيم على الكاتب المعروف منتقدا اسلوب الدكتور عبد الله على ابراهيم رئيس اتحاد الكتاب فى طريقته فى ادارة الاتحاد ما يلى
في النهاية أنا حزين أكثر مني غاضب،أن تدار أعلي مؤسسة ثقافية بعقلية القطيع ،وحقيقة هناك اشخاص أحترمهم كنت أريد أن أعرف هل صوتوا علي هذا البيان بالموافقة وبنفس هذه اللغة والنفس والروح؟ أما مظاهر التخلف المخلوط بحداثة مغشوشة،فهي:-
1: أين التداول وروح الشباب ولماذا الكنكشة في ان يرأس الاتحاد عام2012 شخص كان علي رأس(أباداماك)عام1965؟لماذا نلوم الصادق المهدي الذي صار رئيسا في ذلك الحين؟
2: أين هو وجود الاتحاد في النشاطات الاقليمية والدولية؟وهل تكفي ندوات"أغاني البنات"التي أوردها خطاب الدورة في الانجازات،دليلا علي حيوية الاتحاد؟
3:عنوان الندوة السنوية هذا العام ،وهو:"نسبنا الحضاري"منتهي الانصرافية وسوف تكرر سؤال:هل نحن عرب أم أفارقة بعد فصل الجنوب؟هذه القضية الوهم والماسخة.لماذا لا نتحدث عن المستقبل ونطرح أسئلة ثقافة المستقبل من تعليم، وعقلانية، ودولة حديثة، وتكنولوجيا، وعولمة، وتجديد ديني؟سوف يأتي المشاركون بأوراق تمت تلاوتها عشرات المرات في ندوات سابقة،وهي نفسها مع تغيير التاريخ فقط.أنه الكسل الفكري والتصحر الثقافي الذي جعل المثقف السوداني يهتم بجحود زميل اكثر من اهتمامه بفكرة جديدة أو كتاب جديد.
إن السودان يتقدم بخطوات سريعة من حالة الدولة الفاشلة إلي حالة الدولة المنهارة ،ويقترب من الدورة الخلدونية في التفسخ والانحلال.و لا يمكن تجنب السقوط إلا إذا أبعدنا هؤلاء الطواويس والنرجسيين من قيادة حركة الفكر والثقافة،
لأن السمكة تفسد من رأسها ورأسنا قد فسد تماما.أفيقوا من هذه الاحقاد والضغائن وأحلام العصافير،أنكروا ذواتكم مرة واحدة في هذا الزمن الحرج من مصير الوطن.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: بهاء بكري)
|
سلام الكيك انظر كيف يزور عبدالله علي ابراهيم القبور ليستنطق الموتي لدعم موقفة الداعم لسلطة الانقاذ
Quote: موقف مفعم بالحياة .. صاحبه رحل وموقف في غرفة الإنعاش .. صاحبه على قيد الحياة محمد سليمان – الدوحة
في المحصلة النهائية قد لا تستحق المعارضة الشمالية لنظام الإنقاذ لتأبينها خيراً من شماتة عبد الله علي ابراهيم (غيرت بلداً ببلد وتكتيكاً بتكتيك ولؤماً بخبث ثم عادت بخفي الحنين ملومة حسيرة تلحس أصابع الإنقاذ والحركة الشعبية). بل ولعلها الآن في عزلتها الخانقة تنازع سكرات موتها أحوج ما تكون إلى دروس من عالم في فنون الدبارة والتكتيك (ليروا أن السياسة دبارة وهي علم قوامه سداد التكتيك) عل ذلك يعينها على عذاب القبر, بعد أن فاتتها الاستفادة من حكمته في الدبارة وهي على قيد الحياة. بيد أن المفارقة العميقة تكمن في أن ما قاد المعارضة الشمالية إلى مآلها هذا الذي جعلها موضعا لسخرية وتندر وشماتة عبد الله علي ابراهيم ليس هو عجزها المخزي في النهاية وإنما نجاحها المبشر في البداية, وليست هي خيبتها في المقاومة وإنما تصديها للمقاومة, وليس هو فشلها الذريع في القيام بواجبها كمعارضة لنظام شمولي قمعي فاسد وإنما هو محاولتها, حتى وإن لم تكن جادة في ذلك, طرح بدائل ووسائل للتعامل مع النظام غير تلك التي اتبعها عبدالله ثم شكّرها (كدلاكتها) وأوصى المعارضة وصية بخيل, بعد أن انكسرت الجرة, باتباعها, في مقدمة أوراقه الإنقاذية وحلقته الأخيرة منها مقارنا فيها موقفه بموقف البروفيسور المرحوم محمد عمر بشير من مؤتمر الحوار الوطني الذي دعى له الإنقاذيون في باكورة أيامهم.
فيما سرده عبدالله نجد أنفسنا إزاء موقفين, موقف عبدالله الذي قبل الدعوة وشارك في ذلك المؤتمر وموقف البروفيسور بشير الذي رفض الدعوة وقاطع المؤتمر. ورغم زعمه بغير ذلك, يعود عبدالله بعد ستة عشر عاما إلى موقفه محاولاً ترقيع ثقوبه الواسعة ورفي أطرافه المهترئة باستلاف خيوط وقطع من قماشة موقف محمد عمر بشير بعد تمزيقها وخياطتها من جديد لتناسب مقاسات عبدالله . ولكن رغم محاولته إلباس موقفه ثوب البروفيسور بشير إلا أن البون بين الموقفين يظل شاسعاً، ويظل موقف عبدالله ميتاً إكلينيكياً في غرفة الإنعاش يتعلق بالحياة بواسطة المضخات والأجهزة تضخ فيه كل يوم تفسيراً جديداً، ويظل موقف البروفيسور، بعد عقد أويزيد من غيابه، ناصعاً، باهراً، نابضاً بالحياة يتحدث بلسان مبين عن نفسه دونما حاجة لتفسير.
أستولى الإنقاذيون على السلطة وعبدالله مشغول بالتحضير للسفر لطوكيو, كما قال, وهي مشغولية كما يعلم كل متابع للصحف اليومية آنذاك, لم تمنعه من الانشغال بالشأن العام تسفيهاً وتشويهاً وتزويراً لمواقف اليسار عموما ومن أسماهم باليسار الجزافي خصوصا ممن تنبهوا لمخاطر ما كان يخطط له الإسلاميون وطفقوا يفضحونه داعين الخلق لإعداد العدة لمواجهته. شغلة عبدالله بسفره لم تتح له كما ذكر (فرصة مناسبة لتأمل هذا التغيير السياسي سوى الإطلاع على تراجم قادة الإنقلاب), وهو أمر غريب تماما أن يضيع منافح عن الديمقراطية وحقوق الإنسان كعبدالله السويعات القليلة الثمينة المتبقية لديه قبل السفر منقباً في السير الذاتيه ذاهلاً عن كنه التغيير السياسي موضوع التأمل ذاته وعن حقيقته الساطعة كانقلاب على الشرعية والديمقراطية وأداة مسمومة لانتهاك الحريات وحقوق الإنسان . فلا غرابة إذن إذا كانت (الحقيقة البشعة) التي استخلصها عبدالله علي ابراهيم من اطلاعه ذلك على تراجم قادة الإنقلاب هي طعنه هو في السن, فأكبرهم بمثابة أخ أصغر وأصغرهم بمثابة إبن له . إنها حقيقة بشعة حقا, لايفوقها بشاعة إلا قرار عبدالله بالمشاركة في المؤتمر إذا كان قد بناه عليها . إذا كان بعض الناس قد عاب على الصادق المهدي قوله أنه أختبأ في مطلع أيام الإنقاذ ليعرف إن كان الإنقلاب وطنياً فيفاوض أصحابه أو أجنبياً فيقاومهم, باعتبار أن الإنقلاب على الديمقراطية لا جنسية له, فلا شك أن حديث عبدالله علي ابراهيم الآن عن بشاعة ما وشت به أعمار الإنقلابيين سيجعلهم يعيدون النظر في تقييمهم للصادق .
خرج عبدالله من البلاد عن طريق مطار الحرطوم على عينك يا تاجر والإنقاذ في أيامها الأولى, وعاد إليها بعد شهرين عن طريق ذات المنفذ في وضح النهار لا متستراً ولا متخفياً, وتلك أيام دهم ومطاردة وملاحقة في عصر رعب لم تشهد البلاد له مثيلاً في تاريخها الحديث, ثم ذهب إلى منزله (ولان العاقل من تدبر حشوت حقيبة صغيرة لي بحاجة المعتقل من ملبس ونحوه في انتظار طارق ليل النظام الجديد). لماذا هذا التشكيك في كفاءة أجهزة أمن الجبهة في المطار وهي تراقب عبدالله يخرج ويدخل عبرها كما شاء؟ ولماذا هذا الإيمان الصحابي بألا مفر من طول يد أجهزة أمنها الأخرى إلا (الفرار الى دار القرار)؟
دعي عبدالله علي ابراهيم (ضمن جمهرة كبيرة من الناس) عن طريق أجهزة الإعلام للاشتراك في مؤتمر الحوار الوطني من اجل السلام, فوطن نفسه على المساهمة فيه رغم أن نفسه اقشعرّت (لا من الدعوة للمهمة بل من اسلوب الدعوة من خلال المذياع) مما استدعاه لاحقاً لتسجيل احتجاجه علي أسلوب الدعوة كتابة للعقيد خليفة, وتلك بصيرة إن كانت لا تتفوق كثيرا على بصيرة من سرق منه الصندوق فظل فرحاً مطمئناً أنه لا زال محتفظاً بالمفتاح, إلا أنها دبارة جيدة ممن يرى أن قضاته هم الشعب ويتحسب ليوم الحساب بشهادة موثقة من العقيد خليفة، ما شأننا؟ ولكن إن كان غمار الناس الذين يدعي عبدالله أنه بقى وسطهم (لا البرجوازيين الصغار الثرثارين), يعرفون الجواب من عنوانه, ألم يك قمينا به أن يدرك أن أسلوب الدعوة المرفوض لم يكن إلا عنواناً فاضحاً بمضمونها الذي فتش عبدالله انحاء نفسه عن الموقف منه (فلم يجد مثقال ذرة من عزوف او تردد).
يزعم عبدالله أن المرحوم محمد عمر بشير, الذي لم يحتج على أسلوب الدعوة كتابة أو شفاهة, ذكر له أنه لا مانع عنده من المشاركة في المؤتمر (غير انهم يجب ان يكفوا عن اعتقال الناس وتشريدهم والتضييق على الحريات) وحينما سأله عبدالله إن كان سيجعل من ذلك الكف شرطاً للمشاركة أجاب المرحوم بالنفي, ولكن محمد عمر بشير مع ذلك قاطع المؤتمر, لا نتيجة قراءته الواعية للأحداث ولا بتقديره السليم لمعنى المشاركة بل ولا بخبرته الثرة في أساليب وبروتوكولات الدعوة للمؤتمرات, وإنما لأن (جماعة من مريديه الشباب قد راجعوه في قراره الاشتراك في المؤتمر وحملوا ذلك محمل اضفاء الشرعية على نظام مارق). هل كان من هو في قامة محمد عمر بشير في حاجة لمراجعة من مريديه؟ وهل, إن صحت رواية عبدالله, يعيب البروفيسور أنه رأى الصواب في رأي تلامذته فاحتذاه؟ ومحمد عمر بشير فوق هذا وذاك كله هو مؤسس المنظمة السودانية لحقوق الإنسان , عقب انتفاضة أبريل 1985 , ورئيسها الأول , وهي المنظمة التي حلها نظام الإنقاذ في أول بياناته التي حظر فيها جميع مؤسسات المجتمع المدني (ما عدا الجمعيات الدينية) , ألم يك ذلك كافياً له لمقاطعة المؤتمر.
ذكر عبدالله أن كلمته في المؤتمر كانت بمثابة نواة لنشأة طائفة من اعضاء المؤتمر جاهرت برأيها في تعديات النظام على حقوق الانسان , و ذكر لتلك الطائفة وقفتين مهمتين بشأن حقوق الانسان , إحداهما (حين قطعنا الشك، بواسطة شهادة صدق، ان محاضرا بطب جامعة الخرطوم قد جرى تعذيبه في معتقلات النظام) فتدخلت لدى العميد عثمان الذي تكرم فأطلق سراح الطبيب بعد زيارة له في السجن غداة ذلك اليوم! ألا رحم الله كل ضحايا التعذيب والإرهاب في معتقلات وبيوت أشباح النظام الذين لم يقيض الله لهم شهادة صدق لدى عبدالله علي ابراهيم كانت كفيلة بإنقاذهم. هكذا تضحي مجمل ممارسات النظام وتصريحات قادة الإنقاذ أنفسهم وكل تلك القوانين الذميمة وغياب أي ضمانات للتحقيق والتقاضي النزيه والعادل, بل وإعداد عبدالله حقيبة الإعتقال الصغيرة دونما جريرة ارتكبها سوى سفره لطوكيو, مجرد أكاذيب تطلقها تلك المعارضة اللئيمة, ويراد لنا أن نؤمن بأن ما أخرج الرقاب من تحت المقاصل لم تكن هي تلك الحملة الدولية الناجعة التي قادها الأستاذ فاروق أبو عيسى وإنما (شهادة صدق) لدى عبدالله علي ابراهيم !
من تلك الرؤية وذلك الأسلوب في الدفاع عن حقوق الإنسان يذهب عبدالله للتحسر على ما آل إليه حال الدفاع عن حقوق الإنسان ويسأل نفسه "كيف كان سيكون حال الشكل المؤسسي والروحي لحقوق الانسان في السودان اذا لم يغير المرحوم رأيه في المساهمة في مؤتمر الحوار الوطني). هكذا يصبح المرحوم الذي حلت منظمته الوليدة للدفاع عن حقوق الإنسان مسئولا بغيابه عن ذلك المؤتمر عما آل إليه الحال, لا النظام الذي الذي لم يكن التعدي على تلك الحقوق جزءا من ممارساته فقط إنما قاعدة جوهرية من قواعد فلسفته وركناً أساسياً من أركان آيديولوجيته. ولا يكتفي عبدالله بالتحسر فقط, بل و يغالط التاريخ قائلا (بدا لي دائماً انه قد اتيحت لنا في تلك الايام فرصة لتشكيل حركة غير حزبية جامعة لحقوق الانسان ولكنها ضاعت من بين ايدينا لجملة من الاسباب). فإذ يتذكر عبدالله عن المرحوم البروفيسور محمد عمر بشير كل شئ حتى مريديه وتلامذته ينسى أو يتناسى أن تلك الحركة التي تمناها كانت موجودة تماما وأن مؤسسها كان هو البروفيسور المرحوم محمد عمر بشير نفسه وأنها لم تضع لجملة أسباب وإنما لسبب واحد واضح بين وهو قرار حلها الذي لم يوضح لنا عبدالله لِم لم يتوسط هو وطائفته تلك لدى العمداء والعقداء الودودين الأتقياء لإلغائه! |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: بهاء بكري)
|
وهذه كتابة وسيمة اخري من الرجل الزين طه سليمان يفند فيها ادعاءات عبدالله علي ابراهيم ومواقفة الداعمة لسلطة الانقاذ ومحاولة تسويق مشروعها الفكري من مواقعة القديمة
Quote: لا فض الله فوك يا محمد سليمان فقد القمت هذا الدعى حجرا .
عندما اصدر الترابى قانونه الجنائى فى 1988 وكان تحت التداول فى قبة البرلمان وهو نفس القانون الذى فرض بعد الانقلاب بقوة السلطه , اصدر عبد الله على ابراهيم نشره صغيره وزعها امام مدخل دار اساتذة جامعة الخرطوم ايد القانون واعترض على ماده واحده هى الرده و ايد القانون برغم كل سوءاته التى كشفتها ندوة المحامين انذاك فى دار نقابة المحامين ولكن عبد الله على ابراهيم دافع عن القانون مما يكشف ادعاءاته بالدفاع عن حقوق الانسان وبكل بجاحه ووقاحه يقول انه كان ينوى تكوين منظمه لاحزبيه لحقوق الانسان , حسنا , اذا كان حقا هو مدافع عن حقوق الانسان اين مدافعاته عن الحقوق والحريات المنتهكه فى ظل الانقاذ بل على العكس ظل على الدوام يهجو المدافعين عن الحقوق والحريات الاساسيه ويفت من عضدهم بمقالاته المسمومه و ننسى مقالاته فى جريدة الفجر المهاجره مما دعا الاستاذه فاطمه احمد ابراهيم للتصدى له وكان دائم التنقيب فى الاوراق القديمه ليجد مكامن الذم والهدم ليختلقها و لينسج منها القصص وكان من الاحسن له ان يعتذر عن مشاركته فى المؤتمر الذى دعى له فى اول الانقاذ لانه ارتضى ان تستغفله الانقاذ وتذر العيون به لكى تدعى الحياديه والاستقلاليه وترتضى ان يكون ترس من تروس الانقاذ فى ماكينتها وآلتها التىداست بها الشعب وبهذا يكون هو شريك اصيل فى كل جرائم الانقاذ ان لم يكن مباشرة بل بالتواطوء والصمت وعبد الله على ابراهيم لا يحمل اى امانه اخلاقيه ان لم تكن شخصيه فأين امانة العلم الذى يدعيه فبدلا من ان يوجه سهامه للحكومه التى سامت الناس العسف والقهر يوجه سهامه للمعارضه الشماليه ويشمت فيها والشماته من شيم الضعفاء والجبناء . عبد الله على ابراهيم وامثاله يمثلون سلسله متصله فى التاريخ من الذين يزينون للطغاة افعالهم بل يبدعون لهم فى الوسائل وما قصة لرجل الذى زين لمعاويه خلافة ابنه ببعيده وامثال عبد الله على ابراهيم بكلماتهم وكتاباتهم يشرعون فى اثارة البلبال والتشويش على الخط المقاوم عن طريق ادعاء الحيره وصعوبة معرفة الصواب فى وضع معقد وهذا ما يحدث فى جميع العصور ونحن نشاهد المتخمين بالقلق والحيره والذهول والتمزق وهم يبررون الخنوع ويروجون الهزيمه والعبوديه اذ يبدأ دعاة الاستسلام هؤلاء ببلبلة الرأى العام تمهيدا للتشكيك فى شرعية وصواب المقاومه وصولا الى ضرب الجناح المقاوم والحقيقه ان الحيره وبذر البلبله ما هى الا حركات مسرحيه بلهاء تحاول تضبيب الصوره الواضحه والمضاربه على الحسبه السهله كالماء التى تقول ان الانقضاض على الديمقراطيه وتكميم الافواه والحجر على الحريات فلا بد من المقاومه هكذا ببساطة واحد مجموع واحد يعلن المنطق المقاوم عن نفسه . ولكن عبد الله على ابراهيم يختار الميدان الآخر لا ميدان المقاومه وهذا الموقف يفتح مره اخرى وبشده علاقة المثقف بالسلطه . يذكرنى موقف عبد الله على ابراهيم هذا بموقف العلامه ابن خلدون الذى كتب عن المبدع سعد الله ونوس سرحيته منمنات تاريخيه فابن خلون رغم عبقريت وقف مع الغزى والغاصب ضد جموع الشعب وضد الخط المقاوم وقد جاء انه قد حمل نسخه من القرآن وعلبه من الحلاوه هديه للغازى تيمور الذى بنى مئذنه من جماجم اهل حلب . فى مسرحية سعد الله ونوس منمنمات تاريخيه يسأل التلميذ استاذه ( اليس من مهمة العالم ياسيدى ان ينير للناس ضوءا ام ان يهديهم الى سبيل يخرج بهم من الانطاط ) يجيب ابن خلدون بالنفى ويضيف ( مهمة العالم ان يحلل الواقع كما هو وان يكشف كيفية الاحداث ثم اسبابها العميقه ) وهذا يذكرنى ايضا بمقولة ماركس اننا نحتاج لفكر يغير لا فكر يحلل وفى المسرحيه يستخلص سعد الله ونوس موقف العال العبقرى التاريخى ومن ثم قيمته فى التاريخ وهى التى يقولها مشخص دور ابن خلدون مجيبا على سؤال يلقيه مشخص دور شرف الدين : - شرف الدين : - ماذا سيقول عنك التاريخ ياسيدى ؟؟
ابن خلدون : - لن يذكر التاريخ الا العلم الذى ابدعته والكتاب الذى وضعته ما هذه الاحداث العابره فلن يذكرها الا موسوس مثلك ومثل كاتب هذه الروايه .
وهكذا امثال عبد الله على ابراهيم يظنون اننا لن نذكر مواقفهم عند ما حمى ا########س وتمايزت الصفوف وانفرزت الكيمان وتخندق الناس . |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: بهاء بكري)
|
هذا مقال عبدالله علي ابراهيم الذي افتري فيه علي الراحل المقبم بروف محمد عمر بشير
Quote: مقال الدكتور عبدالله علي ابراهيم
أوراق إنقاذية 7
د. عبد الله علي إبراهيم [email protected]
أنشر في مناسبة الذكرى السادسة عشر لانقلاب الإنقاذ بعض مذكراتي عن خلطتي بدولتها. ولم اقصد بذلك التماس العذر أو السماح. "توبة!" فقد قلت لجريدة ظلال في 1996 "قضاتي شعبي وليس كادرات المعارضة" الرسمية للإنقاذ. بل ربما كتبتها شفقة بهذه الكادرات من الشماليين خاصة التي غيرت بلداً ببلد وتكتيكاً بتكتيك ولؤماً بخبث ثم عادت بخفي الحنين ملومة حسيرة تلحس أصابع الإنقاذ والحركة الشعبية (الحليف الإستراتيجي في غابر العهد والأوان) من فتات طحنية السلطة. وقد كتب نادرة طحنية السلطة الرشيقة الأستاذ الوراق في يوم مضي. والشاهد أن السياسة بحر ولا يقفز في لججه من لا يجيد السباحة لمجرد أنه سمع صائحاً يقول "يا ابو مروه." وهذه الصفحات عن خلطتي بالإنقاذ ربما أعانتهم ليروا أن السياسة دبارة وهي علم قوامه سداد التكتيك لا علم "ضرب السوط ما كدي خلي الجعلي اليجي." فقد سمعنا المعارضة تلهج بحرب الجيوش ثم الانتفاضة المحمية (واندلق مداد كثير حول فقهها) وسلم تسلم حتى انتهى بها كساد الحظ إلى "ألحس تغنم" أو "الحضر القسمة يقسم". وعشنا زمان الإنقاذ بتؤدة وعزيمة وخلق. وها هي الإنقاذ استنفدت مشروعها في ما يبدو كلمح البرق في حياة الأمة. وشمسها الآن إلى أفول والدائم الله. ونحن على عهدنا مع غمار الناس من شعبنا لا البرجوازيين الصغار الثرثاريين العائدين وجههم يلعن قفاهم.
