دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
ما الجديد في تمثلات الكتابة - رد على عبد اللطيف الفكي
|
بحرفية عالية ولغة رصينة مقعدة وباسلوب موجز تحدث الاستاذ ، عبد اللطيف الفكي عن ظاهرة اسلوبية قديمة قدم اللغة والمعرفة الانسانية لكنه عرضها وكأنها اكتشاف حداثوي خطير لآخر ما توصلت اليه البشرية من معرفة .ثم بني عليها نتائج خطيرة لا تتناسب مع هذه الخاصية الاسلوبية البسيطة .اقل ما يمكن ان يقال عن هذه النتائج التي خلص اليها عبد اللطيف انها عدمية جديدة . و في احسن حالاتها ، يمكن ان توصف بانها اصولية نصوصية جديدة . يقول الفكي في مستهل مقالته : تمثلات الكتابة :
" قال الشاعر جيلي عبد الرحمن في مرثية والده في ديوانه : الجواد والسيف المكسور : عماتنا النخلات أسبلن الجفون . تري هل اطلع علي كلام ابن عربي في الفتوحات : ( وخلق الله عمتنا النخلة من بقية طينة آدم )؟ " ويتسآءل الاستاذ عبد اللطيف عما اذا كان الشاعر جيلي قد اطلع علي كلام ابن عربي ولكنه يجيب بان هذا لا يهم سواء كانت الاجابة بلا او نعم . المهم هي الفرضيات و النتائج التي تترتب علي هذا التشابه في الكلام بين التعبيرين . يستخلص عبد اللطيف من ذلك جملة فروض وهي :
- " لا يوجد نص خارج النصوص " . - " الكتابة ليست سوي تمثل لتمثل آخر " representation (محاكاة، تقليد ، اعادة انتاج ). - " لا يوجد تفكير خارج النصوص الاخري ."
استنادا الي هذه الفروض ينتهي الاستاذ عبد اللطيف الي نتائج خطيرة وحاسمة وهي :
- نفي الاصالة ! - نفي الابداع !
لان هذا لا يشرف الكتابة الحق حسب قوله!
ولكن ما سكت عنه عبد اللطيف وعبر عنه ضمنا هو ان القول بنفي الاصالة والابداع يؤدي حتما الي موت المبدع ( موت المؤلف ) و الي نفي الانسان والذات والتاريخ والفكر والتقدم . وهذه هي فحوي اطروحات ما بعد الحداثة .
" لا يوجد نص حارج النصوص الاحري " ، " لا يوجد تفكير حارج المنصوص " النتيجة الحتمية والمنطقية لهذه المقولات الدوغمائية هي : وما فرطنا في الكتاب من شىء . رفعت الاقلام وجفت الصحف . فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار . او كما قال . وهذا هو الجديد في تمثلات الكتابة ، كما طرحها عبد اللطيف . اما ما عدا ذلك فهو من الف باء النقد الادبي . والغريب ان ، لا احد من محاوري عبد اللطيف انتبه الي النتائج الخطيرة التي انتهي اليها سوي المفكر الحر الدكتور بشري الفاضل .
* *
الامر في غاية البساطة . كل ما في الامر ان عبد اللطيف فات عليه ان ابن عربي كان يتمثل حديث النبي : " ارعوا عمتكم النخلة " . وكان الدكتور بشري الفاضل قد نبه الاستاذ عبد اللطيف الي ذلك ولكنه لم ينتبه . قال له بشري الفاضل ان هذا ليس الا تضمين . وكنا قد درسنا" الاقتباس " بالمرحلة الثانوية في البديع بكتاب: ( البلاغة الواضحة ) لعلي الجارم ومصطفي امين. عرف المؤلفان الاقتباس بانه : " تضمين النثر او الشعر شيئا من القرآن الكريم او الحديث الشريف من غير دلالة علي انه منهما ، ويجوز ان يغير في الاثر المقتبس قليلا ." وهذا التعريف هو حلاصة لاراء العلماء العرب الواردة في كتب الادب والبلاغة عن التضمين والاقتباس . اذن كل من قول ابن عربي والشاعر الجيلي عبد الرحمن ، اقتباس، من قول النبي (ص) ارعوا عمتكم النخلة .
ومن الامثلة علي تضمين القرآن في الشعر قول ابي العلاء الذي أشار اليه الزمخشري في تفسيره " الكشاف ":
حمراء ساطعة الذوائب في الدجي * ترمي بكل شرارة كطراف
استعار تشبيه الشررالمتطاير من نار الفريق ، بالخيام ، من تشبيه القرآن لشرر جهنم بالقصور : " انها ترمي بشرر كالقصر " – الاية . ومن ذلك يتبين ان الذين ثاروا ضد محمود درويش بسبب تضمينه لبعض الآيات القرآنية في اشعاره التي تغني بها مارسيل خليفة يجهلون الادب والبلاغة وعلوم القران . فقد اجاز العلماء للمقتبس ان يغير في النص المقتبس بما يلائم غرضه البلاغي . وقد فرق بعض العلماء القدماء بين الاقتباس والتضمين . قالوا التضمين ، هو تضمين الشاعر شعره من شعر غيره . اما الاقتباس من القرآن والحديث . ولكن اغلبهم جمع الاقتباس والتضمين في مفهوم واحد هو التضمين . وقد لفت نظري ان هذا التقليد بدأ مبكرا منذ الشعر الجاهلي . فقد لاحظت ان طرفة ابن العبد ، اقتبس قوله في معلقته :
وقوفا بها صحبي علي مطيهم * يقولون لا تهلك اسي وتجلد
من قول امريء القيس في معلقته :
وقوفا بها صحبي علي مطيهم * يقولون لا تهلك أسي وتجمل
ويعرف الاقتباس والتضمين في اطروحات الحداثة وما بعد الحداثة بالتناص intertextualty
* * قول عبد اللطيف ان الكتابة ليست سوي تمثل لتمثل آخر . ما هو الا ترديد لنظرية المثل الافلاطونية . انها افلاطونية جديدة . بالنسبة لافلاطون هذا الكون تمثل للعالم الاول ، عالم المثل و محاكاة له ، وان المعرفة الانسانية ما هي تذكر لما اودع في اصل النفس البشرية في عالم المثل قبل سقوطها منه. ( العلم تذكر النسيان ) . اي بتعبير عبد اللطيف ، لا نص ولا معرفة خارج المعرفة المودعة في جوهر النفس . وبالرغم من كل ذلك تجد الحداثويين يحدثونك عن تفكيك جاك دريدا للميتافيزيقيا . اذا انتقلنا من افلاطون الي الادب العربي نجد ان قول عبد اللطيف : " لا نص خارج النصوص الاخري " ، المؤدي الي قوله ، " الكتابة ليست سوي تمثل لتمل آخر " . نجد ان هذا المعني عبر عنه الشاعر العربي القديم بقوله : ما أرانا نقول الا معارا * او معادا من لفظنا مكرورا
الفرق بين قول عبد اللطيف والشاعر العربي القديم ، ان عبد اللطيف وضع دوغما حاسمة قاطعة بعبارة :" ليست سوي " قاطعا الطريق امام اي اضافة جديدة فقط ليقوده ذلك الي نفي الاصالة والابداع . ولكن الشاعر العربي وضعها في صيغة ديالكتيكية تسآؤلية لا تقطع الطريق علي الجديد ، " ما أرانا " اي كاننا نكرر ولا نكرر !! وبين النفي والاثبات يكمن فعل التاريخ والسيرورة والتقدم الذي ترفضه ما بعد الحداثة . واشار اليه عنترة ابن شداد الي مقولة : " لا نص حارج النصوص الاحرى " وذلك في قوله :
هل غادر الشعراء من متردم ؟
يقول الزوزني في شرحه :" اي لم يترك الشعراء شيئا يصاغ فيه شعر الا وقد صاغوه فيه وتحرير المعني : لم يترك الاول للاخر شيئا ." ولكن ذلك التردم والتكرار لم يمنع عنترة من ان يقول شعرا مبدعا يبز معاصريه من الشعراء حتي اصبح واحدا من كبار الشعراء المبدعين الذين علقت اشعارهم علي استار الكعبة .
** * في العصر الحديث شاعت ظاهرة الاقتباس والتضمين " التناص " من خلال توظيف الشاعر المجدد تي اس اليوت ( 1888 – 1965 ) الذي ترك اثره علي كل شعراء العالم تقريبا . طرح اليوت فلسفته الجمالية في الاقتباس والتضمين من خلال نظرية ، الحس التاريخي والتي بسطها في مقالته الشهيرة : (التقاليد والموهبة الفردية ) او ( الثراث والموهبة الفردية ). Tradition and the Individual Talent حيث يطرح اليوت نظرية متكاملة ومؤسسة تاسيسا جدليا متينا عن ميكاميزم الابداع والعلاقة بين القديم والجديد ، خلال مفهوم ما يسميه الحس التاريحي . يقول : ..the historical sense involves a perception, not only of the pastness of the past, but of its presence, the historical sense compels a man to write not merely with his own generation in his bones, but with a feeling that the whole of the literature of Europe from Homer and within it the whole of the literature of his own country has a simultaneous existence and composes a simultaneous order.
" الحس التاريخي يتضمن ادراكا ليس فقط للماضي بل لحضوره ايضا . الحس التاريخي يجبر الانسان يكتب وهو لا يحس جيله فقط يسكن عظامه ، بل يكتب وهو يحس ان ادب اوربا كله منذ هوميروس ومعه ادب بلاده يشكلان نسقا متزامنا .". اي ان النص لا ياخذ قيمته الا من خلال علاقته بالنصوص : “No poet, no artist of any art, has his complete meaning alone. His significance, his appreciation is the appreciation oh his relation to the dead poets and artists. You cannot value him alone, you must set him, for contrast and comparison, among the dead. I mean this as a principle of aesthetic, not merely historical, critcism .” "" ليس ثمة شاعر او فنان يمتلك معناه بمفرده ، وان كل شاعر او فنان لا ياخذ قيمته الحقيقية الا اذا وضعته في مقارنة مع اسلافه من الشعراء والفنايين الاموات "
انها النظرة الديالكتية بين القديم والجديد ولكنها لا تذهب الي حد نفي الاصالة والقول بان الابداع ما هو الا " تطوير لنصوص اخري ." ان الاثار الادبية تمثل بالنسبة لاليوت نظاما او نسقا شاملا الي ان يظهر العمل الجديد والجديد حقيقة عندها يتغير هذا النسق الكلي لتتغير علاقة الاعمال ببعضها البعض وعلاقتها بالعمل الجديد هكذا تسير العملية الابداعية : “..What happens when a new work of art is created is something that happens simultaneously to all the works of art which preceded it. The existing monuments form an ideal order among themselves, which is modified by the introduction of the new ( realy new) work of art among them. The existing order is complete before the new work arrives, for order to persist after the supervention of novelty, the whole existing order must be, if ever so slightly, altered, and so the relations, propostions, values of each work of art toward the whole are readjusted, and this is conformity between the old and new.”
تنتمي اطروحات اليوت النقدية الي ما اصطلح علي تسميته بالنقد الجديد
The New Criticism الذي ظهر في عشرينات القرن العشرين وسيطر علي المشهد النقدي في الفترة ما بين الحربين علي ضفتي الاطلنطي . وقد نشر اليوت مقالته المشار اليها ، في بدايات نشاطه الادبي في عشرينات القرن الماضي . ومن ابرز رموزه أ.أ ريتشاردز وتي اس اليوت وامبسون وكلنيث بروكس وآلن تيت و أر. ليفيز وغيرهم .والنقد الحداثي مدين بالكثير للنقد الجديد . الحقيقة ان معظم اطروحات النقد البنيوي وما بعد البنيوي ذات جذور في النقد الجديد . كل ما في الامر ان النقد الحداثوي مسك باقصي طرف مقولات النقد الجديد وذهب به الي نهاياتها حتي فاتت حدها ، والبفوت حده بنقلب الي ضده او كما علمتنا العبقرية الشعبية .
عبد المنعم عجب الفيا - دبي 10 فبراير 2006
(عدل بواسطة عجب الفيا on 02-10-2006, 04:25 AM)
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: نص حديث : عبد اللطيف الفكي (Re: عجب الفيا)
|
تمتلات الكتابة - عبد اللطيف الفكي النص الكامل
Quote: حين قال الشاعر جيلي عبد الرحمن في مَرْثِيَةِ والدِهِ في ديوانه (الجواد و السيف المكسور): عَمَّاتُنا النخلاتُ أَسْبَلْنَ الجفون ترى هل اطَّلع على كلام ابن عربي في الفتوحات ( و خلق الله عمتنا النخلة من بقية طينة آدم ) ؟ . بالطبع لا يقود السؤال إلى أن نجيب عنه بـ[نعم] أو [لا] . بل الأمر معقود بهذه الفرضية: (لا يوجد نص خارج النصوص الأخرى) . و هي الفرضية التي تقود سؤالنا نحو [ نعم ] دون أن تفترض [ لا ] ؛ سواء أقرأ الشاعر فتوحات ابن عربي أم لم يقرأها ؟ .
تشير هذه الفرضية أعلاه إلى شيء آخر شبيه بها و هو: (لا يوجد كلام عند الفرد خارج لغة الجماعة) . تنقلنا هذه الفرضية على أن الكتابة ليست شيئاً سوى تمثـُّـل representation لتمثـُّـل آخر . مما يؤدي ألاَّ يوجد تفكير خارج النصوص . لذلك تطعن هذه الفرضية في شيئين : الأول في الأصالة ؛ و الثاني في التعبيرية . فالأصالة التي نطعن فيها هي بمعنى أنَّ تفكير المرء أصالةً عن نفسه دون اتصال بأيِّ نصوص أخرى . أما نحن فنريد أن تكون الأصالة في أصالة الكاتب تطويراً لنصوص أخرى . ففي هذه الجهة الأخيرة ( تطويراً لنصوص أخرى ) هي الجهة التي تعـدِّل من مفهومنا لمعنى " الأصالة " في الفكر . فنستدعي " الأصالة " في معناها الذي نقصده هنا في المقولة الدائرة في التقديم ؛ فأيّ مفكر يقول لسان حاله ( أقدم لكم هذا الكتاب أصالة عن نفسي و نيابة عن نصوص أخرى ) . إن التعبير الدارج عندنا ( طيرة في اليد و لا مية طايرة ) يرتد إلى حـِكم الحكيم حيقار التي بدأ يتناولها الناس في حدود عام 500 ق.م. و هناك تعابير كثيرة منحدرة إلينا من هذا الحكيم و وجدت طريقها أيضاً إلى ألف ليلة و ليلة .
استشهدتُ بهذا المثل لأبيـِّن أنَّ النص قد يكون قديماً فتنوسيَ مصدره ؛ و حين يعود لا يعود إلاَّ جديداً في السياق الذي قيل فيه و من هنا في جدَّة السياق تدخل " الأصالة " بمعناها غير المشرِّف في أنَّ هذا الشخص افترع كلاماً جديداً . و في الأصل ليس الكلام بجديد ؛ بل ينحدر عبر الزمن من مصادر تنوسيت بفعل مداولات الكلام في انقطاع الرواية .
أتناول الآن الطعن الثاني للفرضية ( لا يوجد تفكير خارج النصوص ) . فهذه الفرضية تطعن في " التعبيرية " . و التعبيرية هي مقدار نشاطين : نشاط الخبرة في العبارة و هو المقدار الأكثر نوعية في التعبيرية . و نشاط آخر هو الأقل خبرة في نوعية العبارة يتجلى بأن يكتب الكاتب كما يتكلم . فالكتابة حين تتحول إلى تعبيرية في قسميها ، فإنها تنزع نحو مقاومة هذه الفرضية . و تظهر هذه المقاومة حين توهم نفسها أن تقبع خارج أي نصوص . فالنشاط الأول في التعبيرية يحاول أن يوهم نفسه أن يكون خارج النصوص بتكوين دوال أكثر بلاغةً و طنيناً ؛ و كأنَّ هذا الطنين هو الحل من ربقة نصوص أخرى . و كأنَّ ردم الهوة من النصوص الأخرى هو أنْ تـُــثــْـقلَ الكتابة بالبلاغة .