عن المرحوم محمد عمر بشير ايضاً: حقوق الانسان وجغرافيا الحزبية عبد الله علي ابراهيم حين وقع انقلاب 1989م كنت احزم حقائبي مسافراً لطوكيو تلبية لدعوة من المؤسسة اليابانية التي هي على غرار المجلس البريطاني في تحبيب بلدها والتعريف بها. ولم أجد عليه فرصة مناسبة لتأمل هذا التغيير السياسي سوى اطلاعي على تراجم قادة الانقلاب. وهو اطلاع خرجت بحقيقة بشعة من حقائق الطعن في السن وهي ان قائد الانقلاب، كبيرهم، بمثابة الأخ الاصغر لي، وان صغيرهم، الرائد شمس الدين، بمثابة ابن لي. فاين ذلك من الفريق عبود وصحبه الذين كانوا في سن الآباء او النميري وصحبه الذين كانوا في سن الأخ الاكبر «كبرناً قال المغني «وكبرت احزاننا». وقد عدت الى هذا الانطباع مرة اخرى في حديث مع الاخ العميد عثمان احمد حسن، الرئيس السابق للجنة السياسية لنظام يونيو 89، الذي يخجل محدثه لانه يؤثره بأذنه وفؤاده وعبير تقواه. ومع ذلك خيم شبح الانقلاب على استعداداتي للسفر. فلم يتفق للبعثات الدبلوماسية ولا للبنوك معرفة سياسة النظام الجديد تجاه السفر او التعامل في العملات الاجنبية. واشكر «وضاح» ابن المرحوم الصديق محمد عبد الحي، الذي كان يملك اذناً نادراً بحربة الحركة ليشق بي عباب الخرطوم، النائمة من اثر حظر التجوال، الى مطار الخرطوم. عدت بعد شهرين لاجد ان النظام قد بدأ حملة اعتقالات شملت نفراً من الاصدقاء ورفاق الطريق. ولان العاقل من تدبر حشوت حقيبة صغيرة لي بحاجة المعتقل من ملبس ونحوه في انتظار طارق ليل النظام الجديد. وانقضت ايام لا اكاد اطمئن الى امسي وبعض يومي حتى تعثر عيوني بالحقيبة فيصح عندي ان حياة الحرية هي حياة الفرار الى دار القرار. تعطلت سيارتي ذات ليل فغشوت دار الصديق «الركن» عبد المنعم الاحمدي في بري اقضي الليلة معه حتى يأذن الله بالصباح وميكانيكي فاهم ناقش. وحين دخلت على اسرة الاحمدي قالوا لي انهم قد سمعوا اسمي من خلال التلفزيون ضمن جمهرة كبيرة من الناس للاشتراك في مؤتمر الحوار الوطني من اجل السلام. اقشعرت نفسي لا من الدعوة للمهمة بل من اسلوب الدعوة من خلال المذياع. وهو اسلوب كان سمة النميرية في امتهان الخيار والالزاة بالصوت الجهير. وسجلت لاحقاً احتجاجي على اسلوب الدعوة كتابة للعقيد خليفة الذي استقبل احتجاجي بتفهم وود. ووطنت نفسي على المساهمة في المؤتمر حين فتشت انحاء نفسي فلم اجد مثقال ذرة من عزوف او تردد. التقيت في «زقاق» معهد الدراسات الافريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم، حيث كنت اعمل بالمرحوم محمد عمر الذي شملته الدعوة للمؤتمر.. وانتحى واحدنا بالآخر الى حائط مكتب سكرتيرة مدير المعهد الذي يناطح ظل شجرة النيم العميمة. قال لي المرحوم: ü ما رأيك؟ هل ستلبي الدعوة وتساهم في المؤتمر؟ - نعم، سأفعل، وما رأيك أنت؟ ü لا مانع عندي غير انهم يجب ان يكفوا عن اعتقال الناس وتشريدهم والتضييق على الحريات. - وهل ستشترط ان يقع هذا الكف قبل ان تشترك في المؤتمر؟ ü لا.. - اتفقنا اذاً. وفي صباح اليوم التالي كنت في قاعة الصداقة احضر الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحوار الوطني من أجل السلام. تلفت ابحث عن المرحوم فلم تقع عيني عليه. وحسبت، بما اتفقنا عليه في امسنا، انه ربما كان في ناحية اخرى من المكان، او انه تأخر لسبب او آخر. وتحدث الينا الفريق البشير حديثاً قصيراً ثم انصرف وفتح العقيد خليفة، رئيس المؤتمر، باباً للسؤال والتعليق. فرفعت يدي واذن لي العقيد بالحديث. شكرت في كلمتي العقيد والنظام لتوجيههما الدعوة لشخصي للخوض في هذا الشأن العام. وقلت انني استغربت الدعوة لشروع النظام في اعتقال وفصل من هم على شاكلتي السياسة حتى انني اعددت حقيبة اعتقالي تحسباً لطارق من طوارق امن النظام.. وقلت ان للوطن مع ذلك دعوة لا ترد. وظل العقيد خليفة يذكر لي هذه الكلمة كلما التقينا بعد ذلك. وناشدت النظام ان يكف عن الاعتقال والفصل التعسفي حتى يكفل مناخاً مناسباً لحوار وطني حقاً حول مسألة الحرب والسلام. استحسن نفر كثير من المؤتمرين كلمتي لانها عبرت عن تناقضنا جميعاً: ان لا نرد مثل هذه الدعوة المناسبة في حين ان لنا تحفظاتنا على اداء النظام الجديد السياسي،.واحدس ان كلمتي كانت بمثابة نواة لنشأة طائفة من اعضاء المؤتمر غالبت وغلبت ذلك التناقض فشاركت في المؤتمر وجاهرت برأيها في تعديات النظام على حقوق الانسان. واذكر من هذه الطائفة المرحوم البروفيسور عمر بليل، والتيجاني الكارب المحامي، والمرحوم عبد السميع عمر، ود. محمد نور الدين، ود عبد الله ادريس، ود. زين الطيب زين العابدين، وبروفيسور عبد الرحمن ابو زيد، و بروفسير سيد حريز وربما فات علىّ اسم او آخر. واذكر لهذه الطائفة وقفتين مهمتين بشأن حقوق الانسان. اولاهما حين قضى النظام باعدام الدكتورمامون محمد حسين لنشاطه النقابي وثانيتهما حين قطعنا الشك، بواسطة شهادة صدق، ان محاضرا بطب جامعة الخرطوم قد جرى تعذيبه في معتقلات النظام. فقد تنادت هذه الجماعة بشأن المسألة الاولى الى اجتماعين مع العقيد خليفه ثم مع العميد عثمان. وأذكر كلمة مؤثرة لأخي الطيب زين العابدين نفي عن الاسلام قتل النفس بسبب المشاركة في العمل السياسي، واستعان على ذلك بالنصوص الاسلامية آية وشكله.. واجتمعنا بشأن تعذيب الطبيب بالعميد عثمان وجلس على هامش حوارنا معه العميد فيصل مدني يأخذ من بعيد ولا يعطي. وقد اثلج صدورنا جميعاً غداة ذلك اليوم نبأ اطلاق سراح الطبيب نتيجة زيارة قام بها للسجن كل من العميدين عثمان وفيصل. وضح لي بالطبع فيما بعد ان المرحوم محمد عمر بشير قد قاطع المؤتمر ولم اشأ ان اناقشه في ذلك. وعلمت أن جماعة من مريديه الشباب قد راجعوه في قراره الاشتراك في المؤتمر وحملوا ذلك محمل اضفاء الشرعية على نظام مارق. غير ان المرحوم اثنى على ما كانت تقوم به جماعتنا من اجل حقوق الانسان من خلال مساهمتنا في الحوار الوطني. احزن جداً حين اطالع تردي سجل الحكومة في الحقوق الانسانية. واغتم لنشوء لجنتين لحقوق الانسان السوداني: واحدة لا تعدو كونها مؤسسة من مؤسسات النظام والاخرى لا تعدو كونها مؤسسة من مؤسسات المعارضة المهاجرة. وعندي ان حقوق الانسان معنى اسمى من الاعتذار للحكومة. وهي عندي ادق من مجرد كونها شاغلاً من شواغل المعارضة. فهذه الحقوق شهادة انتساب للآدمية واستحقاق لها. ولذا كان خطابها عاماً، وسحرها مؤمماً،وعطرها ذائعاً. وعليه فقد كان مقدراً ان يكون حشدها مما يتجاوز خطوط النار الفاصلة بين الشيع السياسية. ولانه لم يتفق لنا هذا لمعنى الشفيف الخطر لحقوق الانسان انتهى امرها بيننا الى بعض جغرافيا الخصومة السياسية الحزبية. حين تخطر لي تلك الايام، او حين نعى الناعي المرحوم حام حولي سؤال: كيف كان سيكون حال الشكل المؤسسي والروحي لحقوق الانسان في السودان اذا لم يغير المرحوم رأيه في المساهمة في مؤتمر الحوار الوطني وشارك بقامته العالية وشغفه المعروف بين تلك الطائفة من احبابه وتلاميذه لدرء التعديات على حقوق الانسان؟ ولا اسأل عن ندامة او اسف لانه قد بدا لي دائماً انه قد اتيحت لنا في تلك الايام فرصة لتشكيل حركة غير حزبية جامعة لحقوق الانسان ولكنها ضاعت من بين ايدينا لجملة من الاسباب. ويخامرني هذا السؤال ايضاً لانه من نوع تلك الاسئلة التي تدربنا على حساب الاحتمالات، واحسان حساب الرجال، بعيداً عن طمطمة الحتميات التي تبدو كالقدر او انكى. استحسنت من الاستاذ التيجابي الطيب، الزعيم الشيوعي السوداني، كلمة له ذات يوم في السبعينيات ونحن في غياهب السرية السياسية. قال التيجاني: لا زلت اسأل نفسي لماذا جئنا من مصر وانشأنا حزباً شيوعياً سرياً، ولم نجرب انشاءه جهراً؟ وما زال للسؤال رنينه في خاطري، ولا ادري ان كان التيجاني يقلب السؤال واحتمالاته ما يزال. وكذلك التيجاني- في الذي اعرفه عنه- من المرجئة الذين يقدمون الولاء الصميم على ما عداه. URLEmailProfileEditرد على الموضوع |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: بهاء بكري)
|
الاخ صاحب البوست الكيك وضيوفه الكرام تحية طيبة من حق اى انسان ممارسة النقد ولكنى قرأت فى هذا الخيط محاولات فطيرة لمحاكمة وتجريم قلم الدكتور ع ع ابراهيم ، او بالاحرى (إغتياله معنويا) فيما لو استعرنا التعبير من مقال المرحوم الخاتم عدلان حينما اتهم ع ع ابراهيم بممارسة الاغتيال المعنوى للمرحوم عبد الخالق محجوب. الاستعانة بمقال غاضب للمرحوم الخاتم فى محاولات للنيل من د ع ع ابراهيم حول مجمل مواقفه من الانقاذ والمعارضة المسلحة وموقع التشريعات الاسلامية الخ من قضايا شائكة عمل غير موفق وهو غير لائق لانه يمكن ان ينال من سيرة المرحوم الخاتم نفسه فى اهم قضايا الاصلاح الديمقراطى التى نذر حياته من اجلها قبيل وبعد إستقالته من الحزب الشيوعى . وهنا اعنى قضية التسامح وهى اكثر ما يميز مشروع الاستنارة الليبرالية الذى طرحه، وللمرحوم الخاتم نصوص مشهورة فى هذا الشأن لكن اهمها على الاطلاق مقولته الخاصة بأن البعد السياسى ما هو سوى بعد واحد من الاف الابعاد الانسانية ، وان الحكم على الناس من خلال موقف سياسى بعينه يعد بمثابة (تأميم) للشخصية ورحابها الانسانية! لعل ما يميز كتابات الدكتور عبد الله على ابراهيم إضافة الى قيمتها التوثيقية هو إنطلاقها مما هو (ثقأفى) الى ما هو سياسى ولذلك لا استغرب حينما اتوفر على مواقف الرجل المعلنة من الماركسية على الرغم من أطروحاته (الليبرالية) واجدها مواقف تتسم بالواقعية السياسية رغم عدم اتفاقى مع بعضها، على عكس مواقف الدكتور عمر القراى مثلا - مع احترامى طبعا للرجل وتاريخه ومقاومته لنظام الانقاذ- اذ اجدها مواقف تتسق مع الفكر الجمهورى الذى يتميز ببعض اصولية ، وهى اشياء لاحظناها بوضوح فى الموقف من نظام مايو قبل الخلاف الشهير عقب تطبيق قوانين سبتمبر 83م وفى موقف القراى من الانقلاب الدموى فى مصر بالرغم من تحفظاتنا على الاسلام السياسى طبعا. اصولية مواقف العديد من الجمهوريين تتبدى نظريا فى تقديرى وتنبع من حقيقة انهم فكر شمولى فى النهاية رغم مواقفهم المعلنة من الديمقراطية والحريات العامة، ليس لانهم منافقون ما عاذ الله فقد عرفوا بالصدق والاخلاص فى دعوتهم، ولكن لانهم يتصورون ان الديمقرطية تعنى الانتشار (الحتمى للفكر الجمهورى)، وبغض النظر عن صحة مثل ذلك التصور من عدمه فإن تصوراتهم عن الديمقراطية تسقط من الحساب دورها فى المعرفة وتقصره فقط على كونها وسيلة اخلاقية وهى بذلك لا تختلف فى جوهرها عن تصورات بقية الاحزاب السودانية المعروفة التى ما زال يقودها جيل الاستقلال (حتى مماته انشاء الله) وهى تصورات لا تضع فى الحسبان ان الديمقراطية تعنى الحوار من اجل معرفة افضل للعالم من حولنا فى جميع المجالات ، اى ان لها دور معرفى ابستمولوجى يتأسس على العقل الجماعى ويشمل ذلك اعادة تقييم كل الافكار بلا استثناء بما فى ذلك إمكانيات الاصلاح الدينى نفسها والتى تمثل قلب المشروع الذى نادى به الشهيد محمود محمد طه، وهى اشياء تنضج على نار هادئة داخل المؤسسات الديمقراطية فيما لو عملنا على ترسيخها وتاهيلها للقيام بذلك الدور من خلال اطر لديمقراطية مستدامة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: صلاح عباس فقير)
|
Quote: وما هو دليلك على الافتراء يا أخ بهاء؟ |
سلام ياصلاح
كان يجب عليك ان تسال الدكتور عبدالله عن دليله فيما نسبه للبروف محمد عمر بشير , لانها اتهامات كبيرة في حق رجل يحترمة الكل لمواقفة الناصعة من هذا الانقلاب . لم يكتب البروف محمد عمر بشير موقفة الداعم لمشاركة دكتور عبدالله اهل الانقاذ سلطتهم ودفاعة الدائم عنهم وملاحقتة لخصومهم . ولم يكن هنالك شاهدا علي حديث البروف , فقط يجب ان نعتمد علي ثقتنا في دكتور عبدالله . ايضا انت محتاج لثقتك به لتصديق الفرية الثانية التي الصقها بالشهيد عبدالخالق .
Quote: شكراً طلعت على الرؤية الموضوعية!
|
اما رؤية الصديق طلعت الموضوعية فكلها ثقوب مودتي لك وللصديق طلعت
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: عبدالله الشقليني)
|
Quote: شكراً طلعت على الرؤية الموضوعية! |
العفو يا اخ صلاح واشكرك لاشارتك لمداخلتى واسباغ صفة الموضوعية عليها هناك الكثير الذى يحتاج للنقد والحوار فيما يتعلق بقضايا المجتمعات السودانية لكننى وجدت البوست غير منصف لا من حيث الشكل ولا من حيث المحتوى انظر مثلا الى العنوان الذى يحاول ان يوحى بأن (كل كتاب السودان) غاضبون وكأن هناك إجماعا حول ذلك ، مع ان الحقيقة تقول ان د ع ع ابراهيم مثله مثل غيره ممن يكتبون فى الشان السودانى المعقد و(بغزارة) لا بد لوجود من يختلف معه كليا او جزئيا لكن الرفض لدرجةا (لإجماع) فهو مجرد إجماع وهمى لا وجود له فى الواقع ، بل لا يتعدى وجوده ذهن الاستاذ الكيك صاحب البوست! التقليل من شان الآخرين او التهويل منهم لا يسمح لنا بالتفاعل الصحى والايجابى معهم او مع انتاجهم الفكرى والثقافى، نغتال الحوار داخلنا اولا ان فعلنا ذلك .. الخطورة تكمن فى عدم الانتباه لضرورة التواضع مع شخص فى قامة ع ع ابراهيم وتجربته لاننا ان فعلنا ذلك نكون خرجنا من تجربة التواصل معه (اباطنا والنجم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: عبدالله الشقليني)
|
Quote: (3) أعتقد أن الحيطة التي اتخذها البروفيسور عبد الله ( مستل من الشفرة الثقافية ) لا تعني إلا جزء من كل ولأن التضخيم المتعمد لدور الدين في الحياة هو محصلة أفكار تم تطبيقها بقوة السلطة ، وليس بقبول الناس ، ومصطلح الثقافة بمعناه الغربي الواسع هي : (والأمثال والعادات والتقاليد واللغة وحتى اللهجات والديانات والأزياء والشعارات والأعلام والثقافة السائدة في مجتمع ما بمجموعها شفرات ثقافية ، وكلما زادت ثقافة المتلقي ، زاد تمييزه للشفرات ، فالشفرة الثقافية تتضمن كل الإشارات إلى المخزون المعرفي الفيزيقية ، الطبية ، النفسية ، الأدبية ، الموسيقية ..الخ ـ) ويبقى أن تعبير الاستلال من تركيبة الشفرة الثقافية ، لا تعدو أن تكون وصفاً هلامياً يجافي الدقة ولا يمكننا الاعتماد عليه ، وليس له في حياتنا الثقافية من مرجعية يجعلنا جميعاً نشترك هذا الغلو وهذا الإقصاء . فقد عرفنا الدين المتسامح ، أو الدين الشعبي ، بطبوله ومدائحه ورقصه ، وتلك جزء لازم من تركيبة الشق الديني من الشفرة الثقافية ، بدون حدود القطع والبتر والقطع من خلاف والقتل بالردة والجلد . وعليه يمكننا القياس أن الدين المتزمت ، قد جاء بنزوات الحكام في فترات متعددة ، ولكنها لم تدُم ، واستهجنها المجتمع ، وقد انتشرت الخلاوي في كل بقاع السودان لأكثر من أربعة عشر ألف خلوة ، في إحصائية عام 1989 قبل وثوب الإنقاذ للسلطة ، ومنها في المديريات الجنوبية الثلاث : 15 ،8 ، 6 خلاوي بمجموع(29) خلوة في جنوب السودان . ولم يزل . |
الشفرة الثقافية (ب) مراجع الخلاوي في السودان ما قبل الإنقاذ : نعود بالمراجع : سفر المسيد ، الطيب محمد الطيب ، دار عزة 2005 ، ص 461 : إحصائية بعدد الخلاوي في جمهورية السودان نقلاً عن الإحصائية الرسمية لمصلحة الشئون الدينية والأوقاف حتى مطلع 1410 هــ وجميعها تربية إسلامية متسامحة مع المجتمعات التي عاشت فيها وانتشرت : الإقليم :عدد الخلاوي كردفان : 922 دار فور : 2240 الأوسط :4312 الشرقي : 3428 الشمالي :1135 العاصمة القومية:2618 الاستوائية : 15 بحر الغزال : 6 أعالي النيل : 8 الجملة : 14684
*
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: عبدالله الشقليني)
|
طلعت:
Quote: الاستعانة بمقال غاضب للمرحوم الخاتم، فى محاولات للنيل من د ع ع ابراهيم حول مجمل مواقفه من الانقاذ والمعارضة المسلحة وموقع التشريعات الاسلامية الخ من قضايا شائكة: عمل غير موفق وهو غير لائق: لانه يمكن ان ينال من سيرة المرحوم الخاتم نفسه فى اهم قضايا الاصلاح الديمقراطى التى نذر حياته من اجلها قبيل وبعد إستقالته من الحزب الشيوعى . وهنا اعنى قضية التسامح وهى اكثر ما يميز مشروع الاستنارة الليبرالية الذى طرحه، وللمرحوم الخاتم نصوص مشهورة فى هذا الشأن، لكن اهمها على الاطلاق مقولته الخاصة بأن البعد السياسى ما هو سوى بعد واحد من الاف الابعاد الانسانية ، وان الحكم على الناس من خلال موقف سياسى بعينه: يعد بمثابة (تأميم) للشخصية ورحابها الانسانية! |
شكراً طلعت، وياريت مزيد من التفصيل لموقف الخاتم عدلان رحمه الله، من قضية التسامح، ونصوصه فيها، وهل قيلت قبل أم بعد مقاله النّاقد أو الناّاقض للدكتور عبد الله علي إبراهيم!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: صلاح عباس فقير)
|
Quote: الاستعانة بمقال غاضب للمرحوم الخاتم فى محاولات للنيل من د ع ع ابراهيم حول مجمل مواقفه من الانقاذ والمعارضة المسلحة وموقع التشريعات الاسلامية الخ من قضايا شائكة عمل غير موفق وهو غير لائق لانه يمكن ان ينال من سيرة المرحوم الخاتم نفسه فى اهم قضايا الاصلاح الديمقراطى التى نذر حياته من اجلها قبيل وبعد إستقالته من الحزب الشيوعى . وهنا اعنى قضية التسامح وهى اكثر ما يميز مشروع الاستنارة الليبرالية الذى طرحه |
سلام ياطلعت
حقيقة لم افهم ماذا تريد ان تقول بهذه الكلمات ...... كتب الراحل الخاتم مقالين وتعليق طويل علي محاضرة لعبدالله علي ابراهيم كان قد نشرها بالمنبر الاخ منعم عجب الفيا وقد كان متسقا وهو يناقش افكار الدكتور عبدالله . لااظن ان الراحل الخاتم كان غاضبا حينما كتب مقالاتة في صحيفة الاضواء وايضا عندما علق علي محاضرة دكتور عبدالله. لقد درج الراحل الخاتم ان يرسل مقاله الاسبوعي الي مجموعة من اصدقائه قبل الدفع به للنشر بصحيفة الاضواء لذلك كان لدية الوقت الكافي لمراجعتة والاستماع لنصائح اصدقائه اذا به شطط بسبب غضبة . ياطلعت اخر مقال كتبة الخاتم كان الجزء الثاني من المقال الذي خصصه للرد علي دكتور عبدالله ووقتها كان الرجل مريضا لذلك اتهامك له بالغضب حينما يكتب غير صحيح . مودتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: بهاء بكري)
|
( غضب الخاتم واغتيال البروفيسور عبد الله علي إبراهيم المعنوي ) في رؤى صديقنا طلعت الطيب
نرجو أن نكون بمنهاج الإسماح ، وهو التطوير الذي نبتغي في لغة الحوار ، خاصة إذا كان موضوع تناول مقالات الغائب الحاضر ، البروفيسور عبد الله علي إبراهيم . فهو شجرة معرفة تمتد في الجذور ولن تقتلعها ريح عابرة ، فللبروفيسور أكثر من عشرين كتاباً خلال أكثر من عشرين عاماً . (1) لا أحد يستهين بالكاتب والقاص ( الذي احتجب قصه ) والكاتب المسرحي ، وكاتب المقال والباحث الأكاديمي ، ونحن نستعين بصداقتنا معه ، فجوار الباحثين والمدققين ، خير جوار . فالبروفيسور على تنوع اختياراته التي لا تشبه اختيارات الآخرين ، فهو قارئ يطرب بالنقد ، ولا سيما ذاك الذي يتلون بالمعرفة ، فالنقد مدارس وفصول ومعارف ومنتجعات ، يستظل بها الكثيرون ، وأزعم أنني منهم . لقد تطور النقد ومدارسه ، كما تطورت القراءة التي كان يحسبها البعض اتكاءة كسول ، لتقرأ ما اجتهد الكاتب أن يسطره ، فصارت مجاهل لها إبداعاتها ، وما النقد إلا وجه متطور ، يتعين أن يجترح كل النصوص المكتوبة ، ليكشف أهواء الكتابة ورغباتها الدفينة ، التي تحفر في ما ذكره الكاتب ، وما حجبه عن قراءتنا . (2) لست في موضع الدفاع عن المفكر " محمود محمد طه ، فكتاباته تفتح شهية الباحثين ، وهو غير منزه عن النقد ولا البروفيسور عبد الله منزه أيضاً ،ولكن أذكر له مقولته النابهة : ( نحنُ نحتفي الرأي المُخالف ) وتلك ميزة لن يقدر عليها إلا ذوي الدربة في الصراع الفكري ، وخصائل التسامُح الفكري ، والحديث عن أن الجمهوريين شموليون ، أمر تكذبه كل خصالهم ، ولكثير من المفكرين أحلامهم و سدرة منتهاهم ، ولن نمنعهم نحن من الأحلام ، ولكن لن ينقلنا الخلاف معهم أن نصفهم بالشموليين . (3) نحن أيضاً نختلف مع البروفيسور عبد الله ، وكتبنا ضد اتهام منصور خالد بأنه عميل استخبارات أثناء دراسته الجامعية مثلاً ، وفي الملف لم نكن نستهدف القتل المعنوي ، فلدينا آراء في إخوان مصر وجميع الدينين الذين يريدون السلطة ، لأن حقوق الإنسان المعاصر ، لا تفرق بين المرأة والرجل ، ولا بين الأديان ولا باللون أو اللغة أو الثقافة ، وتلك التخوم الإنسانية تنسف كل الأحزاب الدينية التي ترغب السلطة ، أياً كان دينها مسيحي أم إسلامي أم يهودي أم غيره . فالرافعين شعارات " شرع الله " و " الإسلام حو الحل " ، لن نرفض حريتهم كدعاة ، ولكنا نرفض أن يصلوا إلى السلطة وترتد الإنسانية بالحقوق والحريات ، من هنا كتبنا عن ( إلى الذين يحبون الصندوق حباً جماً ) وتعرفنا على الذين يريدون السلطة بوسائل الديمقراطية ، لينسفوا الديمقراطية ، قبل نهاية المطاف . وكتبنا عن ( الشفرة الثقافية ) ، وتلك قضايا لن يفرغ منها حديث ولا تجف عندها الأقلام ، فالحوار والصراع الفكري مبذول ، ونكن للبروفيسور عبد الله كثير محبة ، ونعلم بأنه أحياناً يطربه الخلاف ، لأنه يستنفر الحس النقدي لدى القراء والمتحاورين ، ويتعرف الكاتب على وقع ما يكتب على عامة القراء وخاصتهم . (4) أما وصف كتابة الخاتم عدلان بأنها كتابة غضوب ، فتلك سُبة لا نرضاها لرجل مفكر ، له قامة فكرية وله مساهمات نيّرة في إضاءة الكثير حول قضايا " الشيوعيين " وعلائقهم مع " الديمقراطيين " ، خاصة بعد خروجه المبين من الحزب الشيوعي . فالكتابة الغضوب هي كتابة الأمزجة ، وتلك تذكرنا قصص ملوك ، وقد أشار هارون الرشيد بقوله ( نحن الملوك لغضبنا سطوة ، غير الذي تعتاده الناس ، ولأفراحنا كذلك .!!) * وتحية لصاحب الملف واضيافه وللأكرم : طلعت الطيب *
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: عبدالله الشقليني)
|
عزيزى صلاح ثقتى فى امانة د ع ع ابراهيم لا يرقى اليها الشك من المعروف ان الرحوم عبد الخالق محجوب كان مترددا بين الانتماء للماركسية فى نسختها اللينينية وبين الواقع العملى ولكن كانت اصوليته هى التى تنتصر فى النهاية كما كتب د فاروق محمد ابراهيم، ودونك قصية الحزب الاشتراكى التى صاغها بنفسه ودعمته فيه جل لجنته المركزية ولكنه رغم ذلك عاد وانقلب عليها بعد زيارته للاتحاد السوفيتى مباشرة بإعتبار انها كانت انحرافا يمينيا! حدث ذلك فيما عرف بمؤتمر الجريف فى ستينات القرن الماضى. ما الذى يمنع ان يكون ما طرحه د ع ع ابراهيم فى شأن التشريعات وتوافقه معه قضية تنسجم تماما مع تقلبات الرجل، ما الذى يمنع من ذلك؟ الاداء السياسى لا ينفصل عن ظروفنا وعن المزاج العام السائد والمرحوم الخاتم عدلان ليس إستثناءا فى ذلك وكانت قد نشأت حركة حق كإستجابة مشروعة لاهم حدثين هما وصول الاسلام السياسى الى السلطة عن طريق انقلاب الانقاذ عام 89 وانهيار التجربة الاشتراكية اوما كان يعرف بحلف وارسو. وقد مرت الحركة بمرحلتين هما مرحلة التجميع والتكوين والاحلام الكبيرة المتعلقة بتأسيس حزب ديمقراطى لاول مرة فى تاريخ السودان الحديث، وهو مشروع كان قد وجد زخما وتداعى اليه عدد كبير من المثقفين فى بدايات التكوين مثل احمد عباس والمرحوم خالد الكد على سبيل المثال وليس الحصر .. هذه المرحلة كانت تتميز بتبنى إسترتيجية تقوم على ضرورة ملأ الفراغ السياسى من خلال حزب للقوى الحديثة يستطيع ان يحدث قطيعة مع الشمولية وكنا نأمل ان يتطور ليصبح (يسار وسط). ثم جاءت مرحلة ثانية اعقبت انقسام حركة حق عموديا مع نهاية الالفية بسبب مشاكل فى العمل القيادى والاوضاع الادارية اصابت الجميع بالاحباط. النص الاول المتعلق بالاستنارة الليبرالية للخاتم جاء فى المرحلة الاولى ، مرحلة الامال الكبيرة حيث كان التصور ان يكون امثال د ع ع ابراهيم ممن يتم التنسيق معهم( كثنك تانك ) على اقل تقدير.. اما المقال فقد كتبه المرحوم الخاتم فى ايامه الاخيرة عليه رحمة الله اى فى مرحلة الانكفاء السياسى على الذات! عبارتى حول تناول د ع ع ابراهيم للسياسة يغلب عليه المدخل الثقافى سوف اقوم بتوضيحه فى مداخلة قادمة من خلال كتابات الرجل حول (لاهوت الحداثة) وما يترتب عليه من قول بأن الحداثة عند الترابى مجرد (ابتلاء) مع انها فى تقديرى واحرين (مشروع) لم ينتهى وفى كل الحالات فهى ليست مجرد رحلة تاريخية بدأت بالكشوف الجغرافية مرورا بعصر النهضة والتنوير الاروبى. ولماذا نجد موقف د ع ع ابراهيم لا يتناغم مع موقف قيادة الحزب الشيوعى اليوم فيما يتعلق بالتشريعات الاسلامية بل يختلف عن كل ما عرفناه من تطبيق اشتراكى بالرغم من ماركسية الرجل ؟!