ما تفشل فيه التعبيرية في مواجهة هذه الفرضية ( لا يوجد تفكير خارج النصوص الأخرى ) هو هذا : ( انعدام أن تجد التعبيرية موقع خطابها من بين تعدد الخطابات ) . تـُحيلنا التعبيرية إلى كلمة " إبداع " . فكيف أصف كاتباً ما بأنه مبدع ؟ . تأتي الإجابة عن هذا السؤال من منطلق الفرضية نفسها . فالإجابة هي لا يوجد فحوى " إبداع " طالما أن التفكير لا يخرج عن نصوص أخرى . أما و يدعي صاحب الإبداع أنه لم يقرأ هذه النصوص فلا شفاعة له في ذلك ؛ لأن التاريخ لا يبدأ بقراءتك . فالإبداع بحكم هذه الفرضية هو ( موقع الخطاب ) و ليس التعبيرية في شقيها : ( الخبرة في العبارة و كتابة أن تتكلم ) .
الكتابة تخرج من هذين الحيزين : حيز الأصالة بالمعنى غير المشرف للكتابة ؛ و حيز التعبيرية بالمعنى الذاتي للمتكلم الذي يريد أن يكتب . فالحجة الآن في الكتابة في كونها تفكيراً داخل النصوص هي ليست شيئاً سوى اختيار موقع خطاب . فمن الآن فصاعداً يمكنني أن أكتشف الكاتب كاتباً أو المبدع مبدعاً من موقع خطابه و ليس في تعبيريته .
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نص حديث : عبد اللطيف الفكي (Re: عبد الحميد البرنس)
|
الاخ العزيز عبدالمنعم أولاص دعني اهنئك والعروسة-هكذامتأخرا ومعتذراً- بالزواج واتمنى لكما السعادة والهناءة في الحياة الجديدة. ينطلق الاخ عبداللطيف من التفكيك في فهمه لمصطلحي الكتابة واللغة ولمصطلح ميتافيزيقيا ولهذا فإن (الاخـ"ت"لاف ) ذلك المصطلح عن الإختلاف والإرجاء سيعود هنها من جديد للنظر إلى العمل الأدبي باعتباره اثرا ينبسء عن كائن ما أدبي ما يتكشف عن طريق الإرجاء.كلام عبداللطيف يمكن قراءته على ضوء منهج التفكيك/التقويض ولذا فغن عبداللطيف يتبع منهج دريدا. يمكنك يا عبدالمنعم مواصلة النقاش هناك وفتح زاوية هنا نامل ان تناى عن العكننات للتفاكر في مسائل النقد الادبي من جديد. لعلها من الصدف العجيبة انني اكتب زاوية اسبوعية في صحيفة الراي العام السودانية وقد تطرقت فيها لإليوت و(النقد الجديد) وقد كتبت حتى الآن خمس مقالات يمكنك الإطلاع عليها عبر الإنترنيت في صفحة عيسى الحلو التي كانت تصدر كل ثلاثاء واصبحت تصدر كل أربعاء . عبداللطيف جاد للغاية في طرحه وعلى الرغم من عدم موافقتي لمايطرح فإن ما يكتبه يحظى باحترامي ووددت لو أن النقاش معه هناك استمر لكنه انقطع ولعله مشغول .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نص حديث : عبد اللطيف الفكي (Re: bayan)
|
Quote: الخواض
ان كلامك عن النقد يذكرنى أسئلة امتحان الشهادة السودانية والتى يأتى فيها القول بأستخراج الطباق او الجناس فى الابيات الاتية.. ولعل القائمين على امتحان الشهادة السودانية ارادوا امتحان ملكة استظهار هذه الادوات النقدية..وأنت حينما سألت عن النص الشفاف والنص المعتم..الخ.. الخ من محفوظاتك من مصطلحات النقد الحديث لم تذهب بعيدا عن سؤال الشهادة السودانية والذى بالطبع لن يخلق من الممتحن ناقدا ادبيا ولم يقع فى روع اولئك الاساتذة الاجلاء ان يجعلوا من الطالب ناقدا ادبيا.. الفرق بينى وبينك هو اننى اردت توطين ادوات النقد الادبى المعاصر منها وغبر المعاصر لفهم شاعر فذ ومحاولة تقديم اطروحة متماسكة عن تجربته الشعرية وأحسب أننى قد نجحت فى ذلك لسبب واحد هو ان الكثيرين من المهتمين بادب محمد عبدالحى قد رأوا فى تلك المحاولة اسهاما فيه اضاءة جانب من جوانب تجربة محمد عبد الحى الشعرية. ان مجرد ترديد اقوال فوكو ودريدا وايكو وكريستيفا ورولون … وهلم جرا لن تعين فى فهم تجربة محمد عبدالحى الشعرية وان محاولة اقحام هؤلاء النفر من المفكرين على نصوص محمد عبدالحى ربما افضت الى تشويه النص وتعتيمه وجعل القارئ فى حيرة من امره.. اما الاستعانة بهؤلاء ببناء رحم سميوطيوقى يعين القارئ على فهم وتذوق نصوص محمد عبدالحى الشعرية فهذا ما نتغياه. وهذا عمل الناقد الحصيف حتى لا يضيع القارى بين ذلك الحشد المهيب من الاسماء الاعجمية التى لا تغنى ولا تسمن من جوع فكرى انما تزيد فى مدى تخمة الاصطلاحات.. و اذا نظرتا الى تعليقى الاول تجد ان الفرق بينى وبينك اننى سعيت جهد ما استطعت فى توطين خبرات تتعلق بدراستى للنقد المسرحى والتذوق الموسيقى وقراءات ليست باليسيرة فى كتب اصحابك الاعاجم.. وقمت بتوظيف كل ذلك فى فهم تجربة محمد عبدالحى أحسب اننى لم اتطفل على النص ولكننى قدمت فهما هو عصارة تلك التجربة النقدية والاعداد الذى تولاه اساتذتى الاجلاء بمعهد الموسيقى والمسرح والذين اسدوا الى النصح وتناقشت معهم خلال سنين الطلب فى مرحلة الماجستير والدكتوراه ولا أدعى ان هذا الاعداد شرف اتشدق به ولكنه كسب اعتز بكل من اسهم في تحقيقه وعليه يبقى الفرق الجوهرى بينى وبينك هو انك مرة ثانية وثالثة ورابعة تلوك الفاظ ومصطلحات تجعل الكثيرين يشعرون بغربة ازاء ما تتفضل به من مداخلات وكتابات وقد صار الاغراب صنعة لك وكلما اوغلت فيه كلما تلجلج فى صدرك الاعجاب والزهو وكلما ابتعدت زراعا لمن تقرب اليك شبرا ازداد زهوك بصناعة الاغراب ولعل الفاصل بينى وبينك هو أننى حاولت جهدى فى فهم تجليات شاعرنا الفذ محمد عبدالحى اما انت فبقيت دهرا تعالج هذه المصطلحات الغربية وتستعصى عليك وتستنكف من أن تسأل عنها ومن ثم تختلق لنفسك صنعة الاغراب حتى لا يفهم الناس ماتقول وتتقول على اولئك الاعاجم بقول يراد منه ليس الافصاح بمكنون بيانهم ولكن الايغال فى صناعة الاغراب كساتر لاخفاء الجهل والاستهزاء بعقول انصاف المتعلمين. واحسب ان صنعة الاغراب هى الاشكال الذى وقعت فيه رغم انك تدعى محاولات التوطين.. من قراءتى لكتابات الاستاذ عبداللطيف احسب انه قد نجح فى توطيبن بعض هذه المصطلحات وتقديمها للقارئ بصورة تدل على طول باع فى هذا الصدد.. ولعل السبب فى ذلك خلفيته العلمية وطول مجالسته لأولى الشأن.. ويبدو ان سعيك الحثيث فى الاطلاع فى كتب اولى الشأن جعلك مثل ابن حزم الظاهرى الذى لم تربه الشيوخ وصار صوتا متحاملا على الجميع ومتطاولا فى نقده حتى وصفت سلاطة لسانه بحدة سيف الحجاج.. ولقد تطاولت كثيرا بسبب خلفيتك التى اعيتك كثيرا فى فهم ما تقرأ من نصوص وصار نفيرك باتجاه صناعة الاغراب حتى تخفى ضعفك ولجاجتك فى فهم ما تقرأ من كتب لا يتجاوز فهمك لها فهم صبى اعجبته فخامة الالفاظ ورنين اصواتها دون ان يدرى بان وراء ذلك الطنين معان ارادها اولئك الكتاب ولم يتصوروا ان احدا سيقف عند ذلك الطنين ولا ينفذ منه الى المعانى المرادة. اخيرا لك الشكر على تصحيح بعض الاخطاء التى وقعت فى مداخلتى السابقة وارجو ان وجدت خطأ فى هذه ان تقومه وان تفهم بان صناعة النقد بعيدة كل البعد عن صناعة الاغراب… |
كتبت ما تحته خط عن عبداللطيف حيث كنت قد استفدت مما كتبه عن محمد عيدالحي.. وظننت فيه الخير من تلك المقالات الجيدة.. اما الان بعد ان رايت ما يكتبه هنا قد غيرت راي تماما في مسألة التوطين .. وشكرا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما الجديد في تمثلات الكتابة - رد على عبد اللطيف الفكي (Re: عجب الفيا)
|
استاذي الدكتور بشري الفاضل ارحو ان تكون والاسرة بالف خير
لا شك ان الاستاذ عبد اللطيف رجل جاد وتحظي مساهماته بالاحترام والتقدير ولعل هذا احد من دواعي فتح هذا البوست الذي اتعشم ان يدار حوله نقاش بمستوي الجدية التي طرح بها عبد اللطيف موضوعه . للاسف لا استطيع ان اواصل النقاش هنالك لانني لست عضوا في ذلك المنبر . اتفق معك ان عبد اللطيف ينطلق من مفهوم الكتابة عند جاك دريدا . حقا مصادفات غربية ان تكتب عتن اليوت والنقد الجديد في الوقت الذي افعل فيه انا نفس الشىء . متشوق ان اقرا ما كتبته عن ذلك .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما الجديد في تمثلات الكتابة - رد على عبد اللطيف الفكي (Re: عجب الفيا)
|
بسم الله الرحمن الرحيم----عزيزي العبد لطيف---غرضي من هذه الاسطر هو الغرض---لكل حرف خط غرض ولو خفي---فلا حرج ان يكون الغرض هو الاخفاء العمد للمعنى---قلت لك ولصاحبك في الخفاء محمد خلف ايام غضب السماء على السودان انكما تراجمة تقحمون مفاهيم اعجمية على الضاد المضاد--لا بأس ان تكتب لصفوة تدعيها ولا وجود لها اصلا ولا لغيرها فقط نرجو ان تكون هذه الصفوة الوهم تعرف انها مقصودك الواضح---خوفي عليك ادمان اليتم--عد اليه فهو واحد ولا تطل المسافة عليك و علينا----والسلام على الجميع----السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مسعود محمد علي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما الجديد في تمثلات الكتابة - رد على عبد اللطيف الفكي (Re: عجب الفيا)
|
الاخ عبد المنعم سلام وتباريك بالزواج. وعودة حميدة. ادعى اننى فهمت سائر كلام عبد اللطيف ما عدا هذا الجزء:
Quote: أتناول الآن الطعن الثاني للفرضية ( لا يوجد تفكير خارج النصوص ) . فهذه الفرضية تطعن في " التعبيرية " . و التعبيرية هي مقدار نشاطين : نشاط الخبرة في العبارة و هو المقدار الأكثر نوعية في التعبيرية . و نشاط آخر هو الأقل خبرة في نوعية العبارة يتجلى بأن يكتب الكاتب كما يتكلم |
وعندما اقول فهمت اعنى الفهم المنطقى واللغوى والمعنوى (من معنى) للعبارات والتراكيب بصفة عامة. والجزء الذى اقتطفته هنا اغلق على فهمى جملة وتفصيلآ. التعبيرية. ما هى؟ من التعبير؟ ما هو؟ هل هو الكلام الشفاهى؟ ام هو الكلام المكتوب؟ هل التعبيرية هى الexpressionism أم الarticulation فى اللغة الانقليزية؟ ويقول التعبيرية هى مقدار نشاطين. ما معنى مقدار؟ sum? quantity هذان النشاطان هما: 1- نشاط الخبرة فى العبارة. ماذا تعنى هذه الجملة؟ وهذا النشاط هو (المقدار الاكثر نوعية) فى التعبيرية. ما معنى الكلام بين القوسين؟ نوعية؟ ما معناها؟ هل تعنى quality? ام تعنى essence? 2- النشاط الثانى هو الاقل خبرة فى نوعية العبارة! ما معنى هذه الجملة؟ قال يتجلى هذا النشاط فى (كتابة الكاتب كما يتكلم). هذه تحتاج ايضآ الى شرح.
إذا لم يجلى الكاتب غموض هذه الكلمات والمفاهيم والاصطلاحات، فلن نفهم مقصوده من الكتابة. ولن نعى مراده من نصّه.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما الجديد في تمثلات الكتابة - رد على عبد اللطيف الفكي (Re: bayan)
|
نرفع برمي بعض الصاجات التى قد تكون مفيدة.. نتمى من يجلب لنا مفهوم التمثل عند افلاطون..حتى يكون الحديث واضح..
الأصالة: للاصالة معنيان أساسيان هما: الأول: هو الصدق (Authenticity) ويقال على وثيقة أو عمل صادر عن صاحبه، يقابله المنحول (Apocryenc) وهي مثل النسخة والأصلية التي كتبها المؤلف بيده، كما تطلق أيضاً على الوثائق التي تكتب بواسطة قاضي أو كاتب عدل رسمي مختص. والمعنى الثاني هو الجدة، أو الابتداع (Originale) وهو امتياز الشيء أو الشخص على غيره بصفات جديدة فالأصالة في الإنسان إبداعة وفي الرأي جودته وفي الأسلوب ابتكاره .
هذا التعريف الاصطلاحي جلبته لأن عبد اللطيف استخدم مفردة اصالة استخداما خاصا خارج عن سياق هذا المصطلح.. فماهي الاصالة عند عبداللطيف. ولماذا استخدم مفردة اصالة رغم انه يعرف انها مصطلح يحمل تحاميله الخاصة.. فاننا لا نحجر عليه ان يستخدمها ولكن نوضح ان هذا هو المعنى الاصطلاحي لها...
الثنائية: أتت من (Duo) ومعناها اثنان. الثنائي من الأشياء ما كان ذا شقين. والثنائية هي القول بزوجية المبادئ المفسرة للكون كثنائية الأضداد وتعاقبها أو ثنائية الواحد والمادة ومن جهة مبدأ لعدم النفي الواحد، أو ثنائية الواحد غير المتناهي عند ميثاغورس. الثنوية والاثنينية: الثنوية (Dualism) الطبيعة ذات وحدتين أو هي كون الشيء الواحد مستمداً على حدين متقابلين ومتطابقين.