شكرا استاذ عبد الله وسوف اعود للمواصلة لحساسية الموضوع واهميته الفائقة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: طلعت الطيب)
|
سلام جميعا
عندي ملحوظة بسيطة للأخ طلعت وهي أن الأخ الخاتم عدلان عندما كتب مقالاته عن عبد الله علي ابراهيم لم يكن في حالة غضب أو انكفاء سياسي كما تفضلت، لقد كنت انشر معظم مقالات الخاتم في هذا المنبر، بل كنت مع بعض الاصدقاء نستلم بعض مسوداتها قبل تنقيحها كي نساهم برأينا فيها، لذا فكلام الخاتم عدلان عن د. عبد الله علي ابراهيم كتب في صفاء ذهني متقد للاستاذ الخاتم، و يجب أن تقراء كلماته كما كتبها و لا أن يتم التأويل لها لأن ذلك تحريف لصياغة ممعنة في الابانة للاستاذ الخاتم
تحياتي امجد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: HAYDER GASIM)
|
كتب الأخ طلعت الطيب ......Quote: لاستعانة بمقال غاضب للمرحوم الخاتم فى محاولات للنيل من د ع ع ابراهيم حول مجمل مواقفه من الانقاذ والمعارضة المسلحة وموقع التشريعات الاسلامية الخ من قضايا شائكة عمل غير موفق وهو غير لائق لانه يمكن ان ينال من سيرة المرحوم الخاتم نفسه فى اهم قضايا الاصلاح الديمقراطى التى نذر حياته من اجلها قبيل وبعد إستقالته من الحزب الشيوعى . وهنا اعنى قضية التسامح وهى اكثر ما يميز مشروع الاستنارة الليبرالية الذى طرحه |
بل هو أكثر من مقال! أحد تلك المقالات( وهو في إعتقادي آخر ماكتبه الأستاذ الخاتم عدلان- ) مقال كتبه الخاتم دفاعا عن الشهيد عبد الخالق واليسار السوداني وهناك سلسلة أخري كتبت قبل سنوات من ذلك - كتبت -في التعليق محاضرات للدكتور عبد الله علي إبراهيم في الخليج ونقلها للمنبر وعلق عليها الباحث والناقد عبد المنعم عجب الفيا -تجد كل ذلك في مكتبة الخاتم في هذا المنبر ! ولكم كنت أتمني أن تتصدي ياطلعت الطيب -للخاتم في حياته - وتناقشه عما كتبه حول عبد الله علي إبراهيم وتفند طرحه وتنتقده فيه وتدافع عما تري صحته في مواقف الدكتور عبد الله علي إبراهيم ! علما بأنك كنت وقتها وحتي رحيل الخاتم في جناح حق المناهض للخاتم ! وهو أمر لم يمنع كوادر الفصيل الآخر من محاورة الخاتم وتثبيت حق الاختلاف معه ! إنتهي * لكم كنت أتمني أن يكون سجال - وإختلاف دكتور القراي مع د. عبد الله علي إبراهيم حول الشأن السوداني وقضايا وهموم شعبنا فأحداث مصر - ليست قضية أولوية بالنسبة لنا علاوة علي أن الإختلاف والتبائين حول مسار ومآلات أحداث يحتمل الإختلاف وتبائن الرؤي ممن هم في حزب واحد فمبالك فمبالك بالفرقاء?
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: بهاء بكري)
|
الاعزاء بهاء عبد الله وامجد تحياتى وتقديرى لكم من المهم التأكيد على حقيقة ان الموقف النقدى من المرحوم الاستاذ الخاتم عدلان لن يؤثر سلبا على سيرته ورصيده المعنوى الذى تركه فى قلوبنا جميعا ، بل يجسد علاقتنا معه ويؤكد على طابعها الديمقراطى مما يساعدنا على الدوام ،وعن استحقاق كامل، على وضع سيرته فى اطارها الصحيح حتى تظل مسيرته الاصلاحية ملهمة للاجيال. فى تقديرى ان موقف المرحوم الخاتم من دعوة د ع ع ابراهيم تجاه قضية التشريعات وتجاوز ثنائية الحداثة والتقليد قد جانبه التوفيق وكانت معركة فى غير معترك خاصة لمن جعل اهتمامه مشروع تحويل حزب ديمقراطى الى قوى اجتاعية كبرى.. اتهام د ع ع ابراهيم بالتزوير ومحاولات اعدام عبد الخالق معنويا فى غير محله بدليل ان المرجوم عبد الخالق كان قد طرح مشروع الحزب الاشتراكى بديلا عن الحزب الشيوعى فى يوم ما وفى اطار مشروعه الذى نادى (بتحويل حزبه الى قوى اجتماعية مؤثرة) وكان مهوما جدا بقضية (القبول) فى مجتمع امى تقليدى يمثل الدين نسيجه المعرفى والروحى ، وهى ظاهرة صورها بوضوح المرحوم الخاتم فى رائعته (آن اوان التغيير) جينما كتب ان الموقف من الدين ظل مأساة صاغها التاريخ قد طوقت عنق الحزب وسهلت مهمة اعدائه على خنقه بها ، او شىء من هذا القبيل . ثم أضاف المرحوم الخاتم فى نفس المكان وفيما يتعلق بفشل الحزب فى التحول الى قوى اجتماعية وسياسية كبرى الى تبنيه للماركسية التى (لا تنسجم مع التصورات الدينية حول الكون والحياة)! اذن فى حالتى المرحوم عبد الخالق والخاتم كان هناك محاولات للتصالح مع (مجتمع امى او شبه امى) تعلو نبرته كلما كان اذدادت وتائر الطموح لانتشار احزابهم وسط المجتمع والتأثير عليه.. د ع ع ابراهيم لم يفعل اكثثر من الذهاب ميلا فى ذات الاتجاه حينما قدم دعوة للتصالح مع التشريعات الدينية he walked the extra mile افهم ان يكون هناك نقدا لمشروعه ولكنى لا ارى من الانصاف فى شىء ان نتهم الرجل ب (التزوير) والاعدام المعنوى الخ مما ورد فى مقال المرحوم الخاتم. لان هذا شىء لا يتسق مع مشروع الخاتم نفسه كما نبهت وهذا ما عنيت بمقولة وضع سيرة المرحوم الخاتم فى اطارها الصحيح وتوضيح ما هو جوهرى مما هو عابر فيها. فى (لاهوت الحداثة) تستطيع ان تفهم المباشر والمضمر فى نصوص د ع ع ابراهيم وان (الحداثة كما يمثلها الاستعمار) قد مارست (اخصاءا) متعمدا على والد د الترابى فى مجتمع ذكورى ، من خلال تكريس دونية القضاء الشرعى ، وكيف ان الترابى كطفل وصبى حرم من حقه فى اللعب البرىء حينا فرض عليه ابوه التعليم الدينى الذى لا يستطيع ان يوفره له التعليم المدنى، ولذلك تستطيع ان تفهم طابع علاقة الرجل (المشوهة) بتلك الحداثة وتصويرها على انها (ابتلاء). اعود الى التساؤلات التى كنت قد طرحتها فى نهاية مداخلتى السابقة لاهميتها لكن من المهم ان اضيف ان د ع ع ابراهيم لم يطرح مشروعا متكاملا للاصلاح الدينى حتى يجلب عليه سخط بعض الجمهوريين بحجة انه (يتهرب من سلطة النصوص الدينية ويقفز عليها ) مع ان ذلك فى حد ذاته محل نظر كبير، ولكن الرجل طرح رؤية فى غاية الاهمية تتعلق بقضية القوانين والتشريعات.. بالنسبة لى فمن المهم ان اؤكد للقارئات والقراء اننى متصالح مع تلك الدعوة طالما ارتبطت بمشروع ديمقراطى لان توحيد القضاء الشرعى والمدنى مع اجراءات تتعلق بالتدريب الفنى واعادة التأهيل كان قرارا صائبا من الترابى يوما ما .. واذا كان الترابى ينطلق من (ابتلائاته الخاصة مع الحداثة) فاننى انطلق من حقائق اساسية تتعلق بإقامة ديمقراطية تقوم على مؤسسات تهتم بالقبول ودولة تكون مؤسساتها التشريعية (منفتحة) على المجتمع المدنى والرأى العام وشفافة تماما فى كلما يتعلق بالتشريعات والقوانين الصادرة. وأؤمن بضرورة الانسجام داخل المجتمع القانونى وضرورة حدوث اجماع حول التشريعات والقوانين التى تصدر بين اافراد هذا المجتمع القانونى consensus among the legal community
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: عبدالله الشقليني)
|
Quote: لأكرم : طلعت الطيب ، تحية طيبة ،، والتحية لكافة شركاء الملف والقراء وصاحب الملف . (1) نحن أبناء إنسان اليوم ونستحق مكتسباته وحقوقه التي ارتفع سقفها ، ولن نقبل باي حال أن ترتد الإنسانية إلى حكم سلطة الدين تحت أي مصوغ ، فضرب المرأة وسلبها حقوقها في الميراث العام ، والجلد والقطع والقطع من خلاف والصلب أمور خارج العصر . فمصاحبة الدين الاجتماعي الدعوي في الحياة الإنسانية هو حق مشروع ، ولكن فرض الدين وسيط للحكم بين الناس هو الرجوع إلى الخلف قرون كثيرة . فكيف يتنازل الذين يدعون لخير الإنسانية وتقدمها أن يعتقدون من الحرية والديمقراطية السماح بتكوين أحزاب دينية ، تهدم مكسباً أساسياً من مكاسب الإنسان المعاصر ، وهو حرية العقيدة وعدم التفرقة باللون أو الجنس أو النوع أو العقيدة أو الثقافة ...الخ ، وهي مكاسب دفعت الإنسانية ثمناً غالياً لتكون شرعة اليوم . |
عهدنا الاخ طلعت (في منبرنا هذا ) رمزا من رموز الاستنارة (بعيدا عن حمولات السياسة ) فهل اضحت الحقوق شفرة سرية تحتاج لكهنة ؟ واذا كان الشهيد عبد الخالق (طبقا لمهامه وموقعه وحجم المسؤولية الملقاه عليه ) في حيرة او قلق لماذا يلبس ع .ع. أ عباءة الشهيد ويتحلل من وعيه واكتسابه المعرفي والاكاديمي وخبرة السنين العجاف ؟ حصر الخلاف بين جمهوري وماركسي (معتذر عن او مبرر لماركسيته ) فيه خطل ، لان عمر القراي حين ينقد الانقاذ لا يحيلنا لنصوص شهيد الفداء ، بل للمرجعية الاسلامية التي تتشدق بها الانقاذ وتريق بها الدماء فالقراي يخاطبني كانسان ينتمي لمرجعية تنتمي للانسان ، و ع .ع. أ يخاطبني كسادن وعالم يستمد حظوته وسلطته من لحظة تاريخية كان فيها (بكل اسف ) سكرتير (موظف) فرضته المرحلة او التوازانات او الحوجة للشهيد عبد الخالق ، القراي نستشف من كتابته انه يستهدف الانسان البسيط الكادح لا الكادر او الجمهوري المتلزم ،ع.ع.ا يتماهي مع السلطة في كتاباته وينال من منتقديها ومعارضيها وشُبه له بانه البديل بعد ان شاركها المؤتمرات وخاض مع قيقم نفس المستنقع لكنه استعان بنفس ادوات الاستعمار الامبريالي !!!! مورفين اللغة والتراث ودعا الجمع لندوة وفجاءهم بالتبرع لحملته الانتخابية لرئاسة دولة تواجه استحقاق استفتاء جنوب السودان وملطخة بدماء اهلنا في دارفور من الهامة الي القدم !!!! طلعت ..... طلعت ...... روح الشعب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: MAHJOOP ALI)
|
Quote: ع.ع.ا يتماهي مع السلطة في كتاباته وينال من منتقديها ومعارضيها وشُبه له بانه البديل بعد ان شاركها المؤتمرات وخاض مع قيقم نفس المستنقع لكنه استعان بنفس ادوات الاستعمار الامبريالي !!!! مورفين اللغة والتراث ودعا الجمع لندوة وفجاءهم بالتبرع لحملته الانتخابية لرئاسة دولة تواجه استحقاق استفتاء جنوب السودان وملطخة بدماء اهلنا في دارفور من الهامة الي القدم !!!! |
شكرا يامحجوب علي هذا الوصف الدقيق لحالة الدكتور واي حديث اخر عن ثقافة او فكر يبقي رطانة ساكت
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: بهاء بكري)
|
Quote: كان يجب عليك ان تسال الدكتور عبدالله عن دليله فيما نسبه للبروف محمد عمر بشير , لانها اتهامات كبيرة في حق رجل يحترمة الكل لمواقفة الناصعة من هذا الانقلاب . لم يكتب البروف محمد عمر بشير موقفة الداعم لمشاركة دكتور عبدالله اهل الانقاذ سلطتهم ودفاعة الدائم عنهم وملاحقتة لخصومهم . ولم يكن هنالك شاهدا علي حديث البروف , فقط يجب ان نعتمد علي ثقتنا في دكتور عبدالله . ايضا انت محتاج لثقتك به لتصديق الفرية الثانية التي الصقها بالشهيد عبدالخالق .
|
بالجد حاجة مدهشة هل قرات ذات المقال الذي قرىناه ولا قراءة تحت النص؟
لا ارى اي اساءة للمرحوم البروف حيث اختار المقاطعة وهذا خياره لا يذمه ولا يرفعه
دكتور عبد الله على ابراهيم لا يكذب ولا يفتري على الناس ولم يعرف بذلك طوال حياته المشكلة من الواحد يفارق عش الدبابير طوالي تنصب له له المشانق عبدالله على ابراهيم اكثر مثقف متوازن عرفته في السودان لم تدخله جرثومة عداء الاخر على الاطلاق
في كتاباته غير المتشنجة الموضوعية يقدم نقد هادف وعرض لللاحداث وهي كتابات فيها كثير من المعلومات المفيدة لمعرفة الحادث ما خايفة الا يجي زول يقول شهاداته مزورة كمان ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: د.نجاة محمود)
|
Quote: العفو يا اخ صلاح واشكرك لاشارتك لمداخلتى واسباغ صفة الموضوعية عليها هناك الكثير الذى يحتاج للنقد والحوار فيما يتعلق بقضايا المجتمعات السودانية لكننى وجدت البوست غير منصف لا من حيث الشكل ولا من حيث المحتوى انظر مثلا الى العنوان الذى يحاول ان يوحى بأن (كل كتاب السودان) غاضبون وكأن هناك إجماعا حول ذلك ، مع ان الحقيقة تقول ان د ع ع ابراهيم مثله مثل غيره ممن يكتبون فى الشان السودانى المعقد و(بغزارة) لا بد لوجود من يختلف معه كليا او جزئيا لكن الرفض لدرجةا (لإجماع) فهو مجرد إجماع وهمى لا وجود له فى الواقع ، بل لا يتعدى وجوده ذهن الاستاذ الكيك صاحب البوست! التقليل من شان الآخرين او التهويل منهم لا يسمح لنا بالتفاعل الصحى والايجابى معهم او مع انتاجهم الفكرى والثقافى، نغتال الحوار داخلنا اولا ان فعلنا ذلك .. الخطورة تكمن فى عدم الانتباه لضرورة التواضع مع شخص فى قامة ع ع ابراهيم وتجربته لاننا ان فعلنا ذلك نكون خرجنا من تجربة التواصل معه (اباطنا والنجم |
ياربت كل الناس ذيك يا طلعت بتفهم وشجاعة في ابدا الراي على غير الناس المابتفهم وشجاعة في ابداء الراي
لك التحية وللدكتور المبجل عبد الله على ابراهيم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: د.نجاة محمود)
|
الاخت د نجاة لك الشكر والمودة واتمنى ان نحافظ على قدرتنا فى ابدأء الرأى بتوازن وموضوعية فى الشان العام الاخ كمال عباس اضيف ان القدرة على مواجهة المرحوم الخاتم بمسؤولية يشهد لها الاخ حيدر ابو القاسم الذى شارك فى هذا البوست الذى سافر ليمثل فرع حركة حق بكندا فى المؤتمر الاول لها فى تسعينات القرن الماضى، وقد كنت حينها مسئولا تنظيميا للفرع حينها واجه الاخ حيدر ما تعتقد بصحته امام كل عضوية المؤتمر بما فى ذلك عضوية الداخل التى كان يقودها الحاج وراق هذه المواجهة فيما نعتقده من اخطاء فى العمل القيادى حدثت قبل الانقسام وبغض النظر عن صحة ما طرحناه من قضايا فى ذلك المؤتمر ، فقد كانت المواجهة اول (ابتلاء) لكل ما صاغه المرحوم الخاتم حول الديمقراطية الحزبية ضمن مشروع الاصلاح الديمقراطى الذى كان قد جذبنا اليه لنعمل معه على تأسيس حركة حق. السباحة الحرة ل د ع ع ابراهيم فى المياه المحرمة لتيارات الحداثة بامواج ايديولوجياتها العاتية ، يعود لها الفضل فى الاشارة الى (إبتلاءات) الحداثة ل د الترابى . وفى ثقافة فض النزاعات تبدأ المشاكل بين الناس صغيرة بتصرفات غير متحضرة مثل عدم رد التحية مثلا يصطلح لها لفظ incivility الذى قد يتطور الى مضايقات harassment ثم تتحول الى عنف وربما إقتتال مثلما حدث بين ابناء (جيل الاستقلال) ممن قادوا احزابا حداثوية شمولية الطابع فى السودان الحديث. تحديد هذه المضايقات ضرورى من اجل مخاطبة حاجات الهوية address the identity needs ونزع فتيل الخلاف والمحافظة على الامن والسلام. ع ع ابراهيم طرح رؤى فى ذلك الاتجاه من اجل كبح جماح الاسلام السياسى فى ممارسة العنف وابتزاز المجتمع المدنى المتسامح ، وذلك حينما لاحظ (ابتلاءات الترابى) وإضطهاد الحداثة لولده بالتمييز ضده فقط لانه كان قاضيا شرعيا! حاجات الهوية قد تكون الاعتراف او الحاجة الى الاحساس بالامان، او الحاجة الى مزيد من المعلومات، اوالحاجة الى الانصاف غياب ثقافة حل النزاعات بين ابناء جيل الاستقلال احد اكبر الاسباب فيما آلت اليه الاوضاع السياسية المزرية فى السودان .. ومع ان الجميع مسئول بحكم السدانة الايديولوجية الا ان المسؤولية الضخمة تقع على تيار الاسلام السياسى الذى يقوده الترابى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: طلعت الطيب)
|
لعل كتابات الدكتور عبد الله على ابراهيم التى اغضبت معظم الكتاب تجد عند اخرين كل الترحاب والحفاوة طالما انها تنتقد المعارضين لسلطة الانقاذ وتمجد الحزب الحاكم الذى يدافعون ..
والطيب مصطفى وبعض المشاركين هنا بالاعلى من هؤلاء وتلاقت اشواقهم معه فى كث ير مما يكتب .. واترككم هنا مع كتبه الطيب مصطفى صاحب دعوة الانفصال عن ما كتبه الدكتور
الطيب مصطفى ينصح نقد بنموذج عبد الله على ابراهيم
(Re: mohmmed said ahmed)
هلا قرأ نُقُدْ هذا الكلام؟!
المهندس الطيب مصطفى [email protected]
عندما تأتي شهادة عن الحزب الشيوعي السوداني من رجل في وزن دكتور عبد الله علي ابراهيم الذي لطالما صال وجال في "دهاليز" الحزب الشيوعي كأحد القيادات التنظيمية والتخطيطية المرموقة التي أسهمت بقدر وافر في مسيرة الحزب فإنها تكون شهادة من داخل الداخل وأهم من ذلك فإنها تكون شهادة "شاهد من أهلها" لا يستطيع أحد دحضها كونها تحكي عن واقع شهد عليه رجلٌ لم نعهد عليه كذباً وإن تحفظنا على بعض ارائه الحالية في السياسة وشؤون الدين والدنيا.
د. عبد الله علي ابراهيم الذي يعمل الان استاذاً في الجامعات الامريكية تحدث عن عداء الصفوة اليسارية للدين لا لسبب يتعلق بالدين ذاته بقدر ما هو احتقان ناشيء عن ردود الفعل وأسباب أخرى من بينها الانتصار للنفس ممن ناصبوهم العداء.
وكان الرجل يتحدث عن انطباعاته عن اثيوبيا التي يبدو أنه زارها مؤخراً وعن دور الدين كثقافة في بناء الدولة الوطنية في اثيوبيا وقال الرجل في مقاله في صحيفة الرأي العام بتاريخ 9/8/2006م ما يلي:
"فلو علمت صفوتنا اليسارية من تاريخ التكوين الاثيوبي شيئاً لائقاً لوقفوا عند منزلة الدين، كثقافة في بناء الدولة الوطنية.
فقد وجدتُ أن هذه الصفوة قد احتقنت ضد الاسلام من فرط كيد الحركة الاسلامية الطويل لها بحل الحزب الشيوعي في 1956م وقوانين سبتمبر الاسلامية في عام 1983م وبدولة الانقاذ القائمة. فحملت عليه بصور شتى بلغت أن خلع بعضهم نفسه عنه جملة وتفصيلاً.
وهناك من استنكر على الإسلاميين "زج" الإسلام في السياسة ودلقوا حبراً كثيراً حول الإسلام السياسي وعن ضرورة أن يبقى الدين حيث ينبغي له.
بل انتهزوا تجربة الغرب العلمانية، التي تزعم فصل الدين عن الدولة، للدخول في علم الأديان المقارن. فقد ميزوا المسيحية كدين تقدمي لتنصله عن السياسة واعترضوا على الإسلام كدين متطفل على السياسة بشكل أساسي ولا سبيل لاستئناسه بعيداً عنه بغير حرب شعواء. وتندموا أن الإسلام لم تهزه حركة إصلاح أو تنوير كما وقع للمسيحية".
ثمة نصيحة أوجهها الى الحزب الشيوعي وهو يستعد لعقد المؤتمر الخامس المنوط به النظر في مستقبل الحزب بعد انهيار النظرية الماركسية كما انهار صاحبها وهلك وذلك في إطار المخاض الطويل الذي بدأ منذ خروج زعيم الحزب الاستاذ/ محمد ابراهيم نُقُدْ من السجن ولا أحد يدري متى ينتهي بميلاد شيء جديد قابل للحياة...
أقول ناصحاً: إن الحزب في حاجة إلى رؤية رجال في وزن د. عبد الله عركوا تجربة الحزب وخاضوا غمار التجربة العالمية بالطول والعرض، وذلك حتى يخرجوا من الوهدة والحيرة التي تسيطر عليهم الآن، وأحسب أن سبب تأخير انعقاد المؤتمر ناشيء عن هذه المشكلة الكبرى ... مشكلة النظرية والاسم والمستقبل والتعايش مع الواقع السوداني والعالمي، وأهم من ذلك مراجعة التجربة السابقة بأتراحها وأتراحها حيث لم تشهد التجربة طوال تاريخها غير الأحزان والخيبات.
أرجو أن يعيد الشيوعيون النظر في علاقاتهم بالدين الذي كثيراً ما يعجزهم حقدهم وحنقهم عليه عن كبت مشاعرهم فيضطرون إلى إخراج اضغانهم حمماً من الاستفزاز لمشاعر المسلمين.
ولعل تجربة حل الحزب الشيوعي عام 1965م والتي أشعلها تعبير غاضب من أحد الشيوعيين يعبر عن درجة عجز الحزب واتباعه عن التصالح مع بيئتهم المحلية وذلك اكثر ما يحول بين الحزب والانتشار.
وللاسف فإن هذه "الشوقيات الاستفزازية" - مشتقة من شوقي الذي تسبب في حل الحزب - لا تزال تطل برأسها من حين لآخر؛ ومن ذلك مثلاً ما قاله الشيوعي زهير السراج حين ترحم على جون قرنق، بالرغم من انه غير مسلم، بقوله: "استشهاد الدكتور جون قرنق رحمه الله واحسن إليه وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والنبيين والشهداء"
هذا فضلاً عن مطالبته بوقف الآذان من خلال المكرفونات بجوار المستشفيات أما الحفلات الصاخبة فاكاد أجزم ان الرجل، لو خير، لطالب باقامتها داخل المستشفيات! فهلا نصح الحزب اتباعه بكبح عواطفهم الجامحة الكارهة للدين؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: طلعت الطيب)
|
نقطف مما كتب الأكرم : طلعت الطيب :
Quote: السباحة الحرة ل د ع ع ابراهيم فى المياه المحرمة لتيارات الحداثة بامواج ايديولوجياتها العاتية ، يعود لها الفضل فى الاشارة الى (إبتلاءات) الحداثة ل د الترابى . وفى ثقافة فض النزاعات تبدأ المشاكل بين الناس صغيرة بتصرفات غير متحضرة مثل عدم رد التحية مثلا يصطلح لها لفظ incivility الذى قد يتطور الى مضايقات harassment ثم تتحول الى عنف وربما إقتتال مثلما حدث بين ابناء (جيل الاستقلال) ممن قادوا احزابا حداثوية شمولية الطابع فى السودان الحديث. تحديد هذه المضايقات ضرورى من اجل مخاطبة حاجات الهوية address the identity needs ونزع فتيل الخلاف والمحافظة على الامن والسلام. ع ع ابراهيم طرح رؤى فى ذلك الاتجاه من اجل كبح جماح الاسلام السياسى فى ممارسة العنف وابتزاز المجتمع المدنى المتسامح ، وذلك حينما لاحظ (ابتلاءات الترابى) وإضطهاد الحداثة لولده بالتمييز ضده فقط لانه كان قاضيا شرعيا! |
* الأكرم : طلعت الطيب تحية لك وللأضياف والقراء والقارئات والذين يشتركون الملف بإضاءات الفكر أي ابتلاءت تلك التي عاناها " الترابي " ؟! لا نرى غير قيادته للتنظيم وقفزه على القيادة التقليدية للإخوان المسلمين وقد أفاد من آليات العصر لتسويق السلطة الدينية والدنيوية برداء جديد وجسد هَرِم . هذا هو ملخص ما فعله كبيرهم الذي علمهم السحر ، وما التجديد الذي يزعم أنه صاحبه ، فهو سرقة لكل إضاءات الفكر الجمهوري ، فهو الذي كان يراه في في أوائل الثمانينات ساحباً البساط من حركة الإخوان المسلمين ، فسارع بالإيعاز لاغتيال المفكر . وقد كتبنا من قبل : ولجت "المنظمة " من خلال فجوة ضباب الرؤيا ،عند زعيمي الطائفتين اللتين ورثتا التنافس بينهما منذ أوائل القرن الماضي .فكان التأسيس للخروج من "الدين الشعبي" إلى " الدين السنّي " بأئمته القدامى والجُدد ،قطارٌ يسير على سكك حديدية . ينهج أهله راديكالية حرّكت الرّاكد ، وبدأ بناء تنظيم "الجماعة " على نظام ماسوني جديد . ذات الطقس الذي تبعه الشيخ الأول " حسن البنا " في انعطافته من الدعوة إلى سبيل الرب بالموعظة الحسنة إلى بناء التنظيم يرغب السلطة الحكم. ضبطٌ وحِلفٌ وطقسٌ للمبايعة ، واستخدام للمال والأمن والتسليح. وسائل لبناء" التنظيم الجديد" لاستعادة الخلافة التي ألغتها تركيا زمان أتتاتوك. وتقدموا بشعار "الإسلام هو الحل" ، و "شرع الله " وسيلة لبلوغ السلطة والحكم .فمناجاة الوجدان الجمعي بالشفرات الثقافية وتوسل الوجدان الديني ، بما له من إرث تاريخي ،يجعل السباحة مع التيار أسهل ، والتباس الدعوي مع التنظيمي ، قضية لا يفرق بينها العامة ، لذا يُسهل اصطيادهم للحوزة . * سعت قيادة التنظيم" فرع السودان " في مطلع سبعينات القرن الماضي حثيثاً لوراثة الدين الشعبي بنهج راديكالي جديد . متزمت و جهادي. يُعلي مبدأ القوة في مواجهة المختلفين معه ويستخدم أية وسيلة توصله لأهدافه، ليلغي ستة قرون من" الدين الشعبي " . وقفز التنظيم القفزة الأولى بقيادة جديدة صعدت إلى سُدة "التنظيم ". أفادت من آليات العصر لتسويق السلطة الدينية والدنيوية برداء جديد وجسد هَرِم . كان لها أن تُزحزح القيادة التقليدية للجماعة ، لتحل محلها قيادة جديدة ناهضة بأفكار تنظيمية ،غير التي عهدها التنظيم في ستينات القرن الماضي .وَثبت القيادة الجديدة بقدرتها على الإدارة السرية للمال والأمن والسلاح، بوسائل جديدة . * كانت مصالحة 1977 بين الإمام الصادق وبين قائد " 25 مايو " هي وسيلة اتخذتها" الجماعة" مطية للصعود .استخدمت التقيَّة وسيلة لإخفاء الأغراض ، واستعادت القيادة الجديدة مؤسسات التنظيم المالية المتجولة في وسط إفريقيا لتأت إلى السودان . بدأ العمر الجديد للتنظيم بقيادة " كبيرهم الذي علمهم السحر ". وبدأت قصة توسيع خيمة التجنيد التي بدأت سابقاً في المدارس الثانوية والجامعات من الدائرة الصغرى : " جبهة الميثاق الإسلامي " إلى " الجبهة القومية الإسلامية ". ثم بعد الانقلاب العسكري عام 1989 ، وقت الوثوب إلى السلطة ، وتم تعديل الاسم الجديد إلى " المؤتمر الوطني " الذي يجمع ذوي الديانات الأخرى ، ويتصالح مؤقتاً معهم ، حتى يستقوي التنظيم ، ومن ثم يؤتى بالآخرين للطاعة عن يد صاغرين .