الصيرورة: انتقال الشيء من حالة إلى أخرى، أو من زمان إلى آخر، وهي مرادفة للحركة والتغير من جهة كونها انتقالاً من حالة إلى أخرى كالانتقال من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل .. صليبيا، جميل: المعجم الفلسفي، دار الكتاب اللبناني، بيروت. ج2. من ط إلى ي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما الجديد في تمثلات الكتابة - رد على عبد اللطيف الفكي (Re: Adil Osman)
|
الاخ العزيز عادل غثمان تحيات نواضر وارجو ان تكون بخير
لا شك هنالك عدم وضوح في الفقرة التي اشرت البها من كلام عبد اللطيف عن التعبيرية ولكن الحديث عن التعبيرية قصد به التاكيد علي نفي " الابداع " :يقول : Quote: تـُحيلنا التعبيرية إلى كلمة " إبداع " . فكيف أصف كاتباً ما بأنه مبدع ؟ . تأتي الإجابة عن هذا السؤال من منطلق الفرضية نفسها . فالإجابة هي لا يوجد فحوى " إبداع " طالما أن التفكير لا يخرج عن نصوص أخرى . أما و يدعي صاحب الإبداع أنه لم يقرأ هذه النصوص فلا شفاعة له في ذلك ؛ لأن التاريخ لا يبدأ بقراءتك |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما الجديد في تمثلات الكتابة - رد على عبد اللطيف الفكي (Re: عثمان عوض الكريم)
|
أستاذى/عجب الفيا
كنت قد سألت فى مكان هنا عبد اللطيف سؤال من يريد أن يعرف عن كيف يحدد الموقع أبداعية خطاب ما بدأ لى الأمر غريباً وبه نزعه تميل (للمنجز والنهائى) كما أن مستويات الخطاب دا موضوع أساسى عشان نحدد ماهو خطاب أبداعى من سياق البنيه والدال والمدلول والمرجع وبين الخطابات الأخرى أحياناً هنالك أنواع من الخطابات لها نفس جمالى واضح رغم طبيعة الرساله الخاصه المهم أنا أعتقد بأن هذا البوست هو من أهم البوستات التى ظهرت فى الأونة الأخيره وسيكون لى نقاش هنا لوسمحت حول الموضوع.....
أكتب هنا من موقع المساوة البوردية....أما الذى سيرد تحت فالرول يحدد الأستاذية وحالة التلمذه المهنية
................ تمر البلاد بمنعطف كبير وكل التحولات المرجؤة مستقبلاً ذات طابع تشريعى وقانونى..ماهو جديدك ولماذا مساهماتك القانونية غائبة..حتى مولانا شيقوق غاب أيضاً
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما الجديد في تمثلات الكتابة - رد على عبد اللطيف الفكي (Re: حاتم الياس)
|
العزيز حاتم الياس رفيق الرول والقضاء الواقف دا كلو من ذوقك يا جميل
الكتابة القانونية صارت غايرة من ضرات كتر الله يكون في عونها ! وتحياتي لمولانا الطيب شيقوق
Quote: المهم أنا أعتقد بأن هذا البوست هو من أهم البوستات التى ظهرت فى الأونة الأخيره وسيكون لى نقاش هنا لوسمحت حول الموضوع.....
|
يتحقق له ذلك بحضوركم ومشاركاتكم فيها نحن في الانتظار
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما الجديد في تمثلات الكتابة - رد على عبد اللطيف الفكي (Re: عجب الفيا)
|
الأخ عبدالمنعم، لعلك بخير..
أتابع هنا وهناك(فورأوول)، واصل هنا أو هناك، لكن.. ردك على عبداللطيف هناك أيضاً(ستنال العضوية، إن رغبت!) سيعطي مساحة أكثر حيوية للتبادل، أو المحاورة.. نقلك لأطروحة عبداللطيف هنا كان لطيفة من لطائفك.. هي خياراتك، لكن محل ماترسى أو تمسى، سأحرص على المتابعة، والتعلم.
لكم الود..
.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما الجديد في تمثلات الكتابة - رد على عبد اللطيف الفكي (Re: عدلان أحمد عبدالعزيز)
|
Quote: ستنال العضوية، إن رغبت |
اياك والسقوط في الاحبولة.. لعبد اللطيف اشتراك هنا اذا رغب في مناقشة ما يكتيه..
اذا لم يأت هنا للمناقشة سنقوم نحن "بتفكيك" ما يكتبه بس ما بحق دريدا ...وخليك حريف يا ريس ديل نفس الناس البيوزعوا الشهادات الاكاديمية وشهادة المسقفين.. وانت لا تحتاجهم لتكن شبحا مكروها يتجول في مقبرتهم الاسفيرية مع ابائهم المحنطين منذ السبعينات.. وطبعا انت ما ملزم تأخذ بحديثي هذا .. ودي وجهة نظر من زولة بتعزك ..
المراسيل يمتنعون بالله..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما الجديد في تمثلات الكتابة - رد على عبد اللطيف الفكي (Re: عجب الفيا)
|
الأخ عجب الفيا، تحياتي..
كتبت "ان النص لا ياخذ قيمته الا من خلال علاقته بالنصوص" ثم كان اقتباسك ت.س. اليوت: “No poet, no artist of any art, has his complete meaning alone. His significance, his appreciation is the appreciation oh his relation to the dead poets and artists. You cannot value him alone, you must set him, for contrast and comparison, among the dead. I mean this as a principle of aesthetic, not merely historical, critcism .” الذي ترجمْتُه أنت: "ليس ثمة شاعر او فنان يمتلك معناه بمفرده ، وان كل شاعر او فنان لا ياخذ قيمته الحقيقية الا اذا وضعته في مقارنة مع اسلافه من الشعراء والفنايين الاموات " فلم أجدها تختلف كثيراً عن ما كتبه الأخ عبداللطيف: "أما نحن فنريد أن تكون الأصالة في أصالة الكاتب تطويراً لنصوص أخرى ." وفي مقاربة عبداللطيف مع ت.س. اليوت فقد نفهم أن معيار عبداللطيف في تقدير أصالة الكاتب "كتطوير لنصوص أخرى" لا تتم إلا عبر وضعه "في مقارنة مع اسلافه من الشعراء والفنايين" كما عبر اليوت.. أما إستنتاجه الخاتم "فمن الآن فصاعداً يمكنني أن أكتشف الكاتب كاتباً أو المبدع مبدعاً من موقع خطابه" أجـده في إتساق مع اليوت: " The existing monuments form an ideal order among themselves, which is modified by the introduction of the new ( realy new) work of art among them. The existing order is complete before the new work arrives, for order to persist after the supervention of novelty, the whole existing order must be, if ever so slightly, altered, and so the relations, propostions, values of each work of art toward the whole are readjusted, and this is conformity between the old and new.” حتى هـنا أرى أن عنوان مقالتك المتسآءل " ما الجديد في تمثلات الكتابة "؟ منسجم مع المضمـون فيما عدا إستنتاجك أن عبداللطيف: - نفي الاصالة ! - نفي الابداع ! فهل يا عبدالمنعم، أنت تعارض اليوت ب عبداللطيف، أم أنك ترى كلاهــما خطـأ؟ أم أنك عنيت أن لا جديد في طرح عبداللطيف لأن اليوت سبقه في طرحه ذاك؟
لك الود..
.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التكرارية وموت المؤلف (Re: عجب الفيا)
|
الاصدقاء الاعزاء عثمان عوض الكريم عدلان عبد العزيز حاتم الياس بيان
والقراء والكرام منعتني اسباب تتعلف بالباص ورد والاسم الجديد اضافة للاسباب اللوجستية ولكن الشكر لبكري تمكن من حلها هذا الصباح
اسمحوا لي ان ابدا بالرد علي الاستاذ عدلان عبد العزيز
العزيز عدلان اسعدتني جدا مشاركتك ولا اذيع سرا اذا قلت لك رغم عدم لقائي اياك الا انني اكن لك احتراما وتقديرا خاصا ، وانه لفخر لي ان تصفني بما وصفت فالف شكر علي كلماتك الطيبات ونحن كلنا تلاميذ في محراب المعرفة .
بالنسبة اسئلتك وملاحظاتك اقول : لقد هدف عبد اللطيف من خلال مقالته اثبات استراتيجية التكرارية Iterabality النصية وموت المؤلف. ولكنه لم يشاء ان يفصح عن ذلك صراحة ربما لاجندة تخصه . وفضل ان يتحدث عن ذلك تحت عنوان عام هو التمثل . وعبد اللطيف مغرم بمفهوم التكرارية وسبق ان اشار اليه هنا في نقاش عن دريدا باعتباره اعظم انجازات دريدا . يقول عبد اللطيف عن التكرارية في مقالته موضوع النقاش ، دون يسميها بقوله :
" استشهدتُ بهذا المثل لأبيـِّن أنَّ النص قد يكون قديماً فتنوسيَ مصدره ؛ و حين يعود لا يعود إلاَّ جديداً في السياق الذي قيل فيه و من هنا في جدَّة السياق تدخل " الأصالة " بمعناها غير المشرِّف في أنَّ هذا الشخص افترع كلاماً جديداً . و في الأصل ليس الكلام بجديد ؛ بل ينحدر عبر الزمن من مصادر تنوسيت بفعل مداولات الكلام في انقطاع الرواية . "
تقول انه لا يوجد خلاف كبير بين اليوت ودريدا /عبد اللطيف . انك تقر بوجد فرق ولكن تصفه بانه ليس كبيرا . واقول : الفرق ان جاك دريدا ينظر الي التاريخ والمسيرة المعرفية والابداعية في شكل دائرة مغلقة لا تفضي الي شىء خارجها . ( لا شىء خارج النص ) بعبارة دريدا . وهو ما عبر عنه عبد اللطيف بقوله " لا يوجد نص خارج النصوص الاخري " و" الكتابة ليس سوي تمثل لنصوص اخري ." و من هنا ياتي التشكيك في فكرة التقدم وقدرة الانسان علي التغيير وصنع التاريخ ، فيتم الاعلان عن موته .
اما اليوت فنظرته للتاريخ والمعرفة نظرة تصاعدية جدلية . وهو عندما يقول ان لا شاعر يمتلك معناه بمفرده يقصد ان ان المبدع يبني علي ما سبقه ولا يبدا في فراغ ، ولكن معناه لا يكتمل الا بالنظر الي ما سبقه . وهذا غير التكرارية التي يحاول ان يثبتها عبد اللطيف . ان النقلة النوعية في المسيرة الابداعية حسب تصور اليوت تحدث بحضور النص الجديد والجديد حقا الذي يعيد ترتيب النظام الجمالي والعلائق و تطوير الذوق والذاكرة الجمالية بما يفرزه من قيم ابداعية جديدة . لذلك يتحدث اليوت عن الجديد وعن الابتكار Novelty والابداع Creation . ولا تكرار ! . خذ مثلا رواية موسم الهجرة للطيب صالح ، لا يمكن ان تقيممها تقيما حقيقا الا اذا كان لك معرفة بالرواية وقرأت عددا من الروايات السابقة واللاحقة لها اي الا اذا وضعتها في مقارنة مع الروايات الاخري علي حد تعبير اليوت . ولكن هذا لا يفهم منه ان رواية الطيب هي تكرار لرواية اخري او حتي تطوير لنص روائي آخر ، الي الحد الذي تجرد فيه كاتبها من صفتي الاصالة والابداع او تعلن عن موته .
ونواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التكرارية وموت المؤلف (Re: Agab Alfaya)
|
الاخ عبدالمنعم والمتداخلون الكرام ينطلق الأخ عبداللطيف حالياً من تفكيك دريدا. وتجده في البوست بسودان فور اوول واصل المناقشة في هذا الاتجاه.لا يمكن للمرء ان يغمط لدريدا اسهامه الفلسفي الكبير الذي يتاسس على افكار نيتشه وغيره من الفلاسفة .بيد انني ارى ان هذا الإسهام أدخل في باب الفلسفة منه إلى النقد الأدبي الذي لا بد من الإلتفات فيه للشق التطبيقي. في يناير الماضي بدأت كتابة مقالات بصحيفة الراي العام السودانية تحت عنوان تضاريس أحب ان يشاركني القراء هنا في واحدة منهاحيث أشرت فيها لمقال إليوت الذي تحدث عنه عبدالمنعم.:الشق الأول من المقال لا علاقة له بالمناقشة الجارية هنا لكن أرجو قراءته للإطلاع مع الشكر.عدد المقالات التي كتبتها حتى الآن ونشرتها بالصحيفة المذكورة ستة. تضاريس (2) الحالة الدلفينية بشرى الفاضل في الحلقة الماضية تحدثت عن رأس الرمح وتنقله الدائم وسط المبدعين فيما يخص الكتابة الإبداعية وقصدت برأس الرمح الإشارة إلى الجهة التي يتم فيها إنتاج الإضافات الجديدة سواء أكانت على مستوى التنظير أو الممارسة التطبيقية. وهذه الجهة يمكن أن تكون فردا أو جماعة وفي حالة كونها جماعة فهي لا تنتج هذه الإضافات بالتساوي فيما بينها.هناك عقل رئيسي أو أكثر في كل جماعة أحياناً يكون هو صاحب المبادرة في تكوين الجماعة نفسها. لا يستطيع المبدع المنفرد أن يحلق وحده نحو أفق بعيد إذ أن جناحي موهبته الإبداعية سرعان ما يصيبهما الوهن جراء التحليق في هذا الفضاء الإبداعي المليء بالمطبات الهوائية فإغفال مساهمات الآخرين على مر التاريخ فيه ازدراء بالآخر وإفراط في الاستغراق في الذاتية. ولعله من البديهي القول أن الفرد المبدع محكوم بالتاريخ الإبداعي على مستوى العالم من جهة وتاريخ بلده الإبداعي ثانياً وتراثه هو الشخصي من جهة ثالثة. لكن ثمة مسائل تعيق الحركة الإبداعية بعضها واضح للعيان وبعضها يتطلب النظر فيه بعين فاحصة. تحدث كثيرون عن نرجسية المبدعين ولعلها مسألة ماثلة تسكن مخيلة وذهن معظم المشتغلين بالكتابة ممن لا يقدمون إبداعاً حقيقياً بل إنني ازعم أن كل من ينتج إبداعاً حقيقياً يحارب النرجسية في داخله أثناء عمله الإبداعي بإعمال حاسة النقد لديه في الاتجاهات جميعها بما في ذلك النظر إلى ابداعه. في النظر السلبي للنرجسية لا ارمي لسحق (أنا) الكاتب ومحوها من الوجود . ولكي يتم التقليل من مخاطر النرجسية لابد من تهيئة بيئة عامة للعمل مثل تلك التي تقوم بها اتحادات المبدعين والصحافة الثقافية والمنتديات فأهمية مثل هذه التجمعات تكمن في إتاحة الفرصة لتبادل الأفكار ونقد الأعمال المنتجة إذ بدون نظر العقل الجماعي للأعمال الإبداعية ستدخل تلك الأعمال في فرن الذات ورضاها العام ومن ثم تزيد في غلواء النرجسية. وهنالك ظاهرة أخرى في إبداع الفنون القولية , في الشعر تحديداً يمكننا أن نطلق عليها الحالة الدلفينية وتتبدى في قيام بعض المبدعين بتقديم أعمالهم للجمهور بهدف الحصول على مردود فوري من تقدير أو غيره عن تلك الأعمال تماماً كما يفتح الدلفين في السيرك فمه لتلقي حوافز شهية عن فقرته الراقصة. وبالطبع فالدلفين لا يقدم فنه من أجل إمتاع الجمهور, فعملية التواصل مع الكائنات الأخرى لا ترقى لمثل هذه الدرجة من التجريد, بل لأن الدلفين يستمتع بالطعام الأثير الذي يلقونه في جوفه مباشرة عقب كل فقرة.وتماماً كما يجب الشك في درجة فنية الحركات البهلوانية للدلفين فيجب الشك في شعر شاعر يسعى بقصيدته للإدهاش الرامي لانتزاع الإعجاب. كلاها من الأعمال التي تندرج في الترفيه والتسلية. ثمة إشارة للظاهرة الدلفينية جاءت في الحديث القدسي عن قصة للعابد الذي عبد قبل موته وينتظر مردود عبادته الصحيحة في نظره تلك التي لا تشوبها شائبة كي يدخل الجنة وحين يسأله ربه هل سيدخل الجنة بعبادته أم بإرادة خالقه يجيب بل سيدخلها بعبادته وهكذا يرمي العبد بنفسه في التهلكة الحامية. والحالة الدلفينية لدى الشعراء تقودهم لإنتاج شعر الإدهاش أكثر من إنتاج الشعر هكذا خالصاً لوجه الإبداع فيه. وإنتاج الشعر بغرض الإدهاش مسألة شائعة في كل المجتمعات ولدى مجتمعنا السوداني نصيب وافر منه. كتب ت.س. اليوت (1888-1965) في إحدى مقالاته النقدية يقول أنه ليس ثمة شاعر ولا فنان في أي ضرب من الفنون يمكن أن يحقق ذاته هكذا بمفرده بل يجب أن يتم ذلك بالنظر لمن سبقوه من الشعراء والفنانين الموتى منهم والأحياء على مر العصور وأن هذا التحقق يتم عن طريق المقابلة والمقارنة.ويمضي الشاعر إليوت ليقول أن العلاقة بين نتاج الشاعر المعني والشعراء ممن سبقوه على مر الأجيال يمكن النظر إليها على أساس التغير المتبادل فإذا كان إنتاج الشاعر عملاً فنيا حقيقياً فإنه سيقوم بإحداث خلخلة في الأعمال السابقة له التي كانت كاملة قبله. وإذا فهمنا مايرمي إليه اليوت في مقاله الشهير عن الإرث الإبداعي الجمعي والموهبة الفردية (Tradition and the Individual Talent) فإنه يمكننا القول أن الشعراء ممن سبقوا يحاكمون الشاعر الراهن ويمكنهم الصمت عما ينتجه بحيث لا تحدث الخلخلة المذكورة لإفساح مجال لشعره إلا إذا كان إبداعاً حقيقياً.وكما ترى فإن نرجسية الشاعر هي عبارة عن رضا الشاعر الداخلي عن نفسه الشاعرة دون النظر إلى المحاكمة الخارجية التي تجريها تجربة القرون في كل البلاد المنتجة للشعر سواء أكانت تلك البلاد أوربية كأن نقول منذ هوميروس مثلا أو عربية في مثالنا فنقول منذ طرفة ابن العبد أو لعله منذ أمرؤ القيس الذي يؤرخ له الكثيرون باعتباره أول من أنتج شعراً ناضجاً في تراث الشعر العربي, أو افريقية وهذه من شدة ضعف تعامل إبداعنا السوداني معها يصعب تحديد الفترة التي ننطلق فيها من نضج الشعر كما يصعب الوقوف عند بلد معين لكن يمكننا الوقوف عند الترجمات لأشعار سينغور ومجايليه في العصور الحديثة . وعلينا أن نحاول رصد الفترة التي نضج فيها الشعر السوداني وفي اعتقادي أنها تبدأ منذ العباسي مروراً بالتجاني في شعر الفصحى ومنذ خليل فرح في شعر العامية. إذن نحن أمام تجربة رصد الشعر العالمي بالكيفية نفسها التي وقف فيها غوته متأملاً حين قال إن من أمنياته الوقوف عند النبات الأول إذن لاستطاع أن يشكل منه تنويعات مختلفة لم تألفها أنواع الأشجار الحالية.نحن أمام كتلة إذن غير منظورة للشعر المنتج على مر التاريخ هي إذن الكتلة التي يمكن للشاعر قياس نفسه على أساسها فضلاً عن قياس نفسه إقليمياً (عربيا وأفريقيا )إن كان ممن يكتبون الشعر بالعربية أو بلغة أخرى داخل السودان . تأتي المرحلة الأخيرة وهي قياس الشاعر لمنتجه الجديد بالنظر إلى تراثه هو نفسه. ولا يمكن للموهبة وحدها أن تنتج إضافة للتراث العالمي ككل أي أن تحدث الخلخلة بالطريقة التي وصفها إليوت .إذ أن هذا يتطلب سعياً دؤوباً وعملاً بلا كلل ويكاد يجمع الشعراء والنقاد والدارسون على هذا المنحى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: التكرارية وموت المؤلف (Re: Bushra Elfadil)
|
Quote: ينطلق الأخ عبداللطيف حالياً من تفكيك دريدا. وتجده في البوست بسودان فور اوول واصل المناقشة في هذا الاتجاه.لا يمكن للمرء ان يغمط لدريدا اسهامه الفلسفي الكبير الذي يتاسس على افكار نيتشه وغيره من الفلاسفة |
استاذي بشرى تحياتي لعله ليس خافيا نحن هنا لا نسعي الي غمط دريدا او عبد اللطيف حقهما بقدر ما نهدف الي مناقشة طرحهما . مناقشة الطرح في حد ذاتها تقييم غير مباشر .
سعدت جدا باعادة نشر مقالاتك في الراي العام فلك جزيل الشكر . سوف اعود الي التعليق علي شرحك الرائع والبديع لنظرية اليوت عن سير العملية الابداعية عجبني جدا تشبيه العمل الجديد الذي يعيد ترتيب الذائقة الجمالية براس الرمح .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: افلاطون ونظرية المثل وتمثلات الكتابة (Re: عجب الفيا)
|
العزيزة بيان كنت قد تحدثت عن مفهوم التمثل عند افلاطون في ردي علي عبد اللطيف في اول البوست حيث جاء :
Quote: قول عبد اللطيف ان الكتابة ليست سوي تمثل لتمثل آخر . ما هو الا ترديد لنظرية المثل الافلاطونية . انها افلاطونية جديدة . بالنسبة لافلاطون هذا الكون تمثل للع الم الاول ، عالم المثل و محاكاة له ، وان المعرفة الانسانية ما هي تذكر لما اودع في اصل النفس البشرية في عالم المثل قبل سقوطها منه. ( العلم تذكر النسيان ) . اي بتعبير عبد اللطيف ، لا نص ولا معرفة خارج المعرفة المودعة في جوهر النفس . |
ولمزيد من البيان اقول : نظرية المثل Theory of forms اهم نظرية في فلسفة افلاطون . والمثل ، بضم الميم والثاء ، جمع مثال . بمعني نموذج . حسب هذه النظرية لكل شيء في عالم المحسوسات او المدركات العقلية مثاله او نموذجه الكمالي الازلي . هنالك الشيء وهنالك مثاله . الشىء هو تمثل او تجسيد للمثال ومحاكاة له . النفس البشرية هي محاكاة للنفس الالهية . فحسب افلاطون ان النفس هبطت من عالم المثل في الجسد. والمعرفة الحقة هي تذكر لما تعلمته النفس في عالم المثل الالهي قبل هبوطها. العلم عند افلاطون تذكر لما نسيته النفس . ربما نجد اشارات الي ذلك في القرآن مثل قوله :" ونفخنا فيه من روحنا " وعلم آدم الاسماء كلها " وقوله : " وقد عهدنا الي من قبل فنسي " . الفنون عند افلاطون ، تمثل او محاكاة لعالم المرئيات ( الواقع ) لذلك يصفها بالظلال ويلحق الكتابة بالرسم . اذن الكتابة ظل . ظل الكلام وتمثل له وليس الكلام ذاته . وقياسا علي ذلك يمكن القول ان الكلام تمثل للغة والكتابة تمتل للكلام . الكتابة عند افلاطون لا نتنج معرفة لكنها تعين علي التذكر الا انها تعمل علي اضعاف الذاكرة الطبعية في نفس الوقت لاعتماد الانسان عليها . لذلك فهي ، عند افلاطون ، سم ، وترياق Pharmakon في نفس الوقت .
اذن قول عبد اللطيف : الكتابة ليست سوي تمثل لنصوص اخري " . يعني حسب نظرية المثل الافلاطونية ان الكتابة ليست سوي تقليد وتكرار ومحاكاة واعادة انتاج لنصوص اخري . وهذا ما يعرف عن جاك دريدا بالتكرارية (التناص ) .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: المقدمات الخاطئة والخلل المنهجي (Re: عجب الفيا)
|
في محاولته اثبات التكرارية النصية اتخذ عبد اللطيف مقدمات خاطئة . هذه المقدمات الخاطئة تكشف عن خلل منهجي في مفهوم التكرارية التي يريد اثباتها . وهذا الخلل المنهجي ناشىء عن الخلط بين المعارف الانسانية المشتركة التي تنتجها الذاكرة الجمعية للشعوب وبين الابداع الفني والادبي بوصفه نشاط فردي . الدليل علي هذا الخلط ان الامثلة التي استدل بها هي من جنس المعارف والمعتقدات المشتركة للشعوب . فالنص الذي فحواه :ان النخلة عمة لبني آدم ، والذي رده الي ابن عربي خطا ، نص اخباري يتحدث عن جانب من قصة الخلق ، وهي قصة مكررة ومتشابهة في الاديان السماوية والمعتقدات الاخري وهذا من البديهيات . كذلك مثال : " طيرة في الايد ولا ألف طايرة " التي نسبها لحكيم يوناني ، تدخل في باب الحكم والامثال والتي هي معارف ومعتقدات جماعية مشتركة تتناقلها الشعوب من عصر الي عصر . واغلب الظن ان ذاك الحكيم له فضل المناولة ليس الا كما اشار بشري الفاضل . وهل يجوز لنا مثلا ان ننسب الامثال السودانية التي جمعها بابكر بدري ، اليه ؟ كذلك اشار بشري ، بألمعية الي ، الروسي بروب ، الذي قام ببحث شهير انتهي فيه الي ان كل حكايات الدنيا الشعبية ، تكرار لعدد قليل جدا من الحكايات . وان صح ذلك علي الحكايات والامثال والحكم فلا يصح علي النصوص الابدعية من شعر وقصة ورواية وسائر الفنون . اذن الخلل المنهجي هو الذي قاد عبد اللطيف ان يتخذ هذه المقدمات الخاطئة مدخلا لاثبات التكرارية النصية المفضية الي موت المبدع والمؤلف والي العدمية التاريخية .
* لاحظ ان عبد اللطيف في اجابته الاخيرة علي بشري الفاضل حاول الالتفاف حول تصحيح بشري له باغراق القاريء في متاهة التفكيك من خلال الاحالات اللامنتاهية وهو اسلوب التفكيكيين المفضل يلذون به تفاديا للدخول في اي نقاش مباشر .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نفي الابداع وموت المؤلف لماذا ؟ (Re: عمار عبدالله عبدالرحمن)
|
الصديق العزيز عمار كثير الشكر والاشواق ودا من تواضعك يا عزيز
والتحية لك ولامسيات منتدي الثلاثاء بالملازمين التي كانت من اخصب الملتقيات الثقافية والتحية للاستاذ احمد البكري ابو حراز والتحية لاؤلئك الشباب اينما كانوا في البال اعادت نشر الاوراق التي قدمتها هنالك مثل :
- فوكاياما ونهاية التاريخ - نصر ابو زيد ونقد الخطاب الديني .
خالص الود ولا تحرمنا من رصين المتابعة .
| |
|
|
|
|
|
|
Reمغالطات !! (Re: عجب الفيا)
|
ربما تبدو الاراء الواردة بمقالة رولان بارت ( 1915- 1980 ) The Death of the author موت المؤلف ، براقة وطريفة وجديدة اول وهلة . وهي لذلك قد ترضي ،غرور الباحث عن الموضات الادبية ولكن حين تزول الغشاوة سيكتشف ان كل هذه الضجة الغرض منها لا يتعدى التاكيد علي ضرورة ان يفصل القاريء اثناء عملية القراءة بين الفنان الذي انتج النص كشخص وبين النص الذي امامه ، بين العالم الواقعي الذي يعيشه الفنان والعالم الفني الذي يخلقه ، بين الكاتب وشخوصه الروائية . ولا جديد في ذلك البتة . والدليل علي ذلك ان بارت يبدا مقالته بايراد جملة روائية وصفية من رواية للفرنسي بلزاك ثم يتسآل حائرا عن قائل هذه الجملة . يقول في مستهل المقالة :
" في قصة ، سارازين ، يصف بلزاك رجل مخنث متنكر في هيئة امراة بقوله : ( كانت امراة حقا ، بكل مخاوفها المفاجئة ، وهواجسها المتهورة ، بكل نوازعها الغريزية و ثرثراتها المتجاسرة وبكل رقة مشاعرها . )
ثم يتساءل رولان بارت :
" من المتحدث ؟ هل هو بطل القصة الذي يجهل تنكر ذلك المخنث في زي امراة ؟ هل هو بلزاك الرجل العادي بمعرفته وخبرته الشخصية بالمراة ؟ ام هل هو بلزاك الكاتب يعرض افكاره الادبية عن الانوثة ؟ هل هي الحكمة الكونية ؟ هل هي النفسية الرومانسية ؟ " ثم يجيب رولان بارت علي هذه التساؤلات بقوله :
" بالقطع سوف لن نعرف المتحدث ، لسبب بسيط ، هو ان الكتابة تحطيم لكل صوت ومحو لكل نقطة بداية او أصل . الكتابة انشاء محايد ، فضاء مائل ، حيث ينزلق الموضوع بعيدا وتضيع كل هوية حيث لا هوية سوي الكتابة الجسد . "
اما نحن فنقول ، ما الغرض من هذا التسآؤل اصلا ؟ هل يوجد ما يبرره ؟ هل هنالك اي ضرورة نقدية لهذا التسآؤل ؟؟ اذا كان الهدف النقدي هو التاكيد علي الفصل بين الكاتب وما تقوله شخوصه القصصية والروائية وبالتاكيد هو كذلك ، فان هذا من البديهيات التي لا تستحق ان يدلق نقطة حبر واحدة من اجلها دع عنك من ان تبني عليها نظرية ادبية حداثية وينظر اليها كونها فتح ادبي لا نظير له في تاريخ النقدي الادبي .
لا تتناطح عنزتان في ان قائل هذه الجملة، بمنطق القصة ، و بمنطق الفن هو الراوي ( بطل ) القصة او السارد . كما لا تتناطح عنزتان انه بمنطق الواقع ان قائل هذه الجملة هو بلزاك الشخص العادي والفنان . و لولا كاتب القصة بلزاك ولولا موهبته و خبراته الحياتية والمعرفية لما كانت هذه الجملة ولا كان قائلها ولما كانت القصة اصلا .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: القاريء او الخرافة الجديدة ! (Re: عجب الفيا)
|
ولكن ما يلبث ان يعلن رولان بارت عن الحكم بتنحية المؤلف/ الاله الذي يقبع خلف العمل الادبي يستمد وجوده منه ، حتي يحل مكانه اله آخر، سلطة اخري هي القاريء. يختم بارت مقالته بقوله: " ان مستقبل الكتابة ، رهين بالقذف بعيدا بالخرافة ، خرافة المؤلف : ان ميلاد القارىء يجب ان يكون علي حساب موت المؤلف . "
وحجته في ذلك هي ان :
" القارىء هو الفضاء الذي تنقش عليه كل الاقتباسات التي تشكل كتابة ما دون ان تضيع . ان وحدة النص تكمن ، لا في مصدره ، وانما في وجهته ، هذه الوجهة لم تعد شخصية . انها القايء ، فالقاريء بلا تاريخ ، وبلا سيرة ذاتية او نفسية. انه فقط مجرد شخص يمسك ، في نقطة محددة بكل الاثار التي يتكون منها النص المكتوب . "
وهذه خرافة جديدة . ان تجربة القراءة مثل تجربة الكتابة تماما . الكاتب بدون خبرته الحياتية لا يستطيع كتابة جملة واحدة روائية . كذلك القاريء ياتي الي النص محمل بتجاربه في الحياة وبتاريخه الشخصي والمعرفي وقراءاته السابقة . و تتفاوت تجربة القراءة بتفاوت خبرة القاريء . لذلك ليس صحيحا ان القاريء فضاء غفل بلا تاريخ او سيرة وبلا ماض بحث ينقش عليه النص ما يريد قوله بكل بحرية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تناقض ! (Re: عجب الفيا)
|
يبرر رولان بارت الحكم علي المؤلف بالموت بذريعة ان وجوده يعطي للنص معني مستمد من ماضيه وميوله واتجاهاته حيث يقول :
" بتنحية المؤلف تصبح دعوي تفسير النص ، بلا طائل . ان تمنح النص مؤلفا يعني ان تضع حدودا لذلك النص ، ان تزوده بمدلول نهانئ ، ان تغلق الكتابة . وهذا يناسب النقد جدا . فالنقد يعطي لنفسه مهمة الكشف عن المؤلف ( او مستلزماته : المجتمع والتاريخ والحرية ) تحت العمل الادبي حيث بمجرد الكشف عن المؤلف يتم تفسير النص . انه انتصار للناقد . ولا غرابة في ذلك ، فان عهد المؤلف كان عهد الناقد . لذلك لا غرابة ايضا ان يقوض النقد في اللحظة التي يقوض فيها المؤلف . في الكتابة المتعددة يفك اسار كل شيء ، ولا شيء قابل للتفسير، حيث بنية النص كخيوط قماش الجورب ، تجري ، في كل اتجاه وكل مستوي ، لكن لا شيء تحت السطح . ان فضاء الكتابة يتمدد ولا يخترق . الكتابة هي تبخر للمعني بلا توقف واعفاء منتظم من المعني باستمرار . بهذه الكيفية تحديدا ، ان الادب ( من الان فصاعد من الافضل ان نقول الكتابة ) برفضه اضفاء لغز ما ، معني نهائي ، للنص ، وللعالم كنص ، انما يقوم بتحرير ما يمكن وصفه بالنشاط غير اللاهوتي للكتابة ، ذاك النشاط الثوري حقا ، حيث رفض ، تحديد معني للنص هو في النهاية ، رفض (لله ) ، ورفض للعقل والعلم والقانون . "
ولكنه ما يلبث ان يناقض كل ذلك ويعود ليعرف النص بانه حصيلة ثقافية لكتابات اخري :
" النص فضاء متعدد الابعاد تلتقي عنده مجموعة من الكتابات تمتزج وتتقاطع . النص نسيج من الاقتباسات ماخوذ ة من مراكز لا تحصي من الثقافة . " "يتالف النص من كتابات متعددة ماخوذة من ثقافات مختلفة .."