http://www.sudaneseonline.com/index.php/2008-05-19-17-39-36/129-20...5-33-45/60051---2013-
*
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: كمال عباس)
|
Quote: الشىء الاخر يتعلق بموقف د ع ع ابرهيم من الماركسية وارتباطه بها و مع ان كتاباته تمارس اختراقا لكل المناطق (المحرمة) لدى السلطات الموجودة (سواء سلطات حكومية او اخرى معرفية للمعارضة)، مع ان الماركسية فكر حداثوى . المدهش الحديث حول نوع من القبول للتشريعات الدينية ، وهذا ما كنت قد قصدته فى حديثى السابق حول ولوج الرجل للسباسى من مداخل ثقافية، ولو لم يكن للرجل باع فى العمل الثقافى لما استطاع التوصل الى مثل تلك القراءات والرؤى.! |
العزيز طلعت لا اود الرجوع لمقال خال الرئيس عن بغض اليسار السوداني للهوية الدينية استناد علي تشنيف ع.ع.ا لليسار السوداني في مقابلة يسار الجوار الاثيوبي ، لان >لك يعيدنا لنظرية ال ( homeworks للبروفسير ع.ع.ا التي تتلحص في (الكسب ) استخدم كل الادوات (ثراث ،دين ) ولاتتعفف من الؤسائل لان النتائج مضمونة ..... وبعد >لك تنجز واجبك المنزلي !!!!!!!! رغم ان اهل الجوار لم ينكبوا بالمجاعة والغزو الخارجي (عهد الملك ثيودور ) الا حين اصبح الدين هوية !!! اين اختراقات ع.ع.ا ؟ هل مشاركة الانقا> مؤتمراتها اختراق ؟ هل التناغم مع قيقم وساحات الفدا بتمجيد التراث القبلي في واقع متنوع اختراق ؟ هل سرد القصص والحكاوي عن x عضو الحزب في مريدي (شان ثقافي ) كافي لبعث الامان في النفوس المكلومة والمشردة بين معسكرات الداخل ودول الجوار ؟ هل ترصده للدكتور منصور خالد كان باعتباره وزير شباب في عهد مايو ، وب>لك يعد شان ثقافي ، ام باعتباره هدف سهل لايكلف المستهدف ادلة او حشد او عاقبة .... فالمسرح ممهد بانجازات الواجب المنزلي المتأسلم ومازال صدي الوان والراية يتردد انه مهزوم بائد (منصور خالد ) وبعدين العمل الثقافي (في واقع اقوامي ) هل يعني تغليب السائد والمألوف ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: عبدالله الشقليني)
|
Quote: اين اختراقات ع.ع.ا ؟ هل مشاركة الانقا> مؤتمراتها اختراق ؟ هل التناغم مع قيقم وساحات الفدا بتمجيد التراث القبلي في واقع متنوع اختراق ؟ هل سرد القصص والحكاوي عن x عضو الحزب في مريدي (شان ثقافي ) كافي لبعث الامان في النفوس المكلومة والمشردة بين معسكرات الداخل ودول الجوار ؟ هل ترصده للدكتور منصور خالد كان باعتباره وزير شباب في عهد مايو ، وب>لك يعد شان ثقافي ، ام باعتباره هدف سهل لايكلف المستهدف ادلة او حشد او عاقبة .... فالمسرح ممهد بانجازات الواجب المنزلي المتأسلم ومازال صدي الوان والراية يتردد انه مهزوم بائد (منصور خالد ) وبعدين العمل الثقافي (في واقع اقوامي ) هل يعني تغليب السائد والمألوف ؟ |
شكرا يامحجوب تاني
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: طلعت الطيب)
|
ديمقراطية الاتجاه الواحد ..
بقلم: د. حيدر إبراهيم علي السبت, 16 تشرين2/نوفمبر 2013 12:44
يجد المرء صعوبة بالغة في ايجاد تعريف جامع لمفهوم الديمقراطية في المجتمعات العربية –الإسلامية، حديثة العهد بالاهتمام بالديمقراطية. ولكن قد يجد الصفات التي تقرب صورة تجليات ممارستها واقعيا. وهذه مقاربة تساعد في فهم الديموقراطية، ونقدها، وبيان السلبيات والانجازات. فقد جاءت إلي ذهني صفة "الإتجاه الواحد" نتيجة اشتغال الديمقراطية بين الإسلامويين في محنتهم الراهنة. فقد أكد السلوك السياسي للأخوان المسلمين المصريين،أن الديمقراطية في فهمهم مجرد حق خاص بهم. إذ لم يعرف عنهم مطلقا ممارستهم للديمقراطية كعملية تفاعلية تبادلية، أخذ وعطاء، حقوق ومسؤوليات. ولم يعرفوا شعار: "الحرية لنا ولسوانا". بينما هذه هي فلسفة وجوهر الديمقراطية، ثم تأتي شرعية الصناديق أو الاستفتاءات. فأزمة الإسلامويين تكمن في اختزال الديمقراطية في آلياتها مع فصلها عن روحها وفلسفتها الهادفة لمزيد من أنسنة الإنسان بتوفير الحريات لتحيقق الذات بلا قيود. يفهم الإسلامويون الديمقراطية كوسيلة وليس غاية في ذاتها، يستطيعون بواسطتها نزع حق التنظيم والعمل السياسي بلا قيود.
وهذا هو الاتجاه الواحد الذي يريدون أن تسير عليه الديمقراطية . إذ لم يعرف عنهم الدفاع عن حق العلمانيين، والنساء، والمبدعين؛في التعبير عن ذواتهم بعيدا عن تهم التكفير والإلحاد والانحلال الأخلاقي. والدليل علي ضعف هذا الحس، يظهر في ضآلة مشاركة الإسلامويين في منظمات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق الإنسان، رغم عددية الإسلامويين ونشاطهم الواسع في مجالات أخري. فلا تجد أسماءهم في المذكرات والعرائض المطالبة بإطلاق سراح معتقلين شيوعيين أو ليبراليين. ولا يشاركون في مسيرات احتجاج علي حبس كاتب أو منع فيلم أو معرض فنون تشكيلية مثلا. وحتي الآن لم يصدروا موقفا واضحا يدين التكفير بسبب الآراء والأفكار. فهذه هي محكات واختبارات الديمقراطية الحقيقية وليس "الصندوق" فقط. ولذلك، يعتبر الإسلامويين مستهلكين للديمقراطية ومستفيدين منها، وليسوا منتجين ومدافعين عنها. فالإسلامويون ليسوا ديمقراطيين حقيقيين وأصليين، بل انتهازيون وانتقائيون. يلاحظ أن كل الاحزاب الإسلامية العربية التي أعلنت-لفظيا- مراجعتها لمواقفها المحافظة أو الرافضة للديمقراطية؛غيّرت مسمياتها القديمة ذات الدلالات الإسلامية المباشرة، مثل الأخوان المسلمين، أو الجبهة الإسلامية،. فقد ظهرت مفردات مثل العدالة، والتنمية، والبناء، والحرية، في تسميات ما بعد الربيع العربي. ولكن الأحزاب الإسلامية العربية الكبيرة، تجنبت تماما أن تضيف كلمة"ديمقراطي" إلي أسمائها. وحين يدافع الإسلامويون عن قيام أحزاب علي أسس دينية، فهم يستشهدون دائما بالأحزاب المسيحية الأوربية. ولكنهم يتجاهلون أن هذه الاحزاب أخذت أسماء مثل الحزب الديمقراطي المسيحي الإيطالي أو الألماني.
وهي بهذا الأسم المتضمن لكلمة ديمقراطية تؤكد مرجعيتها صراحة، وتعلن أن موقفها من الديمقراطية، أصيلا واستراتيجيا وليس تكتيكيا. فهي تري أن ذلك يضعف من قوة تأثير مرجعيتها الإسلامية. وهنا تنكشف المناورة الفكرية، فهم لم يحلوا بصورة قاطعة معضلة العلاقة بين الإسلام والديمقراطية. ويثبّتون فكرة وجود تناقض بين الإسلام والديمقراطية. ويتهرب الإسلامويون من تقديم إجتهاد عصري، يؤكد إيجابية العلاقة بين الديمقراطية والإسلام. وقد يكون الإسلامويون عاجزين عن ذلك، وبالتالي يكتفون بإجتهادات تلفيقية وجزئية. ويعود هذا العجز لغلبة الفكر المحافظ والخائف من التجديد. فالأزمة الحقيقية التي يعيشها الإسلامويون هي غلبة السياسوي والحزبي في عقولهم، علي الفكري والفلسفي
وينصب الجهد علي التنظيم والحركية، مفضلين الشعاراتية التي أثبتت جدواها في خلق شعبيتهم. ومن يتابع صراع الإسلامويين السودانيين هذه الأيام، تتأكد له جليا مظاهر الانيميا الفكرية التي أصابت مجمل الحركة الإسلاموية. فقد دخلت كل الاطراف الإسلاموية-الحاكمة والإصلاحية- في جدل سياسوي عقيم. وطرحت الاسئلة الخاطئة نفسها التي أنتهت بمفاصلة الشيخ (الترابي) عام 1999 م. وتمت شخصنة اسباب فشل المشروع الحضاري الإسلاموي أي إرجاع الأسباب لأخطاء أشخاص وليس لاستحالة قيام المشروع أصلا. فالسؤال الصحيح: هل يمكن قيام نموذج دولة أسلامية في القرن الحادي والعشرين في بلد متعدد الثقافات، غارق في التخلف والفقر؟ وفي هذه الحالة، ما الذي يميّز النموذج الإسلامي من غير الإسلامي؟ وهذا يعني الحاجة لإصلاح ديني يسبق الإصلاح السياسي أو الحزبي.
من التعسف حصر هذا الفشل الديمقراطي علي الإسلامويين فقط، ولكن بحكم تأثيرهم وقدرتهم علي تعطيل الآخرين يتحملون القدر الأكبر من المسؤولية.
ولكن في حقيقة الأمر، قضية الديمقراطية في بلادنا أعمق وأعقد من ذلك بكثير. فديمقراطية الاتجاه الواحد ليست قصرا علي الإسلاموية بل هي ممارسة مجتمعية وثقافية شاملة. فنحن جميعا، ومن كل الاتجاهات، نتاج مجتمعات استبدادية وأبوية. فقد خضعنا لنفس التنشئة الإجتماعية، وتشربنا الثقافة واحدة، وخضعنا لنفس النظام التعليمي والإعلامي. فقد تظهر الفروق الفردية ومستويات وعي متنوعة، مما يسمح لفئات إجتماعية نسب نفسها للديمقراطية والحداثة. ولكن هذه الفئات لا يمكن أن تخرج تماما من حكم المحددات الاجتماعية، والثقافية التي تحتم مسار مجتمعاتنا. ففي التجارب الشيوعية يمكن للبورجوازي أن يخون طبقته وينحاز للإشتراكية. وهنا لكي يكون الفرد ديمقراطيا حقيقيا، لابد أن يخون ثقافته أي يتخلص نهائيا من رواسب ثقافته الاستبدادية .
ويبرر الإسلامويون ضعفهم الديمقراطي بأنه رد فعل لا يخرج من سياق ممارسات الديمقراطيين
مارس الجيل الذي ننتمي إليه-من غير الإسلامويين- ديمقراطية الاتجاه الواحد قبلهم بطريقة متدنية. فقد سكت كثير من الديمقراطيين والليبراليين الحاليين، سياسية الصمت، والتواطوء بل المشاركة في إقصاء الإسلامويين. فقد توهمنا أن العسكرتاريا والحزب الواحد، ؛هي أقصر الطرق لتحقيق الاشتراكية، والتقدم، وتحرير فلسطين. وعقدت النخبة التقدمية صفقة مع الدكتاتوريات، حين قايضت الحرية بشعارات:وحدة، حرية، اشتراكية. وقدمت النخبة بعد ذلك تضحيات هائلة ولكن نتيجة طبيعية لعظم الخطأ. فقد تأخرت معركة الديمقراطية كثيرا، فقد تكونت أول منظمة عربية لحقوق الإنسان في العام 1983 م.
ويبقي الإنفصام الأكبر، هو أننا نحمل أفكارا متقدمة تتعايش مع سلوك شديد التخلف. وبالتالي لا نصل مع الديمقراطية إلي نهايتها. ولا ننسي أن غالبية الديمقراطيين الحاليين هم من سبقوا الإسلامويين في الإقصاء والتصفية حين رفعوا شعار"العنف الثوري". ففي السودان، رفع التقدميون شعار"التطهير واجب"، فجاءت (الجبهة الإسلامية) بقانون الفصل للصالح العام. هذا يعني باختصار أننا أبناء ثقافة استبدادية واحدة، ومجتمع راكد مقاوم للتغيير والتحديث. ويستوجب علينا إدراك أن تحقيق الديمقراطية ليس مجرد فعل سياسي واجراءات دستورية، ولكنها ثورة ثقافية وفكرية تزلزل كثيرا من الثوابت والوثوقيات. ولابد من الدخول سريعا في المسار العام للتاريخ الإنساني، بعد أن ظللنا ردحا من الزمن خارج التاريخ. وفي هذه الحالة لا يجدي ما نسميه الخصوصية، لو كانت خصوصيتنا هي القمع، والفساد، والفقر، وقهر النساء، وقمع الإبداع، ونشر القبح. (الحياة اللندنية16/11/2013).
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: الكيك)
|
كلنا أخوان مسلمون اليوم .. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم الثلاثاء, 30 تموز/يوليو 2013 05:50 كلنا أخوان مسلمون اليوم عبد الله علي إبراهيم
رثيت لجماعة من السودانيين تناقلوا خبراً لئيماً عن الرئيس مرسي مفاده أنه تهافت أمام المحققين. فقال إن خيرت الشاطر،نائب المرشد العام للأخوان المسلمين في مصر، إنتهره لما أبدى عزة برئاسته لجمورية مصر وقال له:"إن مصر اكبر من مرسي ومن جماعة الأخوان". ربما حدث هذا ونقول بذلك جدلاً. ولكن الأرذل من التضعضع أمام محقق حاقن هو التضعضع بقبول ما يصدر عنه عن رجل مغيب قهراً عن وظيفته التي جاءها برغبة شعب مصر. فإذاعة خبر عن مصدر واحد عاهة وبروبقاندا. أما إذاعة "مأثرة" للأمن المصري (عن الأمن المصري) عن هدم رجل في ذمتهم فهذا باب غائر في النذالة. قالوا إنهم يحققون مع الرئيس مرسي في هروبه الكبير من السجن خلال ثورة 25 يناير 2010 بمساعدة من حماس. واستغربت أن المحقق المصري كال###### العجوز في قول أهل الإنجليزية ليس بوسعك تعليمه حيلة جديدة. عدت بذاكرتي إلى أيام في 1964 أو1965 حين اصطدم الأخوان المسلمون بنظام ناصر. فألقت القبض على الشهيد سيد قطب. وراحت الدولة تذيع تآمر الأخوان لزعزعة أمن لبلاد. ومن ضمن ذلك نشر صور لمصاحف مجوفة قيل إن الأخوان كانوا يخفون فيها مسدساتهم لوقت التخريب. وصدقناهم في حماستنا للناصرية. وقتلوا قطب. وخرجنا في القوى التقدمية في مظاهرة لدعم النظام التقدمي في مصر من مؤامرات الأخوان. ولا أذكر ذلك اليوم إلا بهوان. لقد شقينا من أخوان السودان آنذاك ولكن لا تزر وازرة وزر أخرى. فليس من الخلق أن يسير التقدم في جنازة مفكر وعابد ومفسر مرموق للقرآن قتيل غيلة. استمعت إلى كلمة أحمد شفيق في مناصرة نداء السيسى العام لمواجهة الأخوان المسلمين. ويؤسفني أنها معجونة من لغة "تحالف الشعب العامل" في أسوأ نسخها. سمى الأخوان خونة ومارقين. خونة لمن ومارقين من ماذا؟ وقال إنهم توهموا بحكم مصر أن أماراتهم الإسلامية بدأت بها. فهي الباكورة. وقال إنه قد يفهم مروقهم. من ماذا؟ ولكن لا يفهم خيانتهم التي لن يلوموا إلا أنفسهم عليها. وقال إنهم سيتعبأون من ورراء القوات المسلحة التي، في ما معناه، حملت رؤوسها على أكفها فداء للوطن. وبالدم بالروح. يرتكب يساريو السودان ذنباً غير مغفور إن لم يستنكروا بأغلظ العبارات ما يجري للأخوان المسلمين في عدوية والجيزة والقائد إبراهيم. فقتلة الأخوان في تجمهرهم السلمي هم قتلة راتبون. وسيأتي يوم التحرير. بل جاء وذقتم عضاضهم. ولن تنجو منهم إلا إذا اتبعتم سنة التظاهر بأمر الزعيم. وهي عاهة قديمة فيكم. أرجو ألا نكرر خطأ 1952. فقد اتفق للأخوان والشيوعيين معاً الاحتجاج على انقلاب 1952. فقد صادم النظام الأخوان ووقعت المحاولة المزعومة لقتل ناصر واستباح النظام حرمات الأخوان. وحدث في نفس الوقت أن واجه النظام الشيوعيين بقتل "خميس والبقري" النقابيين ممن كانا في قيادة موكب للضغط لمطالب نقابية. ورتب الأخوان والشيوعيون حملات مشتركة للهجوم على الدكتاتورية العسكرية في مصر. وهكذا كان اسم ثورة يوليو في جريدة الميدان يومها. ثم جنح الشيوعيون نحو النظام بعدها كما هو معروف. التهمة الموجهة للرئيس مرسي أنه كسر قيد السجن وخرج بالثورة. فليقل شفيق والبرادعي وعمرو موسي ورفعت السعيد من أي الآرائك والمشربيات جاءوا إلى الثورة؟ لن يحقن دم الأخوان إلا تحالف عريض (حتى ممن وقفوا ضدهم في 30 يونيو) لوقف الذبح للسياسة في عدوية والقائد إبراهيم. فالذبح للسياسة هو نهاية السياسة. وكلنا أخوان مسلمون اليوم.
http://www.sudaneseonline.com/index.php/2008-05-19-17-39-36/56-200...-2013-07-30-04-50-34
*
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: عبدالله الشقليني)
|
الاستاذ الفاضل عباس الكاتب المعروف ومن اصدقاء الدكتور عبد الله على ابراهيم انفعل غاضبا .. عندما قرا مقال عبد الله تحت عنوان كلنا اخوان مسلمون وقال متحسرا ما يلى
المشهد المصري .. ودموع التماسيح ..
بقلم: الفاضل عباس محمد علي الأربعاء, 31 تموز/يوليو 2013 11:33
تذرف دموعهم بحوراً أولئك المتباكون علي ما يجري فى مصر ... باعتباره انقلاباً علي الديمقراطية؛... فقد أوردت خبرهم مجلة نيوزويك، خبر التمساح الأكبر "الواشنطن بوست" وبعض شيوخ الكنقرس المتنفذين مثل جون ماكين...بالإضافة لرويبضات هنا وهناك (مثل د. عبد الله علي إبراهيم الذى عنون مقاله الأخير كالآتي: "كلنا إخوان مسلمون" ....
واحسراه عليك يا صديقي! باسم من تتكلم؟ باسم الشعبين المصري والسوداني؟ أم باسم ابن خالتك النائب الأول؟ ... يعوضنا الله فيك يا مال فلسطين...) في محاولة للاختفاء خلف إصبع واحد...ويتجاهلون ثلاثين مليون مصري ظلوا منتفضين بشوارع المدن والدساكر المصرية منذ الثلاثين من يونيو حتي الثالث من يوليو.
فما حقيقة الأمر؟ وما حظ الثورة المصرية من البقاء والصمود والتقدم بإذنه تعالي ... ولو كره الكافرون؟ وأي موجة جديدة للحركة التحررية العربية تجتاح الشرق الأوسط؟!
أولاً، مما يبعث علي الأمل فى المشهد الأمريكي نفسه أن كفة "الواشنطن بوست" تعادلها - إن لم ترجحها - كفة "النيو يورك تايمز" التى تماهت مع الموقف الحقّاني المؤيد للشعب المصري؛ ولقد كتب أحد رموزها الجهابذة – ديفيد بروكس – ناصحاً البيت الأبيض بألا يراهن بعد الآن علي الإخوان المسلمين الفاشلين ... سواء كانوا فى المعارضةً أو الحكومة ... وقال، كما جاء فى نيوزويك عدد 22 يوليو: (It has become clear in Egypt, Turkey, Iran, Gaza and elsewhere that radical Islamists are incapable of running a modern government. They have absolutist, apocalyptic mindset….They lack the mental equipment to govern.)
وهكذا، يبدو أن الأمريكان قد شرعوا بالفعل في التخلص من الإخوان حلفاء الأمس، وفق براجماتيتهم وماكيافيليتهم المعروفة، بمثلما تخلصوا من شاه إيران الذى لاذ بهم...فلفظوه لفظ النواة... وجاب الدنيا كالبعير الأجرب، لا يدري أين يسلم روحه إلي بارئها...وكذا الحال بالنسبة لجعفر نميري الذي كان ضيفاً علي رونالد ريقان بالبيت الأبيض عندما هبت انتفاضة أبريل 1985 وأطاحت به...فأمروه بالمغادرة الفورية... ثم، وهو فى الجو، اتصلوا بعميلهم حسني مبارك ليحبسه لديه بضاحية مصر الجديدة.
وثانياً، ظلت مواقف الولايات المتحدة من الديمقراطية فى باقي العالم دائماً فى تذبذب وصعود وهبوط...حسب المصلحة: • فلقد أبلت أمريكا بلاءاً حسناً ضد النازية الألمانية والفاشية الإيطالية إبان الحرب الكونية الثانية، إلي أن دكت حصونهما تماماً وأقامت علي أنقاضهما ديمقراطيات راسخة بدساتير محترمة ساهم الحقوقيون الأمريكان بالقدح المعلي فى صياغتها بعيد الحرب. والمبادئ التي أسست عليها الدولة الألمانية الإتحادية الجديدة هي:
Denatsification. Demilitarization. Decartelization. Democratization.
أي: تجريد ألمانيا من النازية... ومن جيشها...ومن هيمنة الاحتكارات......ثم دمقرطتها.
• ولكن، فى نفس هذا الوقت كان الغرب، بزعامة الولايات المتحدة، يدعم النظام الفاشي في إسبانيا تحت الجنرال فرانكو، ومن بعد ذلك فى البرتغال تحت سلازار... كما تقاسمت كل أمريكا اللاتينية أنظمة عسكرية توتاليارية عميلة للولايات المتحدة وراضخة لنفوذ الإحتكارات الأمريكية صاحبة المزارع الضخمة plantations لإنتاج البن وقصب السكر والموز وتربية الحيوانات، بينما ظلت شعوب تلك البلدان ترزح تحت الفقر المدقع...حتى ثوراتهم الأخيرة مع نهاية القرن العشرين التى استعادت الحرية من سطوة الإمبريالية الأمريكية... وشقّت تلك الدول طريقها نحو الصعود الإقتصادي، والتحقت بمنظومة دول البركس BRICS، بريادة البرازيل، وأضافت صفحات جديدة لقصة النجاح فى زمن قياسي، واحدة بعد الأخري.
• وسكت الغرب تماماً عن المجازر التى ظل جوزيف ستالين يرتكبها فى حق الشعوب السوفيتية منذ الحرب الكونية حتي وفاته عام 1954...لأن الغرب كان قد تقاسم العالم مع الاتحاد السوفيتي كمناطق نفوذ فى مؤتمر يالطا قبيل نهاية الحرب – (بحضور الرئيس روزفلت وونستون تشرشل ودي جول وستالين).
• وكانت الولايات المتحدة نصيرة للأنظمة القمعية والدكتاتورية بكافة أرجاء العالم...إبتداءاً من الكنغو عام 1960 حيث تآمرت المخابرات المركزية الأمريكية علي تلك الدولة الأفريقية الخارجة لتوها بقيادة المناضل الوطني باتريس لوممبا من الإستعمار البلجيكي ، إلي أن صفته وذوبته فى حوض لحامض الكبريتيك، ونصّبت فى مكانه لصاً عميلاً إسمه موبوتو، ظل يحكم لنيف وأربعين سنة بحماية الغرب،
ولما قضي نحبه ترك فى حسابه أربعين مليار دولار بينما بلده مدينة بهذا المبلغ للمؤسسات المالية الغربية...وكذا الحال بالنسبة للعديد من الدول الإفريقية النامية التى ما كادت تتخلص من الاستعمار القديم...حتي داهمها الاستعمار الحديث...فى شكل أنظمة دكتاتورية مدعومة من قبل الولايات المتحدة والغرب، نظير بعض القواعد العسكرية هنا وهناك، أو الارتباط بأحلاف أو اتفاقيات مع الدول الغربية، أو فقط لمجرد الدوران فى فلك الغرب والتصويت لصالحه كلما دعا الحال بالجمعية العامة للأمم المتحدة.
• وذهبت أمريكا بجيوشها الجرارة منذ مطلع الستينات لترث فيتنام عن الاستعمار الفرنسي الذى حمل عصاه علي ظهره وخرج مذموماً مدحورا بعد هزيمته النكراء فى دين بيان فو علي يد الزعيم الفذ هوشى منه وجيش تحريره..ذلك الجيش الذي استولد بعد ذلك مليشيا الفيت كونق....وبدأ التصعيد الأمريكي للحرب الفيتنامية منذ أيام الرئيس جون كندي، ثم زاد فى عهد خلفه لندون بينز جونسون... ومن بعده رتشارد نكسون،... ولكن فى النهاية كسب الفيات كنق الجولة ودحروا الجيش الأمريكي ووحدوا فيتنام شمالها وجنوبها، وهي الآن إحدي مكونات البركس التى يحسب لها ألف حساب..وتخطب أمريكا ودها الإقتصادي والاستثماري...وتؤسس معها الشراكات الراكزة فى هذه وغيرها من المجالات.