فكيف يستقيم ان تبتر اي علاقة للنص بكاتبه ثم تعود لتصفه في نفس الوقت بانه حصيلة لثقافات ونصوص اخري متعددة ؟؟ علي اي اساس اجتمعت هذه الثقافات وهذه النصوص وكونت هذا النص ؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تناقض ! (Re: عجب الفيا)
|
يبرر رولان بارت الحكم علي المؤلف بالموت بذريعة ان وجوده يعطي للنص معني مستمد من ماضيه وميوله واتجاهاته حيث يقول :
" بتنحية المؤلف تصبح دعوي تفسير النص ، بلا طائل . ان تمنح النص مؤلفا يعني ان تضع حدودا لذلك النص ، ان تزوده بمدلول نهانئ ، ان تغلق الكتابة . وهذا يناسب النقد جدا . فالنقد يعطي لنفسه مهمة الكشف عن المؤلف ( او مستلزماته : المجتمع والتاريخ والحرية ) تحت العمل الادبي حيث بمجرد الكشف عن المؤلف يتم تفسير النص . انه انتصار للناقد . ولا غرابة في ذلك ، فان عهد المؤلف كان عهد الناقد . لذلك لا غرابة ايضا ان يقوض النقد في اللحظة التي يقوض فيها المؤلف . في الكتابة المتعددة يفك اسار كل شيء ، ولا شيء قابل للتفسير، حيث بنية النص كخيوط قماش الجورب ، تجري ، في كل اتجاه وكل مستوي ، لكن لا شيء تحت السطح . ان فضاء الكتابة يتمدد ولا يخترق . الكتابة هي تبخر للمعني بلا توقف واعفاء منتظم من المعني باستمرار . بهذه الكيفية تحديدا ، ان الادب ( من الان فصاعد من الافضل ان نقول الكتابة ) برفضه اضفاء لغز ما ، معني نهائي ، للنص ، وللعالم كنص ، انما يقوم بتحرير ما يمكن وصفه بالنشاط غير اللاهوتي للكتابة ، ذاك النشاط الثوري حقا ، حيث رفض ، تحديد معني للنص هو في النهاية ، رفض (لله ) ، ورفض للعقل والعلم والقانون . "
ولكنه ما يلبث ان يناقض كل ذلك ويعود ليعرف النص بانه حصيلة ثقافية لكتابات اخري :
" النص فضاء متعدد الابعاد تلتقي عنده مجموعة من الكتابات تمتزج وتتقاطع . النص نسيج من الاقتباسات ماخوذ ة من مراكز لا تحصي من الثقافة . " "يتالف النص من كتابات متعددة ماخوذة من ثقافات مختلفة .."
فكيف يستقيم ان تبتر اي علاقة للنص بكاتبه ثم تعود لتصفه في نفس الوقت بانه حصيلة لثقافات ونصوص اخري متعددة ؟؟ علي اي اساس اجتمعت هذه الثقافات وهذه النصوص وكونت هذا النص ؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما الجديد في تمثلات الكتابة - رد على عبد اللطيف الفكي (Re: عجب الفيا)
|
الأستاذ عجب الفيا ..
شكرا على الترحيب ..
Quote: وشكرا علي هذا الخبر لكن الحقيقة انا لم ارسل اي مادة من هذا البوست لاي جريدة ولم اعرف ان السوداني الدولية عاودت الصدور ارجو ان امكن الاحالة علي موقع الجريدة او ايراد ما تم نشره |
راجعت تاريخ صدور الصحيفة فوجدت أن الكاتب أشار إلى انه نقلها من صفحة سودان فور الل وسودانيز اون لاين .. فوجدت انه قام فقط بنقل مادتك ومادة الأخ عبد اللطيف مجردا إياها من كافة المداخلات ومتناولا ما كتبتماه ببعض التحليل الخفيف ..
صنفرة :
صحيفة السوداني الدولية عادت إلى الصدور قبل إسبوع فقط والمادة تلك نشرت في الملف الثقافي يوم الجمعة الفائت وللأسف ليس للصحيفة موقع الكتروني حاليا ..
خالص إحترامي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: The Death of the Author (Re: عجب الفيا)
|
"The Death of the Author"
by Roland Barthes (from Image, Music, Text, 1977)
In his story Sarrasine Balzac, describing a castrato disguised as a woman, writes the following sentence: ‘This was woman herself, with her sudden fears, her irrational whims, her instinctive worries, her impetuous boldness, her fussings, and her delicious sensibility.’ Who is speaking thus? Is it the hero of the story bent on remaining ignorant of the castrato hidden beneath the woman? Is it Balzac the individual, furnished by his personal experience with a philosophy of Woman? Is it Balzac the author professing ‘literary’ ideas on femininity? Is it universal wisdom? Romantic psychology? We shall never know, for the good reason that writing is the destruction of every voice, of every point of origin. Writing is that neutral, composite, oblique space where our subject slips away, the negative where all identity is lost, starting with the very identity of the body writing.
No doubt it has always been that way. As soon as a fact is narrated no longer with a view to acting directly on reality but intransitively, that is to say, finally outside of any function other than that of the very practice of the symbol itself, this disconnection occurs, the voice loses its origin, the author enters into his own death, writing begins. The sense of this phenomenon, however, has varied; in ethnographic societies the responsibility for a narrative is never assumed by a person but by a mediator, shaman or relator whose ‘performance’ — the mastery of the narrative code —may possibly be admired but never his ‘genius’. The author is a modern figure, a product of our society insofar as, emerging from the Middle Ages with English empiricism,
French rationalism and the personal faith of the Reformation, it discovered the prestige of the individual, of, as it is more nobly put, the ‘human person’. It is thus logical that in literature it should be this positivism, the epitome and culmination of capitalist ideology, which has attached the greatest importance to the ‘person’ of the author. The author still reigns in histories of literature, biographies of writers, interviews, magazines, as in the very consciousness of men of letters anxious to unite their person and their work through diaries and memoirs. The image of literature to be found in ordinary culture is tyrannically centred on the author, his person, his life, his tastes, his passions, while criticism still consists for the most part in saying that Baudelaire’s work is the failure of Baudelaire the man, Van Gogh’s his madness, Tchaikovsky’s his vice. The explanation of a work is always sought in the man or woman who produced it, as if it were always in the end, through the more or less transparent allegory of the fiction, the voice of a single person, the author ‘confiding’ in us.
Though the sway of the Author remains powerful (the new criticism has often done no more than consolidate it), it goes without saying that certain writers have long since attempted to loosen it. In France, Mallarme was doubtless the first to see and to foresee in its full extent the necessity to substitute language itself for the person who until then had been supposed to be its owner. For him, for us too, it is language which speaks, not the author; to write is, through a prerequisite impersonality (not at all to be confused with the castrating objectivity of the realist novelist), to reach that point where only language acts, ‘performs’, and not ‘me’. Mallarme’s entire poetics consists in suppressing the author in the interests of writing (which is, as will be seen, to restore the place of the reader). Valery, encumbered by a psychology of the Ego, considerably diluted Mallarme’s theory but, his taste for classicism leading him to turn to the lessons of rhetoric, he never stopped calling into question and deriding the Author; he stressed the linguistic and, as it were, ‘hazardous’ nature of his activity, and throughout his prose works he militated in favour of the essentially verbal condition of literature, in the face of which all recourse to the writer’s interiority seemed to him pure superstition. Proust himself, despite the apparently psychological character of what are called his analyses, was visibly concerned with the task of inexorably blurring, by an extreme subtilization, the relation between the writer and his characters; by making of the narrator not he who has seen and felt nor even he who is writing, but he who is going to write (the young man in the novel — but, in fact, how old is he and who is he? — wants to write but cannot; the novel ends when writing at last becomes possible), Proust gave modern writing its epic. By a radical reversal, instead of putting his life into his novel, as is so often maintained, he made of his very life a work for which his own book was the model; so that it is clear to us that Charlus does not imitate Montesquiou but that Montesquiou — in his anecdotal, historical reality — is no more than a secondary fragment, derived from Charlus. Lastly, to go no further than this prehistory of modernity, Surrealism, though unable to accord language a supreme place (language being system and the aim of the movement being, romantically, a direct subversion of codes—itself moreover illusory: a code cannot be destroyed, only ‘played off’), contributed to the desacrilization of the image of the Author by ceaselessly recommending the abrupt disappointment of expectations of meaning (the famous surrealist ‘jolt’), by entrusting the hand with the task of writing as quickly as possible what the head itself is unaware of (automatic writing), by accepting the principle and the experience of several people writing together. Leaving aside literature itself (such distinctions really becoming invalid), linguistics has recently provided the destruction of the Author with a valuable analytical tool by show ing that the whole of the enunciation is an empty functioning perfectly without there being any need for it to be filled with the person of the interlocutors. Linguistically, the author is never more than the instance writing, just as I is nothing other than the instance saying I: language knows a ‘subject’, not a ‘person’, and this subject, empty outside of the very enunciation which defines it, suffices to make language ‘hold together’, suffices, that is to say, to exhaust it.
The removal of the Author (one could talk here with Brecht of a veritable ‘distancing’, the Author diminishing like a figurine at the far end of the literary stage) is not merely an historical fact or an act of writing; it utterly transforms the modern text (or — which is the same thing —the text is henceforth made and read in such a way that at all its levels the author is absent). The temporality is different. The Author, when believed in, is always conceived of as the past of his own book: book and author stand automatically on a single line divided into a before and an after. The Author is thought to nourish the book, which is to say that he exists before it, thinks, suffers, lives for it, is in the same relation of antecedence to his work as a father to his child. In complete contrast, the modern scriptor is born simultaneously with the text, is in no way equipped with a being preceding or exceeding the writing, is not the subject with the book as predicate; there is no other time than that of the enunciation and every text is eternally written here and now. The fact is (or, it follows) that writing can no longer designate an operation of recording, notation, representation, ‘depiction’ (as the Classics would say); rather, it designates exactly what linguists, referring to Oxford philosophy, call a performative a rare verbal form (exclusively given in the first person and in the present tense) in which the enunciation has no other content (contains no other proposition) than the act by which it is uttered—something like the I declare of kings or the I sing of very ancient poets. Having buried the Author, the modern scriptor can thus no longer believe, as according to the pathetic view of his predecessors, that this hand is too slow for his thought or passion and that consequently, making a law of necessity, he must emphasize this delay and indefinitely ‘polish’ his form. For him, on the contrary, the hand, cut off from any voice, borne by a pure gesture of inscription (and not of expression), traces a field without origin—or which, at least, has no other origin than language itself, language which ceaselessly calls into question all origins.
We know now that a text is not a line of words releasing a single ‘theological’ meaning (the ‘message’ of the Author-God) but a multi-dimensional space in which a variety of writings, none of them original, blend and clash. The text is a tissue of quotations drawn from the innumerable centres of culture. Similar to Bouvard and Pecuchet, those eternal copyists, at once sublime and comic and whose profound ridiculousness indicates precisely the truth of writing, the writer can only imitate a gesture that is always anterior, never original. His only power is to mix writings, to counter the ones with the others, in such a way as never to rest on any one of them. Did he wish to express himself, he ought at least to know that the inner ‘thing’ he thinks to ‘translate’ is itself only a ready-formed dictionary, its words only explainable through other words, and so on indefinitely; something experienced in exemplary fashion by the young Thomas de Quincey, he who was so good at Greek that in order to translate absolutely modern ideas and images into that dead language, he had, so Baudelaire tells us (in Paradis Artificiels), ‘created for himself an unfailing dictionary, vastly more extensive and complex than those resulting from the ordinary patience of purely literary themes’. Succeeding the Author, the scriptor no longer bears within him passions, humours, feelings, impressions, but rather this immense dictionary from which he draws a writing that can know no halt: life never does more than imitate the book, and the book itself is only a tissue of signs imitation that is lost, infinitely deferred.
Once the Author is removed, the claim to decipher a text becomes quite futile. To give a text an Author is to impose a limit on that text, to furnish it with a final signified, to close the writing. Such a conception suits criticism very well, the latter then allotting itself the important task of discovering the Author (or its hypostases: society, history, psyche, liberty) beneath the work: when the Author has been found, the text is ‘explained’—victory to the critic. Hence there is no surprise in the fact that, historically, the reign of the Author has also been that of the Critic, nor again in the fact that criticism (be it new) is today undermined, along with the Author. In the multiplicity of writing, everything is to be disentangled, nothing deciphered; the structure can be followed, ‘run’ (like the thread of a stocking) at every point and at every level, but there is nothing beneath: the space of writing is to be ranged over, not pierced; writing ceaselessly posits meaning ceaselessly to evaporate it, carrying out a systematic exemption of meaning. In precisely this way literature (it would bebetter from now on to say writing), by refusing to assign a ‘secret’, an ultimate meaning, to the text (and to the world as text), liberates what may be called an anti-theological activity, an activity that is truly revolutionary since to refuse to fix meaning is, in the end, to refuse God and his hypostases—reason, science, law.
Let us come back to the Balzac sentence. No one, no ‘person’, says it: its source, its voice, is not the true place of the writing, which is reading. Another—very precise— example will help to make this clear: recent research (J.-P. Vernant) has demonstrated the constitutively ambiguous nature of Greek tragedy, its texts being woven from words with double meanings that each character understands unilaterally (this perpetual misunderstanding is exactly the ‘tragic’); there is, however, someone who understands each word in its duplicity and who, in addition, hears the very deafness of the characters speaking in front of him—this someone being precisely the reader (or here, the listener). Thus is revealed the total existence of writing: a text is made of multiple writings, drawn from many cultures and entering into mutual relations of dialogue, parody, contestation, but there is one place where this multiplicity is focused and that place is the reader, not, as was hitherto said, the author. The reader is the space on which all the quotations that make up a writing are inscribed without any of them being lost; a text’s unity lies not in its origin but in its destination. Yet this destination cannot any longer be personal: the reader is without history, biography, psychology; he is simply that someone who holds together in a single field all the traces by which the written text is constituted. Which is why it is derisory to condemn the new writing in the name of a humanism hypocritically turned champion of the reader’s rights. Classic criticism has never paid any attention to the reader; for it, the writer is the only person in literature. We are now beginning to let ourselves be fooled no longer by the arrogant antiphrastical recriminations of good society in favour of the very thing it sets aside, ignores, smothers, or destroys; we know that to give writing its future, it is necessary to overthrow the myth: the birth of the reader must be at the cost of the death of the Author.
The Death of The Author
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الطيب صالح ورولان بارت (Re: عجب الفيا)
|
رولان يارت *
بقلم : الطيب صالح
" يا لها من بدع عجيبة تسربت الي نقدنا الأدبي ! سحابة مظلمة ساقتها الينا ريح شؤم ، من جنيف او بوسطن ، او من الجحيم ، حجبت عنا شمس ( الجمال ) المضيئة . يا لها من فلسفة عبثية ! اي عدوي غريبة ، تصيب المروجين لهذه الترهات، فيبربرون بكلام مثل هذيان المجانين ؟ " شارب بودلير – مارس 1859
* * *
حير العالم الفرنسي رولان بارت ، مريديه . انه لم يثبت علي موقف واحد ، بل ظل يغير مواقفه باستمرار . وسوف يجد القاريء أدلة كثيرة علي عبثه الفكري في مقالته الشهيرة التي اعلن فيها ( موت المؤلف ) وهي من كتابه ( الصورة – الموسيقي – النص ) الصادر 1977 . وفيما يلي مقتطفات منها :
(( يقول بلزاك ، في قصته ( القرصانة ) التي يصف فيها خصيا متنكرا في هيئة امرأة : " كان امراة فعلا ، بمخاوفها المفاجئة ، وتقلبات مزاجها ، وقلقها الغريزي ، وتهورها واهتمامها بالامور التافهة ، ورقة شعورها المحببة " . من الذي يتحدث ؟ هل هو بطل القصة الذي يجهل ان المراة ما هي الا خصي في زي امراة ؟ هل المتحدث هو بلزاك الشخص ، معتمدا علي تجربته وفلسفته عن المراة ؟ هل هو بلزاك المؤلف معبرا عن افكارا أدبية عما يظن طبيعة الأنثي ؟ هل هو صوت الحكمة عموما ؟ صوت السايكلوجيا الرومانسية ؟ اننا لن نعرف الاجابة ابدا ، لسبب بسيط هو ان الكتابة الغاء وتحطيم لكل صوت ، لكل مصدر . الكتابة هي ذلك الركام المحايد ، الفضاء المائل ، حيث ينزلق الموضوع ، السلبي الذي يقضي علي الخصائص الذاتية كلها ، بداء بخصائص الجسد الذي يقوم بفعل الكتابة . لا شك ان الامر كان دائما هكذا بمجرد ان تروي حقيقة ما – ليس بنية التاثير المتعمد علي الواقع انما في نهاية الامر رهين بطبيعة الرمز ذاته ، وخارج اي وظيفة – حينئذ يحدث الانفصام ، الصوت بقفد مصدره ، المؤلف يدخل في موته ، الكتابة تبدأ (.. ) . المؤلف شخصية مفتعلة ، بمعني انه نتاج مجتمعنا ، بارثه من العصور الوسطي ، والفكر التجريبي الانجليزي ، والعقلانية الفرنسية ، ودعوة حركة الاصلاح البروتستانية الي تاكيد ذاتية الفرد ، او كما يقال تجاوزا (الفرد الانساني ) . هذه النظرة الساذجة ، وصلت قمتها بشكل منطقي الي تهويل في الفكر الرأسمالي ، من اهمية الفرد ، اي المؤلف . هكذا تجد ان المؤلف يتربع علي عرشه في كتب تاريخ الادب ، وتراجم الكتاب ، والمقابلات ، وفي المجلات ، بل وفي رغبات المؤلفين انفسهم الذين يستهويهم ان يخلطوا بين ذواتهم واعمالهم ، بواسطة نشر مذكراتهم ويومياتهم . كل شيء في الثقافة العامة ، ينطلق من شخص المؤلف وحياته وذوقه واهوائه (..) . النقد ابدا يبحث عن تفسير العمل ، في شخص الرجل او المراة ، الذي صنعه ، كانما العمل في نهاية الامر شيء متاح ، ينبع من مصدر واحد هو صوت المؤلف الذي يهمس في آذاننا باسراره (..) . ازاحة المؤلف عن عرشه ، ليس فقط حقيقة تاريخية ، أاو حيلة كتابية ، انه أمر يحدث انقلايا في النص الحديث . او بكلمات أخري ، النص بعد اليوم يكتب ويقرأ، بطريقة تجعل المؤلف غائبا عنه في جميع مستويات النص .. حين تعتقد في وجود المؤلف ، فانك دائما تتخيله كأنه " ماضي " كتابته . الكتاب والكاتب يقفان بالضرورة علي خط واحد ، ينقسم الي قبل ، وبعد . المؤلف يظن انه يطعم الكتاب اي انه يوجد قبل الكتاب . يفكر ويعاني ويحيا من اجل الكتاب . انها علاقة تشبه علاقة الوالد بمولوده . خلافا لهذا التصور ، فان الكاتب الحديث ، بولد في اللحظة نفسها التي يولد فيها النص ( الذي ) ليس له اطلاقا وجود يسبق كتابته او يزيد عليها . لا يوجد زمن عدا زمن الكتابة . وكل نص يكتب الي الأبد ، ويكتب هنا ويكتب الآن (..) . نحن نعلم ، ان النص ليس خيطا من كلمات تصرح بمعني واحد . ليست رسالة لاهوتية مقدسة من (المؤلف / النبي ) . انها فضاء متعدد الزوايا ، يحوي انواعا شتي من منابع الثقافة علي سعتها (..) . الكاتب الذي يجلس مكان المؤلف ، لم يعد يحمل في جوفه اية مشاعر ولا أفكار ولا أحاسيس ولا تصورات . انه بالاحري يحمل في جوفه معجما ضخما يغرف منه كتابة لا نهاية لها . الحياة ليست أكثر من محاكاة للكتاب . والكتاب ليس أكثر من مجموعة اشارات لفقد مؤجل باستمرار . وهكذا يحين يزول المؤلف تصبح محاولة فك ألغاز النص ، محاولة لا جدوي منها . ان تعطي النص مؤلفا ، هو ان تفرض عليه مساحة وحدا . يعني ان تجد معني نهائيا . معناه ان تضع نهاية للكتابة . ذلك التصور يناسب الناقد جدا ، لان الناقد حينئذ يعطي نفسه سلطة اكتشاف المؤلف وراء النص ، أو اكتشاف العوامل المؤثرة عليه – المجتمع ، التاريخ ، الذات ، الحرية . وحين يعثر علي المؤلف يكون قد وجد حل اللغز . انتصار للناقد . لا عجب اذا ان عهد سلطة المؤلف كان ايضا عهد سلطة الناقد . في الكتابة المتعددة ، انت لا تفسر اي شيء ، انت تفكك كل شيء : لا توجد ألغاز تبحث لها عن حل . تتابع هيكل البناء . تسحب عناصره كما تسحب خيوط الثوب . في كل موضع ، وعلي كل مستوي . انما لا شيء يوجد تحت السطح . تتسكع في فضاء الكتابة . لا تنفذ فيه . الكتابة ترشح المعني باستمرار . كل ذلك في عملية اقصاء للمعني . هكذا يصبح الادب ( ومن الافضل ان نقول بعد الآن الكتابة ) برفضها اضفاء طابع اللغز علي النص واعطاءه اي معني نهائي – تصبح حرة . يصبح النص والعالم طليقين من قيود ما يمكن ان يوصف بالطابع اللاهوتي . ان تلك ثورة حقيقية في نهاية الأمر ، اذ ان رفض اعطاء النص معني نهائيا ، هو في الواقع رفض للخالق ( الله ) وآياته ، ورفض للعقل والعلم والقانون . ))
انتهي كلام الاستاذ رولان بارت . ولا يحتاج الانسان الي اعمال الفكر طويلا ، كي يدرك انه لغو مملوء بالمغالطات والعجرفة . وهو لم يترك للقاريء اي مجال للحكم . لم يترك شيئا تقيس به او مرجعا تستند اليه ـ لانه رفض كل شيء ضربة لازب . ورغم ذلك ، فانه لم يفلح ان يخفي المغالطة الكبري في خطابه . اذا كان قد أمات الكاتب والناقد والعقل والعلم والقانون ، فاين وضع هو نفسه ؟ ومن أين استمد الحق ان يصدر هذه الأحكام ( اللاهوتية ) كأنها حقائق تنزلت عليه من السماء ؟ الأمر كما قال بودلير – كلام مثل هذيان المجانين . انه لا يعدو ان يكون محض لعب بالافكار والالفاظ ، من رجل يتيه بعلمه ، وهو فيما يتعلق بنا علي اي حال ، علم لا فائدة منه ولا خير فيه .
اصدر العالم السميولوجي الفرنسي ، رولان بارت ، حكمه بموت المؤلف ، في مقالة ظهرت عام 1977** . وفي عام 1980 أعلن ميشيل فوكو حكمه بموت الكاتب علي طريقته . مقالة شهيرة هي الاخري ، عنوانها ( ما المؤلف ) . وسوف يلمس القاريء المماحكة نفسها باسلوب آخر . . "
الطيب صالح __________________________
* من كتاب : مختارات 2 – الطيب صالح - المضيئون كالنجوم : من أعلام العرب والفرنجة – منشورات رياض نجيب الريس – الطبعة الاولي مارس 2005 – الفصل الثامن - رولان بارت – ص 297 . ** هذا هو تاريخ صدور كتاب رولان بارت : ( الصورة – الموسيقي – النص ) والذي ضم مقالة موت المؤلف وقد ظهرت المقالة لاول مرة سنة 1968 . كذلك القي ميشيل فوكو محاضرة : ما المؤلف؟ في ذات العام 1968 ( عجب الفيا ) .
| |
|
|
|
|
|
|
Reآلن روب غرييه ورولان بارت (Re: عجب الفيا)
|
" لا جدال أن النص الأدبي ليس سجلا لسيرة الكاتب ولا ينبغي له أن يكون . ولكن هذا لا يعني أن النص الأدبي مقطوع من شجرة . فطالما أن الكتابة هي نشاط حر للكاتب ، والكاتب إنسان من لحم ودم والإنسان كما هو معلوم ابن بيئته ، فالنص الأدبي لدى التحليل الأخير هو محصلة لتفاعلات الكاتب الذاتية في جدله مع المحيط التاريخي والاجتماعي الذي يتحرك ويكتب فيه . ولذلك فان القصد من هذه الكلمة ، ليس إثبات أن مصطفي سعيد مثلا أو غيره من شخوص الطيب صالح هو الطيب صالح نفسه . وإنما القصد هو التأكيد على أن تجارب الكاتب وذكرياته وعلاقته الاجتماعية وميوله الفكرية والفنية ، تشكل المادة الخام التي يستمد منها الكاتب رؤاه وعوالمه القصصية والروائية . وذلك في محاولة للرد على بعض النظريات الحداثوية في الأدب التي تذهب في مسعاها لعزل النص الأدبي عن كاتبه إلى حد التضحيـة بالكاتـب والإعلان عن ( موت المؤلف ) إمعانا في نفي الغائية والقصدية عن الكتابة الأدبية كما ذهب إلى ذلك الأديب والناقد الفرنسي رولان بارت . وبمناسبة رولان بارت هذه أحكي هنا موقف آلن روب غرييه الذي يعبر عن مدي سخريته من نظرية( موت المؤلف) . فقد كان الروائي الفرنسي آلان روب غرييه يعد من رواد ما عرف في الخمسينات والستينات في أوربا ( الرواية الجديدة ) التي كان يظن بأنها تطبيق لما يسمى ( بموت المؤلف ) حيث تتم التضحية بكل ما له معنى وبكل التجارب المشتركة لبنى البشر ويجرد السرد الروائي من تأثير العنصر الإنساني وتصور الأشياء والأحداث كأنها تحدث بمعزل عن إرادة الفرد . حتى الشخصيات ينظر إليها كأشياء وأدوات وأفعال وليست كذوات فاعلة . ففي حوار أجرى مع آلن روب غرييه ونشرته مجلة ( الكرمل ) في عددها رقم 30/1988م أنكر كل ما قيل عن حكاية موت المؤلف والرواية الجديدة وقال أن الأمر لا يعدو أن يكون خدعة سببها رولان بارت وشارك هو نفسه فيها . ويمضي قائلا : " أنني لم أكتب يوما أي شئ إلا عن نفسي " حتى أشـهر رواياته ( الغيرة ) التي كانت مادة مغرية للتجريب النقدي الحداثوى يقول عنها : " البيت الموصوف بدقة هو نفسه إلى حد ما ، ذلك الذي أقمت فيه في فورد دوفرانس ، والرواية كلها تجربة حقيقية عشتها . ولكنى كنت الجار لا الزوج ،.. فالعناصر الواقعية تضاف إلى الأخرى المتخيلة وتتحول إلى شئ مختلف تماما " .
_____________
* من مقال : اصداء السيرة الذاتية في ادب الطيب صالح نشر بجريدة الخرطوم سنة 1999 يمكن مراجعته بمكتبة عبد المنعم عجب الفيا الجدير بالذكر انني لم اكن قد اطلعت علي راي الطيب صالح عن (موت المؤلف ) قبل كتابة هذه المقال .
| |
|
|
|
|
|
|
Reالحسن مختار : موت المؤلف.. احتفالية صاخبة باستجابة القارئ * (Re: عجب الفيا)
|
موت المؤلف.. احتفالية صاخبة باستجابة القارئ *
اعداد: الحسن المختار
عندما عنون ميشل فوكو دراسته عن التحولات التي عرفتها مكانة المؤلف, المبدع, منتج المعنى بهذا السؤال (ما هو المؤلف؟) وليس بالسؤال (من هو المؤلف؟) فإنه كان يقصد بوضوح نزع صفات العقل والوعي والسلطة والسطوة, عن هذا الكائن الذي طالما اعتبر حجر الزاوية في العملية الابداعية, وصاحب الصوت, والسوط ايضاً, المهيمنان على القارئ المتلقي, والذي وصلت الامور في العصر الرومانسي الى اعتباره كائناً مقدساً, لحد دفع الكثير من النقاد الرومانطيقيين الى التركيز عليه, وتجاهل دور القارئ او النص او اللغة نفسها في انتاج المعنى, او اضفاء الدلالة, ونسج البنية السياقية للعمل الأدبي من حيث هو حضور انساني في اللغة.
ومع ترسخ الاتجاهات البنيوية وما بعد البنيوية والتقويضية والنقد الثقافي وقع الاعلان عن (موت المؤلف) وبدأت احتفالية صاخبة بدور القارئ تمجد قدرته على انتاج المعنى وتنظر لاستجابته الخلاقة, ناسية في الوقت نفسه انها تستبدل وصياً على النص بوصي جديد, وان كل ما نزعته عن المؤلف من الشارات والهالات, اذا تم اضفاؤه على القارئ يصبح هو ايضاً, مؤلفاً, وصياً على اللغة وصوتا مهيمناً على ما سواه هذا الى جانب كون الدعوة الى (موت المؤلف) اصلاً تزامنت مع الدعوة الى موت الانسان نفسه بظهور البنيوية (فلسفة موت الانسان) بعبارة جارودي والملاحظات الآتية تسعى للتنبيه الى المسار المفهومي الذي تم بموجبه احلال استجابة القارئ وسلطة النص محل المؤلف, مع ضرب امثلة على ذلك.
الحقيقة ان الحقبة الرومنطيقية اولت المؤلف عناية زائدة اصبح بموجبها الاهتمام بملابسات حياته وسيرته الذاتية يشغل حيزاً كبيراً من الجهد النقدي, وكان أليوت في مقدمة من دعوا لتجاوز هذه المسألة حين رفع شعار (ليس للشاعر شخصية) وهو شعار يكاد يتطابق ــ كما لاحظ سعد البازعي ــ مع مقولة بارت (ان اللغة هي التي تتكلم وليس المؤلف ان تكتب هو ان تصل الى تلك النقطة حيث اللغة هي التي تفعل وتؤدي وليس الأنا (ضمير المتكلم)).