• والموقف الأمريكي المخجل حقاً هو تأييدها ودعمها لنظام الفصل العنصري بجنوب إفريقيا منذ سرقته للسلطة من الاستعمار البريطاني عام 1948 حتي انهيار الأبارثايد عام 1994. وموقف آخر مخجل هو خلق دولة "الصين الوطنية" فى جزيرة تيوان ملاذاً لجماعة شيانغ كاي شيك المسماة "الكوميتانج" الفارين من الصين الأم بعد انتصار الثورة الماوية فيها...فتبنتهم أمريكا واعترفت بدولتهم ممثلاً للأمة الصينية بالأمم المتحدة وبمجلس الأمن كواحد من الأعضاء الخمس المؤسسين أصحاب حق الفينو...وهو أمر خاطئ وظالم...ولكن تم تصحيحه عام 1971 بعد زيارة نكسون الشهيرة لبكين عاصمة الصين الشعبية...وبعد ذلك قلبت الولايات المتحدة ظهر المجن لجماعة الكوميتانج ولفظتهم لفظ النواة...وسيأتي يوم يتكرر نفس السيناريو بالنسبة لإسرائيل...طال الزمن أم قصر.
• فإسرائيل فى حقيقة أمرها ليست إلا استعماراً استيطانياً مارسه اليهود الفارون من محرقة النازية والإضطهاد العنصري الأوروبي في حق فلسطين منذ 1948..حتي اليوم...ولقد تبنتها الولايات المتحدة كأنها الولاية الواحد وخمسين...ومدتها بالغالي والنفيس، متجاهلة حقوق الشعب الفلسطيني الذى تم تهجيره من مدنه وقراه العامرة منذ آلاف السنين...والذى ما زال يتعرض للقمع والتهجير والطرد من ممتلكاته وأراضيه بالضفة الغربية...وظلت الولايات المتحدة تدعم إسرائيل ظالمة أو مظلومة مادياً ومعنوياً... وبحق الفيتو المستخدم منذ نشوء دولة إسرائيل حتي اليوم، بلا كلل أو ملل، فى وجه كل قرارات مجلس الأمن الخاصة بفلسطين... ولم تلق أمريكا بالاً لذلك الشعب الفلسطيني المسكين المستغيث... كما لم تحترم أصدقاءها العرب الآخرين الذين ولغت في خيراتهم حتي الثمالة، منذ استخراج النفط قبيل الحرب الكونية الثانية... حتى يومنا هذا.
• ولقد بدأت الولايات المتحدة مشاريع هيمنتها علي الشرق الأوسط بالحلف المركزي عام 1955 فى محاولة متكالبة لسد الفراغ الذى تركه الاستعمار البريطاني والفرنسي...وبدأ الحلف بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة والدول الدكتاتورية اليمينية بالمنطقة: العراق وتركيا وباكستان...ولكن العراق انسحبت منه عام 1958 بعيد إنقلاب عبد الكريم قاسم...ثم انهار الحلف كلية عام 1979 علي إثر الثورة الإيرانية....بيد أن النفوذ الأمريكي استمر بالمنطقة بمثلما كان أيام حلف بغداد، إن لم يكن بصورة أكثر عنفواناً وقوةً...
إذ كانت الطاقة المناهضة للإمبريالية الأمريكية بالمنطقة هي حركة القومية العربية التى استنهضها جمال عبد الناصر بعد أن تشرّبها من شكري القوتلي وغيره من الوطنيين الشوام. وكان ذلك هو الخطر الذى هدد الوجود الاستيطاني الصهيوني بفلسطين...كما هدد مجمل المخططات الاستعمارية الغربية بالمنطقة...فقد اشرأبت كل الشعوب العربية للانعتاق من الاستعمار ولنصرة الشعب الفلسطيني وللإنخراط فى الخط الثوري التقدمي بقيادة رموز تلك الأيام...جمال عبد الناصر وقادة الثورة الجزائرية والملك التقدمي محمد الخامس ملك المغرب...إلخ. وكانت "صوت العرب" تجلجل فى أركان العالم العربي من الشارقة إلي فاس ...ومن كركوك إلي غندكرو بجنوب السودان...وكل الشعوب العربية آذان لخطب عبد الناصر...تلك المدرسة المفتوحة لعلم الثورة ولمقارعة الحجج الإمبريالية ولرفع وتائر الوطنية الحقيقية...التى تعني فيما تعني رفض الوصاية الغربية، والأخذ بيد الكادحين والمظلومين العرب أينما كانوا...والسعي نحو وحدة عربية تقدمية تضع هذه المبادئ موضع التنفيذ الفعلي...وتنقل الشعوب العربية نحو الاستقلال الحقيقي ذى المضمون الاجتماعي، فى إطار التوزيع العادل للثورة ...والحرية والحكم الراشد....
...وكان لا بد من وضع حد لهذا المد...وبالفعل تم القضاء علي جمال عبد الناصر عبر نكسة يونيو 1967...كما تم إيجاد ممرات وقنوات جديدة (دريبات قش) فى وسط الدول العربية...وتم تدعيم الأنظمة الصديقة بالمنطقة، بدءاً بإسرائيل وإيران الشاهنشاه وتركيا... حتى العديد من الدول العربية الدائرة فى الفلك الأمريكي....بعد أن تقاذفتها نوى الحرب الباردة ... بين انكسار للصف العربي بعد نكسة 1967 (برغم مؤتمر اللاءات الثلاثة بالخرطوم فى نفس ذلك العام)...وبين الخطر القادم من التيارات الشيوعية والبعثية الزاحفة من العراق واليمن الجنوبي..إلخ...وبين الاستسلام للماكينة الدعائية الغربية التى تصور النموذج الرأسمالي الأمريكي/الأوروبي كأنه المخرج الوحيد للدول النامية الساعية لتقدم ورفاهية شعوبها....وفى حقيقة الأمر لا تنبح الكلاب الغربية إلا حرصاً علي ذيولها فقط...أي مصالحها (وأمن إسرائيل)...مهما حاق من حيف بالشعب الفلسطيني أو بغيره من الشعوب العربية المغلوبة علي أمرها.
• ومن أهم أعمدة الإستراتيجية الأمريكية تجاه العالم العربي زرع الفتنة الطائفية والمناطقية والعرقية فى أوصاله وتفتيت جسمه وتحويل فردوس الوحدة العربية الموعود إلي سراب وكوم رماد تذروه الرياح....هذا ما كتبه البروفيسير نعوم شومسكي في مقال رصين (موجّب) بصحيفة القارديان البريطانية فى يونيو 1982 أيام الغزو الإسرائيلي لبيروت الغربية وذبح الفلسطينيين بصبرا وشتيلا...إذ قال شومسكي مستدلاً بالبراهين الدامغة وبالوثائق الأمريكية والصهيونية (وهو أصلاً يهودي....استاذ كرسي اللغويات بمعهد ماساسوشتس للتكنولوجيا ... وذو ضمير حي ومتعاطف مع القضية الفلسطينية)
إن الهدف النهائي، وهو القضاء علي فكرة الوحدة العربية، سيأتي عبر سلسلة عمليات تشظي، بدءاً بالعراق التى سيتم تقسيمها إلي ثلاث دول، واحدة للأكراد فى الشمال، والعرب السنة فى الوسط، والشيعة فى الجنوب. وسيتم تقسيم السودان ألي شمال وجنوب. وستنقسم سوريا إلي ثلاث دويلات: العلويين فوق المرتفعات الساحلية الغربية، والسنة بالشرق والأكراد بالشمال. ومصر كذلك ألي أقباط ومسلمين..إلخ. ولقد عاد شومسكي لهذا الموضوع كثيراً بمجلة The New Left التى ظل يساهم فيها منذ عشرات السنين.
• ومن أجل التنفيذ العملي لمخطط التقسيم، ذهبت الولايات المتحدة خطوة لم تسبقها عليها الدول الاستعمارية الأخرى منذ أن غادرت آخر جيوشها قناة السويس عام 1954...إذ قامت باحتلال العراق عام 2003 احتلالاً كامل الدسم بحجة أنه ملئ بأسلحة الدمار الشامل...والنتيجة النهائية لذلك الوجود العسكري العبثي الذى دام لعشر سنوات هي ما نشهده اليوم من عدائيات لا تتوقف بين الشيعة والسنة والكرد...ولن تتوقف إلا بالتقسيم الذى تنبأ به نعوم شومسكي.
وبحكم تاريخ الحكومة الأمريكية العامر بمصادقة الأنظمة والإتجاهات القمعية والرجعية بكافة أرجاء العالم، فإن آخر الأصدقاء فيما يبدو هم الإخوان المسلمون. ولكن، ظهر عامل جديد/قديم لم تضعه الإستراتيجية الأمريكية في الحسبان...وهو إرادة الشعوب التى جسدها الشعب المصري...ومن خلفه كافة الشعوب العربية المتطلعة للانعتاق من الأبوية الغربية...صوب الحرية والتقدم الإقتصادي القائم علي نجاعة ووفرة الانتاج وعدالة التوزيع وضمان حقوق الإنسان. إن الغرب (بقيادة الولايات المتحدة)، الذى يتباكي علي حبس محمد مرسي بسجن اللومان، ظل يحبس مئات الإخوان المسلمين بقوانتانامو وبكافة السجون الباكستانية والأفغانية منذ عشر سنوات...دون تقديمهم لمحاكمات......وهو لا يتباكي بدوافع إنسانية، حيث أن هذه الإنسانية يتم تجاهلها تماماً عندما تتعارض مع مقتضيات الأمن القومي والمصالح الأمريكيةً،..
. ولكنه يتحسر علي عهد قديم تولي...وترتعد فرائصه من عهد جديد يطل برأسه علي كل المنطقة العربية....عهد الوعي الجماهيري الذى يذكر بأيام كانت الشعوب العربية تصطف خلالها وراء الشعارات التقدمية التى طرحها عبد الناصر وغيره من الزعماء الثوريين والمفكرين التقدميين العرب...والغرب يعلم أن التأثير المصري سيسري كالنار فى الهشيم عبر الشرق الأوسط كله...فإن كانت "صوت العرب" تفعل فعل السحر فى الخمسينات والستينات... فما بالك ب"القاهرة والناس" و"العربية" وغيرها من القنوات التى لم تبع نفسها للشيطان مثلما فعلت "الجزيرة"... وما بالك بالإعلام الإجتماعي...التويتر والفيسبوك وهلم جراً؟!
إن الأرض تميد، ليس فقط من تحت الإخوان المسلمين الطابور الخامس للإمبريالية وسط الشعوب العربية، إنما تحت الوضع الخاطئ وغير القانوني المسمي إسرائيل...التى ستتخذ مكانها فى مزبلة التاريخ مع تيوان ونظام الفصل العنصري الجنوب إفريقي...وتحت أرجل الدول الغربية التى لم ترد الجميل للشعوب العربية التى ظلت تشاركها نعيم الحياة النفطية الميسورة...وظلت ترسل الجيوش الجرارة من عمالتها العاطلة عن العمل...لتنعم بالمزايا والرواتب الخرافية منزوعة الضرائب...باعتبارهم (خبراء)...ومعظمهم (زلنطحية وحبرتجية) كما قال صديقي جعفر عباس فى إحدي مقالاته الفكهة...ومعظمهم جهلاء بالواقع العربي...ومساندون لإسرائيل فى السراء والضراء...ونصفهم متفسخون أخلاقياً ومثليون...وهم الذين أودوا بنظام الشاه فى إيران الذى بالغ فى الغربنة وأطلق يد الأمريكان والأوروبيين فى بيئة شرقية محافظة بطبعها...فثار الشعب وأطاح به عام 1979..
.ولكن ملالي قم سرقوا تلك الثورة كما فعل الإخوان المسلمون بثورات الربيع العربي فى مصر وتونس وسوريا ....فهنالك علي كل حال فرق بين الغربنة بلا تحفظ...والتحديث والتقدم والعصرنة والتصنيع الذي سلكت دروبه الدول الآسيوية الناجحة كسنغافورة وماليزيا والصين إندونيسيا واليابان...و لا أظن أنهم جلبوا الجيوش الجرارة من العمال والفنيين والمهنيين الغربيين...ولكنهم جلبوا المعرفة والتقنيات والبروشورات والكتيبات والأفلام والبرامجيات...وأرسلوا كوادرهم للغرب للتعلم واكتساب الخبرات ومن ثم العودة لأوطانهم...لا لتقيم هناك ما أقام عسير. ومن بوابة الإعتماد علي الغربيين ولج الملالي فى إيران...ومن نفس البوابة سيلج الإخوان المسلمون فى الدول العربية التى يتآمرون لاختطافها.
والملاحظ، في نهاية التحليل، أن العديد من الدول العربية النفطية أخذت بالفعل تتأثر بالنموذج الآسيوي الناجح فى الآونة الأخيرة، وظهر إهتمام واضح بمنظمة آسيان ASEAN وغيرها من التكتلات الآسيوية... وقامت عشرات الشراكات فى مجال التدريب والتصنيع والتجارة البينية مع الدول الاسيوية الصاعدة، خاصة سنغافورة وماليزيا والصين. وهكذا، فقد تم تمهيد الأرض للتحرر من الهيمنة الغربية.......وبعد نجاح مصر فى التخلص من الإخوان المسلمين بإذن الملك العلام، فإن الخطر الذى تمثله إيران (وشيعتها المبثوثون فى شرق الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق واليمن)....سيبطل مفعوله...إذ أنها ستفقد حليفاً سياسياً خطيراً متغلغلاً فى الجسم السياسي العربي...وهو الإخوان المسلمون.
إن الشعب المصري يعود بالتاريخ لروح التضامن العربي التى كانت سائدة حتى نهاية الستينات...ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون بين الشعوب المحبة للخير...وكان أول آيات ذلك التعاون والتضامن الإثني عشرة مليار دولار التى تواترت لمصر قبل أيام من السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت....وبنفس هذه الروح، ليس مستغرباً أن يمد مجلس التعاون الخليجي يده لمصر الجديدة لتنضم إليه (بمثلما فعل مع المغرب والأردن...ولكنه تردد لما أحس بأنهما الأقرب للسقوط فى براثن الإخوان المسلمين...وفي مستنقع عدم الاستقرار)...ليس فقط من أجل ترسيخ التعاون بين الدول العربية الجادة فى تحقيق التحول الاجتماعي والرفاهية لشعوبها...إنما لبعث رسالة لكل من يهمهم الأمر: عضوية المنظومة الخليجية جائزة لمن ينتصر علي عناصر الإرهاب والتطرف والفتنة... وينتصر لإرادة شعبه...وستكون برداً وسلاماً علي من يدخل فى زمرة العقلانيين المعتدلين غير المتطرفين الساعين للعدالة والسلام...وحرباً علي المتعطشين للسلطة للبطش بشعوبهم والطامعين فى السيطرة علي العالم العربي والإسلامي... وفي إثارة الفتن الطائفية والجهوية......ويقيني أن الوحدة التى كان يدعو لها عبد الناصر وشكري القوتلي ستأتي من باب جديدة ...باب الشعوب العربية التى ساهمت الثورة المصرية منذ 30 يونيو حتي الآن فى إيقاظها. ألا هل بلغت....اللهم فاشهد! والسلام. Fadil Abbas [fdil.abbas@gmail
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: الكيك)
|
خالد منتصر الإخوان و«الهارد ديسك» المصرى خالد منتصرال
سبت 16-11-2013 21:5 المعركة مع أى فصيل سياسى هى معركة سياسية وهى نتاج خلاف سياسى بين الرأى والرأى الآخر، أما المعركة ضد الفصيل الدينى مثل الإخوان أو تيار التأسلم السياسى فهى معركة وجودية وهى نتاج صراع بقاء ما بين الرأى ونفى الرأى، والفرق كبير ما بين خلاف الرأى والرأى الآخر وبين خلاف الرأى ونفى الرأى، فالخلاف بينك وبين أى معارض لك فى الرأى من غير الإخوان خلاف أرضى لا يستدعى رأيا من السماء يصادر المناقشة من البداية بل قبل أن تبدأ، وأنت حين تختلف مع هذا المعارض فأنت ما زلت فى إطار خلاف النظريات والقوانين الوضعية التى أفرزها التطور والاختلاف والتغيير وكل هذا يحتمل المناقشة والأخذ والرد والحذف والتعديل، أما حين تختلف مع الإخوان أو تيار الإسلام السياسى فأنت تختلف مع الله وأنت ضد السماء وأنت رأيك مصادر ومنفى ومكفر وجسدك مستباح وقتلك حلال واستئصالك فريضة، لذلك القاتل الإخوانى أو الجهادى ليس لديه أدنى إحساس بالندم على قتل المعارض بل على العكس هناك إحساس بالفرحة والسرور والحبور لأن المقتول أساساً عبء على الدين ومعطل لانتشار الرسالة ومعوق لانتصار الشرع وبقتله سيقترب القاتل خطوة من الفردوس وسيحصل إن عاجلاً أو آجلاً على مكافأة الحور العين وأنهار العسل ومتعة الخلود وخلود المتعة!
المشكلة التى لا يريد فهمها دعاة المصالحة أو بالأصح يفهمونها و«مستعبطين» نتيجة مصالح أو تحالف أو تنفيذاً لأجندة أو خوفاً من تصفية جسدية أو تجريس معنوى،
المشكلة هى أن الإخوان عندما يريدون الحكم أو ممارسة السياسة أو حتى العمل النقابى فهم يريدون تغيير وتبديل «الهارد وير والهارد ديسك والدى إن إيه» المصرية تماماً حتى نصبح مسخاً، أما أى تيار أو فصيل أو مؤسسة فكل مجالها وساحة ممارستها وملعب تغييرها هو «السوفت وير»، اللعب فى البرامج بالتطوير أو الحذف أو تخليصها من الفيروس أو تعديلها لتتواءم وتتناسب مع برامج أخرى جديدة... إلخ، وهذا سهل استرجاعه لو ضاع أو تغير، وسيظل دوماً خلافك مع أى معارضة غير إخوانية أو معارضة خارج نطاق الإسلام السياسى هو فى إطار «السوفت وير» الذى لا ينفى هويتك ولا يلغى وجودك ولا يطمس وطنيتك وانتماءك،
الإخوان يريدون تدمير هذا «الهارد» الوطنى بأكمله وإلقاءه فى سلة القمامة من أجل عيون دولة الخلافة الإسلامية طبقاً لشروط الجماعة الإخوانية،
الإخوان فيروس بلغة التكنولوجيا يدمر الهارد ثم يقتحم الشاشة ويبلكها ويدخل على الكى بورد والأسلاك والشاحن والترانزستورات فيلتهمها بأسنان فأر قارض فيصير الكمبيوتر شبح كمبيوتر ويصير الوطن مسخ وطن ويجلس الإخوان على العرش فوق تل الجماجم وحطام الدمار وأشلاء الجثث ورفات الضحايا، لكن المهم أن يكون خلف العرش لافتة مكتوبة بالخط الكوفى «هنا حكم الإخوان المصريين إلى الأبد وجعلوهم رعية للباب العثمانى وأتباعاً للفكر القطبى»، ولكن الحقيقة أنهم لم ولن يحكمونا إلى الأبد ولكنهم حكموا على أنفسهم بالإعدام وانتحروا سياسياً ونحروا اجتماعياً وشعبياً ووضعوا الصبار على قبر جماعتهم وكتبوا على الشاهد «فى مصر ولدوا وعاشوا وماتوا غير مأسوف على عصابتهم».
الوطن
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: طلعت الطيب)
|
Quote: لم أطلع على كل كتابات د ع ع ابراهيم ولذلك لست فى وضع يتيح لى إصدار احكام وهو شىء اتجنبه واتواضع تجاهه خاصة فى حق النخب ذات الانتاج الغزيز ، استمتع لقراءة نصوص الرجل فى اغلب الاحيان ولا اجد ضرورة على الاطلاق للخروج بإتفاق مع استنتاجاته لانها تخصه وحده.. ما استطيع ان ادافع عنه سياسيا هو مواقفى الشخصية وهذا شىء ارى اهمية توضيحه حتى يفهم الناس ما عنيته بحديثى عن موقفى من النقد الديمقراطى المسؤول. |
العزيز طلعت استوقفني في مداخلاتك (الانتاج الغزئر ) و دفاعك عن مواقفك (السياسىة ) رغم الاستمتاع بنصوص الرجل فالانتاج الغزئر ليس شهادة كفاءة او قداسة ، كم اهدر الشعراء المتكسبة بغزارة فنون البلاغة علي اعتاب السلطان ، فقيم الحداثة طالت الاستمتاع ، وفرز السياسي من الثقافي في السودان الشقيق لايعلقنا علي صليب التخصص الثقافي (علي قول ادورد سعيد ) فهل كانت (الغزارة الانتاجية ) في جو ديمقراطي معافي ام كانت في منابر الانقاذا التي لم تتسامح مع (العراب ) حسن الترابي او فتي الجبهة المدلل حسين خوجلي وتصدر ع.ع.ا صدر منابرها !!!!! واذا كانت كتابات ع.ع.ا ابان حقبة بيوت الاشباح وصلف الانقاذ (حقبة التراث القبلي ) لم يفك طلاسمها (الثقافية ) المنفيون في اللغة فلماذا لجاء (المتخصص وراعي الكهنوت الثقافي ) لاستعطاف كمال الجزولي عن عدم فضح خالد المبارك ممثل النظام الثقافي في لندن ورفيق المسيرة ....... يقول درويش : اذا رايت أباك مشنوقا فلا تنزله عن حبل السماء فاذا شنقت اقوام السودان علي حبل الانقاذ فلا عزاء لهم ان كانوا منفيون في اللغة او غير متخصصون في الشان الثقافي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: MAHJOOP ALI)
|
Quote: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... |
لماذا لا تقييم المؤسسة الفكرية الثقافية التي انتجت د.عبدالله علي ابراهيم وغيره من نجوم الغد..... وهي تنظيم وليس حزب ومؤسسة شمولية وحالة استلاب من الجارة مصر...ماتت في 1972 في السودان وفي 1990 في العالم في برلين وقعت فيها حيطة وهم"الشيوعيين"و الاخوان المسلمين وجهين لعملة واحدة ويعيشون في عالم افتراضي لم تيقظهم منه حتى قيامة الساحةالخضراء 2005ولا المقعدين بتاعين 1986.. تنظيمات صفوية ساكت ..
للاسف ازمة المشهد الفكر يالثقافي السياسي السوداني ان النخبة السودانية وادمان لفشل مجدت الوافد واحتقرت المحلي من الاستقلال1954 وحتى الان... والمواجهة بين القراي وعبدالله هي اخر تجليتاها في السودان الفضل بداية نهوض الجيد المحلي في وجه الوافد المبتسر..-بضاعة خان الخليلي التي ماتت في ميدان رابعة العدوية2013 ..لذلك يستعين الكيزان..بهذا النوع من الراجمات... وانا طرحت تساؤل مباشر ما هي المؤهلات التي جعلت هذا الدكتور رئيساً اتحاد الكتاب السودانيين في زمن الانقاذ القمعي غير الديموقراطي؟ الاجابة: لانه يعبر عن وعي الانقاذ... وله رصيد في الارث الشمولي عجزت سنوات امريكا الطويلة في اذالته الا نقاذ التي تمنع حتى كتب وابداعات السودانيين من الدخول الى الشعب الذكي -وتوقف الناس عن الكتابة وتصادر الصحف وفي ظل ازمة المنابر الحرة يزدهر نبات السلعلع... والحزازيات القائمة... و.ومراجعات ...حتى تكتمل الصورة.. د.عمر القراي ابن مؤسسة فكرية ديموقراطية سودانية 100% وده الفرق...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: عبدالله الشقليني)
|
دراسة هامة مقارنة في مصطلح الإسلام الشعبي ، للبروفيسور عبد الله علي إبراهيم ، تعمق الدراسة في الإسلام الشعبي ، وهو مبحث هام : الإسلام الشعبي: دين في مقاس الرجرجة عودة الي مفهوم القس سبنسر ترمنغهام (1949) عن الأسلام الشعبي عبدالله علي إبراهيم ترجمة محمد عبدالله عجيمي
سادت منذ حين مصطلحات واوصاف في الكتابة عن الثقافة السودانية لم تخضع بعد الي التمحيص. ومن هذه المصطلحات قول الكتاب أن إسلام السودانيين المسلمين هو "تأسلم" وأن عروبة عربهم استعراب وأن خليط هذين الحظين المبخوسين هو "الاسلاموعربية". و"التاء" في حال التأسلم والإستعرب هي "ت" الإفتعال. وهذا حكم مجازف لا يصدر عن علم او تأهيل لأنه لا احد يعرف "مقدار" الاسلام أو العروبة التي يشترط توفرها في كائن بشري حتي يصح وصفه بالمسلم العربي بغير "تاء" المناتقة كما جاء عند الدكتور عبدالله الطيب.
وأخشي أن يكون ذيوع هذه المصطلحات أثراً من معارك السياسة العملية حيث تدور رحي حرب الحداثيين والإصوليين من العرب المسلمين منذ حين في سياق حرب اهلية بغيضة. وقد اراد الحداثيون كسب نقاط علي خصومهم الدينيين بالقول ان ديننا هو "نص ديانة" وعروبتنا هجينة فلا تخوتوننا. واذا صح مثل هذا الاعتذار بضآلة كسبنا من الاسلام والعروبة في معمعمان العراك السياسي فهو لا يجوز في مقام العلم بالأشياء.
ومصطلحات الحداثيين الدهريين من مثل الإستعراب والتأسلم قديمة حتي لو بدت لها لمعة عند الناطقين الجدد بها. فهي من موروثنا من الإثنوغرافية الاستعمارية والتبشيرية التي نشط فيها هارولد مامكايكل بكتابه عن (تاريخ العرب في السودان، 1922 ) والقس الأنجليكاني ترمنقهام بكتابه عن الاسلام في السودان (1949). ولم نقصد برد منشأ هذه المصطلحات الي بؤر استعمارية القول ان متبنيها في أيامنا هذه ملوثون ومصروعون بالغرب. حاشا. اكثر ما نريده في هذا المقام القول ان هذه المصطلحات قد تفرعت من نظريات "ألأوابد"survivals والانتشار التاريخي للثقافة ومباديء الوظيفية functionalism التي سادت في اوئل القرن الماضي ثم خبت جذوتها وهجرها الناس الي نظريات أهدي وأقوم. ووقف للأسف حمار نظرنا الثقافي في عقبة تلك النظريات المهجورة. وقد نعزو ذلك الي ان شعبة الأنثربولجيا بجامعة الخرطوم ،التي هي مركز تلقي الجديد في هذا العلم، قد كفت عن العناية بالثقافة منذ تحولت الي شعبة خدمات لمنظمات غوث الملهوف الغربية. وأضحي جهد أكثر اساتذتها منصباً علي كتابة مذكرات عن خلفيات اجتماعية للسودانيين المراد غوثهم او تطويرهم. وهكذا توقفت الشعبة عن النظر الثقافي الذي ميز جيلها الأول مثل الدكتورين تاج الأصفياء وفهيمة زاهر. وسيري القاريء خطر مثل هذا التباطؤء في متابعة النظر الثقافي المطرد الذي انتهي بنا الي التعلق بنظريات عن أخص خصائصنا عفا عليها الزمن ورمي بها الناس في مزبلة العلم لو صح التعبير.