كما ان المدرسة الشكلانية قد اسهمت ايضاً في الدعوة الى عدم الاهتمام بشخصية المؤلف قدر الاهتمام بالرمز, الا ان ظهور المدرسة البنيوية وما بعدها كان بداية الاعلان الفعلي والحازم عن (موت المؤلف), وان كان ذلك تم بطرق مختلفة شديدة التباين, ففي حين ركز فوكو وبارت على التبشير بنهاية دور المؤلف, فإن جاك دريدالم يذهب هذا المذهب على نحو قاطع وان كان سعي لاحلال مفهوم النص, الكتابة, بديلاً جديداً, هذا في حين واصل ما بعد البنيويون مثل بودريار وجماعة (تيل كيل) وايضاً غلاة نظرية التأويل مثل ريكور واتباعه, والى حد ما رموز الرؤية النصية الجديدة مثل امبرتو ايكو, ودعاة (النقد الثقافي) باعتباره نعياً للنقد الأدبي, او لنقل للنص الأدبي نفسه, على نحو ما سعى جوناثان كولر للبرهنة على ذلك, واصل كل هؤلاء عملية نزع اية سلطة نصية مقدسة عن المؤلف ودوره في انتاج المعنى اذ لم يعد منشئاً له (ولا هو مبدع, ولا هو عبقري, وانما هو مستخدم للغة لم يبتدعها, بل هو ورثها كما ورثها غيره) وبالتالي فلا بد له ان يتنازل للنص وللقارئ الذي يؤول هذا النص, ويستهلك اللغة عن كل قداسة, بل ان النص الادبي من حيث هو فضاء لغوي (انما هو مخزون هائل من الاقتطافات والاشارات التي تنبع من الثقافة وتؤسس بدورها هذه الثقافة فالنص الذي هذا مصدره هو نص متعدد الاصوات بما انه بني من كتابات مختلفة توجد بينها علاقة ما وليس وحدة عضوية مصدرها المؤلف او صوته فالنص مجرد معجم متجانس, تصطف كلماته في تتابعية من العلامات او الاشارات حسب اعراف مقننة, لا يمكن لمؤلف ان يتجاوزها).
ان السؤال المطروح بالنسبة لهؤلاء هو: من يتكلم؟ هل هو المبدع, الشخص, المؤلف (الذات)؟ أم هو اللغة؟ ان اللغة هي من يتحدث على نحو ما أكد فوكو بمقولته المشهورة (يعتقد الناس ان لغتهم هي خادمة لهم في حين انهم هم من يخدمونها, من يقعون في اسرها) ان اللغة بهذا المعنى هي الفاعل الاول والاخير في انتاج المعنى وفي الامساك بخيوط لعبة النص انها تتحدث على ألستنا, تفكر فينا, ولقد قال ليفي ستراوس عن الاسورة قولاً مشابهاً (نحن لا ندعي.. كيف تختلق البشرية اساطيرها, بل بالاحرى كيف تختلق الاساطير نفسها في البشر دون علمهم بها).
ان رفض اتجاهات (النقد الجديد) و(النقد الثقافي) لسلطة المؤلف واحلال سلطة النص, او القارئ او الثقافة بديلاً عنه جاء كرد فعل عنيف وصاخب ضد مقومات النص الكلاسيكي واسسه النقدية القائمة على نظرية المحاكاة (التي تفترض ان النص يعبر عن غاية سامية مصدرها المؤلف ويحمل رسالة جادة تهم خلاص البشرية) وعلى العكس من ذلك ارادت هذه الاتجاهات ما بعد الحداثية ان تنظر لنص بديل هو عملية انتاج وليس موضوع استهلاك وهو (مؤلف من مقتطفات ومرجعيات واحالات وصدى اصوات مختلفة ومن لغات ثقافية متباينة) وهكذا (يكتسب النص تعددية المعنى التي لا تقبل الاختزال, وهو بذلك لا يسعى الى ابراز الحقيقة وانما يسعى الى نشر المعنى وتفجيره) وطبيعي ان ينحسر دور المؤلف كفكرة وكمقولة في مثل هذا النص الجديد وان توكل صلاحياته التأويلية التقليدية اما الى بنية النص نفسه, واما الى القارئ الذي غدا منتجا لا مستهلكاً في عملية انتقام من المؤلف واضحة المعالم.
سادية المؤلف
صحيح ان المؤلف يشغل حيزا هاماً في التقاليد الكلاسيكية, فقد كان شخصية مبجلة, واستراتيجية سماوية محاطة بهالة من التقديس, انه منشئ العمل الادبي, باثه, مبدعه, من يمسك في النهاية بأطراف الخيوط السرية التي تنتسج بموجبها لعبة المعنى وبمقتضاها يصبح للنص حقلاً دلالياً, يحدده المؤلف (اما بما هو مخرج واما بما هو عار للعرائس, واما بما هو ـ كما يقول جيمس جويس ـ كائن علوي محايد ينظف اظافره بصمت).
ويبدو هذا المؤلف واضحاً, نموذجياً في بعض الاعمال الادبية, والروائية خاصة, فيسعى الى تشكيل قراءة قرائه, وتوجيهها, والتدخل فيها, بما يثير من احكام, وما ينصب من فخاخ نصية, وهنا يمكن ان نستذكر مع امبرتو ايكو نموذجاً مثالياً (للمؤلف النموذجي, الذي يتكشف لقرائه بدون حياء منذ الصفحة الاولى فهو يصدر اوامره عما ينبغي ان يشعروا به حتى ولو قصرت الرواية عن التأثير فيهم) وهذا المثال هو بداية رواية (بندقيتي سريعة) لميكي سبيلين الذي يتوجه فيه الخطاب الى القارئ دون مواربة (عندما تجلس مسترخياً على الكرسي بالقرب من المدفأة في منزلك هل فكرت فيما يجري هناك في الخارج؟ ربما لا, انك تأخذ كتاباً فتقرأ عن أشياء وتجني متعة من اشخاص واحداث لم تقع.. متعة أليس كذلك؟) وهكذا يستثمر الحوار بين المؤلف الذي لم يعد ضمنياً وقارئه الذي اصبح موضوعاً لمجموعة املاءات واوامر وكأنه حاضر عياناً أمام المؤلف.
وفي قصة (مقتل روجيرا كرويد) لآجاثا كريستي تصل الامور حد تعرية المؤلف الذي تقمص لسان السارد والقارئ معا فهو يتحدث عن نفسه باسهاب كاشفاً عن كل تفاصيل ذاته وعن عاداته ايضاً في الكتابة (انا فعلاً فخور بنفسي ككاتب) اذ لا شيء يفوق دقة هذه الجملة: (أحضرت الرسائل في الساعة التاسعة الا عشرين دقيقة وحين غادرته كانت الساعة تشير الى التاسعة الا عشر دقائق تماماً ولم تكن الرسالة قد قرئت بعد وتلكأت ويدي لا تزال على مقبض الباب والتفت الى الخلف لأتأكد من انني لم أنس شيئاً مما يجب علي فعله) كل هذه حقيقة كما تلاحظ ولكن ماذا لو اكتفيت بوضع نقاط بعد الجملة الاولى؟ هل سيدفع هذا احداً الى التفكير فيما حدث خلال ذلك الفراغ الذي دام عشر دقائق؟)
ها هنا يمارس المؤلف النموذجي دوره بعيداً عن كل مواربة فهو يشكل بهذه الطريقة او تلك نوعية الاستجابة التي يريد ان تتكون لدى القارئ وهي استجابة هنا تتماشى مع اسلوب القصص البوليسية ولنتذكر مع ايكو ماتلا هذا التعليق (يجب ان اعترف بأنني دهشت فعلاً عندما لقيت باركر خارج الباب, فلقد سجلت هذه الحقيقة بكل حرص, واخيراً وبعد ان اكتشفت الجثة, ارسلت باركر ليهاتف الشرطة واستخدمت كلمات حذرة لاتدينني حين كتبت (عملت الاشياء القليلة) التي يتحتم عليها فعلها) لقد قمت بعملين بسيطين, دست المسجل في حقيبتي واعدت الكرسي الى مكانه بجانب الحائط). وفي السرد القصصي خاصة اذا اراد المؤلف ان يقول كل شيء, ان يمارس الوصاية على المعنى وان يمسك بتلابيب القارىء فإنه يغدو وبسرعة اكثر بلاهة واضحاكا من شخوصه, بل ان عليه ان يكتفي بالتلميح, وان يعترف بقدرة القارىء على انتاج المعنى (فكل نص هو في المحصلة النهائية, آلة كسلى تطلب من القارىء ان يقوم ببعض عملها) وهذه الطريقة التي تترك فضاء ابيض للقارىء يتملاه ويملؤه تبدو اقرب للتشويق خاصة في القصص, ولنتذكر مقطعا من (ارترجوردن بيم) لادغاربو يقول فيه السارد (والان اندفعنا الى الشلال الذي تهيأ لاحتوائنا, وفي نفس اللحظة التي انفتحت امامنا هوة عميقة لتلتهمنا انتصب امامنا مكفن اضخم حجما من اي انسان اخر يعيش بين البشر, ذو جلد ناصع كبياض الثلج) وهنا يتوقف صوت السارد وتسير الاحداث في اتجاه مغاير, ويترك المؤلف للقارىء ان يتخيل من يكون هذا الكائن هل هو رجل الثلج؟ ام الغول؟ ام وحش جزيرة كريت يتسكع في الازقة ويتخطف النساء ام ماذا؟ سيبقى القارىء يفكر ويفكر في هوية هذا الكائن, يعيد انتاجه.
على ان ادغار بو نفسه مارس ايضا وبسادية حضور المؤلف في تبريره لاختياره الغراب وللازمته التي يكررها في (الغراب) وهي كما يترجمها ابو حسين (بعد اليوم ابدا) وذلك بقوله.. (سألت نفسي ما الموضوع الذي يتفق الناس جميعا على انه اكثر الموضوعات اسي وغما؟ (الموت) كانت الاجابة الواضحة, ثم قلت لنفسي: ومتى يكون هذا الاسى والغم اكثر شاعرية؟ ان في ماسبق ان اوضحته بإسهاب اجابة جميلة هو بلاشك اكثر الموضوعات شعرية في العالم وان الشفتين المؤهلتين اكثر من غيرهما لهذا الموضوع, هما بلاشك شفتا محب دمره موت حبيته والان ينبغي على ان امزج الفكرتين معا, محب ينعي حبيبته الميتة, وغراب يردد باستمرار جملة بعد اليوم ابدا.
وهكذا يستدرج المؤلف (ادغاربو) الغراب الى نافذة المحب, ناعيا بلازمته ويستدرج ايضا القارىء مقترحا عليه تأويلا لوجود الغراب, وللازمته وللحيثيات السياقية الاخرى للنص, والاستدراجان معا, تبدو فيهما سلطة المؤلف على انتاج المعنى واضحة, ومثالية, بقدر ماهي سادية تحرم القارىء والنص من الاسهام في وضع قواعد اللعبة: لعبة المعنى.
ـ استجابة القارىء:
في مقابل موت المؤلف التي رسخت بالاساس سلطة النص وتنمية وضمنية اللغة, ظهرت نظرية الاستقبال كنتيجة لتعاظم دور القارىء في انتاج المعنى, وقد اهتمت باستجابة القارىء كثيرا الاتجاهات الالمانية خاصة لوقوعها تحت تأثير الناقد الهولندي رومان انجاردن, وبرز منها خاصة فولفجانج ايزر وهاترياوس, اما في النقد الامريكي فقد برز نورمان هو لاند, وجيرالد برنس, ولئن كان (النقد الجديد) ركز على النص, فإن هؤلاء وسعوا مجال اهتمامهم ليشمل السياق الخارجي بأبعاده المتعددة من انتاج واستقبال وتلقي, وهي التي يأتي القارىء باعتباره مستقبلا ومنتجا ايضا, في مقدمتها سواء اكان قارئا مفترضا ام حقيقيا, مرويا له بعبارة برنس, ام قارئا مثاليا حسب تسمية ستالني فيش وجوناثان كولر.
ومعظم هؤلاء يتفقون على ايلاء القارىء دورا كبيرا في اعطاء العمل الابداعي الذي يقرؤه معنى بعينه, فالنص بهذا المعنى مفتوح دائما على جميع التأويلات المستمرة, والمتغيرة مع كل قراءة, ولهذا يتحول دور القارىء الى دور ايجابي نشط, دور منتج وبان, حيث يشارك (ان لم يتجاوز) الكاتب في انتاج النص انه بعبارة اخرى يقوم بانتاج المعنى في النص, وهذا مايدفع الى اثارة اشكالات واسئلة كثيرة, حول الكيفية التي يبقى بها معنى اي نص مقروءا مرجئا الى افق غير منظور لانه في كل مرة تقع فيها قرائته يتغير معناه ان كان لايزال ـ بهذه الطريقة ـ له معنى موضوعي او دلالي حقيق, هذا دون ان ننسى سؤالا ادهى واكد هو: ما الذي يقرأه القارىء في النص؟ (هل يقوم بإسقاط اهتماماته ورغباته على النص (نورمان هولاند) ام ان النص نفسه يفرز في القارىء هذه الاهتمامات والنتائج؟ هل ما يملي القراءة والاستجابة هو السياق الاجتماعي الايديولوجي او التحيز السياسي ام الحالة النفسية ام الكفاءة القدرة التدريبية المكتسبة؟
كما ان هنالك اسئلة جديدة قديمة: هل المعنى وانتاجه في النص ام لدى القارىء ام عند المؤلف ام خارج الجميع في الفضاء الثقافي ام في اللغة كمؤسسة اجتماعية تتجاوز الجميع؟ كيف يتفق القراء ان قليلا وان كثيرا حول معنى ما في نص معين؟
ومفهوم ان اجابات نقاد نظرية استجابة القارىء متباينة ايضا عن مثل هذه الاسئلة, فهنالك من يعود لاهمية دور النص (لا المؤلف) في تشكيل فهم القارىء وهنالك من يرسخ مركزية القارىء نفسه ويعطيه كل صلاحيات المؤلف والنص معا, فيفتح له افق القراءة, ويوسع صلاحيات التأويل على ان ثمة اتجاها ثالثا يؤكد ان المعنى يتم انتاجه من خلال تفاعل جميع الاطراف وعموم السياقات ومن هذا الاتجاه كولر وفيش وآراؤهما حول التداخل النصوصي, هذا في حين يذهب التأويليون الى ان ما يشكل قراءة القارىء هو (افق التوقعات) بعبارة ياوس اي (مجموعات التوقعات الادبية والثقافية والتي يتسلح بها القارىء (عن وعي اولا وعي) في تناوله للنص وقراءته)و بل ان القراءة ـ حسب آيرز ـ من حيث هي انتاج للمعنى واستشارة للذوق عملية جدلية تبادلية ذات اتجاهين: من القارىء الى النص, ومن النص الى القارىء).
وهنا نصل الى سؤال نحسب ان القارىء ينتظره منذ وقت وهو الى اين؟ الى اين يسير النقد الادبي بعد ان انتقل من موت المؤلف الى سلطة النص, ومن سلطة النص الى مركزية القارىء وسلطته واستجابته؟ ان القارىء الحقيقي وليس ذلك النموذجي او الضمني الذي اختلقه النقاد, انما هو الانسان العادي, وهذا بدوره تشكل طريقته في القراءة والتلقي واستجابته, ثقافته العادية بكل ابعادها النفسية والاجتماعية والانتروبولوجية, وبالتالي فإن دراسة استجابته لاي نص يقرؤه, لايمكن ان تتم عبر النقد الادبي, وانما من خلال (النقد الثقافي) كما نادى به كولر, وبهذه الطريقة يقع الحديث عن (موت النقد الادبي) ايضا, لانه اصبح جزءا من سياق اشمل واوسع هو الفضاء الثقافي العام.
وهكذا تدرجت الامور من موت المؤلف الى موت النص الى موت القارىء, وايضا موت النقد الادبي, مع مجيء (النقد الثقافي) الذي هو بهذا المعنى نعي لكل ممارسة نقدية, وهو نعي يذكر بلازمة غراب ادغاربو (بعد اليوم ابدا).