وقد حاولت في مقالين لي بالإنجليزية أن أوطن النظر الثقافي عندنا فيما استجد من علم الهوية والثقافة. نشرت كلمتي الأولي في مجلة الدراسات الأفريقية العالمية الإنجليزية عام 1985 ونشرت الثانية بكتاب حرره الدكتوران سيد حامد حريز والفاتح عبدالسلام عنوانه في العربية: "الإثنية والخصام ولتكامل القومي في السودان" (1989). وقد حال صدورهما في الانجليزية وتنائي المنشورة بالخارج منهما عن محيط البلد دون أن يجدا مكانهما في المناقشات الجارية علي قدم وساق في بلدنا عن الهوية. وقد التمست عون الاستاذ عزالدين عثمان المحامي في ترجمة المقالة الأولي والأستاذ محمد عبدالله عجيمي في ترجمة الثانية. كما دقق في التعريب الدكتور بدر الدين علي والأستاذ الخاتم المهدي. فجزاهم الله عني كل خير. وقد راجعت التعريبين لأتحمل تبعة نشرهما وحدي دون غيري. وقد نشرت المقالة الأولي المعنونة "كسار قلم مكميك: عودة الي هوية الجعليين الكبري" هنا علي حلقات منذ حين. وها أنا أبر بالوعد وأنشر المقالة الثانية المعنونة " الإسلام الشعبي: دين في مقاس الرجرجة" علي حلقات هنا. ولن يجد القاريء ثبت المراجع ويمكن لطالب الإستزادة الإستفسار عن مرجع أو آخر علي بريد المؤلف.
وجهة النظر المأخوذ بها حاليا حول هوية السودانيين الشماليين الإثنية والدينية هي في جوهرها من عمل هارولد أ. مكمايكل (1922)1 وجي. سبنسر ترمنغهام (1946)2. ويقول مكمايكل أن القاسم المشترك الأعظم في الهجين العربي الأفريقي، الذي نشأ عن اختلاط النوبة المحليين والعرب، الذين استقروا على نهر النيل منذ القرن التاسع وحتى القرن الرابع عشر الميلادي، هو تلك الأرومة البربرية أو النوبية المشتركة التي تسري في كافة عناصره بنسب شديدة التفاوت (1922:235). وقد أطلق ترمنغهام على دين هذا الهجين اسم "الاسلام الشعبي" لأنه مشرب بالوثنية الأفريقية. وأراد ترمنغهام بهذه التسمية القول انه إسلام آخر علي النقيض من الاسلام الارثوذكسي ANTI -ORTHODOX ،أو هو هجينSYNCRETISTIC علي اقل تقدير، او غير تقليديUNORYHODOX(1949 :108). وقد قبل الباحثون اللاحقون بهذا التوصيف لهوية الشماليين الإثنية والثقافية على نطاق واسع:(هارولد باركلي 1964 :136-137؛ يوسف فضل حسن 1967 :152؛سيد حريز 1977 :11،22؛ وليام آدمز 1977: 557،574،577؛ أحمد الشاهي وف.ت.مورF. C. T. MOOR 1978 :32؛ حيدر ابراهيم 1979 :15،126؛ أحمدعبدالرحيم نصر 1980 :88-91 وشرف الدين عبدالسلام 1983 :5،10،43)3.
ينطلق توصيف كل من مكمايكل وترمنغهام لهوية الجعليين الكبري من فرضية فاسدة لا تستمد جذورها من الحقيقة المشاهدة للتمازج العربي-الأفريقي في السودان فحسب بل من الدلالات السلبية لمصطلح السفاحية العرقيةMISCEGENATION في الثقافة الانجلو-ساكسونية. فهولاء البيض من ذوي السلطان علي الفكر ومفاهيمه يستهجنون في دخيلة انفسهم خلطة الأعراق ويعدونها خرقاً وسفاحاً (علي المزروعي1973 :58،75).وعليه فمكمايكل يتحدث عن عملية التمازج العربي-الأفريقي في السودان والعنصر الذي نتج عنها بمصطلحات مثل:"التدني"، و"النقاء العرقي"، و"السلالة الأصلية"، و"التلوث" وما يجري مجراها:(1922 :195،208،223،318،336). وهذا فعل من يستنكر في قرارة نفسه تزاوج الأعراق وخلطتها. بل أنه وصف مجموعة عرقية سودانية بعينها يجري فيها دم أفريقي أكثر من الدم العربي بأنها "متدنية أو هابطة". وقال أنه عني بهذا الوصف أن تلك الجماعة ببساطة وبراءة "أقل عروبة" من غيرها. وقد برر لجوءه لهذا المصطلح بقرينة أنه يكتب عن العرب في السودان لا عن أفارقته: " وبما أنني أكتب عن العرب وليس عن السودانيين الأفارقة الذين سبقوهم الي السودان بصورة أساسية فانني استخدم عبارة"أكثر تدنيا" كمعادل ل"أقل عروبة"(1922 :223)". وبرغم هذا االتنصل فان عمل مكمايكل يوحي أحيانا بأنه يرى"الدم العربي" أعلى قدراً من "الدم الأفريقي" .فهو يشير، على سبيل المثال، الى أن أغلب الأسر ذات البشرة الشاحبة، التي يفوق مقدار دمها العربي مقدار دمها الأفريقي، تنفر من التلوث بدم هو مزيج سوداني خالص(1922 :199 318). وعلى نحو مماثل ينسب مكمايكل وترمنغهام تفوق الكنقارا، وهم سادة الفور بغرب السودان، وبأسهم الى أرومتهم العربية الأولي (مكمايكل 1922 :91؛ترمنغهام 1949 :32). والواضح أن وراء استخدام مكمايكل لمصطلح "تدني" دلالة أكبر من مجرد مصادفة إسلوبية في الكتابة عن العرب دون الأفارقة. ويبدو تمسكه بمقولة التدني الثقافي الناشئ عن التدني العرقي هذه أكثر وضوحا حين يصف اسلام "عرب" السودان الشمالي بانه "ملوث بعادات وخرافات مختلف السكان الأصليين الذين استقروا بينهم" (1922 :195). وحسب ترمنغهام فان "الزنوج-العرب" و "الحاميين-العرب" في السودان دخلوا الإسلام وصبغوه بقدر وافر من وثنيتهم (1922 :10،149). وقد بدا له إسلام السودانيين مشربا بعناصر وثنية أفريقية كما هي في دارج فهم الغربيين لعقائد الأفريقيين المتمهين بالتعلق بالخرافة النزعة العاطفية وقابلية التأثر بالايحاء الجماعي (1949 :108،149). وجريا على ذات االنهج يشير ترمنغهام الي "تعصب" البقارة للمهدية وينسبه الى غلبة "الدم الزنجي " فيهم (1949 :30).
بات واضحاً أن مقولتي "التدني العرقي" و"التدني الثقافي" متناصرتان يشدا واحدهما إزر الأخري في هذه المناقشة حول هوية السودانيين الشماليين. فالدهماء في نظر ترمنغهام ترتبط بخرافاتها ارتباطاً لاينفصم (ترمنغهام 1949 :195). وستقتصر هذه الورقة على مناقشة مقولة التدني الثقافي التي ينطوي عليها مفهوم الاسلام الشعبي الذي جاء به ترمنغهام ليصف إسلام السودانيين. وسنتتناول بالنقد المنهج والمفاهيم التي استبطنت مقولته عن الاسلام الشعبي. وأضافة الى ذلك سوف تناقش الورقة حماسة الدراسات الأثنوغرافية السودانية في قبول هذه المقولة بغير تأمل ونقد. وهي حماسة تتناقض مع أفضل أحكام ترمنغهام الذي حذر من الأخذ ببعض مقولاته الى حين اجراء دراسات مفصلة حول الاسلام الشعبي في أقاليمه المختلفة (1949 :171). ولاحاجة للقول بان هذه القبول السكوتي لمقولته يتعارض أيضا مع افضل النظرات التي تمخضت عنها تلك الدراسات الأثنوغرافية نفسها. وترى ورقتنا أن فهم الاسلام في السودان، في وقت أصبح الدين يلعب دوراً متزايداً في الحياة الثقافية والسياسية للبلد، سوف يبقى قاصرا من دون نظر نقدي في نصوص ترمنغهام وأفكاره.
يرى ترمنغهام أن الاسلام في السودان يراوح بين قطبين هما الاسلام "الشعبي "والاسلام الأرثوذكسي ORTHODOX ISLAM وقد فسر الاختلاف بين الأثنين في ضوء اطروحته العامة حول التعايش التاريخي بين الإسلام الرسالي الأول وبين نظم هجينة تفرعت منه في البلاد التي التي تمدد اليها . وعلى حد قول تلك الاطروحة فان قلة فاتحة ضئيلة الشأن من العرب جاءت بالرسالة ، أي بالقرآن والسنة، فأخذتها الجمهرة الي اقاليم الدنيا واستثمرتها في معاشها ومعادها كادحة الي ربها كدحاً. وقد أعطى هؤلاء الذين دخلوا الاسلام تلك الرسالة "استشرافا للعالم دفق بدوره الدين في كل شئ في الحياة". وبمضي الزمن، في قول ترمنغهام، تطور الاسلام الى النسق التوفيقيSYCRETISTIC SYSTEM الذي هو عليه اليوم. وهو نسق علي خلاف الرسالة الإسلامية الوافدة والحضارة التي تمثلتها. فهذا الهجين في نظر ترمنغهام "شئ جديد حقاً نشأ عن تفاعلهما وتركيبهما". ويصف ترمنغهام هذا النظام المهجن بأن له قوة باطنية غير عادية لتمثل وهضم العناصر الأجنبية التي أثرت مفاهيمه الأصلية الغريرة بينما احتفظ، في ذات الوقت، بعزائمه الخاصة في طلب الشوكة والوحدة العضوية والنظر المحيط للعالم. ويقرر ترمنغهام أن الشريعة تبقى الرمز لأهل النظام الهجين بينما تحكم الأعراف والعوائد حياتهم (1949 :106-107).
ويعتبر ترمنغهام،فيما يبدو، التهجين SYNCRETISM عملية خلاقة حينما تطرق لكيف تهجن الاسلام وتطور داخل الحضارتين الهلينية-الشرقية (1949 :106) الا أنه سيء الظن بعاقبة التهجين لدي تناوله لإسلام السودان الهجينSYNCRETISTIC ISLAM :-
"...لقد أشرب الاسلام بصبغة قوية من الميول والنزعات الأفريقية فجاءت سماته المميزة ممثلة في الوجدانية المسرفة والخرافة... جاء الإسلام الى بلاد بلا حضارة (السودان-أفريقيا) خلا الناس فيه من كل إرث باطن يسهمون به في ترقية الدين الوافد صعداً" (1949 :108)4.
وزاد ترمنغهام بأن قال أن الذين قاموا بنشر الاسلام في السودان لم يأتوا بإسلام من الدرك الأسفل فحسب بل كانوا انفسهم من الجهلاء الذين قصر خيالهم دون التدريب الحسن في عقيدة الإسلام الإرثوذكسية. وواصل قائلاً أنه قد سنحت الفرصة كاملة لهولاء الدعاة الجهلاء، وسط قوم بلا خلفية ثقافية، أن لا يستصحبوا خرافات الناس وترهاتهم فقط بل أن أن يجسدوها هم أنفسهم في هئية أولياء صالحين ذوي كرامات (1949 :108)".
ومن أول متاعب الباحث مع مفهوم "الاسلام الشعبي" أنه غير دقيق في الإحاطة المقنعة بالظاهرة التي خرج لوصفها. فالاسلام الشعبي، حسب ترمنغهام وسالكلي نهجه، هو إسلام صوفي في غالبه إرتدف ممارسات وثنية مميزة ايضاً. فمن المعلوم أن رجال الصوفية هم من نشروا الإسلام في السودان بصورة رئيسية. ولقد سبق لنا الوقوف على الفكرة االسلبية التي يحملها ترمنغهام عن انجاز هؤلاء الرجال. فقد وصف الطرق الصوفية، التي هي عنده نقيض الأورثوذكسيةORTHODOXY ، بأنها التعبير المنظم عن حياة السودانيين الدينية. ويصنف ترمنغهام الايمان بالمهدية كجزء من الاسلام الشعبي رغم أنه يطلق علي المهدية اسم "الاسلام البدائي" (علي غرار المسيحية البدائية المضطهدة في ظل دولة الرومان) الذي هو عنده الأصل الذي جاء به النبي (ص) (1949 :155). من الناحية الأخرى لايعتبر ترمنغهام "الاسلام البدائي" اسلاما إرثوذكسياً ORTHODOX طالما أنه يرفض المذاهب الأربعة كما فعل المهدي (1949 :162). وهنا مطعن علي ترمنغهام كبير. فهو يدخل مفهوم المهدي في الأسلام الشعبي ثم يخرجه منه بمنطق دائري. واخيراً فان ترمنغهام لايفرق كثيرا بين الصوفية الخالصة التي تروق للمتعلمين وبين الاعتقاد في الأولياء والصالحين السائد عند جمهرة الناس (1949 :193). فهما عنده سواء مما يدخل المتعلمين في جمهور الإسلام الشعبي ايضاً. ولكنه يري أن عقيدة العامة تضمنت المفاهيم الصوفية بشكل مفسد (1949 :210). وعلى وجه العموم فان وجهة النظر الأكاديمية السائدة عندنا تطابق بين الإسلام الشعبي وبين الصوفية التي يعتقد الباحثون أنها لم تبلغ قوماً بلا حضارة وحسب، بل كانت هي نفسها تمر بمرحلة متضعضعة من تاريخها، وبين الإسلام الشعبي.
للباحثين نظرات شتي في البؤس الثقافي المزعوم للإسلام الشعبي. فهو في نظر الباحثين تجلي متدن للإسلام الرسالي في بئية السودان الجاهلة. فلما اعيت الإسلام الحيلة عندنا أن يتحقق علي مثاله الأرثوذكسي الرسالي أو الرسمي هبط الي درك الشعبية. (ترمنغهام 1949 :115؛ حريز 1972 :22؛ ابراهيم 1979 :126؛ عبدالسلام 1983 :43). ويرى هؤلاء الباحثون أن السودانيين انتهوا الي إسلام متدن حين مزجوا الاسلام الأرثوذكسي بالعادات المحلية.
كان بوسع ترمنغهام في الأربعينات ان يخوض في هجنة الدين كما فعل. ولكن لا عذر لسالكي دربه لأن الدراسات الأكاديمية الحديثة حول الهجنة SYNCRETISM ،وتجلياتها في الإسلام على وجه الخصوص، علي نقيض الصورة التي رسمها ترمنغهام للاسلام "الشعبي" في السودان. وقد وضع جي.سبولدنغ JAY SPAULDING أصبعه ،على نحو مميز، علي الخلل في معالجة ترمنغهام والمعالجات الشبيهة بها. يقول سبولدنغ أن وجود ممارسات اسلامية سودانية مما قد تكون بدعاً سافرة قد قاد اؤلئك الباحثين الى استخلاص نتيجة مفادها إما أن السودانيين مسلمون غير ملتزمين أو أن إسلامهم يختلف عن إسلام الشعوب الأخرى. ويرى سبولدنغ أن المسالة الأولى هي شأن متروك الحكم فيه لربهم الذي خلقهم بينما الثانية نموذج للبرهان الدائري- أي أن يفترض المرء مسبقا أن السودانيين مسلمون ثم يأتي من بعد ليقف علي طبيعة وشذوذ الإسلام السوداني (1977 :49).
وقف الباحثون في الاسلام في شرق آسيا، بحزم، ضد الفكرة القائلة بان الهجنة تتمخض في نهاية المطاف عن ضرب من الاسلام من الدرجة الثانية. ويرى جون بوسفيلد JOHN BOUSFIELD أن الأيحاء بان المراحل الأولى للإسلمة في جنوب شرق آسيا كانت تحمل في طياتها فكرة تعدد الآلهة بقدر تععد قوي الطبيعة ونواميسها. وهي المعروف ب "الإشراك" في الديانات التوحيدية. ومن ثم جاءت، بالضرورة، باسلام "غير نقي" هي فكرة ليس لها ما يسندها (1985 :207). و من ناحية أخرى يلقي عاصم رويASIM ROY اللوم على دارسي الاسلام الذين يصبون اهتمامهم على قياس انتشار الاسلام على المستوى الأقليمي بمسطرة الاسلام الأرثوذكسي. هذا القياس ، فيما يقول روي، يحيل عملية جد خلاقة ومركبة للتفاعل الثقافي بين ديانة مقتحمة وثقافة محلية، الي مجرد مسالة استقطاب بسيطة، غير حاسمة ولا موضوعية بين ضرب من الاسلام "الحقيقي" أو "الأصلي" وضروبه المنحرفة عنه المسماة ب "الشعبي" أو "العامي" (1983 :249).
وفوق ذلك فإن مصطلح "الهجنة" قد يكشف، وبشكل مضطرد، عن قصور نظري في تحليل كيف يغير الناس معتقدهم ويدينون بدين جديد. بل أن ستيفن قليزر STEPHEN GLAZIER وجد مفهوم الهجنة مضللاً. واستفاد قليزر من ليكوكس الزوجة والزوج (1972 :320 ) ليخلص الي أن مفهوم الهجنة يفشل في انصاف العملية الخلاقة في تحول الناس الي الأديان حيث يوحي بأنها ، بالأحرى، مجرد عملية تجميع آلية لأفكار خليط من الدين الوافد وعقائد سبقته بين من إعتنقوا هذا الدين (جلازير 1985 :60).
ويمكن لهذه القطبية (المثالي-الواقعي) أن تكون أكثر تضليلا اذا ما أخذت بمعزل عن سياق الخطاب الذي أفرزها. ويوضح روي، على نحو بارع،أن المثالي في الاسلام أو الإرثوذوكسي، هو من ابتداع المستشرقين ودارسي الاسلام الأول ممن لم يطلعوا علي ابحاث تجريبية عميقة حول الاسلام في اقاليم أهله العديدة . فقد نحت هؤلاء الباحثون، فيما يرى روي، نموذج الاسلامي الارثوذوكسي نحتاً إستندوا فيه بالضرورة على مثال المذهب السني. وأصبح هذا الابتداع، الاسلام الأرثوذكسي، المحك الذي يقيسون به صحة كافة المظاهر الاسلامية الأخرى(روي 1983 :5). وعليه فإدعاء هذا الكيان المبتدع أنه الأصل والحق و"الدين" هو مما فرضه هذا الكيان نفسه علي ضروب التدين الأخري. وهي ضروب يحق لها بذات القدر أن تدعي مصداقية جوهرية وجاذبية باطنة للمعتقدين بها. علماً بأن اؤلئك الباحثون لم يجعلوا الاسلام الأرثوذكسي مرادفا ل "الدين" الا في ضوء معيار مسبق للصحة يرتبط بمفهومهم للحقيقة (عبدالحميد الزين 1977 :248).
وهذا منهج أخرق في قول روي: " يكمن القصور الاساسي لهذه النظرية الإستشراقية المثالية للتفاعل الديني الثقافي في نزوعها الى تقييم الظاهرة الاسلامية والمسلم استنادا الى درجة التطابق مع مثاليات أو معايير الاسلام الأرثوذكسي. ويعاني هذا المنهج الاستدلالي في مجال دراسة التغيير الديني من قصور ذاتي حيث يبدأ بتعريف مسبق للإسلام ومن ثم قبول أو رفض ما يعرض لهم من إسلام اقوام مسلمين بمقدار انسجامه مع ذلك التعريف . ومنهج كهذا لهو عاجز عن تفسير الدين تفسيراً يبلغ ما يعنيه الدين لمن يؤمن به ويتعبد به ويوقره في خاصة نفسه. واذا كان الهدف من دراسة دين ما ليس هو تعريفه بل التعرف عليه فان هذا البحث المعياري، الذي يحاول فرز المسلم "الصالح" من المسلم "الطالح"، قمين باتخاذ وجهة خاطئة" (1983 :5).
وعليه فإن مصطلحي الاسلام الشعبي والاسلام الأرثوذكسي لايندرجان تحت علاقة الواقعي في مواجهة المثالي، بحفظ الترتيب. بل علينا أن ننظر اليهما من وجهة نظر المسلم كضربين أو واقعين اسلاميين مختلفين كما سنبين ذلك بالتفصيل لاحقا. ونقول، مستفيدين من عبارة لميشيل هرزفيلد MICHAEL HERZFELD ، أن الاسلام الشعبي والاسلام الأرثوذكسي لايشكلان تمييزا بين "الواقعي" و"المثالي" بقدر ما يمثلان تقابلاً بين واقعين :أي فكرتين حول ما ينبغي أخذه في الإعتبار عند محاولة تعريف ماهية المسلم(1982 :9).
ويضر تشديد الباحثين على الانفصام بين الاسلام التقليدي والاسلام الشعبي بمحاولة فهم أوسع وأشمل للاسلام في السودان. وقد درج الباحثون اللاحقون لترمنغهام، دون تمييز، على إعادة صياغة أفكاره حتى عند تعارضها مع بصيرتهم التجريبية المستقاة من العمل الميداني بين الجماعات المسلمة، كما سيتضح بالتدريج. ويكشف وصف ترمنغهام لأداء الاسلام في السودان،وما استنسخ الباحثون التالون له منه، دون اختلاف يذكر، عن ملمحين،الأول: أن ترمنغهام يميز بين الاسلام الأرثوذكسي والاسلام الشعبي على المستوى القومي أو مستوى "القريةالأنثروبولوجية" باعتبارهما مؤسستين وواقعين متعارضين تماما. وإذا نظرت الي عناصر هذه القطبية رأيت مدي التحامل التاريخي للدراسات الأكاديمية علي العامة المستضغفين وتنميط طرائقهم وتبخيسها كيفما أتفق. ويوضح الرسم المستخلص عن هذه الدراسات كيف أن هذه الدراسات تتحيز ضد الوثني، والأفريقي والأمي والعملي والأنثى حين تقيسهم علي المسلم والعربي والمتعلم والنظري والذكر (الأشكال لن تصحب المقال).
التحامل الثاني في تحليل ترمنغهام هو إخضاعه للممارسات الدينية بحسب درجة قبولها النسبية عند علماء الدين (باركلي 1964 :206). وهكذا سارع لباحثون لتعيين البدعة والمحرم والمفارق للقرآن في ممارسات الإسلام الشعبي بمقياس ما ظنوا أنه لا يتسق أو ينافي الإسلام الأرثوذكسي (ترمنغهام 1949 :127،164،166،181،210). ويقول حيدر ابراهيم بوضوح أنه بنى دراسته عن إسلام الشايقية علي بينة "أين يتقاطع مع الاسلام الأرثووذكسي وأين يميل عنه أو يختلف"(1979 : 134). وهكذا فإن هؤلاء الباحثين بتركيزهم على الانفصام بين الأرثوذكسي والشعبي يعطون الانطباع بان موضوع دراستهم ليس الاسلام والسودانيين بل الاسلام في مواجهة السودانيين. ويعلق الدكتور أكبر أحمد على نزعة مماثلة في دراسة الاسلام في باكستان قائلا أن الباحثين ينحرفون بدراسة الإسلام فيحعلونه ديناً مضاداً لإسلام شعب الباشتون الباكستاني. ويضيف: "يمثل الإسلام بالنسبة للبشتوني القبائلي تكوينا سياسيا واقتصاديا-دينيا محددا يمارس هويته الباشتونيته من خلاله. فالاسلام والباشتونية متسقان ومنسجمان بحيث يمثلان عند الباشتوني تكوينا منطقيا. ويرتبط الأثنان بعلاقة تبادلية عميقة. كما أن الاسلام متوغل في البنية الباشتونية بما يوحي بأن مسألة الفصل بينهما غير واردة (1982 :193)".
ولابد أن ترمنغهام قد أدرك شيئا من متانة تعلق مسلمي السودان بإسلامهم . فعلى الرغم من قوله صراحة أن السوداني يحتاج أن يتحرر من "اسلامه العاطفي، غير الأصيل" (1949 :22) لكي يحقق امكانياته الجمالية، فانه يصف ذات السوداني، في ذات الوقت، بأنه "مسلم حقيقي صلب" وليس وثنياً تكسوه قشرة رقيقة من الإسلام (1949 :108ـ109).
يكشف حتي الباحثين الذين يقبلون بالإسلام الأرثوذكسي كمفهوم صالح ونهائي في الاسلام عن قصور كبير في محاولاتهم لتحديد أرثوذوكسية أفكار ومعتقدات اسلامية بعينها منسوبة للإسلام الشعبي في السودان. وقد أبان طلال أسد عن جهل هارولد باركلي بالأفكار والمفاهيم الاسلامية الأرثوذكسية التي أراد أن يحاكم بها ممارسات الإسلام الشعبي (1965 :169). ويكفي أن نذكر هنا أن عقيدة رجم الملائكة للشياطين بالشهب، وهي ثابتة بنص آية قرآنية(67 :5) مما عده باركلي خرافة(1949 :172)6. ويتضح من هنا أن أية تأكيدات حول وجود انقسام بين الدين الأرثوذكسي والشعبي يستلزم، في المقام الأول، معرفة شاملة وعميقة بفقه الإسلام الأرثوذكسي الذي عليه مدار الحكم. وسوف نفصل لاحقا في حاجة دارسي الثقافات الإثنية في المجتمعات الاسلامية الى تدريب كاف في مسائل الفقه والشريعة الإسلامية.
وفوق ذلك فقد أضفى بعض الكتاب إبهاما وغموضاً على مفهوم الإرثوذكسية نفسه، وذلك حين خلقوا، بلا مبرر، صراعأً داخلياً بين عناصر هذا المفهوم المعروفة من قرآن وسنة وقياس واجتهاد. فليس ثمة إتفاق بين هؤلاء الكتاب في نسبة ما للإرثوذكسي وما للإسلام الشعبي من الممارسات التي يدرسونها. فشرف الدين عبدالسلام يقول بأن الاعتقاد في الأولياء والصالحين ليس له ما يسنده في القرآن الا أنه، مع ذلك، لايوحي بان ذلك الاعتقاد يتنافى مع الاسلام الإرثوذكسي(1983 :63). وحسب رأي باركلي فإن العناصر القرآنية المتوافقة مع االاعتقاد في الأولياء والصالحين ـ خلافا للعناصر غير القرآنية ـ مقبولة تماما عند علماء الدين(1964 :206). وفيما يتعلق بمفهوم المهدية، من الناحية الأخرى، فان ترمنغهام يراه عظمة نزاع بين إرثوذكسية متشددة ترفضه وإرثوذكسية متساهلة تتسع له وتتكيف معه (1949 :148). ويزيد الأمر تشويشاً حين يقسم ترمنغهام معظم السودانيين الي فئتين: فئة الإرثوذكسيين من جهة وفئة الإرثوذكسيين المتشددين من الجهة الأخري. ولا غرو فإن هذا التشقيق في مفهوم الأسلام الإرثوذكسي يفسد قولهم بالتمايز والقطيعة بينه وبين الإسلام الشعبي. فالإرثوذكسي، كما رأينا في تشقيقه أعلاه، ذو درجات ومنازل منها القصوي المتشددة والصغري المتساهلة. وقد تتداخل درجاته الصغري مع الإسلام الشعبي.
وينبع التشويش في مفهومي الإسلام الإرثوذكسي والشعبي من بعض الأساليب التي يصف به الكتاب بعض عقائد العامة.فيستخدم بعض دارسي الإسلام أحياناً صيغة المبني للمجهول عند الحديث عن معتقدات بعينها مما يؤمن به القرويون (باركلي 1964 : 146،152؛ حيدر ابراهيم 1979 :18،145). وهذا الاستخدام اللغوي مضلل في كثير من الاحيان. فقد يقود الى الظن بأن هذه المعتقدات مما يختص بها الاسلام الشعبي بينما حقيقة الأمر ليست كذلك. وعلى سبيل المثال يقول باركلي: "يعتقد بعض القرويين أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد، وبسبعة وعشرين درجة على وجه الدقة" (1964 :146). وفي واقع الأمر فان ذلك هو حكم الشرع لكن صياغة باركلي توحي بأنه ربما كان مجرد اعتقاد شعبي. ويبلغ موضوع فرز عناصر الإسلام الشعبي من الإرثوذكسي مرتبة العشوائية في تناول الدارسين للعين الحارة. فالدارسون، على اطلاقهم، يعتبرون الايمان بها أمرا ليس من الاسلام الإرثوذكسي في شئ ويحسبونها إما من عقائد الاسلام الشعبي (حيدر ابراهيم :126،145،149)، أو ممارسة خرافية وثنية ظلت حية بعد دخول الاسلام (ترمنغهام 1949 :166،170ـ171؛ باركلي 1964:195؛ سيد حريز 1977 :7؛ آدمز 1977 :577؛ شرف الدين عبدالسلام 1983 :86ـ89). ومن الجهة الأخري فإن دائرة المعارف الإسلامية تنص علي ثبوت العين في الاسلام (ص786) الا أنها تقرر خطأً أن "السنة تشجب الايمان بها" (ص786).
وصفوة القول فإن تلك المؤسسات التي أطلق عليها الباحثون اسم الاسلام الإرثوذكسي يمكن أن نطلق عليها،وعلى نحو دقيق، اسم الاسلام "الرسمي" والذي نشأ في ظل الأدارة الاستعمارية التي تلت الدولة المهدية(1885ـ1898). وليس بغير دلالة هنا أن يستخدم كل من ترمنغهام وسيد حريز مصطلحي "رسمي" و "أرثوذكسي" بالتبادل (ترمنغهام 1949 : 202؛ حريز 1977 :7). ولإتحاد المصطلحين، أو تبادلهما المواضع، جذر في نشأة المؤسسة الدينية الحكومية في السودان خلال عهد الإستعمار. فقد تتبع نورمان دانييل ،ببصيرة نافذة، التباين بين أرثوذكسية (الدين) والتعصب (اللادين) في سياق الإسلام والسياسة في السودان ورده الى أيام حرب الدعاية التي شنها دعاة التدخل في السودان من الإنجليز في آخر القرن التاسع عشر لإقناع الرأي العام والحكومة البريطانيين بضرورة القضاء على الدولة المهدية (1966 :423ـ448). وصورت تلك الدعاية المهدية في السـودان بأنها حركة ضالة مفعمة بالتعصب وتدعو الناس الى ما وصف،على وجه التحديد، بانه مروق على الدين القويم (دانييل 1966 :428، 435،438). وبعد القضاء علي المهدية أرادت الإدارة الإستعمارية التحوط ضد قيام أي تمرد مسلح كالمهدية في المستقبل تؤجج ناره الطوائف الصوفية (التي كانت تعتبر جزءً من الاسلام الشعبي). ولذا قررت الأدارة الاستعمارية تشجيع ما أسمته الاسلام "الأرثوذكسي" ORTHODOX ISLAM . ويصف غابرييل واربيرج هذا الضرب من الاسلام كمايلي :-
"يقوم أولاً علي هذا الاسلام العلماء الذين درسوا في الأزهر بصفة أساسية. وكانت مهمة هؤلاء رئاسة الهرم الديني في السودان ومنع قيام الحركات الرسولية، مثل المهدية. ويقوم ثانياً علي شبكة من المحاكم الشرعية يرأسها قضاة مؤهلون وذلك للحيلولة دون لجوء المسلمين السودانيين الى شيوخ الطرق الصوفية... كما شددت السلطات الاستعمارية على ضرورة اقامة مساجد في المراكز الهامة في السودان الشمالي للتقليل من أهمية زوايا الصوفية (1971 :95)." ويتضح لنا مما تقدم إن الاسلام الرسمي-الإرثوذكسي - هو واقع سياسي أكثر منه مسألة عقيدة أو مذهب. وهو أيضا أداة أدارية، بمعنى أنه، ممثلا في الشريعة، صار القانون "الأهلي" أو"العرفي" الذي يحكم حياة السودانيين الشخصية والعائلية(فليرـلوبان FLUEHR- LOBBAN 1981 :69) وبالتالي فلا يمكن الإدعاء للاسلام الرسمي إلا بشق الأنفس بأنه الإسلام الإرثوذكسي طالما أردنا له ان يتطابق مع عالمية العقيدة وسدادها.
ومما يبعث على الأسف أن تركيز الباحثين على ثنائية الشعبي/الإرثوذكسي، على مستوى "القرية الأنثروبولوجية" يتعارض مع أفضل النتائج التجريبية التي توصل اليها الباحثون أنفسهم. وفي هذا السياق أمسك باركلي علي ما سماه " جوهر الاسلام الإرثوذكسي" في بري اللاماب (الحي الخرطومي المعروف وكان ريفاً لدي زيارة الباحث له في الخمسينات) في ضوء تحرياته الميدانية حول مدى التزام أهل القرية بأركان الاسلام الخمسة (1964 :137ـ145). وعلى الرغم من حقيقة أن باركلي قد وجد أن القرويين علي جادة شرع الإسلام من هذه الجهة إلا أنه يتشبث مع ذلك بالثنائية القديمة بين الاسلام الإرثوذكسي وإسلام القرية الشعبي قائلاً:
" أهل بري اللاماب مسلمون يمارسون شعائرهم وفق المعتقد السني أوالإرثوذكسي ويتبعون المذهب المالكي الا أن السلوك الديني في القرية لايمكن تفسيره، على وجه الدقة، وفق أي مفهوم أساسي للاسلام الأرثوذكسي (1949 :136). واستطرادا فان ترمنغهام وآدمز يزعمان، دون تمحيص، أن مسلمي السودان يرتبطون بكرامات وسير الأولياء والصالحين أكثر من ارتباطهم بإسوة النبي (ص) (ترمنغهام 1949 :127؛ آدمز 1977 :579). هذا في الوقت الذي يلفت فيه باركلي النظر الى ايمان القرويين المطلق بالنموذج المثالي للنبي(ص) (1964 :138).
وتتحكم في تضخيم ثنائية الأرثوذكسي -الشعبي إعتبارات لا اصل لها في الإسلام نفسه بقدر ما تعلق ذلك بمنهج مباحث الدارسين وتبويب كتبهم الأنثربولجية. فالباحثون في إسلام القرية عادة ما يفردون فصلاً لدين القرويين يصفون فيه خرافاتهم ووجوه ممارساتهم التي يقولون أنها لا تنسجم مع الإسلام الأرثوذكسي. ومن الجهة الأخري، وفي حالات عديدة، يأتي هؤلاء بما يعدونه ممارسات إسلامية "إرثوذكسية" من صحيح الدين في فصول أخري ليست هي فصل دين القرية الموصوف بالشعبي. فعلي سبيل المثال نجد بركلي يعرض لموقف اللأسلام الشرعي في العدل بين الزوجات، وعلاقة الرقيق بالسادة في الأبواب المفردة للصلات القرايبية وتراتب الشرائح الأجتماعية في كتابه. ولو لم تستول فكرة ثنائية الدين الشعبي والأرثوذكسي علي بركلي لوسع من فصله عن دين القرية (الذي هو عنده دين غير قويم ومفارق للجادة) ليشمل هدي الأسلام عن تعدد الزوجات والرق والرحم والقرابة (1964 :122،126،129).
ويتكرر نفس الشيء في كتاب حيدر إبراهيم عن الشايقية (1979). فالكتاب يعرض لعقائد وهدي الأسلام الأرثوذكسي خلال فصوله التي تتناول ترتيب الشرائح الأجتماعية ودورة الحياة والنظم الأجتماعية. ولم يشأ حيدر أن تتخلل تلك العقائد فصله المخصص للدين. وغني عن القول أن قصر مناقشة الاسلام على فصـل مفرد للدين يعني فصـله عن الممارسةالأجتماعية. وفوق ذلك فقد عني الدارسون بإيراد هذا القدر من أقباس الاسلام الأرثوذكسي بما وافي حاجة بحثهم الخاص ولم يريدوا الحصر. ولو أرادوا الحصر لجاءوا بعناصر كثيرة من وحي الشرع في حياة أهل القري. وسنخلص الي شيوع الأرثوذكسية وتمكنها من الإسلام الشعبي متي اعتبرنا ضروب الممارسات الإسلامية العديدة لعامة المسلمين التي أصلها في الإسلام الأرثوذكسي من غير تصريح أو إعلان. وعلى سبيل المثال فقد ظللت اعتقد، ولفترة طويلة، أن التقريع الذي نالنا من أهلنا الكبار حين نتناول الطعام وقوفاً أو استلقاءً على الجنب، ماهو الإ من قبيل الحث على آداب المائدة، ان لم يكن خرافة. ثم اكتشفت أنه مما قضت به الشريعة.
بالاضافة الى الخلل الذي رأيناه في المحاولات البحثية لتحديد الممارسات الاسلامية الأرثوذكسية، فإن نظرة دارسي "الاسلام الشعبي" في السودان تجاه المعتقدات الشعبية، التي هي قوام إسلام العامة في نظرهم، ربما كانت هي خطئيتهم الكبري. فهم قاصرون عن تحليل هذه المعتقدات علي ضوء خصائص أجناسها الأدبية أو الفلكلورية لإقتطاعهم لها من سياقها الشفاهي في دورانها بين الناس وجعلها عقائداً مجردة مكتفية بذاتها. فعلماء الفلكلور شديدو التنوية بأن النظر الرشيد الي عقائد العامة رهين بمثل هذا التحليل لكل المأثور الذي تستبطنه هذه العقائد. وترجع هذه الشدة في التنوية الي سي دبليو فان سيدو (1948) وقد تبعه بإحسان لوري هونكو الذي قال: " قبل اصدار أي حكم تعميمي حول معتقدات الانقريين (مجموعة اثنية فنلندية) على المرء ان يعرف أي جنس من المأثورات يوفر أكثر الأدلة قيمة عن المعتقد وأيها ، من الجهة الأخري، ثانوي القيمة بوجه ما" (1964 :7).
ينطبق النقد سالف الذكر على توصيف ترمنغهام لما يشكل "عقائد للسودانيين". فهو عزوف عن تحليل الأجناس الأدبية الموصوفة. ففي تركيبه لما سماه بالإسلام الشعبي نجد ترمنغهام يقتطع عقائده عن الأجناس الفلكورية الحاملة له مثل كرامات الاولياء والصالحين (1949 :135ـ136) والإمثال السائدة (ص158) والاحلام (ص143) والنذور (ص145) والتنبؤات (ص158) والخرافات (ص173) والأحاجي (ص173) والحكايات (ص173). وفيما عدا بعض التعليقات المقتضبة حول مصداقية كرامات الاولياء و"الخرافات" فانه يهمل نقد مصادر العقائد الشعبية إهمالاً تاماً. ونتيجة لذلك فقد انتهى به الامر، كما أشرنا من قبل ، الى اعتبار ما جاءت به الآيات القرآنية عن الشهب والشياطين، إضافة الى شيطان الاعصار، من قبيل الخرافة، وهما حق ديني (1949 :172). علاوة علي أن النذر ليس دلالة على الخضوع الكامل للولي كما اراد لنا ترمنغهام ان نفهم . فخلافاً لذلك يرى حيدر ابراهيم أن مريدي الأولياء ماكرون نوعاً ما وعلاقتهم مع سادتهم تتسم بالمنفعية والعملية. ومن دلائل ذلك ما قاله حيدر عن تهديد القرويين للولي خلال طقس أداء النذور بالتحول عنه الي ولاء آخر إن هو فشل في تلبية حاجتهم. وقد قيل أن ولياً مشهوراً اشتكى من اساءات القرويين له واستفزازهم (حيدر ابراهيم1979 :156) .ويعتبر تحليل سيد حريز لأحاجي الجعليين (1977) وشرف الدين عبدالسلام لكرامات الأولياء (1983) تقدما جديرا بالثناء في مجال تحليل الأجناس الفولكلورية بالرغم من انهما لم يبتعدا كثيرا عن الولاء لاطروحة ترمنغهام في عرضهما لعقائد الإسلام الشعبي.
نظرة جديدة لاشكالية الإسلام الشعبي/الإسلام الأرثوذكسي
أوجزنا فيما سبق بعض الاخطاء التي وقع فيها الباحثون في محاولتهم تأسيس دراساتهم حول السلوك في القرية السودانية على مفهوم مسبق قائم على ثنائية الإسلام الشعبي/الأرثوذكسي. كما تناولنا بعض الاشكاليات الكامنة في افتراض مثل هذه الثنائية. ومن الناحية الاخرى فقد تشكك بعض الباحثين، مؤخراً، في جدوى مفهوم "الأرثوذكسية" نفسه سواء بالنسبة لدراسة الاسلام أو ممارسته. ففي قول بعض الباحثين أن إستخدام مفهوم الاسلام الأرثوذكسي أضحي اما أمراً متعذراً أو مسألة خاضعة لإيجاد تحديد صارم ودقيق له بفضل ما أولاه المؤرخون الاجتماعيون والاثنوغرافيون من اهتمام لرسم صورة دقيقة للاسلام في تضاريسه المتنوعة والمركبة، ومن السياقات المحلية لا من الكتب الشرعية وحدها.
وقد اتخذ هذا الانزعاج من مفهوم "الإرثوذكسي" منحى متطرفا في بعض الحالات. فعبدالحميد الزين، مثلا، يقترح التخلي عن مصطلح "الاسلام" الجامع المانع والمعرف بالألف واللام لأجل فهم أفضل لتجارب المسلمين المتنوعة في ضروب اسلامهم العديدة النكرة (1977 :227). ويرمي اقتراحه بصورة أساسية الى ازاحة مايطلق عليه الاسلام الأرثوذكسي عن موقعه المتميز بوصفه الاسلام ـأي ذلك المعرف بالألف واللام. وقد لفت العديد من الباحثين النظر الى الطبيعة المتطرفة لاقتراح الزين هذا (ايكلمان EICKELMAN 1981 :1؛ أسد 1986 :1؛ أكبر أحمد 1987 :220). وفوق ذلك يبدو اقتراح الزين لإفتراع "ثيولوجية شعبية" إسلامية صعب التحقيق . وهذه الثيولوجية الشعبية، التي تضارع الثيولوجية الرسمية تعني عنده "تجاوز النص المقدس لصالح نظرة ثاقبة مباشرة في نظام العالم" (1977 :248). ولعل احدى سلبيات فرضية الثيولوجيا الشعبية هذه أنها تبقى على ثنائية الإسلام الشعبي/الأرثوذكسي التي خرج الزين بالذات لهدمها .وهو بايحائه أن الثيولوجيا الشعبية قد تكون "الاسلام الحقيقي" (المصدر السابق :246) يحدث ضررا بالغا بقضيته الداعية الى أن الإسلام تجليات شتي كل منها صحيح النسبة للدين.
وعلى الرغم من الخلل في حجة الزين فان الثيولوجيا الشعبية قد تبرهن على كونها مجالا واعدا للبحث والدراسة. فقد جمعت مثلاً من الرباطاب حكما وأمثالا صيغت جريا على نهج السنة النبوية .ومع ذلك فان القول بوجود ثيولوجيتين متميزين في الاسلام أمر يصعب برهانه. وكما بين مايكل غيلسنان ،على نحو بارع، فان تعاليم القرآن والسنة والاحكام الشرعية قد نفذت من خلال قوة الثقافة الشفاهية الى صميم النسيج الذي يشكل حياة المسلمين واصبحت جزءا منه (1982 :35ـ36). وهكذا صح القول إن ما عددناه "الثيولوجيا الشعبية" هي بالأحري مجرد ثيولوجيا صفوة دخلت الماثور الشفاهي للعامة. ولعل إحدى مهام البحث الشيقة القادمة هي التحقيق في السبل التي أخذت العامة الثيولجيا الأسلامية وجعلتها جزءاً صالحاً من ثقافتها وممارساتها.
ويرى باحثون أخرون أن مسألة الأرثوذكسية ذاتها كمفهوم وممارسة دخيلة على الدراسات الاسلامية (سميث SMITH 1957 :20؛ ايكلمان 1981أ:213؛ تيرنر TURNER 1974 :62). فهم يرون، تبعاً لذلك أنه من الأوفق الحديث الأورثوبراكسية لا الأورثوذوكسية متي تعلق الأمر بالإسلام. والأورثوبراكسية هي مفهوم يعني إشتراك اهل الدين في العبادات والشعائر أكثر من إشتراكهم في العقائد اللأهوتية التي لا خلاف عليها (ايكلمان 1981 :204). وعلى الرغم من أن ديل ايكلمان قد ساهم في صياغة هذه الفرضية الا انه يلفت النظر ـ محقاـ الى قصورها (المصدر السابق :204). فهي تفصل في الاساس بين الشعائر والعقيدة اللذين يمثلان في واقع الامر جانبين لا غني عن اي منهما في اي حياة دينية تستحق الإسم (دائرة المعارف الدينية THE ENCYCLOPEDIA OF RELIGION :187). ولن تفلح فكرة جعل الإسلام وحدة شعائر لا عقائد في تفسير المحن العقدية التي تعرض لها علماء ومتصوفة مسلمين عبر التاريخ. فهناك محنة احمد بن حنبل ،شيخ المذهب الحنبلي، ومحنة ابن تيمية، حنبلي القرن الرابع عشر، ومحنة وإعدام الحلاج ـ صوفي القرن العاشر. وهي محن كانت مدارها صحة العقيدة لا سداد الممارسة. وكبديل للتخلي عن مفهوم الإرثوذكسية هذا بالكلية حاول بعض الباحثين ادخال تعديلات عليه. ويمكن للاسلام، بلا شك، ان يستخدم المفهوم بمعنى يختلف عن ذلك الذي ظل مستخدما حتى الآن . وقد يقتضي هذا بالطبع تعديلات جذرية عليه قد تنتهي باستبداله بآخر اكثر ملاءمة .
توافرت لنا منذ سنوات بحوث ودراسات جيدة عن ضروب الاسلام المحلي وتجارب الاسلام "الشعبي" والاسلام في التخوم . وهي دراسات ساقت الباحثين الى الفكرة القائلة بوجود معتقدات معيارية عامة تستبطن كافة ضروب الاسلام المحلية هذه (ايكلمان 1982 :1). ولكن هذه المراجعة لاتستلزم بالضرورة العودة الى مفهوم الأرثوذكسية القديم الذي تعرضنا له بالنقد لتونا . فلا مندوحة من القول أن الأرثوذكسية أساس في الإسلام. ويقول طلال أسد أنه من المؤكد أن للأرثوذكسية حضوراً في الاسلام. فهي عنده تتجلي "حيثما توفرت لدى المسلمين القوة لضبط وإعلاء شأن دينهم أو طلب الإلتزام بصحيح الدين والتكيف علي مقتضاه أو ما استخدموا تلك القوة لإستهجان الإنحراف في دينهم وحصره وتقويضه أو إحلال صحيح الدين في محله."( 1986 :15). فالأرثوذكسية كما يراها أسد، تقاليد خطاب DISCURSIVE TRADITION يمكن حتي للمسلم الامي أن يساهم فيها بفرز صحيح الدين والإلتزام به (المصدر السابق ).ويستطرد فيصفها بانها "علاقة مميزة ـ علاقة قوة" وليست مجرد فقه وشرع ومعتقد (المصدر السابق ) . وتغاير فكرة اسد هذه ،بوضوح، معنى الإرثوذكسيةالذي اعترضنا عليه في هذا الفصل. فقد فهمناها طويلاً كبنية من المعرفة والمتون أو المؤسسات الوصي الوحيد عليها هم علماء الدين . وفي تعريف اسد للإرثوذكسية يصبح عالم الدين، الذي كان في السابق الوصي والقيم الوحيد على التعاليم الاسلامية، وترا واحدا فقط في قوس" التقليد الإسلامي كما جاء عند غيلسنان (1982 :46) .
ومع ذلك يبدو ان أسد لم يصب تماما في مطابقته بين التقاليد الخطابية والإرثوذكسة. فللأورثوذكسية لوازم من إجراءات فقهية وسياسية كي تقع وتنفذ. وعليه فمفردات التقليد الخطابي قد تندرج أو لا تندرج في الأرثوذكسية حكماًً بصور الشوكة التي تسندها وتجعلها قانوناً نافذاً متبعاً. فالسنة والشيعة معاً في تركيا مثلاً يستهجنون ممارسات العلويين وينفونهم عن الإسلام. وبهذا الحكم علي العلويين فإن هؤلاء السنيين والشيعة قد ادلوا بدلوهم في ما هو صحيح الدين وشاركوا في الخطاب الذي يريد حفظ بيضة هذا الصحيح من الدين (ايكلمان 1981أ :220ـ221). ولكن يحتاج المرء الي ما هو أزيد من مجرد هذا الإستهجان والنفي عن الدين ليدرج رأي السنيين والشيعة الموصوف في الإرثوذكسة. وقد مر علي بين االرباطاب السودانيين من صرف عبارات تقولها كبار النساء من جيل مضي بمثابة إقامة للصلاة كلغو فولكلوري لا دين فيه. ولكن الباحث يحتاج لاكثر من مجرد نفي السنة والشيعة الاتراك للعلويين من الدين لكي يدرج رأيهم هذا في الإرثوذكسية. ونجد في الحالين تعييناً من مسلمين لصحيح الدين ، اي التقاليد الخطابية، من غير أن تتخذ هذه التقاليد صورة الأرثوذكسية الجامعة المانعة.
ويبدو ان العلاقة بين التقليد الخطابية والأرثوذوكسة في الاسلام تثير معضلة حقيقية للباحثين .وأطلق هودجسون HODGSON ، الذي واجه هذه المعضلة قبل أسد، علي هذه التقاليد الخطابية مصطلح "الإسلام الشرعاني" (1963 :229) وهي تسمية سرت سريان النار في الهشيم ووافقت هوي عند جملة من الباحثين (تيرنر 1974 :105؛ ايكلمان 1981أ : 221؛ بوسفيلد 1985 :207). ويعرف هودجسون هذا الضرب من الإسلام بأنه كيان كلي معقد من نظم السلوك والتفكير يتميز به أولئط المسلمون الذين يرون أن للشريعة القدح الأعلي في الدين والحياة. (هودجسون 1974 :351). وعلى الرغم من أن الإسلام الشرعاني ، حسب قول هودجسون ، ليس صورة الإسلام الوحيدة ، إلا أنه إكتسب منزلة خاصة بين صور اللأسلام الأخري. فقد إستاثر بالحكم علي صحيح الدين من غيره. فهو الذي بيده الأمر في موافقة ممارسات وعقائد المسلمين أم إنحرافها عن جادة الأسلام. (المصدر السابق :224). ومع ذلك فان هودجسون يقرر حقاً أن الإسلام الشرعاني ليس إرثوذكسية خلافا لافتراضات بعض الدارسين الخاطئة في هذا الشان (المصدر السابق :350ـ351). وبالمقابل يحتفظ هودجسون بمصطلح "إرثوذكسي" في دراسة الإسلام ليستخدمه في الحالات التي إستقرت فيها عقيدة او ممارسة بعينها وتوطدت إاما رسميا او اجتماعيا مما يسوغ وصفها بالإرثوذكسية. ومثل هذا الإستخدام المشروط لمصطلح "أرثوذكس" ، في قول هودجسون، لايتطابق بالضرورة، في كل الاحوال ،مع "الشرعانية". (المصدر السابق :351). إن تمييز هودجسون هنا بين الأرثوذكسية والتقاليد الخطابية مثير للاهتمام الا إنه لن يشبع الباحث الذي يريد أن يعرف كيف تشق مفردات التقاليد الشرعانية الخطابية طريقها الي الأرثوذكسية في الإسلام. فلم يفصل هودجسون في أمر المؤسسة أو المؤسسات التي لها الشوكة في تعيين ما الأرثوذكسي. كما لم يتطرق الي التقاليد الثقافية التي ترتكز عليها تلك المؤسسة او المؤسسات ليقع لها بها ذلك التعيين. وليس واضحاً من إجتهاد هودجسون في الأمر المدي الذي تطاله هذه الأرثوذكسة متي وقعت.
مما لا شك فيه سمو مهمة إعادة تعريف مصطلح الأرثوذكسية كأداة شوكة ثقافية من جهة و بما يأخذ في الإعتبار خصوصية الدين الأسلامي من جهة اخري. وليس في المجال فسحة هنا لمعالجة الاسئلة الهامة التي يثيرها هذا المشروع. غير أني سوف اسلط الضوء ،باقتضاب، على بعض المسائل المتفرعة عن هذه المراجعة. وعلينا هنا أن نضع نصب اعيننا اننا نتعامل، فيما يتصل بالاسلام إجمالاً، مع تقاليد خطابية صورها الدكتور بريان تيرنر بأنه تتمتع ب "بفضفضة جوهرية" (1974 :226). فليس هناك البابا الذي يحتكم اليه المسلمون حول صحيح العقيدة ولا المجالس اللأهوتية التي يتواثق عندها اهل الحل والعقد. وتبعاً لذلك علينا، مثلا، ان نحدد كيف يسعى الإسلام الى تحقيق الاجماع حول صحيح معتقده، وكيف ينعقد له الإجماع علي ذلك، وكيف يحافظ عليه ويوطده، وبأي حظ من النجاح. ولا مشاحة أن المحن الكبري مثل محنة إبن حنبل والحلاج وابن تيمية، التي المحنا اليها فيما سبق، ستكتسي قيمة عظمي في المباحث الأانثروبولوجي التي تتجه لغاية تعيين صور الإسلام المختلفة. ومن المفيد في معالجتنا لطريقة الإسلام في عقد الإجماع لصحيحه ان نعرف لماذا أحس ابن تيمية ،الحنبلي ، بعد اربعة قرون من اعدام الحلاج بسبب معتقداته الصوفية، بالحاجة الي الطعن في الرجل والتنغيص الغليظ علي ذكره. فلربما ألجأ ابن تيمية الي هذه الخطة النكدة فرط محبة الحنابلة من رهطه للحلاج بعد مر كل ذلك الوقت علي محنته (ماسيجنون 1982 :45).