_______________ * صحيفة البيان الاماراتية - بيان الثقافة - الأحد 30 شعبان 1421هـ 26 نوفمبر 2000-العدد46
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما المؤلف او توثين اللغة ! (Re: عجب الفيا)
|
Quote: إن استبعاد المؤلف انتهى إلى توثين اللغة والرفع من شأن النص وفعل القراءة.
|
هذا ما ختم به د. الطيب بو عزة في مقاله التالي : * *
رؤية نقدية ... ما هو المؤلف؟! *
يبدو عنوان مقالنا هذا مستثقلا أو خاطئا من حيث صيغة الاستفهام، إذ من الأليق استعمال صيغة استفهام العاقل، فنقول : “من هو المؤلف؟”. لكن استبعاد تلك الصيغة وطرح السؤال على هذا النحو مقصود، إذ به نستهدف استحضار عنوان محاضرة ألقاها ميشيل فوكو سنة 1969 Qu~ est ce qu un auteur? حرص فيها صاحب “الكلمات والأشياء” على أن يطرح السؤال بصيغة “ما هو المؤلف؟”، لا “من هو المؤلف؟”. وتندرج هذه المحاضرة في سياق مناخ فكري شغل فرنسا في تلك اللحظة تمحور حول استبعاد ذاتية المؤلف نقديا. إذ قبله بحوالي سنة نشر رولان بارت مقالته الشهيرة “موت المؤلف”، التي تشترك معها مقالة فوكو في التوجه نفسه، فالصيغة الاستفهامية التي طُرح بها السؤال عند فوكو كافية بحد ذاتها للدلالة على تمويت الماهية الإنسانية للمؤلف واستبعاده. ومما يجدر استحضاره هنا أن هذه المحاضرة كانت استجابة لدعوة قدمتها له الجمعية الفرنسية للفلسفة، وقد نظر إلى الدعوة وقتها بوصفها اعترافا بفيلسوف مابعد حداثي من قبل مؤسسة فكرية تعد معقل التوجه الفلسفي الكلاسيكي الفرنسي، فيلسوف أثار الكثير من الصخب بسبب مخالفته للنزعة التاريخانية والنظرة الكلاسيكية التي هيمنت على الدرس والتاريخ الفلسفي في فرنسا. لكن المفارقة أن عنوان ومحتوى محاضرته كان نقدا لاذعا لهذه المؤسسة وللنموذج المنهجي الذي تمثله،فإن كانت هي قد اعترفت به، فقد جاءها فوكو غير معترف بنهجها في النظر إلى التاريخ الثقافي. حيث جاءها ليؤكد أن المؤلف مجرد اختراع ابتدعته ثقافة القرن السابع عشر، أي أن ميلاده وابتداء كينونته يرجعان إلى هذه اللحظة التاريخية لحظة التأسيس للحداثة - ففيها سيتجه الفكر الغربي إلى نمذجة الخطابات وضبطها بإرجاعها إلى ذوات ألفتها. لكن قبل إلقاء هذه المحاضرة، كان فوكو قد اشتهر بكتابه “الكلمات والأشياء”1969 الذي كان مقاربة “لا تاريخية” لتاريخ الفكر والفلسفة والآداب الأوروبية. حيث انتهج فيه أسلوبا منهجيا يخالف المعهود في قراءة تاريخ الأدب والفكر عامة. فبدل استحضار الشخصيات وتفسير الأعمال/ المؤلفات بإرجاعها إلى حيواتهم، كان فوكو يبحث عن بنيات ونظم معرفية هي المتحكمة في إنتاج الخطاب؛ بنيات تزيح المؤلف من موقعه وتحيله مجرد أداة يستعملها “الإبستمي” أو النظام المعرفي والثقافي السائد. إنه تحليل لتاريخ الأدب والفلسفة بوصفها تاريخ خطابات إنتاجات لغوية فكرية بدون مؤلفيها ومبدعيها. وفي كتابه “أركيولوجية المعرفة” حرص فوكو على تقديم رؤيته المنهجية إلى تاريخ الفكر. فكان عمله من حيث منهاجه الإجرائي كعمل رجل الحفريات، يحفر في طبقات الأرض مع الوعي بأن لكل طبقة خصائصها وبنيتها. وكذلك الشأن بالنسبة لحقب التاريخ الثقافي، حيث يراه مجزأ إلى طبقات كل واحدة منها تخضع لنظام معرفي يتحكم في آليات إنتاج المعنى داخلها. ومن ثم يغدو الاهتمام بدراسة المؤلفين وحيواتهم وربط نتاجهم الفكري/ الأدبي بهم عملا لا قيمة له برسم منهجية فوكو؛ لأن النتاج الفكري/ الأدبي ينضبط في كل لحظة بنظام/ ابستمي سائد، و لا ينضبط بإرادة “مؤلفه”. لقد كان المؤلف في النظريات النقدية الكلاسيكية والحداثية منتج المعنى ومبدع الخطاب، ولذا فقد تمحور النقد الفني حول شخصيته وحام حولها، واتخذ النفاذ إليها مسلكا للنفاذ إلى النص وفهم دلالته. وفي تحليلهم لنظريات موت المؤلف التي التمعت في السبعينات في فرنسا ينبه النقاد والمؤرخون إلى أن هذه النظرية جاءت نقدا حادا وثائرا على الدرس النقدي الجامعي من قبل الفلاسفة الجدد (بارت، فوكو..) حيث كان هذا الدرس خاضعا لتقليد موروث يتأسس على منهج نقدي مستمد من جوستاف لانصون الذي كان يعالج تاريخ الأدب عبر تحليل شخصية المؤلف، وربط فهم دلالة النص/ النتاج بفهم شخصية مبدعه. ولذا يرى المؤرخون أنه ضد هذه المركزية التي كان المؤلف يتمتع بها في النقد والدرس الأدبيين، وضدا على النموذج اللانصوني تحديدا جاءت أفكار بارت وفوكو. بيد أن هذا التحليل في تقديري يغفل عن دلالة أعمق فلم تكن نظرية فوكو وبارت مجرد رد فعل ضد منهج نقدي يتم به تناول تاريخ الأدب في مدرج الجامعات الفرنسية، إنما تمويت المؤلف نظرية أوسع وأعمق من أن تختزل في حدود حقل النقد الأدبي والفني. كما أن الثورة على مركزية المؤلف لا ترجع إلى فوكو وبارت،بل هي فكرة أخذت في الالتماع منذ بداية القرن العشرين ضمن تيارات ومقاربات عديدة من أهمها التيار الشكلاني الروسي. كما أنه من بين الرموز التي تستحق أن تستحضر هنا، ذلك النقد الحاد الذي قدمه بروست ضد سانت بوف. لكن هذا كله يتأطر ضمن مناخ من التحولات الفلسفية التي طرأت على الثقافة الأوروبية، والتي خلخلت مركزية الذات/ العقل، وخاصة نظرية التحليل النفسي الفرويدي التي همشت العقل كليا وأبرزت الأبعاد اللاعقلية في كينونة الإنسان، وأرجعت إليها أسباب الفعل والإبداع. إذ بفعل هذا التفكيك الفلسفي والسيكولوجي أصبحت قصدية المؤلف وذاتيته كينونة لا قيمة لها و لا إرادة و لا تأثير، ومن ثم تهيأ للنقد الفني المسوغات النظرية والفلسفية لإزاحة المؤلف عن عرشه وزحزحة مركزيته التي شغلها في النظريات النقدية الكلاسيكية على اختلافها وتباين توجهاتها. بيد أنها لم تكن زحزحة عادية،بل تطورت إلى حد تمويت المؤلف،واستثنائه من فضاء النقد الأدبي/ الفني. ومن بين المرتكزات النظرية التي ساعدت النقد الأدبي/الفني على التأسيس لموقفه الجذري من المؤلف حتى بلغ إلى درجة النفي والاستبعاد والتمويت، ثمة مرتكز نظري هام تبلور في نظرية اللغة. فقد ارتسم في الفكر الفلسفي واللساني الغربي تحول هام أحدث نقلة في النظر إلى اللغة، فتحول عن اعتبارها مجرد وسيلة إلى اعتبارها نظاما ونسقا يتحكم في الذات. ومن ثم فالمؤلف/ الكاتب في إنجازه لنصه الأدبي ليس حرا و لا مريدا و لا مختارا، إنما هو أداة تستعملها مؤسسة اللغة. ومن هنا يصبح إنتاج الدلالة خاضعا لآليات وأعراف وقوانين خارج إرادة المؤلف، بل متحكمة فيه. ومن ثم فالمسلك إلى دلالة النص لا يمر عبر إرادة المؤلف وشخصيته بل من عوامل خارجة عن إرادته ووعيه القصدي، فالنتاج الفني هو نسق مستقل عن مبدعه. وحتى مفهوم التناص هو في عمقه الفلسفي تأسيس لنفي المؤلف واستبعاد ذاته، فالتناص يحيل النص خطاباً متعدد الأصوات، ومن ثم لا يعود المؤلف هو الصوت الواحد المتداول، بل ثمة مؤلفون متعددون ينطقون داخل نص المؤلف سواء بإرادته أو بضدها. لأن النص مؤسس على نصوص عدة، ويستثمر مخزونا ثقافيا متعددا. من هنا نفهم لماذا ركز بارت في مقالته “موت المؤلف” على استحضار البعد الوظيفي المهيمن للغة، حتى انتهى إلى إرجاع النص الأدبي إلى اللغة لا إلى المؤلف. فلم يعد النص عنده نتاج إبداع لذاتية مؤلفه، بل أصبح نتاج نظام ونسق لغوي. كما أن النص لم يعد نتاجا مقفلا،بل منتجا للدلالات. إن استبعاد المؤلف انتهى إلى توثين اللغة والرفع من شأن النص وفعل القراءة.
_______________ د.الطيب بوعزة [email protected] ____________ * جريدة الخليج - الخليج الثقافي - 13 يونيو 2005
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما المؤلف او توثين اللغة ! (Re: Agab Alfaya)
|
العزيز االفيا كنت اود لو تم نقاش. لآن تنزيل المواد يقتل البوستات الثقافية ويحعلها مملة ولكن الحوارت دائما تثري الموضوع اكثر وتجعله حيا.. لآن كل الذي اراه هو ريساكليشن لمعلومات صارت متاحة.. ولكن نقاش هذه الافكار وتحليلها.ز يوضح مدى فهمنا لهذه الاشياء ومدي هضمنا لها...لذلك صرت اهرب من البوستات الثقافية لانه حوار من طرف واحد.. كنت اود لو تمت مناقشة مقال عبداللطيف وتشريحه.. ولكن هذا الردم لا يجدي ولا يوضح موقف الناقد من النص بل يضع اطار نظري ويتوقف عنده وددت لو تمت مناقشة ما كتبه عبداللطيف دون الرجوع الى التنظير الا للضرورة الكاشفة
ومودتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما الجديد في تمثلات الكتابة - رد على عبد اللطيف الفكي (Re: عجب الفيا)
|
Quote: وددت لو تمت مناقشة ما كتبه عبداللطيف دون الرجوع الى التنظير الا للضرورة الكاشفة
|
العزيزة بيان معقول حتي الان لم ننقاش ما طرحه عبد اللطيف ؟!! هذه المقالات التي اوردتها عن موت المؤلف تشكل ضرورة قصوي كاشفة للاطار النظري الذي ينطلق منه عبد اللطيف ومهم جدا ان نعطي القاريء خلفية نظرية عن الموضوع المطروح للنقاش لقد مهدت لهذه المقالات باطار نظري وكنت بصدد تناول ما ورد فيها لعلاقته الوثيقة بما طرحة عبد اللطيف . كنت اتصور ان هذه المقالات ستفتح افاق الحوار اكثر لما لها من صلة وثيقة بما طرح .
اما المساهمات التي تفضلت بها شكلت اضافات مهمة ولاتفاقي اجمالا مع ما ورد بها لم اتناولها بالنقاش .
مودتي .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما الجديد في تمثلات الكتابة - رد على عبد اللطيف الفكي (Re: Agab Alfaya)
|
العزيز الفيا
سلام اثمن رايك ولكن نسبة لطبيعة البورد الخلفية النظرية تقتل البوستات حديثي ليست لانك لم تناقش ما كتبت عموما انا لا اميل للنقل . وافضل الحوار المباشر وكنت اظن ان هذا البوست كان سيكون ممتازا اذا ناقشنا الافكار من خلال النص دون الرجوع لمقالات او اطار نظري..وهذه وجهة نظر غير ملزمة..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما الجديد في تمثلات الكتابة - رد على عبد اللطيف الفكي (Re: bayan)
|
العزيزة بيان اتفق معك ، انا ايضا ضد النقل اذا كان من اجل النقل والهروب من المواجهة المباشرة ولكن بوستاتي ليست من هذا النوع . كما ذكرت لك هنالك ضرورية قصوي جعلتني اورد هذه المقالات حتي نشرك القراء والمتابعين معنا حول خلفية ما نقول .
فعبد اللطيف ينطلق من القول انه : "لا نص خارج النصوص الاخري " و"الكتابة ليست سوي تمثل لكتابات اخري " ليخلص من ذلك الي نفي الاصالة والابداع .
ان ما يقول به عبد اللطيف في الحقيقة ما هو الا ترديد لمفهوم التكرارية عند جاك دريدا و لنظرية موت المؤلف عند رولان بارت ، ولما يقوله ميشيل فوكو في " ما المؤلف " فالقول بنفي الاصالة والابداع هو في حقيقته قول بموت المؤلف ونفي الذات المبدعة .
انا علي يقين بان هذه المواد زودت القاريء باضاءات جيدة حول ما يدور من حوار ويمكن ان تفتح افاقا رحبة للنقاش لمن يرغب في ذلك .
سوف اعود للتعليق علي بعض ما تفضلت به ولي عودة ايضا لما تفضل به دكتور بشري .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما الجديد في تمثلات الكتابة - رد على عبد اللطيف الفكي (Re: عجب الفيا)
|
جاء في سياق ردنا علي عبد اللطيف الفكي في اول البوست :
Quote: ولكن ما سكت عنه عبد اللطيف وعبر عنه ضمنا هو ان القول بنفي الاصالة والابداع يؤدي حتما الي موت المبدع ( موت المؤلف ) و الي نفي الانسان والذات والتاريخ والفكر والتقدم . وهذه هي فحوي اطروحات ما بعد الحداثة .
|
في الدلالة علي ما ذهبنا اليه يقول رولان بارت في مقالته ( موت المؤلف ) : " ..ان الكتابة الغاء وتحطيم لكل صوت ، لكل مصدر . الكتابة هي ذلك الركام المحايد ، الفضاء المائل ، حيث ينزلق الموضوع ، السلبي الذي يقضي علي الخصائص الذاتية كلها ، بداء بخصائص الجسد الذي يقوم بفعل الكتابة ." ويقول : " ان الادب ( من الان فصاعد من الافضل ان نقول الكتابة ) برفضه اضفاء لغز ما ، معني نهائي ، للنص ، وللعالم كنص ، انما يقوم بتحرير ما يمكن وصفه بالنشاط غير اللاهوتي للكتابة ، ذاك النشاط الثوري حقا ، حيث رفض ، تحديد معني للنص هو في النهاية ، رفض (لله ) ، ورفض للعقل والعلم والقانون . " ويعلق الطيب صالح علي ذلك بقوله : " ورغم ذلك ، فانه لم يفلح ان يخفي المغالطة الكبري في خطابه . اذا كان قد أمات الكاتب والناقد والعقل والعلم والقانون ، فاين وضع هو نفسه ؟ ومن أين استمد الحق ان يصدر هذه الأحكام ( اللاهوتية ) كأنها حقائق تنزلت عليه من السماء ؟ الأمر كما قال بودلير – كلام مثل هذيان المجانين . انه لا يعدو ان يكون محض لعب بالافكار والالفاظ ، من رجل يتيه بعلمه ، وهو فيما يتعلق بنا علي اي حال ، علم لا فائدة منه ولا خير فيه "
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما الجديد في تمثلات الكتابة - رد على عبد اللطيف الفكي (Re: عجب الفيا)
|
يقول استاذي بشري الفاضل
Quote: لا يمكن للمرء ان يغمط لدريدا اسهامه الفلسفي الكبير الذي يتاسس على افكار نيتشه وغيره من الفلاسفة .بيد انني ارى ان هذا الإسهام أدخل في باب الفلسفة منه إلى النقد الأدبي الذي لا بد من الإلتفات فيه للشق التطبيقي.
|
اخذ دريدا من نيتشة اكثر الجوانب سلبية وهي العبثية والعدمية Nihilism سيكون لنا حديث عن علاقة التفكيك بجينالوجيا الاخلاق ،
| |
|
|
|
|
|
|
|