اضافة الى ذلك نحتاج ان ندرس البنية الكهونتية (متعلقات إدارة الكنيسة الجامعة في التعبير المسيحي) في كل تعبير أو مؤسسة إسلامية. والبادي أن علماء الشيعة يتمتعون بقوة "كهنوتية" مؤسسية تضمن لهم تلاحم جمهور اتباعهم اكبر بكثير مما يتمتع به اضرابهم من علماء السنة . وسيقودنا هذا الي جملة ابحاث نافعة ولازمة وخصبة عن المدى الذي تطاله فتاوى العلماء ودرجة نفاذها، وبطش ووسداد مجالس التفتيش التي يعقدها العلماء للتحري عن إلتزام أفراد بعينهم بصحيح الدين، ومنزلة حكم الردة عموماً 12. ولعلنا نحتاج أيضا الي التدقيق في مصطلحات إسلامية راسخة مثل "الغلو" و "الاعتدال" و "تجاوز حد الدين"، كحدود تعين علي تمييز المباح والمندوب والمحرم إسلامياً لنستصحبها في مباحث الإرثوذكسية ومترتباتها في الإسلام. وفوق هذا فقد أشار ايكلمان ،ببراعة، الى أن أثر المال السعودي، الذي دعم المذهب الوهابي في بقاع دار الأسلام، في عقد اتساق إسلامي مشاهد حول صحيح الدين، من الموضوعات التي لم تنل حظها الكافي من الدراسة (1982 :11). ان دراسة المجالات المشار اليها آنفا مطلوبة من اجل توصيف دقيق لكيفية عمل مفهوم الإرثوذكسية في الاسلام قبل ان نقطع بوجودها في الدين او عدمه رجماً أو تكأة علي تقاليد دينية أخري .
وقد المحنا فيما سبق الى تشبث الاثنوغرافيين اكثر فاكثر بالمعتقدات المعيارية في الاسلام وهم ينبشون في البيئات المحلية الوصوف إسلامها بالشعبي. وهذا يتطلب منهم ،بدوره، تنويعا في تدريبهم يشمل التعرف على نصوص الاسلام الموسومة باللأرثوذكسيةORTHODOX ISLAM . ومثل هذا التدريب سوف يعرض للخطر ،بلا شك، تقسيم العمل البحثي حول الاسلام كما تصوره العالم الإنثربولجي الأمريكي روبرت ردفيلد (1985) فالماثور الثقافي عند ردفيلد إما "كبير" ويقصد به ثقافة الخاصة وإما "صغير" وهو ثقافة العامة. و جسد ردفيلد التفاعل بين المأثورين، "الكبير" و "الصغير"، في واقعهما الاسلامي، كلقاء بين فون جرنباوم VON GRUNBOUM ووسترمارك WESTERMARK . أما الأول فهو دارس لتراث الإسلام الفصيح وأمهات كتبه وتفاسيره ومتونه وحواشيه الرصينة المهابة. أما الثاني فهو عالم انثروبولوجيا انصب اهتمامه على المأثور الشعبي والمحلي والخرافي. فهما مثلاً قد درسا موضوع التفاعل بين الاعتقاد في الاولياء والصالحين ومفهوم الإسلام الشرعاني كل من زاويته وبما يسعف منظوره ومنهجه (1985 :48ـ49). وكيفما كان الأمر فان حظ مأثوري ردفيلد "الكبير" و "الصغير" من الذيوع في أدبيات الانثروبولوجيا حول الاسلام، جد قليل. وقد قبل به من دارسي الإسلام الدكتور جوزيف روجر JOSEPH ROGER الذي زكي ان يعيننا المصطلح كإطار لا بأس به لفهم بعض عقائد العامة. ولم يعلق روجر مع ذلك علي ثنائية ردفيلد فتحاً علمياً مرموقاً (1981 :88) ويرى ايكلمان، من الجهة الأخري، انه لايعني اكثر من حشد لا يسمن ولا يغني لبيانات بعقائد إسلام الخاصة، كا بوبها المستشرقون، ومقابلتها بقائمة حاشدة اخري من عقائد العامة مما إستنبطه الإنثربولجيون. وفي الحالات التي جرت في هذه المقابلة بين قطبي الثنائية (كما في تحقيق حيدر ابراهيم حول مفهوم السحر في قريته السودانية (1979 :135ـ143) مثلا) فان المرء ليشك في شرعية تقسيم الإسلام الى شعبي / تقليدي . وعلى نقيض اللقاء بين العقيدة والخرافة الذي هيأنا له ردفيلد في صورة إجتماع فون قرنبوم ووسترماك، فإن المقابلة بين قائمة إسلام الصفوة واسلام العامة أقرب الي مشهد الشخص الذي يرى صورته في المرآة أو يلتقي بنفسه في الجانب الآخر من الطوار.
يربط ايكلمان بين ميل الانثروبولوجيا المتزايد لتصبح مشروعا "أهليا"، اي ما يقوم به أهل البلد عن بلدهم بدلاً عن إحتكارها بيد البحاثة الأوربيين، وبين التعديلات الجوهرية التي لا بد أن تطرأ علي دراسة وتحليل التيارات الدينية الشعبية (1981أ :234). وربما كانت تدور بخلده حين قال بهذا الربط مساهمة المرحوم الأنثربولجي المصري عبدالحميد الزين (1935ـ1975) ووعده الذي عاجله الموت فذبل. ونقول بهذا عن إيكلمان إستنادا الى ماكتبه ايكلمان ناعياً الزين بالاضافة الى كتاباته أخرى. فأيكلمان مدرك ليس لما أنتوي الزين من تغيير لمنهج دراسة الإسلام الشعبي فحسب بل مدرك للحدود القصوي التي ربما قطع الزين أشواطها لتنفيذ منهجه المذكور لو لم يمت. (1981 :365). وكان الزين إقترح معالجة لنظام الرموز الدينية علي نهج المدرسة البنيوية. وهي مدرسة تري تلك الرموز قائمة كتعابير عن علاقات في تركيبة مجمل المجتمع. يقول الزين :
"علينا ان نبدأ، في هذه الحالة، من نموذج إسلام إنسان البلد NATIVE"" ونحلل العلاقات التي عينت معناه . وانطلاقا من هذا الافتراض يمكن لنا أن نلج عالم اللأسلام ونسبر غوره من أية نقطة كانت حيث لايوجد انقطاع مطلق في أي مكان بداخله. فلاتوجد كيانات مستقلة في باطن ذلك النظام ، وكل نقطة فيه يمكن الوصول اليها، في نهاية الأمر، انطلاقا من اية نقطة اخرى. وبهذا الفهم لن تكون للمعاني وظائف جامدة ممكن عزلها عن بعضها بصورة كلية أو إرجاعها ببساطة الي أي وحدة من وحدات التحليل سواء كانت رمزاً أو مؤسسة أو عملية إجتماعية إلا إذا فرضنا ذلك فرضاً علي الوظائف المذكورة. وأنتهينا بذلك الي ترتيب خارجي لها يخيم علي النظام الثقافي، الإسلام، بصورة مصطنعة ومن عل. وبمعنى آخر فإن بنيات النظام الثقافي الإسلامي وطبيعة مفرداته المكونة له هما ذات الشئ، اي أن منطق النظام هو محتواه، بمعنى ان كل مصطلح وكل كيان داخل النظام هو نتيجة علاقات بنيوية بين كيانات ومصطلحات اخرى ،وهكذا دواليك، بلا بداية للنظام ولا نهاية عند أي نقطة معينة مطلقة " (1977 :251ـ252) .
ويوحي الزين هنا ان مثل الترتيب المصطنع الدخيل على النظام هو ما يقع لنا متي ما تمسكنا بغير ضرورة بثنائية أرثوذكسي/شعبي .
والمهم أيضاً أن عبدالحميد الزين لم يقنع بردم الهوة بين "الإسلام الشعبي" و "الاسلام الرسمي" بل سعى ايضا الى لحم الانفصام في الأنثربولوجي نفسه وذلك من خلال بحثه، في أخريات أيامه، للحصول على درجة علمية في الفقه والتشريع الاسلامي ( ايكلمان 1981ب: 365). وكان يريد أن يلم بهذه العلوم الشرعية حتي لا يسلم أمر فهم الدين، متي عرض له إسلام الخاصة، لعلماء الدين مؤمناً علي دور زينوه لأنفسهم كسدنة للإسلام لا فهم له بدونهم ولا معقب علي قولهم. وهو دور خصهم به لأنثربولجي الباكستاني أكبراحمد بقوله: "ان تصحيح الفهم الخاطئ للاسلام عند رجال القبائل المسلمين هو مهمة علماء الإسلام الأورثوذكسي. أما نحن، كانثروبولوجيين ، فمعنيون بكيفية فهم المجتمع للدين وليس بكيفية رؤية الدين لنفسه " (1982 :198) . وخلافاً للزين فإن أحمد يوطن علماء الدين في مشروعهم كحراس للدين الصحيح. فقد ظل علماء الدين "يعتبرون سوء استغلال الاسلام او الفهم الخاطئ له عند رجال القبائل " من صميم الاسلام "الشعبي" أو الضال . وهذا منهاج سيبقي علي الثنائية الأورثوذكسية-الشعبية. وللخروج منها يلزم أن نتجه الي دراسة افضل لكيفية فهم المجتمع للدين، او الدرس الأفضل للدين الشعبي الذي سيقتضي تجاوز الحدود التي إقترحها أحمد. فالتأهيل الشرعي الفقهي الذي طمح له الزين في أخريات عمره مما يشير بقوة الي الحاجة الملحة لخرق حدود بروتوكول تقسيم دراسة الدين بين غون قرنبوم ووسترمارك.
خاتمة :ـ
تنطلق هذه الورقة من الارتياب في فعالية مفهوم الاسلام الشعبي الذي اطلقه ترمنغهام عام 1949 م لوصف دين "العرب ـ الافارقة" بشمال السودان . وقد اتضح ان هذا المفهوم يرتبط ارتباطاً لافكاك منه بوجهة نظر سلبية أشمل تستهجن الطبيعة الهجين لاؤلئك الناس حيث تعتبرهم نتاجا لدم سفاحي ملوث تم فيه التنازل عن نقاء كل من العنصرين العربي والافريقي . ونتيجة لذلك فإن اسلامهم تشكل على صورتهم فجاء "مموثناً"، اي مترعاً بالوثنية، وفي درك من الثقافة. إضافة الى ذلك فان الورقة ترى ان مفهومي التوفيقية SYNCRETISM والأرثوذكسية ORTHODOXY قد قيدا خطا دراسة الاسلام في السودان بفرضهما على مادة البحث ترتيباً حكمياً، خارجياً، مزيفاً. و عليه يمكن وصف تلك الدراسات التي تاسست علي ثنائية الشعبي والأرثوذكس بانها تتناول الإسلام في صدام مع السودانيين وليس إسلام السودانيين . وبسبب قبول الأنثربولجيين لثنائية شعبي/وأرثوذكسي بصورة مسبقة فإنهم قد انحدروا في بحث غير رشيد مما يسميه الغربيون ب "صيد الفراشات" يتعقبون به الغرائبي والمنحرف والخرافي من العقائد لحشدها في فصل مستقل عن إسلام القرية التي يدرسونها. وهذا منهج أطرق ينتزع الاسلام من جملة حياة أهل القرية في زواجهم وعقودها وتنشئة بنيهم وبناتهم، وموتهم وشعائره، اي في معاشهم ومعادهم. وتري المقالة أنه لكي ندرس بصورة أحذق ما تعارفنا عليه بإسم الإسلام الشعبي وجب علي الأنثربولجيين إحسان المعرفة بما يسمونه الأسلام الأرثوذوكسي والتدريب في فنونه حتي لا ينصبوا بغير ضرورة ملجئة علماء الدين اوصياء عليهم في مجال حيوي من مجالات علمهم.
هوامش
1ـ دخل مكمايكل (1892ـ1969) في خدمة حكومة السودان (الاستعمارية البريطانية) في عام 1905 وتدرج فيها حتى تبوأ منصب السكرتير الاداري في عام 1926 .
2ـ انضم ترمنغهام (1904ـ ) الى خدمة جمعية التبشير الكنسية واصبح سكرتيرا عاما للجمعيات التبشيرية في كل من شمال السودان أعوام 1937ـ1949، ومصر أعوام 1949-1951 ثم غرب افريقيا أعوام 1951ـ1952، حيث استغرقه البحث الاكاديمي منذ ذلك الحين . ومن المدهش ان تظل صورة مبشر للإسلام في السودان متماسكة لا يعتورها شك أو تصويب على مدى العقود التي إنصرمت منذ الخمسينات وخلال فترة مضطربة طوال عهد الإستقلال اصبح فيها موضوع الدين طاغيا في الساحة السياسية . ولا لا غلاط أن تحيزات ترمنغهام التبشيرية تنفذ من خلال عمله بلا مواربة . ويكفي ان نشير الى قوله ان السوداني اذا ما "حرر من إرثه الديني فان تطوير فكره وخياله سيكون أمراً ميسوراً " (1949 :22) . وغني عن القول ان هذا "التحرير" هو نقطة البداية لأي مبشر . وواضح أن صورة ترمنغهام لإسلام السودان احتفظت بجاذبية نافذة إختلف إغراؤها بإختلاف من وقعوا اسري لها. وبدا لي أن رواد الحركة الوطنية واليساريين قد راقهم فيها الفصل بين الأسلام الشعبي والرسمي أو الأرثوذكسي. فمثل هذا الفصل يبيح لهم أخذ جانب الدين الشعبي وشجب طبقة العلماء الدينية المتهمة عندهم بممالاة الإستعمار أو الشطط الديني. أما الإسلاميون فقد وطدوا عزمهم علي تربية او حمل الناس علي صحيح الدين لما مثله الأسلام الشعبي من إنحراف عنه. وقد وجد الاثنوغرافيون، من الناحية الاخرى ، ان الاسلام الشعبي قد فصل من نفس القماشة الريفية الهامشية التي هي مادة شغلهم البحثي. وتشكل هذه الجاذبية المتعددة الوجوه للاسلام الشعبي موضوعا شيقا للبحث في حد ذاته.
3ـ يطلق عليه آدمز اسم "الدين الشعبي" (1977 :574،577) . ويرى باركلي ان الطرق الصوفية ليست دينا "شعبيا" بكل معنى الكلمة حيث انها ذات جذور في تاريخ المسلمين الفكري (1964 :137) .
4ـ إختلف الباحثون في تعيين الطبقة الثقافية التي تهجنت مع الإسلام لدي وفوده الي أرض النوبة. فقد وصفها بعضهم بالوثنية او السحر (ترمنغهام 1949 :111؛ باركلي 1964 :266؛ عبدالحي 1976 :28؛ حريز 1977 :52،60؛ ابراهيم 1979 :126؛ نصر 1980 :91؛ عبدالسلام 1983 :10). ويبدو ان آدمز هو الوحيد الذي إعتقد أنها ثقافة مسيحية متماسكة ومؤثرة في أهلها تفاعلت بقوة مع الاسلام الوافد (1977 :591) . ومما يستغرب له أن هؤلاء الكتاب، خلافاً لآدم، شككوا في مسيحية السودانيين التي كانت دين السودانيين لحوالي ثمانية قرون خلت قبل اللأسلام، ونسبوها الي الوثنية أو السحر. والسبب البادي في هذا الإرذاء بالمسيحية السودانية أن هؤلاء الكتاب إعتقدوا أن مسيحية السودانيين كانت سطحية الأثر ولم تفلح في اقتلاع جذور الوثنية التي سبقتها . فقد قال ترمنغهام إن المسيحية السودانية لم تكن سوي دين للدولة بينما لم يكن الناس علي دين ملوكهم وظلوا يحتفظون بأرواحيتهم الوثتية (1949 :77) .
5ـ يذكر حيدرابراهيم منظور المؤمنين هذا،عرضا، ودون تركيز في تناوله له خلال تأطيره لدراسته عن الاسلام في قريته الشايقية . ويلفت النظر ، محقا، مع ذلك الى ان كل طائفة من المسلمين في القرية تعتبر نفسها وحدها العارفة بصحيح الدين وتدعي حوزة السداد في معرفة ذلك الصحيح دون الآخرين (1979 :127)، ولكنه للأسف لم يتحر بإستقامة هذه النقطة الهامة بل تجاوزها متمسكاً بثنائية الشعبي والأرثوذوكسي (1979 :126) .
6ـ يرى ترمنغهام ان سمة الاسلام الافريقي المفردة تتمثل في ان اعتناقه لايسبب الا قدرا ضئيلا من الاهتزاز الداخلي في الحياة الاجتماعية ومأثور الإنسان الأفريقي العائش علي الطبيعة. والسبب في ذلك أن هذا الأسلام لا يستنكف إستصحاب ملامح الوثنية الأساسية ويهجنها في صحيح معتقده (1949 :249) . وبهذا يفسر ترمنغهام النجاح الكبير للإسلام في افريقيا لأن تحول الأفريقي اليه لا ينزعه جملة واحدة من أكثر عقائده الوثنية (1949 :165). ويناقض ترمنغهام مع ذلك نفسه حين ينسي مقولته عن هذا التساهل الفطري للإسلام في قبول الهجنة حين فسر السودانيين الجنوبيين عنه. وقال أن هذا الإنصراف راجع الي المقاومة الطبيعية للقبائل الزنجية للاسلام "حيث ان الارواحية الوثنية شديدة المحافظة بينما الإسلام يدمر المؤسسات الوثنية " (1949 :104) .
7ـ يبدو ان عدم الدقة في تحديد ماهو من الأسلام الأررثوذكسي وما ليس منه فاشية. فميشيل ميكر MICHAEL MEEKER يري أن أداء فريضة الحج عدة مرات ليس من الإسلام الأرثوذكسي في شيء. ويقرر أيضاً بغير سند أن الوقوف بعرفة في الحج امر منهي عنه في صحيح الإسلام (1979 :266) .والحكمان خاطئان من وجهة نظر الاسلام الموصوف بالأرثوذكسية.
8ـ يقدم جاك واردبيرج JACQUES WAARDEBURG اطارا فكريا ًاوسع للتعيين الأخرق للأرثوذكسية في الاسلام وذلك من خلال تفسيره لاسباب ضآلة مساهمة البحث الاكاديمي الغربي في تعميق فهم العلائق الواشجة بين الاسلام الشعبي والاسلام الأرثوذكسي. يقول واردبيرج : "بما ان أهل العلوم الإجتماعية قلما يعرفون النصوص الاسلامية الآمرة . . . فإنهم ظلوا يركزون مباحثهم على الاسلام الشعبي حيث وجدوه غاصاً بعناصره "البدائية"... فالانثروبولوجيون يعتبرون الإسلام الشعبي الشعبي هو اسلام الناس الحقيقي بينما يعتبرون الاسلام الرسمي (الأرثوذكسي) مثاليات دينية لدى بعض المشرعين وعلماء الدين البعيدين عن الناس (1978 :335ـ338) .
9ـ المصادر التي اعتمدت عليها دائرة المعارف الإسلامية ، لا تقرها، في حقيقة الامر، علي حكمها بأن العين خرافة ليست من الدين. ولم يزد ابن الاثير والمتقي، ممن رجع اليهم كاتب مادة (العين الحارة) في دائرة المعارف، عن لجوء المصاب بها الى ضارب الودع للوقاية منها ( ابن الاثير 1893 :202، المتقي 1969،4 : 220) . وفيما عدا هذا الاحتراز فان المتقي يورد خلاصة لمعظم الاحاديث النبوية التي تقرر ان العين حق (1971 :744،746) .
10ـ يرى ايكلمان ،على سبيل المثال، ان المرابطية ،وهي مصطلح أهل المغرب لعقيدة الناس في الأولياء الصوفية، لا نسبة لها في الإسلام الأرثوذكسي. وهي عنده في احسن الأحوال ضرباً من الأورثوزبوكسيةORTHODOXY وتتبع شعيرة طقسية راسخة (1981أ :225) .
11ـ يرد في إقامة الصلاة تلك ما يلي:
الصلاة صلاتك
والواطة واطاتك
ونقع ونقوم على جلاتك
ترجمها عن الانجليزية محمودالامين في " الصوفية في السودان SUFISM IN THE SUDAN " بحث لنيل درجة الشرف ،الجامعة الامريكية ببيروت 1970 .
12ـ للوقوف على تطبيق حديث لهذه السلطات العقابية الدينية انظر محمودمحمد طه (1987) . *
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: عبدالله الشقليني)
|
Quote: العزيز طلعت استوقفني في مداخلاتك (الانتاج الغزئر ) و دفاعك عن مواقفك (السياسىة ) رغم الاستمتاع بنصوص الرجل فالانتاج الغزئر ليس شهادة كفاءة او قداسة ، كم اهدر الشعراء المتكسبة بغزارة فنون البلاغة علي اعتاب السلطان ، فقيم الحداثة طالت الاستمتاع ، وفرز السياسي من الثقافي في السودان الشقيق لايعلقنا علي صليب التخصص الثقافي (علي قول ادورد سعيد ) فهل كانت (الغزارة الانتاجية ) في جو ديمقراطي معافي ام كانت في منابر الانقاذا التي لم تتسامح مع (العراب ) حسن الترابي او فتي الجبهة المدلل حسين خوجلي وتصدر ع.ع.ا صدر منابرها !!!!! واذا كانت كتابات ع.ع.ا ابان حقبة بيوت الاشباح وصلف الانقاذ (حقبة التراث القبلي ) لم يفك طلاسمها (الثقافية ) المنفيون في اللغة فلماذا لجاء (المتخصص وراعي الكهنوت الثقافي ) لاستعطاف كمال الجزولي عن عدم فضح خالد المبارك ممثل النظام الثقافي في لندن ورفيق المسيرة ....... يقول درويش : اذا رايت أباك مشنوقا فلا تنزله عن حبل السماء فاذا شنقت اقوام السودان علي حبل الانقاذ فلا عزاء لهم ان كانوا منفيون في اللغة او غير متخصصون في الشان الثقافي |
العزيز محجوب المقصود من الغزارة كمية الانتاج اما تقييمه سلبا وايجابا فيعتمد طبعا على متلقى النصوص مسئوليتى عن مواقفى السياسية فهى ليست محاولة للتنصل او الابتعاد عن مواقف الرجل بقدر ما هى مسألة تمليها ضرورات فكرية. كل ما فى الامر هو ان ع ع ابراهيم قد اختار طريقته فى التعامل مع الانقاذ منذ اول ايام الانقلاب ، ولا اعتقد ان انه قد رأى فى يوم ما ان المخرج من ازماتنا السياسية والاجتماعية تتمثل فى المراهنة على الاصولية الاسلامية كما هو واضح من مجمل نصوصه بعيدا عن تاويل نص معين او موقف بعينه.. البعض يعتقد ان اختياره للحوار والتعامل معها منذ البداية يقع فى باب (الخيانة الوطنية) ، انا لا اعتقد ذلك وفى نفس الوقت لا اؤمن بالحوار مع قادة الانقاذ. لا يمكن فصل السياسى عن الثقافى يا محجوب لكن من الواضح ان مسألة الانحياز لاى لغة لا يقود فقط الى نوع من التحرى والتدقيق فى مفاهيم موروثة فى اللغة نفسها بإعتبارها قلب اى ثقافة (مقصود هنا الثقافة كنظام علامات)، ولكن ذلك الانحياز وحتى ان لم يكن مقصودا فإنه يقود الى الابتعاد عن نموذج معرفى (برادايم) ظل مهيمنا على الحداثة منذ نشاتها كتقاليد فكرية ، وهذا النموذح عرف بفلسفة الوعى paradigm of the philosophy of consciousness .. فلسفة الوعى او الادراك هى الوجه الاخر من عملة وجهها الثانى تمثله فلسفة اللغة. الخصائص الفكرية لفلسفة الوعى هذه يمكن اعطاء القارئة فكرة مبسطة عنها كما يلى: 1- اعتماد مفهوم النفس او الذات عند ديكارت على اعتبار ان العقل او الروح mind هو ما يمثل المركز الداخلى للانسان الذى تتكون فيه الافكار والتصورات . وان ثنائية الجسد والورح الديكارتية هذه تعتمد مفهوم قوامه ان لكل من الجسد والروح طبائع مختلفة . 2- ميتافيزيقية الذات والموضوع ، وهى تعنى ان العالم يمثل كلا واحدا فى مقابل ذوات متعددة . وذلك يعنى عدم اعتبار الذات جزء من العالم المحيط الذى تعيش وتعمل فيه. هذا المفهوم ليس بالضرورة ان يكون متطابقا، ففى (فيمنولوجيا الروح) قام هيجل بإنقلاب على برادايم (الذات – الموضوع) من الداخل بعد ان جعل ذات واحدة مستقلة سماها الذات الروحية العارفة بنفسها، هى المتجة للعالم المحيط. ولذلك فإن ميتافيزيقية الذات والموضوع عنده ليست متعددة كما فى النموذج الاصل ولكنها واحدة. 3- الجوهرانية - وهى مفهوم يرتبط بمدرسة فيينا ومنطقها التجريبى وتعنى الاعتماد فى النهاية على المعلومات التجريبية او النصوص التى تحتوى على ملاحظات حول شىء ما وتوصيف له. وهى بمعناها الواسع تعنى السعى نحو اليقين المعرفى . والمعرفة المرتبطة بطلب اليقين وهى التى سادت الحداثة منذ ديكارت . 4- المسألة الاساسية فى الفلسفة ، او (مفهوم الفلسفة اولا) ويعنى ضرورة ان تقوم الفلسفة على تأسييس الحقائق على طريقة العلوم الطبيعية و تقديم افتراضات لتاكيد صحة قوانين العلوم الطبيعية وطرق استدلالها. ولذلك اعتقد كل من ديكارت وكانط بأن مهمة الفلسفة تتجسد فى استخلاص وايجاد المعايير الخاصة بالمعلومات الصحيحة. فى المقابل يعتقد ممثلو الانعطاف اللغوى ان العالم الاجتماعى لا يمثل الكل (الموضوعى) مقابل ذوات متعددة ، انه ليس شيئا خارج ذواتنا ، انه الوسط الذى نعيش فيه ، انه بداخلنا بقدر ما نحن بداخله . يمثل هذا الاتجاه عدد من المفكرين على رأسهم هابرماس والذى ربما كان قد تأثر بالفيلسوف مارتن هيدجر. هذه بإختصار شديد ارجو الا يكون مخلا الخصائص الفكرية لفلسفة الادراك او الوعى التى سادت الحداثة وصبغت كل مدارسها بما فى ذلك الماركسية . اعود للمتابعة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: عبد الله على ابراهيم ...فى وجه العاصفة ....كتاب السودان غاضبون ... (Re: كمال عباس)
|
الأكرم : كمال عباس والأفاضل جميعاً ..
لقد كفيتنا الكثير الذي يمكن قوله في أمر التشريعات الإسلامية ، التي يرى البعض أن مشايعيها يقدمون خياراً للحياة البشرية الحاضرة ، وقد عرفنا أن سقف الحريات التي نالتها البشرية قد تجاوزت كم هائل من القوانين الدينية التي لا سبيل لمصالحتها مع الحياة الراهنة ، وأن الخيارات أمام من يرون أن القوانين الدينية هو خيار ديمقراطي ، هو خيار منعدم ، لا توفيق يمكن أن يخيط تلك العباءة المهترئة ويقدمها للعصر . ونحن بالفعل أبناء عصر إنساني ، ليس من السهل التنازل فيه والمصالحة مع قوانين عصور السلف والانحطاط .
* تحية لصاحب الملف وشركاءه والقراء *
| |
|
|
|
|
|
|
